شبكة ذي قار
إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!

إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!

فؤاد الحاج  

في الزمن الرديء الذي تعيشه أمة النكبات العربية، ماذا يمكن أن يقال جراء الواقع المفروض من حلف الشر والطغيان العالمي والإقليمي وفي مقدمها إدارات الشر الأمريكية المتعاقبة وإيران الرازحة تحت نير وظلم ملالي قم وطهران، وتركيا أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” الذي يبحث على مكانة له في نظام دولي جديد لم تتكون ملامحه نهائياً بعد، إضافة إلى تجار الدين من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، الذين يعملون معاً من أجل تغيير معالم تاريخ وجغرافيا البلدان العربية وأسس الديانات السماوية من أجل إقامة كانتونات طائفية ومذهبية! وبقصد أو بغير قصد يرفدهم الانتهازيون من المهرجين أدعياء والوطنية من على شاشات تلفزيونية محلية وعابرة للقارات تدفع لهم أثمان مقابلاتهم وحواراتهم بحسب أهواء ممول كل محطة منها؟ وكي لا نبتعد كثيراً عن عنوان هذه المقالة أردد ما كتبته مرات ومرات بيتين من شعر الراحل الشاعر المهجري في أستراليا ألبير موريس كرم التي تختصر الوضع الراهن في لبنان: باعوك يا لبنان وهل وطن يباع / وتقاسموا خيرات أرضك ما استطاعوا يا موطن المجد العريق إلى متى / ستظل تنهش من جنائنك الضباع؟ ومن هذا المنطلق يمكن القول أن لبنان طوال تاريخه وتحديداً منذ اتفاقية “سايكس-بيكو” عام 1916، إلى يومنا هذا كان ولم يزل سلعة للبيع بكل ما للكلمة من معنى، لذلك نجد أن اللبنانيين وعلى مختلف مستوياتهم، مواطنين عاديين ومسؤولين وفي كافة الإدارات يهيجون لفترة لا تتجاوز الشهرين قبيل أي انتخابات، رئاسية، أو نيابية، أو بلديات، أو مخاتير، ومن ثم يهدأون وكأن شيئاً لم يكن، وتعود حليمة لعادتها القديمة، شكاوى ومظلمات وبكائيات ولطميات وما إلى هنالك من مجالات تعبر عن ضيق صدر المواطن بهذا النائب وذاك رئيس البلدية والمختار لأنهم لم يفوا بالعهود التي قطعوها للمواطنين! وهكذا تمضي السنين والأوضاع المزرية تتفاقم، حتى بدأ المواطن المغلوب على أمره يلعن في السر والعلن كل النواب والرؤساء منذ أن حصل لبنان على استقلاله عام 1947. *** مرة أخرى أقول، ضمن هذه الظروف التعيسة ترى ماذا يمكن أن يُكتب أو يقال؟ وفي الوقت نفسه ما هو دور المثقفين الوطنيين الشرفاء والأحرار، الذين يرفضون الواقع المرير ويتطلعون إلى غدٍ أفضل؟ وكيف العمل لمواجهة هذا الواقع المفروض على الشعوب والأمم من قبل أعداء الإنسانية؟ تساؤلات كثيرة تدور في الأذهان، والجواب هو وحدة الموقف والتضامن. وعلى الرغم من الجواب الواضح، فأن الاختلاف يكمن في التفاصيل بين هذا وذاك المثقف، ولا مجال لمناقشة ذلك في هذه السطور، لأن الشرح المفصل مطلوب من الشرفاء والأحرار من أبناء أمة النكبات التائهين في التفسيرات والتقديرات لمجريات الأوضاع هناك، كما أن ذلك مطلوباً من كل الأحزاب والتنظيمات الوطنية والقومية في الوطن العربي الذي كان كبيراً بأحلامنا. وكذلك هو مطلوب من كل الذين أكلوا من صحن العراقيين وعدداً كبيراً منهم مع الأسف بصقوا في ذلك الصحن حتى من العراقيين أنفسهم. وأيضاً مطلوب من كل الذين شاركوا إن في مؤتمر القوى الشعبية العربية، أو في مؤتمر الأحزاب العربية، أو في ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي، أن يراجعوا مواقفهم وكلماتهم منذ بداية تسعينات القرن الماضي وأن ينسقوا فيما بينهم إن لم نقل توحيد رؤاهم وصفوفهم مجدداً، ضمن جبهة وطنية وقومية عربية، عريضة وفاعلة، من أجل الانتقال من حالة التداعي الوطني والقومي والفواجع والمآسي التي تمر بها الأمة في كل أقطارها، وأن يعملوا على إعادة تحقيق ثقة الجماهير بهم، وكذلك ثقة المواطن الذي فقد تلك الثقة وكفر بهم وبهذه القوى التي لن يرحمها القلم والزمن وستدوّن في ذاكرة التاريخ على أنها مرحلة الانحطاط القيمي والأخلاقي. فهل يتجرأ أي قيادي أو زعيم حزب أو مفكر سياسي، أن يتخلى عن الأنا تحقيقاً للمواقف المبدئية والثابتة لحزبه أو لتنظيمه من أجل مصلحة الأمة أو الوطن على أقل تقدير، لأن المبادىء والأهداف لا يمكن أن يتم تفعيلها إلا بدعم الشعب وإلا ستبقى حبراً على ورق، كما هو حال كل الأحزاب والتنظيمات في كل الأقطار العربية دون استثناء. *** ومن يعيد قراءة مراحل النضال العربي ضد الاستعمار وضد احتلال فلسطين منذ بداية الأربعينات وحتى أواخر السبعينات من القرن الماضي يشهد على أهمية مواقف ومبادىء القوى التي كانت حية في الأمة العربية. كما سيجد الباحث أن دعم الجماهير وانخراطها في تلك الأحزاب والتنظيمات ولجان نصرة فلسطين والعراق والدفاع عن مصر إبان العدوان الثلاثي، أن ذلك الدعم قد اضمحل وأصبح تحت الصفر بمئات الدرجات كما هو حال التغيرات المناخية التي نعيشها في هذه الفترات. لأن موقف أبناء الأمة في فترة الخمسينات والستينات كان تعبيراً حياً عن تطلعات أبناء الأمة التي آمنت ببناء غد مشرق أفضل، بينما اليوم نجد أن أبناء تلك الأمة لم تعد تؤمن بتلك الأحزاب والتنظيمات، ليس لأنها بدلت أو غيرت أفكارها ومبادئها، إنما بسبب بروز قيادات انهزامية وأصحاب مصالح على حساب الفكر، والعقيدة، والمبدأ، وخير دليل على ذلك انخراط عدد كبير من المحسوبين على فكر هذا الحزب أو ذاك التنظيم في المجالس النيابية، أو مجالس الأمة، أو مجالس الشعب، قد تنكر للجماهير التي انتخبته، وأيدته، ومنحته أصواتها، وبات بوقاً للنظام الذي كان معارضاً له من أجل أن يحافظ على راتبه المليوني شهرياً، وهكذا الحال في النقابات المهنية والعمالية وغيرها من مؤسسات التي من المفترض أن تكون في خدمة الطبقات الكادحة، والعمال، والجماهير بشكل عام. واليوم يتساءل كثير من الشرفاء والأحرار من أبناء تلك الأمة مقيمين ومغتربين، لماذا بعض الأحزاب التي كانت تحمل صفة قومي ووطني، وأهداف نبيلة، أصبحت تعمل طائفياً ومذهبياً؟ ولماذا تحوّل عدد من الذين كانوا قيادات بارزة في أحزاب تدعي الليبرالية، أصبحوا لا يتحدثون إلا بلهجات طائفية ومذهبية؟ ولماذا أصبحت الطائفية والمذهبية هي السائدة في كل البلدان العربية؟ أسئلة تتوالد من رحم أسئلة، كلها تؤشر إلى أن الجماهير لم تعد تؤمن بهذا الشخص أو ذاك، وليس بفكر أو مبادىء ذلك التنظيم أو الحزب الذي تم الاستيلاء عليه من قبل أشخاص، وتم تحويله إلى حكم فرد وعائلة. ولنا في مجريات الأوضاع في لبنان كما ذكرت آنفاً برهان ساطع، حيث تسيطر مجموعة تعمل على فرض آرائها وسيطرتها على مقاليد الحكم بدعم وإسناد من مجموعة عناصر قليلة العدد من كل الطوائف والمذاهب والديانات المدعومة من ملالي قم وطهران، بحيث يمكن القول أنه لم يبق من الجمهورية اللبنانية سوى اسمها على الورق ليس إلا، يسيطر فيها الفساد وينخرها المفسدون، لأن السلطة باتت للقوى المسلحة والمرتهنة للخارج. *** ومن يعيد قراءة تاريخ وأسباب الانشقاقات في الأحزاب والتنظيمات الوطنية والقومية منذ ستينات القرن الماضي، سيجد أن السبب الأساس هو حكم الفرد إلى أن يموت، فكم من حزب أو تنظيم مات بموت قائده أو مؤسسه، بمعنى أنه لم يعد لذلك الحزب أو التنظيم ذات التأثير والقوة والتأييد من قبل الجماهير، لأن هذه الأحزاب والتنظيمات لم تستطع فرز قيادات جديدة ولم تفسح المجال لمشاركة الشباب في القيادة من أجل رفد تلك الأحزاب بدماء الشباب. مما تقدم أدعو القوى الحية والقيادات الوطنية والقومية الأصيلة الغيورة على مصلحة الوطن والأمة أن تعود إلى الجذور الأساسية التي نشأت من أجلها هذه الأحزاب والتنظيمات للعمل من أجل غد مشرق لأجيالنا التي ستلعنهم جميعاً، ولنا في قول الإمام الشافعي رحمه الله عبرة: (نعيب زماننا والعيب فينا / وما لزماننا عيب سوانا / ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب / ولو نطق الزمان لنا هجانا / وليس الذئب يأكل لحم بعض / ويأكل بعضنا بعضا عيانا.) إننا في مرحلة حرجة من مراحل تاريخ الأمة العربية وانتقالها من مرحلة مضت إلى مرحلة جديدة مجهولة، تستهدف وجودها وكيانها، تستدعي من كافة المؤمنين بأمتهم وبقدرة الجماهير على صنع المعجزات أن يلتقوا من جديد من أجل غد أفضل، يعيدون فيه للمواطن – بصيغة الجمع – عزته وكرامته التي سلبتها الأنظمة الذيلية، والذين يسمون أنفسهم رجال دين من كل الديانات والطوائف والمذاهب دون استثناء. لأنه من المفترض أن يكون غزو العراق واحتلاله وتدميره وإعادته إلى “عصر ما قبل الصناعة” وكذلك ما جرى ويجري في سوريا وليبيا درساً وموعظة لكل المؤمنين بوحدة الأمة ونهضتها، وحالياً ما جرى ويجري في السودان واليمن، لأن ما يجري اليوم في اليمن وفي تونس وفي ليبيا وفي السودان وفي الصومال وفي موريتانيا كما في لبنان وفلسطين وباقي الأقطار العربية، دليل صارخ على أن ما أعلنه السيئ الذكر جورج بوش الصغير في الأول من أيار/مايو 2003 من على ظهر حاملة الطائرات “أبراهام لينكولن” حيث قال “من العراق سنعيد رسم خارطة المنطقة، والآن أمنّا حماية أصدقاءنا” ويقصد بـ”أصدقاءنا” الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين المحتلة. إنها دعوة لكل المخلصين من أبناء الأمة في كل مكان للتضامن وتوحيد الموقف في مواجهة أعداء الإنسانية مردداً مع المهلب بن أبي صفرة (تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا / وإذا افترقن تكسرت آحادا). وأخيراً أذكر بما ورد في الإنجيل على لسان السيد المسيح (عليه السلام) جاء فيها: (مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد)، مع أنه (عليه السلام) قالها في موقف محدد، ولكن، ألا ينطبق هذا القول اليوم على اللبنانيين دون استثناء، وأنه المطلوب منهم واحد وهو الاتفاق فيما بينهم على اختيار رئيس للجمهورية اللبنانية وليس لفئة دون أخرى ومن ثم تشكيل حكومة لبنانية لكل لبنان، والعمل على انتخابات برلمانية نزيهة تشرع لقانون انتخابي يتلاءم مع متطلبات العصر، تمهيداً لإعادة ثقة المواطن المقيم والمغترب، والأهم رفض التدخلات الخارجية مهما كانت ومن أينما أتت، أم أن اللبنانيين سيبقون لعبة بأيدي الغير بينما مصير الوطن يسير إلى المجهول!

شاعر عروبي أصيل والغربة

شاعر عروبي أصيل والغربة

زامل عبد  

رحل ابن العراق البار كريم العراقي عن هذه الدنيا الفانية التي امتطت كل ذليل وخسيس وفاسد وذيل لنصارى يهود وصفويين جدد، رحل بعد أن أصيب بالعضال لأنه لم يحتمل المشهد الذي حل بعراق التاريخ والحضارة والعلم والعلماء، موطن الرسالات والرسل  ومثوى الأنبياء والأولياء والصالحين، رحل ولكن يقيناً لم يرحل من خلال ما تركه من إرث وكلمة تتناغم مع ضمير الأحرار العاملين من أجل التحرير والسيادة  وعودة العراق إلى حاضرة المجد والإباء والخلود واحداً موحداً أرضاً وشعباً. عرفاناً لابن العراق أُوثق قصيدتين عبر من خلالهما كل المعاناة  والأمل الممزوج باليقين الصادق بأن العراقيين الأصلاء سيفعلون فعلهم، والقصيدتان (هنا بغداد_ يا وطن)، فالرحمة والغفران من رب رحيم مالك يوم الدين، وفي عليين بإذنه تعالى مع الشهداء والصديقين لأنك يا ابن العراق صادق الوفاء والحب للأرض ونسيم الوطن.

هنا بغداد: بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية ، فبينما هي ترزح تحت وطأة الجراح … ستبقى بغداد عاصمة العلم والأدب … عاصمة لكل العرب.  

هُنا بغدادُ .. فاقتربي   ***  نُكفكفُ دمعَ مُغتربِ هُنا بدرُ البدورِ غفَتْ   ***   بجَفنٍ ناعسٍ تَعِبِ هُنا الكلماتُ يا سَمرا  ***  ءُ مِن جَمري ومِن حَطَبي هُنا ولدَت حكايتُنا   ***   هُنا حمَلَ الإباءَ صَبِي هُنا تشكُو مآذنُنا   ***    وتَندُبُ أمَّةَ العَربِ يُعاتبني هُنا صَوتٌ   ***   وذِكرى أهليَ النُّجُبِ ويَمشي في دمي وجعٌ   ***   ومُرٌّ في فَمي رُطَبي وعشقُ العُرْبِ يحملُني   ***  برغمِ الجرحِ والنَّصَبِ ففي عمَّانَ أوردَتي    ***   وشطرُ القَلب ِ في حَلَبِ عُروبيُّ الهوَى قلَمي   ***  أباهي النَّاسَ في نَسبِي ودينُ الحقِّ علَّمَني  ***  فعِلمُ الناسِ من كُتبي وهذي الشَّمسُ تَعرفني  ***  وتذكرُ في الدُّنى أدبي لكَم مرَّت على جسَدي ***  رياحُ الغَدرِ والنُّوَبِ فمِن تَترٍ إلى هَمجٍ  *** إلى غَزوٍ بلا سببِ فكُنتُ أثورُ مقتلِعاً *** جذورَ الشرِّ في غَضبِ وأصنعُ للعِدا نعشاً  *** ونعشُ الظلمِ مِن خشبِ هنا بغدادُ .. فاعتَذري  *** لوجهِ الشَّمسِ، وانسَحِبي  

قصيدة يا وطن  

دكيت بابك يا وطن          باب الوطن مقفول دكيت رقمك يا وطن        رقم الوطن مشغول وشنهو اليشغلك يا وطن    فدوه رحتلك كول جاوبني بصوت العذب    ولسانه المعسول مذبوح اني من الألم      يا وليدي مو مشغول الجلبي فدوه للجلب      والجعفري مخبول وصولاغ باقر هل الجرو    صار العفو مسؤول وشهبور لازك بالعرب      اني الربيعي يكول والمالكي ماله فعل      بس للعجم مفعول ومنشار عمار الحكيم    يأكل صعود نزول عمايم امتلى هل البلد   وسبح وعبي ونعول صار اللطم طول السنه    وبعاشور و با يلول والكاكه يعلس بالوطن    حقي وحصتي يكول اليهودي يلعب بيه لعب  والعجمي يصول يجول الشعب سد بابه وكعد       من الظلم مذلول والي فتح بابه وطلع      مخطوف لومقتول كل هذا وتكلي اشعجب   باب الوطن مقفول كل هذا وتكلي شعجب   ليش الرقم مشغول

من أجل ثقافة روحية عالمية خالية من حروب التكفير

من أجل ثقافة روحية عالمية خالية من حروب التكفير

حسن خليل غريب  

منذ التاريخ القديم، والذي ابتدأ فيه الإنسان بالسؤال عن مصيره بعد الموت، لم يهدأ بال العالم من حروب التكفير الدموية، ولا تزال. وشهدت القرون الأخيرة أقسى تلك الحروب وأكثرها دموية واضطهاداً. وليس من الغريب، بل من المؤسف، أن يقوم بها أتباع الأديان السماوية. ابتدأت تلك الحروب منذ الحكم على السيد المسيح بالصلب حتى الموت نتيجة وشاية أحبار اليهود به للسلطات الرومانية. وبعد أن استتبَّ الأمر لاعتناق الرومان للديانة المسيحية، أخذ الاقتتال بين التيارات المسيحية يذرُّ قرنه بينها، إلى أن استتب الأمر لسيطرة الكنيسة الغربية في روما فاعتبرت نفسها ممثِّلة لله على الأرض على الرغم مما ارتكبته من جرائم بحق أتباعها. وما برح بال بابا روما يهدأ حتى ابتدأ الخلاف بين تيارات كنيسته، فانقسم مسيحيوها إلى مجموعة من المذاهب المتناحرة التي لم يستقر لها قرار سوى بعد مرحلة ما يسمى بعصر الأنوار في أوروبا. وفي عصر الأنوار كان للفلاسفة والمفكرين والمثقفين دور كبير في إنتاج مخزون كبير من الثقافة الانقلابية ضد حكم الكنيسة، والتي أنتجت تغييراً جذرياً في بنية النظام السياسي الأوروبي، ومن أشدها تأثيراً كان إنتاج قواعد الدولة السياسية الحديثة التي حددت دور رجل الدين، وجعلته داخل دور العبادة، حيث اعتبرت أن دوره يجب أن لا يتعدى تلك الدور.  لقد ابتدأ عصر الأنوار الأوروبي من حيث انتهى عصر الأنوار العربي والإسلامي  بسقوط الدولة العربية ، وراح التخلف ينتشر بعد أن انتصر الفقهاء (النقل) على الفلاسفة (العقل) منذ أكثر من ثمانية قرون من الزمن. حيث اخذت الحضارة الفكرية العربية بالتدهور ومن ثم التوقف. وبينهما أيضاً، لاذت أوروبا بنعيم الأنوار، بينما غرقت المنطقة العربية والإسلامية في عتمة الظلمات. لم يهدأ بال المسلمين، العرب وغيرهم، من نيران الاضطهاد وقرون التخلف، ولا يزال يعاني منها، وكانت مذبحته الكبرى قد حصلت في العشرينية الاخيرة من القرن العشرين واستفحلت في العشرينية الثانية من القرن الواحد والعشرين، أي منذ أن قرَّر الغرب الرأسمالي بالتحالف مع الصهيونية العالمية التي تخطط لسيطرة الثقافة التلمودية اليهودية، بث وتفعيل الأمراض الطائفية في ثقافة عامة المسلمين، والأحلام الغيبية المسيطرة على مخيلات تيارات الإسلام السياسي. في هذه المرحلة، وبتخطيط مسبق، عملت تيارات الإسلام السياسي على استعادة التجربة المسيحية الفاشلة وتقليدها، وذلك من خلال استعادة حلم بناء دولة دينية بعد إسقاط الدولة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى. ولكنها عبثاً كانت تفعل، وعلى الرغم من هذه العبثية لا تزال تحلم، وهي وإن فشلت في تحقيق أهدافها، وسوف تفشل في تحقيقها لأنها مجرد أحلام غيبية رجعية منعزلة عن الواقع و تطور العصر، فهي لن ترتدع طالما أن هناك من يغذيها مستفيداً من أعمالها التخريبية في بنية المجتمع الإسلامي بشكل عام، والمجتمع العربي بشكل خاص.  وقوفاً أمام هذه المعضلة نتساءل: هل يمكن للحالمين من دعاة الإسلام السياسي ببناء دولة دينية أن يعيدوا دراسة تجربة الكنيسة المسيحية، ويتَّعظوا منها؟ حتى وإن كان الجواب على تساؤلنا سلبياً وعصياً على الحل، لكننا لا نعتبره مستحيلاً، لأن البشرية واجهت مثله ووصلت إلى حلول لمعضلات أكثر منها صعوبة؛ وهذا ما يعطينا الحافز على أن لا نسمح لحلمنا أن يتم دفنه. وأما كيف نرى الحلول في المستقبل البعيد؟  أولاً: في الاستفادة من ايجابيات وسلبيات تجربة الدولة الغربية في الجانب الذي يخص هذا المقال من إيجابياتها أنها ألغت (المقدسات) من القاموس السياسي، وأنه لا يحق لأحد أن يزعم بأنه، دون غيره،  يمثل الله على الأرض، لا بل أصبح الشعب هو الذي يختار ممثليه. وأما من سلبياتها فإنها أبقت مهمة التربية الروحية بين أيدي رجال الدين الذين لا يزالوا يستغلون بساطة تفكير مئات الملايين من المؤمنين بالغيبيات، وقد استغلت الصهيونية الحرية في ممارسة رجال الدين المسيحيين مهمة التربية الروحية من أجل الترويج لأ ساطيرها في إعادة بناء الهيكل في القدس التي ستتم بعد انتصار الخير على الشر في معركة هرمجدون. واننا اذ نرفض تقييد حرية الاعتقاد ومنها حرية الاعتقاد الديني، إلاَّ أننا نرفض أن يتم تحويل الدين إلى وسيلة بيد الاجنبي لنشر الجهل والتخلف ولزعزعة استقرار الأمن الاجتماعي والسياسي لمجتمعاتنا. فكيف به لو تحوَّل إلى مصدر أساسي لتفسيخ المجتمع الوطني الواحد، وإغراقه بحروب طائفية لن تعرف نهاية لها، ومن ثم غطاء لاحتلال اقطار من وطننا العربي ؟.  ثانياً: في تجربة الدولة الإسلامية بعد انتشار الدعوة الإسلامية، نشأ عنها بناء دولة عربية اسلامية توسَّعت، بفعل عوامل عديدة لا مجال لذكرها هنا، و أسهمت في تكوين القومية العربية، والمجتمع العربي الواحد. وكانت تلك العوامل متفاعلة ومعبرة عن واقعها وعصرها في حينها. ولكن هذا لا يعني أن تلك العوامل هي نفسها قائمة الان فالعصر قد تغير والعوامل التي تؤدي الى نجاح اي دولة قد تغيرت ايضا وبالتالي فان العامل الروحي الديني ، وبعيداً عن الانفتاح على العصر، لا يمكنه أن يشكِّل  ،وحده ، أساساً لإعادة بناء دولة حديثة. لذا  أصبح إعادة تجربة بناء دولة دينية مرة أخرى مما يتناقض مع قوانين العصر. ولهذه الأسباب، ومن أجل الانتماء إلى روح العصر، التي يرفضها تيارا الإسلام السياسي بكل اطيافه وطوائفه، فانه على الحالمين ببناء دولة دينية إسلامية أن يقوموا بتحولين اثنين مفترضين إلزاميين أو طوعيين، وهما: –      دراسة تأثير عصر الأنوار الأوروبي على سلطة الكنيسة الذي أقصى رجال الدين عن السلطة، وألزمهم بالعودة إلى دور العبادة. وعلماً أن بناء الدولة الحديثة في أوروبا كان نتيجة ما نقله الفلاسفة الأوروبيون من نتاج الفلاسفة العرب –    

  الاعتراف بدور وأهلية الشرائح المدنية من طاقات فكرية وعلماء اقتصاد وسياسية، لبناء دولة على الأسس الحديثة.   على ضوء النتائج النقدية: رؤية في ثقافة روحية عالمية  نتيجة للتعصب والتطرف الديني وخاصة الطائفي فقد عجَّت الكرة الأرضية بتيارات التكفير والتكفير المضاد، ولن يهدأ بال العالم من الحروب الدينية طالما بقي نمط التطرف والتكفير للاخر ، سائداً. ولأن العالم أصبح قرية صغيرة من حيث العلاقات البينية بين تلك المجتمعات، علمياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً، وغيرها من الحقول الأخرى، أصبح مجتمعنا بحاجة أيضاً إلى تربية روحية متسامحة لكي تمنع استغلال الاجنبي، وبالذات الغرب المتصهين، الدين لتاجيج النعرات الطائفية والتكفيرية لتمزيق العالم ومنه الامة  العربية ، وبالتالي تجتثَّث دابر الحروب والصراعات الدينية.  

إن هذا الأمر ليس بالعسير بلوغه، خاصة وأن العالم بأكمله قد ضمن أمنه الداخلي، برفضه الحروب الطائفية، وتعاون الجميع على منعها، بل قمعها. وقد شملت نعمة الخلاص من الحروب الدينية المجتمعات التي لا تؤمن بالأديان السماوية وخاصة في الصين والهند، ومعظم دول جنوب آسيا. وفي هذا ما يماثله في المجتمعات ذات الأكثرية المسيحية.   وإذا أخذنا استثناء من كل ذلك ظاهرة (التيار المسيحي المتصهين) في الولايات المتحدة الأميركية، فهذا بتقديرنا لا يُقاس عليه لأن الصهيونية التلمودية هي التي تقف وراء تأسيسه خاصة -وإن وُجد- فلا فعالية له في المجتمعات المسيحية الأخرى، خاصة المجتمعات الأوروبية لتاريخية العلاقات السلبية مع اليهود. وجل ما يمكننا أن نقوله عن تلك الظاهرة في أميركا أنه ولد بسبب من الدور المغيَّب لدور الدولة المدنية في التربية الروحية في المجتمع المسيحي من جهة، وللهيمنة الصهيونية على المؤسسات الدينية والسياسية الأميركية من جهة أخرى.  

وما أعمال الإساءة إلى مقدسات الدين الإسلامي التي تقوم بها بعض الجماعات المحدودة في المجتمع الغربي، أو بعض الأفراد، بأكثر من وسائل مخابراتية تستخدمها المخابرات الصهيونية من أجل إدامة عوامل التوتر والتعصب ضد المجتمعات الإسلامية من جهة ، ولإبقاء تلك المجتمعات مشدودة إلى العصبيات الطائفية كونها تشكل العامل الأساسي في تفتيت مجتمعاتها من الداخل، ليبقى سلاح الحروب الدينية البينية جاهزاً لاستخدامه كلما احتاجت الصهيونية والرأسمالية الغربية إليه في مشاريعها المعادية لتفتيت المجتمع الإسلامي بشكل عام، والمجتمع العربي بشكل خاص. ولهذا، وانطلاقاً من تسليم الأنظمة المدنية مهمة التربية الروحية لرجال الدين من دون أي تدخل من قبل الدولة، سنعمل على طرح رؤيتنا لحلها.  كما هو سائد الآن، وإذا كانت الدولة الحديثة قد فصلت بين حقليْ الدين والسياسة، وفوَّضت رجال الدين بمهمة التبشير الديني – وإن بضوابط خاصة – من أهمها منع ثقافة التعصب والتكفير، فإنها في المقابل – وخاصة في الدول ذوات المناهج الرأسمالية – لم تؤسس لثقافة مدنية تهتم بالاستفادة من أهمية القيم المثلى في العدالة والمساواة ليس بين أفراد المجتمع الواحد فحسب بل أيضاً بين المجتمعات البشرية كلها، ورفض العدوان على الدول الأخرى، والحثِّ على تمتين علاقات السلام بين الشعوب.  

لقد استغلت الرأسمالية هذا الجانب من أجل السيطرة على الشعوب الضعيفة بنشر ثقافة التعصب الديني وتسليم جزء من مؤسسات القرار السياسي لرجال الدين، أو إلى نخب من السياسيين الذين يحيطون أنفسهم برجال دين يتقنون فنون نشر التعصب، من أجل إضعاف الوحدة المجتمعية بين المواطنين في المجتمع الواحد.  ولأن للعامل الروحي الغيبي تأثير شبه تام على معظم الكائنات البشرية، أمية كانت أم مثقفة، متحضِّرة كانت أم متخلفة، وكلها تنشد خلاص النفس في مرحلة ما بعد الموت، نرى ما يلي:  

أولاً: يمكن لأية برامج تربوية، ترعاها الدولة منفردة، أو بالتعاون مع المؤسسات الدينية، أن تقوم بتأهيل الفرد لاستيعاب أهمية فهم القيم العليا وممارستها بخلاص الأنفس في الآخرة. وتتمُّ العملية التربوية بعيداً عن التخويف والترهيب.

 ثانياً: بعيداً عن التربية الرأسمالية، التي تقوم على ثقافة إنتاج السلعة واستهلاكها، والترويج لمفاهيم خطيرة كإشاعة الشذوذ  الجنسي والاباحية وغيرها ، على كل الأنظمة في العالم بجانب العناية بالعلوم التقنية، أن تخصص في برامجها التربوية، وقتاً كافياً للعلوم الإنسانية في الفلسفة وعلوم الاجتماع والنفس، من أجل تنمية الشخصية الإنسانية المُشبعة بالأخلاق والإيمان بالقيم العليا التي يتوافق عليها المجتمع البشري ويعتبرها عامل توحيد بين البشر، لا عامل تفتيت وتفضيل بين شتى مكوناته.

المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني    
المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني    
نستنكر ونرفض زيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني لبلادنا البحرين   أفادت وسائل إعلام إن وزير خارجية الكيان الصهيوني مع وفد مرافق وصل اليوم الأحد البحرين .   إن المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني وفي الوقت الذي تستنكر وترفض هذه الزيارة والتي تشكل استفزازا لمشاعر المواطنين البحرينيين، فإنها تؤكد على:  
أولا: إن زيارة وزير خارجية الكيان لبلادنا برفقة وفد تجاري هي محاولة يائسة ومرفوضة للتطبيع معه في المجالات الاقتصادية والتجارية، فإن التطبيع الاقتصادي يضاعف من الاخطار الوخيمة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، والذي يسعى لاختراق الجدار الشعبي الرافض لكافة أشكال التطبيع، مما يفرض علينا مطالبة كافة الشركات ورجال الأعمال بالتعبير عن رفضهم القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع.  
ثانيا: إن المبادرة الوطنية، والتي تمثل أغلب أطياف المجتمع البحريني ومؤسسات مجتمعه المدني وجمعياته السياسية، تدعوا الجانب الرسمي وحكومة البحرين إلى وقف كافة أشكال التطبيع مع عدو الأمة العربية والإسلامية، وتطالبها بالتراجع عن اتفاقيات التطبيع التي تضر ببلادنا وشعبنا وتطعن الشعب الفلسطيني في خاصرته.
  ثالثا: إن تزاحم المسؤولين الصهاينة على زيارة بلادنا ينطلق من أهداف خطيرة تتمثل في سلخ بلادنا عن موقعها الطبيعي ومواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني وجرها إلى معسكر أعداء الأمة، وهو الأمر الذي يرفضه الشعب البحريني ويقف ضده ويعتبره تناقضا مع دينه وقيمه وعروبته، ومساسا باستقراره الاجتماعي وسلمه الأهلي وأمنه الاستراتيجي، ذلك أن الكيان يسعى إلى تحالفات عدوانية لا أخلاقية ولا إنسانية تؤثر سلبا على الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب والبلدان العربية، ومنها الشعب البحريني.
  رابعا: إننا ندعو كافة فئات شعبنا والشخصيات الوطنية والجمعيات السياسية والمدنية للتعبير عن رفضها القاطع لهذه الزيارة ورفع صوتها المستنكر لها، 
ولنتمسك جميعا بمواقفنا الوطنية والقومية المبدئية في رفض التطبيع والانتصار لقضية الشعب الفلسطيني وتحرير كامل ترابه المحتل.  
المجد والخلود لشهداء فلسطين والأمة العربية والاسلامية   النصر لفلسطين وشعبها الذي يواجه آلة الدمار الصهيونية  
المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني
  4 سبتمبر 2023  
 
  1- التجمع القومي الديمقراطي
2- الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني
3- التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
4- المنبر الوطني الإسلامي
5- جمعية الأصالة الإسلامية
6- الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان
7- تجمع الوحدة الوطنية
8- جمعية أوال النسائية
9- المنبر التقدمي
10- الوسط العربي الإسلامي
11- جمعية مناصرة فلسطين
12- رابطة شباب لأجل القدس البحرينية
13- جمعية الصف الإسلامي
14- جمعية أصدقاء البيئة
15- جمعية نهضة فتاة البحرين
16- جمعية الإجتماعيين البحرينية
17- الاتحاد النسائي البحريني
18- جمعية الشباب الديمقراطي البحريني
19- الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين
20- جمعية المرأة البحرينية
-21 جمعية فتاة الريف
-22 الجمعية البحرينية للشفافية
-23 جمعية الشبيبة البحرينية
24- جمعية مبادرات البحرين الأهلية
25- جمعية مدينة حمد النسائية
ما هو الجديد من البدع المبتكرة؟

ما هو الجديد من البدع المبتكرة؟

نزار السامرائي

نشهد كل سنة اضافات من فنون اهانة العراقيين في عاشوراء او ( زيارة الاربعين)، ما يستفز كرامة اي عراقي يشعر بانه يقترب من تصفير رصيده من الكرامة الوطنية. لو توقف الامر عند ما هو حاصل منذ سنوات لقلنا لندع الافراد والجماعات كل يعبر عن الفرح أو الحزن بالكيفية التي تناسب مداركه العقلية ومستوى وعيه ونضجه، ولكن العراق يشهد في كل سنة إضافات وتطويرات هوليودية أو من السينما الهندية سنويا عليها، هل رأيتم اهانة للعقال العربي أو لقيم الجندية العراقية وهما يداسان بالإقدام الفارسية، عندما أشاهد عسكريا عراقيا أو رجلا يضع فوق رأسه اليشماغ والعقال العربي، وهو ينادي على الزوار الفرس هلموا اغسلوا اقدامكم، ثم يضع قدم الفارسي على راسه، ويتبارك بشرب الماء الوسخ مما تساقط من أقدام الفارسي، لا أفكر بأن صاحب العقال أو البدلة الخاكية يمثلان نفسيها أو بيتهما أو عشيرتهما أو محافظتهما، وإنما هو عمل مدبر في مكان ما من طهران وقم يريد أن يقول لقد دسنا على العقال العربي ومرغناه بوسخ اقدامنا، أو دسنا على شرف الجندية العراقية واخذنا ثأرنا من المؤسسة العسكرية العراقية التي جرعتنا كأس السم، و(العراقيون) يفعلون ذلك عن طيب خاطر وحب وعشق ويقين ويعتبرون ذلك من الايمان. من يدري ماذا سيحصل السنة القادمة، مراكز تطوير السيناريوهات تعمل بدأب وعلى قدم وساق. لابتداع كل جديد ومبتكر من الصفعات، من أجل اهانة العراقيين. لقد بتنا نستورد كل مستهجن ومقرف ومهين، وإيران المشرف على تصدير البدع لنا، تعيش في عالم آخر  من اللهو وكأنها دولة أوربية، فهل تجمع أشرار الأرض على العراق ليلقوا فوق أرضه كل نفاياتهم؟

الأَفْعَى الّتي تَلْدَغ اِضرِب رَأْسَها بِقُوَّة

الأَفْعَى الّتي تَلْدَغ اِضرِب رَأْسَها بِقُوَّة

ناصر الحريري  

 

يبدو أن ليالي باريس الحمراء طبعت بعضاً من صخبها المجنون ومجونها الفاسق في خميني إيران، فحمل مجونه وفسقه إلى طهران فظن نفسه منتصراً على الخير والفضيلة، وهو الذي حمل إلى جانب مجونه وفسقه كِبرَ وعنجهيةَ وغُرورَ المجوس. ولأنه كان يعيش زمناً غير زمن الأبطال، توهم خميني المجوس أنه سيحطم العراق ويقضي على حكمه الوطني، وعاش في وهمه سنوات أشعلت داخله حقداً أسوداً أودى به إلى التهلكة. في أيلول بدأ الخميني حفلة مجونه البغيضة التي اعتاد عليها في باريس، وبدأ كالأفعى يلدغُ هنا وهناك، ولكن حكماء العرب قالوا: للقضاء على الأفعى اضرب رأسها بقوة!  تمادى كثيراً، وصبرنا، طلبنا السلام فرفض، طلبنا السلام لا جبناً ولا خوفاً كما توهم خميني المجوس، بل حباً بالسلام والعراق، وتناسى أن شعب العراق هم أحفاد أولئك الذين حطموا عرش كسرى، وقدموا تاجه لأعرابي من أهل مكة! فهل فهم الخميني والفرس ما معنى أن يوصي الرسول صلى الله عليه وسلم لسُراقَة بتاج كسرى؟ هل فهم الفرس وخمينهم ما معنى أن ينفذ الخليفة عمر بن الخطاب وصية الرسول ويُلبس سراقة تاج كسرى؟ إن المعنى ذو دلالة واحدة، أن تاج كبيركم وعظيمكم يلبسه أعرابي من عامة القوم، فلا نهاب تيجانكم ولا كبراءكم، فقد خلقنا الله واصطفانا لنكون حملة رسالته. لقد كان تمادي خميني الفرس يرتكز على دعم ووهم غربي أمريكي أن العراق لن يصمد طويلاً، وستكون نهاية العراق ونظامه سريعة جداً، هذا الدعم السراب تلاشى أمام قوة وصمود وتضحيات العراق في أروع وأنقى سفرٍ سجله التاريخ المعاصر. إن الصبر العراقي متزامناً مع دبلوماسية محنكة راقية قدم صورة واضحة الأبعاد أن النظام في العراق قائم على أسس ومرتكزات وطنية قومية يحترم المنظومة الدولية التي ينتمي إليها، من خلال تقديمه الوثائق والمستندات التي توضح الاعتداءات الإيرانية المتكررة على سيادة العراق، وتم توثيق كل ذلك في المنظمة الدولية، وهذا رد واضح على من يدعي وبعد أكثر من أربعين سنة على أن العراق هو من بدأ عدوانه على إيران. لقد أثبتت كل النداءات والوساطات والمساعي أن إيران ليست في وارد إيقاف اعتداءاتها ولا في التراجع عن احتلالها لبعض المناطق العراقية، ما شكل قناعة لدى القيادة العراقية أن الخميني ماضٍ في عدوانه على العراق ولن يوقفه رادع من ضمير أو دين، فكان القرار العراقي الرد على هذا العدوان بكل قوة وثبات وتصميم على تحقيق الردع القوي والحاسم لخميني وثورته الفارسية. في الثاني والعشرين من أيلول كان أبطال العراق، جيشاً وقيادة وشعباً على موعد مع لحظة الحقيقة، وهي أن العراق الذي شارك أبناؤه في تحطيم عرش كسرى قادر على تحطيم أي عرش فارسي يقترب من سيادة العراق ويمس كرامة أبنائه.   إن القوة الروحية التي امتلكها جيش العراق تمثل جانباً من القوة الروحية التي يمتلكها شعب العراق الأبي وجانب من القوة الروحية والإيمان بالأمة التي يمتلكها البعث، نتيجة استلهام التراث وفهمه فهماً حقيقياً والتعامل معه على أنه تراث حي، هكذا فهم الجيش العراقي تراث القادسية الأولى، وشجاعة خالد وسعد، فهموها فهماً حقيقياً وتعاملوا معه على أنه تراث حي متجدد وينبعث في حالة الإيمان الصادق به. لا نبالغ إذا قلنا إن الصراع الذي خاضه العراق وجيشه الباسل هو صراع من نوع آخر يتفرد عن كل الصراعات التي خاضتها الأمة العربية، لأنه صراع حضارة وتاريخ وتراث وعقيدة، صراع وجود، لأن خميني الفرس كان يسعى بكل ما أوتي من قوة للقضاء على حضارة وتاريخ وتراث وعقيدة الأمة من خلال القضاء على العراق. ونقول: إن عراقاً صنع المجد في ثمانينات القرن العشرين هو نفسه من صنع المجد والمقاومة في بدايات القرن الحادي والعشرين، وهو ذاته الذي يصنع المجد الآن في عموم ساحاته ومدنه ومحافظاته، فأنّى لعراقٍ كهذا أن يستسلم أو يموت؟ لقد أثبت أبناء العراق وعلى اختلاف مراحل التاريخ أن وقوع الاعتداء على العراق ممكن، ولكن استمراره وثباته مستحيل، لأن الأرض التي تحتضن النخيل وعلمته أن الموت وقوفاً هو الانتصار، وأن الريح الصرصر لن تقتلعه من أرضه لأن جذوره ممتدة مُتَّجِهة نحو الأعماق.

الثبات على المبادئ

 

الثبات على المبادئ

خالد مصطفى رستم 

 

الأحزاب الثورية تعتمد بالتقييم والتعامل مع الأحداث المهمة والأقل أهمية من خلال نظرة نضالية تخدم المبادئ والقيم التي تؤمن بها ومن رؤيا آنية وموضوعية للأحداث وبما يتناسب مع المبادئ والاستراتيجية التي تنتهجها. والتي هدفها خدمة الشعب والأمة من خلال استخدام كل الوسائل المتاحة وبما فيها التكتيك (الأيديولوجية)، والتكتيك ممكن أن يخرج عن الخط العام الذي تلتزم به المبادئ ولكنه يجب ألا يكون متناقضا كليا وبحيث لا يترك آثارا كارثية على سمعة المبادئ أو على التقييم وإلا فإن قبلنا بمبدأ الغاية تبرر الواسطة نكون قد استغنينا عن المبادئ التي نحن نناضل من أجلها وانجرفنا إلى متاهات السياسة شرها قبل خيرها ومن هنا علينا أن نكون ماسكين باقتدار بأيدينا موازين دقيقة التقييم ومن خلالها تبقى البوصلة تؤشر باتجاه المبادئ. ممكن الخروج جزئيا عن الخط العام للمبادئ أو هكذا يخال لنا أنه خروج إلا أنه في حقيقته يخدم المبادئ وهنالك موازين حساسة جدا تردنا إلى المبادئ ولا تسمح بالتمادي، أي كما حال من يسير في طريق يوصله لهدف ولكنه قد يحيد عن الطريق لمثابة قصيرة نتيجة وجود مصدات تضر بالمبادئ ولكن عليه أن يحافظ على التزامه ويعود بالحال إلى درب المبادئ وبذلك يكون قد حقق: أولا _الاستمرارية في نهج ودرب المبادئ. ثانياً -تغلب على التحديات التي قابلته بالمسير وحالة الطريق. ، الثوري والمنتمي إلى فكر قومي عليه أن يناضل من أجل تحقيق المبادئ- التي يؤمن بها وأن يكون نموذج يتمتع بالأخلاق الحميدة وبالصمود والتصدي للترديات التي تعاني منها الأمة وأن يكون قبلة في المواقف الصحيحة ولا ينزلق إلى متاهات خطيره نتيجة ردود أفعال قد تنهي حياته النضالية _ السياسة فن ومن يعمل بالسياسة ويكون صاحب مشروع وطني او قومي أصيل عليه ان لا يجعل نجاحاته بالسياسة على حساب المبادئ كما حدث لكثير من قادة الأحزاب الثورية عندما هادنوا على المبادئ فانزلقوا إلى مطبات مميته حاسبهم عليها رفاقهم وفقدوا ثقة الجمهور الذي يعملون لأجله وبكل بساطة أصبحوا خارج الاهتمام والتأثير لأنهم سقطوا عندما تخلوا عن المبادئ. مثال للذكر: البعض عندما يحاربون التعصب الديني أو الطائفي أو العرقي ينزلقون إلى الممارسات ذاتها وتحت عنوان الرد على تلك الممارسات. واليوم هنالك تداخل بالخنادق بين شيء اسمه ثوري وآخر اسمه تدميري وخياني ورجعي ووصولي، فكيف علينا أن نوفق بين كل هذه المعطيات المتناقضة على سطح واحد؟؟ بالتأكيد الثوري والمؤمن بالمبادئ والقومي العربي والوطني الشريف لم ولن يتقبلها… وبقي الحل عند من انخرطوا وانزلقوا في هذه المعادلة الصعبة ويدعون أنهم ثوريون ومع المبادئ عليهم أن يثبتوا أنهم ليسوا جزءا من الحالة التي تستهدف أمن واستقرار أمتنا. ومن طرف آخر فإن  المغالاة في الدفاع عن الانزلاقات الخطيرة والتي تمس بقوة امن وحياة الشعب والإصرار على التمادي لا يخدم مصلحة الشعب والأمة ويتناقض مع المبادئ والتي بكلها تهدف تحقيق صالح الشعب والأمة. – المبادئ ترفض مقولة أنك مع الشيطان للخلاص من شيطان أصغر وان كنت توصلت إلى هذه النتيجة وانزلقت الى خنادق الشيطان ظناً منك أنك تستخدم الشيطان لتحقيق المبادئ فإما أنك غبي أو أنك منحاز عن سابق اصرار وتصميم الى خنادق الشيطان الأكبر المعادي للقيم والمبادئ وقد ارتميت في حفرتهم وأصبحت جزءا منهم. مثال من يفرح ويمجد  الاحتلالات الأجنبية لوطنه للخلاص من نظام قمعي واستبدادي وظالم ويعود لحكم بلده تحت حراب الأجنبي أو من يحتمي هو وكرسي حكمه بحراب الأجنبي إقليمي أو دولي فقد انزلق إلى متاهات الخيانة وأصبح ضد أهله وشعبه.

افتتاحية العدد 74 مجلة ألق البعث أعداء القومية العربية  

افتتاحية العدد 74 مجلة ألق البعث

أعداء القومية العربية  

أعظم مكسب حققته الماسونية والصهيونية والامبريالية والطائفية الفارسية في استهدافها للعرب أرضاً وتاريخاً هو العدد المهم من العرب الذين استجابوا لكراهية ذواتهم وحملوا العداء لأصولهم التي هي هويتهم القومية. بسبب الضغط العدواني عليهم. والبحث في أسباب هذه الظاهرة كثيرة ومسبباتها أكثر، إذ لم تتعرض أمة للأحقاد والضغائن والكراهية كما تعرضت أمتنا العربية، ولم توجه سهام سلاح واحتلال وثقافة عدائية ومشوهة لأمة كما وجهت ضد أمتنا. العداء للإسلام اقترن بعداء عميق للعرب. مؤامرة اغتصاب فلسطين اقترنت بكم هائل من الكراهية لنا كضرورة لإعلاء شأن الباطل الصهيوني. الحاجة والجشع لمواردنا وخيراتنا سارت جنباً إلى جنب مع مقتضيات تسفيه وجودنا وانعدام الحاجة البشرية لهذا الوجود. حتى التطور الصناعي والعلمي والتقني الحديث الذي يعتبر العرب أكثر شعوب الأرض استثماراً واستخداماً فيها كان لا بد لها أن تحاذيه هجمات شنيعة تصفنا بالجهل والتخلف والأمية رغم أن فينا علماء في الطب والهندسة والعلوم الصرفة وكل العلوم والآداب والفنون، ورغم أننا ساهمنا ولا زلنا نساهم في الحضارة وتطور البشرية. الأحزاب المغطاة بالدين عادت القومية والنظرية القومية في سلوك شاذ ومستهجن ولا مبرر منطقي له ولا تفسير له إلا بكونه تابع. العرب الشيوعيون عادوا أمتهم ووالوا الماركسية اللينينية، أحزاب التشييع صاروا عبيداً لإيران وتطلب وضعهم البائس فكرياً وعقائدياً أن يصطفوا مع أعداء العروبة، جواسيس وعملاء وخونة ولصوص ودعاة (لوطية ومثلية) وخريجي سجون ومعتقلات ومحششين ومدمنين اختاروا ثقافة شتم العرب والعروبة. كل من عادى من العرب هويتَه خسر ذاته وسقط في مستنقعات الرذيلة والعار والدونية وتبقى الأمة وقوميتنا الأصيلة الطاهرة الراقية راية الأخيار والثوار والأحرار المؤمنين النجباء وخيار العرب الأوحد.

العراق والسير في ركب التطبيع

العراق والسير في ركب التطبيع

ميلاد عمر المزوغي  
  مع اطلالة عيد الأضحى، يأبى الفرنجة وعملاؤهم إلا انغاص فرحتنا به، عدوان غادر غاشم على العراق ومحاكمات صورية لقادته ومن ثم قتلهم، ولكن أن يتم قتل زعيم دولة عربي في فجر يوم الأضحى فذاك يؤكد أن حكام العراق الجدد الآتون على ظهور الدبات الغربية, لا يمتون إلى العروبة والاسلام في شيء, بل ينفذون سياسة اسيادهم اولياء نعمتهم, نظير ارتمائهم في احضانهم والنتيجة اكثر من عقدين من التخلف في كافة المجالات, اللهم الا مجالا واحدا ابدعوا فيه وهو نهب خيرات الشعب العراقي الثابتة والمنقولة, وافقار شعبه حيث جله يعيش تحت مستوى خط الفقر.  العراق تحكمه المذاهب الدينية والاعراق المتنوعة، وللأسف الشديد ان الاعراق والمذاهب اتت بأراذل المنتسبين اليها لتحكم العراق! ولان يبقى هؤلاء في السلطة، فان كل منهم يدعي حرصه صون حقوق مذهبه وطائفته واثنيته، والتهويل بان البقية يريدون هضم حقوق هذه الطائفة، في محاولة لإذكاء الفتنة بين مكونات العراق، التي عاشت وعلى مدى عقود بل قرون في حب وسلام، وكونت العراق الحديث العابر للطوائف والاعراق فشهد نهضة عمرانية في كافة المجالات، وأراد من نفسه ان يكون له شان اقليمي وان لا يكون لقمة سائغة لبقية القوى الاقليمية والدولية، فكان احتلاله من قبل الغرب وللأسف بمشاركة انظمة عربية! وعلى مدى 8 أشهر، فان سكان غزة المناضلة الابية، تُرمى عليهم الحمم من قبل الصهاينة والغرب الاستعماري ومؤازرة بعض الانظمة العربية، انهم يعيشون الجحيم ولم يهنؤوا بشهر رمضان المعظم وعيد الفطر وكذا عيد الاضحى، ما نلاحظه ان الغرب الاستعماري وزبانيته من الاعراب يضحون بأبناء الامة قربانا لآلتهم. هل العراق في حاجة ماسة للإبقاء على القوات الامريكية بأراضيه طوال هذه المدة؟، الحجة حماية العراق من داعش وكلنا يعلم ان امريكا هي من صنعت داعش، ليعيثوا في البلاد فسادا، إن وجود القوات الامريكية هو لحماية الفاسدين الماسكين بزمام الامور في البلاد، لئلا يقوم الشعب بثورة ضد هؤلاء (المتفرنجين) لأنهم أفسدوا كل شيء.      هل العراق في حاجة ماسة الى خط انابيب نقل النقط العراقي الى ميناء العقبة؟ ماذا عن تصريح وزيرة الاقتصاد الصهيونية ( اورنا باربيفاي :سنحصل على مائة الف برميل يوميا الذي سيصدر من العقبة ويمر بمياهنا الاقليمية؟ ) ولكن ألا توجد قيود من قبل الحكومة العراقية الحالية على الأقل بشأن عدم مروره عبر المياه الخاصة بفلسطين المحتلة لئلا يستفيد منه الصهاينة؟ بهذه الحالة نرى أن المشروع لصالح الصهاينة وهو نوع من الدعم له رغم عدم التطبيع الرسمي معه من الجانب العراقي.
العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب

العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب فؤاد الحاج   ماذا عن حال الأمة في عالم يتغير؟ سؤال يلح على خاطري حاولت الكتابة حوله مرات ولم أنجح في ذلك، اليوم أحاول أن أطرحه علني أجد جواباً من المهتمين بمتابعة مجريات الأوضاع والأحداث والتطورات الجارية في الساحة الممتدة من موريتانيا إلى الجزيرة العربية ودول المصالحات في الخليج العربي وما بينها، التي لا تدل سوى على أنها منظومات تابعة لأنظمة غربية كما كانت قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، مع فارق بسيط وهو توجه بعضها شرقاً إلى القوة الاقتصادية الصاعدة عالمياً بصمت ألا وهي الصين مع توجه آخرين إلى الهند في ظل تصاعد اليمين المتطرف في الهند وفي دول أوروبا. لذلك أقول أنه على المتابعين من محللين سياسيين في الأقطار العربية، الالتفات إلى مجريات الأوضاع وتحولاتها في تلك المنطقة، والربط والتركيز على التحولات الجارية في العالم، وفي أوروبا تحديداً، لأنها تحولات متصلة ومترابطة ومتشابكة اقتصادياً وسياسياً، كي يتم ضبط حركة تلك المتغييرات والتحولات ومدى تأثيرها على مستقبل المنطقة، وماذا ستكون عليه في الغد وما بعده. لقد قيل أن المرأة الحامل في مرحلة المخاض العسير، ستلد مولوداً ما، ذكراً أم أنثى، أو أن الأم تموت ويعيش مولودها، أو أن الأم ومولودها يموتان مهما تدخلت أيدي الاختصاصيين. هكذا هي الأنظمة العربية عبر تاريخها التي تآكلت واهترأت، ولم يعد بالإمكان تجديدها بمواليد جديدة مهما حاولت أن تمد ذاتها بأي من أسباب الحياة والاستمرار، لأنها لم تلد جيلاً جديداً، نابعاً من الشعب ومعاناته وتطلعاته، بل أن كل ما فعلته هذه الأنظمة أنها أورثت الحكم لأبنائهم، والوارث مهما بدا أنه شاب ويريد التغيير لصالح الشعب، وضمان التقدم في عالم التطورات التكنولوجية، فأنه لن يكون سوى امتداداً لمورثه، لذلك نجد أن حمل الأمة قد طال والولادة صارت واجبة وضرورة تاريخية، وهذا لا ولن يمكن تحقيقه سوى بجيل جديد، نابع من الشعب وليس بالتوريث، لأن الأمة ومع الأسف منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم لم تنجز ثوراتها التحررية، الديمقراطية، ولم تقم دولتها الوطنية بعد، تلك الثورات التي قدمت شعوب المنطقة مئات الآلاف من الشهداء في سبيل تحقيق تلك الدولة الوطنية ومنها ثورة المليون شهيد في الجزائر. لذلك نجد أن هذه الأمة تستهدفها حملات شرسة من قوى الصهيونية العالمية التي تتحد معها قوى إدارات الشر الغربية، مستخدمة ما يمكنني تسميته سلاحاً جديداً ألا وهو علم التطورات التقنية والعلمية على مخنلف الصعد، وذلك من أجل كسر شوكة هذه الأمة وإنهائها، من خلال تفتيتها فيدرالياً وطوائفياً ومذهبياً، واحتلال أوطانهم كما حدث في العراق، وفرض حكاماً تابعين لهم يديرون نيابة عنهم، وتحويل شعوب المنطقة إلى “هنود حمر” كشرط لازم لإعادة صياغة موازين قوى الشر العالمية التي تعمل على توفير الأسباب الضرورية والهامة لهم لتساعدهم على الخروج من الأزمات الاقتصادية العالمية القاتلة التي يمر بها النظام الليبرالي في دول الغرب، والذي ثبت للمتابعين لحراك الشعوب في الغرب عامة، التي نشهد فيها نهوض قوى اليمين المتطرف، التي تسيطر عليها الصهيونية العالمية أو أن قيادات اليمين المتطرف هذه هم من الصهاينة مثل بريطانيا وفرنسا، في ظل تنامي ولادة نظام عالمي جديد متعدد القطبية، مرتهناً لمصالح أقطابه، وقيام تحالفات دولية جديدة لتلعب دوراً مؤثراً في النظام المتعدد الأقطاب الجديد كتحالف روسيا الاتحادية وكوريا الشمالية، وفي المقابل نشهد صعود قوى إقليمية جديدة مستفيدة من تلك التحولات والمتغيرات الدولية كإيران وتركيا على سبيل المثال، ما عدا الأنظمة العربية التي ستبقى تابعة ومنقسمة بين الولاء للغرب والشرق معاً، في ظل سيناريوهات تنبؤات محللين اقتصاديين غربيين بانهيار الاقتصاد العالمي الذي سيصيب أيضاً البلدن العربية التي تعاني من انهيارات اقتصادية. فهل ستتحرك قوى التغيير الشعبية؟ وهل سنشهد إعادة إحياء المشروع النهضوي العربي الذي كثرت الكتابات والتحاليل حوله منذ ثمانينات القرن الماضي دون اتفاق على لقاء موحد للعمل على تحقيق بنوده، وتوحيد صفوف المؤمنين بهذا المشروع التوحيدي على أسس عصرية مناسبة ومتقاطعة مع الظروف التي تمر بها الأمة، ومعالجة ترسبات الماضي بهدوء وحكمة بعيداً عن الأنا الشخصية، أم سنبقى نرواح مكاننا في حقبة نهاية ما قبل التاريخ؟