بعض نتائج غزو العراق الكارثية

بعض نتائج غزو العراق الكارثية

ثابت ياسر الجميلي

حين نتناول الآن وبعد مرور كل هذه السنوات على غزو العراق واحتلاله فإننا نسطر حقائق رآها وسمعها العالم كله، واعترف بها العدو والصديق وأدرك خطورتها كل المنكرين والمكابرين.

فمنذ سنة الغزو ٢٠٠٣ والعراق وشعبه يعيش ظروفاً سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية معقدة وشائكة وخطيرة.

فقد العراق بسبب الغزو وحدته الوطنية بسبب اعتماد الاحتلال سياسة المكونات الطائفية والعرقية بحيث أن المشهد المنظور لواقع العراق هو مشهد مجزأ ومفكك.

سلطت العملية السياسية الاحتلالية لغة غريبة على شعب العراق المشترك بقبائله وعوائله وتاريخه وحضارته هي لغة الطائفية والمناطقية فسرت بين أجزاء الجسد الواحد عوامل التشظي والشللية وكيانات المذاهب والأعراق المتناحرة وحلت لغة التعنصر وسطوة المادة بدل لغة الوطنية وروح الإيمان والسلام والمحبة.

إن القتل الطائفي والتهجير والنزوح والهجرة والإقصاء وقطع الأرزاق والإعلام المعادي للوحدة الوطنية هو ما ساد سنوات الاحتلال العشر الأولى وترك آثاره المدمرة التي قاتلها أحرار العراق بالمقاومة المسلحة الباسلة والفكر الوطني والقومي الشريف.

 أنهى الغزو كل حلقات التطور التي بناها العراق من مصانع وشركات وزراعة وتربية وصحة وخدمات ومستوى معيشي وتقدم علمي فتحول العراق إلى هيكل مجوف عديم مقومات الدولة الحقيقة.

وتمكن الغزو وأدواته من أحزاب خائنة وميليشيات مجرمة من تحويل العراق إلى ضيعة محكومة من إيران ومشروعها الطائفي الاحتلالي التوسعي بحماية دول الغزو، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ففقد العراق المعاني الحقيقية للسيادة والاستقلال فضلاً عن فقدان وزنه الإقليمي والدولي وانفتاح جغرافيته للتدخل الأجنبي ومن كل دول الجوار ودول الاحتلال الأخرى.

ونتيجة لسقوط السد العراقي، وهو السد الشرقي، الذي كان لا يحمي نفسه بتمكن واقتدار وقوة فقط، بل كان يحمي الأمة العربية وأقطارها وقضاياها المصيرية، فقد شهدت الأمة حالة وهن وتراجع وانكسار لم تحصل مثلها في كل تاريخها، ونحن نشهد اليوم ما تتعرض له فلسطين وقضيتها من تصفية دموية، ونشهد التدمير المنظم لسوريا ولبنان واليمن والسودان.

لقد تغولت إيران وتغول الكيان الصهيوني وتغولت تركيا وتغولت الرجعية العربية بعد احتلال العراق وكل كم التغول هذا موجه لإنهاء القضية الفلسطينية وتثبيت الكيان الصهيوني المغتصب وإنهاء مشروع وحدة الأمة وبناء قوتها وعوامل اقتدارها للدفاع عن وجودها ومقدراتها وكرامة شعبها.

وتراجعت بعد الغزو والاحتلال المجرم كل عوامل الأمن والاستقرار الوطني والقومي العربي وعصفت بأوطاننا في كل أقطاره العربية المؤامرات والفقر وتعمقت عوامل الجهل والتجهيل وانتشرت بشكل سرطاني الطائفية السياسية وتوسعت قدراتها على التدمير.

بعد غزو العراق سقط الأمن والسلم والمدنية على مستوى العالم، وكشرت الامبريالية الأمريكية خاصة والغربية عامة عن أنيابها وأعلنت عن حقيقتها السافرة المناهضة للإنسانية. وتراجع محور الشرق وانزوى يبحث عن فرص البقاء بسياسات رثة وتوجهات تفتقر إلى كينونة حقيقية لمواجهة المد الامبريالي فصار بعض الشرق أيضاً إمبريالي بطريقته.

نحن نشهد الآن عراقاً غير عراقنا الذي عرفناه وعرفه العالم بثوابت وقيم أخلاقية ودينية حيث انتشر الفساد المالي والأخلاقي والإداري، فصار سمة عامة وتوطن وكأنه معلم مغروس في روح الأحزاب والمليشيات يقابل ذلك تراجع للمقاومة الحقيقية واستكانة شبه عامة لهذا الواقع الذي يحول العراق إلى غريب عن ذاته الحقيقية تحكمه عناصر ساقطة ، وتحركه نزوات المادة وسقوط الطبقة السياسية.