شبكة ذي قار
نص خطاب الرئيس العراقي صدام حسين-أواخر 2006

نص خطاب الرئيس العراقي صدام حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

“قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم”

“فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون”

صدق الله العظيم

 

أيها الأخوة، أيها السادة، أيها الذوات،

 

وكلّ على استحقاقه وصفته، وإلى أولئك الذين لم يخونوا العهد ولم يتناسوا الوعد والود، محبتي وعهدي، وسلام إلى شعبنا العزيز المبتلى، رجال وماجدات، وإلى قواتنا المسلحة المجاهدة ومنهم رجال المهمات الصعبة، وقوى الأمن القومي، وسلام إلى من أخطأ وتراجع، أو ظن وصحح وإلى المجاهدين والمجاهدات أكرم وأجزل السلام.

 

 

 

أيها الأخوة: ليس فيما أريد التحدث عنه تحت عنوان الدفاع، أو آخر الأقوال قبل إعلان الحكم، هو الدفاع عن صدام حسين، لأن ذات صدام حسين وموقفه لا يقبلان الدفاع عنه، وإنما عن الشعب والوطن والمسيرة.

 

ولذلك فلن أنشغل بالجزئي عن الكلي، ولا بالمحدود عن الشمول، إلا كمثله يستدل منها على الحقائق الأعم الأشمل لمن يجهلها أو نساها، وفي كل الأحوال لا يهمني أصحاب المواقف المسبقة الذين وسخوا حتى الضغينة من فرط حقدهم حتى وصلوا إلى الوصف الميئوس منه ولا يرجى شفاؤه ولذلك ليس لي فيها إلا الدعاء إلى رب العالمين أن يصلح من يشاء ويسحق من يشاء بغضبه وسخطه.

 

 

 

أيها الأخوة: ليس تقضي المداخلة في أمر إلى نتائج صحيحة إن لم يكن المدخل إليها صحيح، وعلى هذا أقول مثلما قلت من قبل شِفاها أو في مذكرات عديدة قدمتها إلى ما سُمي بهيئات تحقيق أو إلى المحكمة، ومثلما قال محامو الدفاع الشجعان، ومنهم شهداء الحق والقانون يتقدمهم الشهيد المحامي الغيور الشجاع خميس العبيدي، طيّب الله ثراهم.

 

أما رجال القضاء والقانون أو مَن حسبوا عليهما في هذه الهيئة وما حولها فلا تستبعد ان يظهر منهم مَن هو عفيف نظيف وطني شريف وقبلوا ان يكونوا على الصفة التي قبلوها لأمر ولظرف بعينه مثلما قبل الأستاذ الكريم، ابن الوطن والشعب الأستاذ رزكار ذاك في حينه، ولكنه وعندما اصطدم الحق بالباطل، وأصر ممثلو الباطل ان يعاكسوا الحق وتصوروا واهمين أنهم قادرون على ان يفرضوا الباطل على الناس الشرفاء، رفض الأستاذ القاضي الأول روزكار محمد أمين، الباطل وأهله بشرف وأعلن استقالته من رئاسة هذه المحكمة لكي لا يتحمل هو وعائلته ثقل الرضوخ لإرادة الباطل، فكان على ما تعرفون، وهكذا انتصر الأستاذ رزكار ليس لشرف المهنة التي انتسب إليها وسمعة القضاء العراقي فحسب وإنما انتصر لحق شعبه الحر الأبي ولكل شريف يرفض الغزو والباطل الذي لولاه لما ذرّ بقرنه في عراق الفضيلة والمجد السوء على ما انتم تعرفون.

 

فإليه منّا خالص التقدير وإننا لنهنيء ضميره الوطني الحي النظيف الذي دلّه على السبيل المنقذ للروح من أن تتلوث والأخلاق من أن تخضع لمساومة رخيصة، ومن خلاله نهنيء شعبنا الكردي فيه بل كل رجال القانون وشعبنا العراقي المجيد، وأرفق نص استقالته ليطلع عليها مَن لم يقرأها، واعتبرها جزءا من دفاعي هذا أمام الحاضر والتاريخ.

 

حملوا الذمة عهدا في قضائنا *** من يخزي العهد فهو خزيان

 

ناس وناس ألوان صفاتهم *** فمن هائن أو لجين وعقيان

 

 

 

أيها الأخوة… السادة… الذوات

 

يمكن للناس أن يخطئوا وأن يعودوا عن خطأهم ويصلحوا ويعفو الله وذوو الأمر من الخيرين عن ذاك، أما من يرتكب جريمة مخلة بشرف المهنة وقدسية مبادئ الشعب الوطنية والقانون قاصداً متعمداً وهو يعرف آثارها الآنية والبعيدة، فهو غير ذاك الذي لم يخطئ عن دراية أو أخطأ وإن عن دراية ولكنه تراجع ولم تفته فرصة التراجع، وإن مَن يعرف القانون في الحق والواجبات معرفة المختص، غير مَن تكون معرفته في ذاك معرفة المكلف بعدم خرقه فحسب، وإن الإنسان المؤمن في دينه كعقيدة عامة غير رجل الدين المسؤول عن تبيان تفاصيل الدين، حقوقا وواجبات، مع تفاصيل أخرى معلومة، وها قد جاء دور مَن يقول بأنه رجل قانون في هذه القاعة، ومنهم، بل في مقدمتهم من يجلسون على المنصة أمامي ليقولوا رأيهم الحاسم، فإن أبطلوا فإلى جحيم الدنيا والآخرة، وإن أعدلوا فقد أنصفوا أنفسهم مع مَن ينصفون، ويحمون شرفهم، وسمعة القضاء العراقي وحق العدل عليهم، ولكنهم عندما لا ينصفون فلن يؤثروا سلباً في شرف أحد من الناس ولن ينتزعوا منه شيئاً مما هو أغلى من الحياة.

 

 

 

نعم أيها الأخوة… الأصدقاء… وأيها الذوات في الهيئة التي أمامنا في هذه القاعة، وحيث يبدأ القول بأن جلساتها تفتتح باسم الشعب. نعم إن الشرف أغلى من الروح، وإن الوطن أغلى من الدم، وإن الشعب أغلى من النفس، وإن المال ليس إلا في سبيل الله والندا.

 

حلت أو اقتربت اللحظات التي توجب أن تعبر الكلمات والمصطلحات عن معناها بفعلٍ ذي تجسيد حي، وصار الحسم قريبا فيمتحن شرف أهل الشرف الذين لا ينسون الله ولا التاريخ، ويتشرف التاريخ ويتمجد بهم ولا ينساهم… لقد دافعنا عن كل عراقي صميم في الشعب وعن شرفه الوطني ومصالحه الرئيسية، ومن هم أمثالهم في هذه القاعة وحفظنا العهد الذي قطعناه بقسم جليل أمام الشعب، بعد إذ اختار صدام حسين رئيسا للجمهورية باستفتاء عام، ولم نخون إرادتكم ولم نتنازل عن دور إرادة الشعب الوطنية التي ضحى من أجلها العراقيون من ثورة العشرين 1920 وحتى الآن أنهار من الدم، ولذلك رفضنا إرادة الغزاة قبل الغزو وأثناء الغزو وعبّرنا بصدق وفضيلة، أنا وإخواني المسؤولين الذين حافظوا على شرف المسؤولية ومعنى العهد والوعد، ولقد جاء دور الإرادة على الوصف الذي بيّنا لتمحن في هيئة المحكمة، فإن فازوا، فقد فازوا، أمّا نحن فإننا فائزون في الدنيا والآخرة، إن شاء الله، على وفق معاني الجهاد. لذلك فإننا نبصر ونشجع ونحث أنفس قد تحتاج قولنا هذا، ومن أجلها، وليس من أجلنا وفي كل الأحوال ليس من أجل نفس صدام حسين، حيث صيغت مثلما أراد الله وقضى بذلك قانون الوراثة والالتزام بشرف المبادئ الغراء، ولذلك فإنها، أي نفس صدام حسين، تستغرب لو أن صدام أطلق فكرة من أجل نفسه، لا سمح الله بل وتثور عليه وتنهيه.

 

من أجلكم أقول، ومن أجل غير نفسي أُنبّه وأدعوا، وأعمل، وفي سبيل ربي وشعبي ووطني وأمتي أموت ولهم أعيش حيث أعيش… والله أكبر…

 

عليةٌ نفسي والفصل فيها عليُ *** ومن صلب جدي الحسين العليُ

 

ما دنت في موحشة نفسي إلى خائب *** وترّفع عزمي في الهيجاء أبيُ

 

ولا غرق خبئي من سيلً جارفً *** أو أزاح عدوّي رجال نؤيُ

 

وما ندّت من حر ولا برد *** أو آوارها دون ربعها الفيُ

 

سخية دمائنا حيث اشتد أوارها *** وفي العطاء حيث دلج العفاة سخيُ

 

أذبّ فيها وإن طال مداها *** وليّ الناس والرب لي وليّ

 

ترّف راياتنا رغم أنف العدا *** قد رآها الشهيد ومثله الحيُ

 

إذ تبرق غيوثنا تهطل زخّا *** ولرعودها صوت يتفرقع ودويُ

 

عُمّرت من بعد نوح أرضنا *** قد باركها إبراهيم النبيّ

 

ترفض خائنها وكل غريب *** فيقفو فيلهم وثعلبهم والمطيّ

 

تكسحهم عواصفها وإن تشبثوا *** هم صراخ يستغيثون عويّ

 

شدّوا رحالكم قبل أن يغمركم جارفها *** فجارفنا ليس كجارفكم غبيّ

 

ونعّمر أرضنا وإن خربوها *** فلا يبني في الصعب الوفيّ

 

 

 

أيها الذوات، في هيئة المحكمة: هل انتم فاعلون ما ينبغي وما يجب وكبح أي هوى أسرته الضغينة وأستودع الشره والطمع التافه في أكناف النفس!؟

 

 

 

أيها الذوات، في هيئة المحكمة ورئاستها جاء الوقت لتمتحن عراقيتكم ووطنيتكم وأصالة من يقول بهذا، وهي أمام مفترق فإما أن يمثلها أو يخونها، وعندما أقول هذا لا لكي أخلص من حكمٍ أعرف أنه صدر علي كهوى نفسً خبيثةً حاقدة منذ عشرات السنين وأعرف أن الصهيونية وممثلي الاستعمار والصفويين وسيدتهم لا يرتاح لهم بال إلا أن تتهيأ الفرصة لمن يطبّقه، وها قد جاءت فرصتهم فإنهم فاعلون، ولو سمح الله لموج شرورهم أن تغرق من تغرقهم، وإذا منعهم الله فهو القوي المكين. (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).

 

ولقد، بيّنت لكم من قبل كيف ساومني أحد الجنرالات الأمريكان على حياتي مقابل أن أخون نفسي لا سمح الله، فأدعو الشعب إلى إلقاء السلاح بلا شروط، وكيف أخزيت نواياهم وأعليت راية شعبي وجيشي وأمتي عندما رفضت ذلك الطلب الخسيس. وإنكم تعرفون في تمام اليقين أن محاكمة صدام حسين رئيس الجمهورية وإصدار قانون مرتب خصيصا في ظل الاحتلال وسريانه بأثر رجعي عليه وعلى رفاقه وهم معتقلون وأسرى حرب بالطريقة التي حصلت تعّد خرقا للقانون الدولي، إنني عندما أدعو قانونيين في هذه المحكمة إلى أن يعدلوا فإنني أدعو طبقا لصفتي العادلة وما اتصل بممارسة مسؤوليتي على أساسها، وإلى ديننا الحنيف وتراثنا الخالد، وتعرفون ويعرف الشعب الوفي الأمين، بأنني لست من النوع الذي يضع نفسه وعائلته ومن يحبهم، على وفق خصوصيته، قبل الشعب ومبادئه فإذن، فإن هذا الذي أقوله ليس لكي يخلص صدام حسن من شيء ذلك لأنني لا أخشى المواجهة وأعرف أن الطريق الذي اخترته وقدت شعبي عليه يتضمن التضحية، ولأن في عرف مبادئي وإيماني، فإن من يقود، أوّل من يضحي وآخر من يستفيد، فإن التضحية لا توجعني مثلما يتوجع منها آخرون.

 

وعلى هذا فليس هناك، ما يجعلني جافلا على نفسي من شر الأشرار، وأمامكم سفر حياتي واضحا جليا في هذه المنازلة أو قبلها، وإنما أحاول لأغّير مَن قد يتغير لأخرجه من الظلام إلى النور، وهو واجبي الأخلاقي والمبدئي والدستوري، إزاء شعبي، ولذلك فإنني عندما أحاول لأجعل المخطئ يعود عن خطئه وخطيئته ويملأ المتحين فرصته بشرف فلا تفوته، فإنّ نفسي تمتلئ بالسرور، وهي دعوة ليست موجهة إلى رجال القانون والقضاء فحسب، وإنما إلى الشعب أيضا بكل ألوان الطيف الذي هم عليه، بما في ذلك من اختلفوا أو قد يختلفون معن في اجتهاد أو لون.

 

جاء الوقت لمَن فيه بقايا خير أن يؤسس عليها ليساعدوا، فتندمل الجراح لا لتتفتق جراح جديدة، وإذا كان لي أن أطلب من هيئة المحكمة، وهو أبسط حقوق في القانون، إذا ما وسوس شيطان من يوسوس له داخل صدره، أو شياطين الأنس له فتقرر على صدام حسين مثلما صرح بذلك الصفويّون تنفيذ حكم الإعدام فعليهم أن لا ينسوا إنني القائد العام للقوات المسلحة وأحمل أعلى رتبة عسكرية، لذلك فإن تنفيذ الإعدام بي ينبغي أن يكون رميا بالرصاص وليس شنقا، أتراه ثقيلا عليك طلبي أيها القاضي رؤوف، وأيها الذوات على منصة المحكمة؟ حسبي الله ونعم الوكيل… والله أكبر…

 

 

 

أيها الأخوة… أيها الأصدقاء… يا أبناء شعبنا العظيم رجالا ونساءً، وبكل عناوينهم ومسمياتهم: إن محرك أساسيات الظواهر في العراق، أو من يوحي بها بصورة مباشرة مثلما كان قد فعل بريمر وَمن يأتمر بأوامره، بما في ذلك سنّ قوانين نسبها إلى العراقيين ومنها القانون المسخ لهذه المحكمة، هم الغزاة الأمريكان ومَن صار لهم مطيةً يرفعون على ظهره “جزماتهم” لكي لا تظهر طبعات أحذيتهم على الطريق، وإنكم تعرفون هذا. أمّا قولهم بثورة الثائرين ضد نظام البعث ألصدامي الدكتاتوري كما يحلو للبيادق الملطخة أيديها بدماء الشعب أن تقول، فهو الآخر هراء، ذلك لأن جدار الثورة ومسيرة الشعب المظفرة على خط سيرها أشمخ من أن يتسوّرها الأقزام، ولقد حاولوا عام 1991 وباتفاق مسبق مع أمريكا وإيران، حاولوا في أواخر شباط، في 29 شباط وفي 1 آذار وما بعدهما وطيلة شهرين كاملين، ورغم أن طائرات العدو كانت آنذاك لم تترك بعد أجواءنا بما في ذلك فوق بغداد العزيزة، فقد أخزاهم وعي الشعب وصلابة جيشنا البطل بعد إرادة الله، ولكنهم في هذه ليس إلا كلابا ضعيفة رافقت ضعنا أجنبيا ودخلت من البوابات التي دخلها وما زالوا به يُحمون ويُحرسون، ويستقوون على شعبنا البطل وتشكيلات جيشنا الشجاع وقيادته العامة.

 

 

 

أيها السادة… الذوات… الأخوة كلّ على صفة نفسه، كانت فكرة المحكمة أساسا فكرة أمريكية طرب لها الصفويون وناقصو الصفاة ودُفع إلى آتونها من أريد أن لا يطلق سراحه من الأسرى والمعتقلين ليبقوا أيدٍ يختارونها مقيدة في المعتقل، ثم امتد خيال الغزاة وأهل الضغينة من الأذناب إلى أن يجعلوا المسيرة الغراء وقادة وقياديين فيها ولقد أعلن المتوحشون المسؤولون الأمريكان ذلك قبل الغزو وفي ظنهم قادرون على ما خططوا له، بل وعلى الإساءة إلى المسيرة كلها، معتمدين ومتصورين خطأ بأننا غير قادرين لمواجهة التزييف بالحقيقة الناصعة، وأرادوا كذلك واهمين أن يثلموا اعتبارنا، فجاؤا بنا في الجلسات الأولى في التحقيق والمحاكمة، وقد أرسلت شعور رؤوسنا على غير انتظام، وقد حجبوا عنا كل الوسائل التي تذكرنا بأي معلومات مفيدة يمكن أن تذّكرنا وتدعم حجّتنا من راديو أو تلفاز أو صحف، بل حتى بالنسبة لي حجبوا عني خطب وأحاديث صدام حسين، وربما فعلوا نفس الشيء مع أخواني المحالين إلى المحاكم الصورية هذه أو المحاكم الأخرى، ومع أن إخواني في معسكر الاعتقال الآخر، زوّدوهم بصحف محلية مرتين في الأسبوع وتسجيل تلفزيوني لمختارات بعينها ومحطة راديو بعينها، أما أنا فبقيت على الوصف المتقدم سوى أعداد لا تزيد على احد عشر أو اثني عشر نسخة من صحف عراقية جاء مقص ”الرقيب الديمقراطي” على القسم الأكبر منها، وحتى آخر جلسة حضرتها قبل الامتناع عن حضور الجلسة الأخيرة… رغم ان تلك الصحف كلها صحف محلية صدرت بعد الغزو وخلع العذار عن ناس بعينهم في هذه القاعة ليطلقوا أوصافا مسبقة واتهامات تنطبق عليهم، لا على من أسموهم خلافا للقانون الدولي والعراقي والدستور، بالمتهمين وعلى سبيل التذكير وليس حصر كل ما قالوه.

 

قال أحدهم معلقا على قول الأستاذ طه ياسين رمضان عن التنمية التي ابتدأت في منتصف السبعينات على نطاق واسع مما عملنا قبلها وأكثر اقتدارا وسميت في حينه بالتنمية الانفجارية نظرا لشموليتها وسرعة إنجاز المشاريع فيها، علّق قائلا التنمية المصيبة التي خرّبت العراق. وقال آخر واصفا في لائحة الاتهام، من أسموهم بالمتهمين “الذين عاثوا في الأرض فسادا” وبذلك نضح الإناء عما فيه، وينطبق على القولين المثل العربي “أحشفاً وسوء كيلة”!

 

ويبدو أن لهذه المباراة مَن يشجعها في القاعة التي تطل على قاعة “المحكمة” “كمايسترو” ومستوحى من علاقته الجديدة مع الأمريكان كنسيب ومقّرب ليغرف من شطّي السوء الصفوي، الإيراني، والأمريكي الصهيوني، فبانت حقيقة الناس، وعُرف مَن هو مسك وريحان، أو مَن هو على الوصف الرديء.

 

ولكي نقارع الحجة المتهافتة بالحجة الصحيحة والصميمة، ولكي نقارع الحجة المتهافتة تقديرا لشعبنا العظيم ومَن يهمه معرفة الحقيقة مثلما هي، بما في ذلك ناس في هذه القاعة فلنأخذ ثلاث سنوات أو أقل من عمر ثورة 17-30 تموز المجيدة إبتداءً من يومها الأول يقابلها أكثر من ثلاث سنوات من غزو بغداد والعراق، ودور رجال المسيرة الغرّاء فيها، ودور الغزاة وعملائهم في الثلاث سنوات المقبلة لتعود الحقيقة المشرقة واضحة بهية، بعد أن حاول الظلام أن يسدل عليها أستاره، أقول لكم شذرات موثقة من تلك السنوات الثلاث تموز/1986، وآذار0 1970 وجدنا في ميزانية الدولة ثلاثة ملايين دينار فقط، مما جعلنا نحير بعض الأشهر في تدبير رواتب الموظفين ورواتب الجند، حتى أن المرحوم الرئيس البكر فكّر بأن يبيع للمواطنين معسكر الجيش في الوشاش بعد أن يقطعه بمساحات لأرض سكنية يفيد ثمنها جانبا من نشاطات الدولة، وقد عارضته واقترحت عليه وعلى مجلس قيادة الثورة في اجتماع رسمي، أن نحوله إلى متنزه للشعب، حيث يعّز أن تتهيأ مثله فرصة في المستقبل، بعد أن يتحسن حال الدولة المالي، ولكن كان مع رأيي الأقلية وصار إلى جانب المرحوم البكر الأغلبية من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكلف المرحوم صالح مهدي عماش، وكان نائبا لرئيس الوزراء، ووزيرا للداخلية في حينه أن يعاونه أمين بغداد ليقّطعوا المعسكر إلى قطع سكنية ويعلنوا بيعها للمواطنين، وكان ذاك في أوائل عام 1969 على ما أذكر، وقد باعوا من المعسكر كل مساحة الأرض الواقعة إلى الغرب من شارع الزيتون، فقط، بعد مضي ستة أشهر على إعلان البيع، وكان مجموع قيمة القطع المباعة بحدود المئة والثمانين ألف دينار فقط. أكرر مئة وثمانين ألف دينار فقط، فطلبت ان يعاد مناقشة الفكرة مرة أخرى في مجلس قيادة الثورة وبعد أن قدم المرحوم صالح عماش تفاصيل واقع البيع والمبلغ المتحقق اقترحت إيقاف البيع وتحويل ما تبقى من أرض المعسكر إلى حديقة ومتنزه عام فحصلت على تأييد من كل أعضاء مجلس قيادة الثورة تقريبا بما في ذلك المرحوم الرئيس أبا هيثم حيث كان في المناقشة السابقة من بين الأكثر حماسة لفكرة البيع.

 

وفي ذاك الزمن القصير مما ذكرنا وفي الأيام الأولى بعد الثورة مباشرة أطلقنا سراح كل المعتقلين السياسيين الذين كانوا معتقلين من النظام السابق الذي أقصته الثورة وكان المعتقلون آنذاك، طيفاً من الناس تحت مسميات شتى، وكلهم كانوا معادين لحزبنا وثورتنا، ولم نبقِ في السجن أحداً منهم بما في ذلك الكرد الذين كانوا في المعتقل.

 

وأعدنا كل المفصولين من وظائفهم لأسباب سياسية مع حقوقهم، ومنهم الكرد والشيوعيين.

 

وحققنا السلام في شمال الوطن وأنهينا القتال على أساس بيان 11/آذار/1970، بعد قتال استمر من عام 1961 وعجزت كل الحكومات المتعاقبة على إيقافه باتفاق.  ذلك الاتفاق الذي وقعنه مع المرحوم ملاّ مصطفى البارزاني.

 

وبدلا من الانفراد بالسلطة، وهو حق لو أريد الانغلاق نظرا لأن الثورة قادها وخطط لها ونفّذها حزب البعث وحده، ولكننا بعد أن استقر لنا الحال تماما، أقمنا جبهة وطنية وشاركنا كل الأطراف المؤثرة وفي المقدمة منهم من مثل البارزاني في حينه في الحكم، وقد بدأ الخير يتدفق باستحياء على العراق والعراقيين لأن النفط كان في قبضة الشركات الاحتكارية والدول الكبرى, حتى أممنا نفط الشمال في 1 حزيران عام 1972، وبعده أممنا نفط الجنوب وكنا سبقنا هذه الخطوة بالمباشرة لاستثمار النفط وطنيا، خارج الامتياز من حقول نفط شمال الرميلة.

 

وقد أنجزنا ثورة تموز بصفحتيها في 17 وفي 30 تموز عام 1968، ولم ُيرَق فيهما إلا دم جندي واحد في الخطأ، ولم يفقد أي مواطن من أقصى العراق إلى أقصاه في الثورة ولا حتى قلم رصاص أو درهم، وعلى هذا سميت الثورة البيضاء، وهو عهد قطعناه على أنفسنا بقرار من القيادة سبق تنفيذ الثورة بعدة أيام فقط، وباقتراح مني أن نعمل على استقرار البلد ونبذ الثارات وعدم المحاسبة على ما سلف ولم نعتقل بعد الثورة مباشرة أياً من المسؤولين، بما في ذلك رئيس الجمهورية. ولا أي مواطن على فعل سابق للثورة.

 

هذا مختصر لما كنا عليه في السنوات الثلاث من عمر ثورة الشعب والجيش، ٠ فأي شيء حقق أسياد المتطاولين وأذناب أمريكا وإيران وخدمهما في السنوات التي أعقبت احتلال بغداد العزيزة من الغزاة؟ وهل ثمة مجال للمقارنة بين ثلاثٍ…  وثلاثٍ.

 

يا لشقاء من يدّعون، أيمكن أن تقارن الثريا بالحضيض الآسن!؟ ومَن يا ترى يعيث في الأرض الفساد.

 

وهل هذا الوصف ينطبق على الأزنام وأسيادهم أم علينا نحن وشعبنا وجيشنا!؟

 

هذه شذرات من بحر الخير الصاخب الذي أنجزته الثورة وكلما توغلنا أكثر في سنواتها اللاحقة يصبح الخير بِحارا ويتحول إلى محيط زاخر، حتى دهمنا الشر من أم الأزنام ولكن الخير لم يتوقف ودهمنا بعد ذاك ش الغرب على ما تعرفون ويكفي في هذا أن نقول كان ريف العراق قبل الثورة يندر فيه من بنى بيته بالطابوق أو الحجر، وقد لا يزيد في كل ما في ريف العراق من بيوت من الطابوق والحجر آنذاك على مئة بيت أو أكثر، رغم أن الريف العراقي يسكنه الملايين.

 

وقد قلت هذا الرقم من غير إحصائية وإنما على القياس المتخذ من محافظة صلاح الدين، حيث كان في كل ريف المحافظة بيت واحد من الطابوق، هو بيت المرحوم غازي العلي الكريم في ريف سامراء، ناحية مكيشيفة الآن وقد كان نائبا في مجلس النواب قبل ثورة تموز عام 1958، وكانت نسبة الأمية في العراق حتى عام 1969 أو عام 1970 هي 73%، وكان عدد من تراه يحتذي حذاءً في الريف نادرا إلا إذا كان يهّم بسفر إلى مدينة.  وكان في بغداد فندق واحد من طابقين يوصف من فنادق الدرجة الأولى وليس غيره في كل العراق من هذا الوصف، وكان مصعد القصر الجمهوري إذا توقف ليس في العراق من يصلّحه، وكان يشغّله هو وأجهزة التكييف في القصر الجمهوري والمجلس الوطني مهندس واحد.  وإذا توقف المصعد نأتي بمن يصلحه في طائرة من الشركة الإنجليزية التي بنتهما، وكانت بغداد على أشّد تناقض بينها وبين تأريخها.  وكانت مدن العراق الأخرى، وريفه مهملين وحتى أواسط الثمانينات ليس هناك في العراق مَن يجرؤ ويعرف كيف يُنصب مصعد جاهز، حتى طلبت من المهندسين أن يستقدموا من يركّب لهم مصعدا واحدا أو مصعدين، وعليهم بعد ذاك أن يتعلموا هم من غير مساعدة أجنبية حتماً في تركيب المصاعد وتشغيلها، وكان في الدولة قصران هما: القصر الجمهوري وهو القسم الأوسط بين الجناحين المستحدثين من قبلنا وبناية حمورابي المسماة المجلس الوطني.

 

 

 

أما في الصناعة والزراعة والثقافة والصحة والتعليم، فحالٌ يرثى لها. فهل تعرفون وإذا عرفتم هل تذكرون أم أن الخائبين ينكرون ويتناسون؟

 

استدّت عزائمنا فجال الحسام *** يواجه رماح صفّق لها الأزنام

 

وحيث تعالى في الساحِ عقوبها *** كان لنا في ساح الوغى قُحّام

 

تمادت كانونة النار من شرقنا *** وتمادى مثلها الأطلسي السّخام

 

فجاءت أمواجه تزاحم بظلمته *** فما أخاف إذ ازدحم الظلام

 

فاقتربوا وسددوا رماح إلينا *** انزاح الغبار فخفقت أعلام

 

فثبت في صدور أهلها عزائمهم *** ولم يضطرب من السيل السّنام

 

وانتخت همم غرّا تواجههم *** فتخالف رمحهم وحسامنا والسهام

 

فتصاهلت الخيول تعقبها أمهارها *** واضطربت النياق وغزاها السقام

 

فطاش الرمح وأعيته مخاضتها *** واخترق صدر العدو الحسام

 

هكذا تالدٌ عن تالدٍأهلنا *** فسجّل التاريخ وعرفتنا الأنام

 

ذاكرتهاالمقداحة تذكره *** إن نسى من نسى الأقلام

 

قداحة الروح محبتنا لأمتنا *** نصوم ونفطر ومن الإيمان الصيام

 

وشعبنا فيه عزيز أمانينا *** فحتما ينهزم العاتي الظلام

 

نصوغ بالشرايين عزّته وسعادته، *** وإن كان في ذاك الحِمام

 

فتلد في العراق شمس جديدة *** وتلّذ وتحلو به الأنسام

 

فنسمع زقزقة *** ويُسمِعُنا الهديل الحمام

 

فتميس شواطئها فخورة *** ويضجّ بالترحيب الأنام

 

 

 

أيها الشعب العظيم يا رجال القضاء الحقيقيين، هذا هو الوقت، الذي وإن ادخر مَن ادخر كل شيء فقد حلّ ما يتوجب أن يبذل من غيرما يتردد، بما في ذلك الدم الزكي.

 

وما زال رجال نجوم في القانون، يواكبون معاني الشعب والأمة والإنسان، أبرزهم الرجل الفاضل الأمين، والقاضي الأول، ابن العراق البار وابن الكرد البار رزكار، حفظه الله ومكّنه على طريق الإنصاف والفضيلة بما يعّز القانون والقضاء وبما يعّز الحق ويخزي الباطل، إنه سميع سبحانه مجيب.

 

كان ذاك الرجل الوقور عندما تبين الحقيقة، وعرف إن الغزاة والمزورين يريدون أن يدفعوه إلى الظلام لارتكاب الخطيئة وليس تطبيق القانون، أبى لنفسه أن تتلوث والشرف أن يتدنس، فنزع عنه ما أرادوا أن يلبسوه إياه واستقال فإليه تحيتي وتقديري.

 

 

 

أيها الأخوة والذوات أيها الشعب العظيم

 

إننا على ثقة بأن سندان الحق في صدور شعبنا الوفي الغيور.

 

سيعمد الحق إزاء مطارق الغش والتزوير والدنيّة، وستتهشم مطارق الباطل وتعيا أذرع الشر ويتفوق الحق، وسيضاف صمودنا إلى البحر الزاخر لما في صدر شعبنا وصدر كل مؤمن غيور.

 

عاش شعبنا

 

عاش جيشنا الأغّر الباسل

 

عاش المجاهدون، عاش المؤمنون الصادقون، عاش محبّوا السلام

 

عاشت أمتنا المجيدة

 

والخزي والعار والشنار لأهل العار

 

 

 

قلت وما زلت أكرر القول بأنني عندما أوضح الحقائق وفق رؤيتي واجتهادي، أو حسب ما يتيسر لي في الذاكرة من مفردات، فإنني لا أدافع عن صدام حسين لإزالة أو تخفيف عقاب يريده ويسعى إليه المجرمون، تحت عناوينهم ومسّمياتهم، إنما لأوضح الحقيقة حسب، وإنّ هذا حق شعبنا علينا وهو واجبنا تجاههم وتجاه مسيرة عظيمة ظافرة حاول الأقزام أن يشوشوا عليها ليظلموها، بما في ذلك حق من يحتاج رأيه ليتكون في هذه القاعة وفي هذه الهيئة إلى أن نقول رأينا وندلي بدلائنا، وإننا إن شاء الله فاعلون وبما يشاء لنا ربنا من مصير قانعون وبانتصار شعبنا ووحدته متيقنون.

 

 

 

أيها الشعب الكريم الوفي، أيها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة

 

أيها المجاهدون

 

كنتم دوما متسامحين مع الخطأ، بل وحتى مع الخطيئة، لمن يصلح ويعود عن طريق السوء والتبعية والخيانة، وكانت قيادتكم الغراء التي هي جزء منكم وتفكر وتعمل بإرادة وطنية حرة ليس مرهونة للأجنبي إنما محّركها رضا الله والشعب وسبيلها المصلحة العامة وليس الأهداف الذاتية ولا كرسي الحكم، كانت وعلى أساس خلفيتها متسامحة حتى إزاء من يركبه خيال هواه فيتمرد بدفع خارجي أو دفع ذاتي، وعلى هذه الخلفية ينبغي أن تعّدوا النفس للتسامح ليحّل بهياً مقتدراً معافى مع أبناء جلدتكم، بدل الثأر والضغينة والبغضاء إلا من يقف عقبة كأداء في طريقها جهادكم ضد الأجنبي فذنبه هو ذنبه.

 

أقول هذا الآن وقد عملت به على قدر ما ترى رايتي أو يصل رمحي وسيفي اعتبارا من لجوئي السياسي المعروف إلى سوريا ثم مصر العروبة بين 1959-1963 وطيلة خمسة وثلاثين عاما في قيادة السلطة مع إخواني ورفاقي، وأقول به الآن وبعد الآن بتشديد مضاعف لطبيعة المحنة التي يواجهها شعبنا، ليس خوفا من أحد أو استجابة إلى مساومة رخيصة على حساب مصلحة الشعب والوطن، وليس أيضا التماس فعلٍ من غير أهله، وإن أهل الفضيلة يعرفون أنفسهم ويعرفون السبيل، وسبحان من لا٠ يخطئ، ولكن ثمة فرق بين من يكون خطأه عامدا مع سبق إصرار، ثم إصرار لاحق من غير أن يرعوي وبين خطأ على حال هفوة عابرة، أو ما هو من طبيعة خطأ من يعمل بما في ذلك من هم الأكثر إخلاصا ودقة.

 

ومن هواه نفسه، صار ريح نتنة مع الممارسة وتراكمها، على هذا.

 

 

 

أيها الأخوة… أيها الشعب العظيم يقاس خطو الناس في النضال وفي الحكم، وعلى هذا تُعرف نتيجة أفعالهم وطبيعتها قبل أن يبدؤوا الخطوة الأولى في سدّة الحكم أو المسؤولية، وعلى ذا تكون الغربان على وصفها والصقور على وصفها، فلا الصقور تصير غرباناً، ولا الغربان تصير صقوراً، ولا الضفادع تسابق مع الأصائل.

 

 

 

أيها الأخوة: مهما يكن من أمر، وفي كل الأحوال والتطور داخل العراق، والسبيل الذي يزاح بح الغزاة والمبطلون والنتيجة التي يصل إليها الحال بالنصر المبين إن شاء الله، ورغم أن العراق بحر زاخر بالعمل السري والحركات السرية منذ قديم الزمان، وإن لأنواع من العمل السري هالات هي أكبر من حجمها، وأقل مستوى من الآمال التي يعلقها عليها أعضاءها وجماهيرها أحيانا، فقد اختبرت كل الحركات السياسية المعروفة بعد عام 1958 حتى الغزو الأجنبي، وعرفت بعد الغزو، وبعضها ذيله، حركات أخرى، فصار الشعب على بيّنة ليقرن الشعارات بالعمل ويقرن الإعلان والنية بالخطوة، وبانت أوزان الجميع، في فعلهم ومسالكهم، ومثلما تعرف المصاهر والمختبرات المعادن، فكذلك بانت وعرفت معادن الناس وأسبر غور منبتهم ومآل ولاءهم، وإن السلطة من أعظم المصاهر والاختبارات ومثلها الظرف الصعب كظرفنا، لاكتشاف ومعرفة الناس وبواطن ما كانوا يخفون ويضمرون، ومن هو بن الوطن عقلا وضميرا وقلبا أو رجليه في العراق وعقله وقلبه خارج الوطن، وإن شعب العراق، عظيم وخبير في الناس، فإذا خدعه من خادعه، فإن ارتداداته ستكون عنيفة عليهم، ولقد عرف شعبنا الغثّ المزيف مثلما كان قد عرف الأصيل والسمين، وعرف الأوزان والنوايا والعقول على حقيقتها وعرف القلوب، وعرف ما يضره وما ينفعه، ولقد نزف دما طهورا من أجل ارتقائه، ونزف دما طهورا ممزوجا بما يراق من دم المحتل وركاب حذاءه ولذلك لم يعد في قوس الغزو والظالمين ذيله، ثمة منزع، وتكسّرت سهامه، ليشقى الأجنبي والأغراب بسرعة أعلى وتعود إلى شعبنا وحدته وتراصّه في الخير والعمل، وإن ما يطيل زمن الغزو، بل أطاله هو عمل الأشرار داخل بعض الصفوف، آن للجميع أن يقبلوا بعضهم شرط أن يقلع من تورّط كدليل للأجنبي أو إنرصف مع مخالبه ببرهان، وآن لمن هواه خارج الحدود أن يعرف بأن لا مرونة ولا تسامح مع الذين يقّدمون مصلحة ألأجنبي على مصالح شعبنا أو ينظرون إليها بمنظار واحد وعيار واحد، وفي كل الأحوال فإن العراقي مطالب أن يختار عراقيته دون شريك، فإذا اختار شريك انتفت عراقيته عليه ولا تعارض أو تناقض بين هذا المبدأ والمصير المشترك مع الأمة، المجيدة. فمن يختار العراق باستحقاقه يبقى متساويا في الحقوق والواجبات، ومن يزّوجه مع غيره أو يجعل غيره رديفا أو بديلا فلا مكان له على أرضنا وعليه أن يرحل وكلّ يعرف عمامة أن لم ينصهر قلبا وقالبا.

 

أيهم برّنا وأمه يهماء *** خنجر أدمى شعبنا الداء

 

رديف حراب قرّت في خاصرته *** ساحت بعمق الكلوم منه الدماء

 

وعزّة الأنفس فينا سجية *** وحادينا والربع أعزاء

 

وقد ورثناها تالدا عن تالد *** ورثها عن آباء غرّ أبناء

 

نواجههم حتى تفصد دماؤهم *** وتعدل إذ تنفصد العرجاء

 

حملوا آثام تنوء بها جبالهم *** يذكرها الثرى وتنئن بها الأنواء

 

أصابتهم مصائب ما زالوا بأولها *** يصيبهم إذ يطبق النصفان إعياء

 

وإذ يطبق النصفان فتلك أيامنا *** يزَيًن النصر بها والحِداء

 

تسامحوا بينكم فيعّم أريجها *** فإنه دين اللهِ ومِنّا رجاء

 

حلّ أوانها لاح إشعاعها *** فليس يقبل إذ يلح إرجاء

 

 

 

ومن أجل أن يعرف من يرغب في معرفة جانب من حقائق ثورة تموز المجيدة، نقول أن ثورة تموز التي نحن بصدد مسيرتها قامت في 17 تموز 1968، وأن الثورة انتفضت على تسلل بعض المنحرفين إليها، في 30 تموز من نفس العام أي بعد ثلاثة عشر يوما، وفي اليومين المشار إليهما وما بينهما وما بعدهما لم يفقد أي مواطن من أقصى العراق إلى أقصاه أي شيء من ملكيته ولم ينتزع من مواطن أو مسؤول سابق في السلطة أي شيء من ملكيته، ولم تفقد الدولة أي شيء من ممتلكاتها، وقد عمّ الأمن العراق كله.

 

هذه هي نزاهة ثورة تموز وإخلاص قيادتها وجدّيتهم، وفي الوقت الذي لم نجد في خزينة الدولة آنذاك عام 1968، إلا ثلاث ملايين دينار ما يساوي إثنى عشر ألف دولار، تركنا في خزينة الدولة حتى يوم دخول قوات الغزو بحدود ثلاث مليارات دولار، لابد أنها نهبت من النهابين، أمّا الآن فإن المعنيين وأعوانهم أخبر بالناهب والمنهوب والحصص الموزعة على أساس “القدرات المجرمة” فهل هنالك مجال لتقارن الغربان بالأسود!؟

 

بحر الأسنة وأمواجك الدم

 

زاخرٌ أنت، المحيط… يلتطم

 

لو غيرك باس أيدي متوسلا بالمدفع

 

يابن الفراتين توسِمُ

 

عرمةٌ همّتك في كل حين أبية

 

وسيلك حيث إشتّد غيثك عَرِمُ

 

ياسيف أم المعارك والقادسية،

 

فما التوى، وما وهنت في عزمك الهمم

 

هذه أوصاف شعبنا وجيوشنا

 

فأي وصفٍ لك أيها القزم

 

جئت تزيّن بغزوك العراق

 

وستعجز كما عجز قبلك العجم

 

 

التوقيع

صدام حسين

رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة

اواخر عام 2006

كلمات للقائد الخالد صدام حسين

كلمات للقائد الخالد صدام حسين

إن الذين يتآمرون علينا الآن كانوا كلهم للعدو ” حبال جناده” وكانوا خناجره المضمومة، وكانوا “الكَطب” الذي كنا ندوسه ويدمي أقدامنا، لكننا كنا نسير ولا نبالي.

في السابق كان الناس يسيرون حفاة الأقدام، وخاصة في الريف، وقليل منهم ينتعل حذاء، وإذا انتعله لمسافة طويلة يحمله تحت ابطه خوفاً عليه من الأرض لأنه إذا تمزق لا يستطيع أن يشتري غيره، وكان لدينا شيخ كبير عندما تدوس قدماه (سنا) حتى لو كان (سن عوسج) فإنه “يهرك” السن بمجرد أن يكشد قدمه بالأرض ويسير، إذ كانوا يقولون إن من المعيب أن ينحني المرء ويخرج السن من قدمه، فماذا يكون السن بحيث تخرجه من قدمك وتأتي وأنت تعرج وتحمل بيدك الملقط أو الابرة لتخرج بها السن…

أليس ذلك معيباً؟

ونحن لم نخرج السن ولم نقف قرب ” الكَطب” بل دسنا عليه، و”هركناه” وسرنا بشموخ..

17 نيسان 1990

 

 

 

كلمات للقائد الخالد صدام حسين

إن الضعف والقوة يقاسان لدينا بأمرين…وهو مقياسنا الأساسي، الحق والباطل..

نحن نخاف من الله ومن شعبنا، إن الخوف من الله معروف لأننا أناس وبلد وشعب مؤمن، ونخاف من شعبنا عندما نزلُّ عن الطريق الذي لا يرضاه… أي بمعنى، أننا نرصد مسارنا، حتى لا يزل أحد منا عن الطريق، ويزعل شعبنا علينا بسبب ذلك، وبما أن شعبنا غال علينا، فإن الخوف الذي أعنيه ليس فنياً، وإنما إنساني تضامني… لأننا نحب شعبنا ونتجنب أن يزعل مما نقوم به، كما أننا لا نريده أن يزعل… وباستثناء هذين الأمرين لا يوجد ما يمكن أن نسميه خوفاً.

لدينا الاستعداد لنحمل شعبنا على أكتافنا، فحالنا معه حال الابن الصالح وهو يحمل أباه وأمه عندما يتقدمان في العمر، ولا يستطيعان الانتقال من مكان إلى آخر، نحمله على أكتافنا ونسير به دون أن نشعر بثقله، حتى لا يأتي يوم نحمل فيه الأجنبي على أكتافنا.

فمن لا يحمل شعبه على أكتافه سيحمل الأجنبي بدلاً منه….

 إن حملنا لشعبنا ليس استعداداً فنياً، وإنما هو استعداد وطني إنساني ينطلق من مفهوم عميق لواجبات المناضل، وإذا ما أراد أحد أن يحمله بالجانب الفني، فإنه سيراه ثقيلاً في مدة من الزمن، وسينزله إلى الأرض في المرة القادمة، ويتركه يسير لوحده في المرة الثالثة.

لقد اعتدنا على واجب حمل الشعب على أكتافنا منذ زمن، وتربينا عليه منذ أن كنا طلاباً في الثانوية وسلكنا هذا الطريق.

إذا كان شعبنا مرتاحاً، ونحن لم نتعارض مع الحق، ومع الموقف الإنساني العالمي، فلماذا نخاف؟

وإذا ما واجهتنا بالباطل أكبر قوة في الأرض فسنقاتلها بالمرأة العجوز في ناحية الهندية … نقاتلها بعجوز الهندية التي عمرها مائة سنة، وتقول لصدام حسين لا تخف، وتقول لصدام نحن ذراعك الأيمن…. إن عمرها مائة سنة وبهذه الثقة تجعل المرء يتقدم إلى النار ولا يتردد عندما يقتضي الواجب ذلك…

عمرها مائة سنة وتقول لصدام حسين لا تخف من أحد، نحن ذراعك الأيمن..

وفعلاً إن شاء الله لا نخاف طالما نحن على الحق… إننا لا نخاف إلا الله لأن شعبنا معنا على الحق.

 1-4-1990