شبكة ذي قار

أرشيفات مارس 20, 2025

الاحتلال الامريكي والنفوذ الإيراني

الاحتلال الامريكي والنفوذ الإيراني

فاطمة حسين

احتلت القوات الأمريكية الغازية في 9 نيسان العراق مبررة ذلك بعدة أسباب اختلقتها هي رغم عدم وجود أدلة قاطعة لحشد الدعم الدولي وأهم هذه الأسباب امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، رغم معرفتها، بعدم وجود ذلك في العراق، وزعمت وجود صلات بين نظام البعث وتنظيم القاعدة، الذي لا وجود له، وادعت أيضا أنها تسعى لتغيير النظام لنشر الديمقراطية، وأعتبر كثيرا من المحللين أن السيطرة على النفط العراقي وتعزيز الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط كانا من الأهداف الخفية للغزو.

في 9 نيسان2003 انتهى الحكم الوطني في العراق وسادت الفوضى وتم حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية وتفكك مؤسسات الدولة بشكل مقصود ومخطط له، دون وجود خطة واضحة لإدارة العراق، إضافة لذلك أضعف قرار اجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي مؤسسات الدولة بسبب إقصاء مئات الآلاف من الموظفين وأساتذة الجامعات والمعاهد والثانويات والكفاءات والخبرات الوطنية المخلصة للعراق، والمصيبة الكبرى السماح لإيران بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية للعراق، الذي تسببت بتغذية المشاعر الطائفية، تكرست الطائفية في العملية السياسية من خلال تشكيل مجلس الحكم على أسس طائفية بعيدا عن الروح الوطنية، وتوزيع المناصب على أسس مذهبية وعرقية، مما اضعف الدولة وأدى إلى تفشي الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.

ومن مظاهر التدخل الإيراني في العراق دعم المرجعيات الشيعية والفصائل المسلحة الشيعية لكي تحافظ على نفوذها السياسي والاقتصادي. وتغذية الطائفية البغيضة وتصاعدت حدتها بعد تفجير  مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء سنة 2006 ، من قبل إيران مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية شرسة بين المكونات العراقية ومن آثار هذه المرحلة: التهجير القسري والقتل على الهوية وتعزيز المحاصصة الطائفية، وتهميش المكونات السنية في العملية السياسية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال الفوضى السياسية والأمنية في العراق مستمرة رغم مرور أكثر من 22 سنة على الاحتلال، ويبقى تحقيق الاستقرار في العراق مرهونا برفع يد إيران من العراق وهذا يتطلب اتخاذ موقف حاسم من قبل كل الاطراف التي لها دور في الشأن العراقي ،وإصلاح جذري للنظام السياسي وتسليم العراق للعراقيين، وتعزيز سيادة القانون، وإرساء هوية وطنية جامعة بعيدا عن الطائفية والمحاصصة والتدخل الإيراني.

في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

في ذكرى احتلال العراق… آلام ومآسي تتجدد

أم صدام العراقي

في العشرين من آذار وفي تمام الساعة السادسة صباحاً هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الشرير عراق العروبة والحضارة والتاريخ، ورمت بحممها الغادرة على بغداد السلام والمحافظات الأخرى، وزهقوا أرواحاً بريئة تحت راية علت عقولهم الحاقدة على العروبة والإسلام، فرغم مرور اثنان وعشرون سنة لن ينسى شعبنا تلك المأساة التي حلت بوطنهم الآمن الذي كان يضمهم تحت خيمته المعطاء.

لقد بدأت مرحلة الغزو في العشرين من آذار واستمرت 20 يوماً من العمليات القتالية التي غزت فيها قوات الاحتلال العراق والتي انتهت باحتلال كامل أراضيه في التاسع من نيسان عندما أعلن الرئيس الأمريكي الملعون جورج بوش نهاية العمليات القتالية، وبعدها أسست سلطة التحالف المؤقتة كأول حكومة انتقالية، ومن هنا بدأت المأساة.

لقد تحركت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الملعون جورج بوش نحو سياسة أكثر عدوانية تجاه العراق لاحتلاله وإزالة نظامه الوطني، فخططت بمساعدة أعوانها وعملائها شن هجوم واسع على العراق، فكانت عملية الغزو بحجج وذرائع واهية وكاذبة، وضربت أمريكا القانون الدولي ومجلس الأمن عرض الحائط وغزت العراق، إضافة لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية كان تبشر بالحرية والديمقراطية وبناء البلد لكن غايتها الحقيقة كانت التدمير.

إن العراق وشعبه خسر الكثير نتيجة الحرب والقصف، وفي النهاية وصلنا إلى هذا الحال المأساوي المرير الذي نعيشه اليوم، فالغزو والاحتلال شكل حدثاً محورياً خطيراً في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وكانت ذريعته امتلاك العراق أسلحة دمار شامل مما أدى إلى اسقاط نظامه الوطني وخسائر مادية وبشرية وملايين المشردين وانزلاق البلاد في عنف طائفي  ودمار وتدمير، واستشرى الفساد والخراب في كل مفاصل الدولة وفقد الأمن والأمان وأصبح المواطن العراقي يعيش حالة ذعر وخوف بعدما كان ينعم ويشعر بالراحة والأمان والاستقرار في ظل نظامه الوطني.

إن من أبرز نتائج وكوارث الغزو والاحتلال هي الحرب الأهلية بين أبناء الشعب الواحد، وتهميش دور مؤسسات الدولة وإقامة نظام سياسي فاسد وفاشل يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات واتفاقات بين الأحزاب وبإدارة سلطة الاحتلال، فقد نجحت الولايات المتحدة باحتلال العراق والإطاحة بنظامه الوطني لكنها فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة بما فيها ارساء أسس نظام حكم وطني ديمقراطي.

إن الأزمات المتفاقمة التي خلفها الاحتلال واغراق البلاد في الفوضى والفساد والحرب الأهلية والقتل على الهوية والتهجير وتداعياتها التي عصفت بالبلاد شكلت الكثير من المعاناة والويلات والمآسي التي تجرعها الشعب العراقي، فكانت تلك الأزمة مرتبطة بالسلطة بعد التغيير السياسي الذي حصل بعد سنة 2003  وأن للمحتل أثراً كبيراً وبالغاً في ارساء أسس هذه الأزمة المتفاقمة، وعليه لا يمكن اعتبار غزو العراق واحتلاله مجرد ذكرى وتطوى، بل هو المأساة الحقيقية التي ما زالت أفعالها قائمة والتي قادت لسياقات وأزمات متعاقبة وآلام ومآسي تتجدد كل عام.

غزو العراق الخطيئة التي لا تغتفر

غزو العراق الخطيئة التي لا تغتفر

ناصر الحريري

لم يكن غزو واحتلال العراق وليد اللحظة التي بدأ خلالها القصف أو التهديد بالقصف، ولكنه كان وليد سنوات متراكمة من التخطيط والحقد الصهيوني الدفين ضد العراق، ولكن كان لا بد لأمريكا وحلفائها من إيجاد مبررات تقنع بها المجتمع الدولي، أو لتقنع بها المجتمع الأمريكي الداخلي.

تشير بعض التحليلات إلى أن فكرة تغيير النظام في العراق كانت موجودة في أروقة السياسة الأمريكية قبل سنة 2003. ففي عام 1998، تم إقرار قانون تحرير العراق الذي جعل تغيير النظام هدفاً رسمياً للسياسة الخارجية الأمريكية، ومع ذلك، فإن التخطيط الفعلي لغزو واسع النطاق بدأ يتسارع بشكل ملحوظ بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

الأهداف المعلنة للغزو، كما ذكرها الرئيس بوش ورئيس الوزراء بلير، كانت: (نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، وإنهاء دعم صدام حسين للإرهاب، وتحرير الشعب العراقي).

وقد قدم وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كولن باول، عرضاً تفصيلياً أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في فبراير 2003، زاعماً وجود أدلة على امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.  

وعلى الصعيد العسكري، بدأت القيادة المركزية الأمريكية في تطوير خطط للغزو في وقت مبكر. وتشير التقارير إلى وجود خطط مختلفة مثل “الخطة الأساسية” التي كانت تتصور حشداً كبيراً للقوات قبل الغزو، و”خطة البداية السريعة” التي كانت تهدف إلى بدء الغزو بقوة ثم نشر القوات حسب الحاجة، والخطة “الهجينة” التي سعت إلى زيادة القوات البرية قبل بدء الحرب. الخطة النهائية التي تم تنفيذها كانت تهدف إلى التحرك بأسرع ما يمكن نحو بغداد، مع ترك المناطق الجنوبية التي قد تشكل تحدياً لوقت لاحق.

ففي آذار_ مارس 2003، شنت الولايات المتحدة، مدعومة بتحالف من دول أخرى، عملية عسكرية واسعة النطاق ضد العراق تحت مسمى “عملية حرية العراق”.

الإعلان الرسمي للغزو ارتكز على عدة ادعاءات رئيسية قدمتها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، تمثلت هذه الادعاءات في:

– امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل: زعمت الإدارة الأمريكية أن نظام صدام حسين لا يزال يمتلك ويطور أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية، مما يشكل تهديداً مباشرًا للأمن العالمي. وقد تبين لاحقاً، وباعتراف العديد من الأطراف بما في ذلك تقارير استخباراتية أمريكية وبريطانية، أن هذه الادعاءات كانت غير دقيقة ولم يتم العثور على أي أسلحة دمار شامل في العراق بعد الغزو.

هذا الفشل في العثور على الأسلحة التي كانت السبب الرئيس للحرب قوض بشكل كبير شرعية الغزو في نظر الكثيرين.

– دعم نظام صدام حسين للإرهاب: ادعت الولايات المتحدة وجود علاقات بين نظام صدام حسين وتنظيمات إرهابية مثل القاعدة، ومع ذلك، لم يتم تقديم دليل قاطع يثبت هذه الروابط بشكل مباشر.  

– تحرير الشعب العراقي: تم تقديم مبررات أخرى للغزو، ومنها أكذوبة تحرير الشعب العراقي من حكم (دكتاتوري) كما يدعون.

من الناحية التحليلية، يرى مراقبون أن هناك دوافع أخرى لعبت دوراً في قرار الغزو، بما في ذلك:

– الأمن القومي الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر: أدت هجمات 11 سبتمبر 2001 إلى تغيير كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث تبنت إدارة بوش استراتيجية استباقية لمواجهة التهديدات المحتملة. وقد تم النظر إلى العراق كجزء من “محور الشر” الذي يضم دولاً تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل وتدعم الإرهاب.  

– السعي للهيمنة الإقليمية والعالمية: يرى بعض المحللين أن الغزو كان جزءاً من مشروع أوسع نطاقاً لتعزيز النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط.

– المصالح الاقتصادية: يشير البعض إلى أن السيطرة على موارد النفط العراقية كانت دافعاً خفياً للغزو.

بدأ الغزو في 20 آذار _ مارس 2003 بحملة قصف جوي مكثفة، تلتها عمليات برية سريعة أدت إلى احتلال بغداد، وتحول ما كان متوقعاً أن يكون نصراً سريعاً إلى احتلال طويل الأمد ومكلف، حيث واجهت قوات التحالف مقاومة متزايدة أعلنها الشعب العراقي البطل، يتقدمهم جيش العراق الباسل، ولكن استقدام أمريكا لجماعات مسلحة مرتبطة بإيران التي سهلت وساندت قوات الاحتلال، مما أدى إلى تصاعد العنف الطائفي وحالة من عدم الاستقرار.

استخدمت قوات التحالف مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية في الغزو، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والقاذفات والدبابات والمدفعية. كما استخدمت بعض أنواع الذخائر مثل القنابل العنقودية واليورانيوم المنضب.  

كان لغزو العراق تداعيات واسعة النطاق على العراق والمنطقة والعالم، بما في ذلك:

– خسائر بشرية هائلة: تشير التقديرات إلى مقتل مئات الآلاف من العراقيين، بالإضافة إلى آلاف الجنود من قوات التحالف.

– تدمير البنية التحتية: أدى الصراع إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية العراقية، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه والطرق والجسور.

– نشوء جماعات متطرفة: ساهم الفراغ الأمني والفوضى التي أعقبت الغزو في صعود ميليشيات طائفية ولائية، وجماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة في العراق ولاحقاً تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مما أدى إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.

– التأثير على النظام الدولي: يرى بعض المحللين أن غزو العراق دون تفويض واضح من الأمم المتحدة قد أضعف النظام الدولي القائم على القواعد وقوض مبدأ سيادة الدول.

– تراجع مكانة الولايات المتحدة: أدى الفشل في العثور على أسلحة دمار شامل وتصاعد العنف في العراق إلى تراجع كبير في مصداقية الولايات المتحدة على الساحة الدولية.

إن غزو العراق سنة 2003 كان حدثاً محورياً في تاريخ الشرق الأوسط والعالم.

فالقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة وحلفاؤها، بناءً على معلومات استخباراتية مشكوك فيها وأسباب معلنة لا تزال محل جدل، أدى إلى زعزعة استقرار منطقة حساسة، ونتج عنه خسائر بشرية واقتصادية هائلة، وساهم في ظهور تحديات أمنية معقدة لا تزال المنطقة تعاني منها حتى اليوم. كما أثر الغزو بشكل كبير على صورة ومكانة الولايات المتحدة في العالم، وأثار تساؤلات حول استخدام القوة العسكرية في العلاقات الدولية.

إن الإدارة الأمريكية لم تكن مستعدة بشكل كافٍ لمرحلة ما بعد الحرب. كان هناك نقص واضح في التخطيط لإدارة العراق المحتل، وتوفير الأمن، وإعادة بناء المؤسسات الحكومية. قرار حل الجيش العراقي، على سبيل المثال، أدى إلى تفاقم حالة الفوضى وانعدام الأمن وساهم في ظهور الميليشيات الطائفية المسلحة.

مع مرور الوقت، اعترف العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين بأن غزو العراق كان خطأ أو على الأقل تضمن أخطاء جسيمة في التخطيط والتنفيذ.

حتى الرئيس جورج دبليو بوش نفسه، الذي اتخذ قرار الغزو، أعرب عن أسفه لبعض جوانب الحرب وتداعياتها.

تحليلات العديد من مراكز الفكر تشير إلى أن غزو العراق كان قراراً خاطئاً استناداً إلى معلومات استخباراتية غير دقيقة وتخطيط غير كافٍ لما بعد الصراع. هذه المراكز تقدم رؤى نقدية حول الأسباب والتداعيات، وتؤكد على التكاليف البشرية والاقتصادية الهائلة التي نتجت عن الحرب.

إن الأدلة والتحليلات تشير بقوة إلى أن غزو واحتلال العراق سنة 2003 كان خطأ استراتيجياً كبيرا. القرار الذي اتخذه بعض القادة في الولايات المتحدة، بناءً على معلومات استخباراتية مشكوك فيها وتصورات خاطئة للواقع في العراق والمنطقة، أدى إلى نتائج كارثية على العراق والشرق الأوسط وعلى مكانة الولايات المتحدة في العالم.

بعض نتائج غزو العراق الكارثية

بعض نتائج غزو العراق الكارثية

ثابت ياسر الجميلي

حين نتناول الآن وبعد مرور كل هذه السنوات على غزو العراق واحتلاله فإننا نسطر حقائق رآها وسمعها العالم كله، واعترف بها العدو والصديق وأدرك خطورتها كل المنكرين والمكابرين.

فمنذ سنة الغزو ٢٠٠٣ والعراق وشعبه يعيش ظروفاً سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية معقدة وشائكة وخطيرة.

فقد العراق بسبب الغزو وحدته الوطنية بسبب اعتماد الاحتلال سياسة المكونات الطائفية والعرقية بحيث أن المشهد المنظور لواقع العراق هو مشهد مجزأ ومفكك.

سلطت العملية السياسية الاحتلالية لغة غريبة على شعب العراق المشترك بقبائله وعوائله وتاريخه وحضارته هي لغة الطائفية والمناطقية فسرت بين أجزاء الجسد الواحد عوامل التشظي والشللية وكيانات المذاهب والأعراق المتناحرة وحلت لغة التعنصر وسطوة المادة بدل لغة الوطنية وروح الإيمان والسلام والمحبة.

إن القتل الطائفي والتهجير والنزوح والهجرة والإقصاء وقطع الأرزاق والإعلام المعادي للوحدة الوطنية هو ما ساد سنوات الاحتلال العشر الأولى وترك آثاره المدمرة التي قاتلها أحرار العراق بالمقاومة المسلحة الباسلة والفكر الوطني والقومي الشريف.

 أنهى الغزو كل حلقات التطور التي بناها العراق من مصانع وشركات وزراعة وتربية وصحة وخدمات ومستوى معيشي وتقدم علمي فتحول العراق إلى هيكل مجوف عديم مقومات الدولة الحقيقة.

وتمكن الغزو وأدواته من أحزاب خائنة وميليشيات مجرمة من تحويل العراق إلى ضيعة محكومة من إيران ومشروعها الطائفي الاحتلالي التوسعي بحماية دول الغزو، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ففقد العراق المعاني الحقيقية للسيادة والاستقلال فضلاً عن فقدان وزنه الإقليمي والدولي وانفتاح جغرافيته للتدخل الأجنبي ومن كل دول الجوار ودول الاحتلال الأخرى.

ونتيجة لسقوط السد العراقي، وهو السد الشرقي، الذي كان لا يحمي نفسه بتمكن واقتدار وقوة فقط، بل كان يحمي الأمة العربية وأقطارها وقضاياها المصيرية، فقد شهدت الأمة حالة وهن وتراجع وانكسار لم تحصل مثلها في كل تاريخها، ونحن نشهد اليوم ما تتعرض له فلسطين وقضيتها من تصفية دموية، ونشهد التدمير المنظم لسوريا ولبنان واليمن والسودان.

لقد تغولت إيران وتغول الكيان الصهيوني وتغولت تركيا وتغولت الرجعية العربية بعد احتلال العراق وكل كم التغول هذا موجه لإنهاء القضية الفلسطينية وتثبيت الكيان الصهيوني المغتصب وإنهاء مشروع وحدة الأمة وبناء قوتها وعوامل اقتدارها للدفاع عن وجودها ومقدراتها وكرامة شعبها.

وتراجعت بعد الغزو والاحتلال المجرم كل عوامل الأمن والاستقرار الوطني والقومي العربي وعصفت بأوطاننا في كل أقطاره العربية المؤامرات والفقر وتعمقت عوامل الجهل والتجهيل وانتشرت بشكل سرطاني الطائفية السياسية وتوسعت قدراتها على التدمير.

بعد غزو العراق سقط الأمن والسلم والمدنية على مستوى العالم، وكشرت الامبريالية الأمريكية خاصة والغربية عامة عن أنيابها وأعلنت عن حقيقتها السافرة المناهضة للإنسانية. وتراجع محور الشرق وانزوى يبحث عن فرص البقاء بسياسات رثة وتوجهات تفتقر إلى كينونة حقيقية لمواجهة المد الامبريالي فصار بعض الشرق أيضاً إمبريالي بطريقته.

نحن نشهد الآن عراقاً غير عراقنا الذي عرفناه وعرفه العالم بثوابت وقيم أخلاقية ودينية حيث انتشر الفساد المالي والأخلاقي والإداري، فصار سمة عامة وتوطن وكأنه معلم مغروس في روح الأحزاب والمليشيات يقابل ذلك تراجع للمقاومة الحقيقية واستكانة شبه عامة لهذا الواقع الذي يحول العراق إلى غريب عن ذاته الحقيقية تحكمه عناصر ساقطة ، وتحركه نزوات المادة وسقوط الطبقة السياسية.

غزو العراق جريمة لا مثيل لها

افتتاحية العدد 415 – مجلة صدى نبض العروبة

غزو العراق جريمة لا مثيل لها

 

فجر يوم ١٩ آذار _ مارس سنة ٢٠٠٣ م صار التاريخ والحضارة بكل مكوناتهما وبكل تفاصيلهما الممتدة إلى يوم الخلق الأول للبشرية هدفاً لترسانة السلاح الأمريكية، ومعها تحالف يضم أكثر من أربعين دولة.

في فجر ذاك اليوم المشؤوم صارت كل منتجات العلم والتكنولوجيا والتقنيات المتقدمة نيراناً تأكل أحشاء الإنسانية وتمزق جسد السلام والأمن وتفرض على العالم حالاً جديداً من العدوانية ولغة الهمجية والتوحش.

لقد كان عدواناً لا مسوغ له على الإطلاق فتسويق مبرراته من قبل دول العدوان كانت من غير أي سند، بل مختلقة كاذبة، وكان عدواناً لم يشبهه في التاريخ عدوان من حيث كمية القوة الغاشمة التي تم توجيهها ضد العراق بعد محاصرته لأكثر من ١٤ سنة في غذائه ودوائه وكل مستلزمات الحياة بما فيها القلم والورق والسلاح والبيع والشراء.

إن كمية الصواريخ والقنابل المدمرة والطائرات التي استخدمت لقصف بغداد لم يشهد لها تاريخ الحروب مثيل، فلم تبق عمارة ولا بناية ولا جسر ولا شارع ولا مصنع ولا مزرعة إلا واشتعلت فيها نيران الحقد الأسود، وأعلنت تلك النيران المجرمة عن نمط حرب لم تعرف البشرية مثيلاً لكمية الغل والضغينة والاستهتار بحياة البشر وبالمدنية والحضارة التي انطلقت من ثناياها الممتلئة بقيح العدوانية والكراهية للعراق وشعبه وللأمة العربية وقطب وحدتها وتطورها العلمي والصناعي والبشري.

ورغم حجم العدوان والأسلحة الفتاكة التي استخدمها لإحداث ما أسماه بالصدمة والرعب إلا أن شعب العراق وقيادته الوطنية الشجاعة قد واجهت العدوان بصبر وثقة وثبات وإيمان بالله سبحانه وحاول العراق بإمكاناته المتواضعة مواجهة القوة الغاشمة فقاتل بشرف لعدة أسابيع ولم ينهزم جيشه وقواه الأمنية البطلة، ولم يسجل على ذاته الوطنية والقومية مثلبة فظل مرفوع الهام رفيع الشرف عزيز الكرامة، فكانت مقاومته الأسطورية تقابل بشجاعة نادرة ندرة حجم العدوان وندرة أنواع الأسلحة التي استخدمها، فصنع العراق معادلة للتاريخ وللبشرية قوامها ندرة العدوان مقابل ندرة المقاومة بما يضمن للأمة عزها ومجدها، ويخذل الباطل طال الزمن أو قصر.

استراتيجية احتلال العراق سنة 2003،، والقانون الدولي

استراتيجية احتلال العراق سنة 2003،، والقانون الدولي

دكتور عامر الدليمي 

 

لم يكن قرار رئيس الولايات المتحدة الامريكية جورج  بوش الابن لاحتلال العراق قراراً  آنياً  وليد اللحظة أو قراراً مستعجلاً تم اللجوء إليه نتيجة ظروف وضرورات دعت إليها ،وإنما قراره  قد مرٌ بأدوار عديدة وتخطيط إستراتيجي لإنهاك العراق اقتصاديا وعسكرياً وتشويه سمعته إعلامياً بأكاذيب ثبت عدم صحتها للعالم منها  قدم ( توني بلير ) رئيس وزراء بريطانيا الأسبق معلومات كاذبة أمام  مجلس العموم البريطاني في ٢٤/ ٩ / ٢٠٠٢م  عن قدرة العراق بتوجيه صواريخ مدمرة الى بريطانيا  ،  كما قدم (   كولن باول ) وزير خارجية اميركا الأسبق معلو مات كاذبة  بتاريخ ٥/ ٢ / ٢٠٠٣م أمام مجلس الأمن  الدولي بأن العراق يمتلك أسلحة تدمير شامل ،وله علاقة تعاون مع تنظيم القاعدة ، وذلك تبرير  للدور الذي كان العراق يقدمه  على المستوى الوطني والعربي إذ  لم يبخل في عطاءاته الإنسانية وتضحياته القومية أينما دعاه الموقف في الساحة العربية ،فالاحتلال العدواني تم التخطيط له بإحكام دقيق خاصة بعد قرار تأميم النفط  العراقي من الشركات الاجنبية ،وحل المشكلة الكردية حلاً سلمياً   ديمقراطياُ  التي كانت قنابل موقوتة بيد أعداء العراق  وضد النظام الوطني العراقي خاصة  عند إقدامه على بناء قاعدة صناعية عسكرية ومشاريع  استراتيجية كبرى   في كل المجالات مما  أغضب  أعداء العراق لدوره المؤثر الفاعل  في الوطن العربي ،وتهديده للمصالح والاستثمارات الأجنبية التي  لا يروق لها عراق ناهض ، فشنت عليه حرب إعلامية واسعة ،لإبقائه تحت سيطرتها . وفي اجتماع لمجلس الأمن القومي الامريكي  برئاسة ( سكروكروفت) قُدم مشروع لتحقيق الأهداف المطلوبة في العراق وهي  :- 

 

١- ضمان تواجد دائم في الخليج العربي والشرق الأوسط دون أن يقلقهم أحد  أو يطلب منهم الخروج  .

٢. إسقاط النظام في العراق وقائده صدام حسين

٣- اجتثاث حزب البعث في العراق

٤- إعطاء فرصة للأحزاب الموالية لأمريكيا  لتقليدها مناصب قيادية في  العراق .

 

وفي عام ١٩٩١م  كانون ثاني صرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ( جيمي بيكر) بأنه سيعيد العراق الى العصر قبل الصناعي ، وفي   ١٦ / ايلول /  ٢٠٠١ م طلب الرئيس السابق ( جورج بوش  الأبن)  من مستشارة الأمن القومي  كوندا ليزا رايز) إعداد خطة طارئة للتعامل مع العراق ، وفي تصريح للجنرال الأمريكي ( ميرمكبيك)  قال نحن نقترب من حرب مع دولة من دول العالم الثالث . وبتاريخ ٢٠/ ٣ / ٢٠٠٣م شنت ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن وحلفائها هجوماً عسكرياً برياً وجوياً عدوانياً غير مشروع وإحتلال العراق .

 

 مع أن العراق :- 

١- دولة ذات سيادة كاملة وفقاُ للدستور العراقي ،بإعتراف هيئة الأمم المتحدة ،والجامعة العربية ،ومنظمة التعاون الإسلامي .

٢- لم يكن العراق البادئ في  حرب مسلحة ضد أمريكيا  ولم يمتلك أسلحة محرمةدولياً تصل الى أمريكيا أو بريطانيا .

٣- لم يهدد العراق السلم والأمن الدوليين و منطقة الشرق الأوسط .

٤- لم ينتهك العراق القانون الدولي ،وقرارات ألامم المتحدة أو المعاهدات الدولية أو قانون حقوق الإنسان .

٥-  طبق العراق كل القرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن القومي .

 

وبذلك فإن جورج بوش الابن قد إرتكب جريمة الحرب والعدوان على العراق وإحتلاله دون مسوغ قانوني ،وللأسباب التالية :- 

 

١- مخالفة العدوان  للمبادئ ألاساسية لميثاق الأمم المتحدة ،ومبادئ القانون الدولي الفقرة الرابعة  المادة (الثانية) ،وكلها تمنع أعضاء أعضاء ألهيئة جميعاُ بإستعمال التهديد أوالقوة ضد سلامة أو الإستقلال السياسي لأي دولة.

٢-  مخالفته للمادة ( الاولى والثانية ) من المعاهدات الدولية العامة من ميثاق الأمم المتحدة،عدم إستخدام  القوة في العلاقات الدولية ،ونبذ اللجوء الى الحرب كطريق لحل النزاعات الدولية ، وإدانة اللجوء إليها .

٣-  من واجب كل دولة الإمتناع عن اللجوء للحرب وإنتهاك حرمة أراضي أي دولة ،أو القيام بأعمال تتنافى مع القانون والنظام الدوليين المادة  ( التاسعة ) من ميثاق ألأمم المتحدة .

٤- حظرت المادة( تاسعاً  و عاشراً) من إعلان الميثاق  عدم تقديم المساعدة لأي دولة لا تحترم مضمون المادتين . 

 

٥- لم يمنح مجلس الأمن الدولي بموجب القرار  (١٤٤١) لسنة ٢٠٠٣م الترخيص لادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن بشن العدوان على العراق وإحتلاله والذي منطوقه يمنح العراق فرصة أخيرة للوفاء بإلتزاماته في مجال نزع السلاح   لكن جورج بوش الابن بنى على إفتراص أن قرار مجلس ألأمن رخص ضمناً بإستخدام القوة واصبح تبريرا له بغزو العراق .

 

٦ – إرتكبت تلك الادارة جريمة ضد السلام وجريمة العدوان المحرمة دولياً بموجب ميثاق نورمبرغ عام ١٩٤٥م ومبادئ نورمبرغ عام ١٩٥٠م والمعاقب عليها كما ورد في الفقرة ( د ) من المادة (٥) من قانون المحكمة الجنائية الدولية الذي يقتصر إختصاصها على أشد الجرائم خطورة موضوع إهتمام المجتمع الدولي بأسره وهي :- 

 

  أ-جريمة الحرب .

 ب-  جريمة العدوان .

 ج -جرائم ضد الإنسانية .

 د جريمة الإبادة الجماعية .

٧- إنتهاك منطوق المادة (٦،٧) من قانون المحكمة الجنائية الدولية، والمادة (٨) من إتفاقية جنيف في ١٢ في آب ١٩٤٩م والمادة  (  ٥) من النظام الاساسي لقانون روما الاساسي .

٨- إنتهاك إتفاقية لاهاي الصادرة في ١٨/ تشرين الاول / ١٩٠٧م ،بشأن قوانين الحرب البرية 

٩- إنتهاك البروتوكول الاول الاضافي لإتفاقية جنيف  لعام ١٩٧٧م المتعلق بحمايةضحايا النزاعات المسلحة .

١٠- إنتهاك ميثاق الجامعة العربية كون العراق عضواً مؤسساً فيها ومن مبادئها المحافظة على سلامة وإستقلال وسيادة الدول المنضوية فيها .

١٠- إنتهاك منظمة التعاون الإسلامي إذ أن العراق عضو مشارك فيها ومن مبادئها الحفاظ على سلامة اقطارها وأمنها.

 

ومن كل ماتقدم فإن ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن قد خالفت وإنتهكت كل القوانين الدولية والأعراف القانونية والانسانية ،والتي تشير الى إدانتها وفقاً لما ورد من مواد أقرتها الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الجنائي والإنساني ، والمحكمة الجنائية الدولية وتوصف بأنها جريمة العصر ،، بإفتعال أكاذيب لإدانة العراق ، التي يجب من منظور إنساني عدم تجاوزها ، مع   إرجاع الحق للعراق واهله .