شبكة ذي قار
المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني    
المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني    
نستنكر ونرفض زيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني لبلادنا البحرين   أفادت وسائل إعلام إن وزير خارجية الكيان الصهيوني مع وفد مرافق وصل اليوم الأحد البحرين .   إن المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني وفي الوقت الذي تستنكر وترفض هذه الزيارة والتي تشكل استفزازا لمشاعر المواطنين البحرينيين، فإنها تؤكد على:  
أولا: إن زيارة وزير خارجية الكيان لبلادنا برفقة وفد تجاري هي محاولة يائسة ومرفوضة للتطبيع معه في المجالات الاقتصادية والتجارية، فإن التطبيع الاقتصادي يضاعف من الاخطار الوخيمة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، والذي يسعى لاختراق الجدار الشعبي الرافض لكافة أشكال التطبيع، مما يفرض علينا مطالبة كافة الشركات ورجال الأعمال بالتعبير عن رفضهم القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع.  
ثانيا: إن المبادرة الوطنية، والتي تمثل أغلب أطياف المجتمع البحريني ومؤسسات مجتمعه المدني وجمعياته السياسية، تدعوا الجانب الرسمي وحكومة البحرين إلى وقف كافة أشكال التطبيع مع عدو الأمة العربية والإسلامية، وتطالبها بالتراجع عن اتفاقيات التطبيع التي تضر ببلادنا وشعبنا وتطعن الشعب الفلسطيني في خاصرته.
  ثالثا: إن تزاحم المسؤولين الصهاينة على زيارة بلادنا ينطلق من أهداف خطيرة تتمثل في سلخ بلادنا عن موقعها الطبيعي ومواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني وجرها إلى معسكر أعداء الأمة، وهو الأمر الذي يرفضه الشعب البحريني ويقف ضده ويعتبره تناقضا مع دينه وقيمه وعروبته، ومساسا باستقراره الاجتماعي وسلمه الأهلي وأمنه الاستراتيجي، ذلك أن الكيان يسعى إلى تحالفات عدوانية لا أخلاقية ولا إنسانية تؤثر سلبا على الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب والبلدان العربية، ومنها الشعب البحريني.
  رابعا: إننا ندعو كافة فئات شعبنا والشخصيات الوطنية والجمعيات السياسية والمدنية للتعبير عن رفضها القاطع لهذه الزيارة ورفع صوتها المستنكر لها، 
ولنتمسك جميعا بمواقفنا الوطنية والقومية المبدئية في رفض التطبيع والانتصار لقضية الشعب الفلسطيني وتحرير كامل ترابه المحتل.  
المجد والخلود لشهداء فلسطين والأمة العربية والاسلامية   النصر لفلسطين وشعبها الذي يواجه آلة الدمار الصهيونية  
المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني
  4 سبتمبر 2023  
 
  1- التجمع القومي الديمقراطي
2- الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني
3- التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
4- المنبر الوطني الإسلامي
5- جمعية الأصالة الإسلامية
6- الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان
7- تجمع الوحدة الوطنية
8- جمعية أوال النسائية
9- المنبر التقدمي
10- الوسط العربي الإسلامي
11- جمعية مناصرة فلسطين
12- رابطة شباب لأجل القدس البحرينية
13- جمعية الصف الإسلامي
14- جمعية أصدقاء البيئة
15- جمعية نهضة فتاة البحرين
16- جمعية الإجتماعيين البحرينية
17- الاتحاد النسائي البحريني
18- جمعية الشباب الديمقراطي البحريني
19- الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين
20- جمعية المرأة البحرينية
-21 جمعية فتاة الريف
-22 الجمعية البحرينية للشفافية
-23 جمعية الشبيبة البحرينية
24- جمعية مبادرات البحرين الأهلية
25- جمعية مدينة حمد النسائية
ما هو الجديد من البدع المبتكرة؟

ما هو الجديد من البدع المبتكرة؟

نزار السامرائي

نشهد كل سنة اضافات من فنون اهانة العراقيين في عاشوراء او ( زيارة الاربعين)، ما يستفز كرامة اي عراقي يشعر بانه يقترب من تصفير رصيده من الكرامة الوطنية. لو توقف الامر عند ما هو حاصل منذ سنوات لقلنا لندع الافراد والجماعات كل يعبر عن الفرح أو الحزن بالكيفية التي تناسب مداركه العقلية ومستوى وعيه ونضجه، ولكن العراق يشهد في كل سنة إضافات وتطويرات هوليودية أو من السينما الهندية سنويا عليها، هل رأيتم اهانة للعقال العربي أو لقيم الجندية العراقية وهما يداسان بالإقدام الفارسية، عندما أشاهد عسكريا عراقيا أو رجلا يضع فوق رأسه اليشماغ والعقال العربي، وهو ينادي على الزوار الفرس هلموا اغسلوا اقدامكم، ثم يضع قدم الفارسي على راسه، ويتبارك بشرب الماء الوسخ مما تساقط من أقدام الفارسي، لا أفكر بأن صاحب العقال أو البدلة الخاكية يمثلان نفسيها أو بيتهما أو عشيرتهما أو محافظتهما، وإنما هو عمل مدبر في مكان ما من طهران وقم يريد أن يقول لقد دسنا على العقال العربي ومرغناه بوسخ اقدامنا، أو دسنا على شرف الجندية العراقية واخذنا ثأرنا من المؤسسة العسكرية العراقية التي جرعتنا كأس السم، و(العراقيون) يفعلون ذلك عن طيب خاطر وحب وعشق ويقين ويعتبرون ذلك من الايمان. من يدري ماذا سيحصل السنة القادمة، مراكز تطوير السيناريوهات تعمل بدأب وعلى قدم وساق. لابتداع كل جديد ومبتكر من الصفعات، من أجل اهانة العراقيين. لقد بتنا نستورد كل مستهجن ومقرف ومهين، وإيران المشرف على تصدير البدع لنا، تعيش في عالم آخر  من اللهو وكأنها دولة أوربية، فهل تجمع أشرار الأرض على العراق ليلقوا فوق أرضه كل نفاياتهم؟

الأَفْعَى الّتي تَلْدَغ اِضرِب رَأْسَها بِقُوَّة

الأَفْعَى الّتي تَلْدَغ اِضرِب رَأْسَها بِقُوَّة

ناصر الحريري  

 

يبدو أن ليالي باريس الحمراء طبعت بعضاً من صخبها المجنون ومجونها الفاسق في خميني إيران، فحمل مجونه وفسقه إلى طهران فظن نفسه منتصراً على الخير والفضيلة، وهو الذي حمل إلى جانب مجونه وفسقه كِبرَ وعنجهيةَ وغُرورَ المجوس. ولأنه كان يعيش زمناً غير زمن الأبطال، توهم خميني المجوس أنه سيحطم العراق ويقضي على حكمه الوطني، وعاش في وهمه سنوات أشعلت داخله حقداً أسوداً أودى به إلى التهلكة. في أيلول بدأ الخميني حفلة مجونه البغيضة التي اعتاد عليها في باريس، وبدأ كالأفعى يلدغُ هنا وهناك، ولكن حكماء العرب قالوا: للقضاء على الأفعى اضرب رأسها بقوة!  تمادى كثيراً، وصبرنا، طلبنا السلام فرفض، طلبنا السلام لا جبناً ولا خوفاً كما توهم خميني المجوس، بل حباً بالسلام والعراق، وتناسى أن شعب العراق هم أحفاد أولئك الذين حطموا عرش كسرى، وقدموا تاجه لأعرابي من أهل مكة! فهل فهم الخميني والفرس ما معنى أن يوصي الرسول صلى الله عليه وسلم لسُراقَة بتاج كسرى؟ هل فهم الفرس وخمينهم ما معنى أن ينفذ الخليفة عمر بن الخطاب وصية الرسول ويُلبس سراقة تاج كسرى؟ إن المعنى ذو دلالة واحدة، أن تاج كبيركم وعظيمكم يلبسه أعرابي من عامة القوم، فلا نهاب تيجانكم ولا كبراءكم، فقد خلقنا الله واصطفانا لنكون حملة رسالته. لقد كان تمادي خميني الفرس يرتكز على دعم ووهم غربي أمريكي أن العراق لن يصمد طويلاً، وستكون نهاية العراق ونظامه سريعة جداً، هذا الدعم السراب تلاشى أمام قوة وصمود وتضحيات العراق في أروع وأنقى سفرٍ سجله التاريخ المعاصر. إن الصبر العراقي متزامناً مع دبلوماسية محنكة راقية قدم صورة واضحة الأبعاد أن النظام في العراق قائم على أسس ومرتكزات وطنية قومية يحترم المنظومة الدولية التي ينتمي إليها، من خلال تقديمه الوثائق والمستندات التي توضح الاعتداءات الإيرانية المتكررة على سيادة العراق، وتم توثيق كل ذلك في المنظمة الدولية، وهذا رد واضح على من يدعي وبعد أكثر من أربعين سنة على أن العراق هو من بدأ عدوانه على إيران. لقد أثبتت كل النداءات والوساطات والمساعي أن إيران ليست في وارد إيقاف اعتداءاتها ولا في التراجع عن احتلالها لبعض المناطق العراقية، ما شكل قناعة لدى القيادة العراقية أن الخميني ماضٍ في عدوانه على العراق ولن يوقفه رادع من ضمير أو دين، فكان القرار العراقي الرد على هذا العدوان بكل قوة وثبات وتصميم على تحقيق الردع القوي والحاسم لخميني وثورته الفارسية. في الثاني والعشرين من أيلول كان أبطال العراق، جيشاً وقيادة وشعباً على موعد مع لحظة الحقيقة، وهي أن العراق الذي شارك أبناؤه في تحطيم عرش كسرى قادر على تحطيم أي عرش فارسي يقترب من سيادة العراق ويمس كرامة أبنائه.   إن القوة الروحية التي امتلكها جيش العراق تمثل جانباً من القوة الروحية التي يمتلكها شعب العراق الأبي وجانب من القوة الروحية والإيمان بالأمة التي يمتلكها البعث، نتيجة استلهام التراث وفهمه فهماً حقيقياً والتعامل معه على أنه تراث حي، هكذا فهم الجيش العراقي تراث القادسية الأولى، وشجاعة خالد وسعد، فهموها فهماً حقيقياً وتعاملوا معه على أنه تراث حي متجدد وينبعث في حالة الإيمان الصادق به. لا نبالغ إذا قلنا إن الصراع الذي خاضه العراق وجيشه الباسل هو صراع من نوع آخر يتفرد عن كل الصراعات التي خاضتها الأمة العربية، لأنه صراع حضارة وتاريخ وتراث وعقيدة، صراع وجود، لأن خميني الفرس كان يسعى بكل ما أوتي من قوة للقضاء على حضارة وتاريخ وتراث وعقيدة الأمة من خلال القضاء على العراق. ونقول: إن عراقاً صنع المجد في ثمانينات القرن العشرين هو نفسه من صنع المجد والمقاومة في بدايات القرن الحادي والعشرين، وهو ذاته الذي يصنع المجد الآن في عموم ساحاته ومدنه ومحافظاته، فأنّى لعراقٍ كهذا أن يستسلم أو يموت؟ لقد أثبت أبناء العراق وعلى اختلاف مراحل التاريخ أن وقوع الاعتداء على العراق ممكن، ولكن استمراره وثباته مستحيل، لأن الأرض التي تحتضن النخيل وعلمته أن الموت وقوفاً هو الانتصار، وأن الريح الصرصر لن تقتلعه من أرضه لأن جذوره ممتدة مُتَّجِهة نحو الأعماق.

الثبات على المبادئ

 

الثبات على المبادئ

خالد مصطفى رستم 

 

الأحزاب الثورية تعتمد بالتقييم والتعامل مع الأحداث المهمة والأقل أهمية من خلال نظرة نضالية تخدم المبادئ والقيم التي تؤمن بها ومن رؤيا آنية وموضوعية للأحداث وبما يتناسب مع المبادئ والاستراتيجية التي تنتهجها. والتي هدفها خدمة الشعب والأمة من خلال استخدام كل الوسائل المتاحة وبما فيها التكتيك (الأيديولوجية)، والتكتيك ممكن أن يخرج عن الخط العام الذي تلتزم به المبادئ ولكنه يجب ألا يكون متناقضا كليا وبحيث لا يترك آثارا كارثية على سمعة المبادئ أو على التقييم وإلا فإن قبلنا بمبدأ الغاية تبرر الواسطة نكون قد استغنينا عن المبادئ التي نحن نناضل من أجلها وانجرفنا إلى متاهات السياسة شرها قبل خيرها ومن هنا علينا أن نكون ماسكين باقتدار بأيدينا موازين دقيقة التقييم ومن خلالها تبقى البوصلة تؤشر باتجاه المبادئ. ممكن الخروج جزئيا عن الخط العام للمبادئ أو هكذا يخال لنا أنه خروج إلا أنه في حقيقته يخدم المبادئ وهنالك موازين حساسة جدا تردنا إلى المبادئ ولا تسمح بالتمادي، أي كما حال من يسير في طريق يوصله لهدف ولكنه قد يحيد عن الطريق لمثابة قصيرة نتيجة وجود مصدات تضر بالمبادئ ولكن عليه أن يحافظ على التزامه ويعود بالحال إلى درب المبادئ وبذلك يكون قد حقق: أولا _الاستمرارية في نهج ودرب المبادئ. ثانياً -تغلب على التحديات التي قابلته بالمسير وحالة الطريق. ، الثوري والمنتمي إلى فكر قومي عليه أن يناضل من أجل تحقيق المبادئ- التي يؤمن بها وأن يكون نموذج يتمتع بالأخلاق الحميدة وبالصمود والتصدي للترديات التي تعاني منها الأمة وأن يكون قبلة في المواقف الصحيحة ولا ينزلق إلى متاهات خطيره نتيجة ردود أفعال قد تنهي حياته النضالية _ السياسة فن ومن يعمل بالسياسة ويكون صاحب مشروع وطني او قومي أصيل عليه ان لا يجعل نجاحاته بالسياسة على حساب المبادئ كما حدث لكثير من قادة الأحزاب الثورية عندما هادنوا على المبادئ فانزلقوا إلى مطبات مميته حاسبهم عليها رفاقهم وفقدوا ثقة الجمهور الذي يعملون لأجله وبكل بساطة أصبحوا خارج الاهتمام والتأثير لأنهم سقطوا عندما تخلوا عن المبادئ. مثال للذكر: البعض عندما يحاربون التعصب الديني أو الطائفي أو العرقي ينزلقون إلى الممارسات ذاتها وتحت عنوان الرد على تلك الممارسات. واليوم هنالك تداخل بالخنادق بين شيء اسمه ثوري وآخر اسمه تدميري وخياني ورجعي ووصولي، فكيف علينا أن نوفق بين كل هذه المعطيات المتناقضة على سطح واحد؟؟ بالتأكيد الثوري والمؤمن بالمبادئ والقومي العربي والوطني الشريف لم ولن يتقبلها… وبقي الحل عند من انخرطوا وانزلقوا في هذه المعادلة الصعبة ويدعون أنهم ثوريون ومع المبادئ عليهم أن يثبتوا أنهم ليسوا جزءا من الحالة التي تستهدف أمن واستقرار أمتنا. ومن طرف آخر فإن  المغالاة في الدفاع عن الانزلاقات الخطيرة والتي تمس بقوة امن وحياة الشعب والإصرار على التمادي لا يخدم مصلحة الشعب والأمة ويتناقض مع المبادئ والتي بكلها تهدف تحقيق صالح الشعب والأمة. – المبادئ ترفض مقولة أنك مع الشيطان للخلاص من شيطان أصغر وان كنت توصلت إلى هذه النتيجة وانزلقت الى خنادق الشيطان ظناً منك أنك تستخدم الشيطان لتحقيق المبادئ فإما أنك غبي أو أنك منحاز عن سابق اصرار وتصميم الى خنادق الشيطان الأكبر المعادي للقيم والمبادئ وقد ارتميت في حفرتهم وأصبحت جزءا منهم. مثال من يفرح ويمجد  الاحتلالات الأجنبية لوطنه للخلاص من نظام قمعي واستبدادي وظالم ويعود لحكم بلده تحت حراب الأجنبي أو من يحتمي هو وكرسي حكمه بحراب الأجنبي إقليمي أو دولي فقد انزلق إلى متاهات الخيانة وأصبح ضد أهله وشعبه.

افتتاحية العدد 74 مجلة ألق البعث أعداء القومية العربية  

افتتاحية العدد 74 مجلة ألق البعث

أعداء القومية العربية  

أعظم مكسب حققته الماسونية والصهيونية والامبريالية والطائفية الفارسية في استهدافها للعرب أرضاً وتاريخاً هو العدد المهم من العرب الذين استجابوا لكراهية ذواتهم وحملوا العداء لأصولهم التي هي هويتهم القومية. بسبب الضغط العدواني عليهم. والبحث في أسباب هذه الظاهرة كثيرة ومسبباتها أكثر، إذ لم تتعرض أمة للأحقاد والضغائن والكراهية كما تعرضت أمتنا العربية، ولم توجه سهام سلاح واحتلال وثقافة عدائية ومشوهة لأمة كما وجهت ضد أمتنا. العداء للإسلام اقترن بعداء عميق للعرب. مؤامرة اغتصاب فلسطين اقترنت بكم هائل من الكراهية لنا كضرورة لإعلاء شأن الباطل الصهيوني. الحاجة والجشع لمواردنا وخيراتنا سارت جنباً إلى جنب مع مقتضيات تسفيه وجودنا وانعدام الحاجة البشرية لهذا الوجود. حتى التطور الصناعي والعلمي والتقني الحديث الذي يعتبر العرب أكثر شعوب الأرض استثماراً واستخداماً فيها كان لا بد لها أن تحاذيه هجمات شنيعة تصفنا بالجهل والتخلف والأمية رغم أن فينا علماء في الطب والهندسة والعلوم الصرفة وكل العلوم والآداب والفنون، ورغم أننا ساهمنا ولا زلنا نساهم في الحضارة وتطور البشرية. الأحزاب المغطاة بالدين عادت القومية والنظرية القومية في سلوك شاذ ومستهجن ولا مبرر منطقي له ولا تفسير له إلا بكونه تابع. العرب الشيوعيون عادوا أمتهم ووالوا الماركسية اللينينية، أحزاب التشييع صاروا عبيداً لإيران وتطلب وضعهم البائس فكرياً وعقائدياً أن يصطفوا مع أعداء العروبة، جواسيس وعملاء وخونة ولصوص ودعاة (لوطية ومثلية) وخريجي سجون ومعتقلات ومحششين ومدمنين اختاروا ثقافة شتم العرب والعروبة. كل من عادى من العرب هويتَه خسر ذاته وسقط في مستنقعات الرذيلة والعار والدونية وتبقى الأمة وقوميتنا الأصيلة الطاهرة الراقية راية الأخيار والثوار والأحرار المؤمنين النجباء وخيار العرب الأوحد.

العراق والسير في ركب التطبيع

العراق والسير في ركب التطبيع

ميلاد عمر المزوغي  
  مع اطلالة عيد الأضحى، يأبى الفرنجة وعملاؤهم إلا انغاص فرحتنا به، عدوان غادر غاشم على العراق ومحاكمات صورية لقادته ومن ثم قتلهم، ولكن أن يتم قتل زعيم دولة عربي في فجر يوم الأضحى فذاك يؤكد أن حكام العراق الجدد الآتون على ظهور الدبات الغربية, لا يمتون إلى العروبة والاسلام في شيء, بل ينفذون سياسة اسيادهم اولياء نعمتهم, نظير ارتمائهم في احضانهم والنتيجة اكثر من عقدين من التخلف في كافة المجالات, اللهم الا مجالا واحدا ابدعوا فيه وهو نهب خيرات الشعب العراقي الثابتة والمنقولة, وافقار شعبه حيث جله يعيش تحت مستوى خط الفقر.  العراق تحكمه المذاهب الدينية والاعراق المتنوعة، وللأسف الشديد ان الاعراق والمذاهب اتت بأراذل المنتسبين اليها لتحكم العراق! ولان يبقى هؤلاء في السلطة، فان كل منهم يدعي حرصه صون حقوق مذهبه وطائفته واثنيته، والتهويل بان البقية يريدون هضم حقوق هذه الطائفة، في محاولة لإذكاء الفتنة بين مكونات العراق، التي عاشت وعلى مدى عقود بل قرون في حب وسلام، وكونت العراق الحديث العابر للطوائف والاعراق فشهد نهضة عمرانية في كافة المجالات، وأراد من نفسه ان يكون له شان اقليمي وان لا يكون لقمة سائغة لبقية القوى الاقليمية والدولية، فكان احتلاله من قبل الغرب وللأسف بمشاركة انظمة عربية! وعلى مدى 8 أشهر، فان سكان غزة المناضلة الابية، تُرمى عليهم الحمم من قبل الصهاينة والغرب الاستعماري ومؤازرة بعض الانظمة العربية، انهم يعيشون الجحيم ولم يهنؤوا بشهر رمضان المعظم وعيد الفطر وكذا عيد الاضحى، ما نلاحظه ان الغرب الاستعماري وزبانيته من الاعراب يضحون بأبناء الامة قربانا لآلتهم. هل العراق في حاجة ماسة للإبقاء على القوات الامريكية بأراضيه طوال هذه المدة؟، الحجة حماية العراق من داعش وكلنا يعلم ان امريكا هي من صنعت داعش، ليعيثوا في البلاد فسادا، إن وجود القوات الامريكية هو لحماية الفاسدين الماسكين بزمام الامور في البلاد، لئلا يقوم الشعب بثورة ضد هؤلاء (المتفرنجين) لأنهم أفسدوا كل شيء.      هل العراق في حاجة ماسة الى خط انابيب نقل النقط العراقي الى ميناء العقبة؟ ماذا عن تصريح وزيرة الاقتصاد الصهيونية ( اورنا باربيفاي :سنحصل على مائة الف برميل يوميا الذي سيصدر من العقبة ويمر بمياهنا الاقليمية؟ ) ولكن ألا توجد قيود من قبل الحكومة العراقية الحالية على الأقل بشأن عدم مروره عبر المياه الخاصة بفلسطين المحتلة لئلا يستفيد منه الصهاينة؟ بهذه الحالة نرى أن المشروع لصالح الصهاينة وهو نوع من الدعم له رغم عدم التطبيع الرسمي معه من الجانب العراقي.
العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب

العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب فؤاد الحاج   ماذا عن حال الأمة في عالم يتغير؟ سؤال يلح على خاطري حاولت الكتابة حوله مرات ولم أنجح في ذلك، اليوم أحاول أن أطرحه علني أجد جواباً من المهتمين بمتابعة مجريات الأوضاع والأحداث والتطورات الجارية في الساحة الممتدة من موريتانيا إلى الجزيرة العربية ودول المصالحات في الخليج العربي وما بينها، التي لا تدل سوى على أنها منظومات تابعة لأنظمة غربية كما كانت قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، مع فارق بسيط وهو توجه بعضها شرقاً إلى القوة الاقتصادية الصاعدة عالمياً بصمت ألا وهي الصين مع توجه آخرين إلى الهند في ظل تصاعد اليمين المتطرف في الهند وفي دول أوروبا. لذلك أقول أنه على المتابعين من محللين سياسيين في الأقطار العربية، الالتفات إلى مجريات الأوضاع وتحولاتها في تلك المنطقة، والربط والتركيز على التحولات الجارية في العالم، وفي أوروبا تحديداً، لأنها تحولات متصلة ومترابطة ومتشابكة اقتصادياً وسياسياً، كي يتم ضبط حركة تلك المتغييرات والتحولات ومدى تأثيرها على مستقبل المنطقة، وماذا ستكون عليه في الغد وما بعده. لقد قيل أن المرأة الحامل في مرحلة المخاض العسير، ستلد مولوداً ما، ذكراً أم أنثى، أو أن الأم تموت ويعيش مولودها، أو أن الأم ومولودها يموتان مهما تدخلت أيدي الاختصاصيين. هكذا هي الأنظمة العربية عبر تاريخها التي تآكلت واهترأت، ولم يعد بالإمكان تجديدها بمواليد جديدة مهما حاولت أن تمد ذاتها بأي من أسباب الحياة والاستمرار، لأنها لم تلد جيلاً جديداً، نابعاً من الشعب ومعاناته وتطلعاته، بل أن كل ما فعلته هذه الأنظمة أنها أورثت الحكم لأبنائهم، والوارث مهما بدا أنه شاب ويريد التغيير لصالح الشعب، وضمان التقدم في عالم التطورات التكنولوجية، فأنه لن يكون سوى امتداداً لمورثه، لذلك نجد أن حمل الأمة قد طال والولادة صارت واجبة وضرورة تاريخية، وهذا لا ولن يمكن تحقيقه سوى بجيل جديد، نابع من الشعب وليس بالتوريث، لأن الأمة ومع الأسف منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم لم تنجز ثوراتها التحررية، الديمقراطية، ولم تقم دولتها الوطنية بعد، تلك الثورات التي قدمت شعوب المنطقة مئات الآلاف من الشهداء في سبيل تحقيق تلك الدولة الوطنية ومنها ثورة المليون شهيد في الجزائر. لذلك نجد أن هذه الأمة تستهدفها حملات شرسة من قوى الصهيونية العالمية التي تتحد معها قوى إدارات الشر الغربية، مستخدمة ما يمكنني تسميته سلاحاً جديداً ألا وهو علم التطورات التقنية والعلمية على مخنلف الصعد، وذلك من أجل كسر شوكة هذه الأمة وإنهائها، من خلال تفتيتها فيدرالياً وطوائفياً ومذهبياً، واحتلال أوطانهم كما حدث في العراق، وفرض حكاماً تابعين لهم يديرون نيابة عنهم، وتحويل شعوب المنطقة إلى “هنود حمر” كشرط لازم لإعادة صياغة موازين قوى الشر العالمية التي تعمل على توفير الأسباب الضرورية والهامة لهم لتساعدهم على الخروج من الأزمات الاقتصادية العالمية القاتلة التي يمر بها النظام الليبرالي في دول الغرب، والذي ثبت للمتابعين لحراك الشعوب في الغرب عامة، التي نشهد فيها نهوض قوى اليمين المتطرف، التي تسيطر عليها الصهيونية العالمية أو أن قيادات اليمين المتطرف هذه هم من الصهاينة مثل بريطانيا وفرنسا، في ظل تنامي ولادة نظام عالمي جديد متعدد القطبية، مرتهناً لمصالح أقطابه، وقيام تحالفات دولية جديدة لتلعب دوراً مؤثراً في النظام المتعدد الأقطاب الجديد كتحالف روسيا الاتحادية وكوريا الشمالية، وفي المقابل نشهد صعود قوى إقليمية جديدة مستفيدة من تلك التحولات والمتغيرات الدولية كإيران وتركيا على سبيل المثال، ما عدا الأنظمة العربية التي ستبقى تابعة ومنقسمة بين الولاء للغرب والشرق معاً، في ظل سيناريوهات تنبؤات محللين اقتصاديين غربيين بانهيار الاقتصاد العالمي الذي سيصيب أيضاً البلدن العربية التي تعاني من انهيارات اقتصادية. فهل ستتحرك قوى التغيير الشعبية؟ وهل سنشهد إعادة إحياء المشروع النهضوي العربي الذي كثرت الكتابات والتحاليل حوله منذ ثمانينات القرن الماضي دون اتفاق على لقاء موحد للعمل على تحقيق بنوده، وتوحيد صفوف المؤمنين بهذا المشروع التوحيدي على أسس عصرية مناسبة ومتقاطعة مع الظروف التي تمر بها الأمة، ومعالجة ترسبات الماضي بهدوء وحكمة بعيداً عن الأنا الشخصية، أم سنبقى نرواح مكاننا في حقبة نهاية ما قبل التاريخ؟
قراءة في البيان رقم (1) الصادر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة في الثامن من شباط 1963

قراءة في البيان رقم (1) الصادر عن

المجلس الوطني لقيادة الثورة في الثامن من شباط 1963

ناصر  الحريري

 

الجماهير أداة الثورة، بل هي مبرر وجودها وسر من أسرار ديمومتها، وبدونها لا تعني الثورة شيئاً، ولا يمكن أن تكون إلا خواء قاتلاً وهيكلاً هزيلاً متداعياً.

إن الجماهير ليست بحاجة لدعوة كي تنخرط في الحركات الثورية، إنها تجد نفسها في صفوف الحركات الثورية بحكم انسجامها معها مصيرياً، إن انتقال الجماهير إلى صفوف الحركات الثورية يساهم بشكل واضح وجلي في تحقيق تطلعاتها وآمالها.

إن حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي كواحد من الأحزاب الثورية التي تشرفت بتحمل مسؤوليات النضال، فهو انطلق منذ البدء من مقولة اعتمدتها الحركات الثورية الأصيلة، انطلق من الجماهير هدفاً ووسيلة، وآمن بالخلق الثوري الذي اعتمد الإنسان الانقلابي الثائر على المفاسد في نفسه قبل غيره.

إن حزبنا في مسيرته الطويلة عمق مفاهيمه الثورية، وأكد أن البعثي يعني ليس مجرد منتسب على حزب سياسي، إن البعثي هو الثوري، وهذا يفرض عليه أن يمثل الثورة في سلوكه، أن يكون صورة مصغرة لتلك الثورة.

إن حزب البعث العربي الاشتراكي حركة ثورية تسعى إلى ترجمة أهدافها الثورية إلى حيز الواقع، وإن النضال الحاسم الذي يمارسه البعث اصطدم بكثير من المعوقات والتحديات إن كان على المستوى القطري أو القومي، ففي العراق واجه البعث أنظمة ديكتاتورية قمعية، فتعرض مناضلوه إلى الاعتقال والترهيب، لأنه كان يمثل الإرادة الجماهيرية الساعية إلى بناء دولة قادرة على تحمل مسؤولياتها الداخلية والخارجية، فكان البعث هو الحركة القومية الثورية الوحيدة التي انطلقت على هدى إيديولوجية متكاملة تعبر عن الثورة والجماهير الثورية.

تمكن حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق من تفجير ثورةٍ اتسمت بأخلاق ثورية وثابة عبرت عن طموح وتطلعات الشعب العراقي في التخلص من نظام ديكتاتوري قمعي شعوبي، ممثلاً بنظام عبد الكريم قاسم الذي كان يتجه بالعراق إلى الهاوية.

فجر حزب البعث العربي الاشتراكي في الثامن من شباط، الرابع عشر من رمضان عام 1963، ثورةً ما زالت تكنى بعروس الثورات، لأنها تمكنت من استعادة العراق إلى وجهته العربية والجماهيرية وانتزاع السلطة الفردية المطلقة التي كان يمثلها الحكم القاسمي، فأصبحت السلطة بيد الشعب والجماهير الثورية.

بعد نجاح ثوار العراق في تفجير ثورة شباط والقضاء على الحكم الديكتاتوري الشعوبي المجرم، أصدروا البيان رقم (1) الذي أعلنوا من خلاله نجاح الثورة واسقاط النظام القاسمي.

وفي قراءة موضوعية للبيان الصادر في الثامن من شباط عام 1963، لا بد لنا من التزام الموضوعية والحيادية في قراءة مفردات البيان الذي صدر باسم (المجلس الوطني لقيادة الثورة).

بدايةً لا بد لنا من ملاحظة أن إصدار البيان باسم المجلس الوطني لقيادة الثورة يعني أنها الجهة الوحيدة المعبرة عن الثورة، ولم يصدر البيان باسم شخص أو حزب او مكون من مكونات الشعب العراقي، وهو ما يدل بوضوح على أن الثورة هي التعبير الحقيقي عن الشعب.

لقد وجه المجلس الوطني لقيادة الثورة بيانه إلى جماهير الشعب العراقي الكريم، بكل مكوناته القومية والاثنية، وكل شرائحه المجتمعية، موضحاً أسباب القيام بالثورة:

(لقد تم بعون الله القضاء على حكم عدو الشعب عبد الكريم قاسم وزمرته المستهترة، التي سخرت موارد البلد لتطمين شهواتها وتأمين مصالحها، فصادرت الحريات، وداست الكرامات، وخانت الأمانة، وعطلت القوانين، واضطهدت المواطنين.

يا أبناء الشعب الكرام:

قامت ثورة الرابع عشر من تموز لتحرير وطننا من الأوضاع الاستعمارية المتمثلة بالحكم الملكي، وسيطرة الاقطاع وسياسته، ومن التبعية، ولتحقيق أوضاع ديمقراطية، ينعم فيها الشعب بحياة كريمة، ولكن عدو الله وعدوكم المجرم والخداع استغل منصبه واندفع بكل الوسائل الدنيئة والأساليب الإجرامية لإقامة حكمه الأسود الذي أفقر البلاد وصرع الوحدة الوطنية، وعزل العراق عن ركب العروبة المتحررة وطعن أماني شعبنا القومية.)

 

لقد تضمن بيان المجلس الوطني الأسباب الموجبة للثورة على نظام عبد الكريم قاسم والقضاء عليه، معتمداً على إرث ثورة الرابع عشر من تموز التي أسقطت النظام الملكي والتبعية للاستعمار، وسرد البيان بعضاً منها، فعلى المستوى الداخلي:

                   افقار البلد، وصرع الوحدة الوطنية.

                   تسخير موارد البلد لتطمين شهواته وتأمين مصالحه.

                   مصادرة الحريات.

                   إهانة كرامة الشعب العراقي.

                   خيانة الأمانة.

                   تعطيل القوانين.

                   اضطهاد المواطنين.

وعلى الجانب العربي القومي:

                   عزل العراق عن ركب العروبة المتحررة، وطعن أماني الشعب العراقي القومية.

ونلاحظ مما ورد آنفاً أن الثورة أعادت الاعتبار للحقيقة المتمثلة في انتماء العراق وشعبه إلى الأمة العربية من منطلق قومي. وهو ما يعبر عنه البعث في أدبياته ومنطلقاته النظرية، من أن العراق هو جزء لا يتجزأ جغرافياً من الوطن العربي، والشعب العراقي هو جزء وامتداد للشعب العربي على مساحة الأمة.

ويتابع البيان: (إن حرصنا على سلامة وطننا، ووحدة شعبنا، ومستقبل أجيالنا، وإيماننا بأهداف ثورة تموز العظيمة، قد حمّلنا مسؤولية القضاء على الطغمة الفاسدة التي تسلطت على ثورة الشعب والجيش، فأوقفت مسيرتها، وعطلت انطلاقتها، وقد تم ذلك بمؤازرة كافة القوات المسلحة الوطنية، وتأييد جماهير الشعب.)

نلاحظ أن بيان المجلس الوطني كان يركز على:

                   سلامة الوطن.

                   وحدة الشعب.

                   مستقبل الأجيال.

                   الإيمان بأهداف ثورة تموز العظيمة التي حملت على عاتقها النهوض بالعراق وشعبه العظيم.

لقد كان الحرص على سلامة الوطن ووحدة الشعب بكل مكوناته وبناء مستقبل مشرف للأجيال القادمة من المحفزات والدوافع للقيام بالثورة، فليس هناك أهم من الوطن وسلامته والشعب ووحدته حتى يتم تقديم التضحيات لأجل كل ذلك.

كما يشير البيان صراحة إلى أن الجيش العراقي، وقواته المسلحة شاركت وآزرت الثورة ضد الطاغية، لأنها تنبثق من الشعب، فلا يمكن أن تكون القوات المسلحة العراقية إلا في صف الشعب، والحامي لطموحه وتطلعاته.

ويتابع البيان: (إن هذه الانتفاضة التي قام بها الشعب والجيش من أجل مواصلة المسيرة الظافرة لثورة تموز المجيدة، لابد لها من إنجاز هدفين، الأول تحقيق وحدة الشعب الوطنية، والثاني تحقيق المشاركة الجماهيرية في توجيه الحكم وإدارته، ولابد من إنجاز هذين الهدفين الاثنين من إطلاق الحريات وتعزيز مبدأ سيادة القانون.

إن قيادة الثورة المتمثلة بالمجلس الوطني لقيادة الثورة، إذ تؤمن بهذا وتعمل على تحقيقه، تؤمن كذلك بما يزخر فيه الشعب من روح وطنية وثابة وما يتحلى به من عزم ثوري، وما يتصف به من وعي عميق، لذا نحن نأمل أن يترفع المواطنون في هذا اليوم المبارك عن الضغائن والأحقاد، وأن يعملوا جميعاً على ترسيخ وحدتهم الوطنية، وتقوية التفاهم حول أهداف ثورة تموز المجيدة، وأن لا يدعو منفذاً لعميل أو مفسد ومأجور يسعى فيه للتفرقة.)

مما تقدم نلاحظ أمراً مهماً، أن المجلس الوطني لم ينسب القيام بالثورة له وحده، بل أكد على حقيقة مفادها أن الجيش والشعب هما من قام بالانتفاضة، كما أن الجميع مشاركون في تحقيق الأهداف الأسمى للثورة، وهي تحقيق وحدة الشعب الوطنية، بكل ما يمثله الشعب من قوميات واثنيات.

ويشير البيان إلى مسألة في غاية الأهمية، وهي المشاركة الجماهيرية في توجيه الحكم وإدارته، دون استئثار من جهة معينة، وهو ما يفضي إلى إطلاق الحريات وتعزيز مبدأ سيادة القانون، ليكون الجميع أمام القانون سواسية.

لقد أسقط بيان المجلس الوطني كل الرهانات التي كانت تصرخ بغباء أن الثورة ستمارس أعمالاً انتقامية وثأرية ضد نظام عبد الكريم قاسم وزمرته وكل من مارس العنف والهمجية والقتل ضد الشعب العراقي وضد البعث ورجال العراق الوطنيين، فقطع البيان الطريق على هؤلاء داعياً بكل وضوح:( لذا نحن نأمل أن يترفع المواطنون في هذا اليوم المبارك عن الضغائن والأحقاد، وأن يعملوا جميعاً على ترسيخ وحدتهم الوطنية، وتقوية التفاهم حول أهداف ثورة تموز المجيدة، وأن لا يدعو منفذاً لعميل أو مفسد ومأجور يسعى فيه للتفرقة.).

إن ما تؤشر إليه هذه الدعوة من نبذ الأحقاد والضغائن إنما هو دليل قوي على أن الثورة إنما جاءت لتخلص الشعب، كل الشعب، من الظلم والاضطهاد، وتسعى لبناء مجتمع عراقي تغيب عنه الأحقاد والكراهية، لأنها حملت النظام بما يمثله من أشخاص قِلّة مسؤولية ما حدث في العراق.

كما يشير البيان إلى الأهداف التي تسعى الثورة إلى تحقيقها، تلبية لتطلعات الشعب العراقي، حيث يذكر البيان: (إن المجلس الوطني لقيادة الثورة يعمل على إقامة حكومة وطنية من المخلصين من أبناء الشعب، ومن المخلصين من أبناء هذا الوطن، وستكون سياسة حكومة الثورة، وفقاً لأهداف ثورة تموز المجيدة، لذا فإن الحكومة ستعمل على إطلاق الحريات الديمقراطية، وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وتحقيق وحدة الشعب الوطنية بما يتطلب لها من تعزيز الأخوة العربية الكردية، بما يضمن مصالحها القومية  ويقوي نضالهما المشترك ضد الاستعمار واحترام حقوق الأقليات وتمكينها من المساهمة في الحياة الوطنية .

كما إنها تتمسك بمبادئ الأمم المتحدة، والالتزام بالعهود والمواثيق الدولية، والمساهمة في تدعيم السلام العالمي ومكافحة الاستعمار بانتهاج سياسة عدم الانحياز، والالتزام بقرارات مؤتمر باندونغ، وتشجيع الحركات الوطنية المعادية للاستعمار وتأييدها، كما إن قيادة الثورة تعاهد الشعب على العمل نحو استكمال الوحدة العربية، وتحقيق وحدة الكفاح العربي ضد الاستعمار والأوضاع الاستعمارية في الوطن العربي، والعمل على استرجاع فلسطين المحتلة، وستحافظ على المكتسبات التقدمية للجماهير وفي مقدمتها قانون الإصلاح الزراعي وتطويره ولمصلحة الشعب، وإقامة اقتصاد وطني يهدف إلى تصنيع البلد وزيادة امكانياته المادية والثقافية، كما سيؤمن تدفق البترول إلى الخارج.)

يوضح هنا البيان أن المجلس الوطني غير معني بالاستئثار في الحكم، وإنما هدفه الرئيس هو إقامة حكومة وطنية، يشارك فيها كل المخلصين الشرفاء من أبناء العراق. وحدد البيان الأهداف التي ستسعى الحكومة إلى تحقيقها، على مستوى الداخل العراقي:

                   إطلاق الحريات الديمقراطية، وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وتحقيق وحدة الشعب الوطنية بما يتطلب لها من تعزيز الأخوة العربية الكردية، بما يضمن مصالحها القومية ويقوي نضالهما المشترك ضد الاستعمار واحترام حقوق الأقليات وتمكينها من المساهمة في الحياة الوطنية

                   وستحافظ على المكتسبات التقدمية للجماهير وفي مقدمتها قانون الإصلاح الزراعي وتطويره ولمصلحة الشعب، وإقامة اقتصاد وطني يهدف إلى تصنيع البلد وزيادة امكانياته المادية والثقافية، كما سيؤمن تدفق البترول إلى الخارج.

ويشير البيان أن الثورة، على المستوى الدولي:

                   تتمسك بمبادئ الأمم المتحدة، وملتزمة بالعهود والمواثيق الدولية، وتساهم في تدعيم السلام العالمي، ومكافحة الاستعمار بانتهاج سياسة عدم الانحياز، والالتزام بقرارات مؤتمر باندونغ، وتشجيع الحركات الوطنية المعادية للاستعمار وتأييدها.

كما أن البيان لم يغفل المستوى العربي والإقليمي، حيث أشار:

                   إن قيادة الثورة تعاهد الشعب على العمل نحو استكمال الوحدة العربية، وتحقيق وحدة الكفاح العربي ضد الاستعمار والأوضاع الاستعمارية في الوطن العربي، والعمل على استرجاع فلسطين المحتلة).

لم تغفل الثورة في بيانها الأول عن أن العراق سيعمل جاهداً لتحقيق طموحات الجماهير العربية في الوحدة، وتحرير فلسطين، وهنا مؤشر واضح وقوي أن القضية المركزية للعراق والأمة هي فلسطين، وأن تحريرها واجب مقدس على كل أبناء الأمة.

 

وفي ختام البيان الأول ألزم المجلس الوطني نفسه بالعهد لله ثم للشعب أن يكون مخلصاً للعراق وللنظام الجمهوري، أميناً على المبادئ والقيم، ومضحياً في سبيلها، مع الدعوة للجماهير بأن تكون وحدة متراصة متكاملة لتحافظ على المبادئ والقيم، للسير في طريق البناء والنهضة.

 

لقد أثبت بيان المجلس الوطني أن المناضل الثوري حينما يهب طاقاته للشعب لا يبخل بهذه الطاقات، لا يجزئها إلى ما هو لنفسه، لذاته، وما هو للشعب، للعمل الثوري، إن حياته واحدة متماسكة لا انفصام بينها، وهو ما أثبته ثوار شباط.

 

من كل ما سبق فإننا نلاحظ أن توجهات قادة الثورة منذ يومها الأول كانت منصبة لخدمة الشعب وإعادة العراق إلى وسطه العربي الذي أبعدته عنه سياسة دكتاتورية قاسم وعدائه لكل توجه قومي بدفع وتحريض الجهات والعناصر الشعوبية التي سمح لها قاسم وبدعم منه بالسيطرة على الساحة السياسية والمواقع العسكرية.

لذلك واجه هؤلاء الشعوبيون الثورة منذ ساعة انطلاقها الأولى، واستكمل بعض العسكريين التآمر عليها، ولهذا لم تستطع تحقيق كامل أهدافها خلال عمرها القصير، الذي لم يتجاوز تسعة أشهر، لكن حزب البعث العربي الاشتراكي استمر بنضاله على الرغم من حملة الاعتقالات التي شملت مناضليه، وتمكن بعزيمة وإصرار من تفجير ثورة 17 تموز 1968 لتحقيق تلك الأهداف التي آمن بها تلبية لطموحات وتطلعات الشعب العراقي وكل الأمة العربية.

 

قراءة في بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي الصادر في 26 تشرين الثاني 2022

قراءة في بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

الصادر في 26 تشرين الثاني 2022

الحلقة الأولى

زامل عبد

أدانت القيادة القومية كل أشكال العدوان الذي تتعرض له الأمة العربية ودعت إلى إعادة الاعتبار للكفاح الشعبي المسلح لتحرير فلسطين وتأسيس صندوق قومي لدعم ثورتها ، وقيام الجبهة الشعبية العربية وإعادة الاعتبار للقضية الديموقراطية في عمليات التحول السياسي، وأكدت على الثوابت الأساسية في رؤية البعث الخالد للواقع العربي والإقليمي والدولي بإدانة العدوان الخارجي على الأمة العربية والانتفاضة الشعبية في إيران دليل تحول في الرأي العام ضد نظام الملالي، وتفهم ضرورات أمن روسيا القومي ، وحق أوكرانيا في وحدة أرضها وشعبها، هكذا هي رؤية البعث الخالد للواقع العربي والإقليمي والدولي منذ التبشير والتأسيس والتفاعل مع الاحداث كونه الوليد الشرعي من الرحم العربي لمقاومة كل اشكال العدوان أو التدخل المباشر والغير مباشر بالواقع والمشهد السياسي العربي والإقليمي الذي ينعكس سلبياً على الحياة العربية والتأثير بشكل مباشر أو غيره على حالة التصدي العربي للعدوان أو غير ذلك  حيث أكدت  قيادة البعث ببيانها على:

 {{ بعدما استمرت الساحة العربية لسنوات ، جاذباً للأنظار ، ومسرحاً لأحداث كبرى من العدوان الخارجي عليها إلى الانتفاضات الشعبية التي انفجرت في العديد من الأقطار العربية وتولد أزمات بنيوية ، تعيش بعض الساحات الدولية والإقليمية تطورات هامة ، لن تقتصر نتائجها وتداعياتها على ساحاتها وحسب ، بل تتعداها إلى الجوار الإقليمي والدولي ومن بين هذه الأحداث الكبرى يبرز الحدث المتفجر في الشرق الأوروبي والانتفاضة الشعبية في إيران، لكن انفجار أزمات كبرى على المستوى الدولي،  كتلك المتولدة عن سياقات الحرب الروسية – الأوكرانية التي تدخل هذه الأيام شهرها التاسع دون أن تلوح في الأفق بوادر قريبة لوضع نهاية لها ، لم يحرف الأنظار عن تفاعل تطورات الأحداث على الساحة القومية ، وتلك الدائرة في دول الإقليم، بدءاً من النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية في الكيان الصهيوني مروراً  بالانتفاضة الشعبية ضد نظام الملالي في إيران التي  دخلت شهرها الثالث ، وصولاً إلى احتدام الصراع على الساحة القومية بين قوى الحراك الشعبي العربي ونظم الرجعية والتطبيع والاستبداد والتسلط والتوريث السلطوي واستباحة القوى الدولية والإقليمية للأمن القومي العربي، إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي واكبت من خلال مواقفها تطورات الأحداث على مدى العام الذي يطوي أيامه الأخيرة على وقع استمرارية تفاعل الأحداث عربياً وإقليمياً ودولياً  }}…

 ومن خلال تسعة محاور تناولت فيها  المشهد المحلي والإقليمي والدولي  بقربه وبعده عن الساحة العربية وانعكاسها  الإيجابي والسلبي في ان واحد ، ومن هنا يمكننا الربط فيما بين هذه الرؤيا وما قاله الشهيد الحي الخالد صدام حسين رحمه الله وارضاه  في اكثر من موقع  وحدث  ،  في خطابه باجتماع مجلس التعاون العربي في عمان بتاريخ 24 فبراير 1990  قال الشهيد الحي عن تفرد أمريكا  ما نصه ((   غير اننا نرى ان أمريكا  ستبقى قادره على ان تنفلت خارج ضوابط  ما خرجت عليه العادة في المحيط الدولي  في مدى السنوات الخمس  القادمة ولحين  تتكون قوى الموازنة الجديدة ،  يضاف إلى ذلك ما مقدار التأثير الغير منضبط من عداء وضغينة غير منضبط وغير مسؤول من قبل الغير ان أقدمت على حماقات مرفوضه …  )) وما ورد  في بيان القيادة في 26 تشرين الثاني 2022 الذي جاء فيه  (( إن الحرب التي اندلعت بين روسيا وأوكرانيا ، هي بمقدماتها وسياقاتها وما ستؤول إليه من نتائج لم تكن صاعقة في سماء صافية ، بل بدأت عناصرها بالتشكل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ومسارعة أميركا لملء الفراغ الناجم عن سقوط حلف وارسو ، عبر التمدد إلى الشرق الأوروبي ، ونشر منظومات صاروخية فيه ، بدأت روسيا تشعر بعد استفاقتها من غيبوبة الصدمة ، أن أمنها القومي أصبح عرضة للتهديد من جراء تواصل انضمام دول أوروبا الشرقية إلى حلف شمال الأطلسي  ، إن روسيا التي بدأت استعادة حضورها على مسرح الأحداث الدولية والقارية ، رأت في السعي الأوكراني للانضمام إلى الحلف الأطلسي ، ليس تهديداً مباشراً للأقلية الروسية في أوكرانية والتي كانت إحدى الأوراق التي توظفها موسكو في الضغط على الداخل السياسي الأوكراني وحسب ، وإنما لأمنها القومي الذي لم يفارق ما يستوطن ذاكرتها  من أحداث تاريخية  كان القوقاز وشبه جزيرة القرم مسرحاً لها ، من روسيا القيصرية إلى الاتحاد السوفياتي ، وصولاً إلى المرحلة الراهنة ، حيث تسعى موسكو لإعادة الاعتبار لدور فاعل فقدته منذ أصبحت أميركا تتصرف كقطبية أحادية مقررة لمسار الأحداث الدولية  ، إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تؤكد على حق الشعوب في ممارسة خياراتها السياسية وفق مقتضيات مصالحها الوطنية بعيداً عن التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية ومنها الحق السيادي للشعب الأوكراني ، تتفهم هواجس دولة روسيا الاتحادية لما ينطوي عليه تمدد الأطلسي إلى مقربة من حدودها من مخاطر محتملة على أمنها القومي وهي تعتبر أن الحل السياسي الذي يضع حداً لهذا الصراع الذي يتسم بالطابع الدولي بعد الاصطفاف الغربي عامة والأطلسي خاصة خلف أوكرانيا ، يجب أن يرتكز على قاعدتين   تتعلقان بتفهم ضرورات الامن القومي الروسي من جهة أولى ، ووحدة الأراضي الأوكرانية من جهة ثانية وكل محاولة لكسر واحدة من هاتين القاعدتين على حساب الأخرى ، سيؤسس لحرب جديدة إذا ما انطوى حل الصراع المتفجر حالياً على عكس ما تقضيه موجبات هاتين القاعدتين  ))  يوضح الرد الروسي على الحماقات الامريكية  وعملها  من اجل تطويق روسيا الاتحادية وهذا ما يؤكد  صواب الرؤية والتحليل في حينه  من قبل القيادة الوطنية القومية للعراق

ثورة الثامن من شباط 1963 معجزة البعث وغرسه الأول

ثورة الثامن من شباط 1963 معجزة البعث وغرسه الأول

ا. د. سلمان حمادي الجبوري

 

في استذكار ثورة الثامن من شباط 1963 والتي اطلق عليها الرفيق الاب القائد أحمد حسن البكر تسمية عروس الثورات، وفي ذكراها الحادية والستون اليوم نستطيع القول وبثقة عالية انها كانت معجزة البعث، لانها تفجّرت في ظروف بالغة الصعوبة والعتمة، وانتشار يأس شديد انتاب الجماهير التي كانت تتأمل خيراً من ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 التي انحرفت عن اهدافها لا حقاً بسبب سرقتها من قبل عبد الكريم قاسم الذي فرض دكتاتوريته المقيتة، وخرج عن مبادئها، مضيقاً على الجماهير التواقة الى الحرية و التحرر، ومخيباً امال القوى الثورية الوطنية والقومية فيما انتظرته من التغيير، ومطلقاً يد الشعوبيين في العبث بمقدرات الشعب والوطن. فانفجرت ثورة 8 شباط كثورة شعبية شاركت فيها قوى الشعب المدنية مع الجيش في الإطاحة بحكم الفرد والدكتاتورية.

وبهذه المناسبة العزيزة على قلوب جميع الاحرار في العراق والوطن العربي، لابد من القول ان اقدام البعث على القيام بهذا العمل الثوري الجريء في ظل طغيان شديد واستحكام امني اشد، انما يعد بطولة فذّة وقدرة عالية على تحمل مسئولية الشعب والوطن، والانتصار لهما مهما بلغت التضحيات.

لقد كانت الثورة معجزة بحق، لان كل الظروف السائدة حينها في العراق كانت تؤشر الى استحالة القيام بأي تغيير ، تلك الظروف التي خلقتها فردية الحكم وعشوائية قرارته، واطلاق يد الشعوبيين للعبث بمقدرات الشعب والوطن، وشيوع أساليب العنف المفرط والترهيب الغير مسبوقة ازاء كل من لا يتفق مع توجهاتهم ، فامعنوا في القسوة في التعامل مع الشارع العراقي الى الحد الذي جرى فيه السحل و تعليق جثث الابرياء على اعمدة الكهرباء واستبيحت دماء العراقيين من الشمال الى الجنوب .

هذا اضافة الى الأسلوب القمعي الذي درج عليه قاسم منذ انفراده بالحكم بواسطة ما سمي (بمحكمة المهداوي) التي اساءت للقضاء العراقي المشهود له بالحيادية والنزاهة والعدالة فكان ان جرى التشهير بالمواطنين والقوى الوطنية من خلالها و سُيّسَت الاحكام الجائرة التي اتخذتها بحق العديد من الأبرياء وخاصة أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي والقوى الوطنية والقومية الاخرى.

ورغم كل ذلك، فان محدودية حجم الحزب وقصر تجربته في العمل الثوري حينها، لم تشكل عائقا امامه للانتصار للعراق وشعبه الابي وتصحيح الأوضاع السياسية في البلد. فرغم كل تلك العوامل المؤثرة سلبا على أي عمل ثوري نرى ان روح الاقدام والشجاعة التي تمتع بها البعثيون إضافة الى القدرة على تحمل المسئولية الوطنية والقومية، وثبوت زيف ادعاءات الحركات الأخرى الفاعلة في الساحة العراقية، كل ذلك حمل قيادة البعث في العراق الى اخذ زمام المبادرة والقيام بذلك العمل الثوري العظيم  الذي كان بمثابة معجزة بكل المقاييس.

 هذا من جانب ومن جانب اخر فأن اقدام الحزب على القيام بهذه الثورة المتفردة في الساحة العربية عموما والعراقية خصوصا، ووسط كل تلك الظروف السائدة حينها، شكّل  اول ثورة للحزب فكانت الغرس الأول له الذي انتظرته الجماهير التواقة الى الحرية ان ينمو ويؤتي أكله .

لقد نبع هذا الفعل الثوري الجريء من أيديولوجية البعث الانقلابية. التي تعني احداث التغيير الجذري الشامل والمستمر للانتقال بالواقع من حالة الانكسار والإحباط والتخلف الى حالة متقدمة على كل الأصعدة وفق اهداف الحزب في الوحدة والحرية والاشتراكية . ويكون هذا التغيير شاملاً للحريات الشخصية والسياسية ، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي ، وإشاعة العدالة ، وتعزيز الرفاه المجتمعي، واطلاق طاقات الابداع لدى افراد المجتمع انطلاقا من مبدأ كون الانسان وسيلة الثورة وغايتها في نفس الوقت.

 لقد استطاعت ثورة الثامن من شباط المجيدة أن تغرس في نفوس العراقيين مباديء الحق والعدل والقوة والاقدام والتضحية، وقد كان لها الدور الهام في ردّ الثقة والكرامة، واستعادة اللحمة الوطنية للشعب العراقي، بعد أن مزَّقتها سلوكيات قاسم الهوجاء، وسياساته وقراراته المتذبذبة الحمقاء .

لقد كان قادة ورجال ثورة الثامن من شباط المباركة  (صُنَّاع ثورة)، بعد أن تقدموا الصفوف في التخطيط والتهيئة لها، و تنفيذها على الأرض، ومن ثم قيادتها وفق الخطط والأهداف المرسومة، على طريق تحقيق أهداف البعث المنشودة في الوحدة العربية، ابتداءً من تحقيق الوحدة الوطنية التي هددها الحكم الفردي وجعلها عرضة للتمزّق، ثم تحقيق الحريات الاجتماعية والسياسية ووضع اسس لنهضة تنموية مبنية على استراتيجيات وطنية مدروسة بعيدا عن الشعارات الفارغة والقرارات العشوائية. وهكذا خطت الثورة الخطوات الاولى نحو تحقيق آمال الجماهير العراقية والعربية في عراق عربي قوي وناهض وموحَّد ليكون امل وقدوة للشعب العربي من المحيط الى الخليج العربي.

ومن هنا لم يكن هدف البعث الأساسي وغايته استلام الحكم،  بل كان وسيلة لبلوغ الغايات والاهداف المشار اليها اعلاه في التغيير الشامل وانقاذ العراق.

 ومما يؤكد ذلك هو ان الحزب لم ينفرد بالسلطة منذ يومها الأول بل اشرك القوى القومية في قيادة الدولة وإدارتها.

وعلى الصعيد القومي، اعتبرت الثورة استنادا الى أيديولوجية البعث أنَّ الأمة العربية هي وحدة سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية متكاملة، وأن ما تعيشه من حالة التجزئة التي فرضها الاستعمار، انَّما هو طارئ واستثنائي، وأن هذه الأمة لها مشتركات أساسية هي وحدة التاريخ والتراث ، واللغة ، والثقافة ، والمصير الواحد، والآمال المشتركة، إضافة إلى الدين والمعتقدات والأعراف، والتكوين النفسي و السلوك الاجتماعي.

ولقد اعطت الثورة القضية الفلسطينية اولوية قصوى، فأخذت على عاتقها تهيئة الكيفية التي يتم تعامل العراق بها مع قضية الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، اضافة الى ما تتعرض له الأمة العربية من عدوان أجنبي استعماري في اقطار اخرى فوضعت الأسس اللازمة لإسناد حركات المقاومة والتحرر في تلك الاقطار.

إن ما أرسته وأسست له ثورة الثامن من شباط المجيدة رغم قصر عمرها هو اعمق مما يتم تناوله في مقال واحد ، فما ذكر اعلاه هو غيض من فيض قد لا يفيها حقها.

 الرحمة لقادة الثورة ولشهدائها الابرار الذين ثاروا مضحّين بأرواحهم في سبيل الانتصار للعراق وعروبته وتحقيق نهضته .