شبكة ذي قار
بيان القيادة القومية في الذكرى 54 لثورة 17-30 تموز المجيدة

القيادة القومية :

ستبقى ثورة ١٧٣٠ تموز  علامة مضيئة في التاريخ العربي المعاصر.

اكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ان ثورة ١٧-٣٠ التي جسدت واحدةً من افصاحات  الامة عن ذاتها، ستبقى  بانجازاتها العظيمة والتحولات التي احدثتها على مستوى البنية الوطنية العراقية وبعدها القومي ، علامةً مضيئةً في التاريخ العربي المعاصر.  جاء ذلك في بيانٍ للقيادة القومية في الذكرى الرابعة والخمسين لقيام هذه الثورة المجيدة، فيما يلي نصه.  

لأـربعٍ وخمسين سنة خلت ، كان العراق ومعه امته العربية على موعدٍ مع حدث ثوري عظيم ، حدث خطط له ونفذه  جمع من المناضلين  تفتح وعيهم السياسي على قضايا العراق الوطنية وقضايا الامة في التحرر والتقدم والوحدة ،  ومنهم من كان له دور بارز في تفجير ثورة ١٤ تموز التي تطوي هذه الايام عامها الرابع والستون وبعدها ثورة ١٤ رمضان ، وهما اللتان جرى الانقضاض عليهما والارتداد عنهما لابقاء العراق اسير القيود التي وضعتها القوى الاستعمارية ، فكان لابد من اعادة البريق القومي لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ واسقاط مفاعيل الردة على ثورة ١٤ رمضان ١٩٦٣، فكانت الثورة   التي وضعت العراق على طريق  تفجير طاقاته الشعبية  وامتلاكه ناصية قراره الوطني في تحديد خياراته السياسية ، وتوظيف ثروته الطبيعية وخاصة النفطية منها ، في خدمة مشروع الاستنهاض الوطني الشامل بكل مضامينه التقدمية وابعاده القومية التحررية .

ان كوكبة المناضلين الذي فجروا الثورة  ، اسقطوا كل الرهانات على سقوطها ، كما اسقطوا كل التحليلات النظرية التي كانت تضع هذا الحدث تحت خانة الانقلابات التي كانت تتواتر اخبارها صبحة وعشية في الاقطار العربية الاخرى. وهذا الاسقاط لتلك الرهانات لم يكن اسقاطاً نظرياً ، بل كان اسقاط عملي  انطلق  من ارض الواقع ، حيث لم تكد تمضي فترة قصيرة ، الا وكان الحدث العظيم  يعرّف عن نفسه من خلال المواقف التي اطلقها على الصعد الوطنية والقومية والدولية ، ومن خلال التحولات التي بدأت تعطي ثمارها في وقت قياسي بالنظر الى الاوضاع التي كانت تحيط بالعراق كقاعدة ارتكازية في البنية القومية.

فعلى الصعيد الوطني، وضعت نظرية البعث في احداث التغيير في البنية المجتمعية موضع التطبيق ، وهذا ماتُرجم بالانجازات العظيمة التي حققتها تلك الثورة ،بدءاً باعلان بيان ١١ اذار من العام ١٩٧٠ ، ومن ثم بقرار التأميم التاريخي في ١ حزيران ١٩٧٢،وما استتبعه من قرارات تناولت حقول التصنيع والتحديث الزراعي وتحسين الخدمات وتطبيق الاستشفاء الشامل والتعليم لكل المراحل ،  واصدار قانون الكفاءات العربية ودخول عصر التكنولوجيا من بوابة الحاجة الوطنية للمشروع النهضوي الشامل.

وعلى الصعيد القومي، استطاعت الثورة  ان تعيد الاعتبار للموقف القومي الرافض لكل اشكال الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية ، وهذا لم يترجم بموقف رافض لكل القرارات الدولية التي تنطلق من مسلمة الاعتراف بشرعية كيان الاغتصاب الصهيوني لفلسطين وحسب  ومنها القرار ٢٤٢ ومبادرة روجرز ،بل ترجم ايضاً بالموقف العملي على ساحة النضال الوطني الفلسطيني  بالقرار القومي الذي اعلن بعد اشهر من انطلاق ثورة تموز  بتأسيس جبهة التحرير العربية كي تشكل وعاءً قومياً لاستيعاب حركة المناضلين العرب باعتبار ان فلسطين هي قضية قومية بامتياز ، وان استهدافها لم يكن لذاتها وحسب ، وانما الامة العربية برمتها ، وهذا ما يجعل مسؤولية تحرير فلسطين مسؤولية قومية ومن  الامة العربية حاضنة  لحركة النضال الوطني الفلسطيني التي كانت وستبقى تشكل طليعة متقدمة في التصادم مع مشروع التحالف الاستعماري  الصهيوني.

لقد كان العراق في ظل حكمه الوطني الذي قاده  حزب البعث على دأبه دائما،  في توفير كل وسائد الدعم والاسناد السياسي والمادي  لقوى الثورة الفلسطينية للدفاع عن نفسها في مواجهة ما  تتعرض له من مؤامرات ، ولتقوية مواقعها وقدراتها في مواجهة العدو تنفيذاً لمقررات المؤتمرات القومية للحزب ،وهو  الذي لم يتردد لحظة في اسناد الجهد القومي في معارك المواجهة مع العدو الصهيوني ،وكنت ابرز تجلياته  في المشاركة القوية والحاسمة في حرب تشرين  من العام ١٩٧٣،وتقديم الاسناد والدعم للمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية قبل وبعد العدوان الصهيوني في  ١٦ اذار من العام ١٩٧٨.

وعلى الصعيد الدولي ، فإن العراق ومنذ افصحت الثورة عن نفسها بمواقفها السياسية الواضحة ، كان حاسماً في تحديد خياراته الوطنية على مستوى العلاقات الدولية ، من كسر “الفيتو” الاطلسي على الاعتراف بالمانيا الشرقية الى تفعيل دور حركة عدم الانحياز واسناد كل حركات التحرر في العالم والدعوة الى نظام دولي متعدد القطبية. 

هذه الحالة النوعية التي  جسدتها ثورة تموز  ، لم ترح قوى التحالف الصهيو- الاستعماري ،ولا القوى التي تضمر عداءً للعروبة على خلفية الحقد الشعوبي الدفين  ، ولا قوى النظام الرجعي العربي التي تتغذى في وجودها من واقع التجزئة وتتلمس الحماية لنفسها من قبل القوى الدولية والاقليمية التي تناصب العداء للامة العربية ،فلم تجد هذه   القوى منفردة ومجتمعة ان توفر  سبيلاً لاجل اسقاط هذه الثورة واجهاض انجازاتها إلا ولجأت اليه  ،من التخريب الداخلي ،الى الحرب التي كلف النظام الايراني بشنها بعد حصول التغييرالسياسي في ايران واستلام المؤسسة الدينية مقاليد الحكم والسلطة فيها وانتهاءً بما تعرض له العراق بعد انتهاء الحرب المفروضة عليه من النظام الايراني وخروجه منها اكثرة قوة واقتداراً وخاصة على مستوى القدرات العسكرية وسقف الموقف السياسي.

لقد كانت الحرب التي شنها التحالف الدولي – الاقليمي على العراق   بقيادة اميركا على ارضية الموقف من ازمة الدخول الى الكويت ، حرباً على النتائج التي تمخضت عن حرب ثماني سنوات لم  يقبل  الخميني وقفها الا مرغماً ومتجرعاً كأس سم الهزيمة تداركاً من بلوغ نظامه حافة الانهيار .  ولما لم يؤد العدوان الثلاثيني مبتغاه باسقاط الثورة ونظامها السياسي ، فرض على العراق   حصار سىياسي واقتصادي غير مسبوق في التاريخ .  ولما استطاع صمود شعب العراق ان يدفع بهذا الحصار الى التآكل ، بدأ التحضير لحرب جديدة قادتها اميركا واستعملت فيه كل الاسلحة المحرمة الدولية لكسر ارادة الصمود لدى جماهير العراق والثأر من الثورة التي بنت صرحاً وطنياً حقق في وقت قياسي انجازاتٍ وتحولاتٍ وجدت كل القوى التي ائتلفت ضدها تهديداً داهماً  لمصالحها فيما لو استمرت هذه الثورة في مسارها الذي خطته لنفسها، ووجد ترجمته العملية في داخل العراق وفي المدى القومي وعلى المستوى الدولي.

ان كل ماتعرض له العراق بعد ثورة تموز وبلغ ذروته العدوانية  في العام ٢٠٠٣ ،يدلل وبما لايقبل ادنى شك ، بأن العراق لو لم تشن الحرب عليه على ارضية الموقف من ازمة الدخول الى الكويت ، لكانت شنت عليه  على ارضية موقف اخر ،وهذا ماثبت من خلال اقدام اميركا على فبركة التقارير الكاذبة ، من امتلاك العراق اسلحة دمار شامل الى علاقة مزعومة مع “القاعدة “،واستحضار شعارات الديموقراطية وحقوق الانسان ، وهي العناوين الثلاثة التي تتلطى وراءها القوى الاستعمارية وعلى رأسها اميركا لشن عدوانها على الشعوب ، في الوقت التي تمتلك فيه  اكبر مخزون من الاسلحة المحرمة دولياً ، وتعمل على انتاج قوى ارهابية لتستثمر فيها تحت شعارات سياسية تارة  ، ودينية تارة اخرى ، وتمارس الارهاب المنظم ضد الشعوب التواقة للتحرر  والتقدم ، وتلك التي  تناضل  من اجل حقها في تقرير المصير وامتلاك ناصية قرارها الوطني . وان ما  حصل من سلوك اميركي  في سجن ابوغريب وغيره من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان وما يتعرض له المعتقلون في معسكرات الاعتقال الاميركي في غوانتنامو وغيره وفي اسباغ الحماية على “اسرائيل”،  وهي مصنفة دولة فصل عنصري “ابارتهايد”، وفي الاعتراف الرسمي بأن داعش هي منتج  اميركي ايراني مشترك للاستثمار به في توفير بيئة لصراع مذهبي بين مكونات المجتمع الوطني الواحد ، ومن ثم التبرير لاستيلاد تشكيلات مذهبية كحال مايسمى “بالحشد الشعبي”- لاوظيفة لها الا تأجيج الصراع المذهبي  والطائفي وارتكاب المجازر التي تؤدي الى تهجير وتدمير وتغيير في التركيب الديموغرافي في المجتمع الوطني العربي، فهذا ليس الا  اثباتاً ، بان ثورة البعث في العراق  لم ُتستهدف   الا لكونها  تقف على الطرف النقيض لكل من تحالف ضدها  وانخرط بالعدوان  المتواصل  فصولاً عليها منذ بدأه النظام الايراني في الرابع من ايلول من العام ١٩٨٠ وحتى تاريخه وبرعاية اميركية صهيونية رغم كل زعم معاكس. ومع هذا  ورغم كل  ماتعرض له العراق من عدوان متعدد الاشكال والمصادر ، فإن جماهيره  مازالت في حالة صراع شديد بين القوى المعادية وذيولها، وما يعكسه حضورها في  نبض الشارع المشبع بالروح الوطنية والقومية التي غرسته فيه ثورة تموز ،والذي يبدو واضحاً من خلال المشهديات النضالية التي ُتعبر  جماهير العراق عن عمق تجذر هويتها الوطنية وانتمائها القومي . 

ان  الهوية الوطنية  والانتماء القومي  اللتين ظهرت  مؤ ثراتهما العميقة في الذات الوطنية العراقية ، اختبرتا في كل منازلة  خاضها العراق مع اعدائه وخرج  منها مرفوع الرأس مهيوباً  ، من الانتصار في معركة التأميم الى الانتصار في حرب القادسية الثانية ،الى ام المعارك والحواسم ومواجهة الحصار الظام بكل تداعياته القاسية ،كما  اختبرتا في اطلاق المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الاميركي ومن بعده الاحتلال الايراني من الباطن ، وهما اليوم تختبران  في الثورة الشعبية التي انطلقت بالاتكاء على المخزون النضالي  المتراكم لدى شعب العراق العظيم  ضد منظومة الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ومشغليها الاميركيين والايرانيين .

 ان ثورة الشباب التي  انطلقت في تشرين الاول من العام ٢٠١٩  في محاكاة عراقية لحراك شعبي عربي اوسع ،  اعادت استحضار القضية الوطنية العراقية بكل عناوينها،  بما هي قضية تحرير وتوحيد واعادة بناء وطني ، وفتحت الطريق امام  اعادة انتاج  لثورة تموز المجيدة بحلتها الشبابية وطابعها الشعبي وبكل العناوين التي انطوت عليها وهي التي نقلت العراق من حالة الضعف والتبعية الى حال القوة ، وإعطاء الاستقلال السياسي الوطني  مضامينه الاقتصادية وبعده القومي الشامل. 

 من هنا فإن التغيير  الذي كان  العراق على موعد معه في مثل هذه الايام لاربع وخمسين سنة خلت ، لم يكن تغييراً فوقياً اقتصرت مفاعيله على اسقاط سلطة واستبدالها بأخرى ، بل كان تغيير طال عمق  البنى المجتمعية العراقية وعمل على بناء الانسان بناء ثورياً استجاب  لحاجات التطور والتقدم في كل مجالات الحياة. واليوم فإن ثورة  الشباب ، لاتهدف الى اسقاط منظومة سلطوية افرزها الاحتلال ومارست كل الموبقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحسب  ، بل تهدف ايضاً الى اسقاط المشروع بكل عناوينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،  واعادة انتاج نظام سياسي جديد يسقط قاعدتي الارتكاز الاميركية  والايرانية ،  ويعيد لشعب العراق العظيم دوره في تحديد خياراته السياسية وتحقيق التحرير  الناجز من اشكال الاحتلال والهيمنة. 

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، التي تكبر في جماهير العراق روح الثورة المتأججة فيها ، لهي على ثقة بأن الشعب الذي انتصر على معركة التأميم  ضد الكارتلات النفطية ، وانتصر في الحرب ضد العدوان الفارسي ، وواجه العدوان الثلاثيني وما اعقبه من حصار ظالم ومن ثم تصديه للغزو واطلاق فعاليات المقاومة الوطنية التي فرضت على المحتل الاميركي الانسحاب تحت جنح الظلام ،سوف ينتصر في ثورة الشباب التي تعم الساحات والميادين وهي التي اعادت تصويب البوصلة باتجاه الاعداء الفعليين للعراق وشعبه.

ان العراق الذي استطاع ان يواجه اصطفافاً متعدد الاطراف من القوى المعادية في ظل ثورة تموز المجيدة التي تحل ذكراها هذا العام مع حلول الاضحى المبارك ، ، قادر اليوم ان يستمر في مواجهته وصولاً الى تحرير ارضه من رجس الاحتلالين الاميركي والايراني ، وان يعود وكما عهدته امته سنداً لقضاياها وفي الطليعة منها قضية فلسطين التي تقاسم مع ابنائها حبة الدواء ولقمة الغذاء في اقسى الظروف التي كان يمر بها ،ورفض ان يقايض فك الحصار بوقف دعمه لجماهير فلسطين وثورتها، ويقبل بتسوية مع العدو الصهيوني اسوة بأنظمة  عربية باعت قضية فلسطين “بثلاثين من الفضة ” .

ان ثورة تموز التي فجرها مناضلون من طراز القائد صدام حسين ، هي ثورة جاءت في سياق الاختلاجات الثورية لشعب العراق ، وهي اذ تتجدد اليوم في ثورة الشباب ، فإنها تتجدد ، ومعها تُسْتَحضر كل معاني البطولة والتضحية التي عبر عنها مفجرو هذه الثورة في سلوكهم النضالي وخطواتهم الثورية واخرها  المشهدية التي اطل من خلالها ابرز قادة هذه الثورة الامين العام للحزب وقائد العراق الشهيد صدام حسين في لحظة استشهاده  مفتتحاً  عهداً جديداً من عهد البطولة التي دخلها العراق من بوابة الارتقاء بالعطاء حتى المستوى الاعلى من العطاءات الانسانية  . 

في ذكرى ثورة تموز المجيدة  التي استهدفها  التحالف الصهيو- استعماري – الشعوبي الفارسي والنظام الرجعي العربي وتلك المرتهنة للخارج الدولي والاقليمي وقوى التخريب المجتمعي والتكفير الديني ، لاجل اسقاطها واعادة الامور الى مرحلة ماقبل انبثاق عهدها الوطني ،يبقى الامل معقوداً على العراق بقواه  الشعبية الثورية والقومية التقدمية ،   لاعادة الاعتبار لموقعه ودوره الوطني والقومي ،  والانتصار على الاعداء  الذين يناصبون  الامة العداء  لمنع وحدتها وتقدمها وتحررها . وان تهتف جماهير العراق في الجنوب والفرات الاوسط وبغداد وفي كل حواضر العراق ضد ايران وعملائها وتستحضر في اهازيجها وشعاراتها انجازات الثورة ورمزيات ابطالها وعلى رأسهم شهيد الحج الاكبر ، فهذه الهتافات لايسمع  صداها في كل انحاء العراق وحسب بل ايضاً باتت تسمع   على مستوى الوطن العربي وخاصة في  فلسطين التي  تحيي ذكرى استشهاد القائد صدام حسين بكل الدلالات النضالية والانسانية التي تنطوي عليها،وفيها الاثبات بأن ثورة  تموز بابعادها ورموزها ستبقى علامة مضيئة في التاريخ العربي المعاصر. .

تحية لثورة السابع عشر – الثلاثين من تموز  في الذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقتها ، وتحية لكل  رموزها الابطال الذين فجروها ومعها  ساروا درب النضال حتى الاستشهاد وما بدلوا تبديلا ، وتحية لشهيد الحج الاكبر الرفيق القائد صدام حسين  في ذكرى استشهاده صبيحة الاضحى المبارك لستة عشر سنة خلت  ،وتحية لشهداء المقاومة الوطنية العراقية وشهداء  ثورة تشرين الشبابية . 

تحية لشهداء البعث في العراق وفي كل ساحات الوطن العربي وتحية لشهداء الامة في فلسطين وعلى مستوى الوطن العربي الكبير.

عاش العراق ، عاشت فلسطين ، عاشت ثورة الاحواز الوطنية التحررية، عاشت الامة العربية. 

المجد والخلود لكل الشهداء البررة ، والحرية للاسرى والمعتقلين والخزي والعار للخونة والعملاء والمطبعين مع العدو الصهيوني.

 وعهداً ان تستمر مسيرة النضال ضد الاستعمار والصهيونية  والشعوبية والرجعية حتى تحقيق اهداف امتنا في الوحدة والحرية والاشتراكية.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في ٢٠٢٢/٧/١٤

بيان القيادة القومية حول ظاهرة التكتل في قيادة قطر العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب البعث العربي الاشتراكي                 أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة

  القيادة القومية                                 وحدة حرية اشتراكية

          الأمانة العامة

م / بيان القيادة القومية حول ظاهرة التكتل في قيادة قطر العراق

أصدرت القيادة القومية للحزب البيان التالي:

بعد قرار القيادة القومية بتكليف الرفيق أبو جعفر بأمانة سر قيادة قطر العراق بعد وفاة الأمين العام للحزب الرفيق المغفور له عزة إبراهيم عليه رحمة الله ورضوانه، برزت ظاهرة تكتلية، بقيت على أكثر من سنة تعمل تحت أسماء وهمية، تارة باسم صقور البعث، وتارة باسم التنسيقية القطرية، إلى أن انكشفت كافة أوراقها من خلال سياقات اجتماع ٢٥ آذار الذي عقد لأجل انتخاب أمين لسر قيادة القطر.

فبعدما وردت للقيادة القومية تقارير من رفاق في قيادة القطر وكوادر حزبية تشغل مفاصل أساسية في هرمية الحزب التنظيمية، إنه جرت اتصالات بهم من رموز ليكونوا على جهوزية تامة فور انتخاب أمين سر لقيادة قطر العراق، من أجل الامساك بالوضع التنظيمي وثبوت عقد لقاءات سرية للأعضاء المتكتلين قبل عقد الاجتماع، قررت القيادة القومية عدم المصادقة على محضر الاجتماع لأن مخرجاته أعدت في مطابخ التكتل، وشكلت لجنة للتحقيق مع من أشرت عليهم التقارير والرسائل المرفوعة بأنهم يعملون في إطار تكتلي وخارج السياقات التنظيمية.

لكن ما أن بدأت اللجنة عملها وباشرت الاتصال بمن يفترض أن يجري التحقيق معهم حول ما ينسب إليهم من عمل تكتلي، حتى فوجئت القيادة ببيان صادر باسم قيادة قطر العراق، وفيه اعلان صريح بالانشقاق عن الحزب من خلال ما اعتبر قرارات اتخذتها القيادة المزعومة بعد اجتماع لها وفيها تجميد عضوية قيادة قطر العراق في القيادة القومية، وانتخاب نائب لأمين سر القطر لتنظيمات الداخل، ونائب آخر لتنظيمات الخارج، وتكليف آخر بمسؤولية مدير عام مكتب أمانة السر، ومراجعة قرارات القيادة القومية بحق المعاقبين، وتجميد عضوية أمين سر القطر الرفيق المناضل أبو جعفر وإحالته إلى التحقيق.

إن ما أقدمت عليه الزمرة المتكتلة، وإعلان انشقاقها عن الحزب وتقديم نفسها بأنها تمثل الحزب، هو خروج صريح وفاضح عن شرعية الحزب وتمرد على قراراته تنفيذاً لأجندة أهداف ترمي إلى تخريب الحزب من داخله، وفي استحضار لذات الأساليب التي اعتمدها من سبق هذه المجموعة في تمردهم على الشرعية الحزبية بمؤسستها القومية والقطرية. وهو أسلوب دأبت عليه القوى التي تعمل بعقلية تكتلية منذ الردة الكبرى في ٢٣ شباط ١٩٦٦ والتي ما زال بعض عناصر تلك الردة تستبطنهم ذات العقلية التي تطل برأسها كلما كان الحزب يتعرض للتآمر عليه من الداخل والعدوان من الخارج.

إن الزمرة المتكتلة التي خشيت المثول أمام لجنة التحقيق، لمعرفتها بأن أوراقها قد انكشفت، سارعت إلى إعلان خطوتها الانشقاقية ظناً منها أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تحميها من الاجراءات التنظيمية التي ستتخذ بحقها، وأن رموزها لم يقدموا أنفسهم بأسمائهم الحقيقية بل بأسماء حركية جديدة.

إن القيادة القومية للحزب التي كانت ترصد تحركات العناصر المتكتلة، تعاملت معهم بروية لإفساح المجال أمامهم التراجع عن غيهم، ولم تتخذ بحقهم عقوبات تنظيمية لعدم التزامهم العملي بقرار القيادة القومية بتكليف رفيق مناضل بأمانة سر القطر.

 لكن يبدو أن النهج التكتلي كان متجذراً في نفوس هذه المجموعة، وإن بيانهم الأخير الصادر ١٢ نيسان، هو وثيقة دامغة على تمردهم وخروجهم عن شرعية الحزب وبالتالي وضعهم في دائرة المساءلة والمحاسبة التنظيمية ووفق ما تنص عليه أحكام النظام الداخلي.

إن القيادة القومية التي خولها النظام الداخلي حماية وحدة الحزب والتصدي للانحرافات التي توثر على مسيرة الحزب ووحدته التنظيمية لا يمكن أن تسمح لعناصر متكتلة أن تخرب الحزب أو أن تحدث تشويشاً على مسيرته النضالية أو تشغل المناضلين البعثيين عن أداء مهامهم النضالية، وإن محاولاتهم ستخيب كما خابت محاولات ومساعي غيرهم ممن أرادوا اجتثاث البعث.

وعليه فإن القيادة القومية وحرصاً منها على حماية وحدة الحزب وشرعيته قررت بناء على اقتراح قيادة قطر العراق واللجنة التحقيقية ما يلي:

-١ فصل المدعو “أبو هبه” من عضوية الحزب لرفضه الالتزام، وتمرده على قرار القيادة القومية وتسريبه وثائق وأسرار حزبية مخالفاً أهم مبدأ تنظيمي من مبادئ الحزب، وهو عدم افشاء أسرار الحزب، وعدم مثوله أمام اللجنة التحقيقية، ودعوته لاجتماع لما سماه قيادة قطر، وإصدار بيانات باسم قيادة القطر.

-٢ فصل المدعو “أبو عبيدة” من عضوية الحزب، لدوره المحوري في التكتل وتحريضه على عدم الالتزام بقرار القيادة القومية والقيام بتسريبه مخالفاً مبدأ الحفاظ على السرية التي نص عليها النظام الداخلي واعتبار من يخرق هذا المبدأ يتعرض لعقوبة الفصل وترويجه للبيان الصادر عن اجتماع التكتل في ١٢ نيسان.

-٣ فصل المدعو “أبو فاطمة” من عضوية الحزب لدوره التنفيذي في التكتل وترويجه لبيان التكتل الذي شكل الدليل القاطع على وجود هذا التكتل، وأيضاً عدم التزامه بقرار القيادة القومية والتحريض على عدم الالتزام به وهو الذي شكل تمرداً على القرارات الحزبية.

-٤ فصل المدعو “أبو زينب” لدوره في تشكيل التكتل، واتصالاته مع الكوادر الحزبية وإبلاغ من اتصل بهم أن ينتظروا حدثاً تنظيميا قريباً يتناول وضع الحزب في العراق وأن يكونوا على استعداد لاستلام الوضع التنظيمي فور إبلاغه بالمستجد التنظيمي الذي سيحصل.

-٥ فصل المدعو “أبو ليث” لدوره في تشكيل التكتل منذ بدأت ملامحه بالظهور قبل وبعد تكليف القيادة القومية الرفيق المناضل أبو جعفر بمسؤولية أمانة سر القطر، وتسريبه لقرارات حزبية، ودوره في ضبط ايقاع التكتل في اجتماع ٢٥ آذار وتنسيق مواقف المتكتلين وتوزيع الأدوار فيما بينهم، وترويجه للبيان الصادر عن التكتل في ١٢ نيسان. وهو ما يشكل تمرداً على قيادة الحزب وقراراته وافشاء السرية الحزبية.

-٦ تخول قيادة قطر العراق التحقيق مع كل من يثبت تورطه في هذه المؤامرة التي تستهدف وحدة الحزب من خلال الدعوة التي أطلقت للتحضير لما يسمى بمؤتمر قطري تمهيداً لمؤتمر قومي، وحسبما جاء في بيان ١٢ نيسان الصادر عن اجتماع ما سمي بالقيادة القطرية. واتخاذ الإجراء التنظيمي بحق كل من يثبت مشاركته في التكتل ودوره التنفيذي فيه وحتى يبنى على الشيء مقتضاه.

إن القيادة القومية إذ تضع هذه الحقائق أمام الرفاق في الوطن العربي والمغتربات وعلى كافة المستويات والمشفوعة بقرارات تنظيمية بحق رموز التكتل، فإنها تهيب بكافة الرفاق وكل الحريصين على وحدة الحزب التنظيمية وشرعيته أن يرتقوا إلى أعلى درجات المسؤولية في حرصهم على وحدة حزبهم، وأن يكونوا في أعلى درجات اليقظة والإدراك لما يحاك ضد الحزب من مؤامرات.

إن الحزب الذي استطاع أن يواجه في السابق قوى التآمر عليه من الداخل والخارج ويخرج أكثر قوة وتماسكاً، سيواجه هذه الظاهرة التكتلية الجديدة بحزم وتصميم على وأدها واسقاطها وعدم تمكينها من تخريب الحزب.

يبلغ هذا البيان إلى قيادة قطر العراق، وإبلاغ من يلزم إبلاغه، كما يبلغ إلى قيادات الأقطار والمنظمات الحزبية ما دون القطر والمكاتب القومية للاطلاع والعمل وفق مضمونه ومقتضياته.

 

القيادة القومية

في ١٤ / ٤ / 2022

بيان القيادة القومية في الذكرى العاشرة لانطلاق الحراك الشعبي

القيادة القومية: في الذكرى العاشرة لانطلاق الحراك الشعبي

ليجدد الشارع العربي نبضه ويستعيد حضوره لإنجاز  التغيير الوطني  ومواجهة نهج التطبيع.

دعت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي الى تجديد الحراك الشعبي  واستعادة الشارع العربي لنبضه ،الذي اطلقت شرارته ثورة الياسمين في تونس ،وعلى قاعدة جدلية العلاقة بين اهداف النضال السياسي الاجتماعي  والنضال القومي  ومقاومة نهج التطبيع .جاء ذلك في بيان للقيادة القومية في الذكرى العاشرة لانطلاق الحراك الجماهيري ضد استلابها الاجتماعي والذكرى الثلاثين للعدوان على العراق وفي مايلي نص البيان.

قبل عشر سنوات ،كانت الامة العربية على موعدٍ مع حدثٍ جماهيريٍ عظيم ،إنطلقت شرارته من تونس الخضراء ،وامتد لهيبها  لتشعل ميادين القاهرة ودمشق وصنعاء ،في أوسع حراك جماهيري توحد حول شعار “الشعب يريد  إسقاط النظام” ، لغاية إنتاج نظم سياسية تعيد  الاعتبار لدور الجماهير وحقها في العيش الحر الكريم .

 إن هذا الحراك الذي إستطاع  ان يسقط نظماً، كما حصل في تونس ومصر ، تم الانقضاض عليه  في ساحات أخرى، بعدما اُ ستدرجت قواه الشعبية    الى المربع الأمني، الذي تتقن   الأنظمة الاستبدادية إدارته    والتحكم بمساره،وأدى  الأمر  الى حرفه عن أهدافه الوطنية والقومية  وسياقاته السلمية الديمواقراطية كما حصل في سوريا  وليبيا واليمن  والعراق بعد اندحار قوات  الاحتلال الأميركي ،ونزول الجماهير  الى الساحات والميادين مطالبة  بإسقاط العملية السياسية التي أفرزها الاحتلال، وإقامة سلطة وطنية تعيد للعراق امنه واستقراره الداخليين، وتحقق وحدته الوطنية ارضاً وشعباً ومؤسسات، وتسوره بجدار من الأمن الوطني يحول  دون اختراقه من مداخله وتخريبه من داخله.

لقد أسبشرت الامة العربية خيراً ، يوم صدحت أصوات الجماهير في ميادين عواصمها ومدنها وهي تدعو للتغيير  بوسا ئط التعبيرات الديموقراطية ، إيذاناً باستعادة الجماهير لحضورها النضالي ضد إستلابها الاجتماعي والوطني والقومي ،وإستعادةً  لنبض الشارع العربي ،الذي إفتقده  منذ عقود   بسبب القمع السلطوي المفرط من جهة، وإرتفاع  وتيرة العدوان الخارجي على الأمة من جهة أخرى،  وكان أفظعه وأمرّه ماتعرض له العراق   وما يزال ،وهو يطوي هذه الأيام ثلاثة عقود من العدوان الثلاثيني عليه ،بعد حرب ضروس استمرت ثماني سنوات مع ايران،في معركة العز والشرف ،معركة قادسية العرب الثانية.  

إن الجماهير العربية التي انطلقت  بحراكها الشعبي ،قبل عشر سنوات وبكل ماآل اليه  من إنجازات وإخفاقات، لأسباب ذاتية تارة  وموضوعية تارة أخرى  ،اثبتت ان الامة العربية تملك من الحيوية النضالية الكامنه في ذاتها ،مايجعلها قادرة على بعث ذاتها ،وإثبات  وجودها بإطلالات نضالية  جديدة،تحت عناوين الفعل المقاوم للإحتلال ، وتحت عناوين الإنتفاض  ضد الأنظمة التي صادرت إرادة الجماهير وأقفلت أبواب التغيير وتداول السلطة  امامها،  وشرعت لنفسها قوانين التأبيد والتوريث وإقامة علاقات مع  الخارج الدولي والأقليمي معاكسة  الإرادة الشعبية لجماهير الامة ،التي حُرمت  من ممارسة دورها في تحديد الخيارات الوطنية الكبرى ،وفي البناء الاقتصادي الداخلي ،الذي حولته المنظومات السلطوية الحاكمة الى اقتصاد ريعي، استفادت منه منظومات سلطوية مع قلة من الحاشية الملتحقة بها   ،  مارس بعضها  نهباً منظماً للمال العام ، وبعض ثانٍ ، وضع  الاقتصاد الوطني في خدمة تمويل  مشاريع القوى الإقليمية المتغولة في الوطن العربي ،وبعض ثالثٍ ،جعل من الثروة الوطنية ،مادة مقايضةٍ لشراء الامن لنظامه وادامة حكمه . إن  كل ذلك ساهم في إفقار الشعب العربي في مختلف أقطاره  ،وحرمه من حزمة الخدمات الأساسية الضرورية لأمنه الاجتماعي والمعيشي ، وأوجد أرضية لمبررات اللجوء إلى صناديق الاستثمار الدولية لضخ مساعدات أو قروض ، ارتبط  تقديمها بسلة شروط قاسية ، تبدأ بتحريرسعر صرف النقد الوطني  وأسعار السلع والخدمات الأساسية  ، وتنتهي بالشروط السياسية  وأخطرها  التطبيع مع العدو الصهيوني.

إن هذا الواقع  السياسي -الاقتصادي- الاجتماعي  المتدهور،الذي تنوء تحت اعبائه الضاغطة الجماهير العربية  ساهم في إستفحاله التخريب في البنى المجتمعية العربية الذي مارسته  وتمارسه قوى ميليشيوية ذات بنية مذهبية واثنية وجهوية،  محمولة على رافعات قوى العدوان الخارجي ،من التحالف الصهيو -أميركي المتاهي مع تغول النظام  الإيراني والتدخل التركي وما  اسفر عنه  من تهيئة   مناخات شعبية ملائمة لإنطلاقة  إنتفاضات  شعبية في العديد من الأقطار العربية ،كالذي شهده السودان والعراق ولبنان والجزائر،وتلك التي  تعيد إنتاج  نفسها  في تونس اليوم .

لقد إستطاعت  جماهير السودان أن تسقط نظام التمكين والإستبداد والفساد بكل أشكاله ،وتقيم سلطة إنتقالية بهدف التأسيس  لنظام سياسي جديد ،ينهي القتال بين المركز وبعض مكونات شعبه ،ويعيد جمع مكوناته  للتظلل  بخيمة الوطنية السودانية ، ويحقق عدالة  انتقالية واجتماعية وحوكمة سياسية واقتصادية ،ويبني اقتصاداً وطنياً يكون قادراً على تلبية حاجات الشعب ويحد من اعتماده على القروض والمساعدات الخارجية من الدول وصناديق الاستثمار الدولية وهي التي تربط تقديم المساعدات والقروض بشروط سياسية، أخطرها تطبيع  العلاقات مع العدو الصهيوني ،وهو الذي  قاومته وتقاومه  بشدة القوى  السياسية الوطنية والشعبية مع اصرارها على التصدي ومواجهة  أية منظومة سلطوية تعمل  لتمرير التطبيع  وهي التي أسقطت نظام البشير ، نظراً لمخاطره على الأمنيين  الوطني والقومي ،فضلاً عن كونه يشكل إنتهاكاً صارخاً لكل الإرث الوطني  المشبعة بروحيته، جماهير السودان التي لم  ولن تنسى  ان  عاصمتهم استضافت  قمة اللاءات الثلاث.

وفي العراق الذي واجه عبر تاريخه الطويل  أخطر أنواع الاحتلالات ، ويواجه اليوم  الاحتلال الإيراني  الاستيطاني بطبيعته كما الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، فإن جماهيره  أطلقت  انتفاضة شعبية عارمة ضد الإحتلال الأميركي العائد تحت عنوان التصدي لما يسمى القوى الإرهابية، والتي اثبتت سياقات الاحداث انها منتج إيراني أميركي مشترك يتم توظيفه والاستثماربه لضرب وحدة العراق وتفتيت نسيجه الاجتماعي  وتهجير سكانه وإحداث  تغيير في تركيبه الديموغرافي بما يخدم اجندة اهداف نظام الملالي ،الذي يتستحضر  في تعامله مع الوضع العراقي كل حقده الشعوبي الدفين ضد  العروبة وعدم  نسيان سقوط امبراطوريته في القادسية الأولى وهزيمته في القادسية الثانية والدلالات التي انطوت عليه معركة ذي قار التي قال فيهاالرسول العربي النبي محمد ( ص) ،”هذا أول يوم تنتصف فيه العرب من العجم “.

ان ذي قار التي تُمسك  اليوم براية إستمرار الانتفاضة الشعبية التي إنطلقت على نطاقها الواسع في تشرين الأول من العام الماضي ، وجهت رسالة للقاصي والداني ،وخاصة النظام الايرني والقوى العميلة   المرتبطة به   ، بان الإنتفاضة الشعبيةالتي إنطلقت  ضد منظومة الفساد الناهبة لثروة البلد  والمنعدمة الإحساس بأية  مسؤولية وطنية تجاه الشعب ، هي   واينما تمركزت فعالياتها النضالية، فإنها تعبر من خلال مواقفها وشعاراتها عن الكل الوطني   وأهدافه التي تتمحور حول قضاياه السياسية والاجتماعية والخدمية خاصة بعدما أخذت بُعداً وطنياً   تصدرت عنوان حراكه الدعوة   لطرد ايران وانهاء كل اشكال  نفوذها وتأثيراتها  في كل مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

وأن  تستمر جماهير العراق بإنتفاضتها رغم ماتتعرض له من عدوان موصوف من النظام الإيراني والقوى الميليشيوية المرتبط به، وتصفية المناضلين وشباب الحراك  ،فهذا يعني ان العراق الذي يستعيد شخصيته الوطنية عبر إنتفاضة   شعبه ،لم ولن يقبل بأن تفرض عليه وصاية سياسية وأمنية  ،تمارسها سلطة قائمة بالإحتلال بهدف  جعل العراق جرماً يدور في الفلك الإيراني ويشوه هويته الوطنية التي تبلورت شخصيتها منذ   تأسست دولته الحديثة ، وتظللت بالعروبة كهوية قومية لها.

 اما لبنان الذي يرزح تحت عبئين  ثقيلين  ، احدهما امني سياسي من جراء اتخاذ ساحته ،منصة لإدارة  المشروع الإيراني في الإقليم بواسطة احد اذرعه الميليشيوية  الذي يمثله “حزب الله”وما ترتب على  ذلك من نتائج مدمرة على البنية الوطنية اللبنانية ، وثانيهما ،اقتصادي اجتماعي من جراء النهب المنظم لماليته العامة،  وتسلط منظومة فاسدة على إدارة نظامه المحكوم أساساً بالمحاصصة الطائفية، وبما جعله  على حافة الإفلاس المالي ،   لم  تعد معطياته الاقتصادية الداخلية قادرة على تأمين الادامة للانفاق الحكومي على القطاع العام وتوفير الحماية لسلة من الحقوق الاجتماعية والمعيشية الأساسية ،خاصة بعد الكارثة الوطنية التي حلت بالبلد بعد جريمة تفجير مرفا بيروت وما تولد عنها من ارتدادات حادة على الأمن  الحياتي للمواطنين. وهذا ماجعل السلطة ترنو بأنظارها مجدداً، الى الخارج والصناديق المالية الدولية طلباً للمساعدة والتي يشترط  مقدمو خدماتها تحقيق مايسمونه  رزمة إصلاحات تبدأ بتحرير سعر صرف العملة الوطنية ،والتي تحرر سعرها في السوق الموازي وافقدها ستة  اضعاف قوتها الشرائية ،منعكساً تضخماً هائلاً في حجم الكتلة النقدية المتداولة وارتفاعاً جنونياً في الأسعار.

ان لبنان الذي كان  ينظر اليه بأنه  بلد الوساطة المالية  والقطاع الخدماتي ، إنتفضت جماهيره رغم الانشطارات الطائفية العامودية ، ضد منظومة الفساد والمحاصصة والإرتهان ،في واحدة من أهم   الانتفاضات الشعبية العربية  التي جمعت طيفاً سياسيا ً وشعبياً واسعاً عابراً للطوائف والمناطق ،واستطاعت  انتفاضته  أن تسقط حكومتين وتعري السلطة الحاكمة بكل أطرافها وتسقطها اخلاقياً وتضعها في دائرة الإتهام   تمهيداً لمساءلتها ومحاسبتها.

اما تونس  التي انطلقت   منها شرارة الحراك ، فإن جماهيرها عادت الى الساحات والميادين ، لتعيد الى الثورة نقاءها السياسي، بعدما حاولت بعض القوى حرف الانتفاضة عن مسارها  ومضمونها التغييري الوطني  الديموقراطي، وضرب مدنية الدولة، وإلباسها لبوساً دينياً لربطها بعجلة أحلاف  تديرها مراكز تقرير من خارج الوطن العربي تهدد الامة العربية في مغربها بوجودها وهويتها القومية ،إسوةً بالتهديد الذي تتعرض له من  مشرقها ،بحيث بات هذين  التهديدين   المداران  من مداخل الوطن العربي الشرقية  والشمالية  يتكاملان بالنتائج ،لجهة  احداث  تفتيت في بنى  المجتمع العربية وبما يشكل خدمة استراتيجية للمشروع الصهيوني.

اما الجزائر التي نامت طويلا، على وقع التمديد في السلطة ، واستمراء اركانه للفساد المالي والإداري فإن  جماهيرها لم تكن اقل حيوية من ساحات عربية أخرى، استفاقت  على الواقع السياسي الفاسد والاقتصادي والاجتماعي المتدهور  ،ونزلت جماهيرها الى  الميادين مطالبة باسقاط سلطة  الفساد  وتسلط  المنظومة  الأمنية على إدارة شؤون البلاد والعباد ،وقد استطاعت  فتح كوة في جدار الإنسداد امام الإصلاح  السياسي والدخول في عملية إنتاج  سلطة جديدة على قاعدة تداولها وفق الاليات الدستورية وسياقاتهاالديموقراطية ،وهي وإن لم  تصل بعد الى مآلاتها النهائية بسبب تجذر الفساد في بنية  الدولة العميقة  الا انها أرست  ركائز للتغيير السياسي. 

ان القيادة القومية  لحزب البعث العربي الاشتراكي ، اذ تطل على الواقع العربي من خلال معطى بعض ساحاته المنتفضة ،فإنها تؤكد بأن هذه الامة التي تواجه تحديات ومخاطر عديدة ،هي امة تنبض بالحياة ، وهي وان سقطت او أُسقطت  بعض أنظمتها ،إلا أنها لن تسقط لأن الأمم الحية لاتسقط بسقوط السلطات والأنظمة الحاكمة فيها ،فكيف اذا كانت امة تحمل في  طياتها ارثاً تاريخياً عظيماً  كالامة العربية ؟  وتختزن في ذاتها كل عوامل الانبعاث المتجدد وهي التي  حملت رسالة حضارية للإنسانية ، ومهيأة لحملها في اللحظة الزمانية الذي تنضج فيها الظروف الموضوعية والذاتية ،وما مشهديات الانتفاضات الشعبية التي غطت كل ساحات الوطن العربي الا الاثبات على ذلك.

ان القيادة القومية للحزب ، اذ تطل  على معطى الانتفاضات الحالية برؤية التفاؤل بالمستقبل

 ، فلأنها ترى فيها استمراراً  لتلك  التي شهدتها ساحات عربية سابقا وحاكت  ثورة الياسمين في تونس وقبلها إنتفاضات  جماهير فلسطين المحتلة المتواصلة  والتي تعود بجذرها التاريخي الى يوم الأرض في ٣٠اذار ١٩٧٦ .

ان هذه الانتفاضات الجماهيرية وان لم تستطع تحقيق كامل أهدافها  في التغيير السياسي  واستعادة القرار الوطني المستلب، الاانها اكدت جملة حقائق:

الحقيقة الأولى ، أنها  أثبتت أن  الجماهير العربية التي شطرها النظام الرسمي العربي الى كيانات أضفى  عليها تسمية الدولة  الوطنية ،ونسبّها الى جنسيات بعدد الدول ، إنما تقف على أرضية  موقف واحد تجاه قضاياها  السياسية والاجتماعية كما أرضية  الموقف من قضاياها القومية وبالأخص قضية فلسطين. وعندما  تنادي الجماهير من مشرق  الوطن الى مغربه بالتغييرالسياسي  وتداول السلطة وإنهاء كل اشكال التوريث والتأبيد في السلطة ،وإقامة دولة الرعاية الاجتماعية بديلاً للدولة الأمنية التي لاتتقن سوى سياسة القمع ومصادرة الحريات وكم الافواه ،فهي إنما  تؤكد بأن همومها  وأهدافها واحدة ، وهي ترنو لإيجاد واقع سياسي تحكمه قواعد التعددية السياسية ،وإنتظام   الحياة العامة على قاعدة المساواة في حقوق المواطنة وحرية المعتقد والرأي والتعبير .وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن  الامة العربية المقسمة الى كيانات هي موحدة بمطالب  واهداف جماهيرها ، وانها  بانتفاضاتها التي كانت تتفاعل معها الامة بكل جوارحها تجاوزت كل خطوط التقسيم المفروضة ، وان  واقع حراكها في مختلف ساحاته تحكمه قاعدة الاوعية  المستطرقة بحيث اذا إرتفع منسوبه في أنبوب إنعكس إرتفاعاً  في  الأخرى ،وهذا واقع عملى يؤسس  عليه في عملية الإستنهاض  الشامل للامة.

الحقيقة الثانية،إن  الانتفاضات الشعبية التي إستطاعت إحداث تغيير   في بعض ساحاتها وإن لم يكن كاملاً  ،لايعني انها أصبحت في امان ،لانها  عرضة دائماً للانقضاض عليها  من الخلايا النائمة  في الداخل والمعششة  في بنية الدولة العميقة  ، والعدوان من  الخارج ، ولذلك يجب على قواها ان تبقى في أعلى درجات اليقظة والحذر وأن تعمل على هيكلة مجتمعاتها لتحقيق  امتلائها بالبرامج السياسية التي تحاكي مصالح  الجماهير وحقوقها التي حرمت منها وكانت عنواناً لاستلابها الاجتماعي، ولذلك فإن على قوى الانتفاضة  وفي اية  ساحة كانت ان تدرك ان المنظومات السلطوية التي اسقطها حراك الجماهير لن توفر وسيلة لاجل إعادة انتاج نفسها وإعادة الأوضاع الى سابق عهدها بالإستناد  الى افرازات الدولة العميقة وقواها المغروسةفي المفاصل الإدارية والأمنية والاقتصادية، وهي التي تتماهى مع قوى الخارج التي تستغل الظروف الاقتصادية الصعبة لانتزاع مواقف سياسية قاتلة خاصة تلك المتعلقة بالخيارات الوطنية. وبالتالي فإن على  القوى الثورية أن تبقى في حالة جهوزية دائمة للدفاع عن إنجازاتها ،وتجديد  نفسها بالعمل النضالي لمواجهة قوى ردة الداخل وتآمر وعدوان الخارج.

الحقيقة الثالثة، ان الانظمة العربية الرسمية التي تتغذى في وجودها السلطوي من واقع التجزئة  ومن الارتهان للخارج الإقليمي والدولي والاستقواء به  لقمع الحراك ومثاله الصارخ تعامل النظام السوري الوحشي  مع الانتفاضة الشعبية عند انطلاقتها  ولاقته   قوى التخريب والتكفير التي اخترقت الحراك الشعبي لحرف عن مساره  الديموقراطي.

إن  هذه الأنظمة وان بدت في بعض الأحيان متعارضة في ادارتها لسياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية والإقليمية  ،إلا  أنها  تبقى متوافقة على إبقاء الواقع التقسيمي للدول التي تمسك بسلطاتها ، لأنها لاتجد نفسها ألا ضمن معطياته. وعليه فإن على الجماهير العربية أن  تسقط من حساباتها أي رهانٍ ، على تغييرٍ في معادلات الصراع الذي تخوضه الامة العربية ضد اعدائها الظاهرين والمموهين، بالاعتماد على هكذا أنظمة ،وتجربة العدوان على العراق وتضييق الخناق على الثورة الفلسطينية والتآمر على الحراك الشعبي خير مثال على ذلك.

 الحقيقة الرابعة ، ان النضال الجماهيري لأجل التغيير السياسي الوطني بإتجاهاته التقدمية،لايستقيم إلا اذا اقترن بالنضال  ضد الأعداء القوميين للامة العر بية .فاعداء الامة من الخارج وخاصة الذين يحملون مشاريع تدميرية للبنية القومية العربية، كالمشروعين الصهيوني والفارسي الشعوبي،يجمعهم حلف غير مقدس مع قوى الرجعية والتجزئة الكيانية والتخريب المجتمعي والتكفيرالديني ،وهذا مابدا واضحا من التهافت نحو التطبيع مع العدو الصهيوني وارسال الإشارات بإستعداد من يدعي المقاومة والممانعة بفتح قنوات إتصال معه للحفاظ على  مواقعه في السلطة. ولهذا فإن  على قوى  الانتفاضة أن ترفع شعار مقاومة التطبيع بجانب  شعارات التغيير السياسي الوطني إنطلاقاً  من ثابتة وواقع ان العدو  واحد وان تعددت اطرافه ،  والأمة العربية  المستهدفة ،واحدة   وان تعددت ساحاتها.

الحقيقة الخامسة ، إن الانتفاضات الشعبية التي تختلج بها بعض الساحات العربية اليوم ، هي إنتفاضات  ليست منفصلة عن سياقات الحراك الجماهيري العربي الذي سبق  وإن تباعدت فواصله الزمنية ، فإن ماتشهده  الساحات العربية الان  هو إمتداد لتلك الانتفاضات ، وهي ستؤسس لواقع مستقبلي تكون  فيه حركة الجماهير أكثر زخماً وأكثر فاعلية ،وقد استفادت من تجاربها وخبراتها الميدانية وتراكم المعطى النضالي الذي دُفع  ثمنه جهداً وعرقا ودماً سال في الساحات والميادين وخاصة في  ساحات العراق وفلسطين والسودان وتونس.

ان القيادة القومية  ومن خلال تقييمها لمعطى الحراك الشعبي العربي ،إنما    ترى فيه مؤشراً بالغ الأهمية لجهة الدور المعول على  الجماهير في إحداث  التغيير وإنجاز التحرير. واذا كان الحزب قد أستشرف ومنذ تأسيسه  دور الجماهير في إنتزاع الحقوق السياسية والاجتماعية المستلبة وإسترداد الحقوق الوطنية والقومية المغتصبة، فلإدراكه بأن  الصراع الذي تخوضه الامة ضد اعدائها ومعيقي تقدمها وتوحدها وديموقراطية الحياة السياسية فيها ،لايستقيم   نصابه الطبيعي إلا  اذا كان دور الجماهير فيه  هو  الحاسم في ادارته . وهكذا ما أكد عليه القائد المؤسس وكل ادبيات الحزب وأبرزها مقولة “ان فلسطين لاتحررها الحكومات وإنما  الكفاح الشعبي المسلح”. واذاكان من أهمية يعول عليها  لجهة الأبعاد التي تنطوي عليها الدلالات النضالية للانتفاضة الشعبية ،فهي دلالة البعد الشمولي  الذي اتخذته وانشدادها الى مركزية أهدافها الوطنية وإسقاطها   كل الترهات التي تروجها السلطات الحاكمة التي تعتبر الانتفاضة هي نتاج ايحاءات خارجية من اجل  اضعاف ثقة الامة بذاتها وتصويرها بأنها امة متلقية  دائماً .

ان القيادة القومية للحزب وفي الذكرى العاشرة على انطلاق باكورة الحراك  من تونس والتي تعيد اليوم إنتاج  نفسها لتقويم مسارها ،والى مصر التي لم تحقق  جماهيرها مارمت اليه   بعدما تم الالتفاف على شعاراتها  من حركة الاخوان المسلمين التي رمت “اخونة” الدولة والمجتمع ،ومن بعدها  إمساك مؤسسة الجيش بمفاصل السلطة ،التي لم ترتق بادائها الى مستوى ماعلقت عليها  الجماهير من امآل  بعد نزولها    الى الشارع في ٣٠حزيران ٢٠١٣، ،الى سوريا التي قمع حراكها واخترق من قوى لاقت  سلوك النظام بنهجه التدميري    ،واليمن التي تم الانقضاض الحوثي المدعوم ايرانياً   على مخرجات الحل الانتقالي فيه    ، تبرز الانتفاضات الجديدة لتخوض صراعاً ضد أعداء خارجيين  وداخليين مكشوفين  ومموهين يمثلون  الدولة العميقة  لقطع حبل التواصل مع ماسبق من انتفاضات شعبية ،ودفع الواقع العربي الى مزيد من الانقسام والتشظي لإعادة  رسم الخرائط السياسية بحدود تشكل الهويات الطائفية والإثنية    والجهوية ،وهي التي تستبطن في ذاتها بذورالتنافر والاقتتال  بما يجعل  الامة العربية تواجه تحدياً جديداً  ،هو تحد تشكل   الهويات الطائفية القاتلة.

ان القيادة القومية وفي ظل الواقع العربي السائد ،ترى ان مايعبر عن حقيقة الامة ليس نظامها الرسمي واياً كانت شخوصه  ، وإنما  جماهيرها التي ترتفع فوق واقع التقسيم ،وهي  التي تقدم  نفسها على أرضية موقف واحد صدحت به الجماهير من تخوم المحيط الأطلسي الى شواطئ الخليج العربي مستعيدة نشيد “بلاد العرب اوطاني “، الذي كان النشيد القومي الذي انشدته  جماهير المغرب والمشرق ،كما ترفع اليوم  ذات الشعارات السياسية التي يلخصها شعار  “الشعب يريد اسقاط النظام.”

في الذكرى العاشرة لانطلاقة الحراك الشعبي العربي والعدوان الثلاثيني على العراق ، فإن الامل معقود على الشارع  العربي عبر استعادة  نبضه ،وامساك   الجماهير زمام المبادرة وبناصية قرارها في صراعها مع اعدائها، إن بالمقاومة الشعبية ضد الاحتلال سواء صهيونياً كان  او فارسياً او تركياً اواية دولة إقليمية أخرى او دولية   ،وإن بالعودة  للشارع ضد  نظم الرجعية والفساد في حراك يجب  أن  يبقى محكوماً   دائماً بتعبيراته الديموقراطية التي غيبت عن مسرح الحياة السياسية العربية ،وبهذا الحراك الشعبي وبه فقط ترسم  ملامح المستقبل العربي المفتوح على افآق التغيير رغم مظاهر العتمة والظلام التي  تلف بعض جوانب  الواقع العربي حالياً .

على هذا الأساس ،فإن القيادة القومية للحزب ،وهي تشدد  على أهمية  تفعيل الحراك الشعبي وديموته للوصول الى مآلاته في التغيير والتصدي لمشاريع العدوان ،ترى أن إلارتقاء بالنضال الجماهيري الى مستوح الطموح القومي ،إنما يضع  القوى الحية في الامة العربية  امام مسؤولياتها التاريخية ،وهو ان تكون  في حالة  جهوزية دائمة،  لممارسة  دورها الطليعي في قيادة الجماهير وتأطيرها  وتنظيم صفوفها  وتشكيل مرجعية لها   بقيام جبهة قومية شعبية تنضوي  في اطارها القوى الوطنية والتقدمية  والديموقراطية،  وبما يجعلها    قادرة على قيادة  النضال الشعبي العربي في الشارع وعبر  الصيغ المؤتمرية بحسب ظروف الساحات ،لاجل  ديمومة الحراك وتحويل معطيات  كل انتفاضة شعبية  في ساحتها ،الى رصيد مضاف الى معطى  المشروع العربي الاستراتيجي  المحمول على رافعاته الشعبية  لجعل موازين االقوى تميل  لمصلحة الامة وقواها التحررية وأهدافها في التحرر والتقدم والوحدة.

 فليكن  الرفاق في اية ساحة تواجدوا  وكما عهدهم حزبهم طليعيين في قيادة الحراك بالانخراط الميداني  بكل فعالياته وبالانفتاح على أوسع مروحة من القوى السياسية والحراكية التي تتماهى مع رؤية الحزب في تقييمه للمرحلة التي تمر بها الامة العربية وتلتقي معه  على تحديد وفرز أعداء الامة من اصدقائها بعيداً عن أساليب التورية والتقية  .

ان الحزب  هو حزب الامة ،وهو حامل رسالتها  ويقف حيث تقف الجماهير.ولنبق ننظر الى المستقبل بالروح التفا ؤلية التي كانت وستبقى من سمات الحزب الأساسية. ولتبق شعارات الحراك الشعبي على توهجها ، وليعَدْ للخطاب القومي اعتباره في تعبئة الجماهير العربية ضد الاحتلال والاستبداد والرجعية والتجزئة  والتخلف ،ولتطلق( لا )قوية ضد التطبيع  وضد مقايضته بالرغيف عملاً بالمبدأ الأخلاقي  ”  تجوع الحرة  ولا تأكل بثدييها” .     

  تحية لروح الرفيق القائد المؤسس الأستاذ احمد ميشيل عفلق

تحية لروح شهيد الحج الأكبر الرفيق القائد صدام حسين

تحية لروح الرفيق القائد الأمين العام للحزب عزة إبراهيم  

  تحية للامة  العربية  والمجد والخلود لشهدائها   والحرية لمعتقليها

  والخزي والعار للعملاء والخونة  والمتخاذلين .

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

 في ٢٧/١/٢٠٢١

بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التضامني مع الشعب اللبناني.

بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التضامني مع الشعب اللبناني.

أعلنت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي عن التضامن السياسي والإنساني مع شعب لبنان، وتمنت الرحمة للضحايا والشفاء للجرحى من جراء الانفجار الذي ضرب بيروت، وخلصت إلى اعتبار خلاص لبنان يكمن في تحرره من الفساد ومن التثقيل السياسي والأمني الإقليمي الذي استباح واقعه وصادر حرياته وأضعف دولته.

جاء ذلك في بيان للقيادة القومية فيما يلي نصه:

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تكن كل الاحترام والتقدير لشعب لبنان الذي ما بخل يوماً بتقديم التضحيات خدمة لقضايا النضال الوطني والقومي، أصيب أمس بنكبة جديدة من جراء الانفجار المريع الذي حصد عشرات الضحايا وآلاف الجرحى ودمر المرافق العامة وأحياء بكاملها، وهو إذ يستحق كل التضامن معه في هذا المصاب الأليم مع طلب الرحمة للضحايا الذين تناثرت أجسادهم أشلاء وبعضهم ما يزال تحت الأنقاض والتمني الشفاء العاجل للجرحى، تدعو إلى وقفة قومية تضامنية على المستويين الشعبي والرسمي وتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة، لتمكينه من احتواء النتائج الكارثية على الصعد الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.

إن القيادة القومية للحزب وهي تقدر حجم المعاناة التي يرزح تحت أعبائها شعب لبنان الصامد والصابر على أزماته المتراكمة، والمنتفض على منظومة الفساد السياسي والإداري والمالي والذي يناضل لتحرير وطنه من الهيمنة الاجنبية وسلطة المليشيات والسلاح الخارج عن منظومة الدولة و لإقامة نظام وطني ديموقراطي خالٍ من الفساد والمحاصصة السياسية والطائفية ، ترى أن معاناته هي جزء من المعاناة القومية التي تعاني منها جماهير الأمة العربية على مساحة الوطن العربي الكبير، وأن خلاصه مما يعاني منه لا يقتصر على تحرره من نظام المحاصصة الذي أغرق البلاد في دوامة فساد قاتل وحسب، بل يتطلب تحرره من كل أشكال التثقيل السياسي والأمني والاقتصادي التي تضغط على مناحي الحياة فيه، والتي جعلت من لبنان ساحة ومنصة لإدارة مشاريع العدوان والتخريب والتغول في الواقع العربي وخاصة المشروع الإيراني الذي بات يكمل بالنتائج المشروع الصهيوني المحمول على رافعة الدعم الأميركي.

من هنا، فإنه في الوقت الذي يتطلب فيه الواجب القومي إسناد شعب لبنان في محنته التي تولدت عن الانفجار – الزلزال، مطلوب وبنفس المستوى مساعدته للتحرر من الضغوطات الاقتصادية التي يتعرض لها للحد من انعكاساتها على الواقع المعيشي والحياتي، كما تحرره من عبء مشاريع قوى دولية ودول الإقليم التي كما دمرت وفجرت بنى مكونات وطنية عربية، تمعن في استمرارها القبض على ساحة لبنان لتطويعها خدمة لأجندة أهداف خاصة باتت مكشوفة وإلا فإنها تقدم على تدميرها.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وقد هالها الانفجار المريع الذي ضرب عروسة العواصم العربية توجه التحية لجماهير لبنان، وهي لعلى ثقة بأن هذا الشعب الذي أطلق مقاومة مبكرة ضد العدو الصهيوني وحرر أرضه المحتلة وشكل لفترة حاضنة للثورة الفلسطينية، وموئلاً للمناضلين العرب، وصوتاً مدوياً ضد الفساد وحماية للحريات العامة، سيتجاوز هذه الأزمة – المحنة، وهو لن يجد نفسه إلا في ظل نظام وطني ديمقراطي تحكمه قواعد المواطنة، وفي ظل رحاب العروبة التي كانت وستبقى الثابت التاريخي في تحديد الهوية القومية.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في٢٠٢٠/٨/٥

بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي  في الذكرى ٥٢ لثورة 17-30 تموز وحول الوضع العربي الراهن

بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

 في الذكرى ٥٢ لثورة 17-30 تموز

وحول الوضع العربي الراهن

تحل الذكرى الثانية والخمسون لثورة ١٧ – 30 تموز المجيدة، والأمة العربية تتعرض لهجوم شامل متعدد الأطراف يهدف إلى سلب إرادتها، وتكريس احتلال أرضها، وتشظية بناها المجتمعية، عبر إضعاف وحدة مكوناتها الوطنية، وإحداث تغيير في الديموغرافيا الشعبية، وهدم بناها التحتية ورعاية قوى الطائفية والتكفير الديني والترهيب المجتمعي التي يتم الاستثمار فيها من قبل القوى التي تناصب الأمة العداء والمؤتلفة موضوعياً على قاعدة العداء للعروبة.

وثورة 17 تموز المجيدة إذ وضُعت منذ انطلاقتها ضمن دائرة الاستهداف المركزي للقوى المعادية، فلأنها جسدت من خلال أهدافها، ما تتوق له الأمة من تحرر وتقدم ووحدة وهي التي ترجمتهم في صيغ عملية برزت نتائجها في وقت قياسي على مستوى التحولات الداخلية التي وضعت العراق على طريق التقدم في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث امتدت تلك التحولات لتأخذ بعداً قومياً تحررياً.

إن الثورة التي أقامت صرحاً وطنياً، حققت في سنواتها الأولى إنجازات عظيمة، من إقرار قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان في شمال العراق، إلى تأميم النفط وإقامة شبكة من البنى التحية لضرورات الثورة الزراعية والصناعية وإصدار قانون استيعاب الكفاءات العربية ومحو الأمية، والنهوض بالقطاع التعليمي والصحي والخدمي الى مستويات عالمية متطورة. مما جعل منها قاعدة صلبة محصنة من كل أشكال التخريب الداخلي والعدوان الخارجي.

هذه الثورة التي أفصحت عن نفسها من خلال إنجازاتها في الداخل، استطاعت ان تتصدى للموجات العدوانية التي تعرض لها العراق ابتداء من العدوان الفارسي الشعوبي الذي أشعل حرباً استمرت ثماني سنوات، وخرج منها مهزوماً متجرعاً كأس السم، إلى العدوان الثلاثيني وانتهاء بالغزو والاحتلال الأميركيين والتغول الإيراني.

إن كل هذا، جعل الاستفراس المعادي يشتد عليها، بغية خلق وقائع تحول دون استعادة العراق لشخصيته الوطنية بعد أن مورست عليه كل أشكال الاستلاب، وهو الذي قاوم على مدى خمسة وثلاثين عاماً كل أشكال العدوان والتخريب، وتمكن في  وقت قياسي  أن يؤكد  حضوره في  المواجهة مع المحتل الأميركي وحلفائه المكشوفين والمستورين، وصولاً إلى طرده، وإطلاق المرحلة الثانية من المقاومة ضد الاحتلال الإيراني، التي  تتوالى صولاتها وفعالياتها الشعبية عبر الانتفاضة التي استحضرت في برنامجها  السياسي عناوين القضية الوطنية، بماهي قضية تحرير وتوحيد ومواجهة منظومة الفساد التي أفرزها الاحتلال الأميركي واحتواها  النظام الإيراني فعبث بثروة العراق وحوله  إلى دولة فاشلة.

إن القيادة القومية لحزب البعث  العربي الاشتراكي  إذ  توجه التحية لثورة 17-30 تموز القومية الأبعاد، التقدمية المضمون، وتكبر دور القيادة  الثورية التي  فجرتها  ونقلت  العراق  من موقع المتلقي إلى موقع الفعل الهادف، ترى أن الأهمية التي انطوت عليها هذه  الثورة، لا تكمن في إنجازاتها المادية وحسب، بل ، وبدرجة أهم، في تجذير الانتماء الوطني وفي تحقيق الفعل السياسي والفكري المتميز المشبع بالروح القومية، والذي تجلى  بالمشهديات  النضالية  المعبر عنها  بالفعل المقاوم للاحتلال، والذي  لم تستطع   القوى المعادية والقوى الميليشياوية الظلامية المرتبطة بمراكز التحكم والتوجيه الإيرانية، ان تشوه صورته الوطنية المشرقة التي أبرزتها الانتفاضة الشعبية والتي شكلت بأهدافها وشعاراتها، إعادة إنتاج الثورة لنفسها بكل  ما انطوت عليه من أبعاد تحررية في البعدين الوطني والاجتماعي.

إن القيادة القومية للحزب، إذ تتوقف عند هذه المناسبة المشرقة بكل دلالاتها النضالية، فلأنها شكلت محطة هامة في مسار نهضة الامة المعاصرة والنضال العربي، واستطاعت بالاستناد إلى معطياتها، ان تحوّل العراق في وقت قياسي إلى قلعة وطنية تكسرت على جدرانها موجات العدوان والغزو، وشكلت حضناً دافئاً وسنداً راسخاً للقضايا القومية وفي طليعتها القضية الفلسطينية.  وإذا كانت الأمة تعيش اليوم تحت وطأة عدوان متعدد الأطراف، فلأن الأمة العربية انكشفت ساحتها بعدما احتُل العراق واُسقِط نظامه الوطني حتى أصبحت البلدان العربية رهينة لتمزق عميق داخلي وتدخل عسكري إقليمي ودولي وتوسع ظاهرة الإرهاب والحروب التي تجتاح الاقطار العربية والدمار الذي يطال الاقتصاد والمجتمع في كل جوانبه.

إن الوضع العربي ما كان ليصل إلى هذا المستوى من التشظي، لو لم يغيب دور الجماهير عن الفعل النضالي ولو لم تُضرَب مراكز القوة فيه، وأبرزها العراق الذي دُمِرَت بنيته الوطنية، وعبثت قوى الاحتلال الأميركي والإيراني وقوى التكفير الديني والتشكيلات الميليشياوية الطائفية والمذهبية بأمنه الوطني والمجتمعي.

وها هي سوريا ولبنان والعراق واليمن تعاني من مختلف اشكال التهديدات والاستباحة والحروب والتدخل الاجنبي السافر نتيجة لذلك وبفعل نظام ولاية الفقيه. ومن جهة اخرى فانه لا يمكن للشعب الفلسطيني ان يستعيد ثورته في ظل المافيات المرتبطة بإيران.  ولا يمكن لمصر ان تعود لدورها العربي وهي مكبلة بتهديدات الارهاب في سيناء والاطماع التركية والتهديدات المائية والاتفاقيات الإقليمية والدولية. وها هي ليبيا التي تستبيحها هي الاخرى الحروب والتدخلات الاجنبية واستباحة المرتزقة لها، وحرب اليمن التي تهدد وتستنزف الثروات والموارد العربية التي دمرت كل شيء.

إنه في  ضوء ما تتعرض له الأمة العربية من عدوان متسم بالشمولية، حيث كانت أميركا وما زالت تشكل قيادة استراتيجية  لمشروع السيطرة والهيمنة على الوطن العربي، وبالاتكاء على مرتكزات في الإقليم، من الكيان الصهيوني، إلى إيران في ظل حكم الملالي، ومن تركيا الباحثة عن دور لها  في المدى الجغرافي العربي إلى إثيوبيا لفرضها كبوابة تتحكم بالأمن المائي العربي ، فإن الرد على هذا المشروع الذي يستهدف الأمة العربية بحاضرها ومستقبلها ويتطاول على تاريخها وخاصة المحطات المضيئة فيه، لا ينتج آثاراً إيجابياً، ان لم يتسم بالشمولية  ببعديها الوحدوي والجماهيري، وعليه فإن القيادة القومية للحزب ، تؤكد  على ما يلي:

أولاً: إن الرد على حالة فراغ القوة القومي التي نشأت بعد احتواء مصر واحتلال العراق وضرب الثورة الفلسطينية وتدمير مكونات وطنية عربية اخرى، لا يكون إلا بإعادة الاعتبار للمركز القومي الجاذب وإعادة بناء الهرم العربي على قاعدة أضلعه الأساسية التي تمثلها مصر والعراق وسوريا وبدعم وتكامل فاعل من قبل اقطار عربية اخرى مشهود لها بثقلها العربي والدولي. وهذا يتطلب خروج مصر من انكفائيتها ومساعدتها على مواجهة كل ما تتعرض له من تحديات والانتصار عليها، والعودة للعب دورها كعامل محوري في أمتها العربية وتوظيف ثقلها في التصدي للمؤامرات التي تستهدف الأمن القومي العربي وانطلاقاً من أن أي تهديد للأمن الوطني لأي من الأقطار العربية هو تهديد للأمن القومي برمته.

ثانياً: إنه بالقدر الذي تكتسب فيه مسألة استعادة مصر لدورها أهمية في إعادة القوة إلى الوضع العربي، فإن تحقيق الأمر لا يستقيم بدون عودة العراق الى سابق عهده السياسي والجماهيري والرسمي والغاء الاجتثاث والحضر على البعث لكي يساهم بفعالية عالية في تحرير العراق وعودته الى حضن امته العربية ليعاود مسيرته الوطنية قبل احتلاله عام 2003 كقطر عربي محوري حر مستقل. وهذا يتطلب تحريره من الاحتلال الإيراني وبقايا الاحتلال الأميركي وإسقاط إفرازات الاحتلال التي تجسدها منظومة الفساد التي تتولى إدارة السلطة الداخلية تحت سقف التفاهم الأميركي الإيراني على تقاسم المصالح على حساب الخيارات الوطنية، وأن للعراق حق على امته بأن تنتصر لقضيته الوطنية وان يكون الانفتاح العربي على القوى التي تحمل مشروعا للاستقلال الوطني لا على قوى الطائفية والمذهبية والعمالة للأجنبي.

ثالثاً: إن القيادة القومية للحزب، التي تعول على استعادة مصر والعراق لدورهما لأجل الاستنهاض القومي، ترى ان وضع حدٍ للصراع في سوريا وعليها، لا يكون إلا عبر إنتاج نظام سياسي جديد ينهي تسلط المنظومة الأمنية التي تحكمت برقاب العباد والبلاد وارتهنت بقرارها لروسيا ونظام الملالي الذي استقدم أذرعه الأمنية لحماية النظام من السقوط ومتسبباً بأوسع عمليات ابادة وخرق لحقوق الانسان وتهجير وتغيير ديموغرافي، مما أفقد سوريا مناعتها الوطنية والقومية، وكشفها أمام كل أشكال التدخل الخارجي. إن النظام الذي رفض الاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة واستدرج الحراك الشعبي إلى العسكرة التي يتقن لعبتها، جعل الشعب في سوريا محاصراً من الداخل بآلة الحرب والتدمير والتهجير، ومحاصراً من الخارج بتحويل جغرافيتها إلى محميات أمنية وقواعد عسكرية أجنبية، وإجراءات حصار اقتصادي كان آخرها ما يعرف بقانون “قيصر”، الذي فرضته أميركا لمحاصرة النظام، فإذ بتداعياته وتأثيراته تطال الشرائح الأوسع من الشعب، فيما النظام وزبانيته يوظفون أعمال التهريب لتخفيف الاختناقات الاقتصادية عن المنظومة الحاكمة. 

ولذلك فإن إنقاذ سوريا هو بالحل السياسي الذي ينهي كل أشكال الاحتلال والتواجد العسكري على أرض سوريا رسمياً كان أم ميليشياويا، وينهي دور الدولة الأمنية، ويفسح المجال أمام عودة آمنة للذين هجروا من أراضيهم، ويطلق عملية سياسية تؤسس لنظام جديد يقوم على أساس الفصل بين السلطات واحترام الحريات العامة والتأكيد على تداول السلطة والديموقراطية كناظم للحياة السياسية.

رابعاً: إن إعادة تكوين المركز القومي القوي الجاذب بقدر ما يشكل رداً على محاولات تشكيل نظام اقليمي تكون “إسرائيل” وإيران وتركيا من ركائزه وعلى حساب المكون القومي، فإن أهمية إعادة تشكيله تنطوي على تأسيس قاعدة ارتكاز للمظلة القومية التي باتت مطلوبة أكثر من أي وقت مضى في ظل تسارع الخطى الاستعمارية للنزول بالواقع العربي تقسيماً وتفتيتاً دون ما هو قائم حالياً. حيث أن فلسطين تتعرض أرضها اليوم لمزيد من القضم الصهيوني في الاغوار والضفة الغربية في إطار التنفيذ العملي لصفقة القرن، والرد على استمرار الاحتلال وتوسعه، يتطلب عملاً قومياً يكون بحجم التحدي الذي تواجهه القضية الفلسطينية. وإذا كان توحيد الموقف الوطني الفلسطيني على قاعدة البرنامج المقاوم هو على قدر كبير من الأهمية والقيادة القومية للحزب تبارك وترحب بالاتفاق بين حركتي فتح وحماس بما لذلك من انعكاسات إيجابية على الواقع الفلسطيني في داخل فلسطين المحتلة وخارجها، إلا أن نتائجه تبقى محدودة التأثير والفعالية، إن لم تؤد هذه الخطوة  إلى تموضع كافة الفصائل  في إطار تمثيلي واحد تحكمه الرؤية الموحدة في إدارة  الصراع مع العدو الصهيوني بكل شبكة تحالفاته الدولية والإقليمية، وتوسيع دائرة الانفتاح على الداخل الفلسطيني لإعطاء النضال الوطني  بعداً  جديداً ضد  دولة  العدو  ليس باعتبارها سلطة قائمة بالاحتلال وحسب، بل لكونها دولة أبارتهايد تحكمها قواعد نظام الفصل العنصري.

خامساً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي تؤكد على أهمية إعادة الاعتبار للعمل العربي الوحدوي على مستوى البنى التحتية والموقف والآليات، تؤكد على أهمية تفعيل دور الجماهير وتصعيد حضورها في الفعاليات النضالية لمواجهة نظم القمع والاستبداد ومنظومات الفساد، كما في مواجهة التحديات التي تواجهها الأمة ضد أعداء الخارج. ولعل في الحراك الشعبي العربي الذي انطلق تحث شعار الشعب يريد إسقاط النظام ما يجيب على تساؤل: أين دور الجماهير في مسيرة التغيير والتحرير؟

وإذا كانت انتفاضة جماهير فلسطين أطلقت مرحلة التجديد النضالي لثورة فلسطين، فإن الانتفاضات الشعبية التي انطلقت شرارتها الأولى من تونس، وأحدثت تحولاً ديموقراطياً في الحياة السياسية، تتوالى مشهدياتها في أكثر من ساحة عربية هي الجواب على التساؤل عن دور الجماهير.

لقد أعادت الانتفاضات الشعبية العربية الاعتبار لحركة الجماهير العربية، وهي وإن تعرضت للاحتواء والاختراق في بعض الساحات وفرضت العسكرة عليها في ساحات أخرى، إلا أنها استطاعت أن تحقق إنجازات هامة في ساحات عديدة. ففي فلسطين تتواصل انتفاضتها، وثورة السودان استطاعت أن تسقط نظام التمكين والديكتاتورية، وتدخل البلاد رحاب المرحلة الانتقالية لإنتاج نظام جديد يحاكي مصالح الشعب ويلبي حاجاته الأساسية، من ديمقراطية الحياة السياسية القائمة على التعددية وتداول السلطة، إلى تعزيز عرى الوحدة الوطنية ووضع حدٍ للنزاع المسلح الذي أرهق الشعب واستنزف ثرواته وافسح المجال لكل أشكال التدخل في الشؤون الداخلية.

وفي لبنان تستمر انتفاضته منذ تسعة أشهر ضد منظومة الفساد والارتهان السياسي للخارج الدولي والإقليمي، ورغم ما تتعرض له من قمع واستعمال مفرط للقوة، إلا أنها حافظت على سلميتها وعلى ديموقراطية شعاراتها ومطالبها وهي وإن لم تصل إلى مآلاتها في تحقيق الإسقاط السياسي الناجز للسلطة، فقد استطاعت إسقاطها أخلاقياً بتحويل قضية الفساد إلى قضية رأي عام.

ومن الجزائر التي استطاع حراك جماهيرها أن يسقط منظومة الفساد ويحاصر دعاة الفرنسة في الإدارة، فإن انتفاضة العراق شكلت مفاجئة الشعب العراقي لأمته. وان انتفاضته التي أخذت بعداً وطنياً شاملاً لم تقع في فخ المفاضلة بين محتل أميركي وآخر إيراني، ولا وقعت في فخ الالتفاف عليها من خلال الادعاء بتبني شعاراتها، بل بقيت محافظة على مناعتها وتماسك خطابها السياسي وديمومة زخمها رغم كل اشكال القمع والترهيب الاجرامي، وهذا ما جعل كل الذين تناوبوا على تدمير العراق ونهبه يواجهون مأزقاً لن يخرجوا منه إلا بإسقاطهم وإخراجهم من الحياة السياسية.

إن القيادة القومية للحزب وهي توجه التحية لانتفاضة الجماهير العربية التي شكلت بشموليتها رداً شعبياً قومياً على أعداء الأمة الساعين الى اعاقة تقدمها وتحررها ووحدتها، ترى في استعادة نبض الشارع العربي لحيويته النضالية، بداية تأسيس لوضع عربي جديد، تواجه من خلاله كل مخططات العدوان الخارجي والتخريب الداخلي، كما تحاصر القوى السياسية من كان منها في مواقعها في السلطة أو خارجها، تلك القوى التي تزين للعدوان وتروج للتطبيع مع العدو الصهيوني  وتقايض توفير حماية لأمنها الذاتي برهن الثروات العربية و الخيارات السياسية لأقطارها.

سادساً: ترى القيادة القومية ان تأسيس هذا الوضع العربي لا يتم من دون قيام القوى التحررية الفاعلة في الامة بالعمل الموحد لبناء الاطر والبنى التحتية ووضع الآليات اللازمة للتنسيق فيما بينها لتحويل مخرجات هذه الثورات الشبابية والانتفاضات الجماهيرية الى واقع حي ووصلها الى نتائجها المأمولة وضمان عدم هدر كل التضحيات التي تبذل فيها من دون الوصول الى الاهداف التي ثارت الجماهير من اجلها. وهذا يتطلب وضع الاستراتيجيات اللازمة لتكثيف عمل تلك القوى الوطنية والقومية فيما بين بعضها البعض من جهة، وبينها وبين المنظمات الجماهيرية العالمية من جهة اخرى لكسر جدار التعتيم الاعلامي المغرض عليها، وللوصول الى تأييد الرأي العام الدولي واسناده لها. 

سابعاً: ترى القيادة القومية أن الوضع الراهن يتطلب من القوى القومية وكذلك النظام الرسمي العربي اجراء تغييرات جذرية لكي تستطيع الامة مواجهة جميع التحديات المصيرية الكبرى الداخلية والخارجية، والعمل على خلق الظروف الموضوعية والتحولات الذاتية التي من شانها ان تؤسس لعالم عربي مختلف متجاوزا حروب وحدود الدم في العراق واليمن وسوريا وليبيا وغيرها والعمل على تأسيس علاقات قوة سياسية واقتصادية وعسكرية تفتح امام العالم العربي فرصا جديدة للتطور والتقدم.

ثامنا: كما تدعوا القيادة القومية الدول العربية وانظمتها الرسمية الى الارتقاء الى مستوى تحدي الوجود الذي تتعرض له كل الامة بدون استثناء، وان هذا لا يتم الا بالاستماع الى صوت جماهيرها، واشراكها بكل فاعلية في اليات صنع القرار وتنفيذه، وتجاوز حالة القطيعة التي وسمت النظام العربي الرسمي مع جماهيره في المراحل السابقة. فمثل هذا التفاعل فقط تتمكن الامة من مواجهة التحديات المصيرية التي تمر بها.

تاسعاً: كما تدعوها القيادة القومية الى تفعيل كل ما يمكن من اليات التكامل العربي ومؤسساته وبناه التحتية، والذي يعد الحد الادنى مما ينبغي القيام به لحشد قدرات الامة ومواردها للدفاع عن وجودها ومستقبل اجيالها.

في هذه الذكرى المجيدة التي تطوي نيف وخمسة عقود من عمرها، فإن الأمة وهي تنتفض بقواها الشعبية  مدعوة للتأكيد على تعريب الحلول للأزمات السياسية، في ليبيا واليمن  وسوريا، وإدانة العدوان التركي على ليبيا وعلى شمال  العراق، وتوفير الدعم والاسناد المعنوي لثورة السودان والانتفاضات الشعبية في العراق  ولبنان والجزائر، وإلى الدخول إلى المستقبل بروحية الانفتاح على التعددية السياسية وتداول السلطة وتعزيز الحريات الديموقراطية، وتوظيف معطيات الثورة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي بالاتجاه الإيجابي، والتركيز في صياغة برامج التغيير على التنمية الاقتصادية المستدامة لبناء الاقتصاد القومي المنتج الذي يوفر الاكتفاء الذاتي للأمة ويحد من رهن ثرواتها للكارتلات الاحتكارية الدولية ويحميها من تسلط وشروط المؤسسات المالية والنقدية الدولية في ظل نظام العولمة المتوحش.

في هذه المناسبة العزيزة على قلوب شعب العراق كما الأمة العربية، يتجدد الأمل بانبعاث ثوري لجماهير الأمة، التي تغص الميادين بحراكها وهي تقبض على مصيرها الوطني بعدما ظن أعداء الأمة أن روح الحياة قد ماتت في الأمة، فإذ بها تنتفض على واقعها راسمة ملامح مستقبل عربي جديد، هو عصر الديموقراطية الذي يحاكي مصالح الجماهير في الحرية والتقدم والوحدة.

تحية للرفيق القائد عزة ابراهيم الأمين العام للحزب القائد الأعلى للجهاد والتحرير وهو يقود نضال الحزب في هذه المرحلة التاريخية من حياة الامة.

تحية لثوار تموز الابطال الذين شقوا بثورتهم طريق الامة نحو نهضتها وتحررها.

تحية لشهداء العراق والأمة وفي مقدمتهم الرفيق الشهيد صدام حسين.

تحية لفلسطين وثورتها وشهدائها وتحية للانتفاضات الشعبية العربية.

وعهد النضال أن يبقى الحزب في قلب الحراك الشعبي العربي لرد العدوان وتحرير الأرض العربية من الاحتلال والتواجد العسكري الأجنبي وإسقاط منظومات الفساد.

عاش العراق، عاشت فلسطين، عاشت الأمة العربية.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

القيادة القومية: لإطلاق أوسع حراك سياسي وشعبي ضد التطبيع مع العدو الصهيوني

القيادة القومية: لإطلاق أوسع حراك سياسي وشعبي ضد التطبيع مع العدو الصهيوني

أدانت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التطبيع الذي تتسارع خطواته بين العدو الصهيوني وسلطة الانقلاب العسكري في السودان، ودعت جماهير السودان وقواها الوطنية كما جماهير الأمة العربية الى مقاومته وإسقاط نهج الردة والتطبيع.  جاء ذلك في بيان للقيادة القومية للحزب فيما يلي نصه:

في الوقت الذي يقدم فيه العدو الصهيوني على ارتكاب الجريمة تلو الأخرى بحق أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة، ويتمادى مسؤولوه ومستوطنيه في إنهاك حرمة المسجد الأقصى، أقدمت سلطة الانقلاب العسكري في السودان على استقبال وزير خارجية العدو في تطور خطير لمستوى العلاقات بين الطرفين، وصولاً إلى إقامة علاقات سياسية كاملة بإشراف أميركي كما صرح بذلك ما يسمى برئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان. ففيما كان المطلوب اتخاذ مواقف عربية ترتقي ومستوى الخطورة التي تنطوي علبها إجراءات العدو في الأرض المحتلة من قتل وتدمير واعتقالات وانتهاك حرمات الأعيان الدينية والثقافية وإغراق الضفة الغربية بالمستوطنات والتلويح بتهجير شامل لأهلها في استحضار لمشهديات التهجير التي حصلت قبل وبعد إقامة الحركة الصهيونية لكيانها الغاصب على ارض فلسطين العربية ، يقوم وزير خارجية العدو بزيارة للخرطوم ليعلن بنفسه إسقاط لاءاتها الشهيرة ، مبشراً بصفحة جديدة من العلاقات التطبيعية مع نظام الحكم القائم ، الذي تبين الوقائع أن الانقلاب الذي حصل في ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢١ كان  انقلاباً على المسار السياسي الهادف الى الدخول في مرحلة التحول الديموقراطي الفعلي بقدر ما كان  يرمي الى إزالة  العوائق أمام عملية التطبيع مع العدو التي تم التأسيس  لها في لقاء نتنياهو – البرهان في أوغندا منذ أكثر من سنتين.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وهي تدين بشدة مسار التطبيع الذي ينتهجه نظام الحكم القائم في السودان حالياً ، تدعو  جماهير السودان وقواها الوطنية والتقدمية والديموقراطية وفعالياته الشعبية وكل القوى الحريصة على عروبة السودان ودوره القومي في احتضان قضايا الأمة وفي الطليعة منها قضية فلسطين ،  الى محاصرة هذا النهج الخياني وإسقاطه وملاقاة جماهير الأمة العربية وقواها التحررية في تحركٍ  شاملٍ ، للتصدي لخطوات التطبيع التي تتوسع مروحتها على حساب الأمن القومي العربي وعلى حساب دم الشهداء الذين يراق دمهم الطاهر على ارض فلسطين بآلة الحرب الصهيونية . وإنه لمعيب جداً، أنه  في الوقت الذي بدأت فيه مؤشرات التحول في الرأي العام الدولي لمصلحة قضية فلسطين، و تزايد  الدعوات لمقاضاة “إسرائيل”، أمام المحكمة الجنائية الدولية لارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق أبناء شعب فلسطين مع ممارستها   لسياسة فصل عنصري بما هي سلطة احتلال على مساحة الأرض الوطنية الفلسطينية، تتهافت بعض الأنظمة العربية وآخرها نظام البرهان  لتطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية مع العدو الغاصب  عبر الارتماء  في أحضان التحالف الصهيو – أميركي في تحدٍ سافرٍ للمشاعر الشعبية العربية  وتنكر لأبسط الموجبات والالتزامات القومية تجاه قضية فلسطين التي يقاوم أبناؤها باللحم الحي ويقدمون قوافل الشهداء في ساحة المواجهة مع العدو الغاصب.

إن القيادة القومية للحزب التي تعتبر قضية فلسطين هي قضية الأمة برمتها بكل  ما تنطوي  عليه من أبعاد وطنية وقومية وإنسانية، تدعو منظمات الحزب في كل الساحة القومية كما المغتربات، وكل القوى  التحررية  في الأمة الى تصعيد حراكها ونضالها الجماهيري ضد نهج التطبيع ، بنفس الحيوية التي تخوض فيه  نضالها ضد أنظمة الردة  والقمع والاستبداد والفساد السياسي والاقتصادي والمالي ، وعلى قاعدة ارتباط النضال من اجل التغيير الوطني وتحقيق ديموقراطية الحياة السياسية بالنضال التحريري ضد الاحتلال للأرض العربية أياً كانت أنماطه وأطرافه وصيغ تحالفاته المنظورة والمبطنة ، وخاصة ذاك الذي تنوء تحت أعبائه فلسطين في ظل  الاحتلال الصهيوني والعراق تحت الاحتلال الأميركي – الإيراني المرّكب.

إن القيادة القومية للحزب وهي تحيي صمود جماهير شعبنا في فلسطين المحتلة وارتقاء عمليات المقاومة فيها حتى الاستشهاد رداً على جرائم العدو وتماديه في عدوانه وتدميره لكل مرافق الحياة، توجه التحية لجماهير شعبنا في السودان وقواها الوطنية التي تعمل على محاصرة نهج التطبيع لطغمة الردة والانقلاب، تمهيداً لإسقاطه وإلغاء كل ما يترتب على ذلك من نتائج تفرزها العلاقات الصهيونية مع منظومةٍ حاكمةٍ تفتقر الى الشرعية الوطنية والمشروعية الشعبية.  فالخرطوم التي انطلقت  منها اللاءات الشهيرة  ستبقى أمينة على تاريخها وارثها النضالي، ولن تقبل أن يحصل الارتداد على ماضيها ودورها في إسناد قضايا النضال القومي من قبل منظومة مرتدة تعمل على ربط السودان بمشروع التطبيع الذي تتهافت عليه أنظمة الخيانة والتخاذل، ولها ملء الثقة بان الثورة التي انطلقت لتحرير السودان من موبقات نظام التمكين وممارسات الدولة الأمنية لأجل إقامة دولة المواطنة المدنية ومنع رهن ثروات السودان واقتصاده لشركات نظام العولمة المتوحش وصندوق النقد الدولي ، ستبقى على عهدها في التعبير عن إرادة الجماهير وهي مستمرة حتى تحقيق الأهداف التي انطلقت منها. 

تحية لقوى شعبنا المناهضة والمقاومة للتطبيع في السودان كما على المستوى القومي وتحية لفلسطين وثورتها ومقاوميها وتحية لشهدائها والحرية لأسراها والخزي والعار لكل الخونة والمطبعين والمتخاذلين.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في ٢٠٢٣/٢/٤ 

القيادة القومية في بيان شامل حول الأوضاع العربية

القيادة القومية في بيان شامل حول الأوضاع العربية

إدانة العدوان الخارجي على الامة العربية  ولإنشاء صندوق قومي لدعم فلسطين

لإعادة الاعتبار للمسألة  الديموقراطية وقيام الجبهة الشعبية العربية

الانتفاضة الشعبية في ايران دليل تحول في الرأي العام ضد نظام الملالي

تفهم ضرورات امن روسيا القومي ،وحق اوكرانيا في وحدة ارضها وشعبها

دانت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي كل اشكال العدوان الذي تتعرض له الامة العربية ودعت الى اعادة الاعتبار للكفاح الشعبي المسلح لتحرير فلسطين و تأسيس صندوق قومي لدعم ثورتها ،  وقيام الجبهة الشعبية العربية واعادة الاعتبار للقضية  الديموقراطية في عمليات التحول السياسي .

جاء ذلك في بيان للقيادة القومية في ما يلي نصه.

بعدما استمرت الساحة العربية لسنوات ، جاذباً للأنظار ، ومسرحاً  لأحداث كبرى من العدوان الخارجي عليها الى الانتفاضات الشعبية التي انفجرت في العديد من الاقطار العربية وتولد ازمات بنيوية  ، تعيش بعض الساحات الدولية والاقليمية تطورات هامة ، لن تقتصر نتائجها وتداعياتها على ساحاتها وحسب ، بل تتعداها الى الجوار الاقليمي والدولي. ومن بين هذه الاحداث الكبرى يبرز الحدث المتفجر في الشرق الاوروبي والانتفاضة الشعبية في ايران. لكن  انفجار ازمات كبرى على المستوى الدولي ،  كتلك المتولدة  عن سياقات الحرب الروسية -الاوكرانية التي تدخل هذه الايام شهرها التاسع دون ان تلوح في الافق بوادر قريبة لوضع نهاية لها، لم يحرف الانظار عن تفاعل تطورات الاحداث على الساحة القومية وتلك الدائرة في دول الاقليم ، بدءاً من النتائج التي افرزتها الانتخابات التشريعية في الكيان الصهيوني مروراً  بالانتفاضة الشعبية ضد نظام الملالي في ايران التي  دخلت شهرها الثالث ، وصولاً الى احتدام الصراع على الساحة القومية بين قوى الحراك الشعبي العربي ونظم الرجعية والتطبيع  والاستبداد والتسلط والتوريث السلطوي واستباحة القوى الدولية والاقليمية للامن القومي العربي .

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، التي واكبت من خلال مواقفها تطورات الاحداث على مدى العام الذي يطوي ايامه الاخيرة على وقع استمرارية تفاعل الاحداث عربياً واقليمياً ودولياً إنما  تؤكد على ما يلي :

اولاً،

ان الحرب التي اندلعت بين روسيا واوكرانيا ، هي بمقدماتها وسياقاتها وما ستؤول اليه من نتائج ، لم تكن صاعقة في سماء صافية ،بل بدأت عناصرها بالتشكل  بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ومسارعة اميركا لملء الفراغ الناجم عن سقوط حلف وارسو ، عبر التمدد الى الشرق الاوروبي ، ونشر منظومات صاروخية فيه ،بدأت روسيا تشعر بعد استفاقتها من غيبوبة الصدمة ، ان امنها القومي اصبح عرضة للتهديد من جراء تواصل انضمام دول اوروبا الشرقية الى حلف شمال الاطلسي.

ان روسيا التي بدأت استعادة حضورها على مسرح الاحداث الدولية والقارية ، رأت في السعي الاوكراني للانضمام الى الحلف الاطلسي ، ليس تهديداً مباشراً للأقلية الروسية في اوكرانية والتي كانت احدى الاوراق التي توظفها موسكو في الضغط على الداخل السياسي الاوكراني وحسب ، وانما لأمنها القومي الذي لم يفارق ما يستوطن  ذاكرتها  من احداث تاريخية ، كان القوقاز وشبه جزيرة القرم مسرحاً لها ، من روسيا القيصرية الى الاتحاد السوفياتي ، وصولاً الى المرحلة الراهنة ، حيث تسعى موسكو لإعادة الاعتبار لدور فاعل فقدته منذ اصبحت اميركا تتصرف كقطبية أحادية  مقررة لمسار الاحداث الدولية.

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، التي تؤكد على حق الشعوب في ممارسة خياراتها السياسية وفق مقتضيات مصالحها الوطنية بعيداً عن التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية ومنها الحق السيادي للشعب الاوكراني  ، تتفهم هواجس دولة روسيا الاتحادية  لما ينطوي عليه تمدد الاطلسي الى مقربة من حدودها من مخاطر محتملة على امنها القومي. وهي تعتبر  ان الحل السياسي الذي يضع حداً لهذا الصراع الذي يتسم بالطابع الدولي بعد الاصطفاف الغربي عامة والاطلسي خاصة خلف اوكرانيا ،يجب ان يرتكز على قاعدتين   تتعلقان بتفهم ضرورات الامن القومي الروسي من جهة اولى ،  ووحدة الاراضي الاوكرانية من جهة ثانية  .وكل محاولة لكسر واحدة من هاتين  القاعدتين على حساب الاخرى ،  سيؤسس لحرب جديدة اذا ما انطوى  حل الصراع المتفجر حالياً على عكس ما تقضيه موجبات هاتين القاعدتين.

ثانياً،

ان الانتفاضة الشعبية التي تتسع مساحتها على مدى الجغرافيا الايرانية بتعددية تكوينها القومي والديني والمجتمعي ، دون ان يتمكن القمع السلطوي من اسكات صوت المنتفضين الذين يملؤون الساحات والميادين  ، انما تختلف عن سابقاتها من حيث العناوين السياسية التي ترفعها ضد حكم الملالي والدولة الامنية التي صادرت الحريات العامة ومارست سياسة الفصل العنصري بين المكونات المجتمعية للشعوب الايرانية.

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ترى في هذا الذي يجري في ايران حالياً  ،انما يعبر عن حجم الاحتقان الشعبي المتراكم على مدى عقود من الزمن تعطلت فيه الحياة السياسية ، الا ما يخدم  النظام القائم على القمع في الداخل الايراني ، والاندفاع الى الخارج الاقليمي وخاصة المدى العربي منه ، في تنفيذ لاستراتيجية تهدف الى تفكيك بنى الدولة الوطنية العربية  ،وتغيير التركيب الديموغرافي لبنى المجتمع العربي وحيث وصل  التغول الايراني في العمق القومي العربي.

ان هذا الذي تعيشه ايران حالياً ، اماط اللثام عن حقيقة الوضع الذي حاول النظام اخفاء معطياته فترة طويلة ، متستراً  برفع شعارات ضد الكيان الصهيوني وما يسميه نظام الاستكبار العالمي في الوقت الذي يجري فيه الصفقات السرية مع هذين الطرفين ، خدمة للمصالح المشتركة التي تجمعهم على حساب الامة العربية ومصالحها الحيوية  ،وكان اخرها صفقة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة  التي اديرت برعاية اميركية في استجابة مكشوفة للمطالب الامنية والاقتصادية الصهيونية ، واعادة تعويم الدور الايراني في العراق والافراج عن ٧ مليار دولار اميركي  محتجزة في البنوك الغربية وغض النظر عن تصدير النفط والغاز الايرانيين لتلبية حاجة السوق الاوروبي كبديل عن الغاز الروسي. 

ان القيادة القومية التي تؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحديد خياراتها السياسية انطلاقاً من الموقف المبدئي القائم على عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،ترى في هذا الذي  تشهده الساحة الايرانية من انتفاضة شعبية شاملة لم يستطع النظام احتواء تداعيتها حتى الان  رغم القمع المفرط الذي تمارسه الاجهزة السلطوية ، هو بداية تحول ايجابي في الرأي العام لدى الشعوب الايرانية ضد سلوك نظام الملالي  في سياساته القمعية الداخلية  ،كما هو دليل على ان السياسة العدوانية التي ينتهجها هذا النظام   مباشرة او عبر اذرعه الامنية المليشياوية   في العديد من الاقطار العربية  ، انما بدأت ترتد عليه في الداخل من خلال الانتفاضة الشعبية  التي تدعو قواها  للتغيير واسقاط النظام .

ثالثاً،

ان القيادة القومية للحزب ، ترى  ان تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وتطورات الاوضاع الداخلية في ايران كما في تركيا ، بدأت ترخي ظلالها الثقيلة على الساحة العربية ، من خلال ادخال النفط والغاز في شرق المتوسط والخليج العربي في التأثير على مجرى هذا الصراع ، لانتزاع ورقة ضغط رئيسية من  روسيا لتوظيفها في سياقات هذه الحرب ، كما بلجوء النظام الايراني الى تصدير التفاعلات للازمة الداخلية المتفاقمة ، برفع مستوى تدخلاته في دول الجوار من خلال الاعتداءات المتصاعدة  على شمال العراق والتهديد باجتياح بري ، في استحضار لمواقفه التي سبقت تحضيراته للعدوان على العراق في الرابع من ايلول ١٩٨٠، والتي توازيها  الاعتداءات  العسكرية التركية على الشمال العراقي والتهديد باجتياح عسكري للشمال السوري ، ومثلها الاعتداءات الصهيونية على سوريا بحجة ضرب المواقع الايرانية ، في نفس الوقت الذي تدار فيه اتصالات سرية بين الكيان الصهيوني والنظام الايراني ، وعلنية مع تركيا لرسم خطوط تقاسم  المصالح بين  القوى الاقليمية على حساب الامن القومي العربي.

ان القيادة القومية للحزب ، في الوقت الذي تدين فيه كل اشكال العدوان المتعدد المصادر ضد الامة العربية  ، ترى ان هذا العدوان المتعدد الاشكال  ما كان ليحصل ويتمادى ، لولا الانكشاف للساحة القومية والذي بلغ ذروته بعد العدوان المتعدد الجنسية على العراق واحتلاله منذ ما يقارب العشرين سنة. ولهذا فإن الرد على هذا الاطباق العدواني من قبل قوى اقليمية ودولية على الامة ، لا يكون الا بأسقاط النتائج التي ترتبت على اسقاط واحتواء دول الارتكاز العربي التي تمثلها مواقع مصر والعراق وسوريا، . وهذا ما يتطلب  تحرير مصر من قيود اتفاقيات “كامب دافيد” ، وتحرير العراق من الاحتلال الاميركي – الايراني المزدوج واسقاط العملية السياسية بكل شخوصها ، واستعادة سوريا لدورها في قلب المشروع القومي ، بعدما ذهب النظام الحاكم فيها ، بعيداً  في رهن هذا القطر العربي الاصيل في عروبته ، لمصلحة المشروع الشعوبي الفارسي المحمول على رافعة التحالف الصهيو – اميركي .

رابعاً ،

ان القيادة القومية للحزب ، التي تدرك حجم المخاطر التي يمثلها التنمر الذي يمارسه النظامين الايراني والتركي  على العرب كمكون قومي ، من خلال تقديم نفسهما مرجعان لمشروع نظام الحاكمية وولاية الفقيه ، وكلاهما ينطويان على تهديد لهوية الامة القومية ولوحدة نسيجها المجتمعي ، تعيد التأكيد بأن التناقض العدائي الذي يحكم علاقة هذين النظامين مع الامة العربية انما يتغذى من المدى الذي بلغه المشروع الصهيوني الذي تحكمه قاعدة التناقض الوجودي مع المشروع القومي. ولهذا فإن  الاخطار ذات الطابع الشمولي التي تهدد الامة بوجودها ودورها ورسالتها التاريخية ، لا تستقيم مواجهتها الا اذا اتت في سياق المشروع الوحدوي الذي تنصهر فيه امكانات الامة على الصعد السياسية والاقتصادية والتعبوية والتنموية ، والعودة للجماهير في نضالها لإنجاز تحررها القومي والاجتماعي. فالجماهير هي صاحبة المصلحة في التغيير ، وهي المادة الاساسية لفعل التحرير ،وهذا ما وعاه الحزب في وقت مبكر من انطلاقته ، بتأكيده بان الحزب يقف دائماً على الضفة  التي تقف عليها الجماهير ، وان الكفاح الشعبي المسلح هو الطريق القويم لتحرير الارض والانسان من الاحتلال الاجنبي.  ولهذا ،فإن حزبنا ،حزب البعث العربي الاشتراكي ، يجدد الدعوى لقوى الثورة العربية وتلك التي  تناضل من اجل التغيير والتحرير،  لمسارعة الخطى  من أجل قيام  الجبهة القومية الشعبية العربية ، لتشكيل الاطار القومي لتوحيد الجهد العربي، وتوفير رافعة قومية لدعم النضال الوطني التحرري بمضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وابعاده القومية ،ورفع  مصدٍ شعبي في مواجهة مسار التطبيع مع العدو الصهيوني ومواجهة الاخطار التي تهدد الامن القومي من داخل الوطن العربي ومداخله.  واذا كانت الامة العربية تعيش تحت وطأة احتلال متعدد الاشكال ، فإن اخطر تجسيداته  هو ذاك الذي يمثله الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، يليه الاحتلال الايراني للأحواز ،وما اقتطع من الجغرافيا العربية والحق بدول الجوار الجغرافي اقليمية كانت ام دولية.

من هنا ، فان القيادة القومية التي تدعو الى مواجهة كل عدوان او تدخل  خارجي  تتعرض له الامة العربية  ،  بموقف موحد ،ترى ان الترجمة العملية لهذا الموقف انما تكون بتوفير الدعم والاحتضان لقوى التحرير ضد الاحتلال وقوى التغيير ضد نظم الاستبداد والاستغلال والتخلف والرجعية.

ان هذا يتطلب ، دعماً قومياً على كافة الصعد والمستويات لقوى المشروع المقاوم للاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة  ولقوى المشروع الوطني المقاوم للاحتلال الاميركي الايراني للعراق ، وتوفير الدعم والاسناد السياسي والمادي لثورة الشعب العربي في الاحواز ، ووقف خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني وعدم المراهنة على اعتدال او تطرف في تركيب السلطة في الكيان الصهيوني.

وعليه ، فإن أي  عمل عربي  لا يرتقي في اجراءاته العملية الى مستوى ماهو مطلوب من دعم سياسي ومادي لقوى الثورة العربية  ، يبقى كلاماً مفرغاً من اية مضامين عملية. وهذا  ما ينطبق  على مقررات القمة العربية الاخيرة ، التي لم تلامس حقيقة ما يتهدد الامة من مخاطر ، واقتصرت على التمنيات المجردة من اية التزامات جدية وفعلية لمواجهة هذه التهديدات وخاصة في فلسطين والعراق.

خامساً،

ان القيادة القومية للحزب في الوقت الذي تسجل فيه تحفظها على ما تمخضت عنه القمة العربية الاخيرة من مقررات ، تدعو الى انشاء صندوق قومي لدعم الثورة الفلسطينية وتعزيز صمود جماهير شعبنا في الارض المحتلة في مواجهة ما تتعرض له من حصار وتضييق على نظام التقديمات التي توفرها “الأونروا”، وتشدد على اهمية الارتقاء بالموقف الوطني الى مستوى التوحد الفعلي ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية ، بعد تطوير مؤسساتها وتفعيلها لتكون قادرة على تلبية متطلبات النضال الوطني الفلسطيني، ووضع حدٍ لحالة الانشطار السياسي الذي يضعف من فعالية الموقف الفلسطيني ويوفر فرصة للقوى المعادية والتي تسعى للاستثمار السياسي بالقضية الفلسطينية من توظيف التناقضات في خدمة مصالحها السياسي على حساب القضية الفلسطينية.

ان القيادة القومية التي تعي كم هي الضرورة  ملحّة ، للارتقاء بالموقف الشعبي العربي الى مستوى ما هو مطلوب ، للانتصار لحراك الجماهير بكل تعبيراتها النضالية ، تؤكد على التمسك بخيار الكفاح الشعبي بكل اشكاله ، والمسلح  هو الافعل والارقى في مواجهة الاحتلال ، كما تشدد على اهمية التمسك  بسلمية الحراك الشعبي  في انجاز عملية التغيير السياسي للحؤول دون دفعه للوقوع في فخ العسكرة ، الذي تنشده القوى السلطوية التي تقاوم الاصلاح والتغيير في بنى النظم السياسية .

 سادساً،

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وفي مناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لصدور القرار الدولي بتقسيم فلسطين ، تعيد التأكيد ، بأن فلسطين لا تقبل القسمة ، وهي كانت وستبقى عربية الانتماء والهوية ، وان الاحتلال مهما طال امده لن يستطيع اسقاط الحق التاريخي للامة في فلسطين ، التي لم تستهدف بالأساس لذاتها فقط ، وانما كانت الامة العربية هي المستهدفة من خلالها. وان استعادة هذا الحق التاريخي الذي لا يسقط بالتقادم  لا يكون الا بالتحرير الشامل واقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على كامل التراب الوطني من البحر الى النهر. وهذا ما يستوجب مغادرة الاوهام على مشاريع التسويات التي يروج لها في الاوساط الدولية واروقة النظام الرسمي العربي   ومنها  ما سمي  “بالمبادرة العربية للسلام”.

  

ان القيادة القومية التي تكبر بجماهيرنا شعبنا في فلسطين المحتلة صمودها ، توجه التحية للقابضين على جمر المواقف المبدئية الذين يتصدون  للعدو باللحم الحي ، مسطرين اروع الملاحم البطولية في القدس ونابلس وجنين وكل مدن الضفة وغزة وعمق الداخل الفلسطيني ، وغير مراهنين على تمايز بين  “صقور” “وحمائم” ويمين ويسار في بنية كيان الاغتصاب ، لان الكل الصهيوني هو عدو للكل الوطني الفلسطيني كما للكل القومي العربي. 

ان الحركة الصهيونية  تعمل على قضم الارض الفلسطينية  لإقامة كيانها على كل فلسطين ، مقدمة لإقامة دولة “اسرائيل” التوراتية التي تمتد ما بين الفرات والنيل ، وعلى الامة العربية أن لا تقبل باقل من تحرير فلسطين بكاملها،  كخطوة على طريق تحقيق الوحدة العربية عملاً بمقولة القائد المؤسس ، فلسطين طريق الوحدة ، والوحدة طريق تحرير فلسطين.

سابعاً،

ان القيادة القومية للحزب التي رأت في الحراك الشعبي المنطلق في اكثر من ساحة ، دليلاً على حيوية الجماهير العربية وعلى قوة نبض الشارع المنتفض على وقع هتاف “الشعب يريد اسقاط النظام “، تؤكد أن هذا الحراك وان تعرض للاختراق في بعض الساحات  من قبل القوى المعادية لتطلعات الجماهير وحقها في التغيير ، فهو يبقى معبراً اصيلاً عن ارادة التغيير لدى الامة بوسائل التعبيرات الديموقراطية ولا تستبطنه نظرية المؤامرة كما يروج لها بعض الاصوات الاعلامية بهدف شيطنة الحراك وتبرير الانقضاض عليه.

والقيادة القومية اذ تشدد على اهمية هذه الظاهرة الشعبية التي يختلج بها الشارع العربي في العديد من الاقطار ، ترى ان اعادة الاعتبار للقضية  الديموقراطية في مسيرة النضال  الوطني العربي  ،  هي السبيل الذي يمكن الجماهير من الامساك بناصية قرارها بعيداً عن القولبة السلطوية التي عطلت دور الجماهير وافقدت الامة احد مصادر قوتها في سعيها لتحقيق اهدافها في التقدم والتحرر القومي والاجتماعي. فكما الديموقراطية هي اساس في تفعيل الحياة السياسية عبر اطلاق الطاقات الجماهيرية واقامة النظم التي تحكمها قواعد تداول السلطة والتعددية السياسية  بالاستناد الى ما تفرزه الارادة الشعبية  ، فإنها ضرورية لمحاكاة مشاريع التنمية المستدامة ببعدها القومي الشامل  التي تؤسس لاقتصاد قومي تحكمه قواعد التفاعل والتكامل في استثمار الموارد الطبيعية والبشرية ، وبما يوفر فرص عمل ويحد من هجرة الكفاءات ويفتح الاسواق العربية امام الانتاج القومي الذي يتطلب اقامة شبكة مواصلات وبنى تحتية تربط الامصار العربية بعضها بالبعض الاخر وبما يساعد ويرفع من مستوى التحفيز للاستثمار ضمن الشروط التفضيلية للرأسمال الوطني بطرفيه الخاص والعام . 

فلتعد القضية الديموقراطية لتحتل موقعها المتقدم في مسيرة النضال  الوطني جنباً الى جنب مع قضايا الوحدة والحرية وانهاء كل اشكال الاستلاب القومي والاجتماعي   .

 ثامناً،

ان القيادة القومية للحزب اذ تشدّد على  اهمية العودة للشعب في انجاز عمليتي التحرير والتغيير والبناء الوطني ، فإنها تقدر عالياً الدور الذي يضطلع به الرفاق في العراق قيادة وكوادر ومناضلين وحاضنة شعبية ، وهم يخوضون مواجهة ، على جبهة اعداء الخارج التي تتمثل بالاحتلال الايراني وبقايا الاحتلال الاميركي ، وجبهة فساد الداخل التي تديرها منظومة سلطوية  ميلشياوية لعبت دوراً في تعميم ثقافة الفساد السياسي والاقتصادي والاداري والمالي ، واغرقت الحياة بكل الموبقات الاجتماعية.  ان هذه  المنظومة التي تنفذ الاملاءات الايرانية  وفق ما تمليه التوافقات الخارجية وخاصة الاميركية والايرانية منها ،واخرها اعادة تركيب مؤسسات السلطة بعد انسداد استمر لأكثر من سنةٍ ، لن تختلف عن سابقاتها في الاداء والارتهان  وان تبدلت رموزها ، وبالتالي فإن ما آلت اليه مؤخراً  ، لن يزيد الامور والاوضاع الا تفاقماً وسيكون سبباً لحولة  جديدة من الانتفاضة الشعبية عبر استعادة الشارع لنبضه واعادة استحضار القضية الوطنية العراقية بما هي قضية تحرير وتوحيد ، في انطلاقة حراك جديد لاستعادة العراق لدوره وحضوره في مشروع الاستنهاض الوطني والقومي الشاملين .

فتحية للجماهير المنتفضة في العراق العزيز وهي  التي اعطت لحراكها بعداً وطنياً كما بعدها الاجتماعي .وتحية لحاضنة هذه الانتفاضة الشعبية وللقوى الوطنية والشرائح الشبابية  التي صوبت مسارها واتجاهاتها نحو اهدافها الاساسية في التحرير والتغيير ، وفي طليعتها الحزب الذي لم يغادر ساحات النضال وبقي ملتحماً  بالجماهير في قيادة المقاومة كما في قيادة الحراك الشعبي  رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الرفاق في كافة المستويات   ويقدمون  التضحيات الجسيمة وهم يخوضون معركة انقاذ العراق من براثن الاحتلال واسقاط كل افرازاته.  

 تاسعاً،

ان القيادة القومية التي تكبر في رفاقنا في العراق دورهم في تثوير الحالة الشعبية والتي كانت انتفاضة تشرين واحدة من تعبيراتها ، تقدر  عالياً المدى الذي وصلته الانتفاضة الشعبية في السودان بعدما  استطاعت ان تفرض ايقاعها على ادارة الحياة السياسية وتحاصر من خلال مواقفها وحراك الشارع، محاولات “المكون العسكري” الذي نفذ انقلاب  الارتداد عن كل ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة الدستورية لإدارة المرحلة الانتقالية  بإنجاز عملية  التحول الديموقراطي واقامة الدولة المدنية التي تصون الحريات العام وتطلق عملية تنموية تلبي الحاجة الشعبية  في بناء اقتصاد وطني غير مرتهن للصناديق الدولية ولاتجاهات قوى التطبيع مع العدو الصهيوني.

 فتحية لهذا الحراك الشعبي الذي حافظ على سلميته ، وتحية للجان المقاومة والقوى السياسية والنقابية والديموقراطية و لحزبنا المناضل ودوره المتميز في العمل من أجل وحدة قوى الثورة  وفي التصدي لنظام البشير ومحاولات اعادة انتاج نفسه بأدوات وشخوص جديدة تصدى لها الشعب بقوةٍ ، بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر من العام ٢٠٢١.

ان القيادة القومية للحزب وهي توجه  التحية  للرفاق في السودان قيادة وكوادر ومناضلين ،تشد على ايديهم وهم يواجهون سلطة القمع دون ان ترهبهم او تفت من عضضهم اجراءات الاعتقال والتعسف ، التي طالت مناضلين من الحزب وقوى الحرية والتغيير وعلى رأسهم الرفيق المناضل المحامي وجدي صالح ، عضو القيادة القطرية للحزب وعضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وعضو لجنة ازالة نظام التمكين.

إن القيادة القومية للحزب في الوقت الذي تفخر فيه  بالدور النضالي الذي يؤديه الرفاق في السودان وحضور الحزب في المشهد السياسي ، تنوه  بدور المنظمات الحزبية في ساحات النضال القومي ،من فلسطين الى لبنان والاردن وسوريا والبحرين واليمن  والاحواز وكل ساحات المغرب العربي  وساحات الاغتراب من اجل دفع مسيرة النضال العربي خطوات الى الامام على طريق اهداف الامة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية. 

عاشت الامة العربية ، والمجد والخلود لشهدائها الابرار والحرية للأسرى والمعتقلين. الخزي والعار للعملاء والخونة والمطبعين  والعهد على استمرار النضال لتحقيق اهداف امتنا العربية في التحرر والتقدم والوحدة . 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

٢٠٢٢/١١/٢٦      

        

القيادة القومية: سيبقى الثامن من آب ٨٨ يوماً مجيداً من أيام العرب الخالدة

القيادة القومية: سيبقى الثامن من آب ٨٨ يوماً مجيداً من أيام العرب الخالدة

أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن يوم الثامن من آب ١٩٨٨، سيبقى يوماً مجيداً من أيام العرب الخالدة، ومحطة هامة يتم التوقف عندها لتزويد مسيرة النضال العربي بشحنات دعم معنوي واعتباري في مواجهة أعداء الأمة العربية على مختلف مشاربهم ومواقعهم.

جاء ذلك في بيان للقيادة القومية للحزب فيما يلي نصه:

تحل هذه الأيام الذكرى الخامسة والثلاثون ليوم النصر العظيم، يوم الثامن من آب عام ١٩٨٨، اليوم الذي أرخ لإعلان الانتصار على العدوان الفارسي الذي شنه نظام الملالي بهدف النيل من العراق وثورته وإنجازاته، ومن الأمة العربية وهويتها القومية، في محاولة ثأر تاريخي من هزيمة منيت بها فارس في القادسية الأولى في زمن الخلافة الراشدية الثانية.  فكان للعرب انتصارهم في القادسية الثانية بقيادة القائد صدام حسين تجديداً لانتصارهم في القادسية الأولى بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص.

وبذلك دخل يوم النصر العظيم كيوم مجيدٍ من أيام العرب الخالدة التي سطرت فيها ملاحم بطولية ورسمت بالاستناد إليها معالم عصر عربي انطوى على معطيات حضارية شعت على العالم بما تحقق في ميدان العلوم والمعرفة والفلسفة والآداب وإدارة الاجتماع السياسي. 

لقد استطاع العراق وبعد ثمان سنوات من الحرب التي فرضت عليه أن يخرج منها أكثر قوة واقتداراً بعدما ألحق الهزيمة العسكرية والسياسية بنظام الملالي الذي رفض كل مبادرات إنهاء الحرب، إلى أن َقبِل بذلك مرغماً وتجرع الخميني كأس سم الهزيمة إنقاذاً لنظامه من السقوط إذا ما استمر بالحرب على وقع ضربات العراق على طول الجبهة وفي العمق الإيراني.

إن انتصار  العراق على العدوان الإيراني ، لم تكن نتائجه مدوية على النظام الإيراني فحسب ، بل كانت كذلك على كل الذين يناصبون العراق والأمة العربية العداء وخاصة التحالف الصهيو-  الأميركي ، كما كل الذين لا يريدون للعراق أن يتحول إلى رافعة للمشروع القومي في قيادة النضال العربي من أجل تمكين الأمة من امتلاك ناصية قرارها المستقل في مجالات تطوير علائقها السياسية والاقتصادية التكاملية التي ترسي أسساً صلباً للبناء الوحدوي، كما في مجالات  البناء الوطني الداخلي والتنمية المستدامة  والتحولات الاجتماعية الشاملة لرفع مستوى شأن الإنسان العربي في حياة حرة كريمة.

ولذلك لم تكد تلك الحرب تضع أوزارها، حتى بدأ التجييش المعادي على نتائجها لإجهاضها، وعدم تمكين العراق من الخروج خارج حدوده على مستوى الموقف وحشد الإمكانات القومية انتصاراً لقضايا الأمة العربية وخاصة قضية فلسطين.

وعليه فإن ما تعرض له العراق وفور وضع الحرب لأوزارها، من حصار اقتصادي من الأقربين والأبعدين، كان الهدف منه ابقاء يده مغلولة وتوظيف الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تولدت عن الحرب في انتزاع مواقف سياسية لا تصب في مصلحة العراق ولا الأمة العربية. وضمن سياق الضغوط التي بدأت تمارس على العراق بعد انتهاء الحرب تشكلت عناصر الأزمة مع  الكويت وما ترتب عليها من نتائج، ومن ثم العدوان الثلاثيني والحصار الظالم وانتهاء بالغزو الذي أدى إلى احتلال أمريكا وحلفائها  للعراق وتمكين النظام الإيراني من التغول في مفاصل الحياة العراقية بتسهيل ودعم أمريكيين وهو الذي بات يتحكم بإدارة عملية سياسية أفرزها الاحتلال الأمريكي، وعبرها تحول العراق إلى دولة مسلوبة الإرادة الوطنية ، وتنهب ثرواته لتوظف في خدمة المشروع الإيراني على مستوى الإقليم وفي حل الاختناقات الاقتصادية التي يعيشها نظام طهران  بسبب سياساته العدوانية   وتمدده وتغوله في العمق القومي  وامعانه في رعاية التغيير الديموغرافي في العراق وأقطار عربية أخرى، واغراق العراق بكل أشكال الموبقات السياسية والاجتماعية التي تديرها شبكات  منظمة تمسك بمفاصل السلطة، وتجعل من الفساد سمة من سمات الحكم الذي لم تكتف قواه الميليشياوية الطائفية  بفسادها ونهبها للمال العام وافقار الشعب وحرمانه من الخدمات الأساسية وحسب، بل تمادت في تمكين أعداء العراق والطامعين بثرواته وأرضه، ومن استباحة أرض العراق كما جعلها سلعة للبيع والشراء، كما حصل مع حقل الفكة النفطي وكما يحصل اليوم مع أم قصر، وقبله مع الفاو وخور عبد الله.

إن هذا الإطباق المعادي الذي يتعرض له العراق، من أعدائه القوميين، وخاصة النظام الفارسي الذي تمسك بجلابيبه مؤسسة الملالي، ومن هم محسوبون بالنسب القومي على الأمة وقوى التخريب الداخلي التي تمتهن ممارسة الفساد والنهب والارتهان للخارج الدولي والإقليمي، هو للحؤول دون استنهاض العراق وعودته إلى سابق عهده كدولة مهيوبة الجانب وصاحبة قرار في تحديد خياراتها السياسية على مستوى البناء الوطني والتحولات الاجتماعية والاقتصادية وعلى مستوى العلاقات مع الخارج.

إن من يدرك جيداً حقيقة ما ينطوي عليه العراق من امكانيات استنهاض رغم ما يتعرض له من إطباق معادي وذي أبعاد تخريبية على مستوى البناء المجتمعي، لا ينتابه أدنى شك، بأن العراق الذي واجه ظروفاً صعبة كتلك التي يمر بها الآن، إنما يمتلك من الامكانات الذاتية ما يمكنه من تجاوز هذه الصعوبات التي تعترض مسيرة استعادة وضعه الطبيعي، ومن ثم التأسيس لمرحلة جديدة من حياته السياسية بالاستناد إلى ما يختزنه من تراث نضالي وتراكم خبرة لدى جماهيره في تعاملها مع الأزمات الحادة، سياسية كانت أو وطنية.

فالعراق الذي أسقط شعبه حلف بغداد، وصنع ثورة ١٤ رمضان ١٩٦٣ التي أعادت لثورة ١٤ تموز ٥٨ وهجها القومي، وفجر ثورة ١٧-٣٠ تموز ١٩٦٨ وهي التي استفزت أعداءه من خلال إنجازاتها، إن هذا العراق لا يمكن أن يسكت على ضيم ولا يمكن أن يستكين في مواجهة من يسعى لتدميره وتخريبه وتطييف حياته المجتمعية وتشويه تاريخه الوطنية وهويته القومية.

فالعراق الذي يريدون جعله عرضة للنهب الامبريالي والصهيوني ، وتحويله  جرماً يدور في الفلك الإيراني ، هو العراق الذي جرع الخميني كأس السم ، وهو الذي جرع المحتل الأميركي مر الهزيمة بفعل مقاومته البطلة ، وهو الذي يجعل الأرض تميد تحت أقدام المحتل الإيراني وعملائه من خلال الانتفاضة الشعبية الشاملة التي انطلقت على مساحة العراق ضد الفساد والمحسوبية والمحاصصة المذهبية وانعدام الخدمات وهي تضعها الآن  في سياق مشروع متكامل لمقاومة التغول الإيراني في مفاصل الحياة العراقية تحت شعار ” إيران برا برا بغداد تبقى حرة “.

إن العراق  الذي شكل ركيزة للنضال  العربي ووفر الحضن القومي الدافئ للقضية الفلسطينية ، وحقق الإنجازات العظيمة في وقت قياسي، ما كان ليستطيع ذلك في ظل قيادة مخلصة لشعبها وملتصقة بقضاياه التصاقاً عضوياً وحسب ، بل لأن العراق بما يمثل من ثقل وطني وقومي  وما  يختزنه في ذاته من  إمكانات للاستنهاض  لقادر على الانبعاث المتجدد، ولو لم يكن يمتلك هذه الامكانات والقدرات والإرث التاريخي  لما كان استطاع تجاوز كثيراً من المعطلات لدوره ،  ولما كان بنى قاعدة وطنية وحقق  الإنجازات العظيمة التي لم يكن يوم  الثامن من آب  ١٩٨٨ إلا واحداً من تجلياتها.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إذ تتوقف عند الدلالات التاريخية ليوم النصر العظيم قبل خمسة وثلاثين عاماً، تعتبر أن احياء هذا اليوم بكل المعاني والأبعاد القومية التي انطوى عليها، وهو يؤرخ ليوم مجيد من أيام العرب الخالدة، هو احياء لقيم البطولة التي جسدها جيش العراق العظيم بكل صنوفه وتشكيلاته العسكرية، وهو احياء لقيم التضحية والفداء التي جسدها شعب العراق وهو يبذل الغالي من النفس والمال دفاعاً عن حياض الوطن وحماية للبوابة الشرقية للوطن العربي من الاختراقات المعادية.  وأن يبقى العراق رغم الظروف التي يمر بها عرضة لهذا الكم من التآمر، فلأن المتآمرين المتعددي المشارب والمواقع تستوطنهم ظاهرة الخوف من استعادة العراق لوضعه الطبيعي بلداً موحداً متحرراً من أشكال الاحتلال والتبعية والارتهان، ومستحضراً تاريخه التليد الغني بالمحطات النضالية المضيئة والتي لم تكن ذكرى إعلان هزيمة المشروع الفارسي إلا واحدة منها.

تحية لشعب العراق العظيم الذي صنع الملاحم البطولية، وقادسية صدام إحدى عناوينها، وتحية للقيادة التاريخية التي قادت العراق إلى تحقيق النصر العظيم وعلى رأسها شهيد الحج الأكبر القائد صدام حسين.

تحية لجيش العراق الذي اختبرته الأمة في كل معاركها القومية.

تحية إلى شهدائه الذين رووا أرض العراق والعروبة بدمائهم الذكية، والتحية لأبطاله الذين قضوا شهداء في أسر الاحتلال، والحرية للذين ما يزالون قيد الاعتقال في سجون السلطة العميلة.

والخزي والعار لكل الخونة والمتآمرين والمطبعين والطامعين بأرض العروبة ونهب ثرواتها.

عاش العراق العظيم، وعاش يوم النصر الخالد وعاشت ثورة شبابه التي تنبعث وتتجدد من خلالها ثورة تموز المجيدة، وما النصر إلا حليف الشعوب المكافحة من أجل حقها في تقرير المصير والعيش بحرية وكرامة.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في 8-8-2023

القيادة القومية: لإعادة الاعتبار للنضال الجماهيري وتشكيل جبهة شعبية عربية

القيادة القومية:

لإعادة الاعتبار للنضال الجماهيري وتشكيل جبهة شعبية عربية

استهداف البعث هدف مركزي لأعداء الأمة وقوى الردة

 

 دعت  القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي الى تصعيد النضال الجماهيري، واكدت على اهمية قيام الجبهة القومية التقدمية لتأطير الجهد الشعبي العربي السياسي انتصاراً لقضايا التحرير والتغيير، وشددت على أن  الرد  على التخرصات التي تستهدف الحزب هو بتصعيد النضال ضد اعداء الامة المتعدد المشارب والمواقع. 

جاء ذلك في بيان للقيادة القومية في ما يلي نصه:

 كثيرة هي الأيام التي تؤرخ لأحداث كبرى في تاريخ الأمة العربية، وكلها تترك بصماتها على مجرى الحياة، فيها سواء انطوت على أبعاد إيجابية أو سلبية.

فقبل نصف قرن من هذا التاريخ  كانت الأمة على موعد مع حدث تاريخي أحدث تحولاً نوعياً في مسيرة النهوض الوطني في العراق على كافة الصعد والمجالات، استناداً إلى النتائج السياسية والاقتصادية والتنموية التي تمخضت عن  قرار التأميم الذي اتخذته ثورة البعث تنفيذاً للشعار الذي رفعته حركة الثورة العربية  “بترول العرب للعرب”.

كما انه  قبل نيف وخمسة عقود من هذا التاريخ، تعرضت الامة العربية لعدوان صهيوني مدعوم من الامبريالية العالمية، مما جعل كل ارض فلسطين تقع تحت الاحتلال الصهيوني فضلاً عن اراضٍ عربيةٍ اخرى في مصر وسوريا والاردن ولبنان.

وكما كانت نتائج تأميم النفط عظيمة البعد الايجابي على العراق خاصة والامة العربية عامة، فان العدوان الصهيوني في الخامس من حزيران شكل نكسة قومية شديدة الخطورة على فلسطين خاصة والوطن العربية عامة.

ان هذين الحدثين شكلا على مدى العقود المنصرمة قاعدتي ارتكاز للقوى المتصارعة في الامة وعليها. ففيما اعتبرت قوى الثورة العربية انها سجلت بالاستناد الى انجاز التأميم  هدفاً لمصلحتها في مرمى اعداء الامة من صهاينة وامبرياليين وقوى اقليمية متحالفة معها ونظم رجعية عربية،  اعتبر الاصطفاف المعادي،  انه سجل هدفاً في المرمى العربي من خلال ما اسفرت عنه حرب حزيران من نتائج عسكرية واستطراداً سياسية، وعليه بدأ التخطيط لتوظيف نتائج ذلك  في تحقيق الاختراق السياسي للبنية القومية العربية من خلال جر بعض الانظمة العربية  لتوقيع اتفاقيات تسوية تقر بشرعية الكيان الصهيوني وتفتح المجال العربي امام الاختراق الصهيوني عبر شبكة من العلاقات السياسية الاقتصادية والامنية تحت مسمى التطبيع، والتي ما كانت لتصل الى المستوى الذي وصلت اليه حالياً لولا ان جرى الانقضاض على مفاعيل التأميم بثأر متأخر لثلاثة عقود.

ان العدوان المتعدد الجنسيات على العراق بقيادة اميركية، وكما اصبح واضحاً، لم يكن كما زعمت وروجت له اميركا بأن العراق يمتلك اسلحة دمار شامل أو أنه ينسج علاقات مزعومة مع “القاعدة” وهي التي  اقرت  بأنها استندت في الترويج لعدوانها  على تقارير كاذبة، بل كان لاجل ضرب النتائج التي افرزتها حرب الثماني سنوات مع النظام الايراني والتي خرج العراق منها  اكثر قوة واقتداراً على صعيد القدرات العسكري والموقف السياسي، ولاسقاط التجربة النهضوية والقاعدة الارتكازية التي كان يجسدها العراق للنضال القومي العربي.

 ان غزو العراق وتدمير كيانه الوطني واسقاط نظامه الوطني التحرري  ، ادى الى انكشاف الوطن العربي امام مخططات ومشاريع القوى المعادية التي تناصب الامة العداء، من التحالف الصهيو- استعماري، الى المشروع الشعوبي الفارسي الذي حمل على الرافعة الاميركية للنفاذ والتخريب والتدمير في بنى العمق القومي  والمتماهي  مع  المشروع التركي الذي بات يقيم قواعد عسكرية في شمال العراق ويحضّرنفسه لاقامة حزام امني في الشمال الشرقي لسوريا على غرار ما يسعى له العدو الصهيوني باقامة حزام امني على طول الحدود السورية – اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وصولاً الى تهديد الامن القومي من بوابة الامن المائي من خلال التحكم بمصادر المياه لأنهر النيل ودجلة والفرات وتلك التي تنبع من الهضبة الايرانية باتجاه العراق.

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي تتوقف عند الدلالات العظيمة لقرار التأميم التأريخي والتي سجلت فيه ثورة 17-30 تموز المجيدة واحداً من ابرز انجازاتها الوطنية بكل ما ينطوي  عليه من ابعاد اقتصادية وقومية، توجه التحية لقيادة الحزب والثورة التي ادارت معركة تأميم النفط  قبل خمسين عاماً بكفاءة واقتدار عاليين وحققت  نصراً مؤزراً في اول مواجهة مع الكارتلات النفطية العالمية التي اتقنت سياسة نهب ثروات الشعوب وحرمت تلك الشعوب من التمتع والاستفادة من ثروات بلادها. 

وان يعود الصراع على مصادر الطاقة العربية من نفط وغاز الى واجهة الاهتمام الدولي بعد انفجار الحرب الروسية الاوكرانية، فلكي تستعمل هذا المادة الحيوية كورقة ضغط على سياقات هذه الحرب بتوفير البدائل للنفط والغاز الروسيين اللذين  كانا يغطيان مساحة واسعة من حاجة السوق الاوروبية .

ولهذا فإن القيادة القومية للحزب ترى ان استخدام مصادر الطاقة العربية تعويضاً عن الطاقة الروسية، لا يساعد في توفير ظروف افضل لانهاء هذه  الحرب المدمرة وفتح المجال امام حلول سياسية تلبي حاجة الامن القومي الروسي من ناحية، وحاجة اوكرانيا في الحفاظ على وحدة اراضيها واستقلالية خياراتها السياسية  ناحية اخرى وحسب ، بل تدفع ايضاً باتجاه استخدام مصادر الطاقة العربية في اتون الصراعات الدولية المتفجرة  والتي “لا ناقة للامة العربية فيها ولا جمل”. فهذه الثروة الطبيعية هي ملك شعوبها وتوظيفها يتم بالاتجاه الذي يخدم مصالح هذه الشعوب في التقدم  والازدهار، وتوظيف مردود هذه الطاقة في خدمة مشاريع التنمية على المستوى الوطني كما على المستوى القومي، وليس باستعمالها ورقة ضغط في كل مرة ترى فيها الكارتلات النفطية حاجتها لتوجيه انتاج وتسويق هذه المادة بما يخدم الاستراتيجيات الكونية لهذه الكارتلات والتي تديرها حكومات ظلٍ، للعديد من الدول في العالم، خاصة  تلك التي تنتهج سياسة السيطرة والاستعمار الجديد.

ان القيادة القومية للحزب، وهي تؤكد على هذا الموقف، ترى بأن الطاقة العربية من نفط وغاز وطاقة شمسية،  ان لم يتم  وضعها تحت سقف الشعار القومي “بترول العرب للعرب”، ستبقى عرضة للسرقة الموصوفة كما يحصل الان مع ثروات العراق في ظل الاحتلال  الاميركي الايراني المركب، وستبقى عرضة لاستعمالها سلاحاً استراتيجياً توظفه الدول المهيمنة على سوق النفط انتاجاً وتسويقاً في حروبها وصراعاتها المنخرطة فيها مباشرة،  او بالنيابة لتحقيق اهدافها في ابقاء هيمنتها على العالم من بوابة التحكم بمصادر الطاقة.

من هنا ، فإن القيادة القومية للحزب ، وفي ظل تمادي  العديد من الانظمة العربية باقامة تحالفات واضحة مع من يناصبون الامة العداء سواء باشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، او بنسج تحالفات عسكرية وامنية مع النظام الايراني او بتمكين قوى دولية واقليمية باقامة قواعد عسكرية على الارض العربية، كحال اميركا وروسيا وتركيا، فإنه لا امل مرتجى من هذه الانظمة بانتهاج  سياسة مستقلة قدر تعلق الامر بالخيارات السياسية الكبرى او بتحديد وجهة استعمال الطاقة المختزنة في باطن الارض العربية.  وعليه، فإنه امام هذا القصور الذي يرتقي حد التواطؤ والخيانة  لدى انظمة التطبيع والارتهان للخارج الدولي والاقليمي، لا سبيل لحماية الثروة العربية من النهب اولاً، والحؤول دون ادخالها سوق التوظيف السياسي في الصراعات الدولية المتفجرة ثانياً، إلا بإطلاق حركة شعبية على مستوى الوطن العربي  من مشرقه الى مغربه، تحت شعار “لنناضل من أجل حماية الثروة العربية من النهب الاقتصادي والاستثمار السياسي” لغير الغايات التي تلبي حاجة الامة في صراعها من اجل التغيير والتحرير.

ان القيادة القومية للحزب التي تؤكد على دور الجماهير في اثبات حضور الامة في مواجهة اعداء الخارج وقوى الردة والتخريب المجتمعي والتكفير الديني وتلك التي تدعو الى حلف الاقليات في الداخل، تدعو القوى الثورية العربية للارتقاء بموقفها الى مستوى التحديات التي تواجه الامة بوجودها وهويتها، ولا سبيل لذلك الا بتوحيد الموقف الشعبي والسياسي في اطار جبهة قومية تأتلف فيها كل القوى التي تجمعها وحدة الاهداف الكبرى، اهداف التحرر والتقدم والوحدة. والحزب الذي لم يوفر فرصة الا ودعا فيها الى قيام جبهة شعبية عربية تقدمية يعيد التأكيد على هذه الدعوة من خلال:

اولاً، الانتصار القومي لانتفاضة شعبنا في فلسطين المحتلة، وهو يواجه باللحم الحي آلة الحرب الصهيونية  التي تمعن قتلاً واغتيالاً بجماهيرنا  الصابرة الصامدة على مساحة كل فلسطين وتدميراً بالمدن والقرى والمخيمات وانتهاكاً للحرمات والمقدسات الدينية واخرها ماعرف  بمسيرة الاعلام الصهيونية التي نظمت بتوجيه وتخطيط ورعاية وحماية من سلطة الاحتلال، مرتكبة بذلك جريمة تقع تحت المساءلة الجنائية الدولية اسوة بالجرائم الاخرى، والتي هي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية تمارسها دولة فصل عنصري صنفتها المنظمات الدولية ذات الصلة بحماية حقوق الانسان بانها دولة “ابارتهايد”.

ان الموقف الشعبي العربي بقدر ما هو مطلوب لتوجيه رسالة دعم لانتفاضة فلسطين مع الدعوة لتوحيد الموقف السياسي الوطني الفلسطيني على قاعدة ارضية الموقف المقاوم للاحتلال، فإنه مطلوب  بدرجة اولى، لتوجيه رسالة قوية لانظمة التطبيع، بأن ما اقدمت عليه من خطوات تطبيعية، انما شكل خيانة قومية بحق فلسطين اولاً، وحق الامة العربية ثانياً، وان هذا التطبيع الذي مكن العدو من اختراق العمق العربي، هو الذي جعله  يستقوي بهذا الموقف ويمضي قدماً في التدمير والقتل والتهجير وفرض الصهينة على كل معالم الحياة العربية في فلسطين المحتلة. 

ثانياً، الانتصار للمقاومة العربية بكل اشكالها ضد الاحتلال والتدخل والتغول الايراني في الشؤون العربية الداخلية وخاصة المقاومة الوطنية العراقية التي اجبرت المحتل الاميركي على الانسحاب ، ومن ثم فتح صفحة مقاومة الاحتلال  الايراني عبر انتفاضة شعبية اتخذت بعدين ، واحد  ضد العملية السياسية التي تديرها منظومة فساد عبثت بالامن الوطني والاجتماعي والحياتي ، وثانٍ ضد النظام الايراني بكل تغوله في مفاصل الحياة العراقية .  

هذا التغول الايراني الذي  يعمل على ترتيب اوراقه بعد اتساع مساحة الرفض الشعبي العربي له في ساحات العراق ولبنان وسوريا واليمن واينما اقام له مرتكزات ميدانية مغلفة تارة باغطية مذهبية ،وتارة باغطية سياسية ،سيكون مصيره الانكفاء والسقوط اذا ما تبلور موقف عربي موحد في مواجهته كعدو قومي للامة ،  والتعامل معه بانه عامل  تفكيك وتخريب للبنى المجتمعية العربية بات  يكمل بنتائج دوره ،المخطط الصهيوني الرامي الى تمهيد الارضية لقيام نظام اقليمي جديد ، يكون المكون العربي فيه  هو الاضعف من بين اركان هذا النظام الذي تعمل الامبريالية الاميركية  على تشكيله بالاستناد  الى ثلاثية اسرائيلية وايرانية وتركيا. 

ثالثا، باطلاق موقف سياسي ضد المشروع التركي الذي يستبطنه العقل العثماني اسوة بما يستبطنه العقل الايراني من شعوبية مجبولة بالحقد التاريخي على العروبة، واقله ادانة ما تخطط له الادارة التركية الحالية لاجتياح الشمال الشرقي من سوريا واقامة ما تسميه حزام آمني، بهدف تقوية مواقعها على طاولة الترتيبات السياسية للازمة البنيوية السورية والتي يتحمل النظام السوري المسؤولية الاساسية في دفع الامور الى مستوى ما وصلت اليه من تدمير لكل المدن والحواضر السورية وجعل هذا القطر الاصيل في عروبته يعيش تحت وطأة التهجير والتغيير الديموغرافي كما حصل في العراق في ظل الاحتلال الايراني  وتحويل  سوريا التي كانت دائماً  طالبة او مطلوبة لاي عمل عربي وحدوي قبل  ردة 23 شباط 1966، الى موقع ملعوب فيه ومكشوف امام كل القوى العابثة بالامن القومي العربي .

رابعاً، باعادة الاعتبار لنبض الشارع العربي بتجديد الانتفاضة الشعبية ضد انظمة الفساد والاستبداد والتوريث والتأبيد السلطوي، وتحقيق التحول الديموقراطي في البناء السياسي للانظمة التي تقوم على اساس الفصل بين السلطات وتداول السلطة واطلاق الحريات العامة، وحماية الاقتصاد الوطني بأقانيمه الاساسية من هيمنة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على  هيكلة  الاقتصاديات الوطنية وفقاً لقاعدة شروطها، من رفع الدعم عن السلع والخدمات الاساسية، ولو كان على حساب المقومات الاساسية لمشاريع التنمية المستدامة، الى ربط القروض بسلة من شروط الاذعان.

 ان النضال الجماهيري هو الذي يعيد الحركة الشعبية الى دائرة الفعل السياسي وهو الذي يحصن المشروع الوطني ببعديه التغييري والتحريري بحزام شعبي يحول دون اختراقه وحرفه عن مساره الاصلي.

  ان ما استطاع الحراك الشعبي تحقيقه  في اكثر من ساحة عربية وهو الذي ما يزال متوهجاً في السودان ماهو الا الدليل الحي على  اهمية الشارع المنتفض في فرض اجندة التغيير بوسائل التعبير الديموقراطي.

ان القيادة القومية للحزب التي تكبر في جماهير امتنا العربية حراك جماهيرها لتحقيق التحول الديموقراطي في المجتمعات الوطنية    واقامة نظم العدالة  والمساواة،  واسقاط مفاعيل الدولة الامنية لمصلحة دولة القانون والرعاية الاجتماعية، تدعو البعثيين على مساحة الوطن العربي الكبير لان يكونوا كما عهدهم حزبهم وامتهم في مقدمة الصفوف لقيادة النضال الجماهيري ضد كل اشكال الاستلاب القومي والاجتماعي. وهم بانخراطهم في آليات النضال الجماهيري لاجل التغيير الوطني الدبموقراطي وانخراطهم في الفعل المقاوم للاحتلال اياً كانت هويته وجنسيته لاجل تحرير الارض  العربية المحتلة من فلسطين الى الاحواز، انما يثبتون بالموقف والممارسة صدق الالتزام بالنهج النضالي الذي شق الحزب طريقه منذ الاعلان عن تأسيسه قبل خمسة وسبعين عاماً. فالحزب الذي يتصدر مناضلوه الصفوف ويرتقون في تضحياتهم حد الاستشهاد ومثالهم الحي الامين العام للحزب الشهيد القائد صدام حسين وكل شهداء الحزب من قيادييه ومناضليه من مختلف المستويات الحزبية، هو حزب يدرك حجم الاستهداف المركزي  المعادي له فكراً وتنظيماً ونضالاً من ضمن الاستهداف العام  للامة العربية. وعليه فان رده على حملات الاستهداف، بقرارات الاجتثاث  او بالتآمر  والتخريب والتشويش على مسيرته النضاليه، انما هو في  ساحات النضال ضد اعداء الامة المتعددي المشارب والمواقع. وان المهام النضالية الملقاة على عاتقه في تثوير الشارع العربي ضد اعداء الامة من خارجها وداخلها، تجعله منشغلاً في مواجهة الاصطفافات المعادية ولا وقت لديه  لاضاعة الوقت في المساجلات الاعلامية  على وسائل التواصل مع  المرتدين  والمتساقطين الذين  يقدمون انفسهم رديفاً اعلامياً لكل من يضمر شراً بالحزب، وهم حكماً متهاوون كما تهاوى قبلهم كل من زُيّن له  سهولة النيل من الحزب وشرعيته فكان مصيره السقوط بعد ان خرج عن خط الصواب وانحرف بسلوكه عن ضوابط الموقف والنظام. 

ان القيادة القومية للحزب وفي الذكرى الخمسين لقرار التأميم التاريخي في الاول من حزيران 1972 والذي يعتبر من ايام العرب الخالدة والمجيدة كايام اليرموك  والقادسية الاولى والثانية وحطين، توجه التحية للذين اتخذوا ذاك القرار وامنوا له كل مستلزمات نجاحه، كما توجه التحية لشهداء الحزب والامة وعلى رأسهم صدام حسين شهيد الحج الاكبر قائد العراق ومطلق مقاومته الوطنية ضد الاحتلال الاميركي ورديفه الاحتلال الايراني.

كما توجه التحية إلى الرفيق الأمين العام عزة إبراهيم رحمه الله تعالى وإلى كافة مناضلي الحزب وهم يتصدرون صفوف النضال الجماهيري ويتصدون لمحاولات التخريب على الحزب ومسيرته ووحدته الفكرية والتنظيمية برفع مستوى الاداء النضالي في الساحات والميادين وفي كل ساحات المواجهة مع اعداء الامة. 

تحية لجماهير الامة التي تثور ضد الاحتلال وتنتفض ضد انظمة التطبيع والظلم والاستبداد والردة. 

عاشت الامة العربية، وعاش نضالها من اجل الوحدة والحرية والاشتراكية.

المجد والخلود للشهداء الابرار والحرية للأسرى والمعتقلين والخزي والعار للمتخاذلين والمتآمرين والخونة والعملاء. 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في 3/6/2022م

القيادة القومية: في ذكرى النكبة، فلسطين تستعيد هويتها الوطنية

القيادة القومية: في ذكرى النكبة، فلسطين تستعيد هويتها الوطنية

أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي أن القضية الفلسطينية كانت وستبقى قضية مركزية للأمة وأن مرور الزمن لن يسقطها من وجدان أمتها، وأن فلسطين تستعيد هويتها الوطنية بالنضال على أرضية الموقف المقاوم للاحتلال. جاء ذلك في بيان للقيادة القومية للحزب في الذكرى الـ ٧٤ للنكبة فيما يلي نصه:

تحل الذكرى الرابعة والسبعون للنكبة القومية التي حلت بالأمة العربية في فلسطين، والصراع العربي – الصهيوني ما زال محتدماً على أرضها، وهو يسجل تطوراً نوعياً من طرفيه المباشرين، الاحتلال من ناحية ومقاومة جماهير فلسطين من ناحية ثانية. وإذا كان التطور النوعي لدى العدو يتجسد في تمادي سلوكه الفاشي والعنصري وانتهاكه لكل المواثيق الدولية التي تضمن حقوق الشعوب الواقعة الاحتلال ، فإن التطور النوعي الذي طرأ على مسار النضال الوطني الفلسطيني ،هو شمول المقاومة الشعبية بكل تعبيراتها الكفاحية كل أرض فلسطين التاريخية ، من العمليات البطولية التي تنفذ في داخل الأراضي التي تنفذ على طول الساحل الفلسطيني وفي قلب العصب الاقتصادي الصهيوني إلى المشاركة الشعبية من عمق الداخل الفلسطيني في معارك المواجهات المستمرة وشبه اليومية للدفاع عن الأقصى وحرمه ،وفي التصدي البطولي للمستوطنين الصهاينة الذي يحاولون اقتحام الأقصى تحت حماية قوات الأمن الصهيوني .

إن اتساع دائرة المقاومة الشعبية وتنفيذ ضرباتها في ما يعتبره العدو مناطق آمنه أفقد صوابه ، وجعله يرفع منسوب عنفه من تدمير البيوت وتشريد أهلها، إلى المداهمات التي ينفذها ضد المخيمات والأحياء السكنية بذريعة البحث عن مقاومين ، إلى الاعتقالات الواسعة وارتكاب جرائم القتل الموصوفة والتي كانت جريمة اغتيال مراسلة الجزيرة المناضلة شيرين أبو عاقلة في جنين واحدة من العمليات الإجرامية التي أثبتت أن عدواً يغتصب أرضاً ويدمر مدنها وقراها ويهجر سكانها ، هو عدو لا يقيم أيَّ اعتباراتٍ لحقوق الإنسان ،وهذا ليس غريباً عن طبيعته العنصرية وهذا ما دأب عليه منذ بدأ الغزو الاستيطاني قبل ما يزيد عن قرن من الزمن واستمر برعاية استعمارية بلغت ذروة عدوانها على فلسطين والأمة العربية يوم أقامت الحركة الصهيونية لكيانها الاستيطاني قبل ٧٤ سنة على أرض فلسطين تنفيذاً لبروتوكولات حكماء صهيون، وتوصيات مؤتمر بازل نهاية القرن التاسع عشر ، ومقررات مؤتمر كامبل بانرمان ،ووعد بلفور وتوسعت إلى أراضٍ عربية أخرى عقب حرب الخامس من حزيران ، وهي اليوم تحقق اختراقاً للعمق القومي العربي من خلال اتفاقيات التطبيع مع العديد من الانظمة العربية استجابة للإملاآت الأميركية في اطار ما انطوت عليه صفقة القرن من رؤية لحل ما يسمى بأزمة الشرق الأوسط حسب التوصيف الصهيو – استعماري للصراع العربي – الصهيوني.

إن القيادة القومية لحزب البعث الاشتراكي ، وفي الوقت الذي توجه فيه التحية للمقاومين الأبطال في الأرض المحتلة وتكبر بجماهير فلسطين صمودها وتضحياتها ،ترى أن تشبث شعب فلسطين بأرضه ورفع منسوب مواجهته بكل الامكانات المتاحة ، هو الرد الطبيعي على محاولات العدو اقتلاع هذا الشعب من أرضه وتهجيره عبر” ترانسفير” جديد في استحضار لمشهديات سابقة كما التي حصلت قبل الإعلان الرسمي لاغتصاب فلسطين عند ارتكاب العصابات الصهيونية لمجازرها بحق شعب فلسطين ومن بعدها ما حصل في كفر قاسم ودير ياسين على سبيل المثال لا الحصر.

إن هذا الصمود الشعبي الذي تبديه جماهير شعبنا في الأرض المحتلة رغم الظروف الاقتصادية والشعبية الصعبة، ورغم المحاصرة المالية من أنظمة النظام الرسمي العربي وربط تقديمها للمساعدات بالحصول على تنازلات سياسية خدمة لمسار التطبيع ، هو اثبات على أن أمتنا العربية تختزن بذاتها كل مقومات الصمود والانبعاث المتجدد، وأن القضية الفلسطينية التي تشكل قضية مركزية للأمة لن تسقط بمرور الزمن ، وأن الذي تعيشه فلسطين الواقعة برمتها تحت الاحتلال هي تأكيد بالحس والملموس لمقولة القائد المؤسس الرفيق ميشيل عفلق بأن أمتنا موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح ويمارسون الكفاح بكل أشكاله وهو الذي بلغ ارتقى تجلياته في تعبيرات المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والذي أبرزت الأمة مثيلاً له في مقاومة شعب العراق عبر مقاومته الوطنية ضد الاحتلال الأميركي واستمرت فعالياتها في مشهديات الانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال الإيراني وتغوله في مفاصل الحياة العراقية وفي المقاومة العربية لكل أرض عربية محتلة أياً كانت هوية دولة الاحتلال أو جنسيته.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تعتبر أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، ترى أن تصعيد الكفاح الشعبي هو السبيل الوحيد لتحرير الأرض واستعادة الحقوق الوطنية والقومية المغتصبة. وهذا ما بقدر ما يتطلب ارتقاء في أساليب المواجهة، فإنه يتطلب وبدرجة أولى، وحدة وطنية فلسطينية تجمع كل الطيف السياسي الوطني على أرضية مشروع مقاوم متوجه نحو التحرير ويكون على درجة عالية من الحصانة السياسية لحماية المقاومة من الانزلاق إلى الصراعات الفئوية وتقديم الصراع على سلطة وهمية على الصراع مع العدو الذي يمضي قدماً لفرص الصهينة على كل مناحي الحياة في فلسطين المحتلة. كما أن هذه الوحدة تشكل حصانة للموقف الوطني الفلسطيني من محاولات أطراف إقليمية وخاصة النظام الإيراني الذي يتدخل بالشأن الفلسطيني لمجرد الاستثمار السياسي خدمة لمشاريع تستهدف الأمن القومي العربي، مستفيداً من الانقسام السياسي في الساحة الفلسطينية والتخاذل الرسمي العربي بسبب الانكشاف القومي الحاصل من جراء العدوان على العراق واحتلاله واسقاط نظامه الوطني الذي كان يشكل سنداً لقوى الثورة الفلسطينية ورافعة للمشروع القومي العربي ذي الأبعاد الوحدوية.

في هذه المناسبة التي يحييها العدو الصهيوني باعتباره مناسبة إعلان الاستقلال لدولته، هي بالنسبة إلى شعب فلسطين والأمة العربية نكبة قومية، كون الأمة أصيبت في صميمها بإقامة كيان غاصب في قلبها لتنفيذ مخطط قديم حديث للحؤول دون توحيد الأمة العربية وتقدمها وتحررها السياسي والاجتماعي.

من هنا، فإن الأمة التي نكبت بفلسطين قبل نيف وسبعة عقود قادرة على استعادة زمام المبادرة، وهذا لن يحصل إلا بإعادة الاعتبار للخطاب القومي وتوحيد الجهد العربي ببعده الوحدوي والتحريري وبمضمونه التقدمي التحرري.

وعليه فإن القيادة القومية للحزب وفي هذه المناسبة تدعو إلى توحيد قوى الثورة الفلسطينية وتفعيل حركة المقاومة على قاعدة إعادة الاعتبار للاآات الخرطوم، وإطلاقه حركة شعبية عربية دعماً لفلسطين وثورتها ولمقاومة نهج التطبيع والمطبعين الذين يفتحون الأجواء والممرات أمام العبور الصهيوني إلى العمق العربي في الوقت الذي يغلقونها أمام قوى المقاومة وجماهير فلسطين الصامدة الصابرة.

إن وحدة وطنية فلسطينية، وحراك شعبي عربي تقوده قوى حركة الثورة العربية من شأنها أن تعيد توجيه البوصلة باتجاه أهداف التحرير والتغيير وإطلاق دينامية نضالية شعبية عربية تلاقي المقاومة الشعبية التي استطاعت بنضالها أن تعيد لفلسطين هويتها الوطنية، وأن تقدمها للرأي العام الدولي باعتبارها قضية حق تقرير مصير لشعب سلبت منه أرضه ويمنع من التمتع بحقوقه الأساسية.

إن التحول الحاصل في الرأي العام الدولي وخاصة مؤسساته وهيئاته ذات الصلة بالدفاع عن حقوق الإنسان والتي صنفت “إسرائيل” باعتبارها دولة فصل عنصري، وفي قرار المحكمة الجنائية الدولية بأنها صاحبة اختصاص للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها “اسرائيل” باعتبارها سلطة احتلال في فلسطين المحتلة، ما كان ليحصل لولا الصمود الفلسطيني وتمسكه بأرضه والدفاع عن مقدساته وحرماته.

فلتكن هذه المناسبة التي يقاربها البعض بأنها ذكرى نكبة، بأنها مناسبة لتصعيد النضال بكافة أشكاله على مساحة كل فلسطين، وليكن مناسبة لتوحيد الموقف الوطني في مواجهة عدو الأمة الوجودي وفي مواجهة من يستثمر بالقضية الفلسطينية ومن يطعن هذه القضية من بوابة التطبيع.

في هذه المناسبة التي ندعو فيها جماهير الأمة العربية وقواها الثورة لأن تكون حضناً دافئاً للقضية الفلسطينية كما أوصى به شهيد الحج الأكبر الأمين العام للحزب القائد صدام حسين، نؤكد بأن فلسطين التي لم تكن مستهدفة لذاتها وحسب، كانت وستبقى بالنسبة لجماهير الأمة عامة وللبعثيين خاصة في قلوبهم وأعينهم إذا ما استداروا إلى أيٍ من الجهات الأربع.

فتحية لفلسطين وجماهيرها وثوارها من مقاومين بالبندقية والكلمة والمسيرات الشعبية والاعتصامات في الساحات والميادين.

والمجد والخلود للشهداء الأبرار والحرية للأسرى والمعتقلين والخزي والعار للعملاء والخونة والمطبعين.

وعهداً أن تستمر المسيرة لأجل تحرير فلسطين وتحقيق أهداف أمتنا العربية في التحرر والتقدم والوحدة ولإنهاء كل أشكال استلابها القومي والاجتماعي.

عاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر، عاشت الأمة العربية.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي.

في 15-5-2022م