شبكة ذي قار
بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى

القيادة القومية: 

– “طوفان الاقصى “، محطة مضيئة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني

            وحمايته السياسية  تتطلب الاسراع بخطوات الوحدة الوطنية  .

-القضية الفلسطينية قضية قومية بامتياز ولا للاستثمار بدم شعبي فلسطين ولبنان  

  • الكيان الصهيوني يستحضر مشهدية غزة في عدوانه على لبنان
  • ولاستعادة نبض الشارع العربي انتصاراً للمقاومة واسقاطاً لنهج التطبيع

 

أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ان ملحمة”طوفان الاقصى” ، تشكل علامة مضيئة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، وان حماية هذا الانجاز الوطني – القومي يتطلب تسييجها بوحدة وطنية واحتضان قومي . وشددّت على اهمية  الاحتضان  القومي للقضية الفلسطينية  وهو الذي يضع حداً للاستثمار السياسي بدم شعب فلسطين ولبنان. ورأت في توسيع الكيان الصهيوني لعدوانه على لبنان استحضاراً لمشهدية غزة من قتل وتدمير وتهجير . كما دعت الى استعادة الشارع العربي لنبضه انتصاراً للمقاومة واسقاطاً لنهج التطبيع .

 جاء ذلك في بيان للقيادة القومية لمناسبة مرور سنة على  “طوفان الاقصى” ، في مايلي نصه.

 

في الذكرى السنوية الاولى ل “طوفان الاقصى” ،تحيي القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي   ارادة التصدي  التي جسدها المقاومون الابطال في غزة  باقتحامهم دفاعات  العدو واختراق تحصيناته والعودة بصيد ثمين من الاسرى ، كما تحيي  ارادة الصمود لدى جماهير شعبنا التي قدمت  تضحيات جسيمة  لتشبثها بالارض ، وتنحني اجلالاً لارواح الشهداء الذين رووا ارض غزة بكل حواضرها بدمائهم الطاهرة مسطرين واحدة من اروع ملاحم البطولة في تاريخ مقاومة شعب فلسطين للاحتلال الصهيوني.

 

بعد عام على “طوفان الاقصى”، ماتزال غزة تقاوم  رغم ما ارتكبه العدو من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ،بعدم احترامه لقوانين الحرب التي تفرض تحييد المرافق الطبية والانسانية ومراكز الايواء واحترام حقوق اسرى الحرب  وانتهاكه للمواثيق الدولية واحكام القانون الدولي الانساني منفذاً واحدةً من حروب الابادة الجماعية التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها ، هذا الى الحصار المفروض براً وبحراً وجواً ،وهو مايحول دون وصول مساعدات الاغاثة لاكثر من مليوني انسانٍ  يعيشون اوضاعاً معيشية قاسية لاتتوفر لهم الحدود الدنيا من الضرورات المعيشية والملاذات الامنة بعدما حّول العدو غزة الى ارض محروقة انتقاماً لما حل به  في السابع من اكتوبر ، ولعدم تمكنه من تحقيق اهدافه في استرداد اسراه ووأد ارادة المقاومة وتنفيذ “ترانسفير” جديد بحق  اهل غزة.

كما إن العدو ، بعد مرور عامٍ على “طوفان الاقصى”  ، لم يوفر الضفة الغربية والقدس من اعمال العدوان المتعددة الاشكال ، من اقتحام المخيمات وتجريف الاحياء السكنية ، وتنفيذ عمليات اغتيال ضد المقاومين وارتكاب المجازر بحق المدنيين واخرها الجريمة التي ارتكبها في طولكرم وقبلها في جنين وحرم الاقصى ، وذلك لابقاء جماهير الضفة والقدس  محاصرة ضمن دائرة حزام النار في الوقت الذي يواصل جرائمه بحق اهل غزة.

ان  العدو الصهيوني  وعلى ابواب الذكرى السنوية “لطوفان الاقصى” ، اقدم على توسيع رقعة عدوانه  ضد لبنان مستحضراً مشهدية ما ارتكبه في غزة ولم يزل من تنفيذ عمليات اغتيال وتدمير وتهجير  ،غير آبهٍ بالمبادرات الدولية الداعية الى وقف اطلاق النار وتنفيذ القرارات الدولية وخاصة القرار ١٧٠١ ،وهو مابات يرفضه مع التمهيد لعملية اجتياح  بري لخلق وقائع جديدة تمكّنه بالاستناد الى معطياتها فرض شروطه الامنية والسياسية التي تتجاوز مندرجات هذا القرار.

ان العدوان الصهيوني على لبنان الذي اوقع  حتى الان  اكثر من الفي شهيد واكثر من عشرة الاف جريح ، ودفع نحو مليون ونصف المليون الى النزوح في ظل واقع لبناني محكوم بانهيار مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على تلقي عبء النزوح ،يضع  لبنان على حافة كارثة انسانية توازي تلك التي ينوء تحب اعبائها اهل غزة ، وهذا مايجعل العدوان على لبنان يتناسق مع العدوان على غزة لجهة مايريد العدو فرضه من شروط في ظل الدعم الاميركي اللامحدود على كافة الصعد والمستويات ،  وفي ظل واقع الانقسام السياسي لبنانياً وفلسطينياً وعدم الارتقاء الى مستوى تحقيق وحدة وطنية في هاتين  الدائرتين تمليها ضرورات  المواجهة ومنح الموقعين  الفلسطيني واللبناني مناعة  داخلية في مواجهات التحديات التي يفرضها تواصل العدوان وتصعيده. واذا ما اضيف الى النتائج السلبية المترتبة على استمرار الانقسام الفصائلي الفلسطيني والمناكفات السياسية الداخلية اللبنانية  وعجز النظام الرسمي العربي عن كسر الحصار المفروض على غزة وبرودته  في مساعدة لبنان مع استمرار بعضه في نسج علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني ،فإن الانكشاف القومي هو الذي  افسح المجال للنظام الايراني  التغول في العمق القومي موظفاً  دماء شهداء لبنان وفلسطين الذين يسقطون في المواجهة مع العدو في خدمة  تحسين مواقعه بالتماهي مع الرغبة الاميركية  بغية  انتاج نظامٍ اقليمي جديد تحت مسمى الشرق الاوسط الجديد،  وان حزبنا ،حزب البعث العربي الاشتراكي يرفض تجيير تضحيات شعب لبنان لصالح اجندة النظام الايراني ويدعو القوى التي تنفذ تلك الاجندات العودة الى وطنيتها تعلق الامر بساحة لبنان او بساحة فلسطين   .

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ولمناسبة مرور سنة على”طوفان الاقصى ” ، وهي تكبر التضحيات الجسيمة  التي تبذلها جماهير فلسطين ولبنان وصمودهما في مواجهة تصاعد العدوانية الصهيونية عليهما انما تؤكد على الحقائق التالية  :

الحقيقة الاولى ، ان عملية “طوفان الاقصى “، شكلت محطة هامة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ، وهي وإن لم تكن  الاولى التي سطرت فيها المقاومة الفلسطينية ملحمة بطولية في مواجهة العدو الصهيوني  ، فإنها لن تكون الاخيرة ، لان الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجودي سيبقى مفتوحاً على المستقبل طالماً بقي الاحتلال قائماً . ولهذا فإن هذه الانجاز النضالي سيؤسس عليه نضالياً وسياسياً كونه  جسد نقلة نوعية في مسيرة  المواجهة مع العدو الصهيوني.

الحقيقة الثانية ، ان المقاومة ومعها جماهير فلسطين تدرك ، ان النضال من اجل حماية الهوية الوطنية والتحرير وحق تقرير المصير ، هو طريق ليس  مفروشاً بالورود، بل هو طريق شائك يتطلب تضحيات بالنفس والمال وكل ماهو متاح من امكانات لمواجهة عدوٍ عنصريٍ  لايعيرُ اعتباراً للقيم الانسانية والاخلاقية ، ويحكمه نظام مارق يحظى بدعم مطلق من دول النظام الاستعماري وفي طليعتها اميركا التي توفر له الحماية الدولية من كل ادانة سياسية  ومساءلة قضائية عن جرائمه التي يرتكبها ضد شعب اُغْتصِبت ارضه وشرد منها . 

وعلى هذا الاساس   فإن الصراع مع العدو ، لايقتصر على مواجهته لوحده  وحسب وانما يشمل كل الداعمين والمتماهين معه من قوى دولية واقليمية  يلتقون على معاداة العروبة كهوية قومية  وكمنظومة  قيمية انسانية واخلاقية وكتاريخ حضاري وكمشروع سياسي هادف الى توحيد الامة العربية  في دولة قومية تتحقق فيها ذاتها  التي تنطوي على كل مقومات الوحدة.

الحقيقة الثالثة ، ان القضية الفلسطينية ، كانت قبل “طوفان الاقصى” وستبقى بعدها،  تشكل عاملاً كاشفاً لكل الاوضاع المحيطة بها في دوائر الفعل الوطني الفلسطيني والقومي والاقليمي والدولي وكما يؤكد القائد المؤسس الاستاذ ميشيل عفلق . فهي كاشف لمخاطر الانقسام السياسي في بنية العمل المقاوم الاحتلال وتأثيراته السلبية على فعاليات المقاومة بكل تعبيراتها السياسية والعسكرية والجماهيرية والتعبوية ، كما هي كاشف لتخاذل دول النظام الرسمي العربي  لابل تواطؤ وتآمر بعضها على  فلسطين شعباً وثورةً  بالمحاصرة السياسية والتقتير المالي ، في الوقت الذي تستمر فيه هذه الانظمة بادامة  علاقاتها الدبلوماسية والتطبيعية مع الكيان الصهيوني رغم حرب الابادة والتدمير والتهجير التي يشنها على غزة ولبنان وهو الذي لا يخفي ان حدود كيانه تتجاوز حدود فلسطين التاريخية الى مايسمى بدولة “اسرائيل الكبرى”التي ترتسم حدودها مابين الفرات والنيل.

الحقيقة الرابعة ،

ان فلسطين ، ومنذ بدأ الحلف الصهيو –  استعماري  التخطيط والتنفيذ لاغتصابها واقامة كيان غاصب على ارضها ، لم تكن بأساس وخلفية مشروعه مستهدفةً لذاتها وحسب ، وانما الوطن العربي برمته ويكفي التذكير بمقررات مؤتمر كامبل بانرمان ١٩٠٥- ١٩٠٧ ، للتدليل على البعد الحقيقي لاختيار فلسطين ، موقعاً تقيم عليه الحركة الصهيونية كيانها بدعم استعماري لاحدود له . وهذا مايجعل من القضية الفلسطينية قضية قومية عربية مكتملة الاوصاف والاركان . وعندما تكون قضيةً ما ،  قضية قومية ، فأنها تتحول الى قضية شعبية تتجذر في وجدان الامة الجمعي وفي تفاصيل حياتها. وهذا مايشعر به كل انسان عربي حيث يرى بالقضية الفلسطينية قضية خاصة به تعنيه في حاضر حياته ومستقبله لارتباط مصير الامة بها .  وهذا ما لا ينطبق على تعاطي شعوب وامم اخرى معها ، اذ قد تقدم انظمة هذه الشعوب والامم على اتخاذ مواقف سلبية او ايجابية من القضية الفلسطينية ، ولكنها لا ترتقي في تعاملها معها باعتبارها قضية قومية ، وهذا ينطبق على الدول والانظمة التي تنظر الى القضية الفلسطينية وتتعامل معها باعتبارها قضية للاستثمار السياسي وكما هو حال النظام الايراني .

فالقضية الفلسطينية ما كانت يوماً قضية قومية للشعوب الايرانية ، بل هي مجرد قضية سياسي فوقية يتعامل معها النظام الايراني  باعتبارها مدخلاً للنفاذ الى قلب الوطن العربي وغرس مخالبه به .  وقد ساعده على ذلك ، الانكشاف القومي للامة بعد احتلال العراق من جهة  ، والتسهيلات الاميركية  من جهة اخرى بغية تنفيذ ماعجز عنه العدو الصهيوني من تحقيقه في اختراق العمق الشعبي العربي وتفتييت بناه المجتمعيه وتحويل الدول العربية  الى دول فاشلة . وقد اثبتت الوقائع التي اعقبت “طوفان الاقصى” على جبهتي لبنان وفلسطين ،ان النظام الايراني يستثمر بدم ابناء الامة من فلسطينيين ولبنانيين خدمة لاجندة اهدافه الخاصة بالاستناد الى التضليل الذي مارسه  في تعامله مع القضية الفلسطينية ، وبما دفع كثيرين من القوى السياسية العربية وللاسف لان تعمل على تسويق الموقف الايراني على انه موقف  جذري في معاداته للكيان الصهيوني فيما الحقيقة عكس ذلك وهو الذي يبقي قنوات اتصاله مفتوحة مع اميركا التي تضبط ايقاع تبادل الرسائل بالنار بين النظام الايراني والكيان الصهيوني لابقائها ضمن دائرة الاحتواء وفق الحدود المتفق عليها سلفاً .

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، التي ترى ان “طوفان الاقصى” ليست الا محطة في مسار النضال الوطني الفلسطيني ، تؤكد مجدداً ، بأن التضحيات التي تقدمها جماهير الامة في ساحتي فلسطين ولبنان ، ستذهب سدىً ان لم يتم تثميرها وتوظيفها توظيفاً نضالياً  في سياق تحصين الموقف الوطني الفلسطيني كما الموقف الوطني اللبناني.  وهذا مايتطلب :

اولاً ، المبادرة فوراً الى تفعيل ماتم الاتفاق عليه في بكين عبر وضع مندرجات اتفاق الوحدة الوطنية  قيد التنفيذ العاجل .  فبمثل هذه الوحدة ، تُحْدِثُ المقاومة صدمة ايجابية لدى جماهير فلسطين والامة ، وصدمة سلبية لدى العدو الذي يراهن على استمرار الانقسام في الصف الوطني الفلسطيني لتمرير مخططاته السياسية الانية والبعيدة المدى بدءاً بطمس  الهوية الوطنية الفلسطينية عبراسقاط التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني والذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية.فضلاً عن ذلك ، فإن تحقيق هذه الوحدة بقدر ماهو حاجة وطنية فلسطينية ، فإنه حاجة عربية لمحاكاة الواقع العربي الرسمي والشعبي بموقف سياسي موحد ورؤية موحدة لآلية  ادارة الصراع بكل عناوينه ومتفرعاته ومنها ادارة الحراك الدبلوماسي الذي يفترض تفعيله في الحد الاقصى الممكن للاستفادة من معطى المتغيرات الايجابية على المستوى الدولي ،تعلق الامر بارتفاع عدد الدول التي تعترف بفلسطين ، او  بمقاضاة “اسرائيل”  على جرائمها امام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ، او   باجراءات المقاطعة لهذا الكيان والتي اتخذتها شركات وجامعات ومؤسسات بحث علمي وهيئات تعمل في مجال حقوق الانسان  .

لقد تحولت القضية الفلسطينية بعد “طوفان الاقصى” الى قضية رأي عام دولي ،وعلى ثورة فلسطين ان ترتقي الى مستوى هذا التحول واعتباره الانجاز الاهم الذي تحقق على مدى عقود من النضال  بوضع  القضية الفلسطيني في مدارها الانساني وهو الذي كانت تفتقر له في السابق ، وكان احد اسباب ضعفها وعدم قدرتها على خوض صراعٍ متكافىءٍ بكل ابعاده وعناوينه.

 

كما ان  القيادة القومية للحزب، بقدر تأكيدها على اهمية  الارتقاء بالعلاقات الفصائلية الفلسطينية الى مستوى الوحدة الوطنية الفعلية على ارضية برنامج مقاوم ، تشدد على اهمية تحصين جبهة لبنان الداخلية بوحدة وطنية فعلية ، وانطلاقاً من ادراك عميق ، بان العدو الصهيوني ، هو عدو للبنان بكل مكوناته ، وهو يبغي ابقاء بنيته الداخلية مفتتة ومتشظية ، اسوة بما يبغيه للمكونات الوطنية العربية التي  دُمِرَتْ بنيتها بفعل الدور الايراني التدميري واخطره تطييف  الحياة السياسية  واحداث تغيير في التركيب الديمغرافي عبر استقدام كتل بشرية غير عربية  لتوطينها في سوريا والعراق على غرار الاستيطان الصهيوني في فلسطين الذي يتوسع ويتمدد على حساب الوجود العربي.

ان تمكين لبنان من توحيد جبهته الداخلية  في مواجهة مخاطر العدوان الصهيوني ، هي عامل اساس من عوامل افشال المخطط الصهيوني ، وان المدخل لتوحيد هذه الجبهة الداخلية على ارضية مشروع يعيد توحيد لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات ، هو اعادة الاعتبار الدولة واعادة تفعيل حضورها في القيام بمهامها الاساسية  الرعائية والحمائية.

إن توحيد  الادراة السياسية الوطنية على جبهتي لبنان وفلسطين الساخنتين حالياً  إنما يساعد في تعزيز الصمود في الميدان وعلى جبهتي العمل السياسي والدبلوماسي وتلقي نتائج العدوان والعمل على احتواء تداعياته في الحد الادنى من الانعكاسات السلبية.

 والقيادة القومية للحزب ، وهي تولي اهمية لتحقيق وحدة وطنية فعلية على هاتين الجبهتين ، لاتسقط الاهمية التي تنطوي عليها الساحات العربية الاخرى خاصة تلك التي تعيش تحت وطأة ازمات بنيوية بعضها مستباحة من عصابات اللصوص والتشكيلات المليشياوية التي ترتبط بمركز التحكم والتوجيه الايراني كحال العراق وسوريا واليمن ، وبعضها تحت وطأة حرب عبثية كحال السودان الذي يندفع نحو المجهول  ، وبعضها تستنزفه الصراعات القبلية والجهوية كحال ليبيا والصومال ، الى ساحات اخرى تنوء تحت عبء ازماتها السياسية  والاقتصادية والاجتماعية.

وعليه ، فإن الصراع  مع العدو الصهيوني ، والذي هو صراع قومي بكل ابعاده وان تموضعت فعالياته الميدانية على جبهتي لبنان وفلسطين بشكل اساسي ، بات يوجب  تحصين الجبهات العربية الداخلية من الاختراقات المعادية سواء كانت من المداخل او الداخل القومي  وهو الذي يتطلب نضالاً وجهداً سياسياً وشعبياً  لاسقاط منظومات الحكم المرتهنة للقوى الدولية وقوى الاقليم ، وتخليص جماهير الساحات من تسلط المليشيات على مقدرات البلاد والعباد واعادة الاعتبار للدولة الوطنية وبما يمكنها من توفير مسلتزمات الامن القومي  في مواجهة تحديات الخارج والامن المجتمعي في مواجهة قوى التكفير الديني والفساد والمحاصصة والتخريب  على كافة اشكاله سواء هدف الى تناول بنية الدولة او البنية المجتمعية.

 

ان القيادة القومية للحزب ، وفي الذكرى السنوية لعملية “طوفان الاقصى”  ، ترى في الوحدة الوطنية الفلسطينية عنصر الاستعصاء الوطني  الذي يحول دون احتواء القرار الوطني الفلسطيني ،كما بالوحدة الوطنية اللبنانية عنصر الارتكاز الذي يمكن اللبنانيين من الوقوف على ارضيته لحماية لبنان مما يتهدده من مخاطر صهيونية ومن الاثار السلبية لتثقيل ساحته باعباء مشاريع  قوى دولية واقليمية  تتعارض والمصلحة الوطنية اللبنانية الذي لايحميها الا العمق القومي. 

 

والقيادة القومية للحزب ، وهي تعتبر  يوم السابع من اكتوبر يوماً مجيداً من ايام العرب الخالدة   ، تدعو الجماهير العربية عبر قواها الوطنية والامينه على  تمثيلها للارادة الشعبية الى اطلاق حراك شعبي  يعيد للشارع العربي نبضه انتصاراً للمقاومة واسقاطاً لنهج التطبيع ، وحتى يدرك كل من يتعامل مع القضية الفلسطينية من الموقع  السلبي او المستثمر بها ، بان هذه القضية ستبقى محركاً للنضال العربي ومن يقاتل صدقاً من اجلها هم ابناء الامة انطلاقاً من وعي قومي متجذر في الوجدان القومي بأن   الصراع العربي – الصهيوني  سيبقى مفتوحاً  طالما بقي الاحتلال قائماً . وعلى قاعدة  وجودية هذا الصراع فإن  الحياة لاتستقيم   لاحدهما الا بنفي الاخر. ومن يبقى هو الاصيل بانتمائه للارض ومن تشكلت هويته القومية عبر تواصل المراحل التاريخية للتشكل القومي العربي  ، ومن سيزول هو من تم استيلاده بقرار دولي في ظل توازنات وتقاطع مصالح دولية ، وهو سيزول حكماً باختلال هذه التوزانات والمصالح  والمهم ان تبقى جذوة المقاومة والنضال متقدةً .

 

المجد والخلود للشهداء من ابناء هذه الامة في أية  ساحة سقطوا دفاعاً عن الامن القومي العربي

والشفاء للجرحى والحرية للاسرى والمعتقلين في سجون ومعسكرات العدو الصهيوني وفي سجون ومعتقلات انظمة الاستبداد والفساد والرجعية ، والنصر ما كان يوماً الا حليف الشعوب المكافحة من اجل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.

 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في 7/10/2024

 

 

إضاءات فكرية

إضاءات فكرية

أ.د. طارق السامرائي

 

سيناريو التوغل البري الصهيوني بداية مشروع اقليمي لمشروع دولي

قد يخيب ظن البعض من يقرأ الحوادث بعكسية أهدافها، فالأمر يتعلق بتحليل مجمل ما يجري لما سيجري.

فبعد أن تم جر إيران إلى سوح المنازلة أصبح للجريمة طعم خاص ومذاق معسل، الرعب في لبنان وديمومة نيران الحرب مكلفة لكنها مطلوبة وتوسيعها إقليمياً ودولياً هدف مركزي واستراتيجي ملح وإن لا زال تحت المظلة.

إيران لا ترغب بإسقاط حالات التقادم لمشروعها الحلم العسكري السياسي المذهبي (النووي) تلوح به وهو في مرحلة طفولته وتنتظر مرحلة النضج ثم التلويح بالحرب، لكن جملة من الضغوط القسرية دفعتها لخوض شفاف للمعركة مع حسابات بإطار تفاهمات ستجري وراء اللا_مرئيًا مع الخصوم لترسيم حدود المعركة وما تتمخض عنه.

إيران وأمريكا و”إسرائيل” ليسوا أغبياء، ولكن الظروف تفرض تناولها بحكم الحسابات في الربح والخسارة.

الآن تكاملت ملامح الصورة …نحن في حرب أركانها “إسرائيل” -إيران- فلسطين -لبنان -أمريكا -الغرب، والباب مفتوح على مصراعيه للصين وروسيا من طرف ودعوة منظمات جهادية أفغانية وباكستانية وإسلامية وأجنبية من طرف ثاني.

إيران تريد السلام والهدوء و”إسرائيل” تجبرها على زجها في أتون الحرب وبعلم الولايات المتحدة الأمريكية…

والمجتمع الدولي بين القوانين بلا تطبيق ويطالب بسياسة ضبط النفس!!!

والأمور تجري بما لا تشتهي براقش!!!

سيعقد مجلس التعاون الخليجي بعد ساعات.. ما عليه وما له والعلم عند الناس اليوم، يريد المجلس تطبيق القرار 1651 تطبيق مخرجات اتفاق الطائف بشأن لبنان وهو مرتعب من تهديدات إيران إن شذ العرب عن مواقفهم وذهبوا لدعم تل أبيب.

السؤال هل سيعقد هذا المؤتمر بمعزل عن دراية وعلم أمريكا والغرب؟ وهل ستترتب الأوراق حسب أولوياتها وأهميتها؟ (وهل سينجح ويجتاز المحنة أم يخفق ويستدير للوراء؟

وهنا يبرز سؤال آخر مرادف (لماذا نجحوا هم …. ولم ننجح نحن)

هو ما على الطاولة للمؤتمر الآن!

نجح دعاة الخراب والتدمير والحرب، نجحوا في قلب الموازين وتخلف معايير المصلحة الوطنية العربية وإعاقة نضج مشاريع التقدم والمقاومة النظيفة، وهو تفوق له أدوات نجاحه في التصنيع والتقنية والدونات السياسة الملتوية الغربية.

دخلت إيران عنوة عنها الحرب لكي تصبح الخطوة الأخيرة للحرب الإقليمية قائمة في الشرق الأوسط والمنطقة العربية على الخصوص، والمستجد الحالي هو (أن نصر الله تابع انتهت صلاحية استخدامه…. فقتل).

ولابد من مراجعة وقراءة للأحداث المتصاعدة في لبنان والاستهدافات التي نفذتها عساكر “إسرائيل” ضد فلول وقادة حزب الله وحماس من أذى واغتيالات وصولًا للتهديد باجتياحه وفرض الطاعة إزاء صمت دولي رهيب وعجعجة إعلامية مذبذبة وتأييد أمريكي غربي صارخ.

أحداث متشابكة متسارعة يومية بإطار حرب تجاوزت حدود 370 يوماً تتطلب تعاملًا جديًا عربياً إسلامياً ودولياً بإطار الاستنكار الشديد لجملة الجرائم البشعة والإبادة الجماعية التي تستهدف بشكل ممنهج الأطفال والنساء وكبار السن بلا تفريق، والتي لها استراتيجيتها المبرمجة والتي صنعت وتبلورت وطبخت في مطابخ الأجنبي.

ومن هذا الباب فإن الطبخة الجديدة بعد فلسطين ولبنان هو الأردن ومصر ومحاولات خلق المناخ الاحتجاج التأجيجي ضد السلطة في البلدين وتغذية النعرات الطائفية في العراق واليمن وأقطار الخليج العربي، وهو تنسيق بين المشروعين الصهيوني الغربي الصفوي رغم توفر بعض التعارض في مقاربات تطبيقه إلا أن الاتفاق قد تم وهو الذي يحمل رياح الكراهية والتفتيت للعرب في المنطقة.

إن منطلقات نجاح هذا المشروع يدعو إلى تكريس سياسة (التجويع والترويع والحصار الاقتصادي) لترويض شعب الأمة للاستسلام وتوديع ما يدعى وحدة الأمة العربية كنواة لوحدة الأمة الإسلامية والاستعانة بنظريات (الإبادة الجماعية والتهجير القسري).

وهو مشروع ممنهج لتوظيف حالات العقم للنسل العربي واجهاض التوليد البشري العربي. إن ما يجري في بلدان الوطن العربي لا ينحصر في حلم عدائي للتوسع وإشاعة الوجود “الإسرائيلي” اللقيط القسري إنما لنشر العقيدة الصهيونية والفكر الالحادي وشرذمة المجتمع العربي والإسلامي (رامبو التخلف المقصود).

ساهمت إيران بغيها التاريخي وكرهها العرب والإسلام بقسط وفير من الحرب والتنكيل بالأمة، تتعامل مع الشيطان بلا تردد، لذلك ساهمت وعبر ذراعها في لبنان خدمة لولاية الفقيه جرائم منكرة بحق شعب العراق وسوريا ولبنان وقتل الناس تحت مسميات طائفية ومذهبية وتعميق سياسة النزوح بحق العراقيين وأهل الشام لا تمحي من الذاكرة.

لكننا نلاحظ أن المشروع الصهيوني يتقدم على المشروع الصفوي من حيث القوة العسكرية والدعم الغربي والأمريكي وعدم التقيد بالقوانين والتشريعات الدولية ويتقدم المشروع الصفوي الإيراني على الصهيوني من حيث المراوغة السياسية وأسلوب التدليس وممارسة الخداع واعتماد صيغ التوريط ثم الانسحاب والتنصل من الالتزامات وهو ما نجح فيه بالتعامل مع دول الجوار عبر التاريخ.

وكلاهما من حيث المبدأ يهدف إلى تمزيق اللبنة المجتمعية العربية الإسلامية واحداث شروخ في بنيته القيمية والأخلاقية كمنظومة صعبة الاختراق وتقويض قدراته في المواجهة على كافة الأصعدة ، يصاحبه مع الأسف والألم النفسي قبول جزئي لما يحدث من قبل بعض الأنظمة العربية التي تباطأت في نصرة القضية الفلسطينية كقضية عربية ثم دولية وترك مصيرها متعلق بقرارات الغرب مطحونا بالمزايدات وأسواق المراهنة كما حدث في العراق سنة 2003 حيث أعلن المزاد العلني تبعًا للمصالح وتم استباحة الساحة العربية بالفيضان الإيراني وموجاته التترية، ودفعت الفاتورة بأثمان باهظة ولا زالت الجريمة مستمرة تطال الأردن وسوريا من جديد ومصر وهي ضريبة مضافة لما حدث وسبب الغصة ودعا حماس وفلسطين أن تلجأ إلى دفء الحضن الإيراني كضرورة تاريخية لتجاوز منعطف استئصال دورهم الجهادي في التحرير.

ونتيجة لهذا الوضع صممت إيران شعاراتها التكتيكية تحت يافطة فلسطين قضية إيرانية، الأمر الذي دعا حزب الله أن يلعب دوراً إجرامياً في سوريا والعراق ولبنان مستثمرًا الموقف لينال من الأغراض والنفوس قتلًا وتشريدًا.

وهنا لابد من طرح الحقيقة إن القاتل صهيوني وهو عدو الأمة الأول لكن هذا لا يمنع أن تقاس الجرائم بما جرت وهو أمر يتطلب وعيًا لما يحاك للعرب والمسلمين وإن تداخلت الخنادق وما هو في طريق البلورة من استهدافات لمصير الأمة والذي يدعونا بالضرورة إلى قراءة المشهد بدقة وموضوعية كونه يمثل مشروعًا جديداً قابلاً للافتتاح فمن العراق إلى غزة إلى لبنان وعلى المدي القريب على الأردن ثم مصر وبذلك تنتهي مراسيم المشروع الصهيوني الصفوي الغربي وعلينا تفويت الفرصة قبل استفحالها وسريان سرطانها في جسم الأمة.

رؤيتي لخطابات ولاية الفقيه الفارسية

رؤيتي لخطابات ولاية الفقيه الفارسية

خلال متابعتي لخطاب المرشد، علي خامنئي التأبيني لاغتيال حسن نصر الله، والذي تحدث خلال باللغة العربية، عدت بذاكرتي إلى خطابات الخميني التي مضى عليها 45 سنة، كانت باللغة الفارسية، خطابات الاثنين تحمل المضمون نفسه، ليس هناك اختلاف بينهما سوى أحدهم باللغة العربية والآخر باللغة الفارسية، يتضمن (نقتل ونمسح من الخارطة إسرائيل ،وننصر المستضعفين في العالم)..

لم نر أي تغيير بسياستهم الخارجية بالرغم أنهم احتلوا أربع عواصم عربية  والخامسة دولة الأحواز العربية المحرم عليهم أبسط حقوقهم القومية المشروعة، المعترف بها.

كيف لنا أن نصدق ادعاءهم بنصرة المستضعفين، وما زالت (إسرائيل) تتمدد بحدودها، والظاهر أن بعض الدول العربية سوف تمحى من الخارطة كما الأحواز وثم فلسطين والقادم أعظم.

وأصبح الملالي اليوم يتدخلون بشكل سافر في شؤون الدول العربية بشكل مباشر، ويفرضون ما يريدونه بالقوة أو بالتواطؤ مع أذنابهم.

 

هل نصدق بعد كل هذه السنين ادعاءهم نصرة المستضعفين، وادعاء الفرس نيتهم تحرير فلسطين بعد اغتيال هنية رئيس حركة حماس في طهران؟

وكل أذرعهم في البلاد العربية ما هي إلا وسيلة لتنفيذ مآربهم القومية العنصرية وفرض سيطرتهم على الدول العربية وتحقيق أحلامهم باستعادة إمبراطورية كسرى البائدة، ومن يظن أن الملالي هَمّ الملجأ الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والحرية والرخاء ونشر الإنسانية والديمقراطية الحقيقية فهو واهم.

الحل الوحيد هو تصميمنا نحن العرب على تحقيق الأمن والأمان وتحرير أراضينا العربية المحتلة من أي أجنبي دون الاعتماد على المساعدة الخارجية.

 

 

محمود بشاري الكعبي

من مؤسسي الجبهة العربية لتحرير الأحواز

 وأمين عامها الأسبق.

ما هيك اتفقنا!

ما هيك اتفقنا!

أ.د. سلمان الجبوري

كثر الحديث عن قواعد الاشتباك منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب بين الكيان الصهيوني وحزب اللات اللبناني، ولما وجدت ان هناك خروجا عن المفهوم الحقيقي الذي اعرفه لهذا المصطلح لذا عمدت الى الكتابة على بعض وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الصفحات الخاصة متسائلا عما هو مقصود بتلك    القواعد لاعتقادي ربما يكون قد جرى تغيير على ذلك المفهوم او لربما أكون انا قد فهمت المصطلح بشكل غير صحيح، واذ تبين لي بان المعنى والمضمون الحقيقي لهذا المصطلح هو كما عرفته انا، فعدت ابحث عن تفسير لما هو حاصل من تطبيق له على ارض الواقع وعندما استحضرت الوقائع السابقة والحالية المتعلقة بالعلاقة بين اميركا والكيان الصهيوني من جهة وايران واجنحتها من حزب اللات اللبناني والحوثيين والميليشيات الولائية والحشد من جهة أخرى وجدت ان ماهو متداول الان بقدر تعلق الامر بأطراف تلك العلاقة هو بالفعل قواعد جديدة للاشتباك متفق عليها بينهم تختلف عن تلك المتعارف عليها دوليا، حتى ولو لم تكن مكتوبة مفادها نحن أعداء في العلن ولكننا متخادمون سرا في التطبيق ومضمون ذلك الاتفاق اننا نضرب بعض دون إيقاع الأذى المعتاد في الحروب الحقيقية بل وابعد من ذلك السماح المتبادل لطرفي النزاع المزعوم بايقاع قدر من الخسائر في الجانبين. ان سبب تكرار ترديد مصطلح قواعد الاشتباك المتفق عليها بين الأطراف هو تجاوز الكيان الصهيوني لتلك القواعد وايقاعه اذى اكبر مما هو مسموح به بينهما . ان اعتماد قواعد الاشتباك المتفق عليها وإصرار النظام الإيراني على العمل بموجبها انما هو يخدم الاهداف المشتركة لتلك الأطراف وابرزها عدم زج ايران في حرب مع اميركا والكيان الصهيوني والمحافظة على الدور التخريبي لإيران في المنطقة من خلال تواجدها بواسطة اذرعها وعملائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن واستعدادها للتمدد الى اقطار أخرى كالسودان وربما الأردن ومصر والشمال الافريقي بواسطة استخدام سياسة ايهام تلك الدول بحرص ايران بالدفاع عنها كما فعلت مع حماس في غزة دون ان تقدم دعم ظاهر يمكنها من إيقاف عجلة التدميرللكيان الصهيوني ان تفعل فعلها التدميري في غزة او في لبنان الان.

وبالعودة الى المفهوم الحقيقي لقواعد الاشتباك يمكننا القول ان من قواعد الاشتباك ما هو عام تحكمه المواثيق والأعراف الدولية وتضبطه المؤسسات الدولية ومنها ما هو خاص بكل طرف من الأطراف المتحاربة تحكمه الأعراف الإنسانية والدينية وقيم الرجولة والفروسية كتلك التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى «الحروب» فقال: «لا تقطعوا شجرة.. وألا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا وليدا ولا شيخا كبيرا ولا مريضا.. لا تمثلوا بالجثث.. ولا تسرفوا فى القتل.. ولا تهدموا معبدا ولا تخربوا بناء عامرا.. حتى البعير والبقر لا تذبح إلا للأكل».. كما أوصانا أيضا بالإحسان إلى الأسير وأن نكرمه ونطعمه.. وأن نوفى بالعهد. وكذلك ما أوصى به من بعده الخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه وارضاه جيشه الذى فرق بين الحق والباطل (لا تُسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينقص منها ولا من خيرها ولا من صليبهم ولا من شىء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم)

تلك القواعد التي شذ عنها مدعو الإسلام الفرس المجوس في حربهم مع العراق حيث جندوا الأطفال بخديعة ان سيدخلون الجنة واعدموا الاسرى واسائوا معاملة من بقي منهم على قيد الجياة ولم يفرقوا بين مقاتل ومدني اعزل او بيوت مسكونة او منشئاة النفع المدني العام او ما فعلوه مباشرة او بواسطة اذرعهم المجرمة في اليمن او في سوريا او في العراق.

ان ما شهدناه في الآونة الأخيرة من قواعد اشتباك بين ايران واذرعها من جهة والكيان الصهيوني وأميركا من جهة أخرى انما هو اتفاقات مسبقة على قواعد اشتباك من نمط خاص يبقي ايران خادمة للمشروع الأميركي في محيطها الإقليمي ويظهرها كأنها عدو حقيقي لهم وكانت تنتظر ان تلتزم الأطراف الأخرى بهذا النمط الجديد من قواعد الاشتباك والذي لم يلتزم به الكيان الصهيوني والذي اثخن جراح حزب اللات اللبناني  والذي دعاهم الى الاستغراب من تجاوز الكيان الصهيوني لما اتفق عليه.

 

الحيرة الأمريكية في الوقت الضائع

الحيرة الأمريكية في الوقت الضائع

نزار السامرائي

في المواجهات التي تشهدها المنطقة منذ سنة تقريبا، الولايات المتحدة، هي التي تحدد لإيران حجم ردها ومداه على الإذلال الذي عاشته لنحو سنة في مناطق نفوذها وداخل أراضيها، ولأن أمريكا تعرف ان (إسرائيل) إبنتها الصغيرة وهي المدللة أكثر من شقيقتها الكبيرة ومضطرة لمواصلة تدليعها، فإن إدارة بايدن التي توشك على الرحيل، وبايدن أصلا رحل منذ أن كان نائبا لأوباما، وفقدَ لعدم قدرته على التركيز، فرصته للتأثير أو المشاركة في القرار السياسي الأمريكي، فقد وجد بايدن أن إبنته المدللة كانت تظهر تمردها على رغباته وقراراته، واللعب بكرامته واعصابه برغم أنه رئيس لٱقوى دولة في العالم، وأنه أعلن أنه صهيوني رغم أنه مسيحي الديانة، فلم تشفع له تلك المواقف، وجعلت منه أضحوكة يتندر بها الساسة المحترفون والهواة على حد سواء في هذا الظرف الحرج الذي يخوض هو وحزبه الديمقراطي معركة الرئاسة لصالح هاريس، فأظهر عجزا فاضحا عن اخضاع (إسرائيل) لإملاءاته فيما يتعلق برسم الخطط الحربية، فراح يرجوها في مواقف معلنة إلا يشمل ردها التالي على الرد الإيراني الاستعراضي الأخير. المنشآت النووية أو المراكز النفطية. في الطلب الأول كان يداعب أحلام إيران إبنته التي توشك شمسها على الأفول ، في طموحها في ان تتحول الى هراوة إقليمية، وفي الثانية كان يداعب مشاعر المواطن الأمريكي في الحفاظ على إنسيابية تدفق النفط وثبات أسعاره، كي لا يدفع المواطن الإيراني فاتورة إضافية عل سعر الغالون الواحد.
ولكن هل تبقى إيران و(إسرائيل) على درجة الانصياع نفسه لأوامر الأب وخاصة إذا وصل مرحلة الزهايمر وتصادمت إراداته وقراراته مع بعضها، ومع رغبات بنتيه الحبيبتين اللتين وصلتا مرحلة البلوغ، وبالتالي حرية إتخاذ القرار في الزواج والطلاق، في زمن تقاس فيه أحكام السكان المحليين والٱتباع والاعداء، بالمواقف المتخذة بما فيها الخطط الحربية، ولا يستطيع أحد التحكم بسريتها ولو لدقائق بعد وقوعها، نتيجة التطور الخرافي لتكنولوجيا الاتصالات، ووصولها الى مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى سياط تجلد رؤوس راسمي السياسة والاستراتيجية وظهورهم، وكابوسا مرعبا يخيم فوق المراقد، بحيث بات حتى الفرد البسيط يعرف ما يدور في غرف النوم، وربما صار السياسي المحترف يتلفت إلى الجهات الثلاث خشية من كاميرات المراقبة قبل أن يصرح أو يقول شيئا في اجتماع مغلق أو يوَقّع قرارا أو مرسوما أو قانونا، ولعل في مراجعة ما حصل لحزب الله من اختراقات فاضحة، ما يعزز من المخاوف لكل من يتصدى لوظيفة عامة في اي بلد، حتى لو كان يمتلك أقوى أجهزة الأمن والمخابرات، لأنها باتت مخترقة هي أيضا، حتى لو اعتمدت على أعلى ما تنتجه أدوات الحماية من تكنولوجيا الاتصالات ووسائل حمايتها.

مكتب الثقافة والإعلام القومي يصدر العدد 85 من النشرة القومية الإعلامية

 

أصدر مكتب الثقافة والإعلام القومي العدد 85 – شهر أيلول 2024 من النشرة القومية الإعلامية …

للاطلاع وتحميل النشرة:

https://drive.google.com/file/d/1HsXCJiW7G1diRe57MzHu2SB5fZ4MpraI/view?usp=sharing

https://anyflip.com/lapqo/drwm/

http://online.anyflip.com/lapqo/drwm/

 

 

في ذكرى رحيل الرفيق أبو جعفر.. مسيرة العطاء والتضحية

 

في ذكرى رحيل الرفيق أبو جعفر..

مسيرة العطاء والتضحية

محمد ضياء الدين

في الذكرى الأولى لرحيل الرفيق المناضل أبو جعفر، عضو القيادة القومية وأمين سر قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي، نستذكر سيرته النضالية العطرة التي كانت مليئة بالعطاء والتضحية. اسمه الحقيقي صبار فلاح المشهداني، وهو من القيادات الحزبية  التي كرست حياتها لخدمة الأمة العربية وقضية العراق، في أوقات السلم والح-رب. تجربته الطويلة في العمل الحزبي، تحمل في طياتها تاريخا مليئا بالصعاب والتحديات التي واجهها الحزب منذ نشأته وحتى اللحظات الأخيرة من حياته، ظل أبو جعفر ثابتا على مبادئه ولم يتراجع حتى في أشد الأزمات.

انضم أبو جعفر إلى حزب البعث العربي الاشتراكي في بداية الستينيات، حين كانت الأوضاع السياسية في العراق والأمة العربية تشهد اضطرابات كبيرة. تدرج في صفوف الحزب بفضل التزامه العميق بفكر البعث، وكان له دورا بارزا في الحفاظ على هوية الحزب ومقاومته، خاصة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003. الاحتلال الذي شكل تحديا وجوديا للحزب، كان المستهدف الأول في الح-رب السياسية والعسكرية التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها. لكن أبو جعفر، برهن على قدراته القيادية من خلال إعادة تنظيم صفوف الحزب تحت الأرض، مباشرة بعد خروجه من معتقلات السلطة العميلة هو وأحد أولاده، بعد أربع سنوات، إذ حافظ مع رفاقه على جذوة النضال مشتعلة في وجه الاحتلال وما فرضته القوات الأجنبية من عملية سياسية جديدة تهدف إلى تقويض دور البعث وإبعاده عن الساحة السياسية. لعب المشهداني دورا محوريا في الحفاظ على تماسك الحزب في هذه الظروف الصعبة، مما جعله رمزا للصمود والاستمرارية رغم الضغوط الكبيرة.

 تولى أبو جعفر مسؤولية أمانة سر قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي، بتاريخ 23 ديسمبر 2020 ولحين وفاته بتاريخ 25 سبتمبر 2023 وهو موقع القيادة في الحزب، في ظل الظروف التي كان يمر بها العراق بعد الاحتلال، وما تلاه من تحديات أمنية وسياسية وطائفية مزقت العراق . استطاع أبو جعفر قيادة الحزب بحكمة وحنكة، معتمدا على إرث الحزب التنظيمي والفكري في مواجهة المشاريع التي كانت تستهدف تفتيت وحدة الحزب والعراق واستمرار الاحتلال بأشكاله غير المباشرة. واصل الرفيق أبو جعفر الدعوة إلى مقاومة الاحتلال بكل السبل المتاحة، مشددا على أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة التفتيت الطائفي والتدخلات الأجنبية، كما ركز على المحافظة على وحدة الحزب فكريا وتنظيميا وسياسيا، ليظل كما كان دوما، ركن الأساس في النضال الوطني والقومي .

لم يكن تأثير أبو جعفر محدودا على العراق فقط، بل امتد ليشمل الساحة العربية الأوسع من خلال دوره في القيادة القومية لحزب البعث، مع رفاقة في القيادة القومية،  كان داعما لوحدة الصف العربي في وجه التحديات المشتركة مثل التدخلات الأجنبية والهيمنة الغربية على موارد ومقدرات الأمة العربية. كما عمل على بناء جسور التعاون مع الفصائل القومية الأخرى، إيمانا منه بأن القوة الحقيقية تكمن في وحدة الأمة العربية. إضافة إلى ذلك، كان له ارتباط وثيق مع رفاقه في الشتات، وعمل على الحفاظ على ترابط الحزب رغم التحديات الأمنية والسياسية.

في سبتمبر / أيلول 2023، رحل أبو جعفر بعد صراع مع المرض، تاركا خلفه إرثا نضاليا عميقا وذاكرة مشرفة لدى رفاقه وكل من عرفه أو تأثر بفكره. شيعه رفاقه ومحبيه بقلوب حزينة ولكن فخورة بما قدمه من تضحيات طوال حياته. كانت سيرته وستظل محفورة في ذاكرة الحزب والنضال العربي، كأحد القادة الذين لم يلينوا في مواجهة الصعاب، وظلوا ثابتين على مبادئهم رغم التحديات. في الوقت الذي تظل فيه تحديات العراق والأمة العربية قائمة، سيبقى أبو جعفر رمزا للثبات على المبادئ والإخلاص للقضية العربية، ودعوة مستمرة للنضال من أجل تحرير الأرض والإنسان العربي من كل أشكال الاحتلال والهيمنة.

 مواقف سيخلدها التاريخ بأحرف من نور للرجال الشجعان

بسم الله الرحمن الرحيم

(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)

صدق الله ألعظيم

 مواقف سيخلدها التاريخ بأحرف من نور للرجال الشجعان

 الإعلامي أبا العز

تمر علينا في الخامس والعشرين من أيلول الذكرى الأولى لرحيل القائد المجاهد البطل أبا جعفر وهو يترجل من صهوة جواده الى رب كريم وهو يحمل هموم أمة بكاملها. لقد عرفت القائد ألمجاهد أبا جعفر عن قرب عام 1997 عندما عملت معه في مكتب تنظيم مصر وكان عنواني نائب مسؤول التنظيم ألقومي في محافظة الأنبار وبقيت متواصل معه حتى الاحتلال ألبغيض لعراقنا ألصامد سنة 2003 حيث التحقت معه في الأيام الاولى للاحتلال وبدأنا العمل لتثوير الحالة الجهادية وإعادة التنظيم والمشاركة في المقاومة وكنت حلقة الوصل بينه رحمه ألله وبين المرحوم الرفيق ابو احمد رحمه الله مسؤول الانبار أنداك. وأخذ عملنا ينحى منحى متطور نحو رص صفوف التنظيم والمقاومة ألوطنية الباسلة وكان يوصيني عندما اتسلم البريد منه رحمه الله على ضرورة أن أسلك الطرق الخالية من الأمريكان وكنت بفضل الله محفوظا بكل الخطوات التي أخطوها حتى تم اعتقاله رحمه الله وبدأت التواصل مع عائلته ويشهد على ذلك أبناءه.  وبعد خروجه من المعتقل قمت بزيارته لبيته رغم الظروف الصعبة وبقيت معه حيث كان يأتيني للبيت ومعه رفاقه عندما تستوجب الظروف للقاء الرفاق حفظهم ألله ورحم من توفى منهم وفرج عن المعتقلين منهم وبقيت معه وبتواصل مباشر عندما أصبح أمينا لسر القطر.

لقد كان رحمه ألله بطلا غيورا لا يهاب الموت وكان يتنقل بين محافظات العراق كافة وعشت معه أحلى الأيام رغم قساوتها ولكن كنت أشعر بسعادة غامرة عندما يكلفني بأي عمل وكان معه أيضا الحاج المعتقل أبا طه فك الله أسره الذي تم اعتقاله من قبل الدواعش المجرمين ومعه مجموعة مناضلة من رفاقنا الأبطال.

  بهكذا رجال مؤمنين صادقين شجعان تبنى الأمم ويعلوا البنيان. العراق ولود بالرجال الأبطال المؤمنين الصادقين رجال الميدان حيث تسلم الراية من بعده قائد ميداني شهم وشجاع وتشهد له سوح الوغى ألا وهو الرفيق القائد المجاهد أبا خليل أمين سر قيادة قطر ألعراق حفظه الله ورعاه وأدامه ذخرا وعزا للعراق والأمة العربية المجيدة حتى يأذن الله بنصره المبين وما ألنصر إلا من عند الله أن الله   عزيز حكيم.

شهادة للتاريخ … الرفيق أبا جعفر كما عرفته بعد الاحتلال سعد الرشيد عرفت الرفيق المرحوم أبا جعفر بصفة شخصية ومباشرة، بعد الاحتلال، ومنذ الأسبوع الأول للاحتلال، عندما وصلت رسالة الشهيد القائد صدام حسين رحمه الله ، بالاتصال بالرفاق وإعادة تنظيم صفوف الحزب في بغداد وباقي المحافظات، كان أبو جعفر من أول الرفاق الذين تحركوا على الرفاق لإعادة تنظيمهم، وأوكل إليه الرئيس الشهيد مسؤولية تنظيم بغداد الكرخ، فيما تسلم الرفيق علي السنهوري، من موقع أدنى، مسؤولية تنظيم بغداد الرصافة، وبهذا الصدد أذكر كيف ذهبنا بسيارتي، يومها، أنا ووالدي رحمه الله وأبو جعفر للاتصال بالرفيق علي الريح السنهوري، والذي لم يتردد لحظة بالشروع بإعادة التنظيم والتحرك على الرفاق في جانب الرصافة من بغداد، هذا كان لقائي الوحيد بالرفيق علي السنهوري، الذي بقي يعمل على الساحة العراقية في الداخل حتى أتاه أمر مباشر من القائد الشهيد رحمه الله بمغادرة العراق حفاظًا على سلامته، وليؤدي دوره في خدمة قضية الحزب من الخارج على الصعيد القومي كونه عضو قيادة قومية وليس قطرية. خلال هذه المرحلة جمعتني لقاءات عديدة ومباشرة مع أبي جعفر، إذ كان هو شخصيًا من يرفع تقارير عمليات مجموعة الشباب التي كنت أقودها ونشاطاتها إلى القائد الشهيد صدام حسين، بنحو مباشر، وهنا من حقي أن أفخر وأباهي بنفسي، وأظنه حقّاً مشروعاً لأنه وسام عزٍّ وفخر أنني كنت أول رفيق بعثي في بغداد يحمل سلاحه في مقاومة الاحتلال، منذ الأسبوع الأول وطوال الأشهر اللاحقة حتى اعتقالي، وهذا مُسجّلٌ ومُثبت عند قيادة الحزب، حتى أن بعض الرفاق في المكتب العسكري طالب، وقتها، أن أكون ومجموعتي تابعًا لتنظيماتهم، لكن رد أبي جعفر كان صارمًا بما اتفق معه فيه: (إنّ سعد ومجموعة الشباب الذين معه، مهما كان نوع نشاطاتهم ضد قوات الاحتلال، إلّا أنهم مدنيون وليسوا عسكريين ليكونوا ضمن تنظيمات المكتب العسكري، بل مكانهم الصحيح حيث هم، التنظيم المدني للحزب). خلال الأشهر الأولى للاحتلال، واصلنا النهار بالليل، من دون كلل أو ملل أو يأس، مع أننا صدمنا بعض الرفاق الذين لم يستجيبوا لنا، ومنهم من أغلق الباب في وجوهنا، ومنهم من تهرب وتحجج بظروف خاصة تعيقه عن العمل التنظيمي، في ذلك الوقت، لكن، في المقابل، كان هنالك الكثير من ذوي البأس الشديد، الذين ما أن سمعوا صوت الحزب يناديهم حتى هبّوا وانتفضوا والتحقوا، إذ كنا، وبكل فخر واعتزاز، اللبنة الأولى في بناء الحزب، بعد الاحتلال، ثم تشاء الأقدار أن يُعتقل القائد الشهيد في بدايات شهر ديسمبر سنة 2003، وأن نُعتقل معه في الأيام نفسها، نعم، اعتُقلتُ مع والدي رحمه الله وشقيقي الأصغر، واعتقل أبو جعفر وأولاده، وتمت مداهمة العديد من بيوت الرفاق الآخرين، منهم من اعتقل ومنهم من لم يكن في منزله فنجا.. استخدم الأمريكان وسائل الحرب النفسية كلّها لتشكيكنا بعضنا ببعض، لنظن أن هنالك خائنٌ بيننا، تعرضنا للضرب وأبشع أنواع التعذيب في معتقل كروبر، أو ما يُعرف عراقيًا بمعتقل المطار، عُذِبنا جميعنا من دون استثناء، يعذبون الوالد أمام أبنائه، والأبناء أمام والدهم، قسوة متناهية النظير، ولم أكتشف حقيقة أمر اعتقالنا وتلك المداهمات التي تزامنت مع الوقت الذي اعتقل فيه القائد الشهيد إلا بعد أعوام من مغادرتي العراق، ذلك عندما كنت أعمل مديرًا لتحرير جريدة الصوت في سوريا، وكان يزورنا، بنحو متقطع بعض المحامين الذين عملوا في هيئة الدفاع عن الرئيس الشهيد في المحكمة، وأثناء حوار جانبي لي مع أحدهم، لا أذكر، الآن، تحديدًا إن كان المحامي خليل الدليمي أم المحامي ودود فوزي شمس الدين، قال لي ما معناه: (إن الأمريكان لم يعلنوا، مباشرة، اعتقال الرئيس في اليوم نفسه، بل اعلنوا الخبر، بعد اعتقاله بأسبوع أو عشرة أيام، ذلك لأنهم عثروا في مخبأ الرئيس، عند اعتقاله، على قوائم أسماء التنظيم الحزبي بالإضافة إلى التقارير والرسائل التي كانت تُرفع إلى الرئيس، فبدأوا بتتبع أسماء قيادات التنظيم واعتقالها، قبل الاعلان عن اعتقال الرئيس).. هنا فقط ربطت خيوط سر تلك المداهمات وحملة الاعتقالات التي طالت التنظيم، قبل أيام معدودة من الاعلان عن اعتقال القائد الشهيد. في ضوء التعذيب الجسدي الذي لقيته من الأميركان، بالاضافة إلى التعذيب النفسي وأنا أراهم يكسرون ساق والدي أمام ناظري، وأنا مُكبل اليدين بالأصفاد لا أقوى على منع ذلك أو الدفاع عن أبي أو أخي الأصغر وهما يضربان ويُعذبان أمامي، وأنا بالمقابل أُضرب وأُعذب أمامهما.. هذا الواقع الأليم الذي عشته وعاشه والدي وأخي، عاشه أيضًا وشاركنا إياه في المعتقل أبو جعفر وأولاده.. ضُربوا وعذّبوا وصمدوا كما صمدنا.. أبو جعفر، عرفتهُ مناضلًا سبّاقًا في نضاله، بعد الاحتلال، صلبًا ثابتًا في سنوات اعتقاله، شهدتُ أفعاله ومواقفه في إعادة التنظيم ومقارعة الاحتلال شهادة عيان لا سمع.. فكان من استحقاقه النضالي وبجدارة أن يكون أمين سر قيادة قطر العراق خلفًا للرفيق القائد المجاهد عزة ابراهيم الدوري، وقد أدى الأمانة على أكمل وجه حتى ترجّل من فرسه ليحلّق نجمًا عاليًا في سماء العراق والأمّة مُلتحقًا برفاقه في عليين.

شهادة للتاريخ …

الرفيق أبا جعفر كما عرفته بعد الاحتلال

 

  سعد الرشيد

 

  عرفت الرفيق المرحوم أبا جعفر بصفة شخصية ومباشرة، بعد الاحتلال، ومنذ الأسبوع الأول للاحتلال، عندما وصلت رسالة الشهيد القائد صدام حسين رحمه الله ، بالاتصال بالرفاق وإعادة تنظيم صفوف الحزب في بغداد وباقي المحافظات، كان أبو جعفر من أول الرفاق الذين تحركوا على الرفاق لإعادة تنظيمهم، وأوكل إليه الرئيس الشهيد مسؤولية تنظيم بغداد الكرخ، فيما تسلم الرفيق علي السنهوري، من موقع أدنى، مسؤولية تنظيم بغداد الرصافة، وبهذا الصدد أذكر كيف ذهبنا بسيارتي، يومها، أنا ووالدي رحمه الله وأبو جعفر للاتصال بالرفيق علي الريح السنهوري، والذي لم يتردد لحظة بالشروع بإعادة التنظيم والتحرك على الرفاق في جانب الرصافة من بغداد، هذا كان لقائي الوحيد بالرفيق علي السنهوري، الذي بقي يعمل على الساحة العراقية في الداخل حتى أتاه أمر مباشر من القائد الشهيد رحمه الله بمغادرة العراق حفاظًا على سلامته، وليؤدي دوره في خدمة قضية الحزب من الخارج على الصعيد القومي كونه عضو قيادة قومية وليس قطرية.

 

خلال هذه المرحلة جمعتني لقاءات عديدة ومباشرة مع أبي جعفر، إذ كان هو شخصيًا من يرفع تقارير عمليات مجموعة الشباب التي كنت أقودها ونشاطاتها إلى القائد الشهيد صدام حسين، بنحو مباشر، وهنا من حقي أن أفخر وأباهي بنفسي، وأظنه حقّاً مشروعاً لأنه وسام عزٍّ وفخر أنني كنت أول رفيق بعثي في بغداد يحمل سلاحه في مقاومة الاحتلال، منذ الأسبوع الأول وطوال الأشهر اللاحقة حتى اعتقالي، وهذا مُسجّلٌ ومُثبت عند قيادة الحزب، حتى أن بعض الرفاق في المكتب العسكري طالب، وقتها، أن أكون ومجموعتي تابعًا لتنظيماتهم، لكن رد أبي جعفر كان صارمًا بما اتفق معه فيه: (إنّ سعد ومجموعة الشباب الذين معه، مهما كان نوع نشاطاتهم ضد قوات الاحتلال، إلّا أنهم مدنيون وليسوا عسكريين ليكونوا ضمن تنظيمات المكتب العسكري، بل مكانهم الصحيح حيث هم، التنظيم المدني للحزب).

 

خلال الأشهر الأولى للاحتلال، واصلنا النهار بالليل، من دون كلل أو ملل أو يأس، مع أننا صدمنا بعض الرفاق الذين لم يستجيبوا لنا، ومنهم من أغلق الباب في وجوهنا، ومنهم من تهرب وتحجج بظروف خاصة تعيقه عن العمل التنظيمي، في ذلك الوقت، لكن، في المقابل، كان هنالك الكثير من ذوي البأس الشديد، الذين ما أن سمعوا صوت الحزب يناديهم حتى هبّوا وانتفضوا والتحقوا، إذ كنا، وبكل فخر واعتزاز، اللبنة الأولى في بناء الحزب، بعد الاحتلال، ثم تشاء الأقدار أن يُعتقل القائد الشهيد في بدايات شهر ديسمبر سنة 2003، وأن نُعتقل معه في الأيام نفسها، نعم، اعتُقلتُ مع والدي رحمه الله وشقيقي الأصغر، واعتقل أبو جعفر وأولاده، وتمت مداهمة العديد من بيوت الرفاق الآخرين، منهم من اعتقل ومنهم من لم يكن في منزله فنجا.. استخدم الأمريكان وسائل الحرب النفسية كلّها لتشكيكنا بعضنا ببعض، لنظن أن هنالك خائنٌ بيننا، تعرضنا للضرب وأبشع أنواع التعذيب في معتقل كروبر، أو ما يُعرف عراقيًا بمعتقل المطار، عُذِبنا جميعنا من دون استثناء، يعذبون الوالد أمام أبنائه، والأبناء أمام والدهم، قسوة متناهية النظير، ولم أكتشف حقيقة أمر اعتقالنا وتلك المداهمات التي تزامنت مع الوقت الذي اعتقل فيه القائد الشهيد إلا بعد أعوام من مغادرتي العراق، ذلك عندما كنت أعمل مديرًا لتحرير جريدة الصوت في سوريا، وكان يزورنا، بنحو متقطع بعض المحامين الذين عملوا في هيئة الدفاع عن الرئيس الشهيد في المحكمة، وأثناء حوار جانبي لي مع أحدهم، لا أذكر، الآن، تحديدًا إن كان المحامي خليل الدليمي أم المحامي ودود فوزي شمس الدين، قال لي ما معناه: (إن الأمريكان لم يعلنوا، مباشرة، اعتقال الرئيس في اليوم نفسه، بل اعلنوا الخبر، بعد اعتقاله بأسبوع أو عشرة أيام، ذلك لأنهم عثروا في مخبأ الرئيس، عند اعتقاله، على قوائم أسماء التنظيم الحزبي بالإضافة إلى التقارير والرسائل التي كانت تُرفع إلى الرئيس، فبدأوا بتتبع أسماء قيادات التنظيم واعتقالها، قبل الاعلان عن اعتقال الرئيس).. هنا فقط ربطت خيوط سر تلك المداهمات وحملة الاعتقالات التي طالت التنظيم، قبل أيام معدودة من الاعلان عن اعتقال القائد الشهيد.

 

في ضوء التعذيب الجسدي الذي لقيته من الأميركان، بالاضافة إلى التعذيب النفسي وأنا أراهم يكسرون ساق والدي أمام ناظري، وأنا مُكبل اليدين بالأصفاد لا أقوى على منع ذلك أو الدفاع عن أبي أو أخي الأصغر وهما يضربان ويُعذبان أمامي، وأنا بالمقابل أُضرب وأُعذب أمامهما.. هذا الواقع الأليم الذي عشته وعاشه والدي وأخي، عاشه أيضًا وشاركنا إياه في المعتقل أبو جعفر وأولاده.. ضُربوا وعذّبوا وصمدوا كما صمدنا..

 

أبو جعفر، عرفتهُ مناضلًا سبّاقًا في نضاله، بعد الاحتلال، صلبًا ثابتًا في سنوات اعتقاله، شهدتُ أفعاله ومواقفه في إعادة التنظيم ومقارعة الاحتلال شهادة عيان لا سمع.. فكان من استحقاقه النضالي وبجدارة أن يكون أمين سر قيادة قطر العراق خلفًا للرفيق القائد المجاهد عزة ابراهيم الدوري، وقد أدى الأمانة على أكمل وجه حتى ترجّل من فرسه ليحلّق نجمًا عاليًا في سماء العراق والأمّة مُلتحقًا برفاقه في عليين.

مواقف وذكريات مع الرفيق أبي جعفر رحمه الله

مواقف وذكريات مع الرفيق أبي جعفر رحمه الله

أبو الخطاب

لمناسبة الذكرى الاولى لرحيل المجاهد الرفيق المناضل أبو جعفر رحمه الله اسجل هذه الشهادة عن مواقفه حيث رافقته قبل الاحتلال وبعده .

كان الرفيق ابو جعفرقبل الاحتلال امين سر فرع عدنان خير الله وفي حينه كان المشرف على الاستعدادات والتهيئة لصد العدوان من خلال الزيارات الميدانية لساحات الشعب ، وبعد بدأ العدوان واستمرار القصف كان متواجد بمقر الفرع ، ولم ينتقل للموقع البديل ، وحتى الرفاق العاملين بذاتية الفرع والسواق كانوا يطرحون موضوع الانتقال للموقع البديل بعد تصعيد القصف ،  وقد طرحنا عليه الموضوع وكان جوابه ( خلي الذاتية والسواق يرحون ليلا للموقع البديل وانا باقي بمقر الفرع  قدر الله اذا حصل انا باقي بالفرع). كان ذلك خلال تصاعد القصف واستشهاد الرفيق امين سر شعبة اللطيفية رحمه الله ، وجرح امين سر شعبة أخرى ، ورغم ذلك كان يتواصل ميدانيا مع التنظيم ، وبالوقت نفسه يتواصل مع القيادة في بغداد . وبعد قطع الطرق استمر بقيادة الفرع ولم ينقطع من مواصلته مع جميع شعب وفرق الفرع . والله يشهد انه استمر يرتدي ملابسه العسكرية وحامل البندقيته والقاذفة طيلة تلك الأيام .

 استمر عمل الفرع بكامل اعضاءه بعقد الاجتماعات بعد فترة قصيرة من الاحتلال ، وخلال تلك الأيام قرر الرفيق القائد تصعيد الرفيق ابو جعفر الى عضوية القيادة القطرية لدوره المتميز بمواصلة قيادة الفرع والعمل الجهادي ضد الاحتلال ، وتسلم تنظيمات فروع الكرخ في بغداد ، ورغم اننا كنا قريبين منه ومتواصلين معه لكنه  لم يبلغنا بذلك . وفي أحد الأيام طلب عقد اجتماع لقيادة الفرع ، وذكر أنه سوف يحضر ومعه ضيف، وعقد الاجتماع في احدى مناطق بغداد ، وقد حضر ومعه الرفيق  المناضل علي الريح السنهوري عضو القيادة القومية الذي كان يشرف على التنظيم في تلك الأيام بعد الاحتلال  ، والرفيق فوزي رشيد رحمه الله ، وطلب الرفيق المناضل علي الريح تقديم عرض لعمل ونشاط  الفرع ، وتم تقديم ذلك وشكرنا على الجهود التي تم انجازها ، وهنا تحدث الرفيق صبار قائلا : ( الأن نريد منكم انتخاب أمين سر للفرع ). استغربنا وقلنا له ( الرفيق ابو احمد انت موجود ). وهنا قال الرفيق فوزي : ( رفيق ابو احمد تم تصعيده لعضوية القيادة القطرية ). قلنا طالما الرفيق فوزي موجود وهو مسؤولنا السابق فهو امين سر الفرع ، فقال الرفيق فوزي : ( انا ايضا كلفت بموقع اخر ) . وهنا تم انتخاب امين سر للفرع بمباركة الرفيق علي الريح .

استمرت اجتماعات قيادة الفرع تحت اشرافه ، وفي احد الاجتماعات طلب ان يختار كل واحد منا اسم يتعامل به خلال المراسلات الحزبية ، وقد بادرت واخترت له ( ابو جعفر ) ، ووافق على ذلك ، وهكذا اختار الرفاق لهم اسماء وأنا منهم حيث اخترت ( ابو الخطاب ) .

تحت قيادته توسع العمل الحزبي والجهادي حيث ساهم من خلال جهوده النضالية في تلك الظروف الصعبة وهو يواصل الليل بالنهار ، يكتب التوجيات ، ويلتقي بالرفاق بأعاده التنظيم في بغداد والانبار والفرات الاوسط والجنوب وتشكيل الخطوط الجهادية في الفروع لمقاومه الاحتلال الامريكي مع رفاقه المناضلين في هذه المحافظات وكان بأشراف الرفيق المناضل علي الريح السنهوري عضو القيادة القومية . ولم يقتصر نشاطه على المراسلات والتوجيه بل كان يزور المحافظات ، وكنا نترجاه ان لا يذهب للمحافظات بل طلب الرفاق من المحافظات ان يحضروا للقاءه ، لكنه رفض ذلك وقال ان زياراته افضل للاطلاع على التنظيم بشكل مباشر وتثوير طاقات الرفاق ، وفي احدى زياراته الى محافظة (……) حدث له حادث انقلاب العجلة مما ادى الى رقوده في المستشفى هناك لعدة ايام ، وعند عودته تلاطفنا معه بقولنا : ( رفيق ابو احمد هاي الردته). وتبسم وقال الذي يكتبه الله نرضى به .

بعد مغادرة الرفيق المناضل علي الريح السنهوري العراق  تم التواصل مع الرفيق الشهيد المناضل طه ياسين رمضان  رحمه الله  حيث سافر الى مدينة الموصل لغرض لقاءه ، وقدم له عرض حول التنظيمات التي تم اعادتها وتسلم التوجيهات ، وبعد اعتقال الرفيق طه ياسين رمضان  حقق التواصل مع الرفيق القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله وأخبرنا بأنه قدم للشهيد ما حققه التنظيم منذ بداية الاحتلال في مجال اعادة التنظيمات والعمل الجهادي وتسلم التوجيهات بتصعيد العمل التنظيمي والجهادي .

في احد الايام من شهر كانون الاول سنة 2003 كنا على موعد للقاء ، وعند حضورنا الى مكان سكن الرفيق ابو احمد وجدنا الابواب محطمه ، وعلمنا انه تم اعتقاله  من قبل قوات الاحتلال الامريكي هو واولاده ، وبعد اطلاق سراحه في شهر ايلول 2007 التقينا وحدثنا حول التعذيب الذي تعرض له ، وكانوا يتعمدون بتعذيب ابنه الصغير امامه لكي يجبروه على الاعتراف على التنظيم لكنه رحمه الله كان صامدا امام هذا المشهد المؤلم وغير الانساني . علما باننا خلال فترة اعتقاله حققنا تواصل مع الرفيق المناضل عزة ابراهيم رحمه الله قائد الجهاد والتحرير امين سر الحزب . والرفيق ابو جعفر رحمه الله  واصل العمل مباشره بعد الافراج عنه والتقى  بالرفيق القائد المرحوم الامين العام للحزب ، وتستلم مسؤوليه الجنوب والفرات الاوسط والمكتب الطلابي.       واعتقل مرة ثانية في شهر شباط 2014 من قبل السلطة العميلة هو واحد اولاده وتم الافراج عام 2015.

كانت أيام صعبة في ظل وجود القوات الامريكية والعملاء ، لكن الرفيق ابو جعفر رحمه الله لم يثنيه ذلك من مواصلة النضال بكل همة ، لم يشغله شيء من امور الحياة في تلك الايام سوى اعادة التنظيم من خلال الاتصال بالرفاق اينما كانوا وتوسيع نشاطه وايصال التوجيهات لهم ، ومواصلة عمل الفصائل الجهادية ، وكان ذلك دافعا لنا ونحن نطلع على هذا الجهد والنشاط والشجاعة التي لا تخشى المخاطر . لذلك من رافق المرحوم الرفيق ابو جعفر تعلم منه الكثير من خلال سيرته وتعامله مع رفاقه .

ندعو الله ان يرحم رفيقنا ابو جعفر ويسكنه فسيح جناته ، ويجعل ما قدمه من جهد وجهاد في الدفاع عن العراق وشعبه في ميزان حسناته .