شبكة ذي قار
اليوم التالي لولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية

اليوم التالي لولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية

حسن خليل غريب

 

في الحلقات الثلاث من مقال (دونالد ترامب ليس مجنوناً) أصبح واضحاً أن الرئيس ترامب في ولايته الأولى كان معنياً بتصحيح الأخطاء التي ارتكبها بوش الإبن، ومن بعده أوباما، من أجل استعادة ما خسروه في استراتيجيتهم التي طبقوها منذ احتلال العراق حتى خروجهم منه في العام 2011، وصولاً إلى أخطاء أوباما التي ارتكبها في مرحلة تنفيذ ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد. وتلك الأخطاء تمثَّلت بما يلي:

-الخطأ الأول: بدلاً من تمويل الحرب على العراق من ثرواته، دفعت ثمناً كبيراً في مواجهة المقاومة العراقية البطلة، بالمال والأرواح والخسائر العسكرية. وهذا ما أدىَّ إلى هزيمتها العسكرية بسحب قواتها في العام 2011. وبدلاً من البدء فوراً بالتمدد إلى (أحجار الدومينو المحيطة بالعراق التي ستنهار تباعاً) -كما صرَّح رامسفيلد وزير الدفاع في إدارة بوش الإبن- فقد تأجل تنفيذ المشروع إلى ما بعد العام 2011.

-الخطأ الثاني: لغرض الاستفادة من الدور الإيراني في مشروع تفتيت المنطقة إلى دويلات طائفية، سلَّمت إدارة أوباما نظام ولاية الفقيه إدارة العملية السياسية في العراق، فسلب ثرواته، وقام بتوسيع رقعة تأثيره في الوطن العربي. وبذلك أصبح هو الآمر الناهي في العراق والمنطقة المجاورة له من جهة، والذي وقعت القطعات العسكرية الأميركية التي لم تنسحب في العام 2011 تحت مرمى نيران ميليشياته. وفي الوقت الذي تدهور التأثير الأميركي في العراق، خسرت أميركا أصدقاءها الخليجيين بسبب تلك العلاقة، وفي الأولوية منها خسرت ثقة المملكة العربية السعودية.

-الخطأ الثالث: راهنت في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد على إيصال الاسلام السياسي متمثلا بالإخوان المسلمين إلى السلطة في تونس ومصر، وخسرت صداقتها للنظامين فيهما، وفي الوقت ذاته عجزت عن تثبيت حكم الإخوان المسلمين فيهما.

-الخطأ الرابع: فشل مشروع (نحو قرن أميركي جديد)، الذي يتيح لأميركا حكم العالم منفردة، وظهر ذلك في التغلغل الصيني الهادئ عبر البوابة الاقتصادية وبعودة التأثير الروسي على الساحة الدولية انطلاقاً من الساحة السورية. وبذلك التأثير أصيب مشروع (القرن الأميركي) بنكسة أدَّت إلى تراجع في تنفيذه بعد العودة الروسية إلى التأثير في مجرى الأحداث في المنطقة.

دونالد ترامب يعالج أخطاء من سبقوه في ولايته الأولى، ولكن ! :

1-على صعيد ترميم الخسائر التي لحقت بصداقات أميركا، عمل على توفير حماية صداقاته الخليجية عن طريقة (الحماية بالإيجار) لدرء خطر مشروع ولاية الفقيه، وعلى الرغم من ذلك بقي الخطر داهماً، ولذلك استمر التوتر بين أميركا وأصدقائها الخليجيين. وأما عن الحليف التركي فقد عمَّق مخاوفه بعد مساعدة الأكراد على تأسيس كيان شبه مستقل لهم في شمال سورية.

2-على صعيد إنهاء عوامل التوتر في فلسطين الذي وضعت القمة العربية في بيروت المنعقد في العام 2002، طريقاً لحله على قاعدة (الأرض مقابل السلام)، فقد عالجه ترامب بأكثر من خطأ، وهي: نقل سفارة أميركا إلى القدس واعترافه بضم القدس للكيان الصهيوني، وما استتبعه من قرارات أخرى لا تصب في مصلحة الحل العربي من جهة، ومن جهة أخرى أعلن عن صفقة القرن التي تقضي بالتطبيع بين العرب و(إسرائيل) من دون إلزام (إسرائيل) بما يستجيب للمواقف العربية.

3-على صعيد حل النزاع العربي الإسرائيلي، خاصة في سورية، فقد أيَّد ضم الجولان السوري المحتل ووقَّع وثيقة بهذا الخصوص.

 الا انه شاهد لاحقاً بأمِّ عينه ردود الفعل العربية ضد اجراءاته، بل جاء جو بايدن لكي يعاني منها أيضاً. ففي فترة رئاسة بايدن أخذت حالات التناقض تنفجر في وجهه واحدة تلو الأخرى. وكانت من أهمها ما يلي:

1-أخذت مواقف المملكة العربية السعودية تتعمَّق أكثر فأكثر في مواجهة سياسة جو بايدن التي حاولت أن تُمسك عصا الحلول من وسطها. فلا هي استطاعت أن تجد حلاً للمخاوف الخليجية من استمرار نهج نظام ولاية الفقيه في التوسَّع خاصة استفحال أذرعها في التخريب، وتصعيد وتائر تلك الأذرع بنشر الحروب ضد ما تزعم أنها لمواجهة التحالف الصهيوني الأميركي. وبمثل تلك المزاعم استقطب النظام الإيراني تأييد بعض الأوساط السياسية على المستوى العربي. تلك الأوساط التي تنقم على الأنظمة العربية الرسمية التي لم تقدِّم شيئاً للقضايا القومية العربية عامة والقضية الفلسطينية خاصة.

2- أخذ نظام ولاية الفقيه في إيران يعمل على استغلال القضية الفلسطينية كغطاء لتنفيذ مشروعه التمددي في الوطن العربي فامعن في التدخل في صلب القضية الفلسطينية خاصة بعد انطلاقة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الثاني من العام 2023. والتي من أجلها دعا إلى مساعدة حركة حماس والجهاد الإسلامي، فأعلن النظام المذكور تأسيس ما أطلق عليه (وحدة الساحات)، ( وتفعيل محور المقاومة والممانعة)، و(حرب الإسناد)، وفيها انخرط كل واحد من أذرع النظام الإيراني بدرجة او اخرى في الصراع الدامي بين (إسرائيل) وقطاع غزة. وكان من أكثرها هي جبهة (حرب الإسناد) التي بدأها حزب الله في لبنان. وأما الجبهات الأخرى، خاصة الحشد الشعبي في العراق والحوثيون في اليمن، باستثاء خطرهم على حرية الملاحة الدولية عبر باب المندب، فقد كانت على غاية من الصُوَرِيَّة.

3- لما شاهد الرأي العام الدولي فظاعة الجرائم التي ارتكبها العدوان الصهيوني على قطاع غزة اثر عملية طوفان الاقصى. أخذت الكثير من المتغيرات تتصاعد دولياً وإقليمياً وعربياً. وأجمعت كل دول العالم على أن الوصول إلى حلول للقضية الفلسطينية أصبح يشكل دافعاً مُلحَّاً لوضع حد للحروب في الوطن العربي.

4-في لحظة من لحظات سخونة الاحداث الدائرة بدا وكأن الوطن العربي اصبح ساحة لعدوين: العدو الصهيوني ومشروعه التوراتي الغيبي كطرف أول، ونظام ولاية الفقية الذي ينتظر ظهور الإمام المهدي المنتظر كطرف ثاني، تأكَّد لدول العالم -بشرقه وغربه- أنه يكاد يُسحق بين فكيّْ كماشة يمثل المشروع التوراتي أحد فكَّيَه، ومشروع الانتظار الإيراني فكَّه الثاني.  ويكاد استفحال المشروعين أن يغرقاه في أتون حروب مستمرة لا يمكن تحديد نهاية معروفة لها. وهذا يشكل استنزافاً للاقتصاد الغربي . فأصبح هدف إنهاء بؤر التوتر يحتل الأولوية في قرارات الدول الغربية بشكل خاص، ولهذا برز إلى واجهة للاهتمام هدفان ثابتان، الأول منهما وضع حد للمشروعين معاً، وأما الثاني فهو الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية.

5-سبقت إدارة جو بايدن وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة لولاية ثانية، عندما أعلنت عن هدفها في حل الدولتين، كهدف يحمل في خلفياته وضع حد للمشروع التوراتي الغيبي من جهة، ونصحت النظام الإيراني بمنع التدخل في شؤون جيرانها العرب من جهة أخرى، ولكن لم ترفع العصا في وجهها.

6-كان هناك تناغم مع مشروع بايدن أعلنه دونالد ترامب قبل نجاحه بالانتخابات وبعد نجاحه عندما أعلن فيه أن الحروب الدائرة عليها أن تشهد نهاية لها قبل وصوله إلى السلطة في 20 كانون الثاني من العام 2025.

6-بين التاريخين: نجاح ترامب بالانتخابات الرئاسية، وجلوسه على كرسي الرئاسة، تشهد المنطقة العربية تطورات ومتغيرات جوهرية  ابتدأت في لبنان وانتهت بقرار لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 ثم إسقاط النظام السوري وطرد قوات الحرس الثوري الإيراني إلى خارج الحدود السورية، والعمل جاري بثقل سياسي لمعالجة وضع ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، كبديل لضربة عسكرية يمكن القيام بها إذا فشلت الحلول الديبلوماسية. وأما في اليمن فسوف يكون سقوط الذراع الحوثي تحصيل حاصل بعد قطع الأذرع الأخرى في لبنان وسورية والعراق.

مآلات المتغيرات في ميزان الواقع والمرتجى:

كما يرشح عن الأهداف المرسومة من قبل الدول الكبرى -غربية وشرقية- والأنظمة العربية الرسمية، من أجل الوصول إلى شرق أوسط آمن، هو إنهاء المشروعين الغيبيين -التوراتي الصهيوني ونظرية الانتظار الإيرانية. وإن كان تحقيق هذا الهدف بشقيه تتم معالجته الآن بمتوالية زمنية يسبق أحدهما الآخر، إلاَّ أنه لن يتحقق الهدف الاستراتيجي منه بمعالجة أحدهما وإبقاء الآخر حياً.

بعد إنجاز هدف اقتلاع الوجود الإيراني -مليشيات الحرس الثوري، وأذرعه من الميليشيات العربية- يرتفع السؤال عن اليوم التالي، أي الهدف الذي يمكنه أن يوفِّر الأمن للمنطقة العربية بعيداً عن الحروب كشرط ضروري لنقلها إلى مرحلة التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية من جهة، ولكي يوفِّر الملاذ الآمن للاقتصاد العالمي الذي يعتبر الاستثمار بالثروات العربية من نفط وغاز ومعادن نادرة عاملاً مهماً جداً له من جهة أخرى.

إن ما هو مٌتَّفق عليه بإجماع دولي ورسمي عربي، على صعيد القضية الفلسطينية -بعد عملية طوفان الأقصى- يأتي مشروع حل الدولتين. وهذا الحل تعترضه عقبتان  مصدرهما:

-الرفض الصهيوني لأنه يعيد الحلم التوراتي إلى القمقم منزوعاً من أنياب التنفيذ.

-الرفض الشعبي العربي، والذي تعبِّر عنه بعض أحزاب حركة التحرر العربية، بسبب عدم الاعتراف بمبدأ الاغتصاب الذي ترفضه الشرائع والقوانين الإنسانية.

إن التناقض بين رؤيتين: الرؤية الرسمية الدولية والعربية، إضافة إلى رؤية بعض التيارات المدنية الغربية من جهة، والرؤية الثانية من الرفض من جهة أخرى، تؤكد وجود إشكاليات حول مشروع الحل.

وإذا كانت القوى الغربية قد تعهَّدت بحل إشكالية الرفض الصهيوني، فإن على قوى وأحزاب حركة التحرر العربي ان ترتقي في فعلها ودورها وتاثيرها الى مستوى الرفض الشعبي العربي ومستوى تطور الاحداث اولاً ، والى الانتقال بالنضال العري الى خطوة متقدمة الى الامام عن طريق بلورة حل واقعي من جهة اخرى.

فهل يتبلور حل واقعي في الافق ؟

فلننتظر لنرى.

حول مزاعم قرار للأمم المتحدة يُلزم العراق دفع تعويضات لإيران

حول مزاعم قرار للأمم المتحدة يُلزم العراق دفع تعويضات لإيران

ماجد مكي الجميل

 

منذ احتلال العراق في 9 نيسان/أبريل 2003، ظهرت أصوات من رجال دين شيعة بشكل خاص، تولوا حكم العراق، تدعو أن يقوم العراق بدفع مئات المليارات من الدولارات إلى إيران تعويضاً لها عن الحرب التي” شنها العراق ضدها” بين عامي 1980 و1988.

كي يعطي هؤلاء صبغة قانونية أو شرعية لمطالبهم الدنيئة هذه، زعموا أن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قد أصدر قراراً يُلزِم العراق بدفع 100 مليار دولار إلى إيران (عبد العزيز الحكيم)، وذهب معمم شيعي آخر (إياد جمال الدين) – فيديو – إلى مضاعفة المبلغ عشر مرات بزعمه إن قرار مجلس الأمن يُلزم العراق دفع ترليون دولار (1000 مليار دولار). غير أنَّ مُعمَّماً شيعياً ثالثاً (جلال الدين الصغير) زادَ الرقم الأخير بمائة مليار دولار إضافية، وكأنَّ هناك مزادٌ علني للتبرع إلى إيران من حُرّ مال العراق.

يا ترى، هل هناكَ فعلاً قرارٌ لمجلس الأمن يُلزم العراق بدفع تعويضات لإيران؟ ما هو رقم هذا القرار؟ ما هو تاريخ صدوره؟ ما هي الفقرة/الفقرات التي تنص على ذلك؟

وأيضاً، هل تولى مجلس الأمن تحديد الدولة المسؤولة عن شن الحرب؟ المسؤولية والتعويضات مسألتان مترابطتان. تبعات التعويضات ستقع على الدولة المسؤولة. وهل بتَّ مجلس الأمن في مطالب التعويضات المتبادلة التي تقدم بها طرفا الحرب (العراق وإيران طالب كل منهما الآخر تقديم تعويضات)؟

هناك كثير من الأسئلة والتعقيدات في هذه المسألة المتشابكة والطويلة جداً، لكن ينبغي إصابة القضية الأساس:” هل هناك قرار من مجلس الأمن يُلزم العراق دفع تعويضات إلى إيران حسبما يزعم معممو الشيعة؟”. سأحاول تلخيص هذا الموضوع الشائك بالنقاط التالية:

– بين الأعوام 1980 و1988 (بين بدء وبُعيد انتهاء الحرب)، أصدر مجلس الأمن الدولي عشرة قرارات تتعلق بالحرب العراقية – الإيرانية، لم ترد فيها جميعاً كلمة واحدة تحدد الطرف الذي ينبغي عليه تقديم التعويضات، ولم تُحدد رقماً واحداً يتعلق بحجم التعويضات. أما عن مسؤولية الدولة التي شنت الحرب، فقد دعا المجلس في أحد قراراته إلى إجراء” دراسة موضوعية لأسباب الحرب”، غير أن هذه الدراسة لم تصدر عن المجلس، إلا على شكل عبارة صغيرة ظهرت عقب حرب الكويت.

– عقب حرب الكويت في كانون الثاني 1991، أرادت الولايات المتحدة – لأسباب سياسية واضحة – إلقاء اللوم على العراق في شن الحرب على إيران. هذه المحاولة استغرقت نحو عام كامل، غير أنها لم تُعطِ النتائج التي كانت واشنطن تأملها في ظروف عدائها للعراق عقب حرب الكويت.

– في بداية كانون الأول/ديسمبر 1991 تم انتخاب بطرس غالي لرئاسة الأمم المتحدة ليتولى منصبه ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 1992 خلفاً لخافيير بيريز دي كويار الذي تنتهي رئاسته في اليوم الأخير من 1991.

– أرادت الولايات المتحدة أن يُصدر الأمين العام الجديد تقريراً يُلقي فيه مسؤولية اندلاع الحرب على العراق، وفي ذلك مدلولات أبسطها أن” عربياً يُدين دولة عربية”. رغم كل شيء، أصرَّ بطرس غالي على أن يقوم الأمين العام” الحالي” دي كويار إصدار التقرير باعتبار أن مداولات تحديد مسؤولية البادئ بإعلان الحرب جرت في عهده، وأن مجرى الحرب بأكملها والقرارات الصادرة فيها جرت في عهده أيضاً. وهذا ما تم.

– قبل عشرين يوماً من انتهاء ولايته الثانية، قدم دي كويلار في 9 كانون الأول 1991 تقريراً إلى مجلس الأمن حول تنفيذ قرار المجلس رقم 598 الصادر في 20 تموز/يوليو عام 1987 (القرار الذي أوقف الحرب الذي رفضته إيران على مدى 13 شهراً).

– جاء في تقرير كويار أنه طلب من حكومَتَيْ إيران والعراق تفاصيل حول الفقرة 6 من القرار (تتعلق بتحديد المسؤولية عن اندلاع الحرب)، وأنه استشار بعض الخبراء على انفراد. في ضوء رد الحكومَتَين والاستشارة كتب الفقرة التالية: حتى وإن كانت هناك بعض التجاوزات من إيران على الأراضي العراقية، فإن هذه التجاوزات لا تُبرر العدوان العراقي على إيران واحتلال العراق المستمر لأراضٍ إيرانية خلال النزاع – وانتهاك لحظر استخدام القوة، الذي يُعتبر قاعدة من القواعد الآمرة.

– رغم كل شيء، اعتبرت هذه الفقرة حيادية إلى حد ما، لأنها تُدين إيران بالتجاوزات، وهو ما يُمكن تفسيره على أن إيران هي البادئة بالعدوان، وتُدين العراق على الرد على العدوان باحتلال إراضٍ إيرانية. غير أن إيران كانت هي الأخرى قد احتلت أراضٍ عراقية (الفاو) لمدة عامين وشهرين، وهو ما يفرض إدانة لإيران أيضاً.

– أكثر من ذلك، فإن تقرير دي كويلار يحث على عدم الوقوف عند الفقرة 6 من القرار باعتبارها لا تحقق هدفاً مفيداً، والتركيز على تنفيذ القرار بوصفه خطة سلام شاملة. بهذا الشأن، يقول التقرير:” إن متابعة الفقرة 6 من القرار 598 لا يبدو أنه سيخدم أي هدف مفيد. من أجل مصلحة السلام وعلى طريق تنفيذ القرار 598، بوصفه خطة سلام شاملة، فإن من المُلح الآن المضي قُدماً في عملية تقدم الاستقرار.

– طوال سنوات الحرب العراقية – الإيرانية، كانت إيران تُطالب (في الإعلام وتصريحات المسؤولين) أن يَدفع العراق تعويضات قدرها مائة مليار دولار. هذا ما قرأته عشرات، إن لم أقل مئات المرات طوال تلك الفترة، لكن.

– عقب احتلال العراق في 9 نيسان/أبريل 2003 وتأسيس مجلس الحكم، توجه عبد العزيز الحكيم إلى إيران خلال رئاسته الدورية للمجلس في كانون الأول/ديسمبر 2003. عقب عودته نقلت وكالة رويترز تصريحاً له في 18 من ذات الشهر، قال فيه:” إن إيران تستحق التعويضات المالية التي تطالب بها من العراق وتبلغ 100 مليار دولار عن الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينات التي بدأها العراق” – أرجو أن تحفظوا جيداً رقم التعويضات الذي طالب به عبد العزيز الحكيم عقب عودته من طهران (100 مليار دولار).

– هذا الرقم خضع لـ” المزايدة العلنية” بين أتباع إيران في العراق لرفع حجم التعويضات التي أرادوا من العراق (وهم يحكمونه) أن يدفعها إلى إيران حتى بلغت 1000 مليار دولار (ترليون دولار) – أي أكثر بعشرة أضعاف مما طالبت به إيران نفسها. المُزايد على هذا الرقم في تلك” المُزايدة العلنية” الخسيسة هو رجل الدين الشيعي إياد جمال الدين (الفيديو) في معرض دفاعه العنيف عن بشار الأسد.

– لم تنتهِ” المزايدة”، هنا جاء المُعمَّم الشيعي الآخر جلال الدين الصغير ليرفع رقم التعويضات فوق الترليون دولار بمائة مليار دولار. في خطبة له في جامع براثا (2018) قال إنَّ الأمم المتحدة ألزمت العراق بدفع 1100 مليار دولار (ترليون ومائة مليار دولار) إلى إيران. قال أيضاً” إن الإيرانيين متفضلين فقد سكتوا عن ذلك وقالوا إن العراق في محنة”. هو كذبٌ بواح، فالأمم المتحدة لم تُلزم لا العراق ولا إيران بدفع أي منهما تعويضات للآخر، كما لم تضع، بشكل واضح وصريح، مسؤولية اندلاع الحرب على عاتق أيٍ من طرفيْ النزاع.

– للتحقق، يُمكن مراجعة قرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة بين 28 أيلول/سبتمبر 1980 و9 آب/أغسطس 1988. القرارات: (479 و514 و522 و540 و552 و582 و598 و612 و616 و619).

يوم الشهيد العراقي

يوم الشهيد العراقي

الرفيق أبو وقاص

 

يوم الشهيد العراقي هو تخليدٌ وتذكيرٌ بالجنود والضباط العراقيين الذين وقعوا في الأسر لدى الجيش الإيراني أثناء حرب القادسية الثانية (حرب الخليج الاولى) واحياء لذكرى الشهداء الذين قتلوا في تلك الحرب، ففي الاول من كانون الأول من سنة ١٩٨٢ ارتكب الجيش الإيراني سلوك مخالف للأعراف العسكرية والإنسانية ولمعاملة أسري الحرب، حيث جرى إعدام ١٥٠٠ أسير عراقي بطريقة فيها بشاعة واجرام، وفي ضوء ذلك أمر السيد الرئيس الشهيد صدام حسين في حينها بتحديد الأول من كانون الأول من كل عام يوماً للشهيد.

الأبعاد السياسية والوطنية ليوم الشهيد: _

١_الشرعية الوطنية وتعزيز الوحدة

استخدم ذكرى يوم الشهيد كوسيلة لتأكيد شرعية النظام السياسي والتأكيد على مفهوم توحيد المجتمع والدفاع عن الوطن وتقديم الشهداء كرموز وطنية للتضحية من آجل الارض والكرامة مما عزز من صورة الحرب كمعركة مصيرية لحماية العراق.

٢_الهوية الوطنية هي الأسمى وفوق أي اعتبار

في ظل تنوع المجتمع العراقي بألوانه الزاهية كان يوم الشهيد دليل على الثقة الحاسمة بين القيادة المناضلة والشعب العراقي العظيم جمجمة العرب وسيف الله في الارض ٠٠

كما وتم تصوير الجنود الذين سقطوا كأبطال يمثلون جميع فئات الشعب العراقي المجاهد بقيادته الشرعية المجاهدة.

٣_الدعاية السياسية وتعبئة المجتمع

استخدام الحدث وفاء للأكرم منا جميعا لتعبئة المجتمع ودعم شرعية الحرب من خلال استثمار قيم التضحية والفداء، وإن الاحتفالات والفعاليات المرتبطة بيوم الشهيد تهدف إلى الهام الشباب بالاقتناع بقتال ومواجهة العدو وتعزيز الدعم الشعبي للحرب.

٤_الرسائل الإقليمية والدولية

يوم الشهيد حمل رسالة للخارج تؤكد بأن العراق شعب موحد ومستعد للدفاع عن سيادته. وكذلك استخدامه كوسيلة لإظهار قوة الإرادة العراقية أمام الخصم (إيران) والدول الإقليمية الأخرى خاصة في سياق التوترات الجيوسياسية في المنطقة.

٥_إرث الحرب وتوظيفه السياسي لاحقاً

بعد انتهاء الحرب استمر يوم الشهيد كأداة سياسية في ثقافة الشعب العراقي لتعزيز الروح الوطنية وسط تضحيات الشهداء وقد كان ذلك معمولاً به لغاية سنة ٢٠٠٣.

اجمالاً ذكرى يوم الشهيد ليست مجرد تكريم للشهداء، بل كانت جزءاً من استراتيجية سياسية معقدة تهدف إلى تحقيق أهداف داخلية وخارجية خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية وما بعدها.

ثلاثية المال والقوة والإعلام

ثلاثية المال والقوة والإعلام

أحمد صبري

 

ليس من الصَّعب توصيف الثلاثيَّة أعلاه بأنَّها إذا اجتمعتْ تحوَّلتْ إلى تحالفٍ يُعبِّر عن أدوار الأطراف الثَّلاثة في أيِّ مُجتمع يسعَى لتكريسِها لخدمةِ الإنسان وطموحاته.

وأصبح تشبيك مصالح القوى الثَّلاث ضرورة إذا تحوَّلت أدوارها إلى قوى ناعمة مرهونة بنزع أنيابها، وتكريس المُتحقِّق من هذا التَّحالف إلى صياغة رؤية تُلبِّي حاجات وأهداف السَّاعِين للوصول إلى هذه الثلاثيَّة.

وعِندَما نُسلِّط الضَّوء على مسار التَّحالف الثلاثي وأهميَّته إذا توافرتِ النيَّات وصدقتِ الإرادة السِّياسيَّة فإنَّنا نتوقف عِندَ المُتحقِّق في هذا الميدان في محاولةٍ لفَهْمِ المسار الموصلِ إلى عتبة التَّحالف رغم صعوبة الطَّريق ومُعوِّقاته وسُبل تجاوزها. فالإعلام بتقنيَّاته ومَدَياته تكمن خطورته في التَّأثير وبَلْوَرة الفكر وصياغة الرَّأي العامِّ تحوَّل بفعل دَوْره في أيِّ ركيزةٍ للتَّحالف المنشود.

ولعلَّ أهمَّ هذه المؤشِّرات المُصاحِبة لِدَوْر الإعلام تكمن في صعود قوَّة رأس المال واختراقها لمفاصل السُّلطة بكُلِّ أجهزتها السِّياسيَّة والبيروقراطيَّة، وصولًا لتحالفٍ ثلاثي بعد أن اخترقا معًا الإعلام بما يَعنِيه من قدرات على التَّأثير وبِدُونِ محاسبةٍ أو رادع يُعرقلُ هذا المسار في الفضاء المفتوح.

وإذا كان الإعلام ورأس المال يؤدِّيان الدَّوْر المطلوب في صياغة رؤية التَّحالف بَيْنَهما فالمال ـ كما هو معروف ـ يحتاج إلى نفوذ، ونعني القوَّة الدَّاعمة لِيحميَه من تغوُّل الفاسدين في المُجتمع بغطاءِ السُّلطة وأهدافها. وإذا ما توافرت هذه الاشتراطات للوصولِ إلى التَّحالف الثلاثي فإنَّ المال والقوَّة والإعلام كانت مرهونةً بإرادة سياسيَّة تضبط إيقاع مفاعيل المشهد السِّياسي والأمني؛ لأنَّها سترتكز على أرضيَّة محميَّة من تغوُّل النُّفوذ والسُّلطة الفاسدة الَّتي وجدت في هذا التَّحالف خطرًا على دَوْرها، وأيّ مساس به سيُعرِّضها للخطر ويضعها في دائرته غير المضمونة النَّتائج والتَّجارب في عالَمنا العربي، وحتَّى في منطقتنا عمومًا هي غير مشجِّعة وشهدت تقلُّبات وأزمات بفعل التَّداخُل في أدوار أيٍّ من أطراف التَّحالف الثلاثي، وهذا التَّداخُل بَيْنَ أدوار التَّحالف الثُّلاثي غير مضمون النَّتائج بفعل المواقف المُتقاطعة وغياب رؤية لتجسيرِ هوَّة الخلافات بَيْنَهم، ومنعها من تداخل الخنادق الَّذي أودى بتجارب فاشلة ما زالت مائلة للعيان.

والسُّؤال: هل نحن أمام مشهد قد تتضح معالِمُه قريبًا يُعِيد صياغة رؤية جديدة لعالَم مضطرب تداخلتْ فيه عوامل المصالح والنُّفوذ واستخدام فائض القوَّة على حساب مصالح الآخرين؟

وحتَّى لا نستغرقَ بالتَّفاصيل فإنَّ الأزمات والحروب والحصار والمصالح ستكُونُ سِمات أيِّ مشهدٍ نترقَّبُه؛ لأنَّ تمادي وتغوُّل العدوان الصُّهيوني المدعوم أميركيًّا هو مَن يبقي المشهد المتوقَّع أسودَ بغيابِ موقفٍ عربي يواجِه هذا الكيان بإرادة توقف إجرامه بحقِّ فلسطين وأُمَّتنا العربيَّة. ونخلص إلى القول: إنَّ الكيان الصهيوني جرَّاء عدوانه الظَّالم والمُجرِم على غزَّة وكُلِّ شَعب فلسطين أشهرَ استخدام الأنياب السَّامة لقوَّته الغاشمة وأموال الدَّعم الأميركيَّة له، وكرَّس الإعلام لتبريرِ عدوانه الغاشم على شَعبٍ رفضَ الذلَّ والهوان ومتمسِّك بحقوقه التَّاريخيَّة في إقامة دَولته المستقلَّة وعاصمتها القدس الشريف.

ونزيد أنَّ حرب الإبادة الجماعيَّة الَّتي يرتكبها الكيان الصُّهيوني بحقِّ صمود غزَّة منذُ أكثر من عام هي الَّتي أيقظتِ العالَم بجلبِ مُجرِم الحرب نتنياهو إلى ساحة القضاء والعدالة الدّوليَّة كمُجرِم حرب ارتكبِ أخطرَ الجرائم بحقِّ فلسطين.

كاتب عراقي

التعداد العام للسكان في العراق 2024 مؤامرة كبيرة ضمن حلقات الاحتلال لتدمير العراق

التعداد العام للسكان في العراق 2024 مؤامرة كبيرة ضمن حلقات الاحتلال لتدمير العراق

علي العتيبي

 

حينما تعزم اي دولة لإجراء تعداد عام لسكانها فإنها تضع جميع الاسس والاعتبارات التي من اجلها يقوم التعداد لإعداد الخطط المستقبلية لكل نواحي الحياة بما تخدم المجتمع ومن شارك او عاصر في عمليات التعداد العام للسكان للسنوات 1977 و 1987 و1997 ويبحث في استمارات التعداد تراها تتضمن العديد من المعلومات المهمة بما تخدم الغرض الذي يقوم من اجله التعداد ويشمل كل المواطنين العراقيين داخل وخارج القطر وقد عاصرنا احد نتائج التعداد ان المواطن لا يرهق نفسه بالبحث عن مدرسة لابنه بل نرى ادارات المدارس تذهب إلى  دور المواطنين وابلغهم بضرورة التحاق ابنائهم بالمدرسة التي تم تحديدها والتي تكون عادة اقرب مدرسة لسكن التلميذ بعد ان تم توفير كل مستلزمات الدراسة من كتب ودفاتر وغيرها وكذلك نرى الفرق الصحية تجوب بيوت المواطنين لتعطي من استحق اللقاح سواء النساء او الاطفال وهذا يغني عن مراجعة المراكز الطبية وهذه نتيجتان بسيطتان من نتائج التعداد الذي تشرف عليه وزارة التخطيط والذي بموجبه تضع الخطط.

نعود إلى  التعداد المهزلة الذي قامت به الحكومة الحالية والذي خطط له سياسيا وخارجيا ووفق اجندة لا تخدم العراق ولا تخدم العراقيين بل هي مؤامرة كبيرة ضد بلد عريق بتاريخه وحضارته ومؤامرة ضد شعب قدم التضحيات للحفاظ على مكتسباته ووطنه وتاريخه وسيادته ورغم ذلك اجري التعداد الذي صدعوا رؤوسنا به منذ 2003 وحتى يومنا هذا ورغم توفر جميع الامكانات المادية والفنية والمعلوماتية الا انه خرج لنا بمخرجات خطيرة اريد من خلالها التدمير وليس البناء والتخطيط ومن خلاله إلى  السرقة وهدر الاموال ، وادناه الملاحظات التي سجلت على عملية التعداد الذي اطلق عليه صفة المهزلة والمؤامرة الكبيرة .

1. استبعاد المواطنين العراقيين المهجرين خارج العراق من التعداد وهذا يعطي استنتاج بان الحكومة تريد استبعادهم لأنها تعتبرهم ليسوا عراقيين ولا يحق شمولهم بالتعداد واحزاب السلطة تريد ايضا استبعادهم من التعداد حتى لا يكون لهم صوت مستقبلا في الانتخابات لانهم يعرفون ان اغلب العراقيين في الخارج هم ان لم يكونوا ضد العملية السياسية ودستورها فأنهم ضد الفساد وضد الميليشيات والسلاح المنفلت، هذا من جانب ومن جانب اخر من اجل مساومتهم لاحقا حينما يتقدمون للسفارات لغرض تجديد جوازات السفر أو تسجيل الولادات أو توكيل الغير لتمشية معاملاتهم في العراق لان الحكومة ستعتبر كل من لا يوجد له قيد في التعداد فإنه ليس عراقي.

2. إن الحكومات ما بعد 2003 وإلى اليوم هي حكومات ليست عراقية بالمعنى بل تنفذ أجندة ايرانية طائفية وعنصرية ولهذا منذ بداية تشكيل العملية السياسية تم جعل ابواب ومنافذ العراق مفتوحة للإيرانيين ومن تفرضهم إيران والمرجعيات من الهنود والباكستانيين والافغان ومعهم الاكراد من تركيا حزب البي كي كي والآن عوائل حزب الله اللبناني والذي جميعهم تم شمولهم بالتعداد وقبلها تجنيس اغلبيتهم حتى وان لم يكن لديهم مستمسكات وفق القانون الذي اقره مجلس نوابهم وبعد الاعداد سيمنحون جميعا الجنسية العراقية

3. التلاعب الديموغرافي الذي تمارسه احزاب السلطة ذات الطابع الديني او العنصري حيث تم اسكان اغلب الايرانيين والهنود والافغان والباكستان واتباع حزب الله في مناطق كربلاء والنجف وبابل والسماح لاتباع الميليشيات وعوائلهم بالسكن في حزام بغداد ومناطق المدائن وصلاح الدين والموصل والانبار  وقيام الاحزاب الكردية بإسكان الاكراد والبي كي كي في مناطق الموصل وكركوك والتلاعب ببيانات الولادة للأطفال الاكراد وجعل محل الميلاد كركوك بدلا من محافظاتهم الأصلية اربيل والسليمانية من اجل زيادة عدد الاكراد واحتسابهم على كركوك وقد فضحوا انفسهم ليلة التعداد بذهاب العوائل الكردية من المحافظتين إلى  كركوك بشكل مكثف ومن المهازل ان تجد في كل بيت في كركوك عدة عوائل بحيث يبلغ تعدادهم اكثر من 70 شخصا في البيت الواحد وهذا ينطبق على بعض مناطق الموصل التي يطلق عليها المناطق المتنازع عليها من اجل زيادة الاعداد ولو راجعنا احصائية التعداد العام للسكان عام 1957،فقد بلغ عدد سكان محافظة كركوك نحو 390 ألفا، في حين بلغ حسب تعداد عام 1997 نحو 753 ألف نسمة، وفيه بلغت نسبة العرب 72% والأكراد 21% والتركمان 7%. وأدى النزوح الكردي إلى كركوك إلى تغيير التركيبة السكانية في المحافظة من اجل الابتزاز وربطها ضمن محافظات الاقليم تحت حجة تطبيق الفقرة 140 من دستور بريمر.

4. ان الغاية من هذا التعداد هو تدمير البنية المجتمعية لشعب العراق وبما يخدم اجندات اعداء العراق الذين يتربصون به لتدميره فقد حقق الاحتلال اهدافه بتدمير العراق وطن وشعب وموارد واقتصاد وزراعة وصناعة واخلاق وجميع من تصدر الموقع السياسي بجميع المناصب السيادية وغير السيادية بأحزابهم وبرلمانهم وميليشياتهم أجرموا بحق العراق وهؤلاء لا يستحقون ان يحملوا اسم العراق لأنه أشرف وأطهر وأنبل من ان يدعيه هؤلاء العملاء

5. التعداد لم يأخذ الطريقة الصحيحة لا من حيث البيانات ولا من حيث شمول جميع مناطق العراق بالتعداد حيث أن أكثر من 40 بالمئة من المناطق لم يصلها موظفي التعداد والامر الاخر لم يتم اعتماد الوثائق الرسمية والتأكد من اصحابها والاكتفاء فقط ببطاقة رب الاسرة وسؤاله عن عدد السكان والبعض فرض ارقام على موظف التعداد وبهذا يكون التعداد فاشل ولا قيمة له

6. ان هذا التعداد الذي سيبين بان هناك اغلبية شعبية من اجل الانتخابات وزيادة عدد المقاعد في البرلمان ثم تكون كل المناصب رئيس جمهورية ورئيس وزراء ورئيس برلمان لهم حصريا ولن تحصل الاحزاب الاخرى على شيء وكل هذا لأجل التحشيد مجددا للتطهير الطائفي واشعال حرب طائفية دموية اجرامية ليكون العراق لاحقا بعيد عن امته العربية ومن حقنا ان نقول (ضيعونا اضاعهم الله).

7. المفاجأة التي أفرزها هذا الإحصاء، الإعلان عن عدد نفوس العراق الذي بلغ 45 مليوناً و520 ألف نسمة، وفق تصريح المدير التنفيذي للتعداد السكاني علي العريان الذي قال إنه قابل للزيادة المطّردة، فقد جرى من دون إحصاء عراقيي الخارج الذين يزيد عددهم على أربعة ملايين نسمة. كما كشف الإعلان الأولي عن زيادة إحصائية لعدد نفوس إقليم كردستان، تصل إلى أكثر من ثمانية ملايين نسمة، أي بزيادة خمسة ملايين شخص على آخر إحصاء أجرته الدولة قبل الاحتلال سنة 2003.

8. التحضيرات لم تكُن كافية على رغم السنوات التي مضت، ولم يجرِ توحيد التعداد ومراقبته من طرف واحد محايد، ونحن نعلم أن هناك أغراضاً سياسية قد تخل بمصداقية نتائج التعداد، وما جرى في كركوك المتنازع عليها يمثل جانباً من الخروقات التي رافقت هذا التعداد والتي ستؤثر بالتالي وتسبب خللاً في توزيع الثروات، وكان عدد المشرفين بالتأكيد غير كافٍ، ولنا أن نقارن بين تعداد عام 1977 حين بلغ عدد العاملين أضعاف عدد العاملين في تعداد عام 2024، مع الأخذ في الاعتبار الزيادة الهائلة في عدد السكان خلال 47 سنة، أي كان من المفروض أن يكون عدد العاملين في هذا التعداد أضعاف من قاموا به سابقاً. وجرى التعداد خلال يوم واحد، ولم يشمل كثيراً من المعلومات الضرورية لرسم الخريطة التنموية للعراق.

على الشعب العراقي وجميع المنظمات ان تقف موقف صارم ضد هذه العملية والتحرك على المستوى الدولي لإسقاط نتائج هذا التعداد والغاءه كليا والمطالبة بإلغاء قانون التجنس ومن واجب المواطن العراقي الغيور ان يشخص من سكن بالقرب منهم لتحديد اصولهم لان زمن سلطة العملاء لابد وان ينتهي ويعود العراق لأهله ومنها يتم محاسبة العملاء وإعادة كل من لا أصل له في العراق إلى  بلده ومحاسبة من ارتكب الجرائم بحق العراق والعراقيين وليكن معلوما ان التعداد غاياته سياسية مقيته لا تعير اهمية للمواطن العراقي بل يعتبر استهانه به خاصة مع احتساب المتسللين والوافدين واللاجئين وكل الاجانب على أساس أنهم عراقيون وهذا أكبر خلل في التركيبة السكانية وتخريب للمجتمع العراقي.

التعداد السكاني في العراق حق يراد به باطل

التعداد السكاني في العراق حق يراد به باطل

أ.د. سلمان الجبوري

أكاديمي احصائي عراقي

 

تعتبر الإحصاءات السكانية أساسا للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي والبنية التحتية، لذا الزمت اللجنة الإحصائية الدولية التابعة للأمم المتحدة الدول بإجراء تعدادات سكانية كل عشر سنوات . وعليه ينبغي أن يصـمم نظام إحصاءات السكان بحيث يوفر بيانات آنية حـول حجـم السـكان، والبنيـة السـكانية، والثروة والتغيـرات  التـي تطـرأ عليهما.

تنبع أهمية التعداد بكونه يعطي صورة متكاملة عن المجتمع خلال لحظة زمنية محددة، في إطار المتغيرات الكثيرة والمتعددة والمستمرة، والتي لا يمكن تحديدها بطرق جمع البيانات الأخرى

ومن المتعارف عليه ان التخطيط السليم يتوقف على دقة الرقم الاحصائي لذا اولت الأمم المتحدة في توصياتها للدول إعطاء أهمية خاصة للتعدادات السكانية كونها تحتل مركز أساسي في التخطيط الاقتصادي انطلاقا من ان الانسان هو أداة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغايتها .وهنا يجب ان لانغفل الشروط الواجب توفرها لاجراء تلك التعدادات وهي:

اولاً: الاستقرار الحياتي المرتبط بالاستقرار السياسي للمجتمع المستهدف في التعداد أي ان تكون سنة التعداد سنة مستقرة.

 ثانيا: توفر الإرادة الوطنية الحريصة على حياة افراد المجتمع وطريقة عيشهم وامنهم وسعادتهم .

وبألقائنا نطرة خاطفة على تأريخ التعدادات السكانية في العراق يتضح لنا ان العراق قد التزم اجرائها وفق توصيات الأمم المتحدة لغاية 1997 والتي كان اغلبها محدودا أي غير عاما بمعنى لم يشمل كل مناطق البلد بسبب الظروف التي كان يمر بها العراق.

وبالعودة الى التعداد العام للسكان الذي يجري اليوم في العراق والذي هو موضوع مقالنا هذا فأنه يشوبه عوار كبير اذا ما تفحصناه في مرأة الشرطين انفي الذكر. فمن جهة الاستقرار السياسي والمجتمعي فإن العراق لايعتبر مستقرا منذ عام 2003 بسبب الاحتلال وتعاقب الحكومات التي كان همها الوحيد هو خدمة ايران والاغتناء غير المشروع والقمع والتهجير وعدم إيلاء التنمية الاقتصادية والاجتماعية اية أهمية.

اما الامر اخر الذي يخل بمصداقية التعداد فهو عدم توفر النظام الوطني الذي يتصف بالحنكة والمصداقية والأمانة في قيادة الدولة، اذ لم يولي جميع الذين حكموا العراق منذ الاحتلال ولغاية الان أي أهمية للتخطيط او للبناء او ان كان شأن المواطن وحياته وظروف معيشته تهمهم بشئ. ان ادعاء البعض بأن الهدف من التعداد هو إعادة توزيع الثروة ! فعن أي ثروة يتحدثون هل تلك الثروة الوطنية التي لم يصيب الفرد العراقي منها فلساً احمرا ام عن تلك الثروة التي ذهبت الى ايران والى جيوب الأحزاب والميليشيات وبقي المواطن العراقي يعاني شضف العيش، فمنهم من هو بلا مأوى واخرون يعيشون على ما يلتقطونه من المزابل لبيعه ليسد رمق اطفاله! ام من اخرج أبنائه من على مقاعد الدراسة وزج بهم الى سوق العمل المهين! ام الخريجون العاطلون ؟ ان من اهمل كل هؤلاء وتمتع بخيرات العراق لن يؤتمن على إعادة توزيع الثروة مما دعى العديد من المواطنين الى الاستغراب من سؤالهم عن عدد الثلاجات والتلفزيونات والمكيفات وغيرها التي بحوزتهم لانهم ما عادوا يثقون بهكذا نظام.

من جانب اخر لو كان النظام على قدر بسيط من الموثوقية لقلنا لهم اضيفوا أسئلة عن الديانة والطائفة والقومية لكي تفضح اكاذيبهم في تزوير اعداد المنتمين الى طائفة معينة صدعوا رؤوسنا في ترديد نغمة المظلومية والتفوق العددي او سيتضح اثر التهجير الذي تعرضت له بعض المكونات كالمسيحيين والذين بات عددهم ضئيلا بعدما كانوا هم ملح ارض الرافدين ولإتضح أيضا اثار التغيير الديمغرافي لصالح قومية او طائفة معينة. ولو لم يكن النظام الحالي طائفيا لقلنا ان السؤال عن الدين او الطائفة يعمق الطائفية كما كانت عليه الحال في التعدادات السابقة

من الأمور الأخرى والتي كان المفروض ان تؤخذ بعين الاعتبار هو إيلاء خصوصية العراقي المقيم خارج الوطن أهمية استثنائية انطلاقا من كون حالة تواجده خارج الوطن يكتسب صفة الحالة الخاصة او الاستثنائية كونهم لم يغادروا الوطن لرغبة في انفسهم وانما بسبب الاوضاع التي رافقت الاحتلال وانفلات الوضع الامني وترديه، يضاف الى ذلك صدور قوانين الاجتثات والمسائلة والعدالة و4 ارهاب والمخبر السري وحرمان العديد من موظفي الدولة من وظائفهم، وبالتالي فلا يجوز اغفالهم في اي تعداد سكاني وبالخصوص من لم يكن لديهم عوائل داخل العراق.

وختاما فأنني اجزم بأن تعدادا سكانيا يقوم به نظام كالذي يرزح تحته شعبنا العراقي لايرتجى من تعداد سكاني يقوم به تحت يافطة التخطيط لتوزيع الموارد والثروة وهو الذي غفل طيلة الاحدى وعشرون سنة من عمر الاحتلال وتسلطهم على رقاب الشعب لن يكون حريصا على حياته ومستقبله ان لم تسخر نتائج التعداد لتحقيق اغراضهم الخبيثة . وان هذا التعداد انما هو لايعدو عن حقٍ يراد به باطلا.

المثقفون العرب والخطاب القومي الجامح

المثقفون العرب والخطاب القومي الجامح

د عامر الدليمي.

 

ضرورة التزام المثقفين العرب بالخطاب القومي الواعي لتتجاوز الأمة العربية أزماتها.

المثقفون العرب مؤهلين لفهم الأحداث ألتي تعصف بالأمة العربية من خلال استقرائهم للواقع العربي للخروج من أزماتها القطرية والقومية كرؤيا مستقبلية واعدة لأنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية التاريخية،  للأسباب التي تعرضت لها  وخاصة في ظل غياب مشروع ثقافي عربي موحد في إطار شامل وجامع،  ولذلك يتطلب الموقف من المثقفين العرب المنتمين  فكراً وعقيدة،  تنشيط عملهم الثقافي وحركتهم لإيجاد فعل ثقافي كعامل قوي داخل اقطارنا العربية له زخم مؤثر في الفضاء العربي الواسع يحقق تثوير الفرد والمجتمع،  والانتباه لمخاطر العدوان الأجنبي، لإيجاد خط صد  ثقافي يمنع تمدد الثقافات الارجاعية المعادية للأمة،  لتحقيق وجودها القومي يتوافق مع تاريخها،  ومشروع يساهم في نهضتها، وهو أمرُ حتمي لتكون أمة قادرة على الحياة والاستمرار فيها بفعالية ومستقبل واعد  في الوقت الذي تعرضت فيه إلى انكسارات وأزمات ومطبات كحلقات مترابطة متسلسلة أضرت بمصلحتها القومية،  وهذا ما فعله أعدائها بكل مسمياتهم عبر التاريخ القديم والتاريخ الحالي، فالمثقفين العروبيين هم أحد قادة الفكر وصناع نهضتها  لتحقيق طموحها كأمة محترمة تتسابق مع الأمم الأخرى في مجالات الحياة، وإنه لشرف عظيم عندما يدافع المثقفون عن مصالحها  وتحقيق وحدتها وكرامتها الإنسانية ويتواصلون مع معاركها القومية بالقلم العروبي المخلص  والكلمة الوطنية الصادقة،  كعقول مبدعة مثقفة تصنع توعية، وهم الأجدر على ذلك واستحقاق لنهضتها، من خلال خطاب قومي نضالي يجدد قيمها واستنهاضها، لتجاوز حالة الضعف والضياع التي تَمرُ بها، من سلطات فاسدة ونزعات قطرية داخلية مزقتها،  دون وعي منها أو مسؤولية للمخاطر التي تهدد وجودها.

نعم نعم ضرورة تبني خطاب قومي تقدمي في صياغته الفكرية، مخلص وغيور لمبادئها، والنظر بكل إيمان والعمل بقوة دون تردد أو ضعف لتحقيق آمالها في وحدتها وحريتها وعدالتها الاجتماعية نابعة من صلبها ورحمها وأرضها، كاستحقاق وهدف مركزي إنساني لا حياد ولا انفكاك عنه.

كوارث الهواء الأصفر

كوارث الهواء الأصفر
د. محمود عبد الرحمن


يتواصل مسلسل الكوارث في عراق الاحتلال الأمريكي الإيراني، حيث تنهار المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، فكل يوم جديد يحمل في طياته، أنباء عن انهيار في ميدان من ميادين الحياة، وهذا نتيجة حتمية لطبيعة سلطة العمالة والفساد الجاثمة على صدر هذا الشعب الصابر المظلوم.
فمنظومة الفساد المتحكمة في مفاصل الدولة، والتي بلغت شأناً لا حد له وغير مسبوق، جعلت من دولة العراق وسيلة للتكسب الحرام، ولخدمة المشروع الإيراني الصفوي في الهيمنة على المنطقة، بعيداً عن مصالح شعب العراق، ومعالجة مشاكله التي لا تعد ولا تحصى، والتي جاء الاحتلال الإيراني ليجعل من العراق حديقة خلفية، ومصدراً لا ينضب للثروة، وتمويل مشاريعه في تصدير الثورة، ومد التغلغل والنفوذ الإيراني لمناطق واسعة من المشرق. وما يجاوره.
ومن آخر هذه المشاكل المفتعلة، تلوث هواء العاصمة بغداد بالكبريت الأصفر، دون أن تحرك سلطة العمالة والفساد نفسها لحماية العاصمة وساكنيها من أخطار هذا التلوث المرعب، وقد قيل في هذا الشأن إن سبب السكوت المطبق هذا، هو رغبة المتنفذين في الاستحواذ على أراض يقع عليها مصفى الدورة الذي بدأ تشغيله عام ١٩٥٥، وقد أصبحت هذه المنطقة الحيوية من بغداد محط أنظار مستثمري السحت الحرام، فقام هؤلاء بفتح منافذ غاز الكبريت ليلوث العاصمة ويعطي المبرر للحكومة بغلق المصفى وبالتالي استحواذهم على الأرض المقام عليها المصفى.
هل توجد دولة في العالم القديم أو الحديث، يجري فيها كل هذا الفساد واللصوصية والاستهتار بأرواح الناس وصحتهم وممتلكاتهم، إلا في عراق الاحتلال الصفوي.
إن الحديث عن التلوث البيئي في كل أنحاء العراق بسبب العدوان الأمريكي واستخدامه لليورانيوم المنضب، واستمر هذا التلوث بسبب عدم اتخاذ الوسائل التكنولوجية الحديثة في استخراج النفط، وما عزز ذلك غياب الدولة واضمحلالها لحساب الميليشيات المتنفذة التي باتت أذرعها الاقتصادية تمتلك عشرات المليارات من الدولارات توظفها في خدمة المشروع الصفوي في المنطقة.
إن من أولى واجبات أي دولة في العالم المعاصر حماية مواطنيها والاعتناء بهم وبصحتهم وطرق معيشتهم، إلا في عراق الاحتلال الإيراني، حيث تبدد الثروة الوطنية، وتسرق مرتين، مرة في مشاريع دون المواصفات المطلوبة، ومرة بسبب العمولات والسرقات التي تنخر أي مشروع، ناهيك عن الفساد الإداري المستفحل والذي بات ظاهرة علنية لا تخفى على أحد.
أما الاهتمام بالمواطن وبصحته، فهذه المستشفيات والمراكز الصحية تنبئ عن حالة الاهمال والفساد الذي يخيم على هذا القطاع شأنه شأن كل مرافق الدولة الأخرى.
وأي سائل يسأل ماذا اتخذت الحكومة من إجراءات لمعالجة تسرب الكبريت الذي غطى سماء العاصمة وجعل حياة الملايين مهددة، وصحتهم عرضة لسقم لا شفاء منه لخطورة هذه الغازات السامة على الحياة البشرية. الجواب واضح فهؤلاء الشراذم البشرية لا يهمهم الإنسان العراقي، ولا صحته ولا ممتلكاته، أليس هم من استباحوا الدماء، فكيف نطلب منهم الاهتمام بالمواطن وحمايته من التلوث البيئي، الذي فاق الحدود المسموح بها علمياً لنسب تلوث الهواء.
وأنت لك الله يا شعب العراق، مع هؤلاء الحثالات من البشر الذين تربعوا على مقدراتك، واستهانوا بكل شيء، فلوثوا البشر والحجر والهواء، وإن يوماً قريباً ستشرق شمسه ساطعة على بغداد، لترمي بهؤلاء في أحط مزابل التاريخ، جزاء لما اقترفوه بحق شعب العراق من جرائم يندى لها جبين الإنسانية.

كيف نعرف الصحفي ودوره بالمجتمع؟

كيف نعرف الصحفي ودوره بالمجتمع؟

أحمد صبري

 


يوصفُ الصحفي في بُلدان عدَّة بأنَّه شريكٌ وقائد بالمُجتمع،
وهذه المقولة عبَّرت عن الدَّوْر الَّذي يضطلع به الصحفي من حيث المهام والتَّأثير والرِّسالة الموَجَّهة للجمهور، بمقابل هذا التَّوصيف نجد الكثير من وسائل الإعلام تخلَّت عن دَوْرها ومهامِّها. فبدلًا من أن تكُونَ عونًا للجمهور في مواجهةِ التَّحدِّيات تحوَّلتْ إلى عبءٍ، ما وضعَ الجمهور والصحفي في خانق باتَ من الصَّعب التَّفكير بكيفيَّة الخروج مِنْه، فخسر الطَّرفان. وباتَتْ مصداقيَّة الإعلام على المحكِّ والَّتي أثَّرتْ كثيرًا على المعايير الصحفيَّة، وجعلتْها تبتعد عن المصداقيَّة؛ لأنَّنا في سُوق يعجُّ بالبضائع المتنوِّعة والمشاهد، والقارئ هو الهدف. وكُلَّما كنتَ صادقًا وقريبًا من نبضِ الشَّارع اتَّسعَتْ شهرتُكَ وتأثيرك. وأعزو غياب المعايير الصحفيَّة إلى الدّخلاء وأنصاف الصحفيِّين وشراء الذِّمم والمال السِّياسي الَّتي تُسقط الصحفي في المحظور، وتحوَّلتْ إلى فَوضى إعلاميَّة ما زلنا نُعاني مِنْها؛ لأنَّها خارج سياقات المعايير الوطنيَّة الَّتي ينبغي أن تضطلعَ بها وسائل الإعلام. فبدلًا من أن تكُونَ صَوتًا للشَّعب وتطلُّعاته تحوَّلتْ إلى بُوق يُروِّج لهذا الحزب أو ذلك، ويُلمِّع صورة رموزه، ويُبرز أهدافه السياسيَّة.
والسُّؤال: هل التَّطوُّر التكنولوجي السَّريع في نقلِ المعلومات والأخبار ومواكَبَتِها أثَّر على الصّحافة الورقيَّة؟
والجواب: رغم ما أصابَ الصّحافة الورقيَّة من تغوُّل التكنولوجيا على مستقبلِها إلَّا أنَّها تُقاوم هذا التَّحدِّي بالانتقال من الأساليب القديمة إلى أساليب مبتكرة وحديثة؛ لمواجهةِ سُرعةِ انتقالِ الخبر والحدَث لحظةَ وقوعِه عَبْرَ استقصاء الخبر والحدَث وتحليلِه، والانتقال بالصّحافة الورقيَّة إلى مرحلةٍ جديدة في عَرض بضاعتها للقارئ وتجربة المذياع (الراديو) أمامَنا صمدتْ عِندما ظهرَ التلفزيون ولم تندثرْ. وفي العراق رغم مرور (21) عامًا على غزوِه واحتلالِه ما زالتِ التَّجربة الصحفيَّة تُعاني من أمراض الاحتلال ومشروعِه، ما أضاع دورَها الرَّقابي في مواجهةِ الفساد، والحفاظ على المال العامِّ، وتعبئة الجمهور والتَّحدِّيات الَّتي تواجِه المُجتمع لا سِيَّما البطالة والفساد والمخدِّرات والعُنف الطَّائفي ما انعكسَ سلبًا على مزاج الجمهور واهتماماته. وهُنَا نتساءل: كيف يُمكِن للصحفي أن ينهضَ بِدَوْره ويجسِّدَه على أرض الواقع؟
نقول: المدخل هي الفكرة وبلْوَرتِها وتجسيدها على الواقعِ المعاش هي من اشتراطات المدخل للكِتابة، فمن دُونِ تحديد بوصلتِها لا يُمكِن للصحفي أن يُظهرَ مهارتَه، ويبسطَ الفكرة والضَّوء عَلَيْها ويعرضها للجمهور.
رغم مَن يقول إنَّ الموهبةَ والذَّكاء من أهمِّ صِفات الصحفي النَّاجح.. نَعم هذا صحيح، ولكن يُضاف إِلَيْها الخبرة والمعرفة وعلاقاته واندماجه بالمُجتمع ومصادره وتنوُّعها لِتكُونَ معينًا له في مَسيرته الصحفيَّة. لقد واكبتِ الصّحافةُ العراقيَّة قَبل الاحتلال وبعدَه كيف يُمكِن أن نقارنَ بَيْنَ الحقبتَيْنِ من حيث الحُريَّة والانفتاح والدَّوْر؟

  • حقبتانِ مختلفتانِ من حيثُ المهامُّ والدَّوْر والوسائل. فالحقبة الَّتي سبقَتِ الاحتلال كانتْ وسائل الإعلام فيها مركزيَّة ولهَا مهام التَّعبئة لمواجهةِ الأخطار الَّتي كانتْ تحيقُ بالعراق، لا سِيَّما مخاطر استمرار الحصار، وإبراز مخاطر التَّهديدات الَّتي كانتْ تواجِه العراق ومستقبله. وصحيح أنَّ سقفَ الحُريَّات في الحقبة الأولى كان محدودًا، والسَّبب يَعُودُ إلى أنَّ الصّحافة كانتْ حكوميَّة ومموَّلة من الدَّولة، إلَّا أنَّها اضطلعتْ بِدَوْرٍ وطني دفاعًا عن العراق ومستقبله. أمَّا حقبة ما بعدَ الاحتلال فإنَّها تختلف رغم تمتُّعِها بسقفِ الحُريَّات والانفتاح، فتحوَّلتْ هذه الحقبة إلى سُوق لعَرضِ البضاعة من أيِّ مكانٍ ويشتريها أيُّ إنسانٍ، فحوَّلَها المال السِّياسي إلى صحافة استرزاق غابتْ عَنْها المعايير المهنيَّة واستدارتْ عن الفاسدين ومُبدِّدي المال العامِّ. ونخلص إلى القول: أي الحقبتين أفضل من حيث المهامُّ والأهداف والدَّوْر والمرتكزات؟
    كاتب عراقي

من الذي ظلم الشيعة في جنوب العراق؟

من الذي ظلم الشيعة في جنوب العراق؟

علي العتيبي

 

بعض أهلنا في الجنوب ونتيجة ظلم شيوخ العشائر (الاقطاع) لأبناء عشائرهم ومن يعمل فلاح لديهم، علماً أن جميع الاراضي لدى الاقطاع ليست ملك لهم بل اراضي حكومية يطلق على الزراعية منها أراضي اميرية ممنوحة باللزمة كالاستثمار وكان الاقطاعي يبيع ويصدر المحصول ويدفع الخمس إلى   المرجعية في حين الفلاح المسكين لا يحصل إلا ما يشبع بطنه فقط بعد عمل طويل. وحفاظا على كرامتهم تركوا العمل لدى الاقطاع ونزحوا إلى   بغداد فكانت اول منطقة يطلق عليها تسميات (الميزرة- شطيط- وغيرها) ولتشويه منظر بغداد فقد وضعت لجنة اعمار العراق مخططات للإسكان ومن ضمنها  زيونة واليوموك وغيرها من المدن، وكانت إحداها منطقة الألف دار في بغداد الجديدة وأيضاً المباشرة ببناء قطاع واحد في (مدينة الثورة . سميت هكذا بعد ثورة 14 تموز) من أجل اسكان هؤلاء النازحين وعلى أمل أن يتم بناء قطاعات أخرى لأجلهم، ولكن جاءت ثورة 14 تموز 1958 واوقفت مشاريع اعمار العراق ولم توزع تلك الدور ثم وزعت بعد الثورة وصار معتقد الناس بانها انجازات الزعيم عبد الكريم قاسم (واستمر هذا التزوير الذي روج له الشيوعيين لحد الان).

صدر قانون الاصلاح الزراعي لسنة 1958 والذي حدد ملكية الاقطاع وتم توزيع الاراضي على الفلاحين بواقع (10 مشاير لكل فلاح) فاصدر المرجع في النجف آنذاك محسن الطبطبائي الحكيم فتوى بحرمة الصلاة في الارض المغصوبة واعتبر جميع الاراضي التي وزعتها الدولة على الفلاحين اراضي مغصوبة وهنا اسقط في ايدي المساكين حيث ذهبوا إلى  الشيخ الاقطاعي ليعملوا لديه فرفضهم وبموجب الفتوى لا يستطيعون زراعة اراضيهم فاضطروا إلى  الهجرة إلى  المدن وكان الزخم الاكبر على بغداد وهنا لم تعالج الحكومة المشكلة حل حذري ورغم تشكيل لجنة لدراسة اندماج هؤلاء الفئة من الشعب والتكيف مع اجواء بغداد الاجتماعية وتوصلت اللجنة إلى  ان الاندماج لا يتم الا بعد ستة اجيال لكن الزعيم رفض توصيات اللجنة وقام بالترقيع من خلال توزيع اراضي سكنية عليهم بواقع (144 متر) لكل عائلتين مناصفة  وعلى اثرها استقال خمسة وزراء من الحكومة ولم يعرها قاسم اهمية وتوزيعه للأراضي السكنية لم تراعي صلة القربي ليجتمع قريبين في ارض واحدة فترى عائلة من العمارة تشاركها عائلة من الناصرية ومن قبيلة اخرى وهذا انطبق على من الثورة والشعلة في بغداد والحيانية والكزيزة وخمسة ميل في البصرة وحي الحسين في العمارة والداموك في الكوت فقام السكان الجدد ببناء بيوت اغلبها من الطين ومن سعف النخيل ونادرا ما تجد من بنى بالطابوق  وكثرت مشاكل الاعتداء والسرقات ولان الاغلبية فلاحين فان الامية متفشية بينهم فاضطروا للعمل كعمال بناء او مهن اخرى عامل نظافة ، حارس ، فراش ، ولم توفر الدولة حينها لهم الماء والكهرباء حيث وضعت الدولة اماكن فيها صنابير ماء  يتم نقل الماء منها بواسطة الاواني  وبعد ثورة 8 شباط تم توصيل اسالة الماء والكهرباء وبسبب المشاكل وضعت مراكز شرطة والتي كانت ضعيفة لان الفقر والجهل وتحكم المعممين له دور فيها بحيث بعض المناطق لاتصل لها الشرطة ولكن الطفرة النوعية خصلت لهذه المدن بعد تأميم النفط حيث تم انشاء البنى التحتية من ماء وكهرباء ومجاري وشبكات هاتف وفتح القروض العقارية وتوفير وسائل النقل.

الا ان الثقافة العامة بان هذه المدن هي من بركات الزعيم بسبب دعايات الحزب الشيوعي آنذاك ولازالت رغم ان التاريخ معروف لكن بعد الاحتلال وللحقد على النظام الوطني انكروا ما قام به لأجلهم ولكن هذا الاعمار لم يكن لصالح العراق والتركيبة السكانية وكان هناك حلول اخرى من اجل حل مشكلة هؤلاء السكان واعادتهم إلى  محافظاتهم التي جاؤوا منها وبناء دور سكن لمن يعمل في المصانع وتخطيط مدن جديدة لهم وتعويضهم عن بيوتهم القديمة واعطائهم اراضي ومنح ماليه للبناء ولكن تحرك البعض لغايات مبيتة واقنعوا المسؤولين بان الاعمار أفضل وان هؤلاء هم جنود الثورة وحصل الاعمار فكانت على سبيل المثال مدينة الثورة التي تحولت عام 1964 إلى  حي الرافدين ثم عادة إلى  الثورة وبعد اعمارها توجه شيوخها وطلبوا من الشهيد صدام حسين ان تسمى باسمه كونه هو من اعلن عن حملة الاعمار  وكانت اهازيجهم ( باسم صدام سمينة مدينتنا) وبعد الاحتلال انقلبوا جميعا واطلقوا عليها ( مدينة الصدر المنورة).

إذن من خلال ما ورد من هو الذي ظلم شيعة الجنوب هل النظام الوطني أم مرجعيتهم ومعمميهم، ومن خرب مدنهم وأصبحت تعم بها الفوضى والقتل والخطف والابتزاز واستفحال جرائم الزنا بالمحارم واللواط وحفلات زواج المثليين وتفشي تعاطي المخدرات وشيوع الطائفية.

أينما حلت العمائم واستفحلت حلت الرذيلة والفقر والجوع والأمية وساد الجهل والجريمة.

حينما خرج ثوار تشرين يطالبون بوطن فانهم خرجوا ضد كل الممارسات والفساد الذي تمارسه المرجعيات التي لا تمثل مهج ال البيت الاطهار ولا يمثلون مذهب الامام جعفر الصادق بل يمثلون التشيع الصفوي الذي اوجده عبدة نار المجوسية التي اطفأها الخليفة عمر بن الخطاب في القادسية الاولى ومنع دخولها النظام الوطني بالقادسية الثانية لكنها استفحلت هي وأحزابها وميليشياتها بعد أن تخابرت وتخادمت مع المحتل الامريكي الايراني المجوسي، ولأن الشباب فقدوا معنى الوطن وارادوا اعادة الاعتبار لهذا الوطن ليعود عراقا زاهياً ولكن هذا لا يروق للجهلة والسراق والفاسدين وفاقدي الشرف والضمير الذي تسيدوا على هذا الشعب فوجهوا عبيدهم لضرب اي روح وطنية عراقية أصيلة.

يا شباب العراق انتبهوا على انفسكم فالعراق أمله بكم لأنكم انتم المستقبل وقادته ولا يغرنكم المتخاذلين والخونة ومن يحبط معنوياتكم فأنتم رجال العراق وأنتم سادته ولا مكان لأجنبي ومن يحمل أجندة لغير العراق ولا تعتمدوا على من يزايد على وطنيتكم فالوطن الذي احتل من غير وجه حق، فكل ما بني عليه هو باطل فلا دستور ولا برلمان ولا أحزاب ولا ميليشيات  قانونية بل هي الباطل بعينه، وأنتم شباب وثوار تشرين ومن سبقكم في المقاومة الوطنية وشباب الاعتصامات أنتم أهل الحق الذي يجب أن تأخذوه فنظموا صفوفكم ووحدوا اهدافكم والعراق امانة في اعناقكم ولا تتأملوا ممن يزايد بمؤتمرات او سفسطة وتنظير عبر الشاشات لأن الأغلبية تبحث عن الشهرة والمال . من يساندكم يجب أن يتفهم روح الشباب وأن يعملوا وفق القانون لتثبيت حق العراق وحق شعبه بالحياة الحرة الكريمة ووطن ذو سيادة، وأعتقد لديكم أخوة وأساتذة وحقوقيين يعملون لأجل العراق ولا يبحثون عن أطماع سوى أنهم مثلكم يريدون وطن.

من يريد تحرير العراق عليه بدعم الشباب والعمل على نكران الذات لأن المناكفات من أجل موقع قيادي أو زعامة ليست إلا لضعفاء النفوس فلنكن كلنا جنود لهذا الوطن، وأنا شخصياً أتشرف أن أكون خادماً لشباب تشرين الأبطال وهم قادة الثورة.

والنصر من عند الله، ومن الله التوفيق