في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

أم صدام العراقي

في العشرين من آذار وفي تمام الساعة السادسة صباحاً هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الشرير عراق العروبة والحضارة والتاريخ، ورمت بحممها الغادرة على بغداد السلام والمحافظات الأخرى، وزهقوا أرواحاً بريئة تحت راية علت عقولهم الحاقدة على العروبة والإسلام، فرغم مرور اثنان وعشرون سنة لن ينسى شعبنا تلك المأساة التي حلت بوطنهم الآمن الذي كان يضمهم تحت خيمته المعطاء.

لقد بدأت مرحلة الغزو في العشرين من آذار واستمرت 20 يوماً من العمليات القتالية التي غزت فيها قوات الاحتلال العراق والتي انتهت باحتلال كامل أراضيه في التاسع من نيسان عندما أعلن الرئيس الأمريكي الملعون جورج بوش نهاية العمليات القتالية، وبعدها أسست سلطة التحالف المؤقتة كأول حكومة انتقالية، ومن هنا بدأت المأساة.

لقد تحركت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الملعون جورج بوش نحو سياسة أكثر عدوانية تجاه العراق لاحتلاله وإزالة نظامه الوطني، فخططت بمساعدة أعوانها وعملائها شن هجوم واسع على العراق، فكانت عملية الغزو بحجج وذرائع واهية وكاذبة، وضربت أمريكا القانون الدولي ومجلس الأمن عرض الحائط وغزت العراق، إضافة لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية كان تبشر بالحرية والديمقراطية وبناء البلد لكن غايتها الحقيقة كانت التدمير.

إن العراق وشعبه خسر الكثير نتيجة الحرب والقصف، وفي النهاية وصلنا إلى هذا الحال المأساوي المرير الذي نعيشه اليوم، فالغزو والاحتلال شكل حدثاً محورياً خطيراً في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وكانت ذريعته امتلاك العراق أسلحة دمار شامل مما أدى إلى اسقاط نظامه الوطني وخسائر مادية وبشرية وملايين المشردين وانزلاق البلاد في عنف طائفي  ودمار وتدمير، واستشرى الفساد والخراب في كل مفاصل الدولة وفقد الأمن والأمان وأصبح المواطن العراقي يعيش حالة ذعر وخوف بعدما كان ينعم ويشعر بالراحة والأمان والاستقرار في ظل نظامه الوطني.

إن من أبرز نتائج وكوارث الغزو والاحتلال هي الحرب الأهلية بين أبناء الشعب الواحد، وتهميش دور مؤسسات الدولة وإقامة نظام سياسي فاسد وفاشل يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات واتفاقات بين الأحزاب وبإدارة سلطة الاحتلال، فقد نجحت الولايات المتحدة باحتلال العراق والإطاحة بنظامه الوطني لكنها فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة بما فيها ارساء أسس نظام حكم وطني ديمقراطي.

إن الأزمات المتفاقمة التي خلفها الاحتلال واغراق البلاد في الفوضى والفساد والحرب الأهلية والقتل على الهوية والتهجير وتداعياتها التي عصفت بالبلاد شكلت الكثير من المعاناة والويلات والمآسي التي تجرعها الشعب العراقي، فكانت تلك الأزمة مرتبطة بالسلطة بعد التغيير السياسي الذي حصل بعد سنة 2003  وأن للمحتل أثراً كبيراً وبالغاً في ارساء أسس هذه الأزمة المتفاقمة، وعليه لا يمكن اعتبار غزو العراق واحتلاله مجرد ذكرى وتطوى، بل هو المأساة الحقيقية التي ما زالت أفعالها قائمة والتي قادت لسياقات وأزمات متعاقبة وآلام ومآسي تتجدد كل عام.