ويبقى البعث حزباً نضالياً ناصع السيرة
علي العتيبي
لا نريد أن نشكك بوطنية أحد، أو نزاود عليه، ولكن من خلال المتابعات والقراءات والاطلاع على الكثير من التجمعات الوطنية وما يكتب أعضاؤها من مواضيع وطنية تلامس الواقع العراقي والعربي، وتتضمن مقترحات كثيرة يفرح بها القارئ، ولكن التساؤل عن كيفية تنفيذ هذه المقترحات والرؤى الثورية في ظل ما يعيشه المواطن العراقي والعربي، كلٌّ حسب ظروف بلده، ولكن التخصيص هنا يتعلق بوضع العراق الذي احتلته أمريكا واعترفت به الأمم المتحدة ، إلا إنها لم تأخذ دورها الحقيقي لإرساء السلم الاجتماعي وإرساء الأمن من كل النواحي، وخاصة ما يتعلق بالمحافظة على وحدة العراق وسلامة أراضيه ومواطنيه وتمتعه بالسيادة، وعدم السماح لدول الجوار بالتدخل في شؤونه الداخلية.
إن العراق وشعبه ومنذ 2003 وحتى يومنا هذا يعاني من تسلط وسطوة مافيات وعصابات مجرمة لا تراعي الحرمات، وتمارس كل أنواع الجرائم التي تندى لها الجباه، ولا نقول إنها أحزاب وحكومة لأنها أبعد ما تكون عن هذا المسمى، وكله بسبب تفريغ أحقاد أسيادهم الأمريكان والصهاينة والفرس على العراق، فوجدوا أناساً يحملون الجنسية العراقية ويتحدثون بلهجته ولكن ولاء الأكثرية منهم لإيران التي تمتلك مشروعها القومي الفارسي العنصري، وجعلت هؤلاء العملاء أدوات لتنفيذ مشروعها من خلال تدمير المدن وقتل أبناء العراق وتهجيرهم، وسرقة أموال العراق وتلاعبهم بالقانون والقضاء وتسييسه وفق مصالحهم وليس وفق العدالة.
إذن، أي مشروع وطني تحرري يجب أن يأخذ هذه الأمور في المقدمة، وكيف السبيل لتحقيق هدف التحرير والقضاء على الفساد ونحن نواجه عصابات تقف خلفها دول.
إن المحتل حينما أصدر القرارات الاجرامية الجائرة بحق العراق أولاً والبعث والبعثيين ثانياً كان الهدف هو القضاء على مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي الوطنية والقومية والتحررية والتقدمية، ورغم ما يعاني منه البعث ورجاله الأبطال لم يستطع المحتل ولا عملاؤه الذين يطلق عليهم حكومة أن يجعلوا البعث يتراجع عن مبادئه، والتي من أجلها ضحى بالسلطة وقدمت قيادته أرواحها فداء للمبادئ السامية التي تحمل عقيدة الرسالة الخالدة، ولو أراد البعث أن يبقى في السلطة لقدم تنازلات لأجلها، لكن البعث ولد من رحم الأمة وجماهيرها لتحقيق أهداف الأمة، واستخدم السلطة لتحقيقها، ولم يجعل السلطة هي الهدف بل الوسيلة.
ونعود إلى بداية الحديث ونقول لا يمكن أن تتحقق أهداف الحركات الثورية ما لم يقوم شخوصها بتنقية أنفسهم من داء الأنانية والفوقية والتسلط والاستعلاء على الآخرين والتجرد من الذات وصفاء النية ووحدة الهدف، وأن يكون القول مقترناً بالفعل، لأن الشعب الآن في فورة غضبه من الزمر الحاكمة التي استباحت الأرض والعرض والمال وكل القيم، والعراقي معروف بغيرته ودفاعه عن شرفه، فالتحرك المطلوب وفق هذه الرؤى إما أن يتحرك البعض ويتوقع من الدول التي احتلت العراق ودمرته أن تساعده للنهوض بالعراق من جديد فهو واهم.
إن البعض من هذه الحركات والتجمعات، ونقولها وبكل أسف، ارتمى في أحضان دول من أجل الدعم، ولكننا نعرف إن أي دولة تدعم أي فصيل فإنها تريد منه أن يكون واجهتها لتحقيق مصالحها وأطماعها في العراق، والبعض استأنس على هذا الدعم وتمتع بحياة الرفاهية ويتحرك إعلامياً ليظهر نفسه إنه هو الوحيد الذي ينادي بتحرير العراق، وهنا فرق بين المناداة والعمل، ونقول واهم من يريد من البعث أن يتراجع عن مبادئه لأجل دعم مادي أو إعلامي رغم أن الشيطنة والتشهير مستمرين من قبل جميع وسائل الإعلام، ولكن الوجه المشرق للبعث ورجاله لا يمكن أن يحجبه غربال التضليل الذي يمارس ضده، ويبقى ناصعاً ولن يتلوث بمد يده لمن يريد تسقيطه، ولهذا نجد أن الكل يحارب البعث، فبعد أن عجزوا عن الاجتثاث وقانون التجريم لجأوا إلى الذين في قلوبهم مرض للتشويه، ولكن كما أسلفنا يبقى البعث نقياً محافظاً وملتزماً بمبادئه ولا يعتمد على أي جهة دولية، لأنه لايرهن نفسه لأحد، لأنه بعث الأمة العربية ووريث الرسالة الخالدة، ويعمل على تحقيق أهدافه، وأمله كله مرهون بالشباب الواعي الذين تشبعوا بروح البعث والرسالة الخالدة وهم عماد المستقبل للتحرير والتطهير.
عاش البعث، بعث الصمود والمطاولة، والتحية لرجاله الميامين، ومن الله التوفيق.