شبكة ذي قار

أرشيفات مارس 2025

الماجدة العراقية.. ويوم المرأة وعيدها

الماجدة العراقية.. ويوم المرأة وعيدها

 علي العتيبي

 

كل عام نحتفي ونستذكر يوم المرأة العراقية وما قدمت من تضحيات في حياتها، ولهذا أطلق عليها القائد شهيد الحج الأكبر لقب الماجدة العراقية ولم يكن اطلاق هذه التسمية اعتباطاً بل هو ما ينطبق فعلياً على المرأة العراقية، حيث أن اسم الماجدة هو من الأسماء المؤنثة العلم التي جاءت من أصل عربي ومعناه صاحبة المجد وذات الحسب والنسب والشرف والكثير من الصفات الحسنة وللاسم جمال في معناه وخفة لفظه وسهولة نطقه، ومن هنا جاءت التسمية بالماجدة العراقية التي كان لها الدور الفاعل في المجتمع من خلال بناء الأسرة بالدرجة الأولى، وهذا ما لمسناه في معارك الشرف والكرامة التي خاضعها العراق حينما كان المقاتل في الجبهات فقد كانت الماجدة تدير شؤون البيت وتربية الأبناء وكانت المعين للرجل في بيته وفي المجال الصحي والخدمي والاقتصادي والعسكري والإنتاجي وفي كل المجالات الحياتية، وبرزت أسماء لامعة كثيرة من ماجدات العراق لا تزال أسماء بعضهن تغيض الأعداء، وقد كان للاتحاد العام لنساء العراق والتنظيمات الحزبية النسوية الدور الكبير لتنشئة النساء ليكُنَّ المعين الفاعل في المجتمع وكانت فعلاً صنوان الرجل ولهذا عمد الاحتلال وعملاؤه إلى إهانة كرامة المرأة العراقية لأنهم يعرفون أن العراقي يتحمل كل شيء ويصبر إلا إذا مس شرفه، وتعتبر المرأة أم أو أخت أو زوجة هي شرف الرجل وكرامته وميزان رجولته، وقال المتنبي في هذا شعراً كان من أبلغ الأوصاف:

(لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى … حتى يراق على جوانبه الدم)

لقد تحملت المرأة العراقية الماجدة البطلة والصابرة والصامدة والمجاهدة الكثير من المعاناة تحت حكم أعداء العراق والأمة العربية.

إن وضع المرأة العراقية يعتبر كارثياً وأكبر دليل على ذلك؛ أن الكثير من النساء الفاعلات المجتمع العراقي تم اغتيالهن كثير منهن طبيبات وعاملات في القطاع الصحي والإنساني.

إن “العنف ضد المرأة في تصاعد بحيث بلغ عدد الحالات التي سجلتها مراكز الشرطة مع ارتفاع “حالات الانتحار”.

إنّ العدد المتزايد سنوياً للنساء العراقيات اللواتي يُتاجر بهن في السوق الدولية السرّية لـ”عبودية الجنس”، سببه تضاؤل الإمكانات الاقتصادية، والحالة الأمنية المريعة التي يعيشها المجتمع العراقي منذ سنوات، وبالتحديد لمرحلة ما بعد الغزو الأميركي سنة 2003.

هناك في الأقل 200 امرأة عراقية تُباع في “سوق عبودية الجنس” كل سنة، برغم أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان – مقرها في الولايات المتحدة- حذرت من أنّ الأعداد قد تكون أعلى، إذا ما جرى إحصاء عمليات المتاجرة بالنساء اللاجئات إلى كل من سوريا ولبنان.

هناك آلاف من النساء العراقيات تحوّلن إلى “ضحايا القهر الاجتماعي والسياسي” من خلال بيعهن سنوياً في أسواق “عبودية الجنس” التي تنشط داخل العراق وخارجه لتهريب نساء وبنات لا يتجاوزن أحياناً عمر الـ12 سنة.

إن المعتقلات العراقيات يُضرَبن بشكل روتيني ويتعرضن للمضايقات ويغتصبن في السجون، ومع ذلك فإن الحكومة العراقية تتجاهل بتعمد معاناة وحاجات الأطفال والنساء وهذا بحد ذاته احتقار وإهانة لحقوق المرأة.

إننا وفي هذه المناسبة نحيي الماجدة العراقية على موقفها البطولي لأنها قدمت العديد من الشهيدات على محراب مقاومة الاحتلال ونحن كرجال سند وأخوة للماجدات ونخوتنا لأجل الوطن هي نخوة للعراقية البطلة لأن من بيننا نساء أخوات الرجال الرجال وهن كنخيل العراق شامخات بالمواقف الوطنية، ولا نريد أن نعدد مآثرهن لأنهن أعلام العراق ما بعد الاحتلال، وقد أخذ بعض الرجال العزيمة من عزيمة بعض الماجدات من الصمود امام المحققين في المعتقلات أو قول الحق من خلال القصيدة والمقال، وكذلك القتال والتظاهر.

التحية والتقدير والاحترام لكل ماجدة عراقية بيومها الأغر

 والمجد والخلود لشهداء الوطن والأمة رجالاً ونساء، شيوخاً وأطفالاً.

وأختتم بما جارت الشاعرة زينب فواز بقصيدتها بيت المتنبي:

لا يسلم الشرفُ الرفيع من الأذى ..إلا بسفك دمٍ على الأرجاء

هذا مقالُ الأقدمين ولم نجد .. بُداً لنا من شرعة القُدماء

إن لم نشد ما أقام جدودنا.. فالويلُ ثم الويلُ للأبناء

أو لم نزين سيرة محمودةً… فلنخف شينَ الوجهة الحسناء

أو لم نسد في العالمين فهل إلى …تركِ التعندِ من كبيرِ عناءِ

يا حسرةَ الآباءِ في أجداثهم .. إذ أخجلتهم خُسةُ الأبناءِ

يا ويلة الأمواتِ إن رجعوا ولم .. يجدوا الذي ظنوه بالأحياء

يا خجلة الأحباب إن ساموا بنا.. شرفاً يُداسُ بأرجلِ الأعداءِ

هبوا ففي الأصلاب قومٌ بعدنا.. يحصون عنا سيءَ الأنباءِ

وهناك في الأرحام أجيالٌ ترى .. أعمالنا ببصائرِ وضاءِ

المرأة العراقية جبلٌ من الصبر

المرأة العراقية جبلٌ من الصبر

 علي الأمين

 

عندما نتحدث عن المرأة العراقية علينا أن نقف اجلالا ً وإكراما ً لها لأنها جبل ٌمن الصبر والصمود والتحدي عنوانا ً للشرف والعفة والطهارة والنقاء وهي تزهوا بالكبرياء والشموخ والعزة، هي أم الأبطال وزوجة الأبطال وبنت الأبطال وأخت الأبطال.

هي من وقفت إلى جانب زوجها في كل الميادين وساحات الجهاد، هي من تشد عزمه ليذهب إلى جبهات القتال، وهي من تصون العرض وهي من ترعى الأولاد، وهي من تعمل بكل جد وإخلاص في المصنع والمعمل والمدرسة والمستشفى والمنزل .

واليوم وبعد أكثر من اثنين وعشرين سنة على الاحتلال الأمريكي الإيراني على عراقنا الحبيب نجد الماجدة العراقية تقف بكل بسالة وشموخ ويصدح صوتها بالحق رغم الاجتثاث والتهميش، وهي تخاطب عقول الطلبة والجيل الجديد، وتحكي لهم عن وطن عظيم علم الإنسانية أول حرف كان مناراً لكل العالم بالعلم والتاريخ والثقافة والفنون وهو منبع الحضارات وكان هذا الوطن يحمي الأمة العربية ويحافظ على أمنها واستقرارها وكان يقوده رجال ٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

وقد نالت المرأة العراقية شرف لقب الماجدة العراقية من قبل شهيد الحج الأكبر الرفيق المناضل أبا الشهداء القائد الرمز صدام حسين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .

واليوم هي حقاً ماجدة عراقية أصيلة في كل ميادين وساحات الجهاد.

ألف ألف تحية لجبل الصبر العراقية البطلة في عيدها الأغر.

تحية للماجدة العراقية في عيدها

تحية للماجدة العراقية في عيدها

أبو الحسنين علي

 

حين نقف لحظات لنحيي نساء العراق فإن الواجب والإنصاف يقتضي أولاً أن نعيد إلى الأذهان ما أنجزته المرأة العراقية الحرة لنفسها ولوطنها العراق ولأمتها العربية عبر اتحادها المناضل الاتحاد العام لنساء العراق وعبر مشاركتها الفاعلة في مسيرة ثورة العراق العظيمة، ثورة البعث والأحرار في ١٧-٣٠ تموز عام ١٩٦٨ م.

فتلك الحقبة من الزمن التي حكم فيها العراقيون أنفسهم في بلد حر مستقل استقلالاً ناجزاً حقيقياً هي الحقبة الأكثر اشراقاً والأعظم إنجازاً في كل تاريخ النضال النسوي العراقي والعربي وكانت حقبة مهمة لنضال المرأة في كل العالم بما أضافته من معانٍ جدية وعميقة في مفاهيم تحرير المرأة.

استطاعت حرائر العراق من مشاركة شعبهن في مسيرة التنمية العملاقة التي شهدها حينذاك، حيث صرن جزءاً لا يتجزأ من خطط التنمية الانفجارية التي شهدتها جميع مرافق حياة العراقيين، وتمثلت في بناء صناعة عراقية عملاقة وزراعة وطنية رائدة واسعة مثمرة، وتغير خلالها وجه العراق برمته في اعمار وتأسيس واسع لطرق المواصلات ولأدوات وأجهزة الاتصال وفي البنى التحتية للتربية والتعليم العالي.

صارت الماجدة العراقية وزيرة وعالمة ومعلمة، صارت قاضية وبرلمانية وأستاذة جامعة، صِرْنَ ماجداتنا مهندسات وطبيبات وفلاحات ومنتجات في المصانع وفي البيوت، وارتقت الأم العراقية في أدوارها في تربية الأجيال. وازدهر دور نساء العراق في الإنتاج الفكري والأدبي وفي صناعة الفن بمختلف أنواعه وفروعه وفي الإعلام بمختلف واجهاته.

حقق الاتحاد العام لنساء العراق المناضل مكاسب كبيرة قانونية وحقوقية للماجدة العراقية لتحتل مكانتها المستحقة في المجتمع بفعل وحضور موقر شامخ شريف تعلوه العفة والاحترام ويتنفس الإنسانية في أروع وأعلى درجاتها. وكان ذلك بفضل إيمان قيادة الحزب والثورة بأن المرأة نصف الحياة ونصف البقاء ونصف الفوز والارتقاء والانتصار.

ولا يمكننا أن نتجاوز هنا ما قدمته حرائر العراق للوطن في قادسية صدام المجيدة، وفي مواجهة التآمر والعدوان في كل صفحاته وأزمنته ومنه دورها البارز في مواجهة الحصار الظالم وتعميق ثبات الوطن ومقاومته.

بعد سنة ٢٠٠٣ حيث غزت أسراب الجراد الأجنبي وطننا واحتلته يمكننا القول بأن دور المرأة العراقية قد تم اجتثاثه كما اجتث الأمن والجيش، واجتثت الصناعة والزراعة بل اجتث شرف الوطن بكامله.

إن ما نراه من ترهل وتدهور وعينات منحطة هو مدمٍ للقلب وإن ما نشاهده من استخدام فاسد من أحزاب وأزلام سلطة النظام الاحتلالي للمرأة ودورها وما أبرزته من نماذج من الوجوه القبيحة لبعض المحسوبات على شعب العراق لا يمكن وصفه إلا بكونه تراجع مهين وإلغاء شامل لنضال ومنجزات سيدات العراق تماماً، كما حصل مع اجتثاث كل جميل من مظاهر التمدن والحضارة والتقدم.

وسيبقى الاتحاد العام لنساء العراق وماجدات العراق مشاعل للثورة والمقاومة وحتى يتحرر العراق بأيدي أبنائه البررة من نير الاحتلال وعمليته السياسية البغيضة.

بيان الاتحاد العام لنساء العراق لمناسبة الذكرى 56 ليوم المرأة العراقية

بيان الاتحاد العام لنساء العراق لمناسبة يوم المرأة العراقية

 

مع إطلالة الرابع من آذار يحتفي الاتحاد العام لنساء العراق وجماهيره النسوية بالذكرى السادسة والخمسين بيوم المرأة العراقية الذي هو يوم تأسيس الاتحاد العام لنساء العراق.

نحن ماجدات العراق نقف لنحيي نضال النساء في العراق والعالم، ونجدد التزامنا بالدفاع عن حقوق المرأة العراقية والمطالبة بالمساواة والعدالة في كل مجالات الحياة.

يأتي هذا اليوم في ظل انتكاسة خطيرة لحقوق النساء العراقيات، بعد إصدار قانون الأحوال الشخصية المعدل، الذي يمثل خطوة رجعية تهدد مكتسبات المرأة العراقية التي ناضلت من أجل تحقيقها لعقود.

إن هذا القانون لا يعكس إرادة النساء، بل يسعى إلى تقييد حرياتهن، وتقويض حقوقهن القانونية، مما يجعل المرأة أكثر عرضة للتهميش والاضطهاد.

نحن نرفض هذا القانون الجائر الذي: يكرس التمييز ضد المرأة في قضايا الزواج، والطلاق، وحضانة الأطفال، ويفتح الباب أمام زواج القاصرات وانتهاك حقوق الطفولة، ويضعف استقلالية المرأة ويجعلها رهينة لتفسيرات متشددة وغير منصفة.

إن المرأة العراقية ليست رهينة لتوجهات سياسية أو دينية متشددة، بل هي قوة فاعلة في بناء المجتمع، ويجب ان تكون شريكة حقيقية في صياغة القوانين التي تنظم حياتها، لن نقف صامتات أمام هذه الهجمة على حقوقنا، وسنواصل النضال بكل الوسائل المشروعة حتى تستعيد المرأة العراقية مكانتها المستحقة في المجتمع.

في هذا اليوم يوم المرأة العراقية نقول بصوت واحد:

لن نعود إلى الوراء، لن نقبل بالقوانين الجائرة، وسنواصل نضالنا من أجل المساواة والعدالة.

 

رئيسة الاتحاد العام لنساء العراق

4  آذار 2025

العُدْوَان عَلى سُورْيَا بِزَعْمِ حِمَايَةِ الدُّرُوز وَمَنْعِ المُسَاعَدَات الإِنسَانِيَّة لِغَزَّة اسْتِمْرَارٌ لِلنَّهْجِ الْوَحْشِيِّ

 

العُدْوَان عَلى سُورْيَا بِزَعْمِ حِمَايَةِ الدُّرُوز وَمَنْعِ المُسَاعَدَات الإِنسَانِيَّة لِغَزَّة اسْتِمْرَارٌ لِلنَّهْجِ الْوَحْشِيِّ

   احمد ابو داود

 

 

ان الوضع الكارثي للاخوة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية قد تفاقم بمقترح ويتكوف القاضي باستمرار تمديد وقفة إطلاق النار 50 يوما، اي لما بعد شهر رمضان المبارك وما بعد عيد الفصح اليهودي، وبما ينسجم مع تصريحات رئيس وزراء حكومة الكيان الصهيوني بدون وجود أي مبرر، مما يعني: تعطيل تبادل الاسرى والمحتجزين بين الكيان وحماس.

 إن تفاقم الوضع الانساني للسكان الصامدين في غزة البطلة يحتم ضرورة الاستمرار بوقف اطلاق النار وتبادل الاسرى بين الطرفين، ويحتم ضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة من اجل الانتهاء من هذا الملف، للذهاب إلى ملف جوهري آخر يتعلق بإعادة أعمار غزة لعودة الحياة الطبيعية والاجتماعية تدريجيا للقطاع ولكي يتمتع شعبنا العربي في فلسطين الحبيبة ولو بجزء من حقوقه المشروعة التي يفترض ان يتمتع بها كاملة في إطار مبادئ حقوق الإنسان وحقه في تقرير المصير.

لهذا السبب يجب مواجهة مختلف العقبات التي توضع أمام الهدنة والإجراءات الخاصة بتبادل الأسرى والعمل على تقديم الدعم الانساني لشعبنا الفلسطيني الصامد، لمعالجة المشاكل الكبرى على صعيد النقص الحاد في الغذاء والأدوية ولقاحات الأطفال وغيرها كما على صعيد المدارس والمستشفيات وامدادات المياه والكهرباء والبنية التحتية الاقتصادية في غزة. ان كل هذه المشاكل والتحديات الكبرى التي تواجهها القضية الفلسطينية  وخاصة في غزة قد تضاعفت بصورة خطيرة بوجود اكثر من 160,000 ضحية من القتلى والمفقودين الذين ما زالوا تحت الأنقاض اضافة الى المعوقين.  مع وجود 90% – 95% من الدمار الشامل للبنية التحتية المدنية في غزة، كل هذا يشكل تحديات خطيرة تتطلب التدخل الإقليمي والدولي لإيجاد حلول جذرية تضمن حقوق شعبنا الصامد في غزة والضفة الغربية.

 ‏ إن استمرار موقف حكومة الكيان الصهيوني بالضغط  والتصعيد وبإصدار قرارات تعسفية لوقف إدخال المساعدات الإنسانية والغذائية بشكل نهائي إلى قطاع غزة حتى توافق حماس على تمديد المرحلة الأولى من الهدنة، ‏يشكل تهديداً خطيراً للحياة ولكل القيم الإنسانية، مما يتطلب بذل جهود استثنائية لدعم صمود وثبات الإنسان الفلسطيني الذي تعرض لدمار وحشي فاق كل التصورات، كما لو ان غزة قد قصفت بقنبلة نووية تكتيكية.

 إن ما حصل من دمار في غزة يشكل كارثة اجتماعية على صعيد البنية التحتية للقطاع مما يعني: ان الكيان الصهيوني لا يفكر بالجوانب الإنسانية لشعب غزة كما يدّعي ويزعم، ولا باحترام القضايا والطقوس الدينية للمسلمين في غزة، وبالتالي لن تؤدي هذه الضغوط إلى إيجاد حلول جدية للمشكلات الكبرى، اذ  لابد من العودة الى قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وغيرها من المواثق والاتفاقيات الدولية لوضع حلول حاسمة لمعالجة الوضع  الانساني في فلسطين .

  لكن وكما هو متوقع تستمر حكومة الكيان الصهيوني باتباع منهج قانون القوة بعد كل ما احدثته من دمار وكوارث. إذ نواجه اليوم استمرار منطق قانون القوة وليس منطق قوة القانون والأخلاق واحترام مبادئ حقوق الإنسان الفلسطيني، ولا وضع اي اعتبار لإرادة المجتمع الدولي الرسمي والشعبي الذي يقف مع حقوق شعبنا في فلسطين في جميع انحاء العالم.

 وكما هو معلن ومتوقع فان سيطرة اليمين المتطرف على سياسات الكيان الصهيوني في هذه المرحلة و تبنيه المطلق لاستراتيجية قانون القوة المفرطة (الحرب) هو ابعد ما يكون عن  تبني منهج قوة القانون، بمعنى قوة النظام في العلاقات بين الدول والشعوب وضمان العلاقات الدولية المبنية على مبادئ أخلاقية وليس مبادئ الحرب والموت والعنف والدمار.

 ولقد بلغ تمادي التيارات المتطرفة في الحركة الصهيونية انها بدأت تعلن عن مخططاتها الصريحة والعلنية ورغبتها بطرد السكان الفلسطينيين الأصليين من غزة ومن الضفة الغربية ومن القدس ( وهذا كجزء من تحقيق ما يسمى باسرائيل الكبرى) .

 وليس هذا وحسب فاليوم تهدد التصريحات “الاسرائيلية” سيادة سوريا والحكومة الجديدة فيها وتقوم بالتوسع في داخل الأراضي السورية، وهذا ما يمثل انتهاكاً خطيراً لميثاق الأمم المتحدة ولمعاهدة عدم الاعتداء الموقعة بين سوريا و الكيان الصهيوني عام 1974م.

 ومن المعروف ان الحركة الصهيونية تضم العديد من التيارات والاحزاب كالتيارات الاشتراكية والتيارات اليمينية واليمينية الدينية المتطرفة الموجودة اليوم في قمة السلطة في حكومة الكيان. وهذه الاخيرة تُعد الأكثر تطرفا في تاريخ “إسرائيل” منذ عام 1948 لليوم. والمعروف ان هذه التيارات المتطرفة لا تؤمن بالقواعد المرعية في العلاقات الدولية والدبلوماسية وفي السياسة الدولية ، لأنها تتبنى منهجاً مختلفاً تماماً يتمثل بالمنهج الديني التوراتي، و تلجأ لتحريف النصوص أو التمسك بتأويلات مُحَّرَفة للنصوص التوراتية، بما يتيح تبني استراتيجية استمرار احتلال فلسطين، والتوسع في محور داود في جنوب سورية، وحتى نهر الفرات، وباتجاه الجنوب اللبناني، والجولان.

 كما كشفت مؤخراً التصريحات “الإسرائيلية” التي تتعلق بحماية الدروز (اللذين هم جزء لا يتجزأ من المواطنين السوريين)، عن انتهاكٍ صارخٍ للسيادة السورية. ومن حيث المبدأ لا يجوز لدولة ان تذهب لحماية قومية أخرى أو دين آخر أو مذهب آخر في بلد ذو سيادة تحت أية ذريعة كانت.

  وفي الواقع يشكل الدروز جزءاً حيوياً من الخارطة السياسية والجغرافية للجمهورية السورية، ولا يحق للكيان الصهيوني التدخل لتغييرها تحت اية ذريعة كانت كما لا يحق له القيام بتغير الخرائط السياسية والاجتماعية في الضفة الغربية والتدخل في شؤون المواطنين الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة في غزة.

 بناء على ماتقدم، لا يحق لإسرائيل أن تفرض تأويلات توراتية على الدول العربية في الوطن العربي، لأنها بذلك واضافة الى النهج العدواني المتوحش الذي تنهجه، فانها ترتكب خطأ أخلاقياً فادحاً بتطبيق مناهج متطرفة توراتية على مجتمعات اسلامية، وان كان ذلك ليس غريباً عن ممارساتها منذ اغتصاب فلسطين الى اليوم.

 فنشر الكيان الصهيوني لثقافة التطرف الديني انما يشجع التيارات المتطرفة الدينية الاخرى كالقاعدة ودولة الخلافة الاسلامية وولاية الفقيه وغيرها من التيارات المتشددة. لأن التطرف الصهيوني الديني يؤسس لانتشار التطرف الديني بكل انواعه ، مما يبرر استخدام التأويلات الدينية لشرعنة القتل وارتكاب جرائم ضد الانسانية من شأنها ان تشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة و يؤدي إلى تعميق التوتر والأزمات والحروب في العلاقات الدولية وتهديد الأمن والاستقرار مما يعني استمرار العنف وحروب الإبادة الجماعية سواء تجاه شعبنا في فلسطين اوالتوسع الإسرائيلي الخطير في الأراضي العربية، او تهديد الوحدة الوطنية داخل الاقطار العربية ذاتها وتعريضها الى الحروب الداخلية والتناحر والتفتيت المجتمعي  والذي لن يكون في مصلحة بناء الأمن والاستقرار  الوطني والقومي  .

قيادة قطر سوريا تعقيباً على التطورات الأخيرة و محاولة العدو الصهيوني تقديم نفسه منقذاً لمكون مجتمعي في سوريا.

 أمة عربية واحدة
ذات رسالة خالدة
حزب البعث العربي الاشتراكي
القيادة القومية
قيادة قطر سوريا

 

 

تعقيباً على التطورات الأخيرة و محاولة العدو الصهيوني تقديم نفسه منقذاً لمكون مجتمعي في سوريا،
اصدرت قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي البيان التالي نصه.

 

بعد اقل من ثلاثة اشهر على سقوط نظام الاستبداد والتوريث السلطوي وانهاء كل اشكال التغول الايراني في العمق الوطني ، دخلت سوريا مرحلة جديدة من حياتها السياسية ، وهي الان تواجه تحديات كثيرة ، بعضها يتعلق بالبناء السياسي لانتاج نظام جديد يقوم عاى اساس المساواة في المواطنة وتحكمه قواعد التعددية السياسية وقاعدة التمثيل الوطني العريض وهو الذي لم يكن متوفراً وللأسف في المؤتمر الاخير ، وبعضه يتعلق بالتهديدات التي تنال من الامن الوطني واخطره التهديد الصهيوني ، حيث لم يكتف العدو بتوسيع رقعة احتلاله للارض السورية مستغلاً الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا حالياً بل يسعى لان يقدم نفسه منقذاً لاحد مكونات شعبنا وهو مايشكل استفزازاً لمشاعر كل شعب سوريا الوطنية والقومية .
ان قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وهي تدعو من يتولى ادارة الشأن الوطني في هذه المرحلة الانتقالية ، ان يكون منفتحاً على الاتجاهات الوطنية والقومية والديموقراطية والتي ناضلت طويلاً ضد نظام الاستبداد والقمع والارتهان للنظام الايراني ، لاجل انتاج نظام وطني يؤسس لقيام الدولة الوطنية الديموقراطية كبديل للدولة الامنية وهو ما يوفر عناصر مناعة داخلية تمكن سوريا من ان تقف على ارضية وطنية صلبة في مواجهة مايتهددها من مخاطر، إنما تؤكد على مايلي :
أولا : إن ما اعلنه العدو الصهيوني من تحذيرات للحكام الجدد في سوريا مما سماه الاعتداء على دروز سوريا بعد احداث امنية شهدتها مدينة جرمانا في ضواحي دمشق هو عدوان سافر على سوريا من بوابة التدخل في شؤونها الداخلية مكملاً بذلك عدوانه الذي افضى الى قضم واحتلال المزيد من ارضنا الوطنية ومحاولاً تقديماً نفسه منقذاً لمكون اساسي من مكونات شعبنا وهو المشهود له دوره في مقاومة الاحتلال الفرنسي وتوحيد سوريا في اطار دولة واحدة ارضاً وشعباً ومؤسسات.
ان المنطقة التي يريد العدو زرع بذور الشقاق بين اهلها، اسمها جبل العرب ، جبل الفخر والكرامة والعز ، جبل سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية التي حققت الجلاء والإستقلال لسوريا . ونحن على ثقة بأن أهلنا في الجبل يفهمون جيدا خبث العدو وأبعاد المؤامرة عليهم بشكل خاص وعلى سوريا بشكل عام ونحيي موقفهم الوطني الاصيل وهذا ليس غريباً عن تاريخهم وعمق تجذرهم الوطني وقوة انتمائمهم الى عروبتهم.
ثانيا: إن مزاعم إيران ومن يتبعها بأنه هنالك استهداف لبعض من أهلنا في مناطق الساحل السوري بعد التغيير الذي حصل في سوريا ، هي مزاعم ساقطة رغم محاولة فلول النظام السابق اللعب على وتر المذهبيات بين مكونات شعبنا، وثقتنا بأن الفشل سيكون مصير هذه المحاولات ، لان القاعدة العريضة من الجماهير الشعبية في ساحلنا الوطني لم تكن اوضاعها المعيشية احسن حالاً مما كانت عليه في مناطق اخرى.وان هذه القاعدة العريضة من جماهير شعبنا في هذه المنطقة تعي هذه الحقيقة جيداً وهي منشدة الى وطنيتها وعروبتها وترفض كل استغلال ببواعث طائفية لتوظيفه في اطار التحريض على مسار التغيير الذي مازال في بدايته ويتلمس طريقه للانتقال بسوريا الى مدار جديد يحاكي الطموح الوطني في التغيير. .
ثالثاً : ان ما حصل في شمال شرق سوريا ومحاولة البعض اقامة كيان كردي على حساب السكان العرب الأصليين للمنطقة فإننا وانطلاقاً من رؤية الحزب لاستنباط حلول للتنوع الاثني في اطار المكون القومي الحاضن نعيد القول بأن الأكراد في سوريا هم جزء مهم من مكونات شعبنا في سوريا وحقهم بالمساواة في المواطنة هو حق ثابت كما احترام موروثهم الثقافي والذي نرى فيه عامل اغناء لثقافتنا القومية ، ولهذا فإن ما حصل ويحصل في شمال شرق سوريا بهدف اقامة كيان جديد بهوية قومية خاصة فيه تهديد لوحدة سوريا الوطنية كما ينطوي على تهديد لمصالح ابناء شعبنا في الشمال الشرقي من البلاد نظراً لاستغلال اوضاعهما لخدمة اجندة اهداف دولية واقليمية..
ان سوريا تتعرض الان لمؤمراة متعددة المصادر والرد عليها لن يكون إلا بالتلاحم بين كل مكونات شعبنا كجسد واحد للعمل لإعادة بناء سوريا العربية ،سوريا العروبة النابضة والمجد والفخر .
ودعوة نوجهها للقوى التي تتسيد المشهد السياسي في ادارة البلاد في هذه المرحلة المصيرية التي تمر بها سوريا ، ان يكون ديدنهم العمل على تحشيد القوى لصد العدوان الصهيوني المتمادي وحماية وحدة الأراضي السورية وتحقيق العدالة الإجتماعية والتقليل ماأمكن من السلبيات ومحاسبة مرتكبيهاوكل ذلك لن يتحقق الا بعد ان ينفتحوا على الخيرين والوطنيين المحبين لشعبهم والمناهضين لقوى الشر والعدوان التي تستهدف بلدناالعزبز سوريا.
عاشت سوريا حرة عربية موحدة ولتسقط كل محاولات النيل من وحدتها الوطنية والتدخل السافر المعادي في شؤونها الداخلية

 

قيادة قطر سوريا
. 3 / 3 / 2025

فِي وَرْشَةِ مَصَالِحِ الأُمَّة فِي الوَطَنِ العَرَبِيِّ  العرَب وَالمَهَارَةِ بِاسْتِخْدَامِ أَوْرَاقِ قُوَّتِهِمْ

 

فِي وَرْشَةِ مَصَالِحِ الأُمَّة فِي الوَطَنِ العَرَبِيِّ

 العرَب وَالمَهَارَةِ بِاسْتِخْدَامِ أَوْرَاقِ قُوَّتِهِمْ

حسن خليل غريب

 

أولاً: توصيف وقائع اللحظة الراهنة

 1-على الصعيد الأميركي: مع الاخذ بنظر الاعتبار أن كل الإدارات الأميركية، التي تعاقبت منذ تأسيس أميركا، كانت استراتيجياتها تُبنى على قاعدة (أميركا أولاً)، ترقَّب العالم من المحيط إلى المحيط نتائج الانتخابات الأميركية التي كان موعدها في أوائل تشرين الثاني الماضي ، والسبب يعود إلى أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية يشكِّل النقطة المركزية في رسم خرائط مصالح الدول الاقتصادية، بما للثقل الاقتصادي والسياسي والعسكري الذي تحتله أميركا من بين دول العالم قاطبة.

2-  على الصعيد العربي: يأتي الاهتمام العربي بنتائج الانتخابات الأميركية بشكل استثنائي في هذه الدورة ، لما حملته المرحلة في السنوات الأخيرة إلى المنطقة العربية من أزمات معقَّدة ظهرت من خلال صراعات عسكرية دموية فاقت بفظاعتها التدميرية كل ما حصل في التاريخ الحديث من جرائم عجز الكلام عن وصف حجمها البربري. وباختصار وُسمت إدارة الرئيس جو بايدن – سلف الرئيس ترامب – بأنها كانت ولاية الحروب المتتالية، التي دفع بها الوطن العربي أثماناً باهظة من البشر والحجر في كل من فلسطين -غزة منها بشكل خاص- ولبنان في معظم محافظاته ومنطقة الجنوب منه بشكل أخص، و السودان.

 

ثانياً: توصيف المواقف والمتغيرات

1-على الصعيد الأميركي، إبراز لمظاهر القوة في العلن، وخلاف ذلك في أوراق القوة في الخفاء وقد اظهرت المرحلة ما يلي:

  • خلافاً لاستراتيجية إدارة بايدن القائمة على حل قضايا الوطن العربي وقضية الحرب الروسية الأوكرانية، بواسطة الحروب، أعلن الرئيس ترامب – قبل نجاحه في الانتخابات وما بعده – أنه سيعمل على وضع حدِّ لها. وظهرت جدية استراتيجيته في ثلاث قضايا في الوطن العربي، هي وقف إطلاق النار في لبنان بتاريخ 27/ 12/ 2028، ومتغيرات متسارعة على الساحة السورية تمَّ تتويجها بهروب بشار الأسد – رئيس النظام الأسدي- في 8/ 12/ 2024، ووقف إطلاق النار في غزة في 15/ 1/ 2025.

ب – وعد بوضع حدِّ للحرب الروسية – الأوكرانية، ويشكل اجتماعه الاخير المثير للجدل في البيت الابيض مع زلنسكي علامة فارقة في هذا الاتجاه . علما بان خطوات تلك الدعوة قد بدأت بالدعوة إلى اجتماع سيعقده الرئيسان ترامب وبوتن في السعودية. وربما كان سبب ما حصل، من تغيير في سورية، يعود إلى اتفاق مسبق بين ترامب وبوتن، وكأنه كان ثمناً قدمه الرئيس الروسي من أجل إيقاف الحرب مع أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن ترامب، بعد استقراره على كرسي الرئاسة الأميركية، دعا إلى تنفيذ استراتيجية (صفر حروب عسكرية)، إلاَّ أنه أطلق شعارات عن رؤيته للحل في غزة تتناقض كلياً مع استراتيجيته المعلنة. ففي مبادئ دعوته للحل في غزة تأسيس جديد لـ(حروب جديدة)، وهو الأمر الذي أثار انتقادات واسعة ضد دعوته بدءًا من البيت الأميركي نفسه خاصة من أوساط الحزب الجمهوري الحاكم، مروراً بالمنظومة الرأسمالية الغربية، وصولاً إلى كل الدول الأجنبية -شرقية وغربية – ناهيك عن الانتقادات العربية الشاملة – رسمية وشعبية.

وفي تقديرنا، أنها في ظاهرها وغرابتها كانت تمثل من جهة تعبير عن المنهج التجاري الرأسمالي المتوحش الذي لا يُلزمه وازع إنساني، لأنه يرى حلول المسألة الفلسطينية بمنظار المصلحة المادية البحتة، الخالية من اي اعتبار للأخلاق أو الضمير، والتي لا ترى شيئاً خارج منهج تراكم رأس المال. ولكن ربما على صعيد اخر تمثل رفعاً عالياً وغير منطقي لسقوف التوقعات التي قد تخفي وراءها اهدافاً اخرى سوف تتكشف لاحقاً، ولسوف يشطب الرئيس ترامب تلك الدعوات المعلَنة ويتجاهلها بنفسه.

ومن المعروف ان الخطورة في تلك التصريحات كان في عرض ترامب تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن وإلى أية دولة أخرى تقبل باستقبالهم، وجاءت دعوته تحت غطاء توفير ملاذات آمنة لأولئك السكان، وإلى تحويل القطاع إلى منتجع سياحي آمن من جهة أخرى.

ولعلمنا أن الأهداف الاقتصادية لتحقيق المصالح العالمية ومنها الأميركية تقف وراء ما يجري من مظاهر العرض والطلب، مما يعني أن العوامل الاقتصادية هي التي تحرك الادارة الامريكية الجديدة التي هي في امس الحاجة الى الثروات العربية المتعددة الأصناف والأنواع لإنعاش الاقتصاد الامريكي وتمكينه من مواجهة المنافسة العالمية الشرسة مع الصين وغيرها من جهة، وأسواق الأقطار العربية لاستهلاك السلع الأميركية من جهة أخرى.

إننا بمثل هذا العرض للوقائع كما هي، والاستنتاجات المفترضة، يمكن أن نضع تصوراتنا لما ينبغي ان يُبنى عليه الموقف العربي لضمان حق الامة العربية في هذه الحقبة التاريخية الخطيرة وعدم التفريط به.  

2-على الصعيد العربي، المزيد من تراجع حركات الإسلام السياسي

من يتابع ويرصد المتغيرات التي طرأت منذ العام 2015، على أداء بعض الأنظمة الرسمية العربية في العلاقات مع الخارج الدولي والإقليمي، يمكنه تلمّس مساعيها للخروج خطوة بعد خطوة من سياسة الالتحاق والتبعية والاتجاه نحو استقلالية القرار وسيادته قدر الامكان. وهذا المتغير يمثِّل قياساً للسابق بداية الخروج من جلباب الماضي الذي جرَّ على الوطن العربي الكثير من المآسي والآلام. ومسار المتغيرات، السابقة واللاحقة، يدلُّ على أنه ثابت حتى الآن، وفيما يلي بعض من أهم مظاهره:

 

  • تجلّت البداية واضحة في رفض دول الخليج العربي سياسة أوباما باحتضان النظام الإيراني وتسليمه إدارة احتلال العراق في العام 2011، للاستفادة من دوره في مشروع برنارد لويس -المفكر الصهيوني- الذي يهدف إلى تفتيت أقطار الوطن العربي إلى كيانات طائفية. ومروراً في رفض إملاءات جو بايدن في أكثر من محطة ومن أهمها زيادة إنتاج النفط لتعويض ما حجبته روسيا عن أوروبا، وكذلك رفض مصر والاردن الصارم لمساعيه في اسناد نتنياهو لافراغ غزة والضفة من الفلسطينيين ابان عدوانه الوحشي على غزة ، وانتهاءا بالوقوف بالضد من مشروع دونالد ترامب حول تفريغ قطاع غزة من سكانه بحجة إعادة إعماره أولاً، وتوفير سكن آمن للمهجرين منه ثانياً.
  • ولعبت مصر دوراً مكملاً للدور السعودي في مواجهة مشروع برنارد لويس، عندما أسقطت، في 30 حزيران من العام 2013، نظام الإخوان المسلمين الذي ترأسه محمد مرسي إثر ثورة 25 كانون الثاني من العام 2011 رغم انه حظي بتأييد ادارة الحزب الديمقراطي الأميركي المطلق حينها.
  • بعد احداث ليبيا في العام 2011، وسيطرة مجموعات الإسلام السياسي عليها، قاد اللواء الليبي خليفة حفتر في العام 2014 ثورة ضد تلك المجموعات في بنغازي، وقام بتطهيرها منها في العام 2017؛ حيث إنحسرت سيطرتها إلى ما دون الحد الأدنى، مما منعها من الانتشار وتعميق تلك السيطرة.
  • وفي السودان سقط نظام الإخوان – بقيادة عمر البشير- في العام 2019، ولكن هذه المرة بعد اندلاع الثورة الشعبية العارمة في كانون الأول من العام 2018. ذلك السقوط الذي التفَّت عليه مجموعات الإسلام السياسي في 15 نيسان من العام 2023، تحت خيمة الصراع العسكري الدامي بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.  ورغم ان كلاهما كانا يشكلان فريقين داعمين لسلطة الإخوان، ورغم بشاعة الحرب وخسائرها الفادحة على كل الاصعدة ، الا اننا نعتقد بأنها لن تُعيد إنجازات الثورة الشعبية في السودان إلى الوراء خاصة إذا ما استطاعت الدول العربية أن تضع حداً لهذه الحرب البشعة و تشدد حصارها حول فلول جماعات الإسلام السياسي.
  • وربما كان من تبعات تلك المتغيرات وخاصة وضع حد لنفوذ الإخوان المسلمين في مصر، وليبيا، والسودان، هو خلخلة النظام الإخواني في تونس – بقيادة راشد الغنوشي، والذي سقط بشكل كامل في العام 2023، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً مؤخراً.

 

3- موازين القوى على طاولة المفاوضات

ما حصل من متغيرات على الصعيد العربي بعضها ايجابي او شكل معالم صمود بوجه تحديات وجود هائلة، كان بفعل الدور الذي لعبته عدد من الدول العربية في مساعيها للتوجه نحو اكثر من قوة عالمية عظمى كروسيا والصين من جهة ، ولإجهاض مفاعيل تسونامي الشرق الأوسط الجديد (مشروع برنارد لويس) التفتيتي؛ الإجهاض الذي لم يكن ليحصل لو ظلَّت تلك الأنظمة تنوء تحت أثقال مراحل التبعية التاريخية السابقة، والذي أكَّد أن الإرادة الأميركية ليست قدراً يستحيل الفكاك منه. ومن جهة أخرى أكَّد على أن للعرب وللأنظمة الرسمية العربية أوراق قوة كبيرة وحاسمة فيما لو أحسنوا استخدامها وعمّقوا الفعل الوحدوي والتعاون التكاملي وصولاً الى بلورة مشروع قومي واضح في المواجهة.

وفي المقابل، نستخلص أن الغرب الرأسمالي وفي المقدمة منه الولايات المتحدة الأميركية، لم يكن قوياً في السابق، على العرب، ولن يكون قوياً في المستقبل، إذا عرف العرب كيف يستثمروا أوراق القوة التي يمتلكونها وهي كثيرة.

 إن اختيار الرئيس ترامب الأرض السعودية لعقد اجتماع مع الرئيس بوتن للاتفاق على حل للحرب الروسية – الأوكرانية في اللحظة الراهنة له دلالات هامة ينبغي التوقف عندها. هذا بالإضافة إلى ما أعلنه في ولايته الأولى أن من أهم أهدافه كان ينص على تقوية العلاقة مع الدول العربية الرسمية التي هددها أوباما بقراراته الخاطئة، وخاصة عندما عزز الاخيرعلاقة أميركا الاستراتيجة مع المشروع الإيراني وتفعيل جراثيم التفتيت الطائفي التي يحملها.

 

4- رؤى للقوى العربية تسهم في تفعيل ورشة المتغيرات القادمة

سوف تشهد المتغيرات القادمة العديد من القضايا وعلى الامة العربية الضغط لمعالجة اهم التحديات التي تمر بها والتي تمثل أهم قضاياها الساخنة، وهي تشكل تباعاً بالنسبة لدرجة اهميتها ما يلي :

  • العمل على وضع حلول واقعية وعادلة للقضية الفلسطينية.

بـ -تحرير العراق من الاحتلال الإيراني نيابة عن الاحتلال الأميركي، في العام 2011، خاصة أنه قضى على عروبة العراق واستباح دماء ابنائه ووحدتهم الوطنية ونهب مواردهم وحوَّل العراق إلى دولة فاشلة وفقيرة من جهة، وجعله منطلقا لتقسيم الوطن العربي وتهديد امنه القومي فهدد دول الخليج العربي والاقطار العربية الاخرى وتأثيراته على أمنها الوطني العسكري والاجتماعي والسياسي من جهة أخرى. 

جـ-العمل على استعادة الوحدة الوطنية للأقطار العربية التي سعى مشروع برنار لويس الى تفكيكها تحت المسمى الشائع الخادع (الربيع العربي)، وذلك باستغلال ومحاولة حرف الحراك الجماهيري الصادق ذو الاهداف الوطنية الحقيقية. ونذكر الأقطار، التي لا تزال مفككة، وخاصة كلاَّ من اليمن وليبيا بالذات، بعد ان دخل القطر السوري في مرحلة إعادة التوحيد في 8 كانون الأول الماضي.

 

في حل القضية الفلسطينية خلاص للعالم من مخاطر الحروب

وأما حول الحلول المطروحة للقضية الفلسطينية، فلقد كشفت عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، أولوية الحاجة الى وضع حلول لتلك القضية، والتي يمكنها أن تتجدد ولو بعد عشرات السنين حتى يتم الوصول إلى حل عادل لها. ولأن العملية كادت أن تهدد الأمن والاقتصاد الدوليين، وفي مقدمتها مصالح الاقتصاد الأميركي في المنطقة العربية؛ أعلن الرئيس ترامب استراتيجية (صفر حروب) في العالم بشكل عام، وفي الوطن العربي بشكل خاص.

 وفي مخطط ترامب تأكيد على أن استراتيجته المستقبلية هي توفير مناخ آمن للرأسمال في المنطقة العربية. ولأن الوطن العربي خزان واسع وكبير من الثروات الطبيعية، ولأن الاهتمام بها جدياً يعني أن العرب يمتلكون أوراق قوة كثيرة ورابحة، لذا فعليهم أن يحسنوا استخدامها من أجل الوصول إلى حلول تكون في مصلحة الامة برمتها.

 ولأن معظم القضايا العربية الساخنة، وخاصة القضية الفلسطينية، لن تجد لها حلولاً عادلة مضمونة  التنفيذ من دون المشاركة الدولية والإقليمية وموافقتها على القرارات ذات العلاقة، ولأن الدول العربية وانظمتها الرسمية التي تملك قوة القرار والإمكانيات، يُوحِّدها سقف واحد وهو انتزاع حق ابناء الامة في فلسطين كاملة غير منقوصة، فقد دلَّت التجارب السابقة أنها لن توافق على النزول دونه مهما تعالت وتيرة التهديدات من هنا أو هناك.

 لذلك، على العرب الاخذ بعين الاعتبار الزخم الشعبي والدولي الذي تناله القضية الفلسطينية العادلة عالمياً ، وازدياد القناعة بأن أي حل للقضية الفلسطينة لن يمر من دون حيازته على عامل العدالة التي تتمثل بوضع حد لمأساة الشعب الفلسطيني التي بلغت من العمر ثلاثة أرباع القرن وهي مفتوحة الأبواب إلى أمد غير منظور إذا لم تنفتح الأبواب أمام حقوقه العادلة والمشروعة.

وايضاً توفر عامل الواقعية التي تحتم استثمار التاييد العالمي للقضية الفلسطينية وتوحيد قوى الشعب الفلسطيني وفصائله ومنع الاستثمار والمتاجرة الاقليمية بها.

في تحرير العراق خلاص للعالم من مخاطر المشاريع الغيبية

ويشكِّل تحرير العراق من الاحتلال الايراني ضماناً لإقفال بوابات التدخل الإقليمي في شؤونه، والتي بدون إقفالها لن يستقر الأمن العسكري والسياسي والاجتماعي للأقطار العربية الأكثر قرباً جغرافياً منه، فالأبعد، ثم الأبعد. وفي الوقت الذي تراجع فيه الدور التركي الذي أُعطي له في مشروع برنارد لويس التقسيمي إلى حدود الانضباط النسبي، وتوقَّف عند حدود تبادل المصالح المتكافئة مع الجوار العربي، الا ان النظام الإيراني بقي مصراً على تنفيذ أحلامه الغيبية.

 كان للغرب، وفي المقدمة منه أميركا، مصلحة في المشروع الإيراني منذ الاحتلال الامريكي،  وتكرس اكثر بانسحاب قوات الاحتلال الأميركي من العراق في العام 2011. ولكن عندما تعرقل تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد من جهة، وتغيرت الاهداف في المنطقة كان لابد من تغيير استراتيجية التخادم الايراني الامريكي. نتيجة هذا الوضع، لا بُدَّ من وضع حل للقضية العراقية لتحرير العراق وشعبه من ابشع احتلال مر عليه عبر العصور واعادة دولته الوطنية واسترداد سيادته واستقلاله وذلك لإنهاء بؤر التوتر والصراعات العسكرية .

 نعتقد انسجاماً، مع كل المقدمات التي قمنا بتحليلها في هذا المقال المكثَّف، يقتضي من العرب وفي مقدمتهم النظام العربي الرسمي أن يستخدموا أوراق قوتهم من أجل الحصول على نتائج ثابتة على الاصعدة العديدة التالية:

 – فرض تعريب القضية العراقية، ومنع إعادة تدويلها، وهذا يقضي على أميركا وغيرها إنهاء واقع الاحتلال الايراني بكل أشكاله وألوانه، أي أن لا تخرج إيران من شباك العراق لتدخل القوى الدولية او الاقليمية اليه من الأبواب الواسعة.

– اعتراف المجتمع الدولي بأن ثروات العراق هي ملك للشعب العراقي فقط، ووضع الضوابط اللازمة لمنع نهبها من قبل ايران او غيرها تحت شتى السبل

 والوسائل الملتوية وعلى مرأى ومسمع من اميركا والمجتمع الدولي. وإن كان لهناك مصلحة في استثمار تلك الثروات، فلتكن على قاعدة تبادل المصالح بين شعب العراق مع الاخرين كما تنص عليه الاتفاقات الدولية.

 اعتبار الأمن القومي العربي وحدة لا تتجزّأ، وهي من مسؤولية العرب، وممنوع على القوى الدولية والإقليمية أن تتدخَّل فيها بأكثر مما تسمح به الاتفاقيات والتشريعات الأممية.

 ونختم مقالنا بالقول اًن على العرب، خاصة من امتلك منهم أوراق القوة أن يستخدموا تلك الأوراق لإستعادة القرار القومي المستقل وبلورة مشروع قومي واعد لما فيه ضمان امن الامة العربية ومستقبل اجيالها.