شبكة ذي قار

أرشيفات مارس 2025

المنصة الشبابية _ بِناء شَخْصيّة البَعثِي القائِد بَينَ الشَبَاب ضَرورَة حَتميّة فِي ساحَةِ العَمَلِ النِضَالِيّ

المِنَصّة الشَبابِيّة

انطلاقا من حقيقة ان الشباب هم صناع الحاضر العربي وجوهر قوته وحيويته وهم قادة مستقبله ، فقد تم تأسيس هذه المنصة الشبابية لتكون باباً جديداً من ابواب النشر لمكتب الثقافة والاعلام القومي لتطل على الشباب العربي من خلال مناقشة شؤونه و طرح قضاياه الراهنة و التعبير عن تطلعاته المستقبلية. وهي مخصصة حصرياً لنشر كتابات الشباب وابداعاتهم في المجالات الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية وذلك لتعميق مساهمتهم في الدفاع عن قضايا امتنا العربية وصناعة مستقبلها. كذلك فان المنصة تعنى بمتابعه ما يصدر من موضوعات ثقافية واعلاميه وفنية في وسائل الاعلام العربية ودول المهجر والتي لها علاقة بقضايا الشباب في الوطن العربي، وترجمة ونشر ما يخدم منها في مواجهة تحديات الامة وتحقيق نهضتها الحضارية الشاملة .

بِناء شَخْصيّة البَعثِي القائِد بَينَ الشَبَاب
ضَرورَة حَتميّة فِي ساحَةِ العَمَلِ النِضَالِيّ
دكتور عامر الدليمي

في ضوء توجيهات الرفيق المناضل ابو خليل امين سر قيادة قطر العراق، وتأكيده على اهمية الشباب وضرورة اعدادهم الاعداد السليم ، واعطاء اهمية خاصة للمنهاج الثقافي لحزب البعث العربي الاشتراكي وبناء شخصية البعثي القادر على القيادة، فان اعتمادها والالتزام بها يشكل ضرورة حتمية للنجاح في ساحة العمل النضالي لأية منظمة.
ولكي تكون هذه التوجيهات حاضرة وتشكل بوصلة لاتجاه عمل الرفاق في أي نشاط بعثي و دليل عمل واضح يعتمد في كافة الجوانب الثقافية والسياسية والتنظيمية نورد ادناه بعض جوانب هذا الإعداد.

المقدمة :
لشريحة الشباب أهمية في الحزب لأنها إحدى دعامات مستقبله التي تعمل على تحقيق أهدافه لما تتمتع به هذه الشريحة من حيوية واندفاع لتأدية دورها ضمن نظامه الداخلي وتربيته الحزبية ، ورغبة للتعبير عن قناعاتها ضمن إطاره الاخلاقي ، والإسهام في نضاله وتأييد مواقفه ونضاله في الأحداث الداخلية والخارجية. اضافة الى قدرتها في التأثير على الرأي العام. فشريحة الشباب البعثي تناضل لتحقيق غاية واهداف لها بعد سياسي وفكري وإيديولوجي في الوسط الجماهيري. وهي تحرص على إداء رسالة نضالية قومية عن وعي عالٍ وخاصة بين الطلبة لأنهم الأوسع فئة والمحرك الديناميكي في المجتمع، وبالتالي فهم قوة فاعلة للتغيير في الساحة السياسية . ولهذا فإن حياة الحزب وديمومته تكمن في شريحة الشباب وبالذات في العقول الشابة المنتجة ثقافةً وفكراً وخاصة القيادية منها. فما هو مفهوم القيادة الشبابية ؟.

مفهوم القيادة الشبابية في حزب البعث العربي الاشتراكي

للقيادة الشبابية في الحزب القدرة على مواجهة المواقف الصعبة واتخاذ قرارات ضمن الإطار القيمي والسياسي والمبادئ القومية والإنسانية ، بقدر من الفاعلية التي تعبر عن كفاءة عالية. وفي الوقت الذي تشعر فيه تلك القيادة بالمسؤولية ازاء دورها فانها تترجم ذلك الى فعل حقيقي في الحياة، منطلقة من شعورها الصادق لتحريك العمل الجماعي سواء في العمل الميداني او في الإداء الفكري والثقافي. اضافة الى تميزها بالحيوية في مناقشة شؤون الحياة الداخلية للحزب، كتعبير عن ممارسة الحرية والعمل الديمقراطي. وهي في كل ذلك انما تعكس أخلاقيات الحزب لإشاعة قيمه الإنسانية وروح التآلف الخلاق واعتمادها كمعيار نضالي يعزز دورها القيادي في مجالات الحياة الحزبية .

صفات القيادة الشبابية في حزب البعث العربي الاشتراكي
من الضروري أن تكون للقيادة الشبابية القدرة على الإبداع الذاتي، وعلى معرفة مشاكل الحزب التي تحيط بالعمل التنظيمي الداخلي مثل العوامل المعوقة أو الإشكالات التي ترافق النشاط الحزبي. وأن تكون قادرة على تكوين الأفكار والمبادرات لمعالجتها من خلال وعيها، وتمتعها بالمبدئية المنضبطة دوماً، كي تكون قادرة على النهوض بمتطلبات النضال بصيغ سليمة.
ومن اهم المواصفات هي تجسيد أخلاقيات الحزب في كل المواقف، كمعيار لأخلاق البعثي الصادق الأمين واحترام رفاقه احتراماً حقيقياً يعكس حالة التوافق والانسجام الرفاقي في العمل الحزبي المشترك .

شروط اختيار القيادة الشبابية في الحزب

من أهم شروط القيادة الشبابية هي توفر عناصر وسمات ومؤهلات معينة في كل من يتم اختياره لإشغال موقع أعلى في هرم المسؤولية الحزبية. ويأتي في المقدمة الخلق الرفيع والنزاهة والتواضع والمصداقية والتاريخ النضالي للبعثي وما قدمه وحققه من أعمال نضالية جهادية فعلية. كما وتشكل مهارته في تطوير العمل الحزبي وقدرته على المبادرة والابتكار والإبداع صفات مهمة. مع تمتعه بشخصية قوية من دون كِبَرْ او تعالي او استغلال للموقع، وبفكر عقلاني وسياسي مجرب كي يعطي دفعاً قوياً للحزب. على ان ينصهر كل ذلك ليترجم التزامه المطلق بتوجيهات الحزب وبرسالته إلإنسانية وتحويلها الى واقع نضالي ميداني في خدمة جماهير الأمة العربية.

مهام القيادة الشبابية في حزب البعث العربي الاشتراكي

مهام القيادة الشبابية البعثية هي إدارة عملها التنظيمي لتنفيذ مسؤوليتها النضالية و التأثير الإيجابي في ساحة عملها. وأن تعلو وتترفع تماما عن المكاسب الشخصية أو الفئوية، وان تقوم بتحريك الأعضاء ممن هم ضمن مسؤوليتها الحزبية بنجاح. ومن اهم مهامها هي ان تكون مؤثرة في الوسط الجماهيري ميدانياً من خلال وضعها برامج ناجحة للتمكن من تفعيل مشاركة الجماهير مع اهداف الحزب وبرامجه. ومن مهامها تفعيل المبادرات التي تساهم في استنهاض الهمم لتحقيق إداء جيد للمنظمة وبما يخدم الحزب وتوجهاته النضالية.

الثقافة السياسية للقيادة الشبابية ضرورة حتمية في حياة حزب البعث العربي الاشتراكي

الثقافة السياسية ركن أساسي في العمل الحزبي لأنها مصدر الوعي كما انها تقود الى أنشطة حيوية ومتجددة، وإلى امتلاك الرفيق البعثي القوة والإدراك لسياسة الحزب وفهم لموقعها الحالي ضمن المسار السياسي للمجتمع ككل. كما ان الثقافة تتيح امتلاك الخبرات النضالية السابقة، وتوفر بالتالي كفاءة اعلى في تنوير المجتمع بأفكاره. ومن هنا فان من مهام البعثي الحقيقي التسلح بالمعرفة. إضافة الى قيامه بترجمة الثقافة الى مواقف عملية مما يجعلها موقف سلوكي يقوم على الفهم والتفاعل ومد الجسور مع الآخرين لمصلحة الحزب. وكل ذلك يتم بالتعرف على أفكار وسياسات الاحزاب والنظم السياسية. ويساهم كل ذلك في إعطاء الرفيق القيادي الشاب صورة مشرقة معبرة عن ذاته الحزبية امام الاخرين، والإشارة لهويته النضالية في المجتمع الذي يعيش فيه، مما يعزز دوره القيادي ليكون مؤثراً من خلال الإقناع العقلي والمنطقي بأهداف الحزب وسياساته ومبادئه الوطنية والقومية.

التزام القيادة الشبابية بالوحدة الفكرية والتنظيمية لحزب البعث العربي الاشتراكي

الوحدة الفكرية والتنظيمية هي أساس حياة الحزب ، والمقوم الرئيسي لاستمرار عمله النضالي وتحقيق مهامه الكبيرة على مساحتها الشاسعة في عموم الوطن العربي الكبير. ويعد التفريط بها من أخطر ألازمات التي تواجه الأحزاب الوطنية والثورية ويهدد وجودها بالصميم. لذا فإن عدم الإلتزام بالوحدة الفكرية والتنظيمية يرقى الى مستوى الخيانة والتآمر على حزب البعث العربي الاشتراكي وخاصة في مراحل نضاله الجهادي الضروس، وهو يمر بمرحلة مواجهة أعدائه وأعداء الامة العربية. لذلك من أهم المقومات الضرورية هي المحافظة على والتمسك العالي المنضبط بالوحدة الفكرية والتنظيمية للحزب وبقيادته العليا. وان يكون البعثي واعي لما يروجه اعداء الأمة من أعذار أو مبررات كغطاء للنيل من وحدة الحزب، لأن في مثل هذا الانزلاق خروج واضح عن أهداف ومبادئ الحزب القومية والإنسانية.

إضاءات فكرية_ البعث ورمضان وقيم العدالة في نمط المسؤولية

إضاءات فكرية

البعث ورمضان وقيم العدالة في نمط المسؤولية

أ.د.طارق السامرائي

 

 

قال المفكر الراحل ميشيل عفلق عن  الرسول محمد صل الله عليه وسلم(إذا كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم كلهم محمد )، مقولة عميقة المعاني عالية المقام ونوعية القيمة الدينية في الإسلام شفافة من طراز ونمط فلسفي رفيع .

في شهر رمضان أثلجت هذه المقولة صلب عقولنا وأثلجت شغاف قلوبنا فمحمد الرسول العربي  تم اختياره بدقة إلهية تم صناعتها وزخرفة شخصيتها من خالق الكون العالم العليم الرشيد المقسط ،اشار  بها مسؤول انبثاق ووجود حزب البعث في أوليّات الأربعينيات من القرن الماضي بنبرة عميقة هادئة تخاطب الوجدان وتحاكي غياهب النفوس وتملأ الأرض إيماناً والتصاقاً بالحقيقة !

هكذا صورت عقلية البعث بالرسول وعقيدته وأيمانه بالله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد، هكذا فتحت فلسفة التاريخ والحياة لدى البعث ومنظره الاول وجعل كل من ينتمي للحزب هو من استوعب سيرة وسلوك والثورة التي احدثها الرسول القائد محمد صل الله عليه وسلم في الامة العربية ، وعقيدته ونمطه الإيماني بوحدانية الله وعزته ووضع لمسات مكانته الرفيعة فالله نور على نور !

هكذا انطلقت فلسفة الحزب متجاوزة كل أنماط الفلسفات التقليدية الميتافيزيقية والأفلاطونية والهندوسية والغيابية والوجودية وانما انطلقت من حالة وجود وتفكير عقلاني لما وراء العالم الخارجي والقدرة في بحث خصائص الخالق والمخلوق وتبعا لذلك صاغت نظرية البعث المسألة الدينية بشكل مركب من تجانس فكري وتطلعي عميق اقترن بالواقع والمنطق فمحمد القائد العربي الذي اجتباه الله ودعاه بالحبيب هو ظاهرة بشرية كونية لمن تسبح له السموات والأرض ،هكذا دعي البعث بعثييه المنتمين الى أن يكونوا طليعة ما تحلي به محمد من صفات نادرة اخلاقية وسلوكية وكما نوه عنها الراحل المثقف والواعي الشهيد صدام حسين (نحن لسنا دعاة حركة دين ولا دعاة فلسفة دينية ولكننا نحترم الدين كسياق تشريعي للحياة ونحن مسلمون لأنه دين الله كما نؤمن بما أمن به رسولنا محمد !

والبعث منذ انطلاقته يؤمن وباحترام مميز وعالي  بكل الاديان كونها موجهات وبوصلة للأخلاق السامية ونبذ ما يضر الكائن البشري والانسان .

من هذه الانطلاقة تم العمل على بناء الإلهام الإيماني للبعثيين في سياقين متوازنين (الإيمان والتطبيق) وهما عنصرا الحياة وطريق التطور.

وتبعا لطبيعة المناضلين اتجهت الفلسفة البعثية الي التطبيق في القيم والمبادئ وعدم التمييز في اللون والجنس والعقيدة واصبح البعث (قاعدة من مزيج متجانس  غير متمايز )نجد فيه كل أنماط الدين والعرق واللون يجمعهم عقيدة النضال من اجل قيم الوطنية والقومية والعلم والتقدم والانسان ،وقد عززه في نظامه الداخلي وضرورة ان تكون عملية الاستقطاب والانتماء للبعث بعيدة عن امراض التعصب الديني والطائفي والعشائري والعرقي ويكون الايمان والاخلاص والعمل الصادق ونشر العدالة والتزين بالديمقراطية والتحلي بأدب أسس الحياة واعتبار الانسان قيمة عليا في الحياة ،لذا فقد واكبت مسيرته النضالية الالتزام الكلي بهذه القيم وترجمتها الي واقع ملموس سطره له التاريخ ………

فأهلا برمضان الكريم وهلا ببعثي رمضان وعنوان قيمه الإنسانية.

صدور عدد جريدة الثورة لشهر آذار 2025- رمضان 1446.

أصدرت قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي – عدد جريدة الثورة لشهر آذار 2025- رمضان 1446.

للاطلاع وتحميل العدد:

https://drive.google.com/file/d/1yxt80ZCKa5FD4bgT9aPn-1sK9_P62N3u/view?usp=sharing

http://online.anyflip.com/lapqo/qlje/

https://anyflip.com/lapqo/qlje/

جريدة الثورة-عددآذار 2025-رمضان 1446

قِراءَةٌ جيوسياسيَّة لِتَهْديداتِ الأمْنِ الوَطَنِي السُوري

قِراءَةٌ جيوسياسيَّة لِتَهْديداتِ الأمْنِ الوَطَنِي السُوري
د. عامر الدليمي

المقدمة
يتعلق المفهوم الجيوسياسي بتحليل تأثير قوة العامل الجغرافي للدولة في العلاقات والسياسة الدولية، والعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في أوقات السلم والحرب. كما ان هناك تداخل بين تأثير السياسة الدولية على الموقع الجغرافي للدولة ضمن هذا المفهوم. ولهذا تتمتع سوريا بموقع مهم من الناحية الجغرافية والسياسية، إذ أنها ملتقى لثلاث قارات وثقافات عديدة وكانت وما زالت عاملاً مهماً وحيوياً في السياسة الاقليمية وخاصة في مجال الصراع العربي الصهيوني. إضافة الى أهميتها الاقتصادية والسياسية طوال تاريخها لمركزها الجغرافي وتاريخها الحضاري. وسوف نتناول فيما يلي بعض الجوانب ذات العلاقة بالمفهوم الجيوسياسي والامن الوطني في سوريا في ظل المتغيرات الاخيرة.

اولا : أهمية الموقع الجغرافي للجمهورية العربية السورية
لسوريا موقع مهم غرب قارة آسيا وتطل على البحر الابيض المتوسط بساحل طويل يمتد غربا ليواجه جنوب قارة أوروبا، ودول عدة تكونه كقبرص واليونان وايطاليا وفرنسا واسبانيا. كما وتواجه من شمال قارة افريقيا على البحر مصر وليبيا والجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا. ويحد سوريا من الشمال الجمهورية التركية التي يحكمها الان حزب العدالة والتنمية. ويحد سوريا من الجنوب الاردن، وفيه تعمل وتنشط عدة احزاب ذات توجهات متنوعة منها وطنية وقومية واسلامية . وقد شكى الاردن في فترة حكم بشار الاسد وميليشياته الطائفية من تدخلات عبر الحدود ولاسيما في مجال تهريب المخدرات الى الاردن.
في حدود سوريا الشرقية يقع العراق الذي تحكمه الاحزاب والمنظمات والمليشيات الولائية التابعة للنظام الايراني المعادي للعراق ولسوريا ولكل الامة العربية، عبر مشروعه الاستعماري المعلن الذي يحلم من خلاله ويعمل بكل الطرق والأساليب لإحياء الامبراطورية الفارسية بضم العراق وسوريا وغيرهما من الاقطار العربية لتلك الامبراطورية.
ومن الغرب يحد سوريا لبنان الذي تمارس فيه العمل عدة أحزاب سياسية لها أجندات متنوعة. وكان لبنان يعاني من تسلط حزب الله اللبناني المرتبط بالسياسة الايرانية وأطماعها التوسعية في الوطن العربي. ومازال لبنان يعاني من وجود عناصر حزب الله المسلحة المدعوم من ايران في محاولة لإرجاع هيمنته خدمة لإيران . ومن جهة اخرى وفي نفس الوقت، مازالت فرنسا لها أطماع سياسية وتسعى جاهدة للحصول على موقع مؤثر للنفوذ فيه .
أما المجاور لسوريا من الجنوب والمحاذي لمحافظة درعا والقنيطرة فهي فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني وبالتأكيد فانه من أشد أعداء سوريا العربية المتحررة وللعرب والعروبة جمعاء . لذلك نشاهد انه مازال الوضع الأمني السوري الداخلي معرض الى التهديدات الصهيونية وعملياته العسكرية العدوانية ، في الوقت الذي لم يكن يفعل ذلك في فترة حكم نظام الاسد !!، وكما هو معروف للجميع فان للكيان الصهيوني أطماع توسعية ليس في سوريا فقط وإنما في لبنان وغيرها من الاقطار العربية ، والتي يعبر عنها شعاره المعروف (من الفرات الى النيل) ، كما وتمتد اطماعه الى اجزاء من المملكة العربية السعودية والاردن والعراق .

ثانيا : التركيبة السكانية للمجتمع السوري
تتشكل التركيبة السكانية في سوريا ، شأنها شأن معظم دول العالم، من اغلبية كبرى مع وجود بعض الاقليات. فسوريا تتشكل من اغلبية عربية مسلمة مع وجود اقليات من أديان وطوائف وقوميات، ابرزها طائفة الدروز و الاكراد والطائفة العلوية والاسماعيلية والاثنى عشرية العربية و المسيحيون واغلبهم من الارثوذوكس والسريان.

ثالثا : تهديدات الوضع الأمني الداخلي والخارجي
هناك عدة تهديدات للأمن الوطني السوري في الوقت الراهن من جهات ونواحي عدة داخلية وخارجية ، منها محاولات اثارة نزعات قومية انفصالية، ومنها طائفية مذهبية ، إضافة الى تهديدات الكيان الصهيوني الذي يعمل ويسعى الى إضعاف النظام السياسي السوري الجديد عسكرياً وأمنياُ ، لشعوره بأن التطلعات العروبية للنظام الجديد في سوريا تشكل خطراً فعلياً عليه ، ومن هذه التهديدات الراهنة للأمن السوري هي :
١ – التهديد الإيراني المستمر لأمن سوريا
بعد سقوط نظام عائلة الأسد الموالي لإيران ، تأكد لدى النظام الايراني بأنه فقد قاعدة مهمة جداً كان يعول عليها لتنفيذ مشروعه الامبراطوري التوسعي ووصوله الى البحر الابيض المتوسط بما فيه لبنان ، ولذلك يحاول النظام الايراني ومن اجل ادامة مشروعه في الوطن العربي العزف على الوتر الطائفي ودعم مليشيات نظام الأسد في سوريا ومن المحسوبين على ايران لإيجاد نوع من حالة اضطراب أمني داخلي وزعزعة استقرار سوريا. وقد بوشر بذلك إذ أعلنت قيادات من النظام الايراني من خلال عدة وسائل إعلامية عن معاداتها للنظام السوري الجديد ولعدة مرات ، معللة ذلك بأسباب قومية ومذهبية ، لذلك سيسعى النظام الايراني لإيجاد تحالفات سياسية داخل سوريا وخارجها في محاولة لإسقاط النظام السوري وذلك لتنفيذ مشروعه المعادي للامة العربية.
٢- التهديد الميليشياوي العراقي لأمن سوريا
لاشك بأن النظام في العراق تحكمه مليشيات ولائية مرتبطة بصورة مطلقة بإيران كأداة لإبقاء العراق تحت نفوذها، ومن جهة اخرى للتأثير على الامن الوطني العربي والسوري جزء اساسي منه. مستغلة مجاورة العراق الى سوريا جغرافيا، وبالتالي استخدامها للحدود لتسلل الفصائل الولائية للقيام بعمليات تخريبية داخل سوريا وإثارة نوع من حالة عدم الاستقرار داخلها. وكل ذلك لإشغالها عن ترتيب أوضاعها الداخلية نحو إجراء نهضة قومية تنموية في كافة نواحي الحياة فيها ، لشعور النظام الايراني بأن تحرير سوريا هو مقدمة لإضعافه فعلياً وإفشال مشروعه التوسعي الفارسي في الوطن العربي .
٣- تهديد حزب الله اللبناني لأمن سوريا
لقد أضعفت التطورات الاخيرة حزب الله اللبناني الى درجة كبيرة وجعلته يفقد تأثيره ودوره السياسي والعسكري الكبير في لبنان وسوريا والذي كان يحمي نظام الاسد قبل سقوطه، لذلك سيحاول الحزب وبدعم من ايران عسكرياً وسياسياً ومادياً لإعادة وجوده ليس في لبنان فقط وإنما في سوريا أيضا، للتعويض عن فقد حليف إستراتيجي كنظام الاسد من كافة النواحي .
ومن هنا فمن المتوقع ان الحزب لن ينفك عن الاستمرار في تنشيط عناصره وخلاياه السرية و العمل على القيام بعمليات تخريبية داخل سوريا ، أوالقيام بنشاط سياسي مع جهة او منظمة معادية للنظام الجديد وتخريب او اعاقة سياسته وتوجهاته العربية، أو على الأقل جعل الوضع الأمني الداخلي لسوريا غير مستقر، لإضعاف دورها في الوطن العربي سياسياً وعربياً.
٤- محاولة استغلال ألأقليات العرقية
تشكل الاقليات العرقية يتقدمها الاخوة الاكراد نسبة معينة من نسيج المجتمع السوري، ويتمركزون في شمال شرق سوريا. وقد عقدت الحكومة الجديدة اتفاقاً استراتيجياً مهما مع قوات سوريا الديمقراطية ( قسد) التي تتواجد في هذه المنطقة وهي تنظيمات وتشكيلات عسكرية مسلحة . ان ذلك يتطلب تطوير الموقف باتجاه وضع حل مجتمعي وسياسي وأمني وإنساني شامل للمنطقة لكي تستمر سوريا في المحافظة على وحدتها وأمنها وسيطرتها أرضاً وسماًء وبحراً والمضي قدماً للنهوض بدورها العربي المأمول.
٥- التهديد المليشياوي الطائفي
لاشك ان فقدان القوى التي شكلت البنية التحتية التي استند عليها نظام الاسد لوضعها وتسلطها السياسي والاقتصادي قد وضعها في حالة من الضعف.

ولا شك في أنها ستحاول استرجاع نفوذها الذي فقدته . إن تلك القوى قد وجدت ضالتها في النظام الايراني المتحالف مع نظام الاسد كما ان ايران وجدت ضالتها في تلك القوى منذ عقود. ورغم فشل التمرد الاخير في مناطق الساحل السوري في اللاذقية وطرطوس ضد النظام الجديد ، الا انه يجب عدم اغفال هذه الحالة التي قد تستمر سواء في العمل المعلن أو السري للانتقام من النظام الجديد في سوريا ،،الأمر الذي يتطلب الحذر المستمر والمعالجات المجتمعية والسياسية لضمان استقرار ووحدة سوريا ارضاً وشعباً .
٦- التهديد الإسرائيلي الصهيوني
يسعى الكيان الصهيوني المحتل إلى تنفيذ مشروع توسعي لاحتلال أراضي عربية أخرى لتحقيق ما يعرف ” بإسرائيل الكبرى” . و النظام هذا قد شعر جيدا بأن إقامة حكم وطني عروبي في سوريا سيكون من ألد أعدائه ، لذا سيسعى دائما الى إضعافه عسكرياً وسياسياً . فقد سبق وان إستغل الظرف ونفذ عمليات عسكرية ضد قواعد الطيران الحربي السوري والمعسكرات والمنشآت لأجل إخراجها من الخدمة وتفويت الفرصة على النظام الجديد في سوريا من إستخدامها لحماية البلاد او ضد المشروع التوسعي الصهيوني. وإستغل الفرصة أيضا بالزحف عسكرياً نحو القنيطرة وجبل الشيخ وإحتلالهما ، لمعرفته أهميتهما الجغرافية. كما سيكون العدو الصهيوني دائماً عنصراً مستفزاً لسوريا وجعلها في حالة عدم تمكن من إسترجاع أراضيها المحتلة. وليس أدل على ذلك ما صرح به رئيس وزراء العدو الصهيوني (نتنياهو) بإعلان استعداده للتدخل عسكريا في حوادث (جرمانه) الاخيرة الى جانب الطائفة الدرزية التي استنكرت وشجبت ما أعلنه.
٧- التواجد الروسي العسكري في قاعدة حميميم
لروسيا مصالح حيوية عسكرية في هذه القاعدة وكانت وما زالت تطمح بالبقاء فيها لموقعها الاستراتيجي على البحر الابيض المتوسط . ومن المعروف انها سبق وان إشتركت مع قوات الأسد في هجوم عسكري على الشعب السوري بالطائرات الحربية وغيرها لقتل المدنيين والعسكرين. ولا يستبعد من بقاء علاقتها مع عناصر النظام المخلوع . وحتى اثناء التمرد الأخير الفاشل لجأ عدد من المتمردين الى القاعدة بهدف حمايتهم. لذلك فانه من المناسب اخذ كل ذلك في نظر الاعتبار للحيلولة دون استخدام القاعدة لتهديد الامن الوطني السوري.

رابعا : ما يتطلبه الوضع اجتماعياً من القيادة السورية الجديدة
أ‌- الابتعاد عن التمذهب الديني أو الطائفي، وتقليل المظاهر الدينية الشخصية والاجتماعية للقيادة وخاصة في وسائل الاعلام السوري، ومنع كافة الممارسات التي توحي بالتعصب ، و خاصة تلك التي من المحتمل أن تكون لها ردود فعل سلبية من أطراف ما ضد النظام الجديد بما يؤثر على أمن سوريا ونزعتها الوطنية والقومية.

ب‌- التأكيد على تفعيل العمل الديمقراطي وحرية الرأي العام والحريات الشخصية والاجتماعية ، لرفع الظلم عن الشعب السوري الذي عانى من تسلط حقبة نظام حكم الاسد الدكتاتوري، وكبحه للحريات ومصادرة حقوق المواطن وإهانة كرامته الانسانية، وتسخير وسائل الاعلام لتمجيده، مما جعل الشعب السوري في حالة نفور نفسي وتلقائي وعدم الرضا عنه. ولهذا من المناسب أن يستفيد النظام الجديد من أخطاء وسائل اعلام النظام البائد، وان يسمح للشعب السوري بممارسة الحرية من اوسع ابوابها ، لبناء سوريا الجديدة ومجتمعها الموحد بناءً سليماً. والابتعاد عن عبادة الاشخاص ، وسياسة الإعلام الفاقد للمصداقية في معالجة الاحداث والازمات، والسماح للشعب بالاطلاع على حقائق الامور ومعالجتها معالجة حقيقية تعزز من ثقته بالقيادة الجديدة.

ت‌- إحترام الاقليات من الأديان والأعراق والطوائف
ان الاقليات هي امر موجود في اغلب دول وشعوب العالم ومنها سوريا. ولا يكاد ان يخلو منها بلد الا ما ندر. وهي جزء اساسي من الشعب والوطن لذا يتوجب احترامها وتجسيد ذلك فعليا ، وعدم التدخل في شؤونها الاعتقادية بما يتسبب في نفورها، وعدم التقليل من شأنها لانها جزء اساسي من المجتمع السوري، ولها حقوق إنسانية مستمدة من امتلاكها الى تاريخ وثقافة هي جزء من تاريخ سوريا وكينونتها عبر التاريخ . ولان وحدة سوريا ارضاً وشعباً ستكون مستهدَفة ، لذا وفي اطار اسقاط تلك المحاولات وافشالها فانه من الضروري العمل على عدم إستبعاد تلك الاقليات ودمجها بالمجتمع دون تهميشها او التقليل من احترام معتقداتها ومشاعرها. إذ أن عدم احترامها سوف يسمح لجهات خارجية أن تستخدم بعض افرادها و تدفعهم للعمل ضد سوريا تحت غطاء حرية المعتقد والدفاع عن حقوق الانسان.

خامسا: ما يتطلبه الوضع سياسياً وأمنياً من القيادة الجديدة
أ‌- بناء جيش وطني سوري موحد ومتطور في جميع صنوفه قادر على المحافظة على أمن سوريا ضد الاعتداءات التي تريد ان تنال منها .
ب‌- النهوض بالإصلاح الاقتصادي من اجل رفع مستوى المعيشة وتحقيق النهضة بكافة اشكالها العمرانية والحضرية وغيرها لكل المجتمع بعدما كان يتحكم به عدد محدود من المحسوبين على النظام السابق ، لكي يلمس المواطن السوري جدية اهتمام النظام الجديد به وبالشعب السوري ومصالحه الحقيقية .
ت‌- السعي الحثيث لبناء علاقات دبلوماسية دولية فاعلة مع الدول التي تريد لسوريا التقدم والعيش باستقرار كدولة ذات سيادة تحترم الاتفاقيات والمعاهدات، وعضو فاعل في السياسة الدولية، وهيئة الامم المتحدة .
ث‌- على الاقطار العربية وعبر الجامعة العربية اعطاء اولوية لدعم سوريا اقتصادياً وعسكرياً وسياسيًاً كونها عضواً اساسياً فيها، ومساعدتها على معالجة مشاكلها بشكل عملي وفاعل، وليس على مستوى الاعلام فقط ، لتكون جزءاً حيوياً في امتها العربية ، ودولة فاعلة في محيطها العربي والدولي .

تهنئة قيادة قطر العراق الى الاخوة الكرد لمناسبة( اعياد نوروز ) 21-3-2025_

الاحتلال الامريكي والنفوذ الإيراني

الاحتلال الامريكي والنفوذ الإيراني

فاطمة حسين

احتلت القوات الأمريكية الغازية في 9 نيسان العراق مبررة ذلك بعدة أسباب اختلقتها هي رغم عدم وجود أدلة قاطعة لحشد الدعم الدولي وأهم هذه الأسباب امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، رغم معرفتها، بعدم وجود ذلك في العراق، وزعمت وجود صلات بين نظام البعث وتنظيم القاعدة، الذي لا وجود له، وادعت أيضا أنها تسعى لتغيير النظام لنشر الديمقراطية، وأعتبر كثيرا من المحللين أن السيطرة على النفط العراقي وتعزيز الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط كانا من الأهداف الخفية للغزو.

في 9 نيسان2003 انتهى الحكم الوطني في العراق وسادت الفوضى وتم حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية وتفكك مؤسسات الدولة بشكل مقصود ومخطط له، دون وجود خطة واضحة لإدارة العراق، إضافة لذلك أضعف قرار اجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي مؤسسات الدولة بسبب إقصاء مئات الآلاف من الموظفين وأساتذة الجامعات والمعاهد والثانويات والكفاءات والخبرات الوطنية المخلصة للعراق، والمصيبة الكبرى السماح لإيران بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية للعراق، الذي تسببت بتغذية المشاعر الطائفية، تكرست الطائفية في العملية السياسية من خلال تشكيل مجلس الحكم على أسس طائفية بعيدا عن الروح الوطنية، وتوزيع المناصب على أسس مذهبية وعرقية، مما اضعف الدولة وأدى إلى تفشي الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.

ومن مظاهر التدخل الإيراني في العراق دعم المرجعيات الشيعية والفصائل المسلحة الشيعية لكي تحافظ على نفوذها السياسي والاقتصادي. وتغذية الطائفية البغيضة وتصاعدت حدتها بعد تفجير  مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء سنة 2006 ، من قبل إيران مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية شرسة بين المكونات العراقية ومن آثار هذه المرحلة: التهجير القسري والقتل على الهوية وتعزيز المحاصصة الطائفية، وتهميش المكونات السنية في العملية السياسية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال الفوضى السياسية والأمنية في العراق مستمرة رغم مرور أكثر من 22 سنة على الاحتلال، ويبقى تحقيق الاستقرار في العراق مرهونا برفع يد إيران من العراق وهذا يتطلب اتخاذ موقف حاسم من قبل كل الاطراف التي لها دور في الشأن العراقي ،وإصلاح جذري للنظام السياسي وتسليم العراق للعراقيين، وتعزيز سيادة القانون، وإرساء هوية وطنية جامعة بعيدا عن الطائفية والمحاصصة والتدخل الإيراني.

في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

أم صدام العراقي

في العشرين من آذار وفي تمام الساعة السادسة صباحاً هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الشرير عراق العروبة والحضارة والتاريخ، ورمت بحممها الغادرة على بغداد السلام والمحافظات الأخرى، وزهقوا أرواحاً بريئة تحت راية علت عقولهم الحاقدة على العروبة والإسلام، فرغم مرور اثنان وعشرون سنة لن ينسى شعبنا تلك المأساة التي حلت بوطنهم الآمن الذي كان يضمهم تحت خيمته المعطاء.

لقد بدأت مرحلة الغزو في العشرين من آذار واستمرت 20 يوماً من العمليات القتالية التي غزت فيها قوات الاحتلال العراق والتي انتهت باحتلال كامل أراضيه في التاسع من نيسان عندما أعلن الرئيس الأمريكي الملعون جورج بوش نهاية العمليات القتالية، وبعدها أسست سلطة التحالف المؤقتة كأول حكومة انتقالية، ومن هنا بدأت المأساة.

لقد تحركت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الملعون جورج بوش نحو سياسة أكثر عدوانية تجاه العراق لاحتلاله وإزالة نظامه الوطني، فخططت بمساعدة أعوانها وعملائها شن هجوم واسع على العراق، فكانت عملية الغزو بحجج وذرائع واهية وكاذبة، وضربت أمريكا القانون الدولي ومجلس الأمن عرض الحائط وغزت العراق، إضافة لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية كان تبشر بالحرية والديمقراطية وبناء البلد لكن غايتها الحقيقة كانت التدمير.

إن العراق وشعبه خسر الكثير نتيجة الحرب والقصف، وفي النهاية وصلنا إلى هذا الحال المأساوي المرير الذي نعيشه اليوم، فالغزو والاحتلال شكل حدثاً محورياً خطيراً في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وكانت ذريعته امتلاك العراق أسلحة دمار شامل مما أدى إلى اسقاط نظامه الوطني وخسائر مادية وبشرية وملايين المشردين وانزلاق البلاد في عنف طائفي  ودمار وتدمير، واستشرى الفساد والخراب في كل مفاصل الدولة وفقد الأمن والأمان وأصبح المواطن العراقي يعيش حالة ذعر وخوف بعدما كان ينعم ويشعر بالراحة والأمان والاستقرار في ظل نظامه الوطني.

إن من أبرز نتائج وكوارث الغزو والاحتلال هي الحرب الأهلية بين أبناء الشعب الواحد، وتهميش دور مؤسسات الدولة وإقامة نظام سياسي فاسد وفاشل يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات واتفاقات بين الأحزاب وبإدارة سلطة الاحتلال، فقد نجحت الولايات المتحدة باحتلال العراق والإطاحة بنظامه الوطني لكنها فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة بما فيها ارساء أسس نظام حكم وطني ديمقراطي.

إن الأزمات المتفاقمة التي خلفها الاحتلال واغراق البلاد في الفوضى والفساد والحرب الأهلية والقتل على الهوية والتهجير وتداعياتها التي عصفت بالبلاد شكلت الكثير من المعاناة والويلات والمآسي التي تجرعها الشعب العراقي، فكانت تلك الأزمة مرتبطة بالسلطة بعد التغيير السياسي الذي حصل بعد سنة 2003  وأن للمحتل أثراً كبيراً وبالغاً في ارساء أسس هذه الأزمة المتفاقمة، وعليه لا يمكن اعتبار غزو العراق واحتلاله مجرد ذكرى وتطوى، بل هو المأساة الحقيقية التي ما زالت أفعالها قائمة والتي قادت لسياقات وأزمات متعاقبة وآلام ومآسي تتجدد كل عام.

غزو العراق الخطيئة التي لا تغتفر

غزو العراق الخطيئة التي لا تغتفر

ناصر الحريري

لم يكن غزو واحتلال العراق وليد اللحظة التي بدأ خلالها القصف أو التهديد بالقصف، ولكنه كان وليد سنوات متراكمة من التخطيط والحقد الصهيوني الدفين ضد العراق، ولكن كان لا بد لأمريكا وحلفائها من إيجاد مبررات تقنع بها المجتمع الدولي، أو لتقنع بها المجتمع الأمريكي الداخلي.

تشير بعض التحليلات إلى أن فكرة تغيير النظام في العراق كانت موجودة في أروقة السياسة الأمريكية قبل سنة 2003. ففي عام 1998، تم إقرار قانون تحرير العراق الذي جعل تغيير النظام هدفاً رسمياً للسياسة الخارجية الأمريكية، ومع ذلك، فإن التخطيط الفعلي لغزو واسع النطاق بدأ يتسارع بشكل ملحوظ بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

الأهداف المعلنة للغزو، كما ذكرها الرئيس بوش ورئيس الوزراء بلير، كانت: (نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، وإنهاء دعم صدام حسين للإرهاب، وتحرير الشعب العراقي).

وقد قدم وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كولن باول، عرضاً تفصيلياً أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في فبراير 2003، زاعماً وجود أدلة على امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.  

وعلى الصعيد العسكري، بدأت القيادة المركزية الأمريكية في تطوير خطط للغزو في وقت مبكر. وتشير التقارير إلى وجود خطط مختلفة مثل “الخطة الأساسية” التي كانت تتصور حشداً كبيراً للقوات قبل الغزو، و”خطة البداية السريعة” التي كانت تهدف إلى بدء الغزو بقوة ثم نشر القوات حسب الحاجة، والخطة “الهجينة” التي سعت إلى زيادة القوات البرية قبل بدء الحرب. الخطة النهائية التي تم تنفيذها كانت تهدف إلى التحرك بأسرع ما يمكن نحو بغداد، مع ترك المناطق الجنوبية التي قد تشكل تحدياً لوقت لاحق.

ففي آذار_ مارس 2003، شنت الولايات المتحدة، مدعومة بتحالف من دول أخرى، عملية عسكرية واسعة النطاق ضد العراق تحت مسمى “عملية حرية العراق”.

الإعلان الرسمي للغزو ارتكز على عدة ادعاءات رئيسية قدمتها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، تمثلت هذه الادعاءات في:

– امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل: زعمت الإدارة الأمريكية أن نظام صدام حسين لا يزال يمتلك ويطور أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية، مما يشكل تهديداً مباشرًا للأمن العالمي. وقد تبين لاحقاً، وباعتراف العديد من الأطراف بما في ذلك تقارير استخباراتية أمريكية وبريطانية، أن هذه الادعاءات كانت غير دقيقة ولم يتم العثور على أي أسلحة دمار شامل في العراق بعد الغزو.

هذا الفشل في العثور على الأسلحة التي كانت السبب الرئيس للحرب قوض بشكل كبير شرعية الغزو في نظر الكثيرين.

– دعم نظام صدام حسين للإرهاب: ادعت الولايات المتحدة وجود علاقات بين نظام صدام حسين وتنظيمات إرهابية مثل القاعدة، ومع ذلك، لم يتم تقديم دليل قاطع يثبت هذه الروابط بشكل مباشر.  

– تحرير الشعب العراقي: تم تقديم مبررات أخرى للغزو، ومنها أكذوبة تحرير الشعب العراقي من حكم (دكتاتوري) كما يدعون.

من الناحية التحليلية، يرى مراقبون أن هناك دوافع أخرى لعبت دوراً في قرار الغزو، بما في ذلك:

– الأمن القومي الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر: أدت هجمات 11 سبتمبر 2001 إلى تغيير كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث تبنت إدارة بوش استراتيجية استباقية لمواجهة التهديدات المحتملة. وقد تم النظر إلى العراق كجزء من “محور الشر” الذي يضم دولاً تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل وتدعم الإرهاب.  

– السعي للهيمنة الإقليمية والعالمية: يرى بعض المحللين أن الغزو كان جزءاً من مشروع أوسع نطاقاً لتعزيز النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط.

– المصالح الاقتصادية: يشير البعض إلى أن السيطرة على موارد النفط العراقية كانت دافعاً خفياً للغزو.

بدأ الغزو في 20 آذار _ مارس 2003 بحملة قصف جوي مكثفة، تلتها عمليات برية سريعة أدت إلى احتلال بغداد، وتحول ما كان متوقعاً أن يكون نصراً سريعاً إلى احتلال طويل الأمد ومكلف، حيث واجهت قوات التحالف مقاومة متزايدة أعلنها الشعب العراقي البطل، يتقدمهم جيش العراق الباسل، ولكن استقدام أمريكا لجماعات مسلحة مرتبطة بإيران التي سهلت وساندت قوات الاحتلال، مما أدى إلى تصاعد العنف الطائفي وحالة من عدم الاستقرار.

استخدمت قوات التحالف مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية في الغزو، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والقاذفات والدبابات والمدفعية. كما استخدمت بعض أنواع الذخائر مثل القنابل العنقودية واليورانيوم المنضب.  

كان لغزو العراق تداعيات واسعة النطاق على العراق والمنطقة والعالم، بما في ذلك:

– خسائر بشرية هائلة: تشير التقديرات إلى مقتل مئات الآلاف من العراقيين، بالإضافة إلى آلاف الجنود من قوات التحالف.

– تدمير البنية التحتية: أدى الصراع إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية العراقية، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه والطرق والجسور.

– نشوء جماعات متطرفة: ساهم الفراغ الأمني والفوضى التي أعقبت الغزو في صعود ميليشيات طائفية ولائية، وجماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة في العراق ولاحقاً تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مما أدى إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.

– التأثير على النظام الدولي: يرى بعض المحللين أن غزو العراق دون تفويض واضح من الأمم المتحدة قد أضعف النظام الدولي القائم على القواعد وقوض مبدأ سيادة الدول.

– تراجع مكانة الولايات المتحدة: أدى الفشل في العثور على أسلحة دمار شامل وتصاعد العنف في العراق إلى تراجع كبير في مصداقية الولايات المتحدة على الساحة الدولية.

إن غزو العراق سنة 2003 كان حدثاً محورياً في تاريخ الشرق الأوسط والعالم.

فالقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة وحلفاؤها، بناءً على معلومات استخباراتية مشكوك فيها وأسباب معلنة لا تزال محل جدل، أدى إلى زعزعة استقرار منطقة حساسة، ونتج عنه خسائر بشرية واقتصادية هائلة، وساهم في ظهور تحديات أمنية معقدة لا تزال المنطقة تعاني منها حتى اليوم. كما أثر الغزو بشكل كبير على صورة ومكانة الولايات المتحدة في العالم، وأثار تساؤلات حول استخدام القوة العسكرية في العلاقات الدولية.

إن الإدارة الأمريكية لم تكن مستعدة بشكل كافٍ لمرحلة ما بعد الحرب. كان هناك نقص واضح في التخطيط لإدارة العراق المحتل، وتوفير الأمن، وإعادة بناء المؤسسات الحكومية. قرار حل الجيش العراقي، على سبيل المثال، أدى إلى تفاقم حالة الفوضى وانعدام الأمن وساهم في ظهور الميليشيات الطائفية المسلحة.

مع مرور الوقت، اعترف العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين بأن غزو العراق كان خطأ أو على الأقل تضمن أخطاء جسيمة في التخطيط والتنفيذ.

حتى الرئيس جورج دبليو بوش نفسه، الذي اتخذ قرار الغزو، أعرب عن أسفه لبعض جوانب الحرب وتداعياتها.

تحليلات العديد من مراكز الفكر تشير إلى أن غزو العراق كان قراراً خاطئاً استناداً إلى معلومات استخباراتية غير دقيقة وتخطيط غير كافٍ لما بعد الصراع. هذه المراكز تقدم رؤى نقدية حول الأسباب والتداعيات، وتؤكد على التكاليف البشرية والاقتصادية الهائلة التي نتجت عن الحرب.

إن الأدلة والتحليلات تشير بقوة إلى أن غزو واحتلال العراق سنة 2003 كان خطأ استراتيجياً كبيرا. القرار الذي اتخذه بعض القادة في الولايات المتحدة، بناءً على معلومات استخباراتية مشكوك فيها وتصورات خاطئة للواقع في العراق والمنطقة، أدى إلى نتائج كارثية على العراق والشرق الأوسط وعلى مكانة الولايات المتحدة في العالم.

بعض نتائج غزو العراق الكارثية

بعض نتائج غزو العراق الكارثية

ثابت ياسر الجميلي

حين نتناول الآن وبعد مرور كل هذه السنوات على غزو العراق واحتلاله فإننا نسطر حقائق رآها وسمعها العالم كله، واعترف بها العدو والصديق وأدرك خطورتها كل المنكرين والمكابرين.

فمنذ سنة الغزو ٢٠٠٣ والعراق وشعبه يعيش ظروفاً سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية معقدة وشائكة وخطيرة.

فقد العراق بسبب الغزو وحدته الوطنية بسبب اعتماد الاحتلال سياسة المكونات الطائفية والعرقية بحيث أن المشهد المنظور لواقع العراق هو مشهد مجزأ ومفكك.

سلطت العملية السياسية الاحتلالية لغة غريبة على شعب العراق المشترك بقبائله وعوائله وتاريخه وحضارته هي لغة الطائفية والمناطقية فسرت بين أجزاء الجسد الواحد عوامل التشظي والشللية وكيانات المذاهب والأعراق المتناحرة وحلت لغة التعنصر وسطوة المادة بدل لغة الوطنية وروح الإيمان والسلام والمحبة.

إن القتل الطائفي والتهجير والنزوح والهجرة والإقصاء وقطع الأرزاق والإعلام المعادي للوحدة الوطنية هو ما ساد سنوات الاحتلال العشر الأولى وترك آثاره المدمرة التي قاتلها أحرار العراق بالمقاومة المسلحة الباسلة والفكر الوطني والقومي الشريف.

 أنهى الغزو كل حلقات التطور التي بناها العراق من مصانع وشركات وزراعة وتربية وصحة وخدمات ومستوى معيشي وتقدم علمي فتحول العراق إلى هيكل مجوف عديم مقومات الدولة الحقيقة.

وتمكن الغزو وأدواته من أحزاب خائنة وميليشيات مجرمة من تحويل العراق إلى ضيعة محكومة من إيران ومشروعها الطائفي الاحتلالي التوسعي بحماية دول الغزو، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ففقد العراق المعاني الحقيقية للسيادة والاستقلال فضلاً عن فقدان وزنه الإقليمي والدولي وانفتاح جغرافيته للتدخل الأجنبي ومن كل دول الجوار ودول الاحتلال الأخرى.

ونتيجة لسقوط السد العراقي، وهو السد الشرقي، الذي كان لا يحمي نفسه بتمكن واقتدار وقوة فقط، بل كان يحمي الأمة العربية وأقطارها وقضاياها المصيرية، فقد شهدت الأمة حالة وهن وتراجع وانكسار لم تحصل مثلها في كل تاريخها، ونحن نشهد اليوم ما تتعرض له فلسطين وقضيتها من تصفية دموية، ونشهد التدمير المنظم لسوريا ولبنان واليمن والسودان.

لقد تغولت إيران وتغول الكيان الصهيوني وتغولت تركيا وتغولت الرجعية العربية بعد احتلال العراق وكل كم التغول هذا موجه لإنهاء القضية الفلسطينية وتثبيت الكيان الصهيوني المغتصب وإنهاء مشروع وحدة الأمة وبناء قوتها وعوامل اقتدارها للدفاع عن وجودها ومقدراتها وكرامة شعبها.

وتراجعت بعد الغزو والاحتلال المجرم كل عوامل الأمن والاستقرار الوطني والقومي العربي وعصفت بأوطاننا في كل أقطاره العربية المؤامرات والفقر وتعمقت عوامل الجهل والتجهيل وانتشرت بشكل سرطاني الطائفية السياسية وتوسعت قدراتها على التدمير.

بعد غزو العراق سقط الأمن والسلم والمدنية على مستوى العالم، وكشرت الامبريالية الأمريكية خاصة والغربية عامة عن أنيابها وأعلنت عن حقيقتها السافرة المناهضة للإنسانية. وتراجع محور الشرق وانزوى يبحث عن فرص البقاء بسياسات رثة وتوجهات تفتقر إلى كينونة حقيقية لمواجهة المد الامبريالي فصار بعض الشرق أيضاً إمبريالي بطريقته.

نحن نشهد الآن عراقاً غير عراقنا الذي عرفناه وعرفه العالم بثوابت وقيم أخلاقية ودينية حيث انتشر الفساد المالي والأخلاقي والإداري، فصار سمة عامة وتوطن وكأنه معلم مغروس في روح الأحزاب والمليشيات يقابل ذلك تراجع للمقاومة الحقيقية واستكانة شبه عامة لهذا الواقع الذي يحول العراق إلى غريب عن ذاته الحقيقية تحكمه عناصر ساقطة ، وتحركه نزوات المادة وسقوط الطبقة السياسية.

غزو العراق جريمة لا مثيل لها

افتتاحية العدد 415 – مجلة صدى نبض العروبة

غزو العراق جريمة لا مثيل لها

 

فجر يوم ١٩ آذار _ مارس سنة ٢٠٠٣ م صار التاريخ والحضارة بكل مكوناتهما وبكل تفاصيلهما الممتدة إلى يوم الخلق الأول للبشرية هدفاً لترسانة السلاح الأمريكية، ومعها تحالف يضم أكثر من أربعين دولة.

في فجر ذاك اليوم المشؤوم صارت كل منتجات العلم والتكنولوجيا والتقنيات المتقدمة نيراناً تأكل أحشاء الإنسانية وتمزق جسد السلام والأمن وتفرض على العالم حالاً جديداً من العدوانية ولغة الهمجية والتوحش.

لقد كان عدواناً لا مسوغ له على الإطلاق فتسويق مبرراته من قبل دول العدوان كانت من غير أي سند، بل مختلقة كاذبة، وكان عدواناً لم يشبهه في التاريخ عدوان من حيث كمية القوة الغاشمة التي تم توجيهها ضد العراق بعد محاصرته لأكثر من ١٤ سنة في غذائه ودوائه وكل مستلزمات الحياة بما فيها القلم والورق والسلاح والبيع والشراء.

إن كمية الصواريخ والقنابل المدمرة والطائرات التي استخدمت لقصف بغداد لم يشهد لها تاريخ الحروب مثيل، فلم تبق عمارة ولا بناية ولا جسر ولا شارع ولا مصنع ولا مزرعة إلا واشتعلت فيها نيران الحقد الأسود، وأعلنت تلك النيران المجرمة عن نمط حرب لم تعرف البشرية مثيلاً لكمية الغل والضغينة والاستهتار بحياة البشر وبالمدنية والحضارة التي انطلقت من ثناياها الممتلئة بقيح العدوانية والكراهية للعراق وشعبه وللأمة العربية وقطب وحدتها وتطورها العلمي والصناعي والبشري.

ورغم حجم العدوان والأسلحة الفتاكة التي استخدمها لإحداث ما أسماه بالصدمة والرعب إلا أن شعب العراق وقيادته الوطنية الشجاعة قد واجهت العدوان بصبر وثقة وثبات وإيمان بالله سبحانه وحاول العراق بإمكاناته المتواضعة مواجهة القوة الغاشمة فقاتل بشرف لعدة أسابيع ولم ينهزم جيشه وقواه الأمنية البطلة، ولم يسجل على ذاته الوطنية والقومية مثلبة فظل مرفوع الهام رفيع الشرف عزيز الكرامة، فكانت مقاومته الأسطورية تقابل بشجاعة نادرة ندرة حجم العدوان وندرة أنواع الأسلحة التي استخدمها، فصنع العراق معادلة للتاريخ وللبشرية قوامها ندرة العدوان مقابل ندرة المقاومة بما يضمن للأمة عزها ومجدها، ويخذل الباطل طال الزمن أو قصر.