شبكة ذي قار
 جرائم حزب الدعوة العميل للأجيال القادمة

فصل من منهاج تدريس

 جرائم حزب الدعوة العميل للأجيال القادمة

 

في مقال وثائقي كتبه شاهد عيان قبل سنوات قال فيه: في ظهر يوم 15-12-1981 كنت أقف في شرفة منزل صديق بالطابق السابع في مبنى قريب من جامعة بيروت العربية ومطلّ على حيّ بئر حسن الراقي، أتأمل من بعيد شاطئ بيروت البحري المشهور بجماله، وفي غمرة السكون دوّى انفجار مكتوم تصاعدت على إثره سحابة ترابية حمراء غطت سماء المنطقة بأسرها، ولكني شاهدت من خلال الغبار المنتشر مبنى من عدة طبقات يتكوّم على بعضه ثم يهبط كتلة واحدة ليساوي الأرض.

بعد دقائق رنّ جرس الهاتف في منزل ذلك الصديق لنتفاجأ بمن يبلغه أن السفارة العراقية قد تفجرت بسيارة  مفخخة قادها انتحاري واقتحم بها مدخل السفارة المؤدي إلى السرداب مما أدى إلى انهيارها بكاملها وصارت أثراً بعد عين.

ويواصل في استبيان من يقف وراء هذا العمل الاجرامي قائلاً: أزعجت تلك العملية قيادة الثورة الفلسطينية فقد اعتبرتها اختراقاً لأمن بيروت الغربية الواقعة تحت سيطرة القوى الوطنية اللبنانية المتحالفة معها، وقد عبّر وقتها السيد ياسر عرفات عن استنكاره للعملية بطريقته الخاصة إذ أقام جنازة عسكرية لشهداء طاقم السفارة وودعهم حتى باب الطائرة العراقية التي جاءت لنقلهم إلى بغداد. وبعد أقلّ من شهر سرّبت أجهزة الأمن الفلسطينية تفاصيل تلك العملية ومؤداها أن قيادة حزب الدعوة اللاجئة وقتئذ في دمشق هي التي وفّرت المجرم الانتحاري – أبو مريم – وتولّت المخابرات الايرانية تمويل العملية في حين تولت المخابرات السورية تأمين متطلباتها اللوجستية، وقد أشرف على العملية برمتها  علي الأديب اللاجئ وقتها في سوريا، وعضو مجلس النواب ووزير عن حزب الدعوة في العراق بعد الاحتلال لاحقا. ونوري المالكي الذي كان مسؤول تنظيمات حزب الدعوة في سورية والمنسق مع المخابرات السورية .

ثم يستطرد الكاتب في سرد سجل الدعارة والبغاء لهذا الحزب فيقول:  شاءت الصدف أن ألتقي بإرهاب حزب الدعوة مرة أخرى بعد سنوات قليلة ولكن في مدينة الكويت هذه المرة، ففي يوم 25-5-1985 كنت في منطقة الصفاة وسط العاصمة الكويتية عندما اهتزت وقت الظهيرة بصدى انفجار هائل انهارت على إثره ألواح زجاج المحلات والمباني، وترك كل فرد مشاغله وهرع لاستطلاع الأمر، وقد تبين بعد ساعات قلائل أن انتحارياً قد اعترض بسيارته المفخخة موكب أمير الكويت جابر الأحمد، وأن رجال حمايته –عراقيي الأصل– قد وقفوا بسيارتهم حاجزاً بين سيارته وسيارة الانتحاري، وكذلك دفعوا حياتهم ثمناً لالتزامهم بقيم الشرف والشجاعة.

وبعد أيام كشفت التحقيقات أن القاتل عضو في حزب الدعوة، وأن هدف العملية كان معاقبة الكويت على التسهيلات المالية واللوجستية التي كانت تقدمها للعراق في حربه مع إيران، وقد تولت المخابرات الايرانية تمويل وترتيب تفاصيل العملية في حين تولى القيادي في حزب الدعوة جمال جعفر – اسمه الحركي أبو مهدي المهندس -توفير الانتحاري والاشراف على تنفيذ الجريمة، وكان جمال جعفر مقيماً وقتها في إيران ويتردد على الكويت بجواز سفر إيراني مزور، وقد اختفت آثاره بعدها ليظهر إلى العلن في مجلس النواب العراقي كنائب عن حزب الدعوة!

وبين التاريخين كان للحزب العميل جرائم إبادة بحق البشرية وهي جرائم لا تسقط بفعل التقادم وبالتالي فهي مشمولة حتماً ضمن المحكمة الجنائية التي يطالب في تأسيسها من ورث تاريخ حزب الدعارة نوري المالكي فيذكر الكاتب:

وفي سنة 1983 دخل حزب الدعوة في شراكة إجرامية مع خلايا الجهاد الإسلامي، أنتجت تفجير سفارتي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في العاصمة الكويتية، وقد تمت العملية بسيارتين مفخختين يقودهما انتحاريين، وبالطبع كان جمال جعفر هو المسؤول عن تلك العملية التي استهدفت معاقبة فرنسا على تسليحها للجيش العراقي، والولايات المتحدة لحمايتها لممرات الخليج العربي ذات الأهمية الحيوية للغرب، من البلطجة الإيرانية.

وفي يوم 1-5-1985 أقدم حزب الدعوة على اغتيال معاون الملحق الثقافي العراقي في السفارة العراقية بالكويت، السيد هادي عواد سعيد وابنه البكر في منزلهما بالكويت، وقد اعتقل القاتل الذي استخدم مسدسا كاتما للصوت، وتبين أنه عضو في حزب الدعوة ، وقد علملوا  على تجنيده  لخدمة المخابرات الإيرانية .

وفي يوم 22-1-1987 انفجرت سيارة مفخخة كانت مركونة خلف فندق الميريديان في بغداد حيث كان يسكنه عدد من الصحفيين العرب والأجانب الذين كانوا يغطون وقتها وقائع مؤتمر القمة الإسلامي، وكان هدف العملية تعكير أجواء المؤتمر الذي رفض اتخاذ موقف منحاز لإيران في حربها على العراق.

وبعد شهور قليلة وتحديداً في يوم 24-10 من ذات السنة، استهدف حزب الدعوة أحد مكاتب الخطوط الجوية   بقنبلة.

وفي العام التالي في يوم 27-4-1988 قطعت المملكة العربية السعودية علاقاتها الديبلوماسية مع إيران، فردّ أبو مهدي المهندس بعد أقل من انقضاء 24 ساعة على ذلك بقنبلة استهدفت مكتب الخطوط الجوية.

بتاريخ 3/2/2017 اعتقل المواطن أسعد إبراهيم اسكندر الجنابي من قبل استخبارات مطار المثنى، في العاصمة العراقية الذي تسيطر عليه عصابات حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس وزراء نظام المنطقة الخضراء حيدر العبادي، ويتزعمه نوري المالكي الذي يرأس كتلة نيابية تسمى “دولة القانون” في مفارقة صارخة.

 تم الاعتقال في منطقة الهريمات التابعة لمنطقة عامرية الفلوجة، حيث كان الرجل يقيم هو وعائلته، باعتبارهم من نازحي منطقة جرف الصخر التي يرفض (الحشد الشعبي) ، ومن ورائهم الحرس الثوري، عودة سكانها إليها، وقتل بتاريخ 8/2/2017 بعد خمسة أيام من اعتقاله.

وحسب شهادة أحد الاطباء في مستشفى مدينة الطب ببغداد فإنهم تسلموا الموقوف يوم 8/2/2017 وهو بأنفاسه الأخيرة وتوفي بعد قليل من وصوله إلى المستشفى.

ونتيجة كثرة البحث من قبل عائلته استطاعوا الوصول إلى (محكمة الساعة)، بوسط العاصمة، بعد ثلاثة أشهر، حيث أبلغهم القاضي (عمار حسين الساعدي) وهو معروف بانتمائه إلى حزب متنفذ (الدعوة الشيطانية) وهو المسؤول عن هكذا أمور، أنه توفي وموجود في مشرحة الطب العدلي لمدينة الطب.

وهنا بدأت مرحلة أخرى من العذاب، فالمستشفى ترفض تسليمه إلا بعلم دائرة الاستخبارات والأخيرة تحتاج موافقة القاضي (ع. ح)، والقاضي والاستخبارات متفقون على ألَّا تسلم الجثة إلا بعد تنازل أو توقيع ذويه بأنه عنصر ارهابي ولا يحق لهم رفع شكوى!

وفعلاً تم أخذ توقيع وبصمة ذويه على ورقه بيضاء مُلئت بعدها من قبل الاستخبارات. حيث أكد القاضي لذويه إنكم بصمتم على الورقة وانتهى الموضوع، كل ذلك حصل بمساعدة محامي وُكِّل من قبل أهل المغدور!

وبعد مضي أكثر من شهر ونصف على هذه المماطلة تم تسليم المغدور إلى أهله، بتاريخ 21/5/2017 ولكن كيف تم تسليمه؟!

فوجئ أهالي المغدور بأن ابنهم جثة متفسخة مشوهة الجسد والوجه والمعالم، معروفة بالرقم 741 عن طريق قرص معدني مثبت في يد الضحية.

يقول شهود عيان إن مشرحة الطب العدلي ببغداد مليئة بالمئات من الجثث المتفسخة التي تحولت إلى جيفٍ بأكياس متهرئة.

الضحية الذي نتحدث عنه شاب لا يتجاوز الثلاثين من العمر، لديه ثلاثة أطفال وزوجته حاملٌ بطفل رابع، هذا الرجل ليس إرهابياً، فهو رجلٌ مسالمٌ بريء ذهب ضحية المخبر السري الذي ما يزال ينهش بأجساد الأبرياء في العراق.

 

دراسة أهداف الغزو الأمريكي على العراق وتداعياته

دراسة

أهداف الغزو الأمريكي على العراق وتداعياته

 

الملخص

 

بعد أن دقت طبول الحرب، وارتفع أزيز الطائرات تقصف المدن والأحياء العراقية، ونشطت الآلة العسكرية الأمريكية تساندها قوات التحالف على رأسها بريطانيا، كان من الجلي أن هناك أهداف ومصالح تسعى وراءها الولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من أنّها قد أعلنت عدد من الأهداف لهذه الحرب لكن ما خفي من أهداف كان أشد هولًا وأبعد عمقاً في التأثير ليس على مستقبل العراق بل مستقبل المنطقة كلها، ولا يخفى على المحلل للأحداث أن المحرك الأساسي للآلة العسكرية الأمريكيّة هي المصالح الاقتصادية ويتربع على قمة هذه المصالح آبار النفط العراقيّة الغنيّة بمخزونها والأقل كلفة في استخراجها مقارنة مع باقي آبار النفط الأخرى، وعلى الأهمية الموقع الجيو-استراتيجي للعراق لتوسطه وقربه من روسيا والصين اللتين تتوجس من قوتهما وتسعى لمراقبتهما عن كثب، فضلًا أن موطئ القدم الأمريكي القريب من “إسرائيل” يؤمن لها الغطاء الذي تحتاجه على الدّوام.

مقدمة

من أشد ما عانت منه منطقة الخليج العربيّ هو الغزو الأمريكي على العراق في تاريخها الحديث، وتُعدُّ الحرب على العراق 2003 واحدة من أكثر المنعطفات التّاريخيّة المصيريّة خطورة، وقد رسمت أحداث الشّرق الأوسط خلال الرّبع الأول من القرن الحالي، إذ إنّها لم تكتفِ بإسقاط نظام صدام حسين وفتح العراق على ساحة الصّراع التي حولت البلاد إلى مسرح تجربة قاسيّة مستمرة إلى يومنا الحالي، بل أسهمت في التّمهيد إلى مرحلة جديدة من الحرب على الإرهاب وصعود التّيارات المتشددة والحرب الطائفيّة، وحركات ما عرف باسم “الربيع العربيّ”. ولا يمكن فهم حدث كبير ومركزي واستنباط العبر منه من دون الوقوف على مجمل الظروف والأهداف التي رافقته، سواء البعيدة منه أو القريبة، والنتائج والتحليلات التي انبثقت عنه. لقد حملت الولايات المتحدة وبريطانيا لواء الحرب والترويج لها من أجل إقامة الدّيمقراطية في العراق. ما هي مجموعة الأهداف التي حركت هذه القوى لغزو العراق؟ وما هي الاستراتيجيّة التي اعتمدتها الولايات المتحدة ومهدت لها عوامل النجاح في مسعاها؟ ما هي التّحولات السياسيّة التي شهدها العراق في ظل الاحتلال الأمريكيّ؟ وهل نجحت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها سواء المعلنة أم غير المعلنة لحربها على العراق؟

الأهداف الأميركية لغزو العراق

إنّ الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة خلال القرن العشرين، وما مضى من القرن الحالي تعتم بشكل رئيس في سياستها على استخدام القوة العسكريّة، إذا ما استثنينا إدارة الرئيس باراك أوباما، وعليه فإنّ هذا النّهج الأمريكي ما هو إلا نتاج للقوة العسكريّة الأمريكيّة التي عُدَّت الأكثر تفوقًا خلال المدّة المنقضية، ومن ناحية أخرى فإن هذا النهج ما هو إلا ترجمة للإدارة السياسية للإدارات المتعاقبة. فهنا نجد أنفسنا خلال دراسة الأهداف الأمريكيّة لأيّة عملة عسكريّة نجدها تأتي في سياق السياسة والمصالح الوطنيّة. وفي حالة الرئيس الأمريكي بوش الابن، هناك عامل لا يقل أهمّية عن فائض القوة العسكريّة علينا أن نوجه عنايتنا له، وهو الدّوافع الأيديولوجيّة لتوجهات الرّئيس بوش الابن، وتعمقت هذه الدّوافع من خلال تأثير المساعدين والمستشارين الذين أحاطوا بالرئيس من الذين ينتمون إلى التّيار المسمى بالمحافظين الجدد، أيّ أتباع الفكر المحافظ، وقد كان هؤلاء هم الأكثر تعبيرًا عن طموحاتهم، وعدم التّردد في استخدام القوة وعن حاجتهم لإعادة صياغة السياسة الخارجيّة الأمريكية، بما يتلاءم مع طموحهم بإمبراطوريّة أمريكيّة تهيمن على العالم، وتمنع قيام أيّة قوة منافسة لها من خلال استخدام القوة والدبلوماسيّة القسريّة، واستراتيجيّة الحرب. وسيطرة كاملة على موارد نفط الشّرق الأوسط. من أبرز أهداف الولايات المتحدة:

أولاً: إعادة هيكليّة دول المنطقة لما يخدم مصالحها: فمنذ سبعينيات القرن العشرين كان مهندسو السياسة الأميركية قد وضعوا خططًا بعيدة المدى، منها إعادة هيكليّة دول المنطقة العربيّة إلى كيانات صغيرة ضعيفة متناثرة القوى ومتناحرة، قائمة على أسس طائفيّة وعرقيّة ومذهبيّة وعنصريّة، وبذلك تكون قد حققت السّيطرة للكيان الصهيوني بتفوقه على هذه الكيانات وإزالة كل تهديد ضده، وبالتالي تكون قد أمّنت الولايات المتحدة في الوقت نفسه سيطرتها على هذه الكيانات الضعيفة، واستغلال ثرواتها وتسخير قدراتها الاقتصاديّة والنّفطيّة على غرار ما كانت قد رتبته في دويلات منطقة الخليج العربي.

ثانياً: حصار العراق وخنقه اقتصاديّاً وعسكريّاً: بعد احتلال العراق للكويت، غداة حصول العراق على إشارات إيجابيّة من قبل الولايات المتحدة ممثلة بسفيرتها في بغداد، أنّه لا مانع لديها إذا ضم العراق الكويت إليه، هنا أسرعت الولايات المتحدة مستغلة هذا الحدث، لتطبيق تنفيذ مخططها للمرحلة الأولى للقضاء على قدرات العراق العسكريّة والاقتصاديّة باستحصالها على قرارين من الأمم المتحدة الأول: إخراج القوات العراقيّة من الكويت بالقوّة، والثاني: فرض الحصار الاقتصاديّ عليه والذي استمر عشرة سنوات، وبقي حتى حرب الخليج الثانية العام 2003، واتضح أنّ مفاعيل حرب الخليج الثانية ونتائجها السياسيّة والعسكريّة بقيت غير مكتملة بسبب بقاء النّظام والكيان السياسي العراقي مستمرًا.

وهكذا بقي العراق خاضعًا لعقوبات الأمم المتحدة وعمليات التّفتيش على الأسلحة للبحث عن أسلحة الدّمار الشّامل التي تشمل الأسلحة البيولوجيّة والكيماويّة والنوويّة. هذه القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدّولي كانت حسب الفصل السّابع الذي يسمح باستخدام القوة لتطبيقها، وجعلت العراق خاضعًا إلى نظام كامل من الوصاية طويلة الأمد، وعبر تدخل عسكري أميركي بريطاني في شمال العراق وجنوبه. وخلال السّنوات الأولى لتطبيق هذه العقوبات التي عزلت العراق كليًّا عن العالم، بدأت ملامح الكارثة تظهر في التّدمير المنهجي لقطاعات العراق الاقتصاديّة، وبنيته التحتيّة وأجياله الطالعة في صورة تزايد وفيات الأطفال، وغياب الأدوية والحليب ونقص النّمو فضلًا عن التّشوهات والأمراض الناتجة عن الحرب والتلوث. ولأجل ذلك وافق العراق على صيغة النّفط مقابل الغذاء من أجل تلبية المطالب الإنسانيّة. وإذا كانت قرارات مجلس الأمن 661 و665 و666 و678 قد فرضت عقوبات اقتصاديّة وتجاريّة على العراق لإرغامه على الانسحاب من الكويت، فإنّ القرار 687 في نيسان 1991 يُعدُّ القرار الأساسيّ لعقوبات ما بعد الانسحاب من الكويت والذي ينص على تدمير أسلحة الدّمار الشّامل من أجل رفع العقوبات الاقتصاديّة والتجاريّة عنه.

ثالثًا: الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة: كان الدّافع الأمريكي لغزو العراق هو تحقيق هيمنة أمريكية سياسيّة وعسكريّة على المنطقة بشكل مباشر، وسيطرة كاملة على انتاج النفط وتسويقه وأسعاره، ولن تتحقق هذه الأمور من دون إقامة قواعد عسكريّة ووجود مباشر في المنطقة، إضافة إلى تغيير النّظام العراقي السّائد وإحلال نظام حليف. وتحدثت تقارير عديدة عن التّحريض لغزو العراق من جانب مسؤولي شركات نفط أمريكيّة كبيرة، من بينها مجموعة هاليبيرتون النّفطية التي كان ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي آنذاك يتولى إدارتها، ويستدل على ذلك أنّ وزارة الدّفاع الأمريكية (البنتاغون) منحت هاليبيرتون وحتى من دون إجراء مناقصة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 عقدين الأول بقيمة سبعة مليارات دولار لإعادة تأهيل البنى التحتية النفطيّة العراقيّة والتزوّد بالمنتجات النفطيّة المكررة في العراق، والعقد الثاني تقدم مجموعة هاليبيرتون دعم لوجستي للقوات الأمريكية في الشّرق الأوسط وآسيا الوسطى بقيمة 8.6 مليار دولار.

ولا بدّ من الإشارة إلى حدث قد وقع قبل ستة أشهر من هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 وقّع ديك تشيني عقدًا مع شركة نفط أذربيجان في سبيل تطوير قاعدة بحريّة لدعم عمليات التنقيب عن النفط في مياه بحر قزوين، وقد كانت التوقعات التي وضعتها وكالة الإعلام والطاقة في واشنطن بحدود 200 مليار برميل، لكن تبين في ما بعد أنها كانت توقعات عبثيّة فانسحبت الشّركات الأمريكيّة الكبيرة بهدوء، هذا الأمر جعل الرئيس بوش الابن ينظر للعراق فجأة للتّعويض عن نفط أذربيجان، فهو يملك ثاني احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربيّة السّعودية، أضف إلى ذلك أنّ الحقول النّفطيّة العراقيّة أغزر الحقول في العالم وأكثر قربًا من سطح الأرض، ومعدل إنتاجها يوميًّا يتراوح بين 10 إلى 11 ألف برميل يوميًّا مقارنة مع متوسط إنتاج آبار النفط في غيرها من الدّول لا يزيد عن 4 إلى 8 آلاف برميل يوميًّا، ناهيك أن تكاليف إنتاج نفط العراق منخفضة حوالي 50 سنتًا فقط مقارنة بنحو 5.3 دولار في كل من السّعودية، والكويت، وإيران.

رابعاً: إقامة الديمقراطيّة في العراق والعمل من أجل حقوق الإنسان وتخليصه من النّظام الديكتاتوري: لقد كان من الأهداف المعلنة إزاحة النّظام العراقي القائم وإقامة نظام ديمقراطي على الطريقة الغربيّة، يكون نموذجًا يحتذى به لدى العديد من دول الشّرق الأوسط، إذ بنظرهم سيصبح العراق واحة للديمقراطيّة في المنطقة. وكان أن أعطى النّظام العراقي الحجة للآخرين لينالوا منه بعد أن اتهمه الغرب باستخدام أسلحة محظورة ضد أفراد شعبه من المعارضين في مارس/ آذار 1988، إلى جانب استعماله القنابل الانشطارية وغازات سامة من بينها غاز الخردل، وغاز مثير للأعصاب إضافة لاستخدامه ملح الحمض الأزرق المعروف بالسّيانيد.

وقد ورد في مقال لبرهام فولر نائب رئيس الاستخبارات القومي في وكالة المخابرات المركزية: “لقد اضهد صدام شعبه بأسوأ طريقة أكثر من أيّ نظام عربي في التاريخ الحديث، من حيث عدد المسجونين، والذين أعدموا وقتلوا… ولذلك فإنّ الشّعب العراقي في أحسن حال بوجوده خارج نظام حكم رئيسه وحزبه الشّمولي”.

خامساً: استغلال فرق التّفتيش الدّوليّة: ولتحقيق هذا الهدف قامت عدة لجان مختصة من الأمم المتحدة بإرسال خبراء التفتيش عن أسلحة الدّمار الشّامل بعملها حتى نهاية العام 1998، وبعدما تبين للعراق أنّ تعاونه مع اللجان لا أفق له، إضافة إلى كشف محاولات تجسس وتعاون مع استخبارات أميركيّة وبريطانيّة وإسرائيليّة من قبل بعض أعضاء لجنة “أونسكوم”، قرر عدم التعاون معها، ولم يلبث أن انسحب أعضاء اللجنة في كانون الأول 1998 وهنا استغل الرئيس الأمريكي فرصة رفض الرّئيس العراقي، السّماح لمفتشي الأمم المتحدة المنسحبين بالعودة إلى البلد ليبرز تصعيدًا آخر، وهو القيام غارات جوية قام بها الجيش الأميركي والبريطاني على مواقع عراقية إمعانًا في إضعاف القدرات العسكريّة العراقيّة. وعلى الرّغم من تسليم اللجنة وثائق مهمة من قبل بعض العراقيين المنشقين الذين كانوا يشغلون مراكز مهمة. فإنّ الولايات المتحدة استمرت في تصعيد الموقف ضد النّظام العراقي.

سادساً: الإيحاء بأن العراق تهديد لجيرانه وضرورة إسقاط نظامه بالقوّة العسكرية: إذ في العام 1998 أعد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك دونالد رامسفيلد ونائبه بول ولفويتز تقريراً وجهاه إلى قيادة الحزب الجمهوريّ، يحذران فيه من إمكانيّة استخدام صدام حسين لأسلحة الدّمار الشّامل تمهيدًا ليصبح القوّة الفاعلة في الشّرق الأوسط، وفي العام 2000 تبين أنّ هناك تقريرًا آخر كتبه رامسفيلد مع نائبه وديك تشيني نائب الرئيس الأميركي مفاده أنّ هناك حاجة لنشر قوات أمريكية واسعة في الخليج العربي. وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 بات رامسفيلد يريد حربًا ضد أفغانستان والعراق.

 

الاستراتيجيّة التي اعتمدتها الولايات المتحدة لغزو العراق:

منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 أصبح جليًّا أنّ هناك تغيّرًا في السّياسة الأميركيّة تجاه العراق. والانتقال من سياسة الاحتواء والرّدع التي كانت تمارسها الولايات المتحدة منذ تأسيس وزارة الدفاع الأمريكية في 1947، وامتداد هذه السياسة حتى العام 2001، لتصبح بعدها مرحلة الاحتواء العسكري أي سياسة هجوميّة لأيّ نظام معاد لها يهدد مصالحها القومية، بل وتدعيم تفوقها في الهيمنة الشّاملة على العالم من خلال دعم الأمن الأمريكي، وأخذت الدّعاية الأمريكية تحقيقًا لمصالحها تدعو لإسقاط نظام حكم صدام حسين، وإحلال نظام حليف لها بوصفه نظام معاد لها. علمًا أنّها انتهجت هذه السياسة في أفغانستان قبلًا ومع حركتيّ طالبان والقاعدة. ولأجل المضي بشكل قانوني في سياستها هذه استحدثت وزارة الأمن القومي، وما ساعدها على ذلك صعود تيار اليمين المتشدد الجمهوري وإمساكه بالسياسة الداخلية. وفي اليوم التالي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، حصل الرئيس بوش الابن على موافقة الكونجرس، كقرار مشترك يجيز له استخدام القوة العسكريّة ضد من ساهم أو نفذ الهجمات، واستغلها الرئيس الأمريكي في قوله بوجود ارتباط بين هذه الهجمات وبين النّظام العراقي، كما حصل الرئيس الأمريكي على موافقة مجلس الشيوخ بتفويض باستخدام القوّة ضد العراق. لقد شكلت أحداث 11 أيلول قرارًا حاسمًا لإعلان الحرب على الإرهاب، تحت غطاء الدّفاع الشّرعيّ للرد على اعتداء 11 أيلول وذلك من خلال قراري مجلس الأمن 1368 بتاريخ 12/9/2001 والقرار 1373 بتاريخ 28/9/2001 ومن دون تفويض من مجلس الأمن، وهكذا استطاعت الولايات المتحدة على موافقة مجلس الأمن لشنّ حرب استباقيّة ضد من يشكل تهديدًا لمصالحها في أيّ منطقة بالعالم تحت غطاء الحرب على الإرهاب.

الرّبط بين الحرب على الإرهاب والحرب على العراق:

ومن أجل تحقيق هذا الهدف بدأت حملات دعاية ضد النّظام العراقي قبل عام من الغزو، عملت الولايات المتحدة على تضخيم الخطر العراقي، فأسرعت بعد ثلاثة أيام من وقوع أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وقبل الوصول إلى أيّة إثباتات في التّحقيق، باستهداف العراق عبر نائب وزير الدّفاع بول ولفويتز بقوله: “إنّ مواجهة الإرهاب لا تعني اعتقال النّاس فقط بل كذلك إنهاء الدّول التي ترعى الإرهاب”. وبعدها بأيام قام بتسرب تقرير (تبين فيما بعد أنّه غير صحيح) ونفته الحكومة التّشيكيّة أيضًا، عن اتصال محمد عطا، أحد خاطفي الطائرات، مع ضابط مخابرات عراقي في براغ، وعن احتمال أن يكون نظام صدام حسين قد قام بتمويل هذه العمليات. وهنا لم تثبت تهمة الإرهاب ضد العراق، فلجأت الإدارة الأمريكية لإلصاق تهمة أخرى ألا وهي أسلحة الدّمار الشّامل. وفي أحد خطابات الرئيس الأميركي بوش الابن أدرج العراق مع إيران وكوريا الشّمالية وسوريا فيما أسماه “محور الشرّ” الذي يسعى لامتلاك أسلحة الدّمار الشّامل.

كل هذا يؤكد أنّ العراق لم يكن مستبعدًا منذ اللحظة الأولى لوقوع أحداث أيلول، بل وقبلها، وأنّه جرى التّحضير للغزو عبر الحصار الاقتصاديّ وإضعافه لمدة تزيد على عشر سنوات. وما أكد على ذلك أنه خُطِط للغزو الأمريكي قبل التّاسع من أيلول/ سبتمبر العام 2001 بمدّة طويلة، وهو ما أشار إليه رئيس السياسة الخارجيّة للاتحاد الأوروبيّ السّابق والأمين العام السّابق لحلف الناتو خافيير سولانا، أنّ بوش على الرّغم من التّرويج للحرب كجزء من “الحرب على الإرهاب” فإنّ بوش جعل من العراق واحدة من أولوياته في السياسة الأمنيّة بعد أولوية انتخابه رئيسًا في العام 2000.

قبل ستة أسابيع على بدء غزو العراق قال وزير الخارجيّة الأمريكيّة كولن بأول في خطابه أمام مجلس الأمن الدّولي بتاريخ 5 شباط 2003، بتأكيده امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل وكيميائي، وكذلك دعم نظامه الإرهاب الدّولي وسعيه إلى صنع أسلحة نووية. رافق خطاب باول هذا عرض بيان مدعوم برسوم توضيحيّة، وتابع بالقول: “ومن أجل هروب نظام صدام من ضوابط المراقبة الصّارمة من قبل مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، تم تحويل أسطول الشّاحنات في العراق إلى مختبرات كيميائيّة ومخابئ للأسلحة البيولوجيّة”. فيما بعد وصف باول هذا الخطاب العام 2005 بأنّه وصمة عار في حياته المهنيّة.

في المحصلة لقد ساعدت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 الرئيس الأمريكي بوش الابن في عدة أمور منها أولاً في تغيير المزاج الشّعبيّ الأمريكيّ الذي أحس بتهديد في أمنه القوميّ، وأصبح أكثر تقبلًا وداعمًا لسياسة التّدخل العسكري وإلى التّحرك أو الحرب الاستباقيّة تحت حجة القضاء على الإرهاب، وبالطبع استغل اليمين الجمهوريّ المتشدد في الإدارة الأميركيّة هذا التغيير لصالحه، وانتقل إلى سياسة ضرب المناطق المتهمة بإيواء الإرهاب بدءًا بأفغانستان ثم ضرب حركة طالبان بزعامة أسامة بن لادن التي اتهمت بأنّها هي من ارتكب أحداث 11 أيلول مباشرة بعد وقوع الهجوم على برج التّجارة العالميّة في نيويورك، وضرب حركة القاعدة، ثم ربط الأحداث والانتقال بها إلى الحديث عن “محور الشّر” الذي تمثله الدّول التي تسعى لامتلاك أسلحة الدّمار الشّامل، وهي إيران والعراق وكوريا الشّماليّة. والتقت هنا مصلحة الكيان الصهيونيّ المسمى “إسرائيل” بقيادة شارون مع المصلحة الأمريكيّة في ضرب العراق وإضعافه كونه يعدُّ في نظر محلليها العسكريين العمق الاستراتيجي لسوريا ولبنان وفلسطين وفي ربط نضال الفلسطينيين لاسترجاع أرضهم وتحريرها بالإرهاب، وبالتالي فإنّ إضعاف العراق وإخضاعه سيسهل إخضاع الأطراف الأخرى، ولا ننسى أنّ مسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وهي مسألة حيوية بالنسبة إلى صنّاع القرار الأمريكيين والإسرائيليين فستصبح أكثر سهولة إذا ما أُخضِع العراق وأُحِلّ نظام حليف لهم. والدّافع الثاني الأكثر حيوية لصانع القرار الأمريكي هو تحقيق هيمنة سياسيّة وعسكريّة على منابع النّفط وسيطرة فعليّة على إنتاجه وتسويقه وأسعاره، ولن يحصل ذلك من دون إقامة قواعد عسكريّة قرب منابعه.

وكما رأينا فقد تمت المرحلة الأولى للوجود العسكري الأمريكي المباشر العام 1991 في الخليج والجزيرة العربيّة. في الوقت نفسه عملت إدارة الرئيس بوش على تجميع المعارضة العراقيّة في محاولة للاستفادة منها، وفي مطلع سنة 2003 يناير/ كانون الثاني، أعلن جورج بوش الابن في خطاب ألقاه بقاعدة “فورت هود” بولاية تكساس وهي أهم القواعد العسكرية الأمريكية، أن “بلاده جاهزة ومستعدة للتحرك عسكرياً إذا رفض العراق نزع أسلحة الدّمار الشّامل التي يملكها”. وأضاف “أن بلاده لا تريد غزو العراق وإنّما تحرير الشّعب العراقي” وأعرب عن ثقته في “تحقيق نصر حاسم لأنّ أمريكا تمتلك أفضل جيش في العالم”. كما اتّهم الرئيس جورج بوش صدام حسين بأنّه يمثل تهديدًا حقيقيًّا لأمريكا وحلفائها لأنّه استخدم أسلحة الدّمار الشّامل سابقًا كما استخدمها ضد شعبه، واتهمه بــ “تحدي مطالب الأمم المتحدة بعدم تقديم إقرار جدير بالثقة عن برامجه للأسلحة النوويّة والبيولوجيّة والكيميائيّة لمفتشي المنظمة الدّوليّة، الذين استأنفوا عملهم في العراق في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، وذكره بالاسم كجزء من “محور الشرّ”. وساعدت بريطانيا ممثلة برئيس وزرائها بحملات الدّعاية هذه ضد العراق لاسيما تقارير منظمات حقوق الإنسان، واستخدمتها بشكل سياسي لخدمة المشروع الأمريكي بتبرير استهداف العراق. كما استخدمت إحكام قبضة صدام حسين على العراق كحجة تبرير الغزو. وفي خريف العام 2002 نشرت الحكومة البريطانيّة برئاسة توني بلير تقريرًا يحذّر من “المخاطر التي يشكلها امتلاك العراق أسلحة دمار شامل” وذلك في محاولة لكسب تأييد الشّعب البريطاني والرأي العام العالمي لصالح القيام بغزو العراق.

 

المعارضة الدّوليّة للحرب على العراق:

أخذ الجو الدولي لاحقًا يتغير لمصلحة العراق، وضرورة إنهاء العقوبات عليه وبدأت علاقاته تتحسن تدريجيًّا مع جيرانه، كما أصبحت دول الخليج بما فيها الكويت لا تؤيد حربًا على العراق، ومثلها قطعت فرنسا وروسيا والصين وأخذت جميعها تعقد اتفاقات تجاريّة واقتصاديّة معه. لكن بعد فشل الولايات المتحدة وبريطانيا في الحصول على قرار دولي يسمح بالحرب على العراق، اجتمع الرئيس بوش الابن ورئيسا وزراء كل من بريطانيا واسبانيا في “جزر الأزور” في 17 آذار 2003، ووجهوا إنذارًا للأمم المتحدة باستصدار قرار للحرب على العراق، وإلا سوف يضطروا إلى الذّهاب للحرب عليه من دون تفويض. بينما الدول الثلاث الأخرى فرنسا وألمانيا وروسيا كانت من الأساس رافضة لفكرة الحرب وقد أكدت من خلال إعلان مشترك في اليوم السّابق، أن استخدام القوة يجب أن يكون الخيار الأخير.

وأعرب الرئيس الفرنسي عن معارضة شديدة للتدخل العسكري، ما عكر صفو العلاقات بين باريس وواشنطن، وقال الرئيس الفرنسي آنذاك واصفًا الحرب على العراق: “بالنسبة لنا تعد الحرب دائمًا دليلًا على الفشل وأسوأ الحلول، لذا يجب بذل الجهود لتجنبها“(كانون الثاني/ يناير 2003).

أمّا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقال: “إذا سمحنا بأنّ يحل قانون القوة محل القانون الدولي، حينئذٍ سيكون مبدأ حرمة سيادة الدول محل شك” (مارس/ آذار 2003).

كما عبر ساسة أمريكيون عن قلقهم، من بينهم باراك أوباما، الذي كان ما يزال يشغل في ذلك الوقت منصب سيناتور ولاية ألينوي: “لا أعارض جميع الحروب، بل أعارض الحرب الغبيّة، حرب لا تتأسس على سبب، بل على الرّغبة، لا مبدأ لها، بل تتأسس على السياسة”. في لندن تجمع حشد تجاوز المليون شخص في مسيرة كبيرة احتجاجًا على الحرب.

كما أعرب واحد من الشّخصيات الرئيسة في حكومة رئيس الوزراء توني بلير زعيم الأغلبيّة العماليّة في مجلس العموم ووزير الخارجيّة السّابق روبين كوك، وقد قال: “المجتمع الدّولي والرأي العام البريطاني غير مقتنعين بسبب ملحٍ لهذا العمل العسكري في العراق”.

أمّا ملك الأردن عبد الله الثاني فقال: “نعارض بشدة قتل النّساء والأطفال، نحن مع شعبنا الرافض للغزو” (أبريل/ نيسان 2003).

من جهة أخرى نجد أنّ نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يقول: “أؤمن بأنهم سيستقبلوننا كمحررين” (مارس/ آذار 2003))

وقد ساد اعتقاد كبير بأنّ مدة الحرب ستكون قصيرة، وأشار لذلك وزير الدّفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد العام 2002 بقوله: “خمسة أيام أو خمسة أشهر، لكن بكل تأكيد لن تطول أكثر من ذلك”.

وعلى الرّغم من احتجاج مئات الآلاف من الأشخاص في شتى أرجاء العالم. كان الهدف في ذلك الوقت تدخلًا سريعًا في إطار حملة تهدف إلى الإطاحة بنظام صدام حسين، الذي قاد البلاد منذ العام 1979، وإحلال نظام حليف لهم. وكان العراق يملك حسب زعم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ما وصف بأسلحة الدّمار الشّامل، ويطور الجمرة الخبيثة وغاز الأعصاب وأسلحة نووية، فضلًا عن دعمه للإرهاب وإبراز عدائه لأمريكا.

 

بَدء الحرب:

بدأت عملية الغزو في 20 آذار 2003 واستمرت 19 يوماً في عملية أطلق عليها “تحرير العراق”، وسقط النظام العراقي في 9 نيسان 2003، ونشر التّحالف الذي ضم بريطانيا وعشرين دولة أخرى، إضافة لقوى المعارضة العراقية، والتنظيمات المقيمة في المهجر مثل حركة الأحزاب الشيعيّة اللاجئة بإيران، وحزب الدّعوة، والمجلس الأعلى للثورة الإسلاميّة في العراق، وحركات أخرى، بقيادة الولايات المتحدة قوات قوامها 200 ألف جندي، على الرّغم من عدم وجود تفويض من الأمم المتحدة.

وبات على المحتلين إثبات وجود أسلحة الدّمار الشّامل ففي الأول من أيار أعلن الرئيس الأميركي بوش أن “الجزء الأكبر من العمليات العسكرية قد انتهى”، ما لبث أن صرح في 29 مايو/ أيار 2003 “عثرنا على أسلحة الدّمار الشّامل”. أمّا وزير الخارجية الأمريكي كولن بأول فقال: “كلّ تصريح لي اليوم يستند إلى مصادر قوية، هذه ليست تأكيدات، نحن نقدم لكم حقائق واستنتاجات تستند إلى استخبارات قوية”.

 

لكن هذه التبريرات التي انطلقت منها الحرب الأمريكية على العراق، والتي كان من بينها القضاء على أسلحة الدّمار الشّامل تبين زيفها وعدم واقعيّة بعضها الآخر وهي بناء الديمقراطية في العراق، والتّدخل من أجل حقوق الإنسان، وتحول العراق لمركز للإرهاب، عوضًا من أن يكون موقعًا لمحاربته، وتحول هدف الإدارة الأمريكية المعلن الحفاظ على استقرار الأوضاع في العراق إلى هدف أدنى منه.

 

مستقبل العراق بعد الغزو

لقد شكل دخول القوات الأميركية للعراق حال من فوضى عارمة، لا سيما بعد قرار الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بحل الجيش العراقي وأيضًا حل حزب البعث العراقي في 16 أيار 2003 على الرّغم من أن أعضاء هذا الحزب وأنصاره يقدر عددهم بالملايين وتجريد نحو 23 ألف بعثي من الوظيفة العامة، وبات أغلب المواطنين العراقيين عاطلين عن العمل وحُرِم مئات الألوف من أعمالهم، رافق ذلك تصرفات أمريكيّة وحشيّة واستخدام الجواسيس والمخبرين والاعتقالات الجماعيّة، والاستجوابات الخشنة وغيرها من تصرفات لا تتماشى مع ما نادى به دعاة احتلال العراق.

نقلت السّلطة في العراق إلى حكومة مؤقتة في شهر يونيو/ حزيران، وحُلت سلطة التّحالف المؤقتة التي أنشأها الأميركيون. كما أعلن دستور البلاد الذي أرسى الفيدراليّة عن طريق إجراء استفتاء في أكتوبر/ تشرين الأول 2005. إلا أنّ النّخب السياسيّة في توليها للسّلطة في العراق انطلقت من تصورها للمسار الانتقالي من عقد تاريخيّة، ما يعني أنّها حولت المسار الانتقالي إلى فضاء صراعي وما ذلك إلا من أجل تثبيت سلطتها، وهو ما أدى إلى انزلاق البلاد في عنف طائفي بلغ ذروته خلال 2006-2007 وما ذلك إلا بسبب ظاهرة انتشار الأحزاب، التي تمخضت عن حالة جديدة من الاصطفاف الطائفي الذي لم يشهد مثله تاريخ العراق السياسي منذ تأسيس الدولة العراقيّة العام 1921، إضافة إلى تدهور الوضع الأمني بسبب الممارسات اليومية لقوات الاحتلال. إنّ ظاهرة انتشار الأحزاب السياسيّة أوجد حالة عسكريّة دائمة في البلاد، فضلًا عن قيام بعضها بتشكيل تنظيمات مسلحة لها لمواجهة الأحزاب المنافسة لها والنّشطة على السّاحة السياسيّة. ومن تداعيات استمرار الاحتلال الأمريكي ظاهرة الحدود الدّوليّة المفتوحة بين العراق ودول الجوار المحيطة به وقد استمر لمدّة طويلة الأمر الذي فتح الباب أمام المتسللين الأجانب للدخول إلى العراق، وكان من ضمنهم عناصر تشتغل بالإرهاب والتخريب.

كما أن تأخير إعادة بناء الجيش العراقي والمؤسسة العسكريّة، والأمنية بتشكيلاتها المختلفة من جيش وقوى الأمن الدّاخلي وغيرها بعد تسريح كلّ أجهزة المؤسسة العسكريّة أثبت خطأ التّصورات الأمريكيّة لهذا الإجراء؛ وأدى لانفلات الوضع الأمني ما دعا لإعادة التفكير ببناء الجيش العراقي، ليكون المساعد الرديف لقوات وزارة الدّاخلية في التصدي للوضع الأمني المتدهور في العاصمة بغداد وبقيّة المحافظات. وظهر أيضًا خطر تقسيم العراق بعد انهيار الدّولة، والسلطة ما أتاح لبعض السياسيين الطموحين الفرصة لبناء فيدرالية كأساس للنظام الجديد. إلا أنّ المبادئ الأساسية من الدّستور العراقي قطعت الطريق على مثل هؤلاء الطموحين بعد أن أصبح دستور العراق الجديد نافذ المفعول إثر الاستفتاء الشّعبي الذي أجري في 15 تشرين الثاني 2005 والذي ينص على أنّ “جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديمقراطي اتحادي“.

 

إخفاق التّدخل العسكري الأمريكي في العراق

تعرضت القوات الأمريكية يوميّاً إلى عشرات العمليات القتاليّة ضدهم، إضافة للضغط النّفسي والصحي السيء الذي أخذت تعانيه القوات الأمريكيّة. وقد فقد الجيش الأمريكي تأثيره الشّعبي بعد أن مارس أنواع القمع كافة ضد المجتمع العراقي، وانتهكت حقوق الإنسان وجعلت من الشّعب العراقي رهينة، فضلاً عن السّجون بين سرية وعامة وخاصة، يمارس فيها شتى أنواع التّعذيب حتى الموت والإذلال.

وتحت وطأة التّعثر السياسي وفشل الإدارة الأمريكية في احتواء الوضع السياسي العراقي، ظهرت بوادر تراجع أمريكيّة عن التمسك بفكرة الهيمنة على العالم بسبب كلفتها الهائلة، التي لم يعد دافع الضرائب الأمريكي قادراً على تحملها، فالفشل السياسي والعسكري الأمريكي في أفغانستان والعراق دفع عدد من الخبراء الأمريكيين إلى التأكيد على أنّ استراتيجيّة أمريكا الأمنية بعد العام 2001 قد فشلت تماماً إلى الحدّ الذي صار يضغط بانتهاء الهيمنة الأمريكيّة على منطقة الشّرق الأوسط، فكان ذلك دليلاً على فشل دعاة الاحتلال بمقولتهم لنقل العراق لحال أفضل.

استمر احتلال العراق من قبل القوات الأميركية حتى 18 ديسمبر/ كانون الأول 2011. لكن الوجود العسكري الأمريكي في العراق اتسم بالافتقار لاستراتيجيّة واضحة منذ بداية الغزو باستثناء السياسة المعلنة عن تأسيس دولة ديمقراطية في العراق، وبينما لم يكن هناك تغيير فعلي في الأهداف بعد العام 2011 وحتى العام 2014 عدَّه كثير من القادة العسكريين خطأ استراتيجيًّا كبيرًا؛ لأنّه فتح المجال أمّام انتشار تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى إعادة القوات الأمريكية بعد العام 2014 حتى بلغت ما يقرب من 5000 جندي بحلول العام 2020 وعليه فإنّ الأمر متعلق دائمًا بمستوى الحضور العسكري الأمريكي المطلوب، والدّرجة التي تكون معها مخاطر الوجود العسكريّ متوازنة مع الفوائد، والمكاسب التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها.

وقد خلص باحثون أمريكيون إلى أن دعم عراق مستقر يصب في مصلحة الولايات المتحدة المستمرة على المدى الطويل، وأن هذا لا يتطلب استمرار مَهَمَّة القوات القتالية على المدى الطويل، لكنه يتطلب الحفاظ على قوة صغيرة من المستشارين العسكريين للمساعدة في تدريب وتطوير القدرات العسكريّة العراقيّة حتى يتمكن العراق من الدّفاع عن نفسه.

 

الخاتمة

كان الهدف الذي وضعته الولايات المتحدة في استراتيجيتها في المنطقة، والذي كانت قد خططت له وأعدته منذ سنة 1970، هو إعادة هيكلية دول المنطقة العربية إلى كيانات صغيرة هزيلة متناثرة القوى، أكثر مما هي عليه الآن قائمة على أسس طائفيّة، وعرقيّة ومذهبيّة، ودينيّة، وعنصريّة، وعشائريّة.

ومن هذا المنطلق نلاحظ كيف تجلت حروب الجيل الثالث في أسمى معانيها من خلال الغزو الأمريكي للعراق، وبرزت دوافع هذا الغزو، وما اعتمد أهل القرار في واشنطن من استراتيجية بالتمهيد لضرب القوة الاقتصاديّة والعسكريّة العراقيّة، منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانيّة، وما أعقبها من حرب الخليج الثانية لتحقيق أهداف متعددة.

 

بدأت إدارة الرئيس بوش الابن تخطط من خلال ما سمي بالاستراتيجيّة الجديدة واستغلال أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 لنشر الدّعاية السيئة ضد النّظام العراقيّ، بغية السّيطرة بصورة كاملة على النفط العراقي وأنظمته، بسبب اندفاعها وراء مصالحها الاقتصادية بالدرجة الأولى، متخفية وراء قضايا أيديولوجية عقائدية متلونة، وبالتالي لم تكن الغاية منها سوى تحقيق مشروع اقتصادي ضخم يهدف إلى فتح أسواق جديدة، أمام الشّركات الأمريكيّة الاحتكاريّة استكمالًا للهيمنة الأحاديّة على العالم والسيطرة على مقدراته.

لقد خلف احتلال العراق مشاهد مرعبة من البؤس والفوضى، لم تحقق الولايات المتحدة الهدف الاستراتيجي من عملية الغزو هذه، وهو السيطرة عليه سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، والمقولة بإقامة نموذج سياسي جديد يكون قدوة للدول المحيطة لم تنجح بها، بل نجد أن العراق ما يزال حتى يومنا لم ينعم بالأمن ولا بالديمقراطية التي وُعِد بها العراقيون.

 

المصادر والمراجع

الكتب

1- الألوسي، سؤدد فؤاد: الغزو الأمريكي للعراق حقائق وأرقام، الطبعة الأولى، دار المعتز، 2012.

2- أناتولي أوتكيف: الاستراتيجية الأمريكية للقرن الحادي والعشرين، ترجمة أنور محمد إبراهيم ومحمد نصر الدين الجبالى، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2003.

3-الحمداني، رعد مجيد: قبل أن يغادرنا التاريخ، الدار العربية للعلوم ناشرون، بالطبعة الأولى، يروت،2007.

4- جامعة الشّرق الأوسط: الاحتلال الأمريكي للعراق وإشكالية بناء الدولة 2003-2004، إعداد الطالب علي صباح صابر بإشراف د. محمد جميل الشيخي، رسالة أعدت لنيل درجة الماجستير.

5- سلزر، إيرون: المحافظون الجدد، نقله إلى العربية فاضل جتكر، الطبعة الأولى، مكتبة العبيكان، الرياض، 2005.

6- شربل، غسان: العراق من حرب إلى حرب صدام مر من هنا، نسخة مجمعة من جريدة الحياة، 2010.

7- الشكرجي، طه نوري ياسين: الحرب الأميركية على العراق، الدار العربية للعلوم ومكتبة الرائد العلمية، الطبعة الأولى، بيروت والأردن، 2004.

8- العلوجي، عبد الكريم: الصراع على العراق من الاحتلال البريطاني إلى الاحتلال الأمريكي، ط1، الدار الثقافية للنشر، القاهرة،2007.

9- علي، محمود محمد: المخطط الأمريكي لاحتلال العراق، الطبعة الأولى، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، 2018.

10- فرانكس، تومي: جندي أمريكي، نقله إلى العربية محمد محمود، مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى، الرياض، 1427 هـ.

11- هيكل، محمد حسنين: الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق، الطبعة الثالثة، دار الشروق، القاهرة، 2004.

 

المجلات

12-زياد ماجد: لبنان والعراق في بعض مفاصل تاريخهما الحديث، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 129، شتاء 2022.

13- بشير عبد الفتاح: تجديد الهيمنة الأمريكية، سلسلة أوراق الجزيرة 18، مركز الجزيرة للدراسات، الدار العربية لعلوم ناشرون، الطبعة الأولى، الدوحة قطر وبيروت، 2010، الموقع على شبكة الانترنت http;//www.asp.com.lb

14- دراسات الشرق الأوسط، واثق السعدون: الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في عهد الرئيس جورج والكر (دبليو) بوش 2001-2009.

المقالات

15- المركز الديمقراطي العربي، 3 ديسمبر 2021، استراتيجية الحرب الاستباقية وتأثيرها في العلاقات الدولية- دراسة حالة الولايات المتحدة الامريكية (2001-2020).

16- الحياة، 3/11/2002.

17- الجزيرة 23/12/2016 الغزو الأميركي للعراق.. مبررات واهية ونتائج كارثية.

18- واثق السعدون: الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في عهد الرئيس جورج والكر (دبليو) بوش 2001-2009، Watheq. [email protected]

19- رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق يتحدث عن دور النظام السوري في إطاحة صدام حسين.

20 – BBC News عربي 22 مارس/ آذار 2018. بعد 15 عاماً على الحرب: ماذا قال قادة العالم عن غزو العراق؟

21- Independent عربية 10 ديسمبر 2021 إليكم تسلسل العلاقات العراقية الأميركية منذ 2003.

22- طارق الشامي: ما تداعيات انسحاب القوات الأميركية من العراق؟ INDEPENDENT عربية الجمعة 9 أبريل 2021.

 

دراسة عن واقع الموارد المائية والوسائل الكفيلة بمقاومة الجفاف والتصحر في العراق 

دراسة عن واقع الموارد المائية والوسائل الكفيلة بمقاومة الجفاف والتصحر في العراق 

 

لقد أنعم الله على العراق بكميات هائلة من الموارد المائية غير متوفرة في بلدان عربية أخرى. إذ أن معظم دول الخليج تفتقر الى وجود أي أنهار أو بحيرات أو مسطحات مائية للمياه العذبة فيها، بينما تتميز أرض العراق بوجود أنهار كبيرة مثل دجلة والفرات وشط العرب بالإضافة الى وجود أنهار صغيرة مثل ديالى والزاب الكبير والزاب الصغير والعظيم والوند وسيروان والخازر. كما يتوفر فيها مسطحات مائية أخرى مثل بحيرات الثرثار والحبانية والرزازة وساوة وحمرين وبحيرات صغيرة أخرى بالإضافة الى أهوار الناصرية والعمارة. وكذلك يتصدر العراق باقي الدول العربية في كمية المياه الجوفية التي تجمعت في باطن الأرض عبر ألاف السنين. وبالرغم من وجود هذه الكميات الهائلة من الموارد المائية للمياه العذبة، إلا أن العراق يعاني في الوقت الحاضر من أزمة مائية كبيرة تتعلق بشحة كمية المياه الجارية في أنهاره الرئيسية مثل دجلة والفرات والوند وديالى وسيروان وجفاف بحيرات حمرين وساوة مما أدى الى تراجع ملحوظ في أراضي العراق الخصبة وباتت نسبة كبيرة منها مهددة بالتصحر

وأحد أسباب الأزمة المائية في الوقت الحاضر هو عدم حصول العراق على استحقاقاته المائية الكاملة لنهري دجلة والفرات من دول المنبع التي عمدت على اقامة مجموعة من السدود الضخمة على هذه الأنهر وروافدها. إلا أن مصادر في وزارة الموارد المائية العراقية تؤكد بان الجانب التركي على استعداد للتجاوب مع مطالبات العراق في الوصول الى تسوية عادلة تضمن حقوقه المائية. أما إيران التي حولت مجرى عشرات الروافد التي تصب في الأنهار العراقية مثل الوند والكارون وسيروان مما أثر على مستوى المياه في كل من دجلة وديالى وبحيرة سد دربنديخان. بل الاكثر من ذلك باتت تدفع بمياه البزل المالحة في نهر شط العرب. وقد تسببت هذه الخطوات الاحادية من الجانب الايراني الى ضرر كبير على سقي البساتين العراقية المطلة على شط العرب والمناطق العراقية الجنوبية التي يمر بها نهر دجلة. كذلك أدت مياه المبازل في الكارون الى زيادة نسبة الملوحة وتأثيرها على المياه الصالحة للشرب في محافظة البصرة. فضلاً عن تأثر الأراضي الصالحة للزراعة في ديالى بانقطاع بعض الروافد الايرانية. وهذا الموقف الايراني اللا مسؤول والمضر بحقوق العراق المائية، استغل تواطئ الذيول التابعة له والمتنفذة في سدة الحكم للمضي قدما في تجاهل موضوع التفاهم مع العراق حول إيجاد تسوية مناسبة تضمن حقوقه المائية.

أما السبب الثاني في الأزمة المائية الحالية فانه يعود الى عدم اكتراث الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 لوضع خطط بناءة  تؤدي الى ايجاد بدائل وحلول  طارئة في حالة حصول شحة في الموارد المائية  ، رغم علمها التام ومنذ زمن بعيد بمشاريع السدود العملاقة التي تقيمها كل من تركيا وايران على منابع دجلة والفرات .لأن الأولويات  لتلك الحكومات كانت منصبة بالدرجة الأولى في مواضيع لا تخص مصلحة الوطن بقدر ما تخدم بقاؤها في السلطة لأطول فترة ممكنة وكسب أكبر كمية من المغانم يتيحها لها موقعها الحكومي واشغال البلاد بصراعاتها الجانبية العقيمة .في نفس الوقت عملت تلك الحكومات على ابعاد العناصر الكفوءة وذات الخبرة الطويلة تحت ذرائع الاجتثاث أو عدم الولاء للنهج السياسي الذي تسير عليه.

المطلوب سياسة جديدة لإعادة تنظيم الموارد المائية في العراق

أصبح الواقع المائي الحالي في العراق في حالة من التردي تتطلب خطط جديدة تعمل على تخفيف الضغط عن الأنهار الرئيسية في الاستخدامات الزراعية والبشرية وذلك بتنويع مصادر المياه وتطوير مشاريع جديدة للري. بالإضافة الى ايجاد حسم نهائي الى قضية حقوق العراق المائية في نهري دجلة والفرات من دول الجوار والتي يكفلها القانون الدولي.

وتتلخص هذه الخطة في النقاط التالية:

1.استغلال المياه الجوفية لاستصلاح أراضي البادية الغربية

المياه الجوفية تتكون على شكل أحواض في الطبقات الصخرية الخازنة للمياه بباطن الأرض، وتقسم إلى نوعين متجددة يمكن تعويضها من منابعها ولو بعد فترة وغير متجددة لا تعوض عند استهلاكها. ووفق احصائية البنك الدولي فان العراق يحتل المرتبة الأولى في الوطن العربي بكميات المياه الجوفية المتجددة التي يمتلكها. وفي دراسة حديثة تم اجراؤها عام 2018 باستخدام طريقة التحسس عن بعد وقام بها المهندس الفرنسي ألن غاشيت بتكليف من الاتحاد الأوروبي، فان معظم المياه الجوفية بالعراق تتمركز في منطقة الصحراء غرب نهر الفرات ضمن الأراضي الواقعة بين الأنبار وحتى السماوة. وهذه المياه الجوفية تتجمع في خزان كبير وعميق يتغذى باستمرار من أراضي الأردن والجزيرة العربية بسبب انحداره المائل من تلك الأراضي باتجاه الأراضي العراقية. ويفصل هذا الخزان الجوفي عن المياه السطحية لدلتا نهري دجلة والفرات وجود حاجز على شكل سد يدعى أبو جير والذي يمتد من شمال العراق الى جنوبه. وكمية المياه المتجمعة في هذا الخزان الجوفي تقدر بحوالي 1700 مرة بقدر كمية المياه التي يستوعبها سد الموصل. وهذه المياه ممتدة على شكل طبقتين الأولى 10 الاف مليار متر مكعب والثانية 16 ألف مليار متر مكعب. وكان من المفترض أن يتبع هذه الدراسة المباشرة بحفر بعض الابار التجريبية عن طريق آلات حفر متطورة لمعرفة عمق هذه المياه الجوفية وخصائصها ان كانت نقية أو ملوثة. لكن وزارة الموارد المائية العراقية لم تدعم هذه الخطوة وقررت تجميد مشروع استخراجها متذرعة بأن تلك المياه هي خزين احتياطي للأجيال القادمة. وهذا التبرير غير منطقي لأنها مياه متجددة يمكن استخدام جزء منها لإحداث تغيير جذري في الطبيعة الصحراوية لأرض الجزيرة في العراق. على العكس من ذلك فان وزارة الموارد المائية سمحت بحفر أبار ارتوازية في مناطق عدة من العراق والتي تأخذ مياهها من المياه السطحية لحوضي دجلة والفرات وبعض البحيرات مما زاد في مشكلة الجفاف مثلما حصل من كارثة جفاف لبحيرة ساوه في منطقة السماوة.

علما أن تجارب الدول في استغلال المياه الجوفية قد ساعد سكان منطقة دارفور في السودان من التغلب على العطش وحول بعض الأراضي الصحراوية في السعودية الى مزارع خضراء ومراعي بالرغم من أنها لا تملك سوى 7 % من خزين المياه الجوفية الموجودة في العراق. وتوجد تجربة رائدة في الصين تم فيها استغلال المياه الجوفية لتحويل الصحراء الى غابات وأراضي زراعية.

وعلى ضوء تلك التجارب الرائدة لبعض الشعوب في استغلال المياه الجوفية، يمكن للعراق أن يستخرج فقط 1% من مياهه الجوفية لإنشاء حوالي 17 بحيرة اصطناعية في الصحراء الغربية. تمتلك كل واحدة منها كميات من الماء بقدر سد الموصل، وهو أكبر خزان مائي في العراق. وفي حالة وجود هذا العدد الكبير من البحيرات على امتداد الجزيرة سوف تتغير الطبيعة الطبوغرافية لها ويلطف الجو فيها ويؤدي ذلك الى احداث التأثيرات الايجابية التالية:

      أ- التغلب على مشكلة هبوب العواصف الترابية:

معظم العواصف الترابية التي تهب على العراق والتي ازدادت في المدة الأخيرة سببها الرئيسي هو قلة الأمطار التي أدت الى تفكك التربة وهشاشتها في منطقة الصحراء الغربية. لذا فان انشاء هذا العدد الكبير من البحيرات في الجزيرة ووجود الحرارة المرتفعة فيها سوف يزيد من عملية تبخر الماء التي تتجمع على شكل غيوم وتشجع على تساقط الأمطار. وفي حالة ارتفاع معدل كمية الأمطار المتساقطة على أراضي الجزيرة سوف تتحسن حالة التربة فيها وتزداد تماسكا وبالتالي يقلل من احتمالية تحولها الى عواصف ترابية.

ب. استعمالها في تنمية الثروة الزراعية والحيوانية:

 يمكن ربط هذه البحيرات مع بعضها البعض بقنوات مائية وطرق معبدة محاذية لها لاستغلال الأراضي الفاصلة بين البحيرات للأغراض الزراعية والمراعي وحقول الدواجن وأحواض تربية الأسماك.

ج. انشاء مناطق سياحيه

من الممكن انشاء واحات صغيرة قرب هذه البحيرات نزرع بالنخيل وتزود بالكهرباء وأنابيب اسالة الماء وتقام عليها مرافق سياحية اسوة ببحيرة الحبانيه.

د. استعمالها لإقامة حزام أخضر حول المدن

يمكن استعمال مياه البحيرات لإقامة حزام أخضر من الأشجار المقاومة للجفاف مثل النخيل يحيط بالمدن القريبة من الصحراء.

2. اقامة سدود جديدة  

بسبب اللفط الذي قامت به الكتل الحاكمة، فقد العراق لحد الآن ما لا يقل عن 1900 مليار دولار من موارده المالية دون القيام بإنجاز مشروع تنموي واحد يمكن أن يتذكره العراقيون بعد زوال هذا النظام الفاسد. حتى السدود التي هي قيد الإنشاء في الوقت الحاضر مثل سد مكحول وسد بادوش كلها بدأ التخطيط لها في عهد النظام الوطني وتوقفت تماما بعد الغزو سنة 2003. وكانت نسبة الانجاز فيها قبل التوقف تتراوح ما بين 30-40 %. وبعد مرور حوالي 18 عاما من التوقف بدأت السلطة الحالية تدرك الأن أهمية تكملة مشروع سد مكحول على نهر دجلة لما يحمله من فوائد جمة في إحياء اراضي زراعية كبيرة بين مناطق كركوك وصلاح الدين بالإضافة الى توليد الطاقة الكهربائية. حيث تم رصد موازنة مالية له عام 2021 وبوشر العمل بتنفيذ باقي مراحل السد لكن عملية التنفيذ تسير بوتيرة بطيئة بسبب وجود صعوبات كبيرة منها ايجاد أراضي بديلة للقرى التي سوف يغمرها السد وكذلك التعامل مع الأثار المهمة التي سوف تكون معرضة للاندثار. أما سد بادوش المزمع اقامته على نهر دجلة جنوب سد الموصل فهو يمتلك طاقة تخزين استيعابية من الماء مقاربة لسد الموصل ويمكن أن يكون بديلا له في حالة حصول خلل ما فيه. فضلا عن حجم الأراضي الزراعية الكبيرة التي سوف يوفرها السد ومساهمته في توفير الطاقة الكهربائية بالإضافة الى أن جسر السد يعمل على ربط الضفة الشرقية والغربية لمدينة الموصل. للأسف لم يتم لحد الأن العمل على تكملة مشروع هذا السد وذلك بانتظار اقرار التخصيصات المالية اللازمة له من موازنة السنة المالية الجديدة التي بدورها تعتمد على عملية التوصل الى اتفاق لتكوين الحكومة القادمة. لو كان العراق قد سارع في انجاز سدي بادوش ومكحول قبل عام 2019 التي تعتبر سنة فيضان لنهر دجلة، لاستطاع حينها ان يخزن ما يقارب ال 15-20 مليار متر مكعب من الماء في تلك السدود والتي بإمكانها أن تخفف من وطأة سنين الجفاف التي يمر بها البلد الآن.

في بلد مثل الأردن يعاني فقرا في الموارد المائية، تعتبر السدود المقامة فوق واد أو منخفض ترابي بهدف حجز المياه، هي الطريقة المعتمدة لتخزين المياه من وديان تتغذى من ماء المطر. وبهذه الطريقة نجح الأردن في حصاد حوالي 80 % من مياه الأمطار داخل 10 سدود تخزينية. ونظراً لقلة تكلفة تلك السدود لكونها ترابية أو حجرية فان مجوع ما صرفه الأردن على بنائها جميعا لم يتجاوز ال 700 مليون دولار. لكنها أوجدت حلا مناسبا لمشكلة المياه في الأردن فأصبح الاعتماد كليا على هذه الخزانات المائية لتوفير المياه للاستخدام البشري في عموم المدن الأردنية، وكذلك تستخدم لري المناطق الزراعية وتوليد الطاقة الكهربائية وللأغراض السياحية.

 في العراق لا يختلف معدل تساقط الأمطار كثيرا عن معدل تساقطها في الأردن، لكن عدد الوديان فيه تقريبا ثلاثة أضعاف ما هو موجود في الأردن. وبشكل خاص يوجد في العراق وادي حوران الكبير الذي يمتد لمسافة 369 كلم. في البادية الغربية وتتجمع فيه مياه الأمطار بكميات مناسبة في فصل الشتاء. وتحيط بهذا الوادي جروف طبيعية عالية ذات حافات حادة يبلغ ارتفاعها ما بين 150 إلى 200 م، ويمتاز بوجود بعض الوديان الصغيرة المتفرعة منه والواحات التي تقع في القسم الشرقي منه. وبالأصل كان وادي حوران نهراً جارياً ورافداً يصب في نهر الفرات إلّا أنه جفَّ خلال العصور القديمة. وإذا ما تم الاستفادة من التجارب الأردنية الناجحة في حصد مياه الأمطار، يمكن للعراق استغلال الوديان المنتشرة في أراضيه، خاصة تلك الموجودة في الجزيرة للقيام بإنشاء سدود تحصد مياه الأمطار. وهذه الخزانات المائية الكبيرة والغير مكلفة كثيرا سوف توفر مصدرا جديدا للمياه لا يستهان به وإذا ما استغلت بشكل مناسب تستطيع أن تخفف الضغط على كمية المياه المستهلكة من نهري دجلة والفرات.

3.استخدام وسائل متطورة للري في الزراعة

ان عملية تحلية المياه باتت من الوسائل المعتمدة حديثا في كثير من البلدان لتوفير المياه النقية وفي مدينة البصرة بالذات، نجحت كوادر عراقية مؤخرا في استخدام هذه التقنية الحديثة على نطاق محدود لتحلية مياه شط العرب. والمطلوب الأن هو تعميم هذه التجربة الناجحة على مناطق أخرى من العراق مثل تحلية مياه بحيرة الرزازة القريبة من كربلاء والتي تمتاز مياهها بنسبة أملاح عالية تجعلها غير صالحة للزراعة أو الاستخدام البشري. علما أن هذه البحيرة هي من أكبر البحيرات في العراق وتتسع لمخزون مائي مقداره نحو 26 مليار متر مكعب..

كما أن طريقة استخدام الطائرات لإحداث المطر الاصطناعي باتت هي الأخرى من الوسائل المستخدمة حديثا لري الأراضي الزراعية، وللصين خبرة كبيرة في هذا المجال يمكن الاستعانة بها.  ان لجوء العراق الى هذه الوسيلة الحديثة سوف يساعد كثيرا على تحسين التربة الجافة في أراضيه وخاصة تلك الموجودة في منطقة الجزيرة الغربية.

  1. 4. تغيير مجرى نهر الفرات عند مصب شط العرب

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، ماهي الفوائد التي يجنيها العراق من وجود شط العرب بوضعه الحالي؟ فمياهه أصبحت ملوثة وازدادت نسبة الأملاح فيها وصارت غير صالحة للزراعة والاستهلاك البشري بسبب قيام إيران برمي مبازلها الوسخة فيه. وفي نفس الوقت قامت إيران بقطع روافد المياه العذبة التي تصب في شط العرب ونهر دجلة الذي ينتهي فيه. من ناحية ثانية فان ميناء المعقل في البصرة المطل على شط العرب لم يعد يتمتع بأهمية ملاحية أو تجارية كبيرة بعد أن تم المباشرة بإنشاء ميناء الفاو الكبير. ناهيك عن أن الجانب العراقي لشط العرب أصبح قليل الأهمية ملاحيا بسبب مخلفات الحروب التي تجمعت فيه. وعلى العكس من ذلك فان الجانب الايراني لشط العرب قد خضع لعملية تعميق في السنوات الأخيرة بحثا عن النفط وأصبح أكثر ملائمة للملاحة البحرية. لذا عمدت إيران على استخدامه لإقامة عدة موانئ تجارية وقواعد عسكرية.

تاريخيا شط العرب هو نهر عراقي الا أن تواطئ الانكليز هو الذي منح الايرانيين موطئ قدم فيه وباتوا تدريجيا يستحوذون على فوائده أكثر من العراقيين. لذا فقد أن الأوان للعراق أن يعيد التحكم في مجرى شط العرب من جديد.

والخطة المقترحة لتحقيق هذه الغاية هو اقامة سد على نهر الفرات عند منطقة التقائه مع نهر دجلة في القرنة لتكوين شط العرب. ومن موقع هذا السد يتم انشاء قناة صناعية باسم “قناة البصرة” تكون اروائية وملاحية بديلة لشط العرب، تصب فيها مياه نهر الفرات بالكامل ويكون عرضها بقدر عرض نهر الفرات وعمقها مشابه لعمق شط العرب. وهذه القناة تمتد من منطقة السد الى الشرق من مدينة البصرة لتصب في ميناء الفاو الكبير. ويكون هور الحمار والاهوار التابعة له بمثابة البحيرة المائية التابعة لهذا السد بحيث يتم ربط السد مع الهور بجدول خاص ذهابا وايابا. ان أهمية هذا المشروع تكمن في تحقيق الفوائد التالية.

  1. انه نهر عراقي مئة بالمئة ولا تشاطره فيه دولة أخرى مثل شط العرب
  2. يصبح للعراق القرار الأول في التحكم بكمية المياه التي تجري في شط العرب. إذا ما أقفل السد تذهب مياه الفرات كاملة في قناة البصرة ويصبح دجلة لوحده هو مصدر المياه لشط العرب. وهذه الحالة من المحتمل أن تقلل من مستوى الماء في شط العرب فتكون الموانئ والملاحة في الجانب الايراني أكثر تأثرا من الجزء العراقي. فالعراق يمكن أن يعوض هذه الخسارة بالملاحة البديلة في قناة البصرة، أما الجانب الايراني فعليه أن يرضخ للشروط العراقية ويعيد حصة العراق المائية كاملة في نهري شط العرب ودجلة كي يستعيد نهر شط العرب مستواه العالي من الماء.

3.يمكن أن تتفرع جداول من القناة الجديدة باتجاه مدينة البصرة لتزويدها بالماء العذب لغرض الاستخدام الزراعي والاستعمال البشري وتعويضها عما تفقده من مياه شط العرب.

  1. السد سوف يوفر الطاقة الكهربائية لمدينة البصرة وضواحيها.

5 يمكن للسد أن ينعش المخزون المائي لهور الحمار وعندها يمكن استخدام هذه المياه لاستصلاح أراضي زراعية في مناطق الجزيرة الصحراوية المجاورة للهور. كما يمكن استخدامها في مشاريع تربية الأسماك والمراعي الحيوانية.

  1. من الممكن اقامة خط مرور سريع موازي لقناة البصرة يحمل البضائع مباشرة من الفاو الى القرنة دون المرور بمدينة البصرة. كما يمكن زراعة حزام أخضر من الأشجار بمحاذاة هذا الطريق لتعمل كمصد للغبار عن مدينة البصرة.
  2. انجاز هذا المشروع سوف يلطف الجو في مدينة البصرة لأنها سوف تصبح شبه جزيرة محاطة بالمياه من عدة جوانب وسوف يوفر المشروع ألاف الأيادي العاملة.

طول شط العرب حوالي 190 كم وقناة البصرة سوف تكون مقاربة لهذا الطول، علما أن قناة السويس في مصر طولها حوالي 180 كم وقبل سنتين تقريبا تم بناء قناة موازية لها بأيادي مصرية خالصة في مشروع استغرق عاماً تقريباً.  

فعندما تتوفر الارادة الوطنية الصادقة لا يوجد شيء مستحيل.

 

أ. د. مؤيد المحمودي

31/5/2022

القيادة القومية : ملحمة جنين علامة مضيئة في مسار النضال الوطني الفلسطيني

القيادة القومية : ملحمة جنين علامة مضيئة في مسار النضال الوطني الفلسطيني

 

اكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ان ملحمة جنين هي  علامة مضيئة في مسار النضال الوطني الفلسطيني ، وعلى الامة العربية ان ترتقي في دعمها واسنادها لثورة فلسطين الى مستوى التضحيات التي تقدمها جماهير فلسطين في تصديها للاحتلال الصهيوني. جاء ذلك في تصريح للناطق الرسمي باسم القيادة القومية للحزب في مايلي نصه.

 

لم تكد تمضي ايام قليلة على وقف التصعيد العدواني الصهيوني ضد غزة ، حتى بادرت قوات الاحتلال الى اقتحام مدينة جنين ومحاصرة مخيماتها ، وهو ما ادى الى مواجهة بطولية بين القوات الصهيونية المؤللة والمقاومين الذين تصدوا لقوات العدو بالامكانات المتاحة اسفرت عن تدمير سبعة اليات للعدو وايقاع العديد من الجرحى في صفوفه ، مما اضطره لنقلهم من ساحة المواجهة بالطوافات العسكرية .

ان هذه المواجهة التي ادت الى استشهاد خمسة مقاومين وجرح العشرات من سكان المدينة والمخيمات ، تشكل علامة مضيئة في مسار النضال الوطني الفلسطيني وتوجه رسالة للقاصي والداني ، بان شعبنا في فلسطين المحتلة ، مصمم على التمسك بارضه والدفاع عنها حتى الاستشهاد ، ولن يمكن العدو من تنفيذ مخططه الرامي الى تهجير جماهير فلسطين وفرض الصهينة على كل معالم الحياة فيها. 

واذا كان العدو قد اختبر صلابة المقاومة وقدرتها على المواجهة في كل المعارك التي خيضت على ارض فلسطين منذ اطلقت الثورة الفلسطينية رصاصتها  الاولى ، فان الارادة الوطنية الفلسطينية ، تشتد اليوم صلابة وهي تقاوم العدو والته الحربية باللحم الحي ، وهي تترجم هذه الصلابة في تجديد ثورتها عبر كافة اشكال الكفاح الشعبي وخاصة المسلح منه. 

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، اذ توجه التحية لجنين ومخيماتها  ولجماهير شعبنا على مساحة كل فلسطين ، وتكبر فيها روح المقاومة وهي تقدم  قوافل الشهداء دفاعاً عن حقها في التمسك بارضها وحماية مقدساتها في القدس والخليل واعيانها الثقافية وارثها التاريخي ، تدين مواقف النظام الرسمي العربي الذي يقف متفرجاً على ما تتعرض له جماهير فلسطين من قتل وتدمير ودفع نحو “ترانسفير” جديد ، لا بل اكثر من ذلك ، فان بعض هذا النظام يواصل عمليات التطبيع مع العدو ،ويفرض حصاراً مالياً وسياسياً على ثورة فلسطين في نفس الوقت الذي يوسع فيه من مساحة علاقاته السياسية والاقتصادية وحتى الامنية مع الكيان الصهيوني. فالعدو الصهيوني ، ما كان ليصعد من عدوانه واجراءاته القمعية في الارض المحتلة ويقتحم الاقصى ويهدد يومياً بتغيير معالمه ، لو لم يكن مطمئناً الى الموقف الرسمي العربي المتخاذل ان لم يكن المتواطئ معه. 

ان القيادة القومية للحزب  ، وهي تعيد التأكيد على الموقف الذي يستحضر مقولة القائد المؤسس الاستاذ ميشيل عفلق ، بأن فلسطين لن تحررها الحكومات وانما الكفاح الشعبي المسلح ، تستحضر في الوقت ذاته مقولة القائد الشهيد صدام حسين ، بان فلسطين بحاجة الى الحضن القومي الدافئ ، لان جماهير فلسطين تخوض معركة الامة العربية على ارض فلسطين ، ومن واجب الامة احتضانها وحمايتها وتوفير كل وسائل الاسناد لتعزيز صمودها اهلها ورفع وتيرة المواجهة وتكبيد العدو ما لا يتوقعه من خسائر بشرية ومادية مع اطلاق اوسع حملة سياسية ضده باعتباره  كياناً يغتصب ارضاً لشعب طرد منها بالقوة ، وان المواثيق الدولية كفلت للشعوب حقها في المقاومة وتحرير ارضها من الاحتلال .  وان على المجتمع الدولي ان يلاقي الموقف الموقف الوطني الفلسطين من اجل تمكين شعب فلسطين من تقرير مصيره وهو الذي  بات رأس حربة في مواجهة احتلال استيطاني كما مواجهة  اخر نظام للفصل العنصري في التاريخ المعاصر. 

تحية  لجنين ومقاوميها وتحية لكل فلسطين  وثورتها ، وتحية لشهدائها ، والشفاء لجرحاها ، والحرية لاسراها ومعتقليها ،والخزي والعار للمطبعين والمتخاذلين الذين  يبيعون قضية شعب وامة بثلاثين من الفضة .

 

الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

د. احمد شوتري

في ٢٠٢٣/٦/٢٠

النص الكامل للخطاب التاريخي للرفيق المجاهد قائد الجهاد والتحرير عزة إبراهيم الدوري حفظه الله والموجه إلى مؤتمر القمة العربية المنعقد في مدينة سرت الليبية

 

النص الكامل للخطاب التاريخي للرفيق المجاهد قائد الجهاد والتحرير عزة إبراهيم الدوري حفظه الله والموجه إلى مؤتمر القمة العربية المنعقد في مدينة سرت الليبية

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(يا أيها الذين امنوا هل أدلكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌٌٌ لكم إن كنتم تعلمون)

 

صدق الله العظيم

 

 

 

الأخ القائد معمر القذافي رئيس مؤتمر القمة العربية (الثاني والعشرين) ..

الأخوة الملوك والرؤساء والأمراء أعضاء القمة العربية ..

أُحييكم بتحية العروبة ورسالتها الخالدة الإسلام الحنيف فأقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

 

لقد كان عراقكم العظيم بشعبه الأبي وبتاريخه المجيد وامتداده الحضاري الضارب في عمق الزمن وبما يملك هذا البلد من طاقات وإمكانات وإبداعات هائلة يقف على الدوام إلى جانب الأمة يشد أزرها ويصوب خُطاها نحو كل ما يحقق عزتها وكرامتها وحريتها واستقلالها ، لقد وقف معكم في كل المنعطفات التاريخية الكبيرة الخطيرة على امتداد العقود الأربعة الماضية ، قدم على مذبح حرية الأمة وتحررها واستقلالها ووحدتها أوسع التضحيات وأغلاها حتى قدم الذي ترونه اليوم وتعرفونه ، قدم قيادته الثورية الوطنية المؤمنة ، قدم أكثر من مائة وسبعة وعشرون ألف من رجال وفرسان طليعته الثورية الوطنية القومية المؤمنة ، قدم أكثر من مليون ونصف المليون من أبنائه البررة خلال السنوات السبع في صراعه مع الغزاة المحتلين في معركة الحرية والتحرير والاستقلال ، قدم ملايين المشردين والمهجرين ، دُمِرَ بِنائهُ الحضاري تدميرا شاملاً وعميقا فلم يبقى أثرا للحياة في وطنه ولا زال يقدم وبسخاء قل نضيره في تاريخ الأمة وسيبقى يقدم المزيد على مذبح حريته واستقلاله حتى التحرير الشامل والعميق فيعود إلى أحضان أمته كما كان على امتداد تاريخها الطويل طليعة لمسيرتها الكفاحية نحو حريتها ووحدتها وغَدِهَا الأفضل ..

 

أيها الأخوة أعضاء المؤتمر:

 إن ما قدمه العراق من تضحيات باهظة كان ثمناً لمواقفه من حرية الأمة واستقلالها وتوحيد جهدها وجهادها ، إن ما قدمه العراق من تضحيات باهظة كان ثمنا لموقفه البطولي ضد الهجمة الفارسية الصفوية على الأمة فحطمها وحفظ للأمة عزتها وكرامتها ، إن ما قدمه العراق كان ثمنا لموقفه الشجاع من قضية فلسطين الحبيبة ، إن ما قدمه العراق من تضحيات باهظة كان ثمنا لهويته العربية الإسلامية الإنسانية ومشروعه الحضاري النهضوي ، إن ما قدمه العراق من تضحيات باهظة كان ثمنا للتصدي البطولي للأطماع الامبريالية المتصهينة ومشروع الصفوية الفارسية في الأمة ، واني أقول لكم اليوم ومن خلالكم لامتنا وشعبنا العربي على امتداد وطن العروبة وأقول للدنيا كلها وبشكل خاص للغزاة المحتلين وحلفائهم وعملائهم ، إنا نحن أبناء العراق وشعبه المجيد ، أحفاد علي والحسين عليهما السلام، أحفاد سعد وخالد والمثنى ، أحفاد القعقاع وصلاح الدين وقتيبة ، نحن أبناء العراق شعب الحضارات العميقة المجيدة الضاربة في أعماق التاريخ نحن أبناء الحضارة التي اخترعت الحرف وعلمت الإنسانية الكتابة والقراءة ، نحن أبناء الحضارة التي اخترعت العجلة وأسست قاعدة العلوم الحياتية التي على أركانها قامت الحضارة الإنسانية المعاصرة ، فنحن راضون بما قدمنا للأمة بل نحن فرحون ونختال اليوم زهوا وعزا وفخرا بما قدمنا وما حققنا للأمة وللإنسانية وبما صممنا على تقديمه وتحقيقه لامتنا على امتداد مسيرتها الكفاحية الجهادية حتى تحقيق أهدافها في الحرية والتحرير ، وفي الوحدة والتوحد ، وفي تحقيق المستقبل الذي يليق بها وفي دورها في الحياة على الأرض ، ولكننا وفي نفس الوقت لم نرضى ولن نرضى على موقفكم من شعب العراق العريق الشهم المجيد وخاصة في مؤتمراتكم القومية التي أفرغتموها من محتواها وجردتموها من أهدافها النبيلة التي أُسِسَتْ هذه القمة من اجلها ، لقد أُسِسَتْ هذه القمم لكي تعبر في مواقف شجاعة وقرارات جريئة عن إرادة الأمة وشعبها ولكي توظف إمكانات الأمة وطاقاتها الرسمية الهائلة للدفاع عن قضاياها الأساسية والمصيرية ..

 

أيها الأخوة أيها الأشقاء أعضاء المؤتمر:

 لقد مضى على احتلال العراق سبع سنوات طوال قد خاض وطيسها شعب العراق العظيم المجيد وحده ليس لديه ولا معه إلا الله القوي العزيز ثم مقاومته الوطنية والقومية والإسلامية الباسلة ، لقد خاض لهيبها وهو محاصر وللأسف وللعجب العجاب انه محاصر ممن كان محسوباً ومقرراً عمقه المبدئي والإستراتيجي في كل المعايير الوطنية والقومية والإنسانية والدينية والأخلاقية ، كان محاصراً ولا يزال من النظام العربي الرسمي إلا الاستثناء القليل جدا ، إن من الحكام العرب من لم يزل إلى اليوم لم يكتفي بالحصار والمحاصرة بل يضع كل ثقل بلده وإمكاناته في خدمة المحتل وعملائه وانتم أيها الإخوة والأشقاء تعلمون علم اليقين أن شعب العراق العظيم قد واجه أقوى واعتى غزو بربري شوفيني صليبي دموي في تاريخ البشرية على الإطلاق ما يسمى بالقطب الأوحد في الكون الامبريالية الأمريكية وما يملك هذا القطب من وسائل الدمار والقتل والتخريب وحليفته الصهيونية العالمية وأداتها إسرائيل اللقيطة وكل الاستعمار القديم وللأسف عاونته وسهلت له غزو العراق واحتلاله إيران جار السوء والحقد والبغضاء للأمة وتاريخها ورسالتها وعاونته بقوة على تدمير نهضته وحضارته ، لقد دخل العراق ثمان وعشرون جيشا على رأسها جيش القطب الأوحد وجيش بريطانيا العظمى ، لقد اشتركت رسميا في احتلال العراق أكثر من خمسون دولة ولقد رأيتم أيها الإخوة وسمعتم كيف انتصر شعب العراق المجيد وسحق الغزاة وهربت جيوشهم تلعن حُكَامَها وقادتها حتى سيق حاكم بريطانيا العظمى المجرم بلير إلى التحقيق والمحاكم لتوريط بلده في الاشتراك في هذه الجريمة الإنسانية البشعة ، وسيحاكم بوش بعده إن طاولت دولته أكثر في البقاء تحت ضربات المقاومة الوطنية الباسلة وقدمت المزيد من الخسائر والاستنزاف للشعوب الأمريكية .. فانظروا أيها الإخوة لم يبقى اليوم في العراق إلا بعض فلول الامبريالية الأمريكية المرعوبة المنهارة سحبتها من الميدان إلى قواعد تحسبها أمينة فهي لا تستطيع الخروج من جحورها إلا وفق خطة معدة سلفا وفي حماية قوات كبيرة من تشكيلات العملاء العسكرية ، لقد رَكْعَ هذا الشعب العظيم هذه الجيوش وعلى رأسها جيش القطب الأوحد على أعتابه الشريفة ، وستتولى المقاومة بإذن الله وتواصل الطرق على رؤوس جنودها في هذه القواعد ليل نهار وسَنُصَعِدْ الطرق ونقعد لها كل مرصد للنيل منها ولقهرها وتحطيم إرادتها حتى تهرب خاسئة ذليلة بأذن الله وقوته القوية ..

 

أيها الأشقاء أعضاء المؤتمر:

 لقد سقطت الامبريالية الغازية وحلفائها وعملائها وإدارتها المتصهينة في وحل العراق ، وستسقط الإدارة الجديدة بإذن الله إن لم تتعظ بسابقتها حتما تحت ضربات الشعب العراقي العظيم ومقاومته الباسلة طال الزمن أم قصر ، لقد انتصر شعب العراق ومقاومته الباسلة عسكريا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا وأخلاقيا ولم يبقى لدى المحتل اليوم في بلدنا إلا عمليته السياسية المخابراتية وعملائه وأذنابه وعلى رأسهم إيران الصفوية وعملائها الأذلاء ، وإنكم ترونها اليوم فهي لم تعد القوة العظمى والقطب الأوحد كما دخلت العراق غازية ومحتلة ومستعمرة ، إنها صارت تستجدي ما تطمح إلى تحقيقه اليوم سياسياً ومخابراتياً في العراق من إيران وعملائها ، وإيران في كل يوم في العراق تصفعها على خدها الأيمن فتدير لها خدها الأيسر ، واعلموا ن الخيار العسكري قد سقط وانتهى وسوف لن تعود الامبريالية الأميركية لمثله لا في العراق ولا خارج العراق إلا لزمن بعيد جدا ، واعلموا إن أمريكا اليوم لا تملك تحريك حجر في العراق يتعارض مع مصالح إيران ومشروعها في العراق وفي الأمة ، واعلموا إن أمريكا قد قدمت العراق إلى إيران على طبق من ذهب حسب إستراتيجية تقاسم المغانم والمصالح في العراق والمنطقة وهي قد سلمت إلى الأمر الواقع واستسلمت لشريكها في الجريمة مكتفية بما ستحققه لها عمليتها السياسية وعملائها بالاتفاق مع إيران وعملائها .

 

 

 

أيها الأخوة أعضاء المؤتمر:

 إن هدفنا الأول اليوم المشروع المقدس وأنتم وشعبنا العربي والخيرين في العالم معنا هو تدمير الغزاة الذين جاءوا بإيران وغيرها وطردهم من بلدنا وأؤكد لكم جازماً سوف لن تخرج إيران من بلدنا بل ستبتلعه وتتوجه إليكم إن لم تطرد أمريكا من العراق فهي رأس الأفعى وهي التي أطلقت يد إيران في العراق ولا زالت ، واعلموا أن المشروع الإيراني اليوم وتحت المظلة الأمريكية قد أصبح يدق أبوابكم الداخلية جميعا بدون استثناء إن لم تتجاوزوا عقدة أمريكا القوة العظمى التي سقطت في وحل غزوها وعدوانها وجرائمها ولم تعد إلا صنماً يضر ولا ينفع..

 

أيها الأخوة الأشقاء أعضاء المؤتمر:

 هذا ما نحن عليه اليوم الم يحن الوقت بعد كل هذا الذي حصل للعراق وشعبه وبعد أن حطم هذا الشعب العظيم قوى الغزو والعدوان وقزمها ، أن تعود قمتكم وتسجل موقفا من على ارض عمر المختار قائد الجهاد المبكر لتحرير الأمة وتحررها وما سجل من عز ومجد لها ولليبيا وشعبها العربي الثوري المجيد ، أن تسجلوا موقفا تاريخيا يرضي الله ويكون حجة لكم عنده يوم الوقوف بين يديه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، ويكون موقفا عندنا نحاجج لكم به شعبنا شعب الأعاجيب شعب العراق شعب البطولة والتضحيات ، إنها فرصة تاريخية ثمينة عليكم استثمارها ، أنضروا إلى الأمم من حولنا كيف تستثمر الفرص لصيانة حريتها واستقلالها وتحقيق مصالح شعوبها وهي اقل من امتنا عددا وعدة ( فنزويلا ـ نيكراكوا ـ كوبا ـ فيتنام ـ كوريا ـ إيران ـ تركيا وروسيا ) فإنها فرصة امتنا التاريخية اليوم قد وفرها وصنعها لكم شعب العراق ومقاومته الباسلة المجيدة ، وانتم الذين وضعكم الله القوي العزيز العليم الخبير أمناء ووكلاء على صيانة حرماتها ومقدساتها ومصالحها العليا ، أمناء على حريتها واستقلالها ووحدة مسيرتها الحضارية ..

 

إن شعب العراق أيها الأخوة الأشقاء بمقاومته الوطنية والإسلامية يطالب قمتكم اليوم بموقف تاريخي حازم وشجاع وأصيل، تعلنون فيه للدنيا موقف الأمة وشعبها العظيم في اتخاذ القرارات التالية:ـ

 

القرار الأول . الاعتراف بالمقاومة العراقية الوطنية المسلحة والغير مسلحة التي كفلتها كل القوانين والمواثيق الدولية وكل الشرائع السماوية ، إنها الحق المشروع المقدس للأمم والشعوب المحتلة أراضيها والمستعمر شعوبها من قبل قوى البغي والعدوان .

القرار الثاني . طرد ممثلي سلطة الاحتلال الغير شرعية وفق كل القوانين والمواثيق الدولية ، واستدعاء ممثلي المقاومة لتمثيل العراق وشعبه في المؤتمر وفي الجامعة العربية وفي كل مؤسسات العمل العربي المشترك .

القرار الثالث . قطع العلاقات الدبلوماسية مع المحتل الغازي ومع سلطته في العراق وإلغاء كل الالتزامات التي نشأت عن تلك العلاقات.

القرار الرابع . تفعيل ميثاق وقوانين الجامعة العربية وخاصة اتفاقية الدفاع المشترك لتصعيد الموقف الداعم لشعب العراق وقواته المسلحة ومقاومته الباسلة للوقوف بوجه الامبريالية الأمريكية وحلفائها إيران ومشروعها ألصفوي الاستعماري الخطير اتجاه شعبنا وامتنا .

القرار الخامس . تقديم الدعم الفوري لشعب العراق المهدد بكارثة الفناء ، الدعم اللازم لأرامله وأيتامه ومشرديه ومهجريه ، انه حق قومي وشرعي وإنساني مقدس لشعب العراق عليكم وعلى الأمة .

القرار السادس . الضغط على أمريكا الغازية بكل الوسائل المستطاعة للتخلي عن إيران ومشروعها ألتدميري وللانسحاب الفوري وتسليم العراق لأهله دون التمادي في إراقة المزيد من الدماء البريئة سواء كانت عراقية أم أمريكية ، واعلموا أيها الأخوة ولتعلم الدنيا وخاصة شعوب أمريكا المضللة رغم انحسار تواجد قوات الغزو في شوارع العراق وطرقاته ومدنه ولجوئها إلى القواعد المحصنة فهم يقدمون في كل يوم قتلى وجرحى على أيدي أبطال المقاومة وصناديدها وهي موثقة لدينا بكل وسائل التوثيق ولم تعلن منذ مجيء الإدارة الجديدة يجري عليها التعتيم والتستر ثم الحصار والمحاصرة من قبل دولكم ومؤسساتها المعنية الأعلام المأجور والمنحرف ..

 

أيها الأخوة الملوك والرؤساء والأمراء:

 هذه هي حقوق شعب العراق على أمته ممثلة في مؤتمركم هذا في وقفتكم الجمعية هذه نضعها أمامكم في مؤتمركم هذا فإنها مسؤولية تاريخية وشرعية، وإنها أمانة الله في أعناقكم سَتُسالون عنها تاريخيا ويوم يقوم الأشهاد ..

أحيي بعض الملوك والرؤساء الذين اشتاموا لشعب العراق وهزتهم النخوة العربية والغيرة الإيمانية بعد ما راو ما فعل الغزاة وعملائهم في شعب العراق فوقفوا إلى جانب العراق وشعبه المقاوم المجاهد ولم يطبعوا مع سلطة الاحتلال واني لأسجل لهم موقفهم وموقف دولهم هذا بأحرف من نور في سفر تاريخنا الجديد المجيد ..

أحيي شعبنا العربي في كل أقطاره وفي كل مهاجره وادعوه إلى التحرك للمزيد من الضغط المشروع على أنظمة الأمة وقادتها للوقوف بقوة إلى جانب شعب العراق المقاوم المجاهد ومحنته ..

 

أملي بكم أيها الأخوة الملوك والرؤساء والأمراء قوي وأنا أعرفكم جميعا وكنا قبل اليوم أي قبل تحقيق اندحار الغزاة وانتصار الشعب ومقاومته الباسلة نقدر ونتفهم تردد بعضكم وتخوفه أو حتى انحياز البعض إلى الغزاة وعملائهم رهبتاً ونكوصاً ، أما الآن فلا يُقَبَل من أحد التخلف أو المخادعة والمراوغة عن أداء الواجب القومي الشرعي اتجاه العراق وإن الشاهد الحق والحكم العدل اليوم هو شعب امتنا العظيم المجيد وتاريخنا الذي يسطره اليوم شعب العراق بدماء أبنائه البررة ، وإن الشاهد الحق والحكم العدل غداً هو الله القوي العزيز الذي لا تخفى عليه خافية يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو سريع الحساب وشديد العقاب ..

 

واعلموا أيها الأخوة واطمئنوا وليعلم الغزاة إننا قد اعددنا مقاومة تمتلك كل عوامل البقاء والمطاولة وتمتلك كل عوامل النمو والازدهار والتصاعد في العدة والعدد يحتضنها شعب العراق المجيد من شماله إلى جنوبه وبكل أطيافه وألوانه ، وان المقاومة بدئت تتوسع وتتصاعد ويتصاعد أدائها في جنوبنا العزيز مما أرعب الغزاة وعملائهم وعملاء إيران الصفوية الفارسية وخاصة في منطقة الفرات الأوسط في كربلاء الحسين كربلاء التضحية والفداء وسراياها الباسلة سرايا شهداء ألطف الحسينية ونجف العزة الإباء والشموخ ثم البصرة وسراياها سرايا الجهاد وسرايا الزبير ابن العوام وجيشها الجيش العربي لتحرير الجنوب ، فان المرحلة القادمة ستشهد قتال العدو على كل شبر من ارض العراق يتواجد عليه ، وان بقي الغازي مصرً على غزوه واستعماره لبلدنا واحتضانه للمشروع الإيراني الصفوي سنقاتله ونلاحقه حتى لو بقي بسفارته فقط سندمر سفارته على رأسه حتى يتخلى عن عملائه وعن أطماعه ونواياه الشريرة ويخرج بدون قيد أو شرط وسوف لن نخدع بسحب قواته أو جزء منها لتقليل خسائره التي قصمت ظهره ، وإنما الجهاد دائم ومتصاعد حتى التحرير الكامل والشامل من أي شكل من أشكال الهيمنة والسيطرة والاستغلال مهما طال الزمن وغلت التضحيات

 

وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه… والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

أخوكم عزة إبراهيم

القائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني

القائد العام للقوات المسلحة

٢٧ / أذار / ٢٠١٠ م

نص خطاب الرئيس العراقي صدام حسين-أواخر 2006

نص خطاب الرئيس العراقي صدام حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

“قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم”

“فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون”

صدق الله العظيم

 

أيها الأخوة، أيها السادة، أيها الذوات،

 

وكلّ على استحقاقه وصفته، وإلى أولئك الذين لم يخونوا العهد ولم يتناسوا الوعد والود، محبتي وعهدي، وسلام إلى شعبنا العزيز المبتلى، رجال وماجدات، وإلى قواتنا المسلحة المجاهدة ومنهم رجال المهمات الصعبة، وقوى الأمن القومي، وسلام إلى من أخطأ وتراجع، أو ظن وصحح وإلى المجاهدين والمجاهدات أكرم وأجزل السلام.

 

 

 

أيها الأخوة: ليس فيما أريد التحدث عنه تحت عنوان الدفاع، أو آخر الأقوال قبل إعلان الحكم، هو الدفاع عن صدام حسين، لأن ذات صدام حسين وموقفه لا يقبلان الدفاع عنه، وإنما عن الشعب والوطن والمسيرة.

 

ولذلك فلن أنشغل بالجزئي عن الكلي، ولا بالمحدود عن الشمول، إلا كمثله يستدل منها على الحقائق الأعم الأشمل لمن يجهلها أو نساها، وفي كل الأحوال لا يهمني أصحاب المواقف المسبقة الذين وسخوا حتى الضغينة من فرط حقدهم حتى وصلوا إلى الوصف الميئوس منه ولا يرجى شفاؤه ولذلك ليس لي فيها إلا الدعاء إلى رب العالمين أن يصلح من يشاء ويسحق من يشاء بغضبه وسخطه.

 

 

 

أيها الأخوة: ليس تقضي المداخلة في أمر إلى نتائج صحيحة إن لم يكن المدخل إليها صحيح، وعلى هذا أقول مثلما قلت من قبل شِفاها أو في مذكرات عديدة قدمتها إلى ما سُمي بهيئات تحقيق أو إلى المحكمة، ومثلما قال محامو الدفاع الشجعان، ومنهم شهداء الحق والقانون يتقدمهم الشهيد المحامي الغيور الشجاع خميس العبيدي، طيّب الله ثراهم.

 

أما رجال القضاء والقانون أو مَن حسبوا عليهما في هذه الهيئة وما حولها فلا تستبعد ان يظهر منهم مَن هو عفيف نظيف وطني شريف وقبلوا ان يكونوا على الصفة التي قبلوها لأمر ولظرف بعينه مثلما قبل الأستاذ الكريم، ابن الوطن والشعب الأستاذ رزكار ذاك في حينه، ولكنه وعندما اصطدم الحق بالباطل، وأصر ممثلو الباطل ان يعاكسوا الحق وتصوروا واهمين أنهم قادرون على ان يفرضوا الباطل على الناس الشرفاء، رفض الأستاذ القاضي الأول روزكار محمد أمين، الباطل وأهله بشرف وأعلن استقالته من رئاسة هذه المحكمة لكي لا يتحمل هو وعائلته ثقل الرضوخ لإرادة الباطل، فكان على ما تعرفون، وهكذا انتصر الأستاذ رزكار ليس لشرف المهنة التي انتسب إليها وسمعة القضاء العراقي فحسب وإنما انتصر لحق شعبه الحر الأبي ولكل شريف يرفض الغزو والباطل الذي لولاه لما ذرّ بقرنه في عراق الفضيلة والمجد السوء على ما انتم تعرفون.

 

فإليه منّا خالص التقدير وإننا لنهنيء ضميره الوطني الحي النظيف الذي دلّه على السبيل المنقذ للروح من أن تتلوث والأخلاق من أن تخضع لمساومة رخيصة، ومن خلاله نهنيء شعبنا الكردي فيه بل كل رجال القانون وشعبنا العراقي المجيد، وأرفق نص استقالته ليطلع عليها مَن لم يقرأها، واعتبرها جزءا من دفاعي هذا أمام الحاضر والتاريخ.

 

حملوا الذمة عهدا في قضائنا *** من يخزي العهد فهو خزيان

 

ناس وناس ألوان صفاتهم *** فمن هائن أو لجين وعقيان

 

 

 

أيها الأخوة… السادة… الذوات

 

يمكن للناس أن يخطئوا وأن يعودوا عن خطأهم ويصلحوا ويعفو الله وذوو الأمر من الخيرين عن ذاك، أما من يرتكب جريمة مخلة بشرف المهنة وقدسية مبادئ الشعب الوطنية والقانون قاصداً متعمداً وهو يعرف آثارها الآنية والبعيدة، فهو غير ذاك الذي لم يخطئ عن دراية أو أخطأ وإن عن دراية ولكنه تراجع ولم تفته فرصة التراجع، وإن مَن يعرف القانون في الحق والواجبات معرفة المختص، غير مَن تكون معرفته في ذاك معرفة المكلف بعدم خرقه فحسب، وإن الإنسان المؤمن في دينه كعقيدة عامة غير رجل الدين المسؤول عن تبيان تفاصيل الدين، حقوقا وواجبات، مع تفاصيل أخرى معلومة، وها قد جاء دور مَن يقول بأنه رجل قانون في هذه القاعة، ومنهم، بل في مقدمتهم من يجلسون على المنصة أمامي ليقولوا رأيهم الحاسم، فإن أبطلوا فإلى جحيم الدنيا والآخرة، وإن أعدلوا فقد أنصفوا أنفسهم مع مَن ينصفون، ويحمون شرفهم، وسمعة القضاء العراقي وحق العدل عليهم، ولكنهم عندما لا ينصفون فلن يؤثروا سلباً في شرف أحد من الناس ولن ينتزعوا منه شيئاً مما هو أغلى من الحياة.

 

 

 

نعم أيها الأخوة… الأصدقاء… وأيها الذوات في الهيئة التي أمامنا في هذه القاعة، وحيث يبدأ القول بأن جلساتها تفتتح باسم الشعب. نعم إن الشرف أغلى من الروح، وإن الوطن أغلى من الدم، وإن الشعب أغلى من النفس، وإن المال ليس إلا في سبيل الله والندا.

 

حلت أو اقتربت اللحظات التي توجب أن تعبر الكلمات والمصطلحات عن معناها بفعلٍ ذي تجسيد حي، وصار الحسم قريبا فيمتحن شرف أهل الشرف الذين لا ينسون الله ولا التاريخ، ويتشرف التاريخ ويتمجد بهم ولا ينساهم… لقد دافعنا عن كل عراقي صميم في الشعب وعن شرفه الوطني ومصالحه الرئيسية، ومن هم أمثالهم في هذه القاعة وحفظنا العهد الذي قطعناه بقسم جليل أمام الشعب، بعد إذ اختار صدام حسين رئيسا للجمهورية باستفتاء عام، ولم نخون إرادتكم ولم نتنازل عن دور إرادة الشعب الوطنية التي ضحى من أجلها العراقيون من ثورة العشرين 1920 وحتى الآن أنهار من الدم، ولذلك رفضنا إرادة الغزاة قبل الغزو وأثناء الغزو وعبّرنا بصدق وفضيلة، أنا وإخواني المسؤولين الذين حافظوا على شرف المسؤولية ومعنى العهد والوعد، ولقد جاء دور الإرادة على الوصف الذي بيّنا لتمحن في هيئة المحكمة، فإن فازوا، فقد فازوا، أمّا نحن فإننا فائزون في الدنيا والآخرة، إن شاء الله، على وفق معاني الجهاد. لذلك فإننا نبصر ونشجع ونحث أنفس قد تحتاج قولنا هذا، ومن أجلها، وليس من أجلنا وفي كل الأحوال ليس من أجل نفس صدام حسين، حيث صيغت مثلما أراد الله وقضى بذلك قانون الوراثة والالتزام بشرف المبادئ الغراء، ولذلك فإنها، أي نفس صدام حسين، تستغرب لو أن صدام أطلق فكرة من أجل نفسه، لا سمح الله بل وتثور عليه وتنهيه.

 

من أجلكم أقول، ومن أجل غير نفسي أُنبّه وأدعوا، وأعمل، وفي سبيل ربي وشعبي ووطني وأمتي أموت ولهم أعيش حيث أعيش… والله أكبر…

 

عليةٌ نفسي والفصل فيها عليُ *** ومن صلب جدي الحسين العليُ

 

ما دنت في موحشة نفسي إلى خائب *** وترّفع عزمي في الهيجاء أبيُ

 

ولا غرق خبئي من سيلً جارفً *** أو أزاح عدوّي رجال نؤيُ

 

وما ندّت من حر ولا برد *** أو آوارها دون ربعها الفيُ

 

سخية دمائنا حيث اشتد أوارها *** وفي العطاء حيث دلج العفاة سخيُ

 

أذبّ فيها وإن طال مداها *** وليّ الناس والرب لي وليّ

 

ترّف راياتنا رغم أنف العدا *** قد رآها الشهيد ومثله الحيُ

 

إذ تبرق غيوثنا تهطل زخّا *** ولرعودها صوت يتفرقع ودويُ

 

عُمّرت من بعد نوح أرضنا *** قد باركها إبراهيم النبيّ

 

ترفض خائنها وكل غريب *** فيقفو فيلهم وثعلبهم والمطيّ

 

تكسحهم عواصفها وإن تشبثوا *** هم صراخ يستغيثون عويّ

 

شدّوا رحالكم قبل أن يغمركم جارفها *** فجارفنا ليس كجارفكم غبيّ

 

ونعّمر أرضنا وإن خربوها *** فلا يبني في الصعب الوفيّ

 

 

 

أيها الذوات، في هيئة المحكمة: هل انتم فاعلون ما ينبغي وما يجب وكبح أي هوى أسرته الضغينة وأستودع الشره والطمع التافه في أكناف النفس!؟

 

 

 

أيها الذوات، في هيئة المحكمة ورئاستها جاء الوقت لتمتحن عراقيتكم ووطنيتكم وأصالة من يقول بهذا، وهي أمام مفترق فإما أن يمثلها أو يخونها، وعندما أقول هذا لا لكي أخلص من حكمٍ أعرف أنه صدر علي كهوى نفسً خبيثةً حاقدة منذ عشرات السنين وأعرف أن الصهيونية وممثلي الاستعمار والصفويين وسيدتهم لا يرتاح لهم بال إلا أن تتهيأ الفرصة لمن يطبّقه، وها قد جاءت فرصتهم فإنهم فاعلون، ولو سمح الله لموج شرورهم أن تغرق من تغرقهم، وإذا منعهم الله فهو القوي المكين. (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).

 

ولقد، بيّنت لكم من قبل كيف ساومني أحد الجنرالات الأمريكان على حياتي مقابل أن أخون نفسي لا سمح الله، فأدعو الشعب إلى إلقاء السلاح بلا شروط، وكيف أخزيت نواياهم وأعليت راية شعبي وجيشي وأمتي عندما رفضت ذلك الطلب الخسيس. وإنكم تعرفون في تمام اليقين أن محاكمة صدام حسين رئيس الجمهورية وإصدار قانون مرتب خصيصا في ظل الاحتلال وسريانه بأثر رجعي عليه وعلى رفاقه وهم معتقلون وأسرى حرب بالطريقة التي حصلت تعّد خرقا للقانون الدولي، إنني عندما أدعو قانونيين في هذه المحكمة إلى أن يعدلوا فإنني أدعو طبقا لصفتي العادلة وما اتصل بممارسة مسؤوليتي على أساسها، وإلى ديننا الحنيف وتراثنا الخالد، وتعرفون ويعرف الشعب الوفي الأمين، بأنني لست من النوع الذي يضع نفسه وعائلته ومن يحبهم، على وفق خصوصيته، قبل الشعب ومبادئه فإذن، فإن هذا الذي أقوله ليس لكي يخلص صدام حسن من شيء ذلك لأنني لا أخشى المواجهة وأعرف أن الطريق الذي اخترته وقدت شعبي عليه يتضمن التضحية، ولأن في عرف مبادئي وإيماني، فإن من يقود، أوّل من يضحي وآخر من يستفيد، فإن التضحية لا توجعني مثلما يتوجع منها آخرون.

 

وعلى هذا فليس هناك، ما يجعلني جافلا على نفسي من شر الأشرار، وأمامكم سفر حياتي واضحا جليا في هذه المنازلة أو قبلها، وإنما أحاول لأغّير مَن قد يتغير لأخرجه من الظلام إلى النور، وهو واجبي الأخلاقي والمبدئي والدستوري، إزاء شعبي، ولذلك فإنني عندما أحاول لأجعل المخطئ يعود عن خطئه وخطيئته ويملأ المتحين فرصته بشرف فلا تفوته، فإنّ نفسي تمتلئ بالسرور، وهي دعوة ليست موجهة إلى رجال القانون والقضاء فحسب، وإنما إلى الشعب أيضا بكل ألوان الطيف الذي هم عليه، بما في ذلك من اختلفوا أو قد يختلفون معن في اجتهاد أو لون.

 

جاء الوقت لمَن فيه بقايا خير أن يؤسس عليها ليساعدوا، فتندمل الجراح لا لتتفتق جراح جديدة، وإذا كان لي أن أطلب من هيئة المحكمة، وهو أبسط حقوق في القانون، إذا ما وسوس شيطان من يوسوس له داخل صدره، أو شياطين الأنس له فتقرر على صدام حسين مثلما صرح بذلك الصفويّون تنفيذ حكم الإعدام فعليهم أن لا ينسوا إنني القائد العام للقوات المسلحة وأحمل أعلى رتبة عسكرية، لذلك فإن تنفيذ الإعدام بي ينبغي أن يكون رميا بالرصاص وليس شنقا، أتراه ثقيلا عليك طلبي أيها القاضي رؤوف، وأيها الذوات على منصة المحكمة؟ حسبي الله ونعم الوكيل… والله أكبر…

 

 

 

أيها الأخوة… أيها الأصدقاء… يا أبناء شعبنا العظيم رجالا ونساءً، وبكل عناوينهم ومسمياتهم: إن محرك أساسيات الظواهر في العراق، أو من يوحي بها بصورة مباشرة مثلما كان قد فعل بريمر وَمن يأتمر بأوامره، بما في ذلك سنّ قوانين نسبها إلى العراقيين ومنها القانون المسخ لهذه المحكمة، هم الغزاة الأمريكان ومَن صار لهم مطيةً يرفعون على ظهره “جزماتهم” لكي لا تظهر طبعات أحذيتهم على الطريق، وإنكم تعرفون هذا. أمّا قولهم بثورة الثائرين ضد نظام البعث ألصدامي الدكتاتوري كما يحلو للبيادق الملطخة أيديها بدماء الشعب أن تقول، فهو الآخر هراء، ذلك لأن جدار الثورة ومسيرة الشعب المظفرة على خط سيرها أشمخ من أن يتسوّرها الأقزام، ولقد حاولوا عام 1991 وباتفاق مسبق مع أمريكا وإيران، حاولوا في أواخر شباط، في 29 شباط وفي 1 آذار وما بعدهما وطيلة شهرين كاملين، ورغم أن طائرات العدو كانت آنذاك لم تترك بعد أجواءنا بما في ذلك فوق بغداد العزيزة، فقد أخزاهم وعي الشعب وصلابة جيشنا البطل بعد إرادة الله، ولكنهم في هذه ليس إلا كلابا ضعيفة رافقت ضعنا أجنبيا ودخلت من البوابات التي دخلها وما زالوا به يُحمون ويُحرسون، ويستقوون على شعبنا البطل وتشكيلات جيشنا الشجاع وقيادته العامة.

 

 

 

أيها السادة… الذوات… الأخوة كلّ على صفة نفسه، كانت فكرة المحكمة أساسا فكرة أمريكية طرب لها الصفويون وناقصو الصفاة ودُفع إلى آتونها من أريد أن لا يطلق سراحه من الأسرى والمعتقلين ليبقوا أيدٍ يختارونها مقيدة في المعتقل، ثم امتد خيال الغزاة وأهل الضغينة من الأذناب إلى أن يجعلوا المسيرة الغراء وقادة وقياديين فيها ولقد أعلن المتوحشون المسؤولون الأمريكان ذلك قبل الغزو وفي ظنهم قادرون على ما خططوا له، بل وعلى الإساءة إلى المسيرة كلها، معتمدين ومتصورين خطأ بأننا غير قادرين لمواجهة التزييف بالحقيقة الناصعة، وأرادوا كذلك واهمين أن يثلموا اعتبارنا، فجاؤا بنا في الجلسات الأولى في التحقيق والمحاكمة، وقد أرسلت شعور رؤوسنا على غير انتظام، وقد حجبوا عنا كل الوسائل التي تذكرنا بأي معلومات مفيدة يمكن أن تذّكرنا وتدعم حجّتنا من راديو أو تلفاز أو صحف، بل حتى بالنسبة لي حجبوا عني خطب وأحاديث صدام حسين، وربما فعلوا نفس الشيء مع أخواني المحالين إلى المحاكم الصورية هذه أو المحاكم الأخرى، ومع أن إخواني في معسكر الاعتقال الآخر، زوّدوهم بصحف محلية مرتين في الأسبوع وتسجيل تلفزيوني لمختارات بعينها ومحطة راديو بعينها، أما أنا فبقيت على الوصف المتقدم سوى أعداد لا تزيد على احد عشر أو اثني عشر نسخة من صحف عراقية جاء مقص ”الرقيب الديمقراطي” على القسم الأكبر منها، وحتى آخر جلسة حضرتها قبل الامتناع عن حضور الجلسة الأخيرة… رغم ان تلك الصحف كلها صحف محلية صدرت بعد الغزو وخلع العذار عن ناس بعينهم في هذه القاعة ليطلقوا أوصافا مسبقة واتهامات تنطبق عليهم، لا على من أسموهم خلافا للقانون الدولي والعراقي والدستور، بالمتهمين وعلى سبيل التذكير وليس حصر كل ما قالوه.

 

قال أحدهم معلقا على قول الأستاذ طه ياسين رمضان عن التنمية التي ابتدأت في منتصف السبعينات على نطاق واسع مما عملنا قبلها وأكثر اقتدارا وسميت في حينه بالتنمية الانفجارية نظرا لشموليتها وسرعة إنجاز المشاريع فيها، علّق قائلا التنمية المصيبة التي خرّبت العراق. وقال آخر واصفا في لائحة الاتهام، من أسموهم بالمتهمين “الذين عاثوا في الأرض فسادا” وبذلك نضح الإناء عما فيه، وينطبق على القولين المثل العربي “أحشفاً وسوء كيلة”!

 

ويبدو أن لهذه المباراة مَن يشجعها في القاعة التي تطل على قاعة “المحكمة” “كمايسترو” ومستوحى من علاقته الجديدة مع الأمريكان كنسيب ومقّرب ليغرف من شطّي السوء الصفوي، الإيراني، والأمريكي الصهيوني، فبانت حقيقة الناس، وعُرف مَن هو مسك وريحان، أو مَن هو على الوصف الرديء.

 

ولكي نقارع الحجة المتهافتة بالحجة الصحيحة والصميمة، ولكي نقارع الحجة المتهافتة تقديرا لشعبنا العظيم ومَن يهمه معرفة الحقيقة مثلما هي، بما في ذلك ناس في هذه القاعة فلنأخذ ثلاث سنوات أو أقل من عمر ثورة 17-30 تموز المجيدة إبتداءً من يومها الأول يقابلها أكثر من ثلاث سنوات من غزو بغداد والعراق، ودور رجال المسيرة الغرّاء فيها، ودور الغزاة وعملائهم في الثلاث سنوات المقبلة لتعود الحقيقة المشرقة واضحة بهية، بعد أن حاول الظلام أن يسدل عليها أستاره، أقول لكم شذرات موثقة من تلك السنوات الثلاث تموز/1986، وآذار0 1970 وجدنا في ميزانية الدولة ثلاثة ملايين دينار فقط، مما جعلنا نحير بعض الأشهر في تدبير رواتب الموظفين ورواتب الجند، حتى أن المرحوم الرئيس البكر فكّر بأن يبيع للمواطنين معسكر الجيش في الوشاش بعد أن يقطعه بمساحات لأرض سكنية يفيد ثمنها جانبا من نشاطات الدولة، وقد عارضته واقترحت عليه وعلى مجلس قيادة الثورة في اجتماع رسمي، أن نحوله إلى متنزه للشعب، حيث يعّز أن تتهيأ مثله فرصة في المستقبل، بعد أن يتحسن حال الدولة المالي، ولكن كان مع رأيي الأقلية وصار إلى جانب المرحوم البكر الأغلبية من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكلف المرحوم صالح مهدي عماش، وكان نائبا لرئيس الوزراء، ووزيرا للداخلية في حينه أن يعاونه أمين بغداد ليقّطعوا المعسكر إلى قطع سكنية ويعلنوا بيعها للمواطنين، وكان ذاك في أوائل عام 1969 على ما أذكر، وقد باعوا من المعسكر كل مساحة الأرض الواقعة إلى الغرب من شارع الزيتون، فقط، بعد مضي ستة أشهر على إعلان البيع، وكان مجموع قيمة القطع المباعة بحدود المئة والثمانين ألف دينار فقط. أكرر مئة وثمانين ألف دينار فقط، فطلبت ان يعاد مناقشة الفكرة مرة أخرى في مجلس قيادة الثورة وبعد أن قدم المرحوم صالح عماش تفاصيل واقع البيع والمبلغ المتحقق اقترحت إيقاف البيع وتحويل ما تبقى من أرض المعسكر إلى حديقة ومتنزه عام فحصلت على تأييد من كل أعضاء مجلس قيادة الثورة تقريبا بما في ذلك المرحوم الرئيس أبا هيثم حيث كان في المناقشة السابقة من بين الأكثر حماسة لفكرة البيع.

 

وفي ذاك الزمن القصير مما ذكرنا وفي الأيام الأولى بعد الثورة مباشرة أطلقنا سراح كل المعتقلين السياسيين الذين كانوا معتقلين من النظام السابق الذي أقصته الثورة وكان المعتقلون آنذاك، طيفاً من الناس تحت مسميات شتى، وكلهم كانوا معادين لحزبنا وثورتنا، ولم نبقِ في السجن أحداً منهم بما في ذلك الكرد الذين كانوا في المعتقل.

 

وأعدنا كل المفصولين من وظائفهم لأسباب سياسية مع حقوقهم، ومنهم الكرد والشيوعيين.

 

وحققنا السلام في شمال الوطن وأنهينا القتال على أساس بيان 11/آذار/1970، بعد قتال استمر من عام 1961 وعجزت كل الحكومات المتعاقبة على إيقافه باتفاق.  ذلك الاتفاق الذي وقعنه مع المرحوم ملاّ مصطفى البارزاني.

 

وبدلا من الانفراد بالسلطة، وهو حق لو أريد الانغلاق نظرا لأن الثورة قادها وخطط لها ونفّذها حزب البعث وحده، ولكننا بعد أن استقر لنا الحال تماما، أقمنا جبهة وطنية وشاركنا كل الأطراف المؤثرة وفي المقدمة منهم من مثل البارزاني في حينه في الحكم، وقد بدأ الخير يتدفق باستحياء على العراق والعراقيين لأن النفط كان في قبضة الشركات الاحتكارية والدول الكبرى, حتى أممنا نفط الشمال في 1 حزيران عام 1972، وبعده أممنا نفط الجنوب وكنا سبقنا هذه الخطوة بالمباشرة لاستثمار النفط وطنيا، خارج الامتياز من حقول نفط شمال الرميلة.

 

وقد أنجزنا ثورة تموز بصفحتيها في 17 وفي 30 تموز عام 1968، ولم ُيرَق فيهما إلا دم جندي واحد في الخطأ، ولم يفقد أي مواطن من أقصى العراق إلى أقصاه في الثورة ولا حتى قلم رصاص أو درهم، وعلى هذا سميت الثورة البيضاء، وهو عهد قطعناه على أنفسنا بقرار من القيادة سبق تنفيذ الثورة بعدة أيام فقط، وباقتراح مني أن نعمل على استقرار البلد ونبذ الثارات وعدم المحاسبة على ما سلف ولم نعتقل بعد الثورة مباشرة أياً من المسؤولين، بما في ذلك رئيس الجمهورية. ولا أي مواطن على فعل سابق للثورة.

 

هذا مختصر لما كنا عليه في السنوات الثلاث من عمر ثورة الشعب والجيش، ٠ فأي شيء حقق أسياد المتطاولين وأذناب أمريكا وإيران وخدمهما في السنوات التي أعقبت احتلال بغداد العزيزة من الغزاة؟ وهل ثمة مجال للمقارنة بين ثلاثٍ…  وثلاثٍ.

 

يا لشقاء من يدّعون، أيمكن أن تقارن الثريا بالحضيض الآسن!؟ ومَن يا ترى يعيث في الأرض الفساد.

 

وهل هذا الوصف ينطبق على الأزنام وأسيادهم أم علينا نحن وشعبنا وجيشنا!؟

 

هذه شذرات من بحر الخير الصاخب الذي أنجزته الثورة وكلما توغلنا أكثر في سنواتها اللاحقة يصبح الخير بِحارا ويتحول إلى محيط زاخر، حتى دهمنا الشر من أم الأزنام ولكن الخير لم يتوقف ودهمنا بعد ذاك ش الغرب على ما تعرفون ويكفي في هذا أن نقول كان ريف العراق قبل الثورة يندر فيه من بنى بيته بالطابوق أو الحجر، وقد لا يزيد في كل ما في ريف العراق من بيوت من الطابوق والحجر آنذاك على مئة بيت أو أكثر، رغم أن الريف العراقي يسكنه الملايين.

 

وقد قلت هذا الرقم من غير إحصائية وإنما على القياس المتخذ من محافظة صلاح الدين، حيث كان في كل ريف المحافظة بيت واحد من الطابوق، هو بيت المرحوم غازي العلي الكريم في ريف سامراء، ناحية مكيشيفة الآن وقد كان نائبا في مجلس النواب قبل ثورة تموز عام 1958، وكانت نسبة الأمية في العراق حتى عام 1969 أو عام 1970 هي 73%، وكان عدد من تراه يحتذي حذاءً في الريف نادرا إلا إذا كان يهّم بسفر إلى مدينة.  وكان في بغداد فندق واحد من طابقين يوصف من فنادق الدرجة الأولى وليس غيره في كل العراق من هذا الوصف، وكان مصعد القصر الجمهوري إذا توقف ليس في العراق من يصلّحه، وكان يشغّله هو وأجهزة التكييف في القصر الجمهوري والمجلس الوطني مهندس واحد.  وإذا توقف المصعد نأتي بمن يصلحه في طائرة من الشركة الإنجليزية التي بنتهما، وكانت بغداد على أشّد تناقض بينها وبين تأريخها.  وكانت مدن العراق الأخرى، وريفه مهملين وحتى أواسط الثمانينات ليس هناك في العراق مَن يجرؤ ويعرف كيف يُنصب مصعد جاهز، حتى طلبت من المهندسين أن يستقدموا من يركّب لهم مصعدا واحدا أو مصعدين، وعليهم بعد ذاك أن يتعلموا هم من غير مساعدة أجنبية حتماً في تركيب المصاعد وتشغيلها، وكان في الدولة قصران هما: القصر الجمهوري وهو القسم الأوسط بين الجناحين المستحدثين من قبلنا وبناية حمورابي المسماة المجلس الوطني.

 

 

 

أما في الصناعة والزراعة والثقافة والصحة والتعليم، فحالٌ يرثى لها. فهل تعرفون وإذا عرفتم هل تذكرون أم أن الخائبين ينكرون ويتناسون؟

 

استدّت عزائمنا فجال الحسام *** يواجه رماح صفّق لها الأزنام

 

وحيث تعالى في الساحِ عقوبها *** كان لنا في ساح الوغى قُحّام

 

تمادت كانونة النار من شرقنا *** وتمادى مثلها الأطلسي السّخام

 

فجاءت أمواجه تزاحم بظلمته *** فما أخاف إذ ازدحم الظلام

 

فاقتربوا وسددوا رماح إلينا *** انزاح الغبار فخفقت أعلام

 

فثبت في صدور أهلها عزائمهم *** ولم يضطرب من السيل السّنام

 

وانتخت همم غرّا تواجههم *** فتخالف رمحهم وحسامنا والسهام

 

فتصاهلت الخيول تعقبها أمهارها *** واضطربت النياق وغزاها السقام

 

فطاش الرمح وأعيته مخاضتها *** واخترق صدر العدو الحسام

 

هكذا تالدٌ عن تالدٍأهلنا *** فسجّل التاريخ وعرفتنا الأنام

 

ذاكرتهاالمقداحة تذكره *** إن نسى من نسى الأقلام

 

قداحة الروح محبتنا لأمتنا *** نصوم ونفطر ومن الإيمان الصيام

 

وشعبنا فيه عزيز أمانينا *** فحتما ينهزم العاتي الظلام

 

نصوغ بالشرايين عزّته وسعادته، *** وإن كان في ذاك الحِمام

 

فتلد في العراق شمس جديدة *** وتلّذ وتحلو به الأنسام

 

فنسمع زقزقة *** ويُسمِعُنا الهديل الحمام

 

فتميس شواطئها فخورة *** ويضجّ بالترحيب الأنام

 

 

 

أيها الشعب العظيم يا رجال القضاء الحقيقيين، هذا هو الوقت، الذي وإن ادخر مَن ادخر كل شيء فقد حلّ ما يتوجب أن يبذل من غيرما يتردد، بما في ذلك الدم الزكي.

 

وما زال رجال نجوم في القانون، يواكبون معاني الشعب والأمة والإنسان، أبرزهم الرجل الفاضل الأمين، والقاضي الأول، ابن العراق البار وابن الكرد البار رزكار، حفظه الله ومكّنه على طريق الإنصاف والفضيلة بما يعّز القانون والقضاء وبما يعّز الحق ويخزي الباطل، إنه سميع سبحانه مجيب.

 

كان ذاك الرجل الوقور عندما تبين الحقيقة، وعرف إن الغزاة والمزورين يريدون أن يدفعوه إلى الظلام لارتكاب الخطيئة وليس تطبيق القانون، أبى لنفسه أن تتلوث والشرف أن يتدنس، فنزع عنه ما أرادوا أن يلبسوه إياه واستقال فإليه تحيتي وتقديري.

 

 

 

أيها الأخوة والذوات أيها الشعب العظيم

 

إننا على ثقة بأن سندان الحق في صدور شعبنا الوفي الغيور.

 

سيعمد الحق إزاء مطارق الغش والتزوير والدنيّة، وستتهشم مطارق الباطل وتعيا أذرع الشر ويتفوق الحق، وسيضاف صمودنا إلى البحر الزاخر لما في صدر شعبنا وصدر كل مؤمن غيور.

 

عاش شعبنا

 

عاش جيشنا الأغّر الباسل

 

عاش المجاهدون، عاش المؤمنون الصادقون، عاش محبّوا السلام

 

عاشت أمتنا المجيدة

 

والخزي والعار والشنار لأهل العار

 

 

 

قلت وما زلت أكرر القول بأنني عندما أوضح الحقائق وفق رؤيتي واجتهادي، أو حسب ما يتيسر لي في الذاكرة من مفردات، فإنني لا أدافع عن صدام حسين لإزالة أو تخفيف عقاب يريده ويسعى إليه المجرمون، تحت عناوينهم ومسّمياتهم، إنما لأوضح الحقيقة حسب، وإنّ هذا حق شعبنا علينا وهو واجبنا تجاههم وتجاه مسيرة عظيمة ظافرة حاول الأقزام أن يشوشوا عليها ليظلموها، بما في ذلك حق من يحتاج رأيه ليتكون في هذه القاعة وفي هذه الهيئة إلى أن نقول رأينا وندلي بدلائنا، وإننا إن شاء الله فاعلون وبما يشاء لنا ربنا من مصير قانعون وبانتصار شعبنا ووحدته متيقنون.

 

 

 

أيها الشعب الكريم الوفي، أيها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة

 

أيها المجاهدون

 

كنتم دوما متسامحين مع الخطأ، بل وحتى مع الخطيئة، لمن يصلح ويعود عن طريق السوء والتبعية والخيانة، وكانت قيادتكم الغراء التي هي جزء منكم وتفكر وتعمل بإرادة وطنية حرة ليس مرهونة للأجنبي إنما محّركها رضا الله والشعب وسبيلها المصلحة العامة وليس الأهداف الذاتية ولا كرسي الحكم، كانت وعلى أساس خلفيتها متسامحة حتى إزاء من يركبه خيال هواه فيتمرد بدفع خارجي أو دفع ذاتي، وعلى هذه الخلفية ينبغي أن تعّدوا النفس للتسامح ليحّل بهياً مقتدراً معافى مع أبناء جلدتكم، بدل الثأر والضغينة والبغضاء إلا من يقف عقبة كأداء في طريقها جهادكم ضد الأجنبي فذنبه هو ذنبه.

 

أقول هذا الآن وقد عملت به على قدر ما ترى رايتي أو يصل رمحي وسيفي اعتبارا من لجوئي السياسي المعروف إلى سوريا ثم مصر العروبة بين 1959-1963 وطيلة خمسة وثلاثين عاما في قيادة السلطة مع إخواني ورفاقي، وأقول به الآن وبعد الآن بتشديد مضاعف لطبيعة المحنة التي يواجهها شعبنا، ليس خوفا من أحد أو استجابة إلى مساومة رخيصة على حساب مصلحة الشعب والوطن، وليس أيضا التماس فعلٍ من غير أهله، وإن أهل الفضيلة يعرفون أنفسهم ويعرفون السبيل، وسبحان من لا٠ يخطئ، ولكن ثمة فرق بين من يكون خطأه عامدا مع سبق إصرار، ثم إصرار لاحق من غير أن يرعوي وبين خطأ على حال هفوة عابرة، أو ما هو من طبيعة خطأ من يعمل بما في ذلك من هم الأكثر إخلاصا ودقة.

 

ومن هواه نفسه، صار ريح نتنة مع الممارسة وتراكمها، على هذا.

 

 

 

أيها الأخوة… أيها الشعب العظيم يقاس خطو الناس في النضال وفي الحكم، وعلى هذا تُعرف نتيجة أفعالهم وطبيعتها قبل أن يبدؤوا الخطوة الأولى في سدّة الحكم أو المسؤولية، وعلى ذا تكون الغربان على وصفها والصقور على وصفها، فلا الصقور تصير غرباناً، ولا الغربان تصير صقوراً، ولا الضفادع تسابق مع الأصائل.

 

 

 

أيها الأخوة: مهما يكن من أمر، وفي كل الأحوال والتطور داخل العراق، والسبيل الذي يزاح بح الغزاة والمبطلون والنتيجة التي يصل إليها الحال بالنصر المبين إن شاء الله، ورغم أن العراق بحر زاخر بالعمل السري والحركات السرية منذ قديم الزمان، وإن لأنواع من العمل السري هالات هي أكبر من حجمها، وأقل مستوى من الآمال التي يعلقها عليها أعضاءها وجماهيرها أحيانا، فقد اختبرت كل الحركات السياسية المعروفة بعد عام 1958 حتى الغزو الأجنبي، وعرفت بعد الغزو، وبعضها ذيله، حركات أخرى، فصار الشعب على بيّنة ليقرن الشعارات بالعمل ويقرن الإعلان والنية بالخطوة، وبانت أوزان الجميع، في فعلهم ومسالكهم، ومثلما تعرف المصاهر والمختبرات المعادن، فكذلك بانت وعرفت معادن الناس وأسبر غور منبتهم ومآل ولاءهم، وإن السلطة من أعظم المصاهر والاختبارات ومثلها الظرف الصعب كظرفنا، لاكتشاف ومعرفة الناس وبواطن ما كانوا يخفون ويضمرون، ومن هو بن الوطن عقلا وضميرا وقلبا أو رجليه في العراق وعقله وقلبه خارج الوطن، وإن شعب العراق، عظيم وخبير في الناس، فإذا خدعه من خادعه، فإن ارتداداته ستكون عنيفة عليهم، ولقد عرف شعبنا الغثّ المزيف مثلما كان قد عرف الأصيل والسمين، وعرف الأوزان والنوايا والعقول على حقيقتها وعرف القلوب، وعرف ما يضره وما ينفعه، ولقد نزف دما طهورا من أجل ارتقائه، ونزف دما طهورا ممزوجا بما يراق من دم المحتل وركاب حذاءه ولذلك لم يعد في قوس الغزو والظالمين ذيله، ثمة منزع، وتكسّرت سهامه، ليشقى الأجنبي والأغراب بسرعة أعلى وتعود إلى شعبنا وحدته وتراصّه في الخير والعمل، وإن ما يطيل زمن الغزو، بل أطاله هو عمل الأشرار داخل بعض الصفوف، آن للجميع أن يقبلوا بعضهم شرط أن يقلع من تورّط كدليل للأجنبي أو إنرصف مع مخالبه ببرهان، وآن لمن هواه خارج الحدود أن يعرف بأن لا مرونة ولا تسامح مع الذين يقّدمون مصلحة ألأجنبي على مصالح شعبنا أو ينظرون إليها بمنظار واحد وعيار واحد، وفي كل الأحوال فإن العراقي مطالب أن يختار عراقيته دون شريك، فإذا اختار شريك انتفت عراقيته عليه ولا تعارض أو تناقض بين هذا المبدأ والمصير المشترك مع الأمة، المجيدة. فمن يختار العراق باستحقاقه يبقى متساويا في الحقوق والواجبات، ومن يزّوجه مع غيره أو يجعل غيره رديفا أو بديلا فلا مكان له على أرضنا وعليه أن يرحل وكلّ يعرف عمامة أن لم ينصهر قلبا وقالبا.

 

أيهم برّنا وأمه يهماء *** خنجر أدمى شعبنا الداء

 

رديف حراب قرّت في خاصرته *** ساحت بعمق الكلوم منه الدماء

 

وعزّة الأنفس فينا سجية *** وحادينا والربع أعزاء

 

وقد ورثناها تالدا عن تالد *** ورثها عن آباء غرّ أبناء

 

نواجههم حتى تفصد دماؤهم *** وتعدل إذ تنفصد العرجاء

 

حملوا آثام تنوء بها جبالهم *** يذكرها الثرى وتنئن بها الأنواء

 

أصابتهم مصائب ما زالوا بأولها *** يصيبهم إذ يطبق النصفان إعياء

 

وإذ يطبق النصفان فتلك أيامنا *** يزَيًن النصر بها والحِداء

 

تسامحوا بينكم فيعّم أريجها *** فإنه دين اللهِ ومِنّا رجاء

 

حلّ أوانها لاح إشعاعها *** فليس يقبل إذ يلح إرجاء

 

 

 

ومن أجل أن يعرف من يرغب في معرفة جانب من حقائق ثورة تموز المجيدة، نقول أن ثورة تموز التي نحن بصدد مسيرتها قامت في 17 تموز 1968، وأن الثورة انتفضت على تسلل بعض المنحرفين إليها، في 30 تموز من نفس العام أي بعد ثلاثة عشر يوما، وفي اليومين المشار إليهما وما بينهما وما بعدهما لم يفقد أي مواطن من أقصى العراق إلى أقصاه أي شيء من ملكيته ولم ينتزع من مواطن أو مسؤول سابق في السلطة أي شيء من ملكيته، ولم تفقد الدولة أي شيء من ممتلكاتها، وقد عمّ الأمن العراق كله.

 

هذه هي نزاهة ثورة تموز وإخلاص قيادتها وجدّيتهم، وفي الوقت الذي لم نجد في خزينة الدولة آنذاك عام 1968، إلا ثلاث ملايين دينار ما يساوي إثنى عشر ألف دولار، تركنا في خزينة الدولة حتى يوم دخول قوات الغزو بحدود ثلاث مليارات دولار، لابد أنها نهبت من النهابين، أمّا الآن فإن المعنيين وأعوانهم أخبر بالناهب والمنهوب والحصص الموزعة على أساس “القدرات المجرمة” فهل هنالك مجال لتقارن الغربان بالأسود!؟

 

بحر الأسنة وأمواجك الدم

 

زاخرٌ أنت، المحيط… يلتطم

 

لو غيرك باس أيدي متوسلا بالمدفع

 

يابن الفراتين توسِمُ

 

عرمةٌ همّتك في كل حين أبية

 

وسيلك حيث إشتّد غيثك عَرِمُ

 

ياسيف أم المعارك والقادسية،

 

فما التوى، وما وهنت في عزمك الهمم

 

هذه أوصاف شعبنا وجيوشنا

 

فأي وصفٍ لك أيها القزم

 

جئت تزيّن بغزوك العراق

 

وستعجز كما عجز قبلك العجم

 

 

التوقيع

صدام حسين

رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة

اواخر عام 2006

قصيدة الـمنعطف

قصيدة الـمنعطف

______

عبد الرزاق عبد الواحد

الحمد لله يبقى المجد، والشرفُ

أن العراق أمامي حيثما أقفُ

وأن عيني بها من ضوئهِ ألقُ

هدبي عليهِ طوال الليل يأتلفُ

وأن لي أدمعاً فيه ومبتسماً

ولي دم مثلما أبناؤه نزفوا

الحمد لله أني ما أزال إلى

وجه العراق أصلي حين أعتكفُ

الحمد لله أني ما يزال على

مياهه كل غصن فيّ ينعطفُ

وأنني، لو عظامي كلها يبست

يجري العراق لها ماء فترتشفُ

الحمد لله أني بالعراق أرى

وأنني بالعراقيين ألتحفُ

فليس لي غيره عين، ولا رئة

وهم إزاري الذي لولاه أنكشف ُ

ولا وحق عراق الكبر لا وهناً

ولا هروباً إليك الآن أزدلفُ

لكنني فيَّ مما فيك معجزة

إني بجرحي عند الزهو أعترفُ

يا سيد الأرض يا ضعفي، ويا هوسي

وبعض ضعفي أني مغرم دنف

لي فيك ألف هوى، حبيك سيدها

وحب نفسي في طياتها يجفُ

حتى إذا كان في عينيك بعض رضاً

عني، فعن كلهم إلاك أنصرف

يا سيدي، كل حرف فيك أكتبهُ

أحسه من نياطِ القلب يغترفُ

وقد تعاتبني أني على شغفي

تضيق حيناً بي الدنيا، وتختلف

يا سيدي ألف أيك وارف عرفت

روحي، وظل أنيسي الأوحد السعف

من ذا يقول لهذي الدائرات قفي؟

لكان كل الذين استعجلوا وقفوا

يا سيد الأرض يا ضعفي، ويا هوسي

يا كبريائي التي ما شابها صلف

يا ضحكةً باب قلبي، لا تبارحه

ودمعة حد هدبي، ليس تنذرف

بيني وبينك صوت الله أسمعه

يصيح بي موحشاً، والليل ينتصف

الحمد لله أني لا يراودني

خوف ولا عاد يدمي فرحتي أسفُ

الحمد لله نفسي لا أجادلها

ولست أحلف، غيري ربما حلفوا

كلمات للقائد الخالد صدام حسين

كلمات للقائد الخالد صدام حسين

إن الذين يتآمرون علينا الآن كانوا كلهم للعدو ” حبال جناده” وكانوا خناجره المضمومة، وكانوا “الكَطب” الذي كنا ندوسه ويدمي أقدامنا، لكننا كنا نسير ولا نبالي.

في السابق كان الناس يسيرون حفاة الأقدام، وخاصة في الريف، وقليل منهم ينتعل حذاء، وإذا انتعله لمسافة طويلة يحمله تحت ابطه خوفاً عليه من الأرض لأنه إذا تمزق لا يستطيع أن يشتري غيره، وكان لدينا شيخ كبير عندما تدوس قدماه (سنا) حتى لو كان (سن عوسج) فإنه “يهرك” السن بمجرد أن يكشد قدمه بالأرض ويسير، إذ كانوا يقولون إن من المعيب أن ينحني المرء ويخرج السن من قدمه، فماذا يكون السن بحيث تخرجه من قدمك وتأتي وأنت تعرج وتحمل بيدك الملقط أو الابرة لتخرج بها السن…

أليس ذلك معيباً؟

ونحن لم نخرج السن ولم نقف قرب ” الكَطب” بل دسنا عليه، و”هركناه” وسرنا بشموخ..

17 نيسان 1990

 

 

 

كلمات للقائد الخالد صدام حسين

إن الضعف والقوة يقاسان لدينا بأمرين…وهو مقياسنا الأساسي، الحق والباطل..

نحن نخاف من الله ومن شعبنا، إن الخوف من الله معروف لأننا أناس وبلد وشعب مؤمن، ونخاف من شعبنا عندما نزلُّ عن الطريق الذي لا يرضاه… أي بمعنى، أننا نرصد مسارنا، حتى لا يزل أحد منا عن الطريق، ويزعل شعبنا علينا بسبب ذلك، وبما أن شعبنا غال علينا، فإن الخوف الذي أعنيه ليس فنياً، وإنما إنساني تضامني… لأننا نحب شعبنا ونتجنب أن يزعل مما نقوم به، كما أننا لا نريده أن يزعل… وباستثناء هذين الأمرين لا يوجد ما يمكن أن نسميه خوفاً.

لدينا الاستعداد لنحمل شعبنا على أكتافنا، فحالنا معه حال الابن الصالح وهو يحمل أباه وأمه عندما يتقدمان في العمر، ولا يستطيعان الانتقال من مكان إلى آخر، نحمله على أكتافنا ونسير به دون أن نشعر بثقله، حتى لا يأتي يوم نحمل فيه الأجنبي على أكتافنا.

فمن لا يحمل شعبه على أكتافه سيحمل الأجنبي بدلاً منه….

 إن حملنا لشعبنا ليس استعداداً فنياً، وإنما هو استعداد وطني إنساني ينطلق من مفهوم عميق لواجبات المناضل، وإذا ما أراد أحد أن يحمله بالجانب الفني، فإنه سيراه ثقيلاً في مدة من الزمن، وسينزله إلى الأرض في المرة القادمة، ويتركه يسير لوحده في المرة الثالثة.

لقد اعتدنا على واجب حمل الشعب على أكتافنا منذ زمن، وتربينا عليه منذ أن كنا طلاباً في الثانوية وسلكنا هذا الطريق.

إذا كان شعبنا مرتاحاً، ونحن لم نتعارض مع الحق، ومع الموقف الإنساني العالمي، فلماذا نخاف؟

وإذا ما واجهتنا بالباطل أكبر قوة في الأرض فسنقاتلها بالمرأة العجوز في ناحية الهندية … نقاتلها بعجوز الهندية التي عمرها مائة سنة، وتقول لصدام حسين لا تخف، وتقول لصدام نحن ذراعك الأيمن…. إن عمرها مائة سنة وبهذه الثقة تجعل المرء يتقدم إلى النار ولا يتردد عندما يقتضي الواجب ذلك…

عمرها مائة سنة وتقول لصدام حسين لا تخف من أحد، نحن ذراعك الأيمن..

وفعلاً إن شاء الله لا نخاف طالما نحن على الحق… إننا لا نخاف إلا الله لأن شعبنا معنا على الحق.

 1-4-1990

 

قصيدة جحافل المجد

قصيدة جحافل المجد

الرفيق المرحوم صالح مهدي عماش/ الثامن من  شباط ١٩٦٩/في الذكرى السادسة لعروس الثورات

أقول إذا اهتزت جوانبها رعبا

أبغداد من خوف تحركت أم عجبا

تساءلتِ ما تلك الرجال بجحفل

أتلك خيول الراشدين دنت هذبا

أتلك ببدر والنبي يقودها

أتلك بأحد أُركبت مركباً صعبا

أتلك أبو الحسنين صال بساحها

فكان بحق ذو الفقار لها قطبا

أتلك على اليرموك تجثو تحفزاً

لتغزو دمشق الشام أو حلب الشهبا

أتلك بها ابن الوليد وصحبه

تجندلهم روما وتنصرهم عربا

أتلك بوادي القادسية جحفلت

لتسلك من وادي الفرات لها دربا

أتلك بها سعد بن وقاص قائم

ينادي بنيه الغر والفتية الصحبا

أتلك على النيل ابن عاص يزجها

لتقضي على بلبيس من وله حربا

أتلك على البسفور والريح صرصر

وسفن ابن عفان تصارعه غضبى

أتلك رمى الحجاج في الهند قاسماً

أتلك على تطوان سيرها عقبا

فسار من النيل العزيز مغرباً

فيدفعها حضراً ويقذفها شهبا

فينشرها في الشرق ذاك ابن مسلم

ويعصرها في الغرب طارقة غربا

أتلك على مدريد لاحت وطارق

يلوح لموسى في كتائبه الغضبى

أتلك صلاح الدين زمجر بينها

فلاحت على حطين تسبقه هذبا

اتلك خيول الغافقي بسورها

فتلك خيول الله قد كربت كربا

تساءلتِ ما تلك الرجال بزحفها

كتائب تطوي الأرض تنهبها نهبا

فخرّ صريعا بعضهم غير ميت

وما ميت من علم السيف والحربا

وما ميت ذاك الصريع مضرجا

اذا كان في التاريخ اوسعنا دربا

وما ميت يبني الحياة لأمة

كما كان يبنيها الشهيد اذا دبا

لندلج في درب الشهادة اخوة

فنحظى بقتل أو نفوز به كسبا

فالف سلام والوداع تشوق

للقيا على عهد الرجال سمت حبا

والف سلام والمنايا مواثل

ننادم من عاطت بأكؤسها شربا

والف سلام والطريق طويلة

نلج ونعطى من ينادمنا عتبا

والف سلام والضحايا مواثل

        سنقضي ضحايا في عروبتنا سربا

أتلك خيول الغافقي بنورها فتلك

 خيول الله قد كربت كربا

تساءلتِ ما تلك الرجال بزحفها

كتائب تطوي الارض تنهبها نهبا

تساندها جوا نسو ر بواسل رمت

 حصن مجنون وأوحدهم كذبا

وهد ت قوى الطغيان قصفا مزلزلا

 كطير ابابيل ارادته ضربا

 تعاليت يا رمضان شهرا مبجل

 فطرنا على حكم الزعيم وما ربى

 وكل فتى في الروع اروع ماجد

 بدبابة النصر المؤزر قد دبا

فخر صريعا بعضهم غير ميت

 وما رميت من علم السيف والحربا

وما رميت ذاك الصريع مضرجا

 اذا كان في التاريخ اوسعنا دربا

وما ميت يبني الحياة لأمة

  كما كان يبنيها الشهيد اذا ذبا

)ف) وجدي( و ) سعدون (و) طارق

قبله (و) كامل ( و) العلوان أكرمنا عربا

الا ليت شعري هل (لشيماء) رنة

  تنوح على ابراهيم حين قضى نحبا

بكيت على كل ابن اروع ماجد تنادى

  مع ( الشواف) في الموصل الحدبا

وما لوعتي للبين لكن تمزقت

  اضالع مكلوم ومزقت القلبا

وما كنت في منأى عن الموت لحظة

وليل الليالي ما أضاء لنا دربا

لندلج في درب الشهادة اخوة

فنحظى بقتل او نفوز به كسبا

فألف سلم والوداع تشوق للقيا

على عهد الرجال سمت حبا

والف سلم والمنايا مواثل ننادم

  من عاطت باكؤسها شربا

والف سلم والطريق طويلة

  نلج ونعطي من ينادمنا عتبا

والف سلم والضحايا مواثل

سنقصي ضحايا في عروبتنا سربا

بيان القيادة القومية حول “اعلان بكين”

بيان القيادة القومية حول “اعلان بكين”

 

القيادة القومية : “اعلان بكين”، خطوة في الاتجاه الصحيح

وحمايته تكمن بالتزام الجميع بمندرجاته

 

أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ان “اعلان بكين ” للوحدة الوطنية الفلسطينية هو خطوة في الاتجاه الصحيح ، وان حمايته تكمن بالتزام جميع الموقعين عليه  بمندرجاته كما واجب كل الذين يدعمون نضال شعب فلسطين من اجل تحرير ارضه واسترداد حقوقه المغتصبة  ،خاصة وان  الذين يعملون على استمرار الانقسام في ساحة العمل الوطني الفلسطيني هم كثر ولن يوفروا وسيلة للانقضاض عليه واعادة الامور الى المربع الاول. جاء ذلك في بيان للقيادة القومية فيما يلي نصه.

 

أولاً: ترحب القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، “باعلان بكين ” للوحدة الوطنية الفلسطينية ، وترى  في هذا الانجاز خطوة مهمة طال انتظارها ، من اجل توحيد المرجعية السياسية الوطنية لحركة النضال الوطني الفلسطيني في صراعها المتعدد الاشكال مع العدو الصهيوني وكل المتحالفين معه .

إن هذا الانجاز الهام ، هو مطلب وطني فلسطيني بقدر ماهو مطلب قومي عربي  وكل القوى  الداعمة للقضية الفلسطينية،  وضرورته تمليه اهمية  توفير الحماية السياسية لما افرزته  عملية “طوفان الاقصى” من نتائج سياسية ،  واهمها  اعادة الاعتبار لها للقضية الفلسطينية ، كقضية للعصر  بما هي قضية حق وطني فلسطيني ينطوي على مشروعية تحرير الارض من الاحتلال وممارسة شعب فلسطين  لحقه في تقرير مصيره وتأكيده على استقلالية القرار الوطني  في مواجهة محاولات احتوائه او الاستثمار به خدمة لأجندة اهداف لا تستقيم ومصالحه  ومقاومته التي تتواصل بكل الاشكال المتاحة للحؤول دون العدو من تحقيق اهدافه المعلنة والمضمرة.

 ثانياً :  ان جماهير فلسطين  تنظر الى هذا الاعلان بعين الامل المنشود ، وترى فيه رداً مباشراً على  مخاطر الانقسام السياسي الفصائلي وتداعياته السلبية  على سياقات العمل النضالي ،وهي لاتجد  سبيلاً لتعزيز عرى الصمود الشعبي في الارض المحتلة  رغم التضحيات الجسيمة التي قدمتها وتقدمها جماهير شعبنا الصامد والصابر والمقاوم في غزة والضفة الغربية والقدس وكل ربوع فلسطين المحتلة الا بالوحدة الوطنية على ارضية برنامج كفاحي ، تتقدم فيه اولوية الصراع مع الاحتلال على اية تناقضات و خلافات سياسية بين الاطراف المقاومة ، في وقت تعتبر فيه المرحلة التي يمربها النضال الوطني الفلسطيني بانها مرحلة تحرر وطني.

ثالثاً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، تدعو كل فصائل المقاومة على مختلف طيفها السياسي الوطني ، ان تحمي هذا الاجاز باشفار عيونها انطلاقاً من مسؤوليتها  الوطنية  .  وان يعلن هذاالاتفاق من بكين  والشكر موصول لهذه الدولة الصديقة على مابذلته  من جهود للوصول الى هذه الغاية المبتغاة ، فإن ثمة مسؤولية سياسية ومعنوية  تقع عليها  كراعية لهذا الاعلان وعبر وضع  كل ثقلها على الساحة الدولية من اجل توفير مظلة حماية دولية لهذا الاعلان ،عبر توفير اوسع دعم دولي له ،يكون تثميراً سياسياً للتضحيات التي قدمتها جماهير فلسطين وللصمود البطولي في مواجهة الاحتلال الصهيوني الاستيطاني العنصري، ويكون مواكباً للتحولات الايجابية للرأي العام الدولي في دعمه لقضية شعب فلسطين وحقه في تقرير مصيره واقامته دولته المستقلة على ترابه ارضه المحررة .

رابعاً: إن هذا الاعلان يكمن فيه الجواب على تساؤل ، ما العمل في اليوم التالي، فهو الذي سيرسم خارطة الطريق للتعامل مع الواقع الفلسطيني في الارض المحتلة وخارجها، وهو بتأكيده على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني مع وجوب تطوير مؤسساتها وبناها ،يكون  قد اسقط كل محاولات ابراز البدائل ، واثبت ان عملية طوفان الاقصى لم تكن منفصلة على تاريخية النضال الوطني الفلسطيني منذ اطلاق الرصاصة الاولى ، وان لاحلول او ترتيبات أمنية أو سياسية تمرّر في ظل وحدة وطنية فلسطينية  تشكل بصلابة بنيتها التنظيمية ووضوح رؤيتها السياسية عامل الاستعصاء امام محاولات تصفية القضية او الاستثمار بها.

بعد تسعة اشهر من الحمْل النضالي منذ انطلقت شرارة طوفان الاقصى ، كان المولود الجديد الذي يحتاج  الى مرضعة وطنية فلسطينية وحاضنة قومية عربية ورعاية انسانية ، واملنا ان تكون هذه العناصر الثلاثة متوفرة كي ينمو هذا المولود الذي يجسد الانبعاث المتجدد لامتنا العربية التي تثبت حقيقة وجودها على ارض فلسطين العروبة من غزة هاشم الى قدسها وكل حاضرة من حواضرها على مساحة ارضها التاريخية. 

مبارك  لفلسطين ولادة  شخصيتها السياسية  الوطنية الموحدة  ، وتحية لشهدائها ومقاوميها ولكل جماهيرها الصامدة الصابرة ،  وليكن هذا اليوم  يوماً وطنياً فلسطينياً  لأنه يشكل بنظرنا انطلاقة  متجددة لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني بكل عمقه القومي وبُعْده الإنساني. 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في ٢٠٢٤/٧/٢٣