القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية وتعاملنا العاطفي مع ما يجري

القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية وتعاملنا العاطفي مع ما يجري

علي العتيبي

منذ وعينا على الدنيا وقضية فلسطين مزروعة في داخلنا ولأنها قضية مقدسة فقد اصبحت عاطفتنا كلها من اجل التحرير وقد تطوعنا للعمل الفدائي مع جبهة التحرير العربية ولم تكن اعمارنا تجاوزت ال 12 و13 عام وبقيت القضية الفلسطينية اهم لدينا حتى من انفسنا وقد ترسخت لدينا من خلال مبادئ البعث وصرنا نمقت اي انسان يتحدث عن السلام مع الكيان او الموافقة على قرار التقسيم وغيرها.

حينما كبرنا اكتشفنا بان البعثيين المبدئيين اصحاب المواقف لم تتغير مواقفهم تجاه فلسطين رغم كل الظروف وقد ضحى النظام الوطني بسلطته من اجل فلسطين بعد ان تعرض للتآمر والعدوان والحصار ثم الغزو والاحتلال ولازال رجال البعث ملتزمين بهذه المبدئية تجاه فلسطين رغم العديد من المحاولات التي دخل فيها الفلسطينيين بالسلام مع الكيان الصهيوني بدءاً من اتفاقات اوسلو والتي اصدرت القيادة حينها كراس يشرح فيه ملابسات اوسلو وموقفه منها ولحقتها اتفاقية القاهرة التي اجبر ياسر عرفات على توقيعها.

اما المتاجرين بالقضية الفلسطينية فقد جعلوها كنزا للاسترزاق او الابتزاز كما فعل نظام الاسد والنظام الايراني وسبقهم انور السادات بزيارته الخيانية التي فتحت ابواب الخيانة للقضية من قبل المهزوزين.

لازال البعث ممثلا بقيادته القومية ومعه في العراق الرفاق في قيادة قطر العراق متمسكين بالمبدئية والمناداة التي جعلها صرخة مدوية في قاعة الاعدام شهيد الحج الاكبر القائد صدام حسين طيب الله ثراه (عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر) وقدم روحه قربانا لاجلها ليس تعصبا وانما وفق يقين عربي اسلامي بان اي ارض محتلة هي مشروع للجهاد والتحرير  ونحن نسير على هذا الطريق.

مع الاسف واقولها بصراحة حينما كانت حماس والجهاد والقسام تمارس عملياتها الفدائية بعد اوسلو التي فرضت الغاء مبدأ الجهاد والكفاح المسلح من دستورها، اعجبنا وشجعنا موقف حماس ولكن ما أن طمعت في السلطة وشقت صف الفلسطينيين بانت الحقيقة خاصة بعد استشهاد ابرز زعيمين فيها وهما الشهيد احمد ياسين والشهيد الرنتيسي سارت حماس الاخونجية وفق خط الولي الفقيه في ايران واصبحت احد اذرع ايران في المنطقة وصارت حماس بندقية للايجار ووفق الرؤية والمصالح الايرانية وهذا معلن من خلال خطابات خالد مشعل واسماعيل هنية حتى اصبحت حماس العائق في جمع الشمل الفلسطيني فصارت سلطتين احدهما تحارب الاخرى حماس لها غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة ورغم عقد عدة اجتماعات لتوحيد صفهم اخرها كان اجتماع مكة الذي اتفقوا فيه على وحدة الصف واقسموا على ذلك عند بيت الله الحرام ولكن !!! اي توحيد للصف الفلسطيني لايروق لايران ولهذا تدعم حماس لتخريب الاتفاقات وهنا نود ان نبين باننا لسنا مع السلطة الفلسطينية بالكلية لانها ايضا لا تختلف عن حماس نتيجة الفساد والتبعية للكيان الصهيوني وخاصة رئيسها الذي هو مهندس اتفاقات اوسلو التي باعت القضية الفلسطينية وجعلتها تتراجع في الاهتمام لولا الانتفاضات التي فجرها شباب الحجارة والدعم الذي اولاه العراق لفلسطين وفصائلها الجهادية بالدعم المعنوي والمالي والعسكري والتسليح وتصنيع الصواريخ التي بدأ تصنيعها في بغداد وشحنت مع مخططات التصنيع الى فلسطين. نعود الى موضوعة دعم ايران لحماس وجعلها احد اذرع ايران وتتناغم مع حزب الله ولاحقا الحوثيين والحشد الطائفي ولم يرف لحماس اي رمش تجاه احتلال امريكا وايران للعراق ولا على الدماء التي تنحر من قبل ايران وميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن  وصاروا يمتدحون ايران ووليها الفقيه ومجرميها واطلقوا على المجرم قاسم سليماني شهيد القدس وصارت منابر غزة تؤلب ضد العرب بشكل عام والخليج بشكل خاص رغم ان اعمار غزة ببناياتها السكنية ومستشفياتها ومدارسها كلها بالدعم الخليجي ولم تبنِ لهم ايران ولو مركز صحي صغير وقادة حماس يتنعمون بالاموال والاقامة في قطر وغيرها.

المعروف والمعلن والمكشوف لنا وللجميع ان ايران لها مشروع توسعي عنصري تريد تتفيذه دون ان تخسر اموال او رجال ايرانيين فحركت ذيولها وعملائها وباموال العراق التي تسرقها لتنفيذ هذا المشروع فزرعت الموت عند العرب وصار العربي في العراق وسوريا ولبنان واليمن وحتى البحرين مشروع قتل ايراني بيد ميليشياتها الولائية والتي لا تختلف عن حركة الحشاشين التي اسسها حسن الضحاك لزرع الرعب وهكذا دب الرعب الايراني لدى كل العرب وهذا مخطط له شقين الاول تنفيذ مشروع ايران والاخر تسهيل امر الكيان الصهيوني لفرض مشاريعه للتطبيع العربي دون مقابل وصار المواطن العربي يتمنى السلام مع الكيان الصهيوني من اجل التخلص من النفوذ والموت الايراني  وخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي برعاية اوباما لبسط نفوذ وقوة ايران على المنطقة وينطبق المثل (اراويك الموت حتى ترضى بالصخونة) وهنا الموت ايران والصخونة الكيان الصهيوني وهكذا تم التطبيع بين الكيان والامارات والبحرين تحت مسمى الاتفاق الابراهيمي الذي رعاه الرئيس الامريكي انذاك ترامب مقابل توقف الكيان عن بناء المستوطنات والتوسع على حساب الاراضي الفلسطينية وبعدها بدات التحركات من اجل ان تقوم السعودية بالتطبيع ايضا فكان موقف السعودية الصارم وهو لا تطبيع قبل حل الدولتين وكان داخل الكيان فريقان فريق يؤيد الشرط وفريق رافض له ويريد التطبيع بلا مقابل وهذا يقوده النتن ياهو  وحينما شعرت ايران ان تطبيع السعودية وحل الدولتين سيسقط شعارات ايران التي وضعتها شماعة للمتاجرة بقضية فلسطين ونادت (طريق القدس يمر عبر كربلاء عام 1984) وشكلت فيلق اسمته القدس يذهب للقتل الى اي مكان في بلاد العرب الا القدس ونحن نعرف في عقيدتهم ان القدس والاقصى لايساوي حاشاكم نعل ولكنها سياسة التوسع والضحك على العرب وايهامهم بانها المدافعة عن القدس وهذا عكس الحقيقة ومن اجل تخريب اي جهد لاقامة دولة فلسطينية وفق الرؤية الفلسطينية والتي تكللت بمشروع قرار تقدمت به دولة الامارات العربية المتحدة على الامم المتحدة وتم التصويت عليه بالاغلبية بالاعتراف لفلسطين كدولة وهذا لايروق للمتطرفين الذين يحكمون الكيان الصهيوني وايران الولي الفقيه فتم تحريك حماس للقيام بطوفان الاقصى الذي اوعدوا فيه حماس بانه في حال قيامهم بالشروع سيتم اسنادهم بالهجوم من قبل حزب الله في لبنان والميليشيات من الحدود السورية ولكن ايران غدرت بهم وجعلت حماس وحيدة بعد عمليتها البطولية باقتحام حدود المستوطنات واسر العديد من ضباط وجنود جيش الاحتلال (العملية تحتاج الى تدقيق وتمحيص ودراسة عن الخلل الامني الذي حصل لدى الكيان لان هذه الحدود محمية بمستشعرات دقيقة بحيث اذا اقترب منها قط تعطي انذارا فما بالك باختراق حوالي الف من مقاتلي حماس). فبعد ان اصبحت حماس وحيدة في الميدان ضد الكيان وتم تدمير كامل غزة وتهجير اهلها ومحاصرتها وتلاها اغتيال زعيم حماس اسماعيل هنية في ايران وداخل منطقة خاصة بالحرس الثوري الايراني فارادت ايران ذر الرماد في العيون بعملية ارسال طائرات مسيرة وصواريخ لضرب الكيان سقطت اغلبها في الطريق ثم حركت بعض مقاتلي حزب الله لضرب اهداف لا قيمة لها داخل الكيان وتزامن هذا كله بوجود مفاوضات ايرانية امريكية ومن اجل الضغط لصالح ايران فجاء الرد بقصف الضاحية وقتل اغلب قادة حزب الله فكانت هذه العملية هي تضحية ايران بحماس وحزب الله لارضاء الكيان من اجل دعم مفاوضاته مع امريكا حينها استشعر زعيم حماس داخل غزة يحيى السنوار متاخرا اللعبة الايرانية ورفض تلقي التعليمات الايرانية وصار يتحرك وفق رؤية المجاهد الفلسطيني، فكان القرار لابد من التخلص منه والان حينما نشاهد مقاطع الفديو وتصوير العملية نكتشف ان العملية مرسومة بدقة رغم ادعاء الكيان انها الصدفة والا فان الكيان يقصف غزة كل يوم ولم يصور نتائج ضرباته فلماذا صور عملية استشهاد السنوار بهذه الدقة لولا الوشاية والخيانة.

حينما ننعى السنوار فاننا ننعى كل من يقاوم ويستشهد واقفا ضد الكيان الصهيوني ويكون في مقدمة مقاتليه رغم موقفنا الواضح من توجهات حماس الاخونجية الموالية لايران ورغم ما تطرقنا به بان طوفان الاقصى لم يكن هدفها تحرير فلسطين ولا اي شي يخدم فلسطين بل كانت عملية كما يطلق عليها بندقية للايجار من اجل عيون ايران ولكن انقلب السحر على الساحر فانكشفت خطط ايران وتناغمها مع اهداف النتن ياهو، ونقول ان الفعل المجاهد نحترمه ونقره وندعمه حينما يكون هدفه واضح وصريح وهو التحرير بعكس من يعمل به كشعارات ويجير لصالح قضية ليست قضيته.

طوفان الاقصى مهما اختلفنا مع رؤى الاخرين واختلافنا مع حماس كونها اصبحت احدى ادوات المشروع الايراني، حققت اهداف عظيمة للقضية الفلسطينية نورد بعض منها:

1.احياء القضية الفلسطينية بعد ان لفها النسيان.

2.اثبتت ان العربي مهما تهجر وطالت غربته فان وازعه الوطني دوما مع قضية شعبه وكان للفعل والنشاط الفلسطيني بالخارج دور فاعل اعلاميا وتحشيدهم للناس بهذا الكم محل فخر واعتزاز.

3. جعلت الرأي العام يعرف حقيقة القضية الفلسطينية مقابل اجرام الكيان الصهيوني وبهذا الوعي خرجت الجماهير تندد بالاحتلال وتنادي بتحرير فلسطين.

4. الهبت الحماس لدى الشباب العربي بعد ان كاد يعيش حالة الركود والتشاؤم والاستسلام فاذا به ينهض، وحتى الاطفال ترسخت في داخلهم ان الكيان مجرم واغلب اطفال الوطن العربي اصبحت انشودتهم انا دمي فلسطيني.

استشهاد السنوار سواء تم بخديعة او خيانة او غيرها فالرجل استشهد مجاهدا بطلا ثابتا

يقابله بذلك افعال ابطال العراق النشامى الذي تصدوا للاحتلال الامريكي وما اكثرهم وعلى راسهم قيادة العراق الوطنية يتقدمهم شهيد الحج الاكبر صدام حسين وولديه وحفيده ومن على خطاهم وقدموا ارواحهم فداءً واستشهدوا بالقتال امام اكبر قوى غاشمة ومجرمة بالعالم وجرعوها السم كما جرعوا خميني في القادسية.

علينا ان نستلهم الدروس من طوفان الاقصى سواء بالتخطيط والقتال او بالتحشيد الجماهيري والاعلام في دول العدوان بدلا من المناكفات بين القوى الوطنية والتسقيط واتخاذ المجاملات الفارغة التي لم تحصد شئ، علينا ان ناخذ العبر والدروس من طالبان ومن غزة ونكون اهلا لحمل راية التحرير.