الماجدة العراقية.. ويوم المرأة وعيدها
علي العتيبي
كل عام نحتفي ونستذكر يوم المرأة العراقية وما قدمت من تضحيات في حياتها، ولهذا أطلق عليها القائد شهيد الحج الأكبر لقب الماجدة العراقية ولم يكن اطلاق هذه التسمية اعتباطاً بل هو ما ينطبق فعلياً على المرأة العراقية، حيث أن اسم الماجدة هو من الأسماء المؤنثة العلم التي جاءت من أصل عربي ومعناه صاحبة المجد وذات الحسب والنسب والشرف والكثير من الصفات الحسنة وللاسم جمال في معناه وخفة لفظه وسهولة نطقه، ومن هنا جاءت التسمية بالماجدة العراقية التي كان لها الدور الفاعل في المجتمع من خلال بناء الأسرة بالدرجة الأولى، وهذا ما لمسناه في معارك الشرف والكرامة التي خاضعها العراق حينما كان المقاتل في الجبهات فقد كانت الماجدة تدير شؤون البيت وتربية الأبناء وكانت المعين للرجل في بيته وفي المجال الصحي والخدمي والاقتصادي والعسكري والإنتاجي وفي كل المجالات الحياتية، وبرزت أسماء لامعة كثيرة من ماجدات العراق لا تزال أسماء بعضهن تغيض الأعداء، وقد كان للاتحاد العام لنساء العراق والتنظيمات الحزبية النسوية الدور الكبير لتنشئة النساء ليكُنَّ المعين الفاعل في المجتمع وكانت فعلاً صنوان الرجل ولهذا عمد الاحتلال وعملاؤه إلى إهانة كرامة المرأة العراقية لأنهم يعرفون أن العراقي يتحمل كل شيء ويصبر إلا إذا مس شرفه، وتعتبر المرأة أم أو أخت أو زوجة هي شرف الرجل وكرامته وميزان رجولته، وقال المتنبي في هذا شعراً كان من أبلغ الأوصاف:
(لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى … حتى يراق على جوانبه الدم)
لقد تحملت المرأة العراقية الماجدة البطلة والصابرة والصامدة والمجاهدة الكثير من المعاناة تحت حكم أعداء العراق والأمة العربية.
إن وضع المرأة العراقية يعتبر كارثياً وأكبر دليل على ذلك؛ أن الكثير من النساء الفاعلات المجتمع العراقي تم اغتيالهن كثير منهن طبيبات وعاملات في القطاع الصحي والإنساني.
إن “العنف ضد المرأة في تصاعد بحيث بلغ عدد الحالات التي سجلتها مراكز الشرطة مع ارتفاع “حالات الانتحار”.
إنّ العدد المتزايد سنوياً للنساء العراقيات اللواتي يُتاجر بهن في السوق الدولية السرّية لـ”عبودية الجنس”، سببه تضاؤل الإمكانات الاقتصادية، والحالة الأمنية المريعة التي يعيشها المجتمع العراقي منذ سنوات، وبالتحديد لمرحلة ما بعد الغزو الأميركي سنة 2003.
هناك في الأقل 200 امرأة عراقية تُباع في “سوق عبودية الجنس” كل سنة، برغم أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان – مقرها في الولايات المتحدة- حذرت من أنّ الأعداد قد تكون أعلى، إذا ما جرى إحصاء عمليات المتاجرة بالنساء اللاجئات إلى كل من سوريا ولبنان.
هناك آلاف من النساء العراقيات تحوّلن إلى “ضحايا القهر الاجتماعي والسياسي” من خلال بيعهن سنوياً في أسواق “عبودية الجنس” التي تنشط داخل العراق وخارجه لتهريب نساء وبنات لا يتجاوزن أحياناً عمر الـ12 سنة.
إن المعتقلات العراقيات يُضرَبن بشكل روتيني ويتعرضن للمضايقات ويغتصبن في السجون، ومع ذلك فإن الحكومة العراقية تتجاهل بتعمد معاناة وحاجات الأطفال والنساء وهذا بحد ذاته احتقار وإهانة لحقوق المرأة.
إننا وفي هذه المناسبة نحيي الماجدة العراقية على موقفها البطولي لأنها قدمت العديد من الشهيدات على محراب مقاومة الاحتلال ونحن كرجال سند وأخوة للماجدات ونخوتنا لأجل الوطن هي نخوة للعراقية البطلة لأن من بيننا نساء أخوات الرجال الرجال وهن كنخيل العراق شامخات بالمواقف الوطنية، ولا نريد أن نعدد مآثرهن لأنهن أعلام العراق ما بعد الاحتلال، وقد أخذ بعض الرجال العزيمة من عزيمة بعض الماجدات من الصمود امام المحققين في المعتقلات أو قول الحق من خلال القصيدة والمقال، وكذلك القتال والتظاهر.
التحية والتقدير والاحترام لكل ماجدة عراقية بيومها الأغر
والمجد والخلود لشهداء الوطن والأمة رجالاً ونساء، شيوخاً وأطفالاً.
وأختتم بما جارت الشاعرة زينب فواز بقصيدتها بيت المتنبي:
لا يسلم الشرفُ الرفيع من الأذى ..إلا بسفك دمٍ على الأرجاء
هذا مقالُ الأقدمين ولم نجد .. بُداً لنا من شرعة القُدماء
إن لم نشد ما أقام جدودنا.. فالويلُ ثم الويلُ للأبناء
أو لم نزين سيرة محمودةً… فلنخف شينَ الوجهة الحسناء
أو لم نسد في العالمين فهل إلى …تركِ التعندِ من كبيرِ عناءِ
يا حسرةَ الآباءِ في أجداثهم .. إذ أخجلتهم خُسةُ الأبناءِ
يا ويلة الأمواتِ إن رجعوا ولم .. يجدوا الذي ظنوه بالأحياء
يا خجلة الأحباب إن ساموا بنا.. شرفاً يُداسُ بأرجلِ الأعداءِ
هبوا ففي الأصلاب قومٌ بعدنا.. يحصون عنا سيءَ الأنباءِ
وهناك في الأرحام أجيالٌ ترى .. أعمالنا ببصائرِ وضاءِ