شبكة ذي قار
قِراءَةٌ جيوسياسيَّة لِتَهْديداتِ الأمْنِ الوَطَنِي السُوري

قِراءَةٌ جيوسياسيَّة لِتَهْديداتِ الأمْنِ الوَطَنِي السُوري
د. عامر الدليمي

المقدمة
يتعلق المفهوم الجيوسياسي بتحليل تأثير قوة العامل الجغرافي للدولة في العلاقات والسياسة الدولية، والعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في أوقات السلم والحرب. كما ان هناك تداخل بين تأثير السياسة الدولية على الموقع الجغرافي للدولة ضمن هذا المفهوم. ولهذا تتمتع سوريا بموقع مهم من الناحية الجغرافية والسياسية، إذ أنها ملتقى لثلاث قارات وثقافات عديدة وكانت وما زالت عاملاً مهماً وحيوياً في السياسة الاقليمية وخاصة في مجال الصراع العربي الصهيوني. إضافة الى أهميتها الاقتصادية والسياسية طوال تاريخها لمركزها الجغرافي وتاريخها الحضاري. وسوف نتناول فيما يلي بعض الجوانب ذات العلاقة بالمفهوم الجيوسياسي والامن الوطني في سوريا في ظل المتغيرات الاخيرة.

اولا : أهمية الموقع الجغرافي للجمهورية العربية السورية
لسوريا موقع مهم غرب قارة آسيا وتطل على البحر الابيض المتوسط بساحل طويل يمتد غربا ليواجه جنوب قارة أوروبا، ودول عدة تكونه كقبرص واليونان وايطاليا وفرنسا واسبانيا. كما وتواجه من شمال قارة افريقيا على البحر مصر وليبيا والجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا. ويحد سوريا من الشمال الجمهورية التركية التي يحكمها الان حزب العدالة والتنمية. ويحد سوريا من الجنوب الاردن، وفيه تعمل وتنشط عدة احزاب ذات توجهات متنوعة منها وطنية وقومية واسلامية . وقد شكى الاردن في فترة حكم بشار الاسد وميليشياته الطائفية من تدخلات عبر الحدود ولاسيما في مجال تهريب المخدرات الى الاردن.
في حدود سوريا الشرقية يقع العراق الذي تحكمه الاحزاب والمنظمات والمليشيات الولائية التابعة للنظام الايراني المعادي للعراق ولسوريا ولكل الامة العربية، عبر مشروعه الاستعماري المعلن الذي يحلم من خلاله ويعمل بكل الطرق والأساليب لإحياء الامبراطورية الفارسية بضم العراق وسوريا وغيرهما من الاقطار العربية لتلك الامبراطورية.
ومن الغرب يحد سوريا لبنان الذي تمارس فيه العمل عدة أحزاب سياسية لها أجندات متنوعة. وكان لبنان يعاني من تسلط حزب الله اللبناني المرتبط بالسياسة الايرانية وأطماعها التوسعية في الوطن العربي. ومازال لبنان يعاني من وجود عناصر حزب الله المسلحة المدعوم من ايران في محاولة لإرجاع هيمنته خدمة لإيران . ومن جهة اخرى وفي نفس الوقت، مازالت فرنسا لها أطماع سياسية وتسعى جاهدة للحصول على موقع مؤثر للنفوذ فيه .
أما المجاور لسوريا من الجنوب والمحاذي لمحافظة درعا والقنيطرة فهي فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني وبالتأكيد فانه من أشد أعداء سوريا العربية المتحررة وللعرب والعروبة جمعاء . لذلك نشاهد انه مازال الوضع الأمني السوري الداخلي معرض الى التهديدات الصهيونية وعملياته العسكرية العدوانية ، في الوقت الذي لم يكن يفعل ذلك في فترة حكم نظام الاسد !!، وكما هو معروف للجميع فان للكيان الصهيوني أطماع توسعية ليس في سوريا فقط وإنما في لبنان وغيرها من الاقطار العربية ، والتي يعبر عنها شعاره المعروف (من الفرات الى النيل) ، كما وتمتد اطماعه الى اجزاء من المملكة العربية السعودية والاردن والعراق .

ثانيا : التركيبة السكانية للمجتمع السوري
تتشكل التركيبة السكانية في سوريا ، شأنها شأن معظم دول العالم، من اغلبية كبرى مع وجود بعض الاقليات. فسوريا تتشكل من اغلبية عربية مسلمة مع وجود اقليات من أديان وطوائف وقوميات، ابرزها طائفة الدروز و الاكراد والطائفة العلوية والاسماعيلية والاثنى عشرية العربية و المسيحيون واغلبهم من الارثوذوكس والسريان.

ثالثا : تهديدات الوضع الأمني الداخلي والخارجي
هناك عدة تهديدات للأمن الوطني السوري في الوقت الراهن من جهات ونواحي عدة داخلية وخارجية ، منها محاولات اثارة نزعات قومية انفصالية، ومنها طائفية مذهبية ، إضافة الى تهديدات الكيان الصهيوني الذي يعمل ويسعى الى إضعاف النظام السياسي السوري الجديد عسكرياً وأمنياُ ، لشعوره بأن التطلعات العروبية للنظام الجديد في سوريا تشكل خطراً فعلياً عليه ، ومن هذه التهديدات الراهنة للأمن السوري هي :
١ – التهديد الإيراني المستمر لأمن سوريا
بعد سقوط نظام عائلة الأسد الموالي لإيران ، تأكد لدى النظام الايراني بأنه فقد قاعدة مهمة جداً كان يعول عليها لتنفيذ مشروعه الامبراطوري التوسعي ووصوله الى البحر الابيض المتوسط بما فيه لبنان ، ولذلك يحاول النظام الايراني ومن اجل ادامة مشروعه في الوطن العربي العزف على الوتر الطائفي ودعم مليشيات نظام الأسد في سوريا ومن المحسوبين على ايران لإيجاد نوع من حالة اضطراب أمني داخلي وزعزعة استقرار سوريا. وقد بوشر بذلك إذ أعلنت قيادات من النظام الايراني من خلال عدة وسائل إعلامية عن معاداتها للنظام السوري الجديد ولعدة مرات ، معللة ذلك بأسباب قومية ومذهبية ، لذلك سيسعى النظام الايراني لإيجاد تحالفات سياسية داخل سوريا وخارجها في محاولة لإسقاط النظام السوري وذلك لتنفيذ مشروعه المعادي للامة العربية.
٢- التهديد الميليشياوي العراقي لأمن سوريا
لاشك بأن النظام في العراق تحكمه مليشيات ولائية مرتبطة بصورة مطلقة بإيران كأداة لإبقاء العراق تحت نفوذها، ومن جهة اخرى للتأثير على الامن الوطني العربي والسوري جزء اساسي منه. مستغلة مجاورة العراق الى سوريا جغرافيا، وبالتالي استخدامها للحدود لتسلل الفصائل الولائية للقيام بعمليات تخريبية داخل سوريا وإثارة نوع من حالة عدم الاستقرار داخلها. وكل ذلك لإشغالها عن ترتيب أوضاعها الداخلية نحو إجراء نهضة قومية تنموية في كافة نواحي الحياة فيها ، لشعور النظام الايراني بأن تحرير سوريا هو مقدمة لإضعافه فعلياً وإفشال مشروعه التوسعي الفارسي في الوطن العربي .
٣- تهديد حزب الله اللبناني لأمن سوريا
لقد أضعفت التطورات الاخيرة حزب الله اللبناني الى درجة كبيرة وجعلته يفقد تأثيره ودوره السياسي والعسكري الكبير في لبنان وسوريا والذي كان يحمي نظام الاسد قبل سقوطه، لذلك سيحاول الحزب وبدعم من ايران عسكرياً وسياسياً ومادياً لإعادة وجوده ليس في لبنان فقط وإنما في سوريا أيضا، للتعويض عن فقد حليف إستراتيجي كنظام الاسد من كافة النواحي .
ومن هنا فمن المتوقع ان الحزب لن ينفك عن الاستمرار في تنشيط عناصره وخلاياه السرية و العمل على القيام بعمليات تخريبية داخل سوريا ، أوالقيام بنشاط سياسي مع جهة او منظمة معادية للنظام الجديد وتخريب او اعاقة سياسته وتوجهاته العربية، أو على الأقل جعل الوضع الأمني الداخلي لسوريا غير مستقر، لإضعاف دورها في الوطن العربي سياسياً وعربياً.
٤- محاولة استغلال ألأقليات العرقية
تشكل الاقليات العرقية يتقدمها الاخوة الاكراد نسبة معينة من نسيج المجتمع السوري، ويتمركزون في شمال شرق سوريا. وقد عقدت الحكومة الجديدة اتفاقاً استراتيجياً مهما مع قوات سوريا الديمقراطية ( قسد) التي تتواجد في هذه المنطقة وهي تنظيمات وتشكيلات عسكرية مسلحة . ان ذلك يتطلب تطوير الموقف باتجاه وضع حل مجتمعي وسياسي وأمني وإنساني شامل للمنطقة لكي تستمر سوريا في المحافظة على وحدتها وأمنها وسيطرتها أرضاً وسماًء وبحراً والمضي قدماً للنهوض بدورها العربي المأمول.
٥- التهديد المليشياوي الطائفي
لاشك ان فقدان القوى التي شكلت البنية التحتية التي استند عليها نظام الاسد لوضعها وتسلطها السياسي والاقتصادي قد وضعها في حالة من الضعف.

ولا شك في أنها ستحاول استرجاع نفوذها الذي فقدته . إن تلك القوى قد وجدت ضالتها في النظام الايراني المتحالف مع نظام الاسد كما ان ايران وجدت ضالتها في تلك القوى منذ عقود. ورغم فشل التمرد الاخير في مناطق الساحل السوري في اللاذقية وطرطوس ضد النظام الجديد ، الا انه يجب عدم اغفال هذه الحالة التي قد تستمر سواء في العمل المعلن أو السري للانتقام من النظام الجديد في سوريا ،،الأمر الذي يتطلب الحذر المستمر والمعالجات المجتمعية والسياسية لضمان استقرار ووحدة سوريا ارضاً وشعباً .
٦- التهديد الإسرائيلي الصهيوني
يسعى الكيان الصهيوني المحتل إلى تنفيذ مشروع توسعي لاحتلال أراضي عربية أخرى لتحقيق ما يعرف ” بإسرائيل الكبرى” . و النظام هذا قد شعر جيدا بأن إقامة حكم وطني عروبي في سوريا سيكون من ألد أعدائه ، لذا سيسعى دائما الى إضعافه عسكرياً وسياسياً . فقد سبق وان إستغل الظرف ونفذ عمليات عسكرية ضد قواعد الطيران الحربي السوري والمعسكرات والمنشآت لأجل إخراجها من الخدمة وتفويت الفرصة على النظام الجديد في سوريا من إستخدامها لحماية البلاد او ضد المشروع التوسعي الصهيوني. وإستغل الفرصة أيضا بالزحف عسكرياً نحو القنيطرة وجبل الشيخ وإحتلالهما ، لمعرفته أهميتهما الجغرافية. كما سيكون العدو الصهيوني دائماً عنصراً مستفزاً لسوريا وجعلها في حالة عدم تمكن من إسترجاع أراضيها المحتلة. وليس أدل على ذلك ما صرح به رئيس وزراء العدو الصهيوني (نتنياهو) بإعلان استعداده للتدخل عسكريا في حوادث (جرمانه) الاخيرة الى جانب الطائفة الدرزية التي استنكرت وشجبت ما أعلنه.
٧- التواجد الروسي العسكري في قاعدة حميميم
لروسيا مصالح حيوية عسكرية في هذه القاعدة وكانت وما زالت تطمح بالبقاء فيها لموقعها الاستراتيجي على البحر الابيض المتوسط . ومن المعروف انها سبق وان إشتركت مع قوات الأسد في هجوم عسكري على الشعب السوري بالطائرات الحربية وغيرها لقتل المدنيين والعسكرين. ولا يستبعد من بقاء علاقتها مع عناصر النظام المخلوع . وحتى اثناء التمرد الأخير الفاشل لجأ عدد من المتمردين الى القاعدة بهدف حمايتهم. لذلك فانه من المناسب اخذ كل ذلك في نظر الاعتبار للحيلولة دون استخدام القاعدة لتهديد الامن الوطني السوري.

رابعا : ما يتطلبه الوضع اجتماعياً من القيادة السورية الجديدة
أ‌- الابتعاد عن التمذهب الديني أو الطائفي، وتقليل المظاهر الدينية الشخصية والاجتماعية للقيادة وخاصة في وسائل الاعلام السوري، ومنع كافة الممارسات التي توحي بالتعصب ، و خاصة تلك التي من المحتمل أن تكون لها ردود فعل سلبية من أطراف ما ضد النظام الجديد بما يؤثر على أمن سوريا ونزعتها الوطنية والقومية.

ب‌- التأكيد على تفعيل العمل الديمقراطي وحرية الرأي العام والحريات الشخصية والاجتماعية ، لرفع الظلم عن الشعب السوري الذي عانى من تسلط حقبة نظام حكم الاسد الدكتاتوري، وكبحه للحريات ومصادرة حقوق المواطن وإهانة كرامته الانسانية، وتسخير وسائل الاعلام لتمجيده، مما جعل الشعب السوري في حالة نفور نفسي وتلقائي وعدم الرضا عنه. ولهذا من المناسب أن يستفيد النظام الجديد من أخطاء وسائل اعلام النظام البائد، وان يسمح للشعب السوري بممارسة الحرية من اوسع ابوابها ، لبناء سوريا الجديدة ومجتمعها الموحد بناءً سليماً. والابتعاد عن عبادة الاشخاص ، وسياسة الإعلام الفاقد للمصداقية في معالجة الاحداث والازمات، والسماح للشعب بالاطلاع على حقائق الامور ومعالجتها معالجة حقيقية تعزز من ثقته بالقيادة الجديدة.

ت‌- إحترام الاقليات من الأديان والأعراق والطوائف
ان الاقليات هي امر موجود في اغلب دول وشعوب العالم ومنها سوريا. ولا يكاد ان يخلو منها بلد الا ما ندر. وهي جزء اساسي من الشعب والوطن لذا يتوجب احترامها وتجسيد ذلك فعليا ، وعدم التدخل في شؤونها الاعتقادية بما يتسبب في نفورها، وعدم التقليل من شأنها لانها جزء اساسي من المجتمع السوري، ولها حقوق إنسانية مستمدة من امتلاكها الى تاريخ وثقافة هي جزء من تاريخ سوريا وكينونتها عبر التاريخ . ولان وحدة سوريا ارضاً وشعباً ستكون مستهدَفة ، لذا وفي اطار اسقاط تلك المحاولات وافشالها فانه من الضروري العمل على عدم إستبعاد تلك الاقليات ودمجها بالمجتمع دون تهميشها او التقليل من احترام معتقداتها ومشاعرها. إذ أن عدم احترامها سوف يسمح لجهات خارجية أن تستخدم بعض افرادها و تدفعهم للعمل ضد سوريا تحت غطاء حرية المعتقد والدفاع عن حقوق الانسان.

خامسا: ما يتطلبه الوضع سياسياً وأمنياً من القيادة الجديدة
أ‌- بناء جيش وطني سوري موحد ومتطور في جميع صنوفه قادر على المحافظة على أمن سوريا ضد الاعتداءات التي تريد ان تنال منها .
ب‌- النهوض بالإصلاح الاقتصادي من اجل رفع مستوى المعيشة وتحقيق النهضة بكافة اشكالها العمرانية والحضرية وغيرها لكل المجتمع بعدما كان يتحكم به عدد محدود من المحسوبين على النظام السابق ، لكي يلمس المواطن السوري جدية اهتمام النظام الجديد به وبالشعب السوري ومصالحه الحقيقية .
ت‌- السعي الحثيث لبناء علاقات دبلوماسية دولية فاعلة مع الدول التي تريد لسوريا التقدم والعيش باستقرار كدولة ذات سيادة تحترم الاتفاقيات والمعاهدات، وعضو فاعل في السياسة الدولية، وهيئة الامم المتحدة .
ث‌- على الاقطار العربية وعبر الجامعة العربية اعطاء اولوية لدعم سوريا اقتصادياً وعسكرياً وسياسيًاً كونها عضواً اساسياً فيها، ومساعدتها على معالجة مشاكلها بشكل عملي وفاعل، وليس على مستوى الاعلام فقط ، لتكون جزءاً حيوياً في امتها العربية ، ودولة فاعلة في محيطها العربي والدولي .

تهنئة قيادة قطر العراق الى الاخوة الكرد لمناسبة( اعياد نوروز ) 21-3-2025_

الاحتلال الامريكي والنفوذ الإيراني

الاحتلال الامريكي والنفوذ الإيراني

فاطمة حسين

احتلت القوات الأمريكية الغازية في 9 نيسان العراق مبررة ذلك بعدة أسباب اختلقتها هي رغم عدم وجود أدلة قاطعة لحشد الدعم الدولي وأهم هذه الأسباب امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، رغم معرفتها، بعدم وجود ذلك في العراق، وزعمت وجود صلات بين نظام البعث وتنظيم القاعدة، الذي لا وجود له، وادعت أيضا أنها تسعى لتغيير النظام لنشر الديمقراطية، وأعتبر كثيرا من المحللين أن السيطرة على النفط العراقي وتعزيز الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط كانا من الأهداف الخفية للغزو.

في 9 نيسان2003 انتهى الحكم الوطني في العراق وسادت الفوضى وتم حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية وتفكك مؤسسات الدولة بشكل مقصود ومخطط له، دون وجود خطة واضحة لإدارة العراق، إضافة لذلك أضعف قرار اجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي مؤسسات الدولة بسبب إقصاء مئات الآلاف من الموظفين وأساتذة الجامعات والمعاهد والثانويات والكفاءات والخبرات الوطنية المخلصة للعراق، والمصيبة الكبرى السماح لإيران بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية للعراق، الذي تسببت بتغذية المشاعر الطائفية، تكرست الطائفية في العملية السياسية من خلال تشكيل مجلس الحكم على أسس طائفية بعيدا عن الروح الوطنية، وتوزيع المناصب على أسس مذهبية وعرقية، مما اضعف الدولة وأدى إلى تفشي الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.

ومن مظاهر التدخل الإيراني في العراق دعم المرجعيات الشيعية والفصائل المسلحة الشيعية لكي تحافظ على نفوذها السياسي والاقتصادي. وتغذية الطائفية البغيضة وتصاعدت حدتها بعد تفجير  مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء سنة 2006 ، من قبل إيران مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية شرسة بين المكونات العراقية ومن آثار هذه المرحلة: التهجير القسري والقتل على الهوية وتعزيز المحاصصة الطائفية، وتهميش المكونات السنية في العملية السياسية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال الفوضى السياسية والأمنية في العراق مستمرة رغم مرور أكثر من 22 سنة على الاحتلال، ويبقى تحقيق الاستقرار في العراق مرهونا برفع يد إيران من العراق وهذا يتطلب اتخاذ موقف حاسم من قبل كل الاطراف التي لها دور في الشأن العراقي ،وإصلاح جذري للنظام السياسي وتسليم العراق للعراقيين، وتعزيز سيادة القانون، وإرساء هوية وطنية جامعة بعيدا عن الطائفية والمحاصصة والتدخل الإيراني.

في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

أم صدام العراقي

في العشرين من آذار وفي تمام الساعة السادسة صباحاً هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الشرير عراق العروبة والحضارة والتاريخ، ورمت بحممها الغادرة على بغداد السلام والمحافظات الأخرى، وزهقوا أرواحاً بريئة تحت راية علت عقولهم الحاقدة على العروبة والإسلام، فرغم مرور اثنان وعشرون سنة لن ينسى شعبنا تلك المأساة التي حلت بوطنهم الآمن الذي كان يضمهم تحت خيمته المعطاء.

لقد بدأت مرحلة الغزو في العشرين من آذار واستمرت 20 يوماً من العمليات القتالية التي غزت فيها قوات الاحتلال العراق والتي انتهت باحتلال كامل أراضيه في التاسع من نيسان عندما أعلن الرئيس الأمريكي الملعون جورج بوش نهاية العمليات القتالية، وبعدها أسست سلطة التحالف المؤقتة كأول حكومة انتقالية، ومن هنا بدأت المأساة.

لقد تحركت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الملعون جورج بوش نحو سياسة أكثر عدوانية تجاه العراق لاحتلاله وإزالة نظامه الوطني، فخططت بمساعدة أعوانها وعملائها شن هجوم واسع على العراق، فكانت عملية الغزو بحجج وذرائع واهية وكاذبة، وضربت أمريكا القانون الدولي ومجلس الأمن عرض الحائط وغزت العراق، إضافة لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية كان تبشر بالحرية والديمقراطية وبناء البلد لكن غايتها الحقيقة كانت التدمير.

إن العراق وشعبه خسر الكثير نتيجة الحرب والقصف، وفي النهاية وصلنا إلى هذا الحال المأساوي المرير الذي نعيشه اليوم، فالغزو والاحتلال شكل حدثاً محورياً خطيراً في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وكانت ذريعته امتلاك العراق أسلحة دمار شامل مما أدى إلى اسقاط نظامه الوطني وخسائر مادية وبشرية وملايين المشردين وانزلاق البلاد في عنف طائفي  ودمار وتدمير، واستشرى الفساد والخراب في كل مفاصل الدولة وفقد الأمن والأمان وأصبح المواطن العراقي يعيش حالة ذعر وخوف بعدما كان ينعم ويشعر بالراحة والأمان والاستقرار في ظل نظامه الوطني.

إن من أبرز نتائج وكوارث الغزو والاحتلال هي الحرب الأهلية بين أبناء الشعب الواحد، وتهميش دور مؤسسات الدولة وإقامة نظام سياسي فاسد وفاشل يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات واتفاقات بين الأحزاب وبإدارة سلطة الاحتلال، فقد نجحت الولايات المتحدة باحتلال العراق والإطاحة بنظامه الوطني لكنها فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة بما فيها ارساء أسس نظام حكم وطني ديمقراطي.

إن الأزمات المتفاقمة التي خلفها الاحتلال واغراق البلاد في الفوضى والفساد والحرب الأهلية والقتل على الهوية والتهجير وتداعياتها التي عصفت بالبلاد شكلت الكثير من المعاناة والويلات والمآسي التي تجرعها الشعب العراقي، فكانت تلك الأزمة مرتبطة بالسلطة بعد التغيير السياسي الذي حصل بعد سنة 2003  وأن للمحتل أثراً كبيراً وبالغاً في ارساء أسس هذه الأزمة المتفاقمة، وعليه لا يمكن اعتبار غزو العراق واحتلاله مجرد ذكرى وتطوى، بل هو المأساة الحقيقية التي ما زالت أفعالها قائمة والتي قادت لسياقات وأزمات متعاقبة وآلام ومآسي تتجدد كل عام.

غزو العراق الخطيئة التي لا تغتفر

غزو العراق الخطيئة التي لا تغتفر

ناصر الحريري

لم يكن غزو واحتلال العراق وليد اللحظة التي بدأ خلالها القصف أو التهديد بالقصف، ولكنه كان وليد سنوات متراكمة من التخطيط والحقد الصهيوني الدفين ضد العراق، ولكن كان لا بد لأمريكا وحلفائها من إيجاد مبررات تقنع بها المجتمع الدولي، أو لتقنع بها المجتمع الأمريكي الداخلي.

تشير بعض التحليلات إلى أن فكرة تغيير النظام في العراق كانت موجودة في أروقة السياسة الأمريكية قبل سنة 2003. ففي عام 1998، تم إقرار قانون تحرير العراق الذي جعل تغيير النظام هدفاً رسمياً للسياسة الخارجية الأمريكية، ومع ذلك، فإن التخطيط الفعلي لغزو واسع النطاق بدأ يتسارع بشكل ملحوظ بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

الأهداف المعلنة للغزو، كما ذكرها الرئيس بوش ورئيس الوزراء بلير، كانت: (نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، وإنهاء دعم صدام حسين للإرهاب، وتحرير الشعب العراقي).

وقد قدم وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كولن باول، عرضاً تفصيلياً أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في فبراير 2003، زاعماً وجود أدلة على امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.  

وعلى الصعيد العسكري، بدأت القيادة المركزية الأمريكية في تطوير خطط للغزو في وقت مبكر. وتشير التقارير إلى وجود خطط مختلفة مثل “الخطة الأساسية” التي كانت تتصور حشداً كبيراً للقوات قبل الغزو، و”خطة البداية السريعة” التي كانت تهدف إلى بدء الغزو بقوة ثم نشر القوات حسب الحاجة، والخطة “الهجينة” التي سعت إلى زيادة القوات البرية قبل بدء الحرب. الخطة النهائية التي تم تنفيذها كانت تهدف إلى التحرك بأسرع ما يمكن نحو بغداد، مع ترك المناطق الجنوبية التي قد تشكل تحدياً لوقت لاحق.

ففي آذار_ مارس 2003، شنت الولايات المتحدة، مدعومة بتحالف من دول أخرى، عملية عسكرية واسعة النطاق ضد العراق تحت مسمى “عملية حرية العراق”.

الإعلان الرسمي للغزو ارتكز على عدة ادعاءات رئيسية قدمتها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، تمثلت هذه الادعاءات في:

– امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل: زعمت الإدارة الأمريكية أن نظام صدام حسين لا يزال يمتلك ويطور أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية، مما يشكل تهديداً مباشرًا للأمن العالمي. وقد تبين لاحقاً، وباعتراف العديد من الأطراف بما في ذلك تقارير استخباراتية أمريكية وبريطانية، أن هذه الادعاءات كانت غير دقيقة ولم يتم العثور على أي أسلحة دمار شامل في العراق بعد الغزو.

هذا الفشل في العثور على الأسلحة التي كانت السبب الرئيس للحرب قوض بشكل كبير شرعية الغزو في نظر الكثيرين.

– دعم نظام صدام حسين للإرهاب: ادعت الولايات المتحدة وجود علاقات بين نظام صدام حسين وتنظيمات إرهابية مثل القاعدة، ومع ذلك، لم يتم تقديم دليل قاطع يثبت هذه الروابط بشكل مباشر.  

– تحرير الشعب العراقي: تم تقديم مبررات أخرى للغزو، ومنها أكذوبة تحرير الشعب العراقي من حكم (دكتاتوري) كما يدعون.

من الناحية التحليلية، يرى مراقبون أن هناك دوافع أخرى لعبت دوراً في قرار الغزو، بما في ذلك:

– الأمن القومي الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر: أدت هجمات 11 سبتمبر 2001 إلى تغيير كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث تبنت إدارة بوش استراتيجية استباقية لمواجهة التهديدات المحتملة. وقد تم النظر إلى العراق كجزء من “محور الشر” الذي يضم دولاً تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل وتدعم الإرهاب.  

– السعي للهيمنة الإقليمية والعالمية: يرى بعض المحللين أن الغزو كان جزءاً من مشروع أوسع نطاقاً لتعزيز النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط.

– المصالح الاقتصادية: يشير البعض إلى أن السيطرة على موارد النفط العراقية كانت دافعاً خفياً للغزو.

بدأ الغزو في 20 آذار _ مارس 2003 بحملة قصف جوي مكثفة، تلتها عمليات برية سريعة أدت إلى احتلال بغداد، وتحول ما كان متوقعاً أن يكون نصراً سريعاً إلى احتلال طويل الأمد ومكلف، حيث واجهت قوات التحالف مقاومة متزايدة أعلنها الشعب العراقي البطل، يتقدمهم جيش العراق الباسل، ولكن استقدام أمريكا لجماعات مسلحة مرتبطة بإيران التي سهلت وساندت قوات الاحتلال، مما أدى إلى تصاعد العنف الطائفي وحالة من عدم الاستقرار.

استخدمت قوات التحالف مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية في الغزو، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والقاذفات والدبابات والمدفعية. كما استخدمت بعض أنواع الذخائر مثل القنابل العنقودية واليورانيوم المنضب.  

كان لغزو العراق تداعيات واسعة النطاق على العراق والمنطقة والعالم، بما في ذلك:

– خسائر بشرية هائلة: تشير التقديرات إلى مقتل مئات الآلاف من العراقيين، بالإضافة إلى آلاف الجنود من قوات التحالف.

– تدمير البنية التحتية: أدى الصراع إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية العراقية، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه والطرق والجسور.

– نشوء جماعات متطرفة: ساهم الفراغ الأمني والفوضى التي أعقبت الغزو في صعود ميليشيات طائفية ولائية، وجماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة في العراق ولاحقاً تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مما أدى إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.

– التأثير على النظام الدولي: يرى بعض المحللين أن غزو العراق دون تفويض واضح من الأمم المتحدة قد أضعف النظام الدولي القائم على القواعد وقوض مبدأ سيادة الدول.

– تراجع مكانة الولايات المتحدة: أدى الفشل في العثور على أسلحة دمار شامل وتصاعد العنف في العراق إلى تراجع كبير في مصداقية الولايات المتحدة على الساحة الدولية.

إن غزو العراق سنة 2003 كان حدثاً محورياً في تاريخ الشرق الأوسط والعالم.

فالقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة وحلفاؤها، بناءً على معلومات استخباراتية مشكوك فيها وأسباب معلنة لا تزال محل جدل، أدى إلى زعزعة استقرار منطقة حساسة، ونتج عنه خسائر بشرية واقتصادية هائلة، وساهم في ظهور تحديات أمنية معقدة لا تزال المنطقة تعاني منها حتى اليوم. كما أثر الغزو بشكل كبير على صورة ومكانة الولايات المتحدة في العالم، وأثار تساؤلات حول استخدام القوة العسكرية في العلاقات الدولية.

إن الإدارة الأمريكية لم تكن مستعدة بشكل كافٍ لمرحلة ما بعد الحرب. كان هناك نقص واضح في التخطيط لإدارة العراق المحتل، وتوفير الأمن، وإعادة بناء المؤسسات الحكومية. قرار حل الجيش العراقي، على سبيل المثال، أدى إلى تفاقم حالة الفوضى وانعدام الأمن وساهم في ظهور الميليشيات الطائفية المسلحة.

مع مرور الوقت، اعترف العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين بأن غزو العراق كان خطأ أو على الأقل تضمن أخطاء جسيمة في التخطيط والتنفيذ.

حتى الرئيس جورج دبليو بوش نفسه، الذي اتخذ قرار الغزو، أعرب عن أسفه لبعض جوانب الحرب وتداعياتها.

تحليلات العديد من مراكز الفكر تشير إلى أن غزو العراق كان قراراً خاطئاً استناداً إلى معلومات استخباراتية غير دقيقة وتخطيط غير كافٍ لما بعد الصراع. هذه المراكز تقدم رؤى نقدية حول الأسباب والتداعيات، وتؤكد على التكاليف البشرية والاقتصادية الهائلة التي نتجت عن الحرب.

إن الأدلة والتحليلات تشير بقوة إلى أن غزو واحتلال العراق سنة 2003 كان خطأ استراتيجياً كبيرا. القرار الذي اتخذه بعض القادة في الولايات المتحدة، بناءً على معلومات استخباراتية مشكوك فيها وتصورات خاطئة للواقع في العراق والمنطقة، أدى إلى نتائج كارثية على العراق والشرق الأوسط وعلى مكانة الولايات المتحدة في العالم.

بعض نتائج غزو العراق الكارثية

بعض نتائج غزو العراق الكارثية

ثابت ياسر الجميلي

حين نتناول الآن وبعد مرور كل هذه السنوات على غزو العراق واحتلاله فإننا نسطر حقائق رآها وسمعها العالم كله، واعترف بها العدو والصديق وأدرك خطورتها كل المنكرين والمكابرين.

فمنذ سنة الغزو ٢٠٠٣ والعراق وشعبه يعيش ظروفاً سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية معقدة وشائكة وخطيرة.

فقد العراق بسبب الغزو وحدته الوطنية بسبب اعتماد الاحتلال سياسة المكونات الطائفية والعرقية بحيث أن المشهد المنظور لواقع العراق هو مشهد مجزأ ومفكك.

سلطت العملية السياسية الاحتلالية لغة غريبة على شعب العراق المشترك بقبائله وعوائله وتاريخه وحضارته هي لغة الطائفية والمناطقية فسرت بين أجزاء الجسد الواحد عوامل التشظي والشللية وكيانات المذاهب والأعراق المتناحرة وحلت لغة التعنصر وسطوة المادة بدل لغة الوطنية وروح الإيمان والسلام والمحبة.

إن القتل الطائفي والتهجير والنزوح والهجرة والإقصاء وقطع الأرزاق والإعلام المعادي للوحدة الوطنية هو ما ساد سنوات الاحتلال العشر الأولى وترك آثاره المدمرة التي قاتلها أحرار العراق بالمقاومة المسلحة الباسلة والفكر الوطني والقومي الشريف.

 أنهى الغزو كل حلقات التطور التي بناها العراق من مصانع وشركات وزراعة وتربية وصحة وخدمات ومستوى معيشي وتقدم علمي فتحول العراق إلى هيكل مجوف عديم مقومات الدولة الحقيقة.

وتمكن الغزو وأدواته من أحزاب خائنة وميليشيات مجرمة من تحويل العراق إلى ضيعة محكومة من إيران ومشروعها الطائفي الاحتلالي التوسعي بحماية دول الغزو، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ففقد العراق المعاني الحقيقية للسيادة والاستقلال فضلاً عن فقدان وزنه الإقليمي والدولي وانفتاح جغرافيته للتدخل الأجنبي ومن كل دول الجوار ودول الاحتلال الأخرى.

ونتيجة لسقوط السد العراقي، وهو السد الشرقي، الذي كان لا يحمي نفسه بتمكن واقتدار وقوة فقط، بل كان يحمي الأمة العربية وأقطارها وقضاياها المصيرية، فقد شهدت الأمة حالة وهن وتراجع وانكسار لم تحصل مثلها في كل تاريخها، ونحن نشهد اليوم ما تتعرض له فلسطين وقضيتها من تصفية دموية، ونشهد التدمير المنظم لسوريا ولبنان واليمن والسودان.

لقد تغولت إيران وتغول الكيان الصهيوني وتغولت تركيا وتغولت الرجعية العربية بعد احتلال العراق وكل كم التغول هذا موجه لإنهاء القضية الفلسطينية وتثبيت الكيان الصهيوني المغتصب وإنهاء مشروع وحدة الأمة وبناء قوتها وعوامل اقتدارها للدفاع عن وجودها ومقدراتها وكرامة شعبها.

وتراجعت بعد الغزو والاحتلال المجرم كل عوامل الأمن والاستقرار الوطني والقومي العربي وعصفت بأوطاننا في كل أقطاره العربية المؤامرات والفقر وتعمقت عوامل الجهل والتجهيل وانتشرت بشكل سرطاني الطائفية السياسية وتوسعت قدراتها على التدمير.

بعد غزو العراق سقط الأمن والسلم والمدنية على مستوى العالم، وكشرت الامبريالية الأمريكية خاصة والغربية عامة عن أنيابها وأعلنت عن حقيقتها السافرة المناهضة للإنسانية. وتراجع محور الشرق وانزوى يبحث عن فرص البقاء بسياسات رثة وتوجهات تفتقر إلى كينونة حقيقية لمواجهة المد الامبريالي فصار بعض الشرق أيضاً إمبريالي بطريقته.

نحن نشهد الآن عراقاً غير عراقنا الذي عرفناه وعرفه العالم بثوابت وقيم أخلاقية ودينية حيث انتشر الفساد المالي والأخلاقي والإداري، فصار سمة عامة وتوطن وكأنه معلم مغروس في روح الأحزاب والمليشيات يقابل ذلك تراجع للمقاومة الحقيقية واستكانة شبه عامة لهذا الواقع الذي يحول العراق إلى غريب عن ذاته الحقيقية تحكمه عناصر ساقطة ، وتحركه نزوات المادة وسقوط الطبقة السياسية.

غزو العراق جريمة لا مثيل لها

افتتاحية العدد 415 – مجلة صدى نبض العروبة

غزو العراق جريمة لا مثيل لها

 

فجر يوم ١٩ آذار _ مارس سنة ٢٠٠٣ م صار التاريخ والحضارة بكل مكوناتهما وبكل تفاصيلهما الممتدة إلى يوم الخلق الأول للبشرية هدفاً لترسانة السلاح الأمريكية، ومعها تحالف يضم أكثر من أربعين دولة.

في فجر ذاك اليوم المشؤوم صارت كل منتجات العلم والتكنولوجيا والتقنيات المتقدمة نيراناً تأكل أحشاء الإنسانية وتمزق جسد السلام والأمن وتفرض على العالم حالاً جديداً من العدوانية ولغة الهمجية والتوحش.

لقد كان عدواناً لا مسوغ له على الإطلاق فتسويق مبرراته من قبل دول العدوان كانت من غير أي سند، بل مختلقة كاذبة، وكان عدواناً لم يشبهه في التاريخ عدوان من حيث كمية القوة الغاشمة التي تم توجيهها ضد العراق بعد محاصرته لأكثر من ١٤ سنة في غذائه ودوائه وكل مستلزمات الحياة بما فيها القلم والورق والسلاح والبيع والشراء.

إن كمية الصواريخ والقنابل المدمرة والطائرات التي استخدمت لقصف بغداد لم يشهد لها تاريخ الحروب مثيل، فلم تبق عمارة ولا بناية ولا جسر ولا شارع ولا مصنع ولا مزرعة إلا واشتعلت فيها نيران الحقد الأسود، وأعلنت تلك النيران المجرمة عن نمط حرب لم تعرف البشرية مثيلاً لكمية الغل والضغينة والاستهتار بحياة البشر وبالمدنية والحضارة التي انطلقت من ثناياها الممتلئة بقيح العدوانية والكراهية للعراق وشعبه وللأمة العربية وقطب وحدتها وتطورها العلمي والصناعي والبشري.

ورغم حجم العدوان والأسلحة الفتاكة التي استخدمها لإحداث ما أسماه بالصدمة والرعب إلا أن شعب العراق وقيادته الوطنية الشجاعة قد واجهت العدوان بصبر وثقة وثبات وإيمان بالله سبحانه وحاول العراق بإمكاناته المتواضعة مواجهة القوة الغاشمة فقاتل بشرف لعدة أسابيع ولم ينهزم جيشه وقواه الأمنية البطلة، ولم يسجل على ذاته الوطنية والقومية مثلبة فظل مرفوع الهام رفيع الشرف عزيز الكرامة، فكانت مقاومته الأسطورية تقابل بشجاعة نادرة ندرة حجم العدوان وندرة أنواع الأسلحة التي استخدمها، فصنع العراق معادلة للتاريخ وللبشرية قوامها ندرة العدوان مقابل ندرة المقاومة بما يضمن للأمة عزها ومجدها، ويخذل الباطل طال الزمن أو قصر.

استراتيجية احتلال العراق سنة 2003،، والقانون الدولي

استراتيجية احتلال العراق سنة 2003،، والقانون الدولي

دكتور عامر الدليمي 

 

لم يكن قرار رئيس الولايات المتحدة الامريكية جورج  بوش الابن لاحتلال العراق قراراً  آنياً  وليد اللحظة أو قراراً مستعجلاً تم اللجوء إليه نتيجة ظروف وضرورات دعت إليها ،وإنما قراره  قد مرٌ بأدوار عديدة وتخطيط إستراتيجي لإنهاك العراق اقتصاديا وعسكرياً وتشويه سمعته إعلامياً بأكاذيب ثبت عدم صحتها للعالم منها  قدم ( توني بلير ) رئيس وزراء بريطانيا الأسبق معلومات كاذبة أمام  مجلس العموم البريطاني في ٢٤/ ٩ / ٢٠٠٢م  عن قدرة العراق بتوجيه صواريخ مدمرة الى بريطانيا  ،  كما قدم (   كولن باول ) وزير خارجية اميركا الأسبق معلو مات كاذبة  بتاريخ ٥/ ٢ / ٢٠٠٣م أمام مجلس الأمن  الدولي بأن العراق يمتلك أسلحة تدمير شامل ،وله علاقة تعاون مع تنظيم القاعدة ، وذلك تبرير  للدور الذي كان العراق يقدمه  على المستوى الوطني والعربي إذ  لم يبخل في عطاءاته الإنسانية وتضحياته القومية أينما دعاه الموقف في الساحة العربية ،فالاحتلال العدواني تم التخطيط له بإحكام دقيق خاصة بعد قرار تأميم النفط  العراقي من الشركات الاجنبية ،وحل المشكلة الكردية حلاً سلمياً   ديمقراطياُ  التي كانت قنابل موقوتة بيد أعداء العراق  وضد النظام الوطني العراقي خاصة  عند إقدامه على بناء قاعدة صناعية عسكرية ومشاريع  استراتيجية كبرى   في كل المجالات مما  أغضب  أعداء العراق لدوره المؤثر الفاعل  في الوطن العربي ،وتهديده للمصالح والاستثمارات الأجنبية التي  لا يروق لها عراق ناهض ، فشنت عليه حرب إعلامية واسعة ،لإبقائه تحت سيطرتها . وفي اجتماع لمجلس الأمن القومي الامريكي  برئاسة ( سكروكروفت) قُدم مشروع لتحقيق الأهداف المطلوبة في العراق وهي  :- 

 

١- ضمان تواجد دائم في الخليج العربي والشرق الأوسط دون أن يقلقهم أحد  أو يطلب منهم الخروج  .

٢. إسقاط النظام في العراق وقائده صدام حسين

٣- اجتثاث حزب البعث في العراق

٤- إعطاء فرصة للأحزاب الموالية لأمريكيا  لتقليدها مناصب قيادية في  العراق .

 

وفي عام ١٩٩١م  كانون ثاني صرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ( جيمي بيكر) بأنه سيعيد العراق الى العصر قبل الصناعي ، وفي   ١٦ / ايلول /  ٢٠٠١ م طلب الرئيس السابق ( جورج بوش  الأبن)  من مستشارة الأمن القومي  كوندا ليزا رايز) إعداد خطة طارئة للتعامل مع العراق ، وفي تصريح للجنرال الأمريكي ( ميرمكبيك)  قال نحن نقترب من حرب مع دولة من دول العالم الثالث . وبتاريخ ٢٠/ ٣ / ٢٠٠٣م شنت ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن وحلفائها هجوماً عسكرياً برياً وجوياً عدوانياً غير مشروع وإحتلال العراق .

 

 مع أن العراق :- 

١- دولة ذات سيادة كاملة وفقاُ للدستور العراقي ،بإعتراف هيئة الأمم المتحدة ،والجامعة العربية ،ومنظمة التعاون الإسلامي .

٢- لم يكن العراق البادئ في  حرب مسلحة ضد أمريكيا  ولم يمتلك أسلحة محرمةدولياً تصل الى أمريكيا أو بريطانيا .

٣- لم يهدد العراق السلم والأمن الدوليين و منطقة الشرق الأوسط .

٤- لم ينتهك العراق القانون الدولي ،وقرارات ألامم المتحدة أو المعاهدات الدولية أو قانون حقوق الإنسان .

٥-  طبق العراق كل القرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن القومي .

 

وبذلك فإن جورج بوش الابن قد إرتكب جريمة الحرب والعدوان على العراق وإحتلاله دون مسوغ قانوني ،وللأسباب التالية :- 

 

١- مخالفة العدوان  للمبادئ ألاساسية لميثاق الأمم المتحدة ،ومبادئ القانون الدولي الفقرة الرابعة  المادة (الثانية) ،وكلها تمنع أعضاء أعضاء ألهيئة جميعاُ بإستعمال التهديد أوالقوة ضد سلامة أو الإستقلال السياسي لأي دولة.

٢-  مخالفته للمادة ( الاولى والثانية ) من المعاهدات الدولية العامة من ميثاق الأمم المتحدة،عدم إستخدام  القوة في العلاقات الدولية ،ونبذ اللجوء الى الحرب كطريق لحل النزاعات الدولية ، وإدانة اللجوء إليها .

٣-  من واجب كل دولة الإمتناع عن اللجوء للحرب وإنتهاك حرمة أراضي أي دولة ،أو القيام بأعمال تتنافى مع القانون والنظام الدوليين المادة  ( التاسعة ) من ميثاق ألأمم المتحدة .

٤- حظرت المادة( تاسعاً  و عاشراً) من إعلان الميثاق  عدم تقديم المساعدة لأي دولة لا تحترم مضمون المادتين . 

 

٥- لم يمنح مجلس الأمن الدولي بموجب القرار  (١٤٤١) لسنة ٢٠٠٣م الترخيص لادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن بشن العدوان على العراق وإحتلاله والذي منطوقه يمنح العراق فرصة أخيرة للوفاء بإلتزاماته في مجال نزع السلاح   لكن جورج بوش الابن بنى على إفتراص أن قرار مجلس ألأمن رخص ضمناً بإستخدام القوة واصبح تبريرا له بغزو العراق .

 

٦ – إرتكبت تلك الادارة جريمة ضد السلام وجريمة العدوان المحرمة دولياً بموجب ميثاق نورمبرغ عام ١٩٤٥م ومبادئ نورمبرغ عام ١٩٥٠م والمعاقب عليها كما ورد في الفقرة ( د ) من المادة (٥) من قانون المحكمة الجنائية الدولية الذي يقتصر إختصاصها على أشد الجرائم خطورة موضوع إهتمام المجتمع الدولي بأسره وهي :- 

 

  أ-جريمة الحرب .

 ب-  جريمة العدوان .

 ج -جرائم ضد الإنسانية .

 د جريمة الإبادة الجماعية .

٧- إنتهاك منطوق المادة (٦،٧) من قانون المحكمة الجنائية الدولية، والمادة (٨) من إتفاقية جنيف في ١٢ في آب ١٩٤٩م والمادة  (  ٥) من النظام الاساسي لقانون روما الاساسي .

٨- إنتهاك إتفاقية لاهاي الصادرة في ١٨/ تشرين الاول / ١٩٠٧م ،بشأن قوانين الحرب البرية 

٩- إنتهاك البروتوكول الاول الاضافي لإتفاقية جنيف  لعام ١٩٧٧م المتعلق بحمايةضحايا النزاعات المسلحة .

١٠- إنتهاك ميثاق الجامعة العربية كون العراق عضواً مؤسساً فيها ومن مبادئها المحافظة على سلامة وإستقلال وسيادة الدول المنضوية فيها .

١٠- إنتهاك منظمة التعاون الإسلامي إذ أن العراق عضو مشارك فيها ومن مبادئها الحفاظ على سلامة اقطارها وأمنها.

 

ومن كل ماتقدم فإن ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن قد خالفت وإنتهكت كل القوانين الدولية والأعراف القانونية والانسانية ،والتي تشير الى إدانتها وفقاً لما ورد من مواد أقرتها الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الجنائي والإنساني ، والمحكمة الجنائية الدولية وتوصف بأنها جريمة العصر ،، بإفتعال أكاذيب لإدانة العراق ، التي يجب من منظور إنساني عدم تجاوزها ، مع   إرجاع الحق للعراق واهله .

 

 

بيان قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي تعليقاً على الأحداث الأخيرة

أمة عربية واحدة     ذات رسالة خالدة

حزب البعث العربي الاشتراكي

القيادة القومية- قيادة قطر سوريا  

تعليقاً على الأحداث الأخيرة، أصدرت قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي البيان الآتي نصه:

شهدت سوريا خلال الايام الاخيرة تطورات سياسية وامنية بالغة الخطورة، خاصة تلك التي شهدتها منطقة الساحل وقبلها محافظتي السويداء ودرعا وما أعقب ذلك من توقيع اتفاقية تفاهم بين ادارة الحكم ومنظمة “قسد”، واشهار الاعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية.

ان قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي سبقت ونبهت الى جملة التحديات التي تواجه عملية الانتقال السياسي التي اعقبت سقوط النظام وما ترتب عليها من تداعيات، لم يغب عن تقديرها ان المتضررين من عملية التغيير من الداخل والخارج، لن يسلمّوا بسهولة خسارة مواقعهم في السلطة والامتيازات التي مكنتهم من الامساك برقاب العباد ومقدرات البلاد. 

واذا كان العدو الصهيوني  اول المبادرين لاستغلال الوضع المستجد ،بإقدامه على تدمير القدرات العسكرية للدولة وتوسيع رقعة احتلاله من جبل الشيخ الى درعا واخيراً تدخله السافر في الشأن الداخلي عبر تقديم نفسه حامياً لطائفة كريمة من ابناء شعبنا وهي المشهود لها وطنيتها وتجذر انتمائها لعروبتها ،فإن   النظام الايراني الذي لم يستوعب بسهولة الضربة التي تلقاها وادت الى اخراجه من سوريا يستمر بالتحريض ضد عملية التغيير عاملاً على تحريك خلاياه النائمة وفلول النظام السابق عله يعود من بوابة الساحل بعد اخراجه من البر السوري .

ان قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي، لا ترى فيما أقدم عليه العدو الصهيوني امراً غريباً عن طبيعته العدوانية والتوسعية، كما لا تستغرب سلوك النظام الايراني وابعاد تغوله في العمق القومي العربي لأن الطرفين يضمران عداءً وجودياً للعروبة وكله على حساب الامن القومي سياسياً ومجتمعياً. وإذا كان هذان العدوان اللدودين للامة تتكامل نتائج مشاريعهما حيث وصلت امداءات اعتداءاتهما على الساحة العربية وخاصة في الاقطار المتاخمة لفلسطين وسوريا بالدرجة الاولى، فإن الآلية التي اعتمدها الادارة الجديدة في ادارة الشأن العام ووضع الاسس لإعادة البناء الوطني، وفرت ثغرات للقوى المتضررة من اسقاط النظام وما ترتب عليه من نتائج لان تنفذ منها وتمارس التخريب بكل السبل المتاحة.  فالسلطة الجديدة التي تدير ما تسميه بالمرحلة الانتقالية، لم تبادر الى إطلاق عملية سياسية واسعة المشاركة من كل الطيف السياسي الوطني المعارض للنظام السابق من شأنه أن يوفر حزام امن سياسي ووطني، بل العكس هو الذي حصل إذ أن المؤتمر الوطني الذي عقد مؤخرا، افتقر الى شمولية التمثيل الوطني بعدما اقتصرت الدعوات من قبل اللجنة التحضيرية على حضور شخصيات لا حيثية سياسية لها كما حضور ممثلين لهيئات ذات تمثيل ديني وطائفي. وأكثر من ذلك فإن الادارة الجديدة لم تتدارك خطورة اقدامها على حل الجيش الوطني وهو الذي افضى الى إحداث فراغ أمنى لا تستطيع القوى الامنية غير النظامية والتشكيلات العسكرية الهجينة التكوين ان تملأه، وهذا ما سبق وحذر منه الحزب قومياً وقطرياً واعتبره محظوراً وطنياً وقعت فيه سلطة الادارة الجديدة في وقت كان يفترض فيه ان يقتصر الحل على الفروع الامنية وتنظيم عملية اعادة هيكلة لمؤسسة الجيش يطال التطهير فيها المتورطين في عمليات القمع والفساد دون المساس ببنية المؤسسة العسكرية.

ولهذا فإن القيادة القطرية للحزب ترى ان الذي جرى في منطقة الساحل ما كان ليحصل او ليأخذ هذا البعد الخطير من فعل ورد فعل طال العناصر الامنية والمدنيين الذي اخذوا بجريرة ممارسات النظام السابق وفلوله، لولا استغلال القوى التي تناصب عملية التغيير العداء الفراغ في معطى الامن الوطني واستبعاد القوى السياسية الوطنية الداعية لبناء الدولة المدنية الديموقراطية عن المشاركة والمساهمة في صياغة البناء السياسي للدولة.

وعليه فإن القيادة القطرية للحزب التي تدعو الى اعتبار تحدي الاحتلال الصهيوني السابق واللاحق تحدياً وطنياً وقومياً ومجتمعياً وتدعو الى مواجهته بكل بالسبل المتاحة ، تدين التدخل الايراني السافر في الشأن الداخلي لسوريا، كما تدين بشدة  عملية التعرض بالقتل لمن كان مولجاً حفظ الامن في البلاد ولمن ارتكب اعمال القتل والتصفيات التي طالت ابناء شعبنا في مدن الساحل واريافها سواء كانت مدفوعة  بعمليات ثأرية على ما قامت به فلول النظام أو ببواعث طائفية ومذهبية وقد ذهب ضحيتها ابرياء من المدنيين الآمنين في استحضار لأبشع الجرائم التي ارتكبت بحق جماهير شعبنا منذ انطلق الحراك الشعبي مطالباً بالحرية والتغيير الوطني الديموقراطي.

ان القيادة القطرية للحزب ، وهي تدعو لمحاسبة كل من يثبت ارتكابه اعمالاً جرمية بحق المدنيين واحالتهم الى العدالة لينالوا القصاص العادل ، ترى ان التصدي لهذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان وعدم تكرارها إنما يتطلب الاسراع بوضع الالية العملية لتطبيق احكام العدالة الانتقالية لتعزيز ثقة الافراد بمؤسسات الدولة وتعزيز سيادة القانون والاعتراف بحقوق الضحايا وتدعيم احترام حقوق الانسان وهذا ما يفسح المجال امام معالجة المظالم استناداً الى ضوابط القانون  والحد من الانقسامات بين ابناء الشعب الواحد والاسراع بعملية اعادة التأهيل المجتمعي.

كما أن القيادة القطرية للحزب وهي تنظر بإيجابية الى توجه السلطة الجديدة اجراء تحقيق شفاف ومحاسبة لمن  تلطخت يداه بدماء الابرياء ومن استهدف من كان يتولى مهمة حفظ الامن ،  ترى ان الاعلان الدستوري وإن انطوى على معطيات ايجابية وخاصة التأكيد على اسم الجمهورية العربية السورية كاسم رسمي للدولة تعرّف به كما مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تغول بعضها على بعض  وحرية الرأي والتعبير والمحاسبة ، الا انها تسجل تحفظها على طول الفترة الانتقالية وعلى تحديد الانتماء الديني لرئيس الدولة والذي يتعارض مع مبدأ مدنية الدولة مع الاشارة الى أن الفقه الاسلامي كان يفترض ان يرد بصيغة مصدر اساسي من مصادر التشريع وليس المصدر الاساسي.

كما ان القيادة القطرية للحزب، وهي تنظر بإيجابية الى الاتفاق الموقع مع منظمة “قسد”، انما تدعوا الى تفعيله والالتزام بأحكامه لما ينطوي عليه من تأكيد والتزام بوحدة الارض السورية وبسط لسيادتها على كامل التراب الوطني، وتشدد في الوقت نفسه على الاسراع في انجاز الخطوات الاجرائية ببعديها السياسي والامني من اجل احتواء الوضع في جبل العرب واعادة انتظام كل ابناء شعبنا تحت مظلة الدولة العادلة والتي تحكمها قواعد العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.

اننا ونحن نترحم على ارواح الشهداء الذين سقطوا في مواجهة نظام الاستبداد والقمع وضحايا التفلت الامني   والاعمال الثأرية، تعيد التأكيد على توسيع دائرة المشاركة الوطنية في انتاج نظام جديد تحكمه ديموقراطية الحياة السياسية وتحصين الجبهة الداخلية من الاختراقات المعادية وكل اشكال التخريب الوطني والمجتمعي، وهذا من شأنه ان يضع سوريا على سكة المسار الصحيح في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها واولها مواجهة تحدي الاحتلال الصهيوني وكل اشكال الوصايات الدولية والاقليمية والبناء الوطني للدولة.

قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي.

 14 / 3 / 2025

صرخة ضمير عربي ثائر .

صرخة ضمير عربي ثائر .

 

نعم أنا عربي ثائر، وفخر الانتماء إلى العروبة والأمة ألعربية ليس غروراً أو تعالي وإنما إيمان عميق وثابت بالقومية التي أعزها الله في كتابه الكريم ،التي مُلئت كياني قناعة وتسامي ضمير كأشعة الشمس في وضَح النهار لا يحجبها غربال ، وهو شرف لا يدانيه شرف ، ونصرتها واجب كفاحي ونضالي لرفعة مبادئها ألإنسانية ،التي لا ينهض بها إلا الأبطال الشجعان لشرف وسمو مبادئها، وضرورة وجودها في الحياة كحقيقة ثابتة ، والإصرار في مسيرتها الجهادية المناضلة وتحمل المسؤولية الكفاحية من أجلها بهمة عالية لا تهزها ريح صفراء ،أو لغة تهديد وكلام ليس له معنى .
نعم أنا عروبي ثائر لا يُناور في ساحات سياسية مشبوهه وإنما في ساحات القتال والمنازلة ضد الأعداء بالعقل الراجح والقلم الثائر والبندقية والإصبع على الزناد ، ثابت كالجبال الراسيات والقلاع الحصينة ،سائر بكبرياء المبادئ الكفاحية من أجل رفعة الأمة العربية دون عجز أو تهاون أو إستسلام لأي عدو ومن أي جهة أو قوة كانت ، ولن أقف على التل أنظر للأسفل ، أو أجلس على طاولة الأعداء للإستسلام بلا مقاومة فاليد التي تُسقط سلاحها لا يكتب لها النصر بل يكتبه أعدائها كشهادة إستسلام وعقد إذعان .
هكذا تعلمنا من أجدادنا وتاريخنا وثقافتنا ، فأمتنا أمة المجد والعلا . تحية لكل من ينتمي إليها ويناضل من أجلها .