شبكة ذي قار
بيان قيادة قطر العراق للذكرى السادسة والثلاثين ليوم النصر العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم

كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ

صدق الله العظيم

 

بيان قيادة قطر العراق للذكرى السادسة والثلاثين ليوم النصر العظيم

 

يا أبناء شعبنا العظيم

أيها العراقيون الأماجد

أيها البعثيون المناضلون في كل مكان

يا أبناء الأمة العربية المجيدة

 

في مثل هذا اليوم قبل ستة وثلاثين عاما، وقف العالم كله بخشوع وإكبار أمام إرادة العراقيين وقدرتهم على انتزاع النصر من عيون أعدائهم وإن كثروا وتعددت سحناتهم ولهجاتهم، العراقيون الذين أوصلوا عدوهم المتغطرس دونما سبب والجاهل عن إصرار، إلى حافة الانهيار التام ولولا شهامة العراقيين لقذفوا بالإيرانيين في مطاوي النسيان إلى الأبد،  ولكنهم اكتفوا بإيصالهم إلى حافة العجز واليأس عن أي قدرة للقتال، في منازلة هي الأطول في حروب القرن العشرين، بعد أن كبدوا عدوهم التاريخي من الخسائر ما أذهله وأذهل القوى الكبرى الساندة له سرا وعلانية، والتي أرادت للحرب أن تبقى مفتوحة الصفحات ولا تجد طريقاً لها إلى نهاية معلومة، فأرادوها حرباً لا غالب فيها ولا مغلوب، لأنهم ما كانوا ليسمحوا “لو استطاعوا” للعراق أن يخرج منتصراً فيها بأي شكل من الأشكال، لا سيما وأنهم ومن خلال معرفتهم لتاريخ هذا البلد العريق عبر حقبه التاريخية المتنوعة، يعرفون حق المعرفة أن العراق لن يسمح لنفسه أن يكون بلداً هامشياً، أو مجرد رقم مهمل في معادلة التوازنات الدولية، فقد كان وطنكم أيها العراقيون على الدوام، قوة فاعلة في صناعة التاريخ ومساراته وكتابة فصوله، وظل مركز الاستقطاب الدولي الوحيد قروناً طويلة قبل أن يأفل نجمه لفترة وجيزة ثم سرعان ما يستعيد وعيه وقدرته على قيادة المسيرة الإنسانية نحو السمو وأعالي المجد.

لقد انتقل الإنسان بفعل الإضافات الخلاقة للعراقيين، من ظلمة الجهل والخرافة، إلى عوالم التألق والمعرفة والتنوير، فقد اخترع العراقيون الحرف الأول، ليضيفوا إلى مسيرة الإنسان ألواناً لا نهاية لها من المعرفة والعلوم، ولم تتوقف مسيرة شعب ميزوبيتاميا عند هذا الحد، بل تفجرت عبقريتهم عن تدوير النهايات، فتم صنع العجلة التي كانت بداية لنهضة إنسانية لا حدود لها، فقد أمكن لهذا الاختراع الذي لا غنى عنه أن يدخل في كل ما نعرفه من مكائن ومعدات حديثة، فلولا العجلة المسجلة باسم العراقيين كبراءة اختراع سرمدية، ما كان للطائرات أن تحلق في الجو، وما كان للمركبات أن تتحرك في الشوارع والطرق، وما كان للسفن أن تمخر عباب البحار البعيدة بهذه السرعة، ذلك هو تاريخ بلدكم أيها العراقيون الأماجد الذي سُجل بأحرف من نور وذهب، ومن حقكم بل من واجبكم أن تتمسكوا به وتدافعوا عنه بكل ما أوتيتم من قوة.

أيها العراقيون الأُباة، يا من أثبتم بتضحياتكم وبذلِكُم الغالي والنفيس من أجل علياء وطنكم، أنكم شعب حي لن تستطيع قوى الأرض “وإن اجتمعت”، أن تهز يقينه بأحقيته بالحياة بعز وكرامة وإباء، وأن يكون بلداً له دوره في حركة التاريخ وفي صنع مستقبل الإنسانية، كما كان في الحقب التاريخية الغابرة.

في مثل هذا اليوم قبل ستة وثلاثين عاماً، انتزع أبطال الجيش العراقي الباسل، نصراً مؤزراً، لم يكن مفاجأة لأبناء العراق والأمة العربية الذين خَبِروا بأس العراقيين في كل الساحات التي خاض فيها العراقيون غمار الحروب، ولكن النصر كان مفاجأة للعدو الفارسي العنصري الذي فغر فاه من دهشةٍ نزلت عليه كوقع الصاعقة، فراح يبحث عن أسباب هزيمته في القادسية الثانية، التي أرغمت قياداته الدينية والسياسية والعسكرية على تجرع كأس السم في مجلس عزاء وعويل جماعي، شهد العالم كثيراً من فصوله المنكسرة، التي خيمت فوق إيران بتساؤل مرير عن عوامل هذا التحول الكبير في موازين القوى وأسبابه، وعلى الرغم من أن تاريخ بلاد فارس لم يسجل لها انتصاراً واحداً في كل المواجهات التي وقعت بينها وبين ميزوبيتاميا، إلا أن الإيرانيين الذين ورثوا التركة الفارسية بكل صفحات الانكسار والخيبة، تساءلوا بحرقة كيف انتصر العراقيون عليهم؟ والعراق لا يمتلك عمقاً استراتيجياً، وعدد سكانه بثلث عدد سكان إيران، ولا يمتلك إطلالة بحرية، تلك العوامل هي التي راهن عليها خميني عندما اختار بدء أولى خطواته لتصدير ما يسمى (بالثورة الإسلامية) بدأً من العراق، هذا الحلم العدواني التوسعي الذي يمتلك خزيناً هائلاً من الحقد وعقدة الدونية تجاه العملاق الغربي على حدود إيران، وشاركه العالم بحسابات تقليدية بائسة عند إجراء أية مقارنة في موازين القوى بين البلدين.

 

يا أبناء شعبنا العراقي العظيم

يا أبناء شعبنا العربي الأبي

أيها المناضلون البعثيون المرابطون على طريق الحق والنضال

لقد سجل العراقيون في مثل هذا اليوم، في الثامن من آب 1988، نصراً لامعاً لن يفقد ألقه، مهما تقادم الزمن، ومهما مرّ به العراقيون من محن وأزمات وكوارث ألحقتها بهم قوى الشر، سواء بالعدوان الثلاثيني الذي تعرض له العراق سنة 1991 ثم احتلاله سنة 2003 والذي شاركت به أطراف عربية، لم تكن لتتحمل وجود  بلد عربي يحمل برنامجاً حضارياً نهضوياً رائداً يرتكز على قاعدة عريضة من التأييد والدعم للنهوض والارتقاء، وقع العدوان الشرير بتواطؤ إيراني مباشر أو من خلال عملائها، حرّكته نوازع الثأر لموروث الخزي المتراكم الذي يحفل به قاموس فارس منذ هزيمتها على أيدي العراقيين في ذي قار ثم في القادسية الأولى وأخيراً في قادسية صدام المجيدة، التي سطرتم أيها البعثيون الأبطال بتضحياتكم الأسطورية التي سيخلدها التاريخ جيلاً بعد جيل، أروع صفحات المجد والفخار.

من هنا فقد استشعر أعداء الأمة المتربصين بها، أن العراق بما امتلكه من جيش كبير وقوي حديث التدريب والتسليح، وقيادة عامة على أعلى درجات الاقتدار والتصميم، وقيادات على مختلف المستويات، لخوض الحروب الحديثة استراتيجياً وتعبوياً، بحكم ما اكتسبته من خبرة حرب الثماني سنوات، فانطلقت خططهم لتدمير العراق بعد أن أصبح قوة عسكرية ضاربة يحسب لها الأعداء ألف حساب، وبعد أن امتلك قاعدة صناعية راسخة الجذور استندت على مبدأ توطين التكنولوجيا، والتي بدأت تشق طريقها بثقة واقتدار لا سيما في مجالات التصنيع الحربي، فسعى الأعداء لتدمير القاعدة الاقتصادية المتنوعة الموارد صناعياً وزراعياً، واستغلال موارد البلاد الطبيعية في خطةِ تنمية متوازنة، لا تترك مرفقا أو زاوية إلا وشملتها بالرعاية والتخطيط المدروس، فكان هذا الانتصار هو جرس الإنذار الثاني الذي تقرعه مراكز صنع القرار الغربية، بعد قرار التأميم الخالد في الأول من حزيران 1972، لتؤشر أن هناك حقائق جديدة باتت تسعى لفرض نفسها على المنطقة والعالم، فاستنفرت قوى الاستكبار العالمي كل ما لديها من رصيد مخابراتي وإعلامي، لتأليب الرأي العام المحلي والعربي على وطنكم المجاهد، بهدف عزل النظام الوطني عن قاعدته الجماهيرية محلياً وعربياً، فالتقت إرادات الشر كلها على إخراج العراق من منظومة الأمن القومي العربي، كي تخلو لها الساحة للعبث بمصير الأمة العربية بعد نزع إرادة الصمود والثبات فيها، في مواجهة الأخطار المحدقة بها نتيجة لغياب قوتها الاستراتيجية المتمثلة في العراق عن ساحة النضال العربي.

أين العراق الذي كان يُحكم من أبنائه الحقيقيين وليس الأغراب المستوردين بقرار أمريكي إيراني؟ لقد صار عراق الاحتلالين غريب الوجه واللسان، وأين آلت إليه أوضاع الأمة العربية التي تحولت إلى كرة تلعب بها أقدام محترفي السياسة وهواتها من الجهات الأربع؟ هل كان للأمة أن تمر في مثل حالة الضياع وفقدان البوصلة التي تعاني منها الآن لو أن السيف بقي ممسوكاً بقبضة عراقية بعثية قوية وثابتة الأقدام؟ أمتنا أمة مثقلة بكل أشكال البؤس وضياع الرؤية السليمة للمخاطر التي تتهددها بمصيرها لا بمستقبلها فقط وما كان لهذا كله أن يحصل لولا أن الولايات المتحدة اختارت إيران حليفاً تابعا ومقاولاً ثانويا لتنفيذ المهمات التي لا تريد أمريكا خوض غمارها، فتتحكم بقدراته وتمنعه من اجتياز خطوطها الحمر، لكنها تريده قوة إقليمية قوية حسب الخطوط المرسومة لها، لا تسمح لها بالخروج عن إرادتها، ولكنها تبقى وظيفة إقليمية مطلوبة بإلحاح، وهراوة ترفعها ثم تهوي بها على رؤوس بعض العرب، الذين توصلوا إلى قناعة أنهم بعلاقاتهم مع أمريكا، خسروا أنفسهم وخسروا كل فرصة لهم بالتطور والنهوض، فالولايات المتحدة اختارت إيران لهذا الدور الإقليمي المدروس، لتبتز بها العرب ولتعيد من يحاول الخروج عن بيت الطاعة الأمريكي إلى سيرته الأولى.

في التاسع من نيسان سنة 2003، لم يسقط العراق بل سقط جدار الكرامة العربية نتيجة تآمر دولي أطلسي صهيوني صفوي، لنراقب ما يحصل في فلسطين وفي غزة على وجه الخصوص، فماذا سنرى، سنرى شعباً يُهّجَرُ من مدنه وقراه ومساكنه، وفي كل يوم في دوامة تهجير بلا نهاية يعيشها منذ عام النكبة سنة 1948، وسوف نعرف عن يقين أن العراق كان سيف الأمة ورمحها اللذين لم يسقطا من الذراع العراقية لولا تظافر التآمر المتعدد المحاور والمصادر عليه من الشرق والغرب، ومن القريب قبل البعيد، نعم للأسف الشديد شارك في تهديم سد العرب العالي وجدار عزتها عراق العزة والكرامة، أشقاء عرب قدم بعضهم الأرض وبعضهم القواعد الجوية والبحرية، بعضهم تحمل التكاليف المالية لتحرك قوات الغزو من قواعدها في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الناتو، وبعضها جاهر بفخرٍ بأنه قدم جهداً متعدد الأوجه لقوى العدوان، وعندما انطلقت المقاومة العراقية الوطنية الباسلة على أكتاف أبطال القادسية الثانية، لتواجه قوات الاحتلال باقتدارٍ قل نظيره وبسرعة التشكل وحمل السلاح، تصدى لها المتآمرون القريب منهم والبعيد، المحلي والخارجي، على الرغم من أنها أرادت لهم العز والمجد والكبرياء، ولكن الأعداء أخلدوا إلى الأرض وحاولوا التستر على فضيحتهم المدوية، بإظهار بعض الحكمة الزائفة في سلوكهم المنحرف تارة، وفي الندم على ما اقترفت أيديهم من جرائم مروعة، ذهب ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين تارة أخرى، كان لمناضلي البعث الكأس المُعَلّى من التضحية والفداء في كل سطر دُوّنَ في سفر الخالدين في هذه الأمة.

العراق أيها المناضلون البعثيون الأشداء، كما كان على الدوام شعب المعجزات وهو وحده القادر على تجاوز أسباب المحنة، وخلق الفرص لنفسه، ليخرج من بين الرماد والركام عملاقا كأن لم تمر به أزمة، هذا العراق قادر بتضحيات مناضليه وبدعم من كل الشرفاء من أبناء الأمة العربية الذين شعروا بحز سكين الغدر في العظم العربي، قادر على أن يعيد الألق لأبناء الأمة العربية الحية على مدى الدهور والعصور، والتي ستسمو فوق الجراح وتعيد مجد ميزوبيتاميا إلى سابق عهده، قوة عربية وإقليمية ودولية فاعلة لن يجرؤ أحد على تخطيها في أي ظرف من الظروف، ولن يسمح مناضلو البعث لعربة النضال أن تتدحرج إلى قاع عميق، بل لن يسمحوا لها أن تتوقف من دون تحقيق أهدافها كاملة، نعم هذا كله يتطلب نضالا شاقا وتضحيات كبرى، ولكن هذا ما نذر البعثيون أنفسهم له، ليعيدوا ألق الثامن من آب، ويعيدوا دروس ذي قار والقادسية الأولى.

 

الله أكبر والمجد لأبطال القادسية الثانية وقائد النصر فيها شهيد الأضحى الرئيس الخالد صدام حسين.

المجد لشهداء الأمة العربية في كل مكان والمجد لشهداء فلسطين، وشهداء الأحواز السليب.

الله أكبر وليخسأ الخاسئون.

 

 

قيادة قطر العراق

لحزب البعث العربي الاشتراكي

بغداد 8/8/2024

3 صفر 1446 هـ

 

بيان القيادة العامة للقوات المسلحة رقم (172) في الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأيام،  يوم النصر العظيم

القيادة العامة للقوات المسلحة

بيان رقم (172)

في الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأيام  8 / 8 / 1988

  يوم النصر العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم

( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ  وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴿60﴾ ) الأنفال   

صدق الله العظيم

أيها الشعب العراقي العظيم

أيها النشامى من أبناء قواتنا المسلحة الباسلة

أيها الأحرار في كل مكان

تمر علينا في هذه الأيام ذكرى خالدة وعزيزة على قلوب العراقيين والعرب وهي الذكرى السادسة والثلاثون للانتصار التاريخي لشعب العراق وقواته المسلحة على عدوان إيران الشر في ملحمة القادسية الثانية المجيدة، تلك المعركة التي كان لها الدور الأكبر والرئيس في منع ملالي إيران من تصدير (ثورتها الإسلامية) المنحرفة، والتي كانت وما زالت في جوهرها تسعى بخبث لإعادة ما كان يسمى الامبراطورية الفارسية الغابرة.

كانت تلك الحرب واحدة من أطول حروب التاريخ الحديث، والتي مرت بالعديد من المراحل، فتضمنت مرحلتها الأولى للفترة من الرابع من أيلول حتى الثاني والعشرين منه عام 1980م الاعتداءات الإيرانية اليومية المتواصلة على الحدود، وفي داخل المدن والقصبات الحدودية، ضمن محافظات ديالى والبصرة تصحبها التهديدات الإعلامية والتصريحات الاستفزازية ضد قيادة العراق وقواته المسلحة، أما المرحلة الثانية للفترة من 22 أيلول لغاية 1 كانون أول 1980م فتمثلت بالتعرض السوقي (الاستراتيجي) العراقي الجوي والبري الشامل الذي بدأ بعد أن نفد صبر القيادة العراقية على الاعتداءات الإيرانية، وبعد استخدام العراق الوسائل السلمية والدبلوماسية كافة من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة، وشملت اندفاع وتوغل الجيش العراقي في الأراضي الإيرانية واحتلال بعض المدن وتطويق مدن أخرى مع ضربات القوة الجوية العراقية الشديدة والمركزة والدقيقة ضد القواعد الجوية الإيرانية.

أما المرحلة الثالثة للفترة من 1 كانون أول 1980 لغاية 30 حزيران 1982م فتمثلت بالمحاولات الإيرانية لإيقاف الاختراقات العراقية والسعي لاستعادة المبادأة في الحرب وشن الهجمات المقابلة والتي تمخضت في اتخاذ القرار العراقي في سحب قطعات الجيش إلى الحدود الدولية، وقد شهدت تلك الفترة معارك كبرى كمعارك قاطع عبادان والخفاجيه والشوش وديزفول والمحمرة ومهران وسربيل زهاب وغيرها.

وكانت المرحلة الرابعة للفترة من 30 حزيران 1982م لغاية 16 نيسان 1988م قد تمثلت بالدفاع السوقي الاستراتيجي الموضعي للجيش العراقي، وشهدت ملاحم ومعارك دفاعية بطولية عديدة لعل من أشهرها معارك شرق البصرة وهور الحويزة والشيب وكردمند وحاج عمران وغيرها، والتي أوقعت خسائر كبرى في صفوف الجيش الإيراني الذي يتفوق عددياً وتسليحياً بأربعة أضعاف جيش العراق الباسل. وفي هذه المرحلة تمكنت إيران من احتلال بعض من الأراضي العراقية بضمنها مدينة الفاو سنة 1986م.

أما المرحلة الخامسة والأخيرة للفترة من 17 نيسان 1988م لغاية الثامن من آب 1988م يوم النصر العظيم فتمثلت بالتعرض الواسع لاستعادة الأراضي المحتلة كافة ضمن معارك التحرير الكبرى الخالدة التي سطر فيها جيشنا الباسل وحرسه الجمهوري البطل المآثر والأمجاد التاريخية في سوح القتال، فتمكن العراق من تحقيق النصر الحاسم والنهائي في الحرب وأجبر الخميني على تجرع كأس سم الهزيمة لجيشه ومشروعه العدواني البغيض.

 

يا أبناء شعبنا المجيد وقواتنا المسلحة الباسلة

إن تلك الحرب الطويلة التي خاضها جيشنا العراقي الباسل وقواتنا المسلحة البطلة بعطاء وتضحيات جسيمة وأداء وطني قل مثيله تميزت بأن إدارتها كانت بمستوى عالي من العطاء الفكري والميداني وتلاحم شعبي وتكامل سياسي واجتماعي وإعلامي رائع، وإن ذلك الجهد المبارك قد ساهم  في تطوير فن الحرب وترسيخ وتطوير نظرية الدفاع التعرضي التي اعتمدها العراق في تلك الحرب، وكانت كفاءة وجدارة القيادة السياسية الوطنية آنذاك وهي تستشعر الخطر الإيراني الجديد وخطر مشروعه الخبيث الذي أطلقه الخميني حال نجاح  الثورة سنة 1979،  كما أن الإيمان المطلق للقيادة السياسية العراقية آنذاك بأن هذا المشروع يهدد الأمة العربية بالصميم هو الذي فرض حشد كل الطاقات لتحقيق الانتصار الناجز.

كما أن ملاحم القادسية المجيدة بمعاركها الطويلة والمتنوعة أنتجت للعراق العديد من قادة الجيش الأفذاذ الذين صنعوا مجداً عظيماً للعراق وقادوا معارك البطولة والانتصار وحافظوا على أمن العراق وسيادته، وذاع صيت الكثير منهم في كل أنحاء العالم، ولازال شعبنا يفخر ببطولات الرجال الذين صنعوا النصر ويتغنى بهم وبتاريخهم المجيد.

كما أنتجت تلك الحرب مليون مقاتل مدرب ومجرب سبب دق ناقوس الخطر في الكيان الصهيوني الذي بادر مع كل قوى الشر الدولية للتخطيط لتدمير هذا الجيش وقيادته السياسية الوطنية منذ اليوم الأول للنصر العظيم.

 

أيها الأحرار في كل مكان

لقد كان النصر العظيم في يوم الأيام  8 / 8 / 1988 نصراً عراقياً خالصاً صاغته أفكار ودماء وإرادة العراقيين الأباة، وعبر عن حقيقة شعب العراق الواحد  صاحب الحضارة العريقة والمجد التليد، وكان أداء رجاله في المعارك معبراً حقيقياً عن سجايا وأخلاق ونخوة العراقيين، ولقد شاركت في ذلك النصر العظيم  كل صنوف جيشنا الباسل، وكان لكل منهم دوراً مهماً في رسم ذلك اليوم الخالد، فكانت  لصنوف جيشنا الباسل المقاتلة والساندة والخدمية دوراً مهماً ومجيدا وكل تميز في ميدانه، فالتحية مقرونة بالمحبة والافتخار إلى كل صنوف هذا الجيش الوطني الباسل، من القوة الجوية وطيران الجيش والدفاع الجوي والقوات الخاصة والمشاة والدروع والمدفعية والصنف الكيمياوي والصواريخ  والهندسة العسكرية والمعدات الفنية والمخابرة والتموين والنقل والطبابة والعينة والهندسة الآلية الكهربائية والانضباط العسكري، كل ضمن دوره وقدراته المعروفة للجميع.

ولا يسمح المجال لسرد مآثر كل منهم في تلك الحرب الطويلة التي تحتاج إلى كتب ومجلدات لبيان بعض من مآثرها وأمجادها وبطولات رجالها.

 

أيها الأحرار في كل مكان

إن شعبنا العراقي الموحد البطل والذي ساند جيشه وقواته المسلحة الجسورة وقدم كل امكانياته وقدراته لتحقيق ذلك النصر العظيم الذي أغاض الكثير من الأطراف بما فيها دولاً كبرى، بات شعبنا اليوم يدفع ثمنَ ذلك النصر الواضح بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها وباستخدام قواتها المسلحة بغزو العراق بحجج كاذبة ومسوغات غير قانونية، ولتسلم البلاد إلى إيران وتمنحها الفرصة الذهبية للثأر من يوم النصر العظيم ومن هزائمها العديدة التي ألحقها جيش العراق وقواته المسلحة خلال الحرب التي استمرت ملاحمها لثماني سنوات متواصلة، ونرى اليوم  كيف أنها وعملاؤها تعبث بالعراق وخيراته، ولكن شعبنا العراقي المجيد وقواتنا المسلحة الباسلة ورجالها الأشداء من الذين لم يفقدوا بوصلة حبهم للعراق ودفاعهم عنه في أحلك الظروف سوف لن يتنازلوا عن حقهم في الدفاع عن أمنه وسيادته، وفي تثوير شعبنا لتحقيق أهدافه العليا في السيادة والاستقلال مهما طالت الأيام وغلت التضحيات، وإن النصر القريب قادم بإذن الله، وما النصر إلا من عند الله.

تحية وتقدير عالي إلى روح صانع النصر وعنوانه الأبرز شهيد الحج الأكبر صدام حسين، وإلى رفاقه الأبطال من الذين كان لهم دورٌ مهمٌ في تحقيق ذلك النصر.

والتحية المقرونة بالافتخار والاعتزاز لكل قادة جيشنا الأبطال والآمرين والضباط والمقاتلين وإلى كل المساندين لتحقيق نصر يوم الأيام.

تحية إلى شعبنا العراقي العظيم من أقصى شماله إلى أقصى الجنوب

تحية إلى رجال القوات المسلحة البواسل عنوان مجد العراق ووحدته

تحية إلى شهداء العراق العظيم

والمحبة والتقدير والاعتزاز لكل من آمن بالعراق العظيم واحداً موحداً مستقلاً..

 

 

القيادة العامة للقوات المسلحة

بغداد المنصورة بإذن الله

8 / 8 / 2024

وَيْلٌ لِلْعَرَب مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَب

وَيْلٌ لِلْعَرَب مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَب

التأخير في الرد الإيراني المزعوم، مطلوب لإعلان وشيك

عن السلاح النووي الايراني وبتواطؤ امريكي – اسرائيلي- دولي

 

مقدمة:

في ظل التصعيد الإعلامي القائم والأجواء المحمومة يعتقد البعض أن الحرب بين إيران والكيان الصهيوني قد تندلع بين لحظة واخرى. لكن الحقائق على ارض الواقع تحتِّم علينا أن لا نقيس الأمور بناءً على صورتها الخارجية مهما كانت ” مشتعلة ” ظاهرياً. وفي الوقت الذي ينشغل فيه الإعلاميون العرب بالمهرجانات الخطابية للإنتخابات الامريكية، وبتفاصيل سلسلة الإغتيالات المستمرة لرموز المقاومة، ومن هي الجهة التي نفّذتها، وكيف تم التنفيذ .. وما الى ذلك، فان مجريات الامور الحاكمة للواقع تجري على صعيد آخر تماماً، هو اكبر بخطورتِه وأبعد في مداه. فالتأخير في الرد الايراني المزعوم هو عملية مدروسة ومطلوبة لصالح الإعلان الوشيك عن اكتمال السلاح النووي الايراني، وبتواطؤ اسرائيلي ودولي.

فمجريات الأحداث وتطوراتها في العقود الاخيرة من القرن الماضي والى حد الان، تشير الى وجود تكامُل بين كل ما فعله الكيان الصهيوني وإيران على أرض الواقع، حيث تدعَم الخطوات الآنيّة لأحدهما، استراتيجية الاخر البعيدة المدى، ويجري كل ذلك بتوافق ورعاية دوليَّين.

فالاندفاع الإيراني في الوطن العربي يخدم هدفين أساسيين هما;  تفتيت الاقطار العربية كأساس لتحقيق مشروع ما يسمى بالشرق الاوسط الكبير الذي هو في حقيقته اسرائيل الكبرى (من النيل الى الفرات ).

وثانياً تخفيف العداء العربي للكيان الصهيوني، فبدلا من أن يبقى العدو الوحيد للعرب، يكون هناك عدو آخر يهدِّدهم بنفس القوة، مما يسهِّل عملية التطبيع مع الاول. وهذا يعني وجود مخطَّط لوضع الوطن العربي بين فكّي عدوّين لدودَين له هما “إسرائيل” وإيران، بحيث يجري تقاسمه بينهما على هذا الأساس. ولو نظرنا الآن لوجدنا ان ثمار هذا الاتفاق قائمة فعليّاً على أرض الواقع.

 

سِريّة التكامُل أساس نجاحه 

إن شرط نجاح هذا المخطط الاستراتيجي يكمن في سريته التامة، اذ يجب ان لا ينكشف التكامل الاسرائيلي – الايراني-  الغربي،  لان مثل هذا الكشف سينزع غطاء “الشرعية” الزائف الذي تتغطى به ايران تحت شعارات مثل مقاتلة الإمبريالية، والدفاع عن القضية الفلسطينية، وهي الأغطية المطلوبة لضمان تحقيق و استمرار هذا الدور.

المشروع القائِم هو تقاسُم الوطن العربي بين عدوَّين للعرب هما الكيان الصهيوني وإيران في هذا التقاسم تكون السيادة واليد العليا لمصلحة الكيان الصهيوني لأنه لا يريد كل اجزاء الوطن العربي اصلاً وانما ما يفيده منها، لذا فان التقاسم يجري على هذا الاساس. وربما يسأل سائل لماذا لا تاخذ “اسرائيل” كل شئ من دون وجود شريك لها؟، والجواب هو انها وبسبب الديانة اليهودية للدولة العبرية لا تستطيع التغلغل في الوطن العربي باسم الدين من اجل احداث التفتيت المطلوب على اسس دينية او مذهبية، لذا لابد لها من وسيط يمتلك الغطاء اللازم لمثل هذا التغلغل وبالتالي يصلح لهذا الدور، وهو إيران.  كما ان هذا التقاسم سيحقق هدفاً مزدوجاً “لاسرائيل”:

  • فهو من جهة يخدم كتهديد مباشر لمن تريد “اسرائيل” اجباره على التطبيع معها، وذلك برفع العصا الايرانية، وما يعقب ذلك من استباحة وتفتيت ومذابح مذهبية وطائفية وعرقية، واشاعة التخلف والفشل في كل مناحي الحياة، اضافة الى نهب الموارد واشاعة الفساد، في ظل الهيمنة الايرانية، وهو ما يحصل في كل الاقطار العربية التي ترزح تحت هذه الهيمنة.  وبالتالي ومن اجل تجنُّب كل ذلك تتوسع دائرة التطبيع في الاجزاء التي تريد “اسرائيل” التطبيع معها.
  • ومن جهة اخرى يجري تسليم الباقي الى عدوّ تاريخي حاقد للعظم على العرب والمسلمين ليتولى الانتقام منهم، فيغنِي “اسرائيل” عن القيام بنفسها بهذه المهمة.

واليوم وبعد ان قطع هذا المشروع الأشواط المرسومة بشكل شبه تام بما فيه تمكين ايران من الهيمنة على اجزاءٍ من الوطن العربي، وتحقيق التطبيع الاسرائيلي مع البعض الاخر، اصبح الوضع مُهيأ للإعلان الرسمي عن هذا التقاسم.  الا ان الاعلان عن التقاسم يحتاج الى مبرر يضفي “الشرعية” عليه ويُظهِر “اسرائيل” واميركا وكأنهما مجبرتان على تحقيق هذا التوازن، من اجل “حماية” السلم العالمي.  فأي هدف يكون أسمى من تحقيق ” التوازن النووي” و” إنقاذ الإنسانية”  من شرور الدمار الفتّاك لاضفاء الشرعية المطلوبة. فهل هذه الشرعية هي نتاج قوة حقيقية ام قوة مُصطنعة ؟.

 

  • هل هناك مشروع نووي ايراني خارج السيطرة حقاً ؟

ليس من الصعب الجزم بأنه لا يوجد مشروع نووي في العالم الثالث خارج قدرة اميركا على الوصول اليه وافشاله. ففي ظل التقدم التقني الهائل وبالذات الالكتروني منه، اصبح بالإمكان اختراق او قرصنة اي منظومة في العالم الثالث، وبالتالي السيطرة عليها وشلِّها عن العمل. هذا ناهيك عن شيوع وسائل الجهد الإستخباري، وتوفّر وسائل الهجوم العسكري التقليدية والمتاحة كلها لاميركا و”اسرائيل”.

وفي ايران بالذات، اثبتت المظاهرات العارمة التي شهدتها البلاد، اضافة الى حوادث الاغتيالات فيها وفي مقدمتها مقتل رئيس الدولة الذي تلاه اغتيال القيادي الفلسطيني اسماعيل هنية بفترة وجيزة، وغير ذلك من الحوادث ذات العلاقة داخل وخارج ايران، اثبتت كلها مدى هشاشة الوضع الأمني في ايران، مما يعني ان مشروعاً خطيراً مثل تطوير سلاح نووي، لا يمكن ان يكون بعيداً عن مرمى الهدف. لذا ففي ظل هذه الاستباحة من قبل الموساد والعملاء المحليين التابعين لأميركا و”اسرائيل” للأوساط الايرانية فان استهداف مثل هكذا مشروع هو في متناول امريكا.

إذن فإن المشروع الكبير برمّته يتم بتواطؤ مع الأطراف المتنفِّذة اسرائيلياً وامريكياً مع ايران، لتقاسم الوطن العربي بينها، وما القنبلة النووية الا غطاءً لإضفاء المسوِّغ لهذا التقاسم، وهو “شرعية الردع”.

 

ازدواجية المَعايير تفضَح التواطؤ

. سمع العالم قبل ايام ردة الفعل الاسرائيلية العنيفة ازاء مطالبة الزعيم التركي رجب طيب اردوغان بحق تركيا في امتلاك دفاعات قوية، مهددة اياه بأن مصير تركيا سيكون مثل مصير العراق !. وكانت تركيا قد كشفت قبلها وعلى لسان وزير الطاقة فيها عن تعرض البلاد الى اجراءات خارجية مباشرة وسرية لعرقلة بناء محطة “أكويو” للطاقة النووية فيها التي تبنيها مؤسسة “روساتوم” الحكومية الروسية.

كما ويعرف الجميع الطريقة العسكرية السريعة والمباشرة التي جرى بها استهداف وهدم مفاعل تموز في العراق بداية الثمانينات، وبإسناد امريكي وغربي تام، ضاربين عرض الحائط بكل قواعد القانون الدولي دون ان يرف لهم جفن.

وهنا يسطع السؤال واضحاً جلياً، لماذا تُعتمَد ردود الأفعال العنيفة هذه مع البعض، والعرب منهم بالذات، في حين تُعتمد سياقات المُماطَلة والتساهل والتواني والتبرير في التعامل ازاء نفس القضية عندما يتعلق الامر بايران عدوة العرب؟! ما لم يكن امتلاكها للسلاح النووي هو في حقيقتِه هدفاً اسرائيلياً – امريكياً مشتركاً لتحقيق استراتيجية أبعد.

 

  • القنبلة لن تكون إسلامية ولا مَذهَبيّة بل فارسية

قد ينطلي الموضوع على البعض من المسلمين والعرب فيسوِّغ لنفسه قبول امتلاك ايران للسلاح النووي الذي يجري التمهيد لاعلانه، على اساس انه سيكون سلاحاً بيد المسلمين. ولكن هذا التفكير ساذج وقصير النظر، فاستخدام هذه القوة الفتّاكة لن يكون لا لصالح المسلمين، ولا لصالح المذهب الذي تُدين به ايران، بل للمشروع الاستعماري، الفارسي الجوهر- الديني المظهر، والذي يجري تنفيذه تحت غطاء ولاية الفقيه.

كما ان هذا السلاح النووي لن يكون لصالح القضية الفلسطينية، وانما ستُستَخدَم فيه القضية الفلسطينية ( كما هو جاري من سنين )، لإضفاء شيء من الشرعية على المشروع التوسعي الفارسي وللتغطية على تكامله مع المشروع الصهيوني.

لذا فلا يتوهمّنّ احد من العرب، مهما كان دينهم او طائفتهم، بان السلاح النووي الايراني هو قوة لكلهم او لبعضهم، فالحقد الفارسي على العرب متجذِّر وعميق بغض النظر عن الدين او المذهب الذي يدين به العربي، فهم بنظرها واحد من اثنين، اما اعداء واضحين، او منفِّذين مرحليين للبرامج التي تخدم الاستراتيجية والمصالح الايرانية، سرعان ما سيتم التخلص منهم عند اول تقاطع للمصالح يحدث معهم.

وما استمرار المجازر البشعة الغير مسبوقة وقتل عشرات الالوف من ابناء شعبنا العربي في غزة دون ان تقوم ايران بفعل ذو قيمة حقيقية ومؤثرة على مسرح العمليات، بل مسرحيات بعيدة كل البعد عن الحسم الحقيقي مستعينة بشتى الذرائع التي تتذرع بها، تارة بحجة الانتخابات الامريكية وتارة بالتقيّد بقواعد الاشتباك، الا اكبر دليل على ذلك.

 

  • قواعد الإشتباك والضحك على الذقون

قواعد الاشتباك هو مصطلح يُتداول في المجال العسكري، يقصد به القواعد التي يلتزم بها الجيش في استعمال القوة أثناء النزاعات المسلحة سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي. فما هو مفهومه وما هي ضوابطه ومن يحددها ومتى ظهر على الساحة الدولية؟.

تشير “قواعد الإشتباك” إلى الأوامر الصادرة عن سلطة عسكرية متخصصة في بلد ما، تحدد متى وأين وكيف ومن يمكنه استخدام القوة العسكرية، أي إنها توفر تفويضاً ” محدداً ” للقوات العسكرية للجوء إلى القوة. ويعرِّف حلف شمال الأطلسي /الناتو “قواعد الاشتباك” بأنها إيعازات تصدر من جهة عسكرية مأذونة ترسم الظروف والحدود التي يسمح فيها للقوات المسلحة بالشروع في الاشتباك أو مواصلته.

وتاريخياً بدأ الحديث عن قواعد الاشتباك في منتصف خمسينيات القرن الماضي خلال الحرب الباردة. اما في وطننا العربي فقد ظهرت قواعد الاشتباك بعد تفاهم أبريل (نيسان) عام 1996، الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وسوريا بشأن لبنان في حينها، وفق معادلة: ” في حال قتل مدنيين فسنرد بقتل مدنيين.”

وفي الحقيقة لا يوجد اتفاق تاريخي موقَّع بين طرفين في شأنها لكن التقيد بها يكاد يكون إلزامياً. كما انه لا توجد قواعد متوافق عليها دولياً، بل إن كل جيش في كل بلد يحدد قواعد الاشتباك الخاصة به لكل معركة أو عملية عسكرية قد يقوم بها.

والمعروف ان هدفها الاساسي عموماً هو ” تقييد جغرافية العمليات العسكرية ومنع توسعها، فتقلّ بذلك الأضرار ولا يتسع الدمار”.

ويقر الخبراء العسكريون  بان “قواعد الاشتباك ليست بمثابة اتفاق موقع، بل هي كناية عن واقع وتفاهم غير مباشر وأيضاً غير رسمي، لذلك تعتبر مساومة بين طرفين، وبموجبها يحرص كل طرف على احترام حدود النزاع وعدم تجاوزه، حتى لا تتسع دائرة التصادم المسلح “.

أي بعبارة اخرى تكون قواعد اشتباك “بالتراضي”. فكيف يتم الجمع بين هذا التراضي من جهة،  والادعاء بنصرة القضية الفلسطينية وغزة بالذات من جهة اخرى؟!.

والحقيقة هي أن معادلة قواعد الاشتباك التي يجري الترويج لها اعلامياً بكثافة لافتة للنظر، هي ادعاء ايراني  لتبيّن بأنها تساند غزة حيث تعلن دائماً ان تطور الاحداث في الساحات العربية مرتبط بتطور الاحداث في غزة. في حين يؤكد العديد من الخبراء العسكريين و الاستراتيجيين أن ما يجري في الجنوب اللبناني ما زال ضمن تفاهمات قواعد الاشتباك المعمول بها والمذكورة اعلاه ( اي تقييد العمليات ومنع توسعها وتقليل الأضرار والدمار).

فهناك ناظم لعمليات تبادل إطلاق النار في الجنوب يفرض مستوى معيناً من وتيرة القتال، كما يفرض عمقاً معيناً في الأهداف، وهذا يعني عمليّاً انه ليس هناك ارتباط بتطور الاحداث في غزة. اي ان كل الادعاءات بدعم شعب غزة البطل والمقاومة فيها، ليس لها من معنى عندما لا يرتبط تطبيقها بحجم وبشاعة الجرائم التي ينفذها العدو الصهيوني في غزة . فرغم  تاكيدات ايران العديدة على ان ما يقرر توسيع دائرة المعارك في جنوب لبنان يرتبط بالتطورات في فلسطين!، الا ان غزة تُذبح كل يوم تحت قصف اسرائيلي وحشي هائل فاق فيه عدد الشهداء من المدنيين الابرياء 40 الف، يوازيه الضغط لتهجير ملايين اخرين منها ومن الضفة، ولكن بالمقابل يجري اشتباك ممنهج ومدروس ببرود تحت غطاء ما يسمى ” بقواعد الاشتباك” ؟!.

فهل بقي للشعارات مثل وحدة الساحات، وارتباط الصراع بالتطورات في غزة، ونصرة القضية الفلسطينية من معنى ؟!. ان التناقض واضح وجليّ: فإما وحدة الساحات و ارتباط الصراع بتطوره في غزة، وإما اعتماد قواعد الاشتباك.

فما هي علاقة ” قواعد الاشتباك ” بالتهدئة وكسب الوقت لصالح ايران وبدعم امريكي واسرائيلي ؟

في الوقت الذي تعرضت فيه القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي لأكثر من 165 هجوماً منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من قبل فصائل موالية لإيران بعد عملية “طوفان الأقصى”، نجد ان إيران اتفقت مع الولايات المتحدة الامريكية على قواعد اشتباك فيما بينهما !! والهدف الجوهري من ذلك هو تحييد الساحة الإيرانية من الغارات الأميركية. وبالمقابل لم يشهد الداخل الأميركي أية تهديدات إيرانية رداً على الضربات الامريكية !!.

وفي الوقت الذي طالب فيه مشرِّعون بمجلس النواب الأميركي بضرورة استهداف طهران بصورة مباشرة، وصف الخبراء هذه الخطوة  “بالاستعراضية”.

فإذا كانت هناك إرادة تصعيد امريكية او إسرائيلية أو ايرانية حقيقية، فينبغي ان تظهر في الميدان. إلا ان ما يجري لا يدل على وجود اية نية لتصعيد الموقف. فالمتحكم في هذا الاشتباك الإيراني – الأميركي المزعوم يسعى إلى الحفاظ على وتيرة معينة، مُتَفَقٌ فيها مسبقاً، على عمق الأهداف ونوعيتها والأسلحة المستخدمة.  لذا يرى العديد من الخبراء إن إعطاء هذه العمليات العسكرية صفة قواعد الاشتباك هو تغطية لأمر اكبر وابعد، وهو الحفاظ على وتيرة هادئة لما يحدث بين إيران وأميركا، وستستمر هذه الوتيرة حتى إشعار آخر،  والإشعار الآخر ليس كما يروجون بربطها بتطورات الأمور في غزة،  وانما بإعلان امتلاك ايران للسلاح النووي.

 

  • الإغتيالات جزء من السيناريو المتَّفَق عليه

في الوقت الذي تتكامل فيه عدة خطط  لتحقيق وتبرير التهدئة وعدم التصعيد، تارة باستخدام حجة الانتخابات الامريكية، وتارة بحجة قواعد الاشتباك،  وكلها تفضي الى عدم نصرة شعبنا في غزة بشكل حقيقي وبما ينسجم مع الشعارات الايرانية المرفوعة ، شهدت الساحة سلسلة كبيرة من عمليات الاغتيال التي تساهم هي الاخرى في تحقيق هذا التكامل . فهذه الاغتيالات تحقق اهداف عدة منها :

  1. اشغال الناس للتعمية على المشروع الحقيقي الجاري، وهو استكمال السلاح النووي بمباركة اسرائيلية امريكية.
  2. الهاء الناس بتفاصيل من قام بالاغتيال وكيف تم؟ وما الى ذلك، حيث ينغمس البعض بهذه التفاصيل تاركين القضية الرئيسية في الصراع، غير مدركين بانهم بانشغالهم هذا، انما يساهمون بالتغطية على المشروع الاصلي وهو استكمال السلاح النووي الايراني.
  3. كسب الوقت اللازم لاستكمال المشروع والاعلان عنه.

إن استمرار التباطؤ وعدم التصعيد وحتى اشعارٍ اخر، مهما كانت الذرائع المقدَّمة له، هو امر مطلوب ايرانياً – واسرائيلياً – وامريكياً، لانه يخدم المشروع الاكبر والاساسي.  فالإشعار الآخر المنتَظَر قادم، ولكن ليس كما يروجون بكونه معني بالتطورات في غزة،  وانما بإعلان امتلاك ايران للسلاح النووي.

 

وهنا لا نقول الا قول رسولنا الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم..

 ” وَيْلٌ لِلْعَرَب مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَب “.

 

 

تعزية مكتب الثقافة والإعلام القومي للرفيق المناضل الصابر المحتسب عمار العصار المحترم

بسم الله الرحمن الرحيم

{لَّا يَسْتَوِى ٱلْقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}

 

صدق الله العظيم

 

إلى الرفيق المناضل ركاد سالم  أمين سر قيادة قطر فلسطين المحترم

ومن خلاله إلى الرفيق المناضل الصابر المحتسب عمار العصار المحترم

 

 رفاقكم في مكتب الثقافة والإعلام القومي يشاركونكم آلام الفجيعة ويتوجهون لكم بعميق المواساة والتعازي القلبية باستشهاد أفراد عائلة الرفيق عمار العصار الكريمة حيث ارتقوا الى مراتب العلا والسمو والرفعة عند عزيز مقتدر ومستقرهم الأبدي غرف النعيم في الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين ومن وعدوا الله والوطن فأوفوا الوعد وصدقوا العهد .

   لم يكن هذا عرس الشهادة الأول ولن يكون الأخير لرفاق البعث، حزب الامة المناضل، فهذا هو ديدن وطريق من آلوا على أنفسهم أن يفتدوا الأمة المجيدة وفلسطين الحبية المغتصبة والعراق المحتل وكل أرض عربية مقدسة دنسها الغزاة المجرمون، ذلك لان الشهادة هي مهر التحرير والحرية والكرامة والعزة .

إن مصابكم لجلَل وقلوبنا تقطر دما لفقدان كامل افراد الاسرة الكريمة في قصف صهيوني غادر، غير اننا نثق بعلو كعب صبركم وثباتكم ويقينكم بأن ما جرى لم يكن خارج توقعات ثائر مجاهد مثلكم نذر نفسه وكل ما يملك فداء لفلسطين وعلى طريق تحريرها بتراكم التضحيات التي لم يقدم مثلها شعب في كل تاريخ البشرية .

إن رفاقكم مناضلو البعث ومعهم كل أحرار الإنسانية يقفون معكم يؤازرونكم ويشدون على أيديكم فلله ما أعطى ولله ما أخذ. ومع معايشة الحزن والألم لن نقول ما يغضب الله فله الحمد على ما كتب وما وعد وما قسم .

إنا لله وإنا إليه راجعون،  ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

مكتب الثقافة والإعلام القومي

3/9/2024

مكتب الثقافة والإعلام القومي  يعزي الرفيق المناضل زاهر الجديلي عضو قيادة قطر فلسطين

مكتب الثقافة والإعلام القومي

 يعزي الرفيق المناضل زاهر الجديلي عضو قيادة قطر فلسطين

 

بسم الله الرحمن الرحيم

” كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور”

                                       صدق الله العظيم

  على طريق النضال لمواجهة الكيان الصهيوني، وفي مسيرة النضال لتحرير فلسطين وضمن موكب شهداء الأمة العربية ارتفعت روحي شهيدين ضمن هذا الموكب من مخيم النصيرات بقطاع غزة، المجاهدان المحامي سمير والمهندس أحمد، نجلي الرفيق المناضل زاهر الجديلي ، عضو قيادة قطر فلسطين.

 

يتقدم رفاقكم في مكتب الثقافة والإعلام القومي بخالص التعزية برحيل نجلي الرفيق المناضل زاهر الجديلي عضو قيادة قطر فلسطين لحزب البعث العربي الاشتراكي اللذين ارتقيا شهيدين فوق ثرى غزة العزة، نتيجة لقصف صهيوني همجي على منزلهما في غزة.

وفي هذا المصاب الأليم، نشارك رفيقنا زاهر الجديلي الحزنَ العميق على رحيل نجليه سائلين الله العلي القدير أن يمنحه وأهله ورفاقه الصبر والسلوان ونحتسبهما عند الله جل وتعالى شهيدين في مسيرة تحرير فلسطين من رجس الصهاينة.

مبتهلين إلى الله عزّ وجلّ أن يرحمهما برحمته الواسعة، ويسكنهما فسيح جناته، ويلهم أهلهما ورفاقهما ومحبيهما الصبر والسلوان.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

رفاقكم في مكتب الثقافة والإعلام القومي

بيان قيادة قطر لبنان في الذكرى الرابعة لتفجير مرفأ بيروت

في الذكرى الرابعة لتفجير مرفأ بيروت

طليعة  لبنان :

 

تفجير المرفأ جريمة لا تسقط بالتقادم

تحقيق العدالة سبيله الوحيد استئناف التحقيق

 وإعادة الاعتبار للدولة عامل اساسي في تحصين الساحة الداخلية.

 

أكدت القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، أن تفجير المرفأ هو جريمة لا تسقط بالتقادم وان تحقيق العدالة يكمن باستئناف التحقيق، واعادة الاعتبار للدولة بكل مرافقها وخاصة المرفق القضائي ، وان تطورات الوضع على جبهة المواجهة مع العدو الصهيوني في الجنوب ، لاتلغي ايلاء القضايا الوطنية ومنها كشف الحقيقة نظراً للاهمية  التي تستحقها وخاصة قضية تفجير المرفأ.

جاء. لك في بيان للقيادة القطرية لمناسبة الذكرى الرابعة لجريمة تفجير المرفأ في ٤ آب ٢٠٢٠في مايلي نصه .

 

تحل الذكرى الرابعة لتفجير مرفأ بيروت ، التي اودت بحياة اكثر من مئتين من الضحايا والمئات من الجرحى عدا الدمار الواسع الذي اصاب الاسواق التجارية والاحياء السكنية ، والوضع المتعلق  باجراءات التحقيق مازال يراوح مكانه بعد ان توقف منذ عامين ، ويكاد يسدل الستار عليه كي تطمس معالم الجريمة  دون الوصول الى معرفة الحقيقة والوصول بها الى مآلات العدالة النهائية  عبر مقاضاة  المسؤولين عنها وهم باتوا معروفين ويتصرفون بما ينطبق عليهم القول المأثور  “كاد المريب أن يقول  خذوني”. وفي ظل ما اصبح معروفاً، فان الامر لم يعد يتطلب  سوى اصدار القرار الاتهامي واحالة القضية الى المرجع القضائي المختص والسير بالمحاكمة حتى النطق بقرار الادانة.

واذا كانت هذه الذكرى تحل ، والوضع في لبنان على صفيح ساخن في ظل تصاعد العدوانية الصهيونية  ، فإن سخونة الوضع على جبهة الجنوب ، لايلغي ايلاء الاهتمام بقضايا  وطنية كبرى ومنها كشف الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ ، وهي جريمة بحجم الجرائم الكبرى التي ترتقي  حد الجرائم ضد الانسانية.

ان القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي التي تدين كل محاولات التعطيل لاستئناف التحقيق في اسباب هذه الجريمة وتحديد المسؤولين عنها لانزال العقوبة التي يستحقونها اياً كانت مواقعهم في الادارة والسلطة ، ترى ان هذه الجريمة التي هي من نوع الجرائم التي لاتسقط بالتقادم ، ستبقى كابوساً على رؤوس مرتكبيها ، وانهم لن ينجوا من العدالة طالما هناك من يعتبر كشف الحقيقة في هذه الجريمة مسؤولية وطنية ، وان ابقاءها حية وبعيداً عن طي النسيان ،يملي متابعتها ليس باعتبارها قضية جنائية وحسب ،بل باعتبارها قضية وطنية بعدما تحولت الى  قضية رأي عام ، لايمكن لاحد ان يتجاوزها او ان يقفز فوق معطياتها.

واذا كانت ضرورات المواجهة المتدرجة مع العدو الصهيوني ، تملي تحصين الجبهة الداخلية في مواجهة مايتعرض له لبنان من تحديات وطنية ، فان كشف الحقيقة في هذه الجريمة ، يشكل  عاملاً من عوامل التحصين الداخلي  لانه يضع حداً لاشكالية سياسية شاطرة للوضع السياسي الداخلي ولكونه يندرج في اطار عملية اعادة الاعتبار للدولة التي تتطلب اعادة الانتظام لعمل المرفق العام وخاصة المرفق القضائي. وهذا مابقدر مايكتسب اهمية في سياق تفعيل سير العدالة ، فإنه يساهم في خلق مناخات ايجابية لانهاء الفراغ في المؤسسات الدستورية وتحديداً موقع رئاسة الجمهورية ، التي يشكل انتخاب رئيس للجمهورية المدخل الفعلي لاعادة تفعيل عمل سائر المؤسسات.

ان التحديات الوطنية التي تواجه لبنان في ظل التطورات الجارية على مستوى الاقليم وتأثيرات استمرار العدوان الصهيوني على غزة بكل تداعياته على جبهة الجنوب الذي يدفع اثماناً باهظة بسبب اقدام العدو على اعتماد سياسة الارض المحروقة ضد البشر والحجر والشجر ، خارقاً بذلك قوانين الحرب ومنتهكاً بشكل صارخ لاحكام القانون الدولي الانساني وهي التي تملي مقاضاته امام المحكمة الجنائية الدولية ،  انما تتطلب اسقاط كل الخلافات السياسية الداخلية والتوحد على ارضية موقف وطني موحد لمواجهة مايتهدد لبنان من اخطار وفي طليعتها العدو الصهيوني وكل من يسعى لاخذ لبنان رهينة خدمة لاجندة اهدافه الخاصة . 

في الذكرى الرابعة لجريمة تفجير المرفأ ، نضم صوتنا الى اصوات ذوي الضحايا وكل الذين تضرورا من هذه الجريمة ، مطالبين بكشف الحقيقة واحالة  من يثبت ارتكابه هذا الجرم الكبير سواء كان  منفذاً او مشاركاً او محرضاً او من يعمل على  تضليل العدالة الى القضاء  ، كما ندعو الى الاسراع بانتخاب رئيس الجمهورية لاعادة الاعتبار للدولة عبر تفعيل عمل مرافقها العامة  السياسية والقضائية والادارية ، وكل ذلك من اجل  تصليب الساحة الداخلية في مواجهة تصاعد التهديدات  الصهيونية التي تروج لتوسيع رقعة العدوان  على لبنان.

الرحمة لشهداء جريمة الرابع من آب ، ولكشف الحقيقة في جريمة العصر، ولإعادة الاعتبار للدولة من اجل تصليب الارضية التي يقف عليها اللبنانيون في مواجهة من يهدد امنهم الوطني والمجتمعي .وما مات حق وراءه مطالب .

 

القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي

 

بيروت في ٢٠٢٤/٨/٤

 

 

خالدون في سبيل البعث- البعث والنضال العمّالي في اليمن

خالدون في سبيل البعث

من سجل النضال القومي المجيد

 

حزب البعثُ العربي الاشتراكي هو حزبٌ قوميٌّ وُلِدَ من رحم معاناة الامة  من أجل تحقيق وحدتها وحريتها ونهضتها، لتمارس دورها الحضاري بين الأمم بما يَليق بمكانَتِها الكبيرة وإمكاناتها الهائِلة وتأريخها المجيد. وهو فِكرٌ رَصينٌ وراسخٌ، ونَهجٌ ناضجٌ ومُتقدمٌ ينير درب مناضليه وجماهيرَه في كفاحهم لتحقيق أهدافه الاستراتيجية الكبرى في الوحدة والحرية والاشتراكية. وحزبٌ هكذا هي أهدافه، قومية تقدمية انسانية، لا ينهض برسالَتِه الحضارية العِملاقة في بعث أمة بكاملها، الاّ نوعية خاصة من أبناء الأمة المناضلين في صفوفِه، من الذين آمنوا بحقِّ أمتهم في النهضة والتقدُّم لتحتَّل مكانتها الكبرى بين الامم ، فوهبوا حياتهم لتحقيق رسالته، خائضين في سبيل ذلك نضالاً ضروساً وتضحيات جسام لتأصيل الأهداف النبيلة للبعث، وقيمه ومبادئه السامية. انَّهم صُنَّاع الحياة ومستقبل الامة، ورجال العطاء والفداء من أجل تحقيق وحدة أمتهم العربية المجيدة. هكذا هُم مناضلو البعث على امتداد وطنهم العربي الكبير من المحيط الى الخليج.

يسعى هذا الباب الى القاء الضوء على محطات من السجلّ الخالد لمناضلي البعث في الوطن العربي ، الذين شكَّلوا رايات عالية ستبقى تنير درب أجيال وأجيال من ابناء الامة في نزوعها نحو الوحدة والحرية والتقدم. ومن تلك المحطات النضال الوحدوي الجبهوي والعمالي في اليمن

 

البعث والنضال العمّالي في اليمن

يحيى محمد سيف المفلحي

تعددت مجالات نضال حزب البعث العربي الاشتراكي في قطر اليمن لتشمل كافة القضايا الوطنية والقومية. فبالإضافة الى نضاله في المجال الوحدوي والجبهوي، كان لكوادر وقيادات وقواعد البعث دور بارز في قيادة النضال العمالي وبشكل متميز لا على صعيد اليمن وحسب وانما الوطن العربي برمته.

 

🔸 المؤتمر العمالي

في خطوة نضالية رائدة قام بها البعث ومناضليه في قطر اليمن من أجل  التحالف الجبهوي وحشد كافة الطاقات الوطنية ضد الاحتلال البريطاني ومجابهة القوى المعادية، فقد أسهم  بشكل فاعل في تأسيس وقيادة  المؤتمر العمالي، الذي يعد حزب الاحزابا لذي تأسس  في 3 آذار / مارس عام 1956م المكون من 20 نقابة في عدن بعد تكامل هيئاته وهياكل نقاباته العشرين  ليضطلع بمهام توحيد النقابات العمالية وتأمين نضالها وزيادة فعاليتها ( حيث بلغ عدد الإضرابات التي  نفذتها النقابات العمالية  خلال عامي ١٩٥٨-١٩٥٩ م  (١٠٩) اضراباً، منها ارتبطت بالمطالب  العمالية وأخرى بالقضية الوطنية.

 

🔸البعثيون يقودون الحركة العمالية اليمنية

  كانت القيادات التي تتالت على قيادة ورئاسة المؤتمر العمالي 1965 هي  قيادات وطنية وديمقراطية من رموز حزب البعث العربي الاشتراكي، وكانت قيادت الحركة العمالية والنقابية جنوب الوطن اليمني  ذات الافق القومي هي المرشد والمنظم لهذا النضال، وفي قلب الحركة النقابية والعمالية تنظيماً رائداً في ذلك الكفاح السياسي والنضال الوطني.  وتمثلت الكوادر البعثية التي تولت   رئاسة وعضوية   المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات العمال في عدن بالرفاق التالية اسماؤهم  وفقاً للمصادر الموكدة :

1-    المناضل البعثي عبد العزيز الفروي.  كان اول رئيس للمجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي

2-    المناضل والقيادي البعثي والتربوي والصحفي الاستاذ محمد سعيد مسواط. تولى منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي  للمؤتمر العمالي -ثم انتخب ثاني رئيس للمؤتمر حتى اغتياله بالسم من قبل سلطات الاحتلال البريطاني

3-    الزعيم العمالي القيادي البعثي الشهيد على حسين قاضي. كان رئيس نقابة عمال الحكومة  وهو ثالث بعثي تولى  رئاسة المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي حتى استشهاده في فبراير عام 1966م

4-    المناضل البعثي والصحفي والزعيم العمالي عبده خليل سليمان. كان رئيس نقابة عمال البحر و رابع بعثي يتولى رئاسة المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي. كما تولى ايضاً رئاسة تحرير صحيفة ( العامل ) لسان حال المؤتمر وحولها الى منبر سياسي وثقافي بعثي هو ورفاقه الذين كانوا يسيطرون على هيئة تحريرها كما سنرى في سياق حديثنا عن صحافة البعث.

5-    المناضل  والقيادي البعثي الزعيم النقابي عبد الرحمن الاسودي.  كان خامس بعثي  يتولى رئاسة المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي

6-    المناضل الوطني والقومي والقائد والمفكر البعثي الكبير الاستاذ محسن العيني. تولى هو ايضا رئاسة المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي الى جانب رئاسته لنقابة المعلمين في عدن وهو من عمل على اعادة صياغة النظام الاساسي والادبيات  للمؤتمر العمالي برؤية بعثية جديدة

7-    الاديب والصحفي  والشاعر الكبير والمناضل البعثي ادريس حنبلة. تولى منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي 

8-    المناضل الوطني والقومي والقيادي البعثي احمد محمد حيدر ، كان عضوا في المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي، ورئيس المكتب الثقافي للمؤتمر

9-    المناضل والاديب والكاتب الكبير عبد الله فاضل فارع. كان اول رئيس لنقابة المعلمين وعضوا في المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي

10-  المناضل الوطني والقومي الكبير الصحفي والزعيم العمالي والقيادي البعثي محمد سالم علي. كان عضوا في المجلس التنفيذي للمؤتمر  ورئيس نقابة السائقين

11-  المناضل الوطني والقومي والتربوي والقائد البعثي امين عون. كان عضوا في المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي ، ونائب رئيس المكتب الثقافي ورئيس نقابة المعلمين الذي توالى على رئاستها مناضلون بعثيون

 

     🔸من المواقف النضالية للبعثيين

  اعتقل الشهيد القاضي رئيس المؤتمر العمالي  مع زملائه ورفاقه  النقابيين في اكتوبر عام 1958 م اثناء قيام الاضرابات العامة التي تضمنت اضرابات عمالية واسعة ومظاهرات شعبية سقط فيها عشرات الشهداء من بين العمال واعتقل 560 عاملا يمنيا من ابناء الشمال والجنوب.  برزت فيها قيادات عمالية وسياسية شابة حيث سجن حينذاك عدد من النقابيين الكبار من بينهم محمد سالم علي عبده ، وعبده خليل سليمان ، والاديب والشاعر ادريس احمد حنبلة.  وبالرغم من تلك الضغوط البريطانية استمر العمال في مواقفهم النضالية غير هيابين اومترددين ، فاضطرت حكومة الاستعمار الى اصدار قانون التحكيم اﻹجباري الذي يحرم الإضرابات ويصر على حصول العمال على تصريح من المحكمة الصناعية. ثم واصلت الحكومة البريطانية عملية معاقبة  60 عاملا من عمال الحكومة وقدمت الرفيق  علي حسين قاضي رئيس نقابة  عمال الحكومة وكل من المناضلين صالح عرجي سكرتير نقابة الميناء واحمد سالم حميدان عضو ادارة نفس النقابة للمحاكمة. وانتشر الجنود البريطانيون في الشوارع والجولات وسطوح منازل الهندوس، ومباني الحكومة ، ومستودعات النافي، ومجمع المجلس التشريعي (الحكومة ) تحت حراسة مشددة،  ومع هذا كله اعلن المؤتمر العمالي ، برئاسة الشهيد على حسين القاضي  ان المعركة لا زالت قائمة وهي لم تعد مجرد قانون يحرم اﻹضراب فحسب بل اصبحت معركة الشعب اجمع ، لينسف كل قوانين الاستعمار ويحقق النصر في الاستقلال السياسي والاقتصادي، وتحقيق المجتمع الاشتراكي السليم (4) .  واثر ذلك تم اعتقاله في سجن جبل حديد في سجنا انفراديا . وفي ديسمبر عام 1963م اعتقل مرة اخرى مع عدد كبير من قيادات الحركة العمالية والسياسية ( اغلبهم بعثيون ) عند انفجار قنبلة المطار الشهيرة التي قتل خلالها نائب المندوب السامي البريطاني (هندرسن )  ثم حكم عليه بالسجن مدة اربعة اشهر مع عدد كبير من النقابيين في اكتوبر عام 1964م قضاها في سجن عدن.

 

 🔸صحيفة ( العامل ) منبر بعثي

صحيفة (العامل) هي لسان حال المؤتمر العمالي و  تأسست عام ١٩٥٧م وكانت الجريدة السياسية الاجتماعية الوحيدة في عدن بعد إغلاق الإنجليز صحيفة (الجنوب العربي ) لسان حال رابطة أبناء الجنوب العربي.       

فقد  تمكن  القيادي البعثي عبده خليل سليمان رئيس الموتمر العمالي ورئيس تحرير الصحيفة كمااسلفنا هو ورفاقه البعثيين في المؤتمر العمالي و هيئة تحرير الصحيفة التي كانت مكونة الى جانبه من قادة بعثيين  كمحمد سالم علي ، والشاعر الوحدوي الكبير/ ادريس حنبلة ،  حيث تم تحويلها إلى منبر سياسي وثقافي بعثي و بدأت الصحيفة تنشر برنامج حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور واهداف الحزب وقدمت هيئة تحرير الجريدة برنامج (ودستور) للقراء  موضحين بأنهم يؤمنون ان هذا البرنامج يعتبر مدرسة عظيمة للأمة العربية ، وانه يجب أن يقود الملايين في الأقطار العربية ، وقدنشر هذا البرنامج تحت اهداف الحزب الثلاثة (وحدة -حرية -اشتراكية) وشعار البعث الشهير (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة).  وهذا تاكيد اضافي على الدور المركزي لقيادة حزب البعث في تنظيم وقيادة وإدارة الحركة العمالية والنقابية في جنوب الوطن اليمني ، وفي قيادة المؤتمر العمالي على وجه التحديد التي استمرت لسنوات طويلة وبقوة حتى سنة ١٩٦٣م . (5)

 

🔸البعث والتعديلا ت الدستورية

نظرا للمواقف  الوطنية الشجاعة  للرفيق عبده خليل سليمان ورفيقه محمد سالم علي الذي عبرا عنه في انسحابهما من المجلس البلدي استجابة لنداء لمؤتمر العمالي الذي صدر في 17سبتمبر عام 1958م ونشره في صحيفة (العامل) الذي يؤكد رفضه القاطع للتعديلات الدستورية ودعوته الى مقاطعة الانتخابات والانسحاب من المجلس البلدي ، اضافة الى نشر الصحيفة  مقال في نفس العدد عن الر شوة في الادارة الحكومية (6) ، لذا ففي 31اكتوبر ١٩٥٨م تم تقديم رئيس تحرير (العامل) عبده خليل سليمان ومحمد سالم علي  للمحاكمة بتهمة إهانة القضاء، واوقفت الصحيفة لمدة أسبوعين وخلال هذه الفترة حتى عام١٩٥٩م دخلت جريدة (العامل) في مواجهات سياسية مع الصحف المرتبطة بالاستعمار (7).

 

   مشروع اتحاد الجنوب العربي

 في   13 -8 -1962م  وعندما قدم الحاكم البريطاني وحكومة الاحتلال الى المجلس التشريعي مشروع ضم عدن الى مايسمى ( اتحاد الحنوب العربي) ،  قام  الرفيق المناضل ادريس حنبلة عضو هيئة صحيفة العامل عضو الهيئة التنفيذية لاتحاد العمال بتوزيع  منشور في عدن بأسم مؤتمر عدن للنقابات يدعو فيه العمال الى اﻹضراب والمظاهرات  ضد المجلس التشريعي. وبعد مظاهرات عنيفة، ومواجهات وحشية راح ضحيتها العديد من الشهداء والجرحى، اقرالمجلس التشريعي مشروع ضم عدن الى اﻷتحاد الفيدرالي ، واصدر مؤتمر عدن للنقابات  كتيباً حول هذه الاحداث بأسم مستعار -اﻷمر الذي استثار السلطات في عدن ، فاستصدرت أمرا بالقاء القبض على ثلاثة من زعماء المؤتمر العمالي هم عبده خليل سليمان ومحمد سالم علي ، من  قيادات البعث.  كان احدهم ادريس حنبلة (8) وحكم عليه بالسجن اربع سنوات ، ولقي في سجنه رحمة الله عليه اشد واسواء انواع المعاملة.

 

🔸اهداف الاتحاد المزيف 

ان المؤامرة الاستعمارية التي يسعى الاستعمار الإنكليزي لتنفيذها في جنوب  اليمن  عن طريق إقامة اتحاد فيما بين امارات وسلطنات جنوب اليمن  تهدف وفقا  لتحليل القيادة القومية  لحزب البعث العربي الاشتراكي  الى:

1-    تجديد الوضع الاستعماري في جنوب اليمن ، اذ ان وجود مثل هذا النمط من الاستعمار لم يعد ممكنا في العصرالحديث، لذا يحاول الاستعمار الإنكليزي أن يماشي  في المظاهر فقط التطور الدولي ، ويسعى  لتكوين اتحاد بين هذه المحميات ومستعمرة عدن له برلمان لاضفاء الصفة الشرعية على الاستعمار الانكليزي، ويذرالرماد في الوقت ذاته على العيون التي لم تعد تستطيع رؤيه هذا الاستعمار البغيض.

2-    تكريس انفصال جنوب اليمن عن شمالها . هذا الانفصال الذي كان نتيجة الاستعمار لهذا الجزء من اليمن ، وبالتالي ضرب النضال الشعبي المتنامي في اليمن الذي اتخذ تحقيق وحدة اليمن هدفاً مباشراً له، وبما يتطلبه هذا الهدف من القضاء على الاستعمار ومخلفاته من مشايخ وسلاطين في الجنوب والقضاء على الحكم العشائري الاقطاعي  في الشمال وإقامة حكم قومي ديمقراطي .

ولكن الوعي الشعبي ادرك لعبة الانجليز ومناوراتهم وبادر الى النضال من اجل احباط هذه  المؤمرة  التي تحاول قطع الطريق على الكفاح التحرري الذي تخوضه الجماهير العربية في اليمن ، والمرتبط بالكفاح العربي من أجل تحقيق الوحدة العربية. ان إنجاز الثورة في اليمن والتي  تهدف للقضاء على الأوضاع الاستعمارية والاقطاعية التي  تحول دون وحدة اليمن ، يشكل المهمة الاساسية للجماهير العربية هناك . وان الكفاح الثوري ضد المؤمرات الاستعمارية  شكل حلقة من حلقات النضال الذي بدأته الجماهير العربية  لانجاز مهمتها وتحقيق ثورتها ممثلة بطلائعها الثورية وفي مقدمتها مناضلي حزبناحزب البعث العربي الاشتراكي.

الكَلام فِي الوَحْدَةِ العَرَبيَّة دُونَ اسْتِحْضارِ ثَوْرَة 17 تَمُّوز مُجافاَة لِحَقائِقِ واقِعِنا القَوْميِّ

الكَلام فِي الوَحْدَةِ العَرَبيَّة دُونَ اسْتِحْضارِ

ثَوْرَة 17 تَمُّوز مُجافاَة لِحَقائِقِ واقِعِنا القَوْميِّ

يوغرطة السميري – تونس

 

كانت الوحدة ومازالت تمثل هدفاً استراتيجياً في نضال القوميين، فبدون تحقيقها كمشروع سواء جهوياً أو إقليمياً أو قومياً سيستمر العرب في تخلفهم الاقتصادي والاجتماعي، غير آمنين على وجودهم القومي والحضاري في ظل التحديات المعاصرة التي حكمتها الثنائية القطبية سابقا، والتي تمثلها القوي والكتل السياسية والاقتصادية حالياً الساعية إلى السيطرة و إعادة بناء النظام الدولي بما يحقق مصالحها على حساب الأمم الأخرى وخاصة الأمة العربية وبأي ثمن ووسيلة مهما بلغت شدة اجرامها وبشاعتها.

أما اليوم فقد اصبحت الوحدة ضرورة حتمية وجودية في ظل التسارع الخطير للتطورات الراهنة التي تهدد وجود الامة في الصميم، حيث ترتبط قدرة الامة على مواجهة ما تتعرض له من مخاطر، وقدرتها على تحقيق نهضتها و تطورها،  بتحقيق وحدتها القومية.

فالوحدة هي التي تمكن العرب من مواجهة الهجمات البربرية التي تتعرض لها الامة من الشرق والغرب والتي تنفذها الادوات الاقليمية ومشاريعها الاستعمارية وتغولها الغير مسبوق في الوطن العربي.

 كما تمكنها من تجاوز الفقر ومقاومة العجز النفسي والمادي، وتربط ابناء الامة روحياً بماضيهم كما تمدهم بعناصر القوة والقدرة على مواجهة الطامعين بأرضهم وثرواتهم.

 وفي الوقت الذي يرى فيه البعض ان الفكر الوحدوي مثالي وغير واقعي، الا ان معركة الوجود التي تخوضها الامة بضراوة في اكثر من قطر عربي يومياً، تثبت ان الوحدة ضرورة إستراتيجية و تحتل بذلك أولوية سياسية تتقدم باقي الأهداف القومية الأخرى سواء على مستوي الحكومات أو الشعب العربي. إذ بدون انجازها سنبقي غير آمنين على وجودنا القومي والحضاري والإنساني، فاقدين لاستقلالنا وحريتنا وكرامتنا أمام حجم التحديات ألآنية والمستقبلية التي تفرضها القوي الامبريالية عالمياً واقليمياً.

لذلك في العودة لتنمية الشعور القومي حالة متأكدة الآن باعتبار ما لحق هذا الشعور من تراجع في ظل التخريب الداخلي الذي تلعب فيه عوامل خارجية دوراً أساسياً منذ احتلال العراق مستندة الى خليط من الأدوات المحلية غير المسؤولة مشكلة عامل هام من عوامل الإحباط و العرقلة بصيغتين :

  • أولا : الهروب إلى النظرة الأممية بشكليها الفكري سواء المبني على العقيدة الدينية التي تنطلق من مفهوم إيمان روحي جامع لتجعل منه ما هو سياسي واقعي مادي.
  • ثانيا : الهروب إلى النظرة التي تتجاوز ما هو أولي إنساني إلى ما هو إنساني أممي من ناحية و من ناحية أخري النظرة القطرية المرتبطة بالخصوصية المحلية ملغية الخصوصية الجامعة .

اتجاهات تفكير يسفهها الشعور القومي الايجابي والجدّي و المسؤول حتى في حدوده الدنيا بما ينشئه من صحوة قومية بإمكانها أن تهز أعماق الأمة. والشواهد عديدة على ذلك ( لعل  الحراك الشعبي العربي و منذ انطلاقته الأولي من تونس و تفاعلاته تعبيرا حيا على ذلك ) . حراك بكل ما اقترن به من سلبيات يؤشر الى أن المجتمع العربي ينزع الى الخروج من إطار قرون الهيمنة الخارجية التي سلبت أرضه و ثروته و إرادته و حاولت طمس شخصيته و بما يؤكد سعيه للانتقال من التخلف بكل ما يعنيه من معايير كمية و نوعية اقتصادياً و اجتماعياً وثقافياً إلى الحضارة والإلتقاء بعصر التكنلوجيا، و يكشف من أن العرب بعد فشل الأنظمة القطرية دخلوا كشعب و جماهير فعلاً مرحلة تلمس الطرق الناجعة للتصدي للإنقسام، و معالجة

 التجزئة كشروط لا بد منها لصد الهجمات الوجودية المتتالية ولاسترجاع وضعهم الطبيعي و شخصيتهم الحضارية ضمن حركة التاريخ العام للإنسانية المتجهة نحو التحرر و الحرية، نحو الثورة التقنية الحديثة، نحو مجتمع الأبعاد الكبيرة، و التجمعات البشرية الهامة التي توفر أفضل الشروط لازدهار حياة الشعوب.

ذلك كله  بغض النظر عما نشاهده من تداخل ملامحه صيغة ارتداد إلى الخلف .. ارتداد مفعل و استباقي… بحكم تقابل في الرؤي و أهمية الاستقطاب الخارجي الذي هو ناتج تراكم غرائزي يحكمه رد الفعل و لكنه غير منعزل عما هو روحي قائم و ثابت .

لذلك فالوحدة العربية في منظورنا ليست قوة مادية فحسب بقدر ما هي قوة روحية مرهونة بانبعاث روحي لدي أجيال الأمة كما يؤكدها الأستاذ احمد ميشيل عفلق :

 ” تتحقق الوحدة العربية عندما يشعر العرب أنهم لم يوجدوا عبثاً في هذه الحياة ولم يوجدوا ليعيشوا على فضلات الآخرين وليكونوا عبيدا للآخرين ولم يوجدوا جماعات متناحرة تتنافس على المادة والنفع الحقير وإنما وجدوا ليعطوا ما في نفوسهم وعقولهم وليعبِّروا أكمل تعبير على إنسانيتهم ويرتفعوا إلى فوق النظرة التي تؤمن بالقيم والخلود وليرتفعوا إلى مستوي روحي يصهر نفوسهم من جديد وينسيهم خلافاتهم ويبدل ضعفهم إلى قوة وليشعروا بأن عليهم مسؤولية جدية تامة “ . 

مما يعني أن الوحدة هي إدراك للذات والواقع وللرسالة الإنسانية الخالدة وبالتالي فالوحدة السياسية هي نتيجة عملية و علمية للوحدة القومية عندما يشعر العرب بأنهم أمة واحدة ولهم رسالة وأن عليهم مسؤولية تحرير أنفسهم ليرتفعوا إلى مستوي رسالتهم الإنسانية. وعليه فالوحدة العربية مهما كان شكلها بين قطرين وأكثر جهوية أو إقليمية مكسب تاريخي لأبناء الأمة يفرض تعزيزها وحمايتها والدفاع عنها ضد القوي السياسية المعادية سواء داخليا أوخارجيا.

هنا نستحضر ثورة 17 ــ 30 تموز في العراق في ذكراها السادسة و الخمسين بما وضعته من أهداف على طريق بناء الوحدة في صيغه المادية ان كانت الاقتصادية أو السياسية من الحضور العسكري الفاعل في معارك الأمة ضد الاحتلال الصهيوني ان كان على الجبهة المصرية او السورية و بخاصة انقاذ دمشق من الاحتلال الصهيوني. أم بحضورها و ثقلها الاقتصادي وغير ذلك مما لا مجال لتعداده هنا.  أما على مستوي البناء فلا يمكن أن نمر بقطر عربي دون أن نجد به بصمة فعل مادي شاخص لهذه الثورة ــ التجربة .

و يبقي لرأي الدكتور سعدون حمادي رحمه الله الأثر الذي على كل القوميين العودة اليه و العمل على صياغته بمفهوم المفردات القابلة للتطبيق اذ يقول رحمه الله : ” إن تجربة العمل من أجل الوحدة والتعرف الموضوعي على معطيات الواقع العربي تستدعي عناية خاصة بنظرية الأسلوب لتحقيق الوحدة العربية ؛ هل تكفي فكرة واحدة أو معادلة بسيطة لتحقيق الوحدة العربية أم أن نظرية الأسلوب يجب أن تكون معقدة تستوعب أفكارا عديدة وأساليبا عديدة لمواجهة تعقيدات الواقع وتناقضاته ؟ ذلك من الأمور التي تتطلب جهدا فكريا جديدا فالواقع العربي يصعب التنبؤ به فهو قد يتمخض بأية لحظة عن فرص وحدوية تحتاج أن تواجه بنظرية متطورة تساعد على إيجاد الحلول السليمة ؛ الواقع المجزئ العربي ليس بسيطا لذلك لا يمكن مواجهته بمعادلة بسيطة بل بنظرية متطورة وتحقيق الوحدة العربية هو أكبر مهمات الثورة العربية“ .

 ترى متي نأخذ بهذا الرأي و نقلع عن اللغو الإعلامي لفائدة عمل مادي يؤسس لمعادلة فكرية تصيغ استراتجية فعل مؤشر على طريق بناء وحدتنا كعرب و تقطع مع أشكال اللغو الاعلامي الذي نعيشه كعرب عامة و بخاصة ممن يطرحون انفسهم كقوى فكرية.

الدعوة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان والمطالبة بتطبيق القانون والعدالة في العراق     

الدعوة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان والمطالبة بتطبيق القانون والعدالة في العراق     

 

الأستاذ الدكتور احمد داود

 

نؤكد ابتداء على أهمية الدور الوطني والإنساني الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني العراقية والدولية لتعرية مختلف اشكال انتهاكات القانون والنظام والعدالة وعدم احترام حقوق الانسان. لقد نجحت منظمة انهاء الإفلات من العقاب العراقية، بشن حملة وطنية لتسليط الضوء على الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحق العراقيين المدنيين العزل.

 

جرائم تعذيب واغتصاب

 لقد نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية، تقريراً موثقاً في ٢٥ مايس ٢٠١٧م، تحت عنوان: “محررو الموصل وحوش لا أبطال”، تناول كشف الجرائم والانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان في العراق، ووثقت جرائم القتل والتعذيب بالصور والأسماء، للمصور الصحفي الكردي علي أركادي الذي رافق فرقة الطوارئ التابعة لوزارة الداخلية العراقية خلال مشاركتها في حملة استعادة مدينة الموصل. ويشرح أركادي في مقدمة تقريره: إن مهمته تحولت إلى كابوس بعد ما شاهده بعينيه من انتهاكات مروعة ارتكبتها فرقة الطوارئ بحق المدنيين في المناطق التي دخلتها، وإدراكه أن جنود النخبة العراقيين مهتمون باغتصاب النساء والرجال المشتبه فيهم ونهب منازلهم أكثر من قتال تنظيم الدولة الإسلامية. ووثق التقرير بالصور والفيديوهات جرائم تعذيب واغتصاب وقتل متعمد للمدنيين اقترفها جنود وضباط فرقة الطوارئ بأحياء وضواحي الموصل.

وقدمت دير شبيغل، أدلة دامغة على حملة تشريد وقتل نفذتها قوات غير نظامية، من خلال مستندات موثقة تؤكد شخصيات الجناة، وتقدم توصيفاً يتناقض مع التقارير الإعلامية الرائجة التي صورت أفراد القوات الخاصة المشاركين في حملة الموصل كمحررين.

 

جرائم حرب ضد الإنسانية

قامت فرقة الطوارئ بتنفيذ مداهمات وهجمات ليلية نفذتها في الموصل، حيث تم تصوير شابين اعتقلهما جنود فرقة الطوارئ للاشتباه في انتمائهما لتنظيم الدولة، وبعد ثلاثة أيام، اعترفا تحت التعذيب بانتمائهما للتنظيم، ثم أعدما بالرصاص، كما قام ضباط فرقة الطوارئ بشن عمليات واسعة للتعذيب والاغتصاب والقتل “لمجرد اشتباه بسيط وحتى من دون اشتباه”، حيث أعدم رعد هندية حارس مسجد قرية كابر للاشتباه بانتمائه للتنظيم، ويعترف مسؤول الاستخبارات بالفرقة النقيب ثامر الدوري بتعرض الحارس هندية للتعذّيب لأكثر من أسبوع قبل اعدامه مع شباب آخرين تعرضوا للتعذيب الوحشي والقتل.

وأشار التقرير الى قيام ضابط الصف حيدر علي باغتصاب زوجة احد المشتبه بهم فتحي أحمد صالح، وقيام جنود آخرين بسرقة مقتنيات منزلية، إضافة لاعتقال واغتصاب شاب معتقل في غرفة النقيب نزار، وأشار المصور الصحفي إلى قناعة الجنود الذين رافقهم بأن التعذيب والقتل والاغتصاب ونهب المنازل مباح لهم، ويتم بمعرفة قادتهم وحلفائهم الأميركيين. ويخلص التقرير إلى أن الاستراتيجية الوحيدة لقوات النخبة العراقية هي إثارة فزع ورعب كل المواطنين بالبلاد لدفعهم لمغادرة مناطقهم وتغيير الطبيعة الديمغرافية لشمال العراق.

إضافة لما تقدم، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها، الجيش العراقي والمليشيات باحتجاز فارين من مدينة الموصل وارتكاب انتهاكات بحقهم، شملت الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي في مراكز وسجون سرية للتحقيق معهم، بينهم صبية، وإن مصير هؤلاء الأشخاص لا يزال مجهولا، وتشير منظمة هيومن رايتس ووتش، الى ظاهرة الاختفاء القسري والاعتقالات العشوائية، حيث تضم السجون السرية، غير الخاضعة لوزارة العدل اكثر من ١٢ ألف محتجز من الشباب مجهولي المصير.

 

انتهاكات حقوق الانسان

اتهمت منظمة العفو الدولية Amnesty الحكومة العراقية بغض الطرف عما سمته نمطاً ممنهجاً لانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ترتكبها القوات غير النظامية باستخدام سلاح الجيش، حيث شنت هجمات انتقامية استهدفت بصورة رئيسية آلاف الرجال والصبيان من العرب. وتضخم دورها، وبات لها ما يعرف بمقار استخبارات وسط بغداد، وتتحكم قياداتها بالمشهد العسكري والسياسي ضاربة بعرض الحائط أي دور للحكومة والبرلمان وغيرهما من المؤسسات الرسمية.

فعلى سبيل المثال لا الحصر للانتهاكات المستمرة والتي تتخذ اشكالاً مختلفة في كل محافظات العراق، اتهمت منظمة العفو الدوليةAmnesty  التحالف الدولي بارتكاب “انتهاك صارخ للقانون الدولي” في مدنية الموصل العراقية لعدم اتخاذه الاحتياطات الكافية لحماية المدنيين، مشيرة إلى مقتل مئات المدنيين بعدما أمرتهم السلطات العراقية بالتزام منازلهم رغم الغارات الجوية للتحالف. وأوضحت دوناتيلا روفيرا كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية حينها: أن “عدد القتلى المدنيين الكبير يشير إلى أن قوات التحالف التي قادت الهجوم في الموصل فشلت في اتخاذ الاحتياطات الكافية لمنع وفيات المدنيين، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي”. وتشير الأدلة الملموسة التي جمعت في شرق الموصل على سبيل المثال، إلى قيام غارات التحالف الدولي، بتدمير المنازل وبداخلها عائلات بأكملها، بعدما طلبت منهم السلطات العراقية البقاء في منازلهم رغم استمرار الغارات الجوية، مما تسبب بمقتل أكثر من ثلاثة آلاف مدني، طبقا لبيان الدفاع المدني بالموصل في ١٩ شباط ٢٠١٧م.

وتنشر وسائل الاعلام العراقية قرارات لتنفيذ حكم الإعدام كان آخرها اعدام ٢٢ سجينا في سجن الناصرية المركزي (الحوت)، ١٥ منهم من أهالي محافظة نينوى و٤ من صلاح الدين والثلاثة المتبقين من محافظة الانبار، ويرجح المراقبون لحملات الإعدام بعد الالتزام بقواعد العدالة والتحقيق القضائي وفق القانون وحق المتهم بالدفاع عن نفسه وعدم اخذ الاعترافات تحت التعذيب. وهكذا تستمر الانتهاكات بشكل او بآخر في البصرة وذي قار وبابل وديالى وكل مدن العراق ومحافظاته من الشمال الى الجنوب تارة في خروقات سياسية واخرى اقتصادية او عشائرية او غيرها.

 ولمواجهة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان في العراق، نؤكد على ضرورة بناء مؤسسات الدولة المدنية، ومحاربة طبقة الفساد المالي والسياسي، وهذا يتوقف على عاملين وهما:

 تبني الاستراتيجية الشاملة لتحقيق الأمن الوطني والالتزام بالدستور والقانون، والثاني جديّة الأحزاب والكتل السياسية في التعامل بشكل إيجابي مع الاستراتيجية الوطنية لضمان الاستقرار والأمن والتنمية في إطار السيادة والاستقلال السياسي والاقتصادي للعراق. مع أهمية العمل لترسيخ قواعد العدالة والإنصاف لضحايا الحروب والعنف والتعذيب في السجون السرية، حيث الاحتجاز القسري للشباب، وعودة النازحين الى مدنهم وضمان حق المهجرين من جرف الصخر وغيرها، وتحريم ثقافة الكراهية والتمييز الديني والمذهبي والعرقي ونشر روح التسامح والشراكة، واحالة جميع من ارتكب جرائم حرب من اعتقالات عشوائية وتعذيب واغتصاب واعدام، خارج سلطة القضاء، الى القضاء لكي يأخذ جزائه العادل.

 

التَّغْيير الدّيموغْرافي لِلعِرَاق والوطن العربي تهْدِيد لِكيانِه وتاريخِهِ وَعُروبَتِهِ و مُستَقبَلِه

التَّغْيير الدّيموغْرافي لِلعِرَاق والوطن العربي

تهْدِيد لِكيانِه وتاريخِهِ وَعُروبَتِهِ و مُستَقبَلِه

 

في الوقت الذي تعتبر فيه السيادة الوطنية من المقومات الأساسية لأي دولة في العالم، لذا فان مسؤولية الحفاظ عليها تعد المسؤولية ألاولى للسلطة، التي تكون مهمتها ضمان هذه السيادة من خلال اجراءات تتخذها على كافة الاصعدة داخلياً وخارجياً، وفي مقدمتها القوانين  والتشريعات التي تصدرها.

إلا ان الإجراءات والقوانين التي إتخذتها بعض الدول العربية ومنها سلطات ما بعد الاحتلال في 2003 ومؤسساتها في العراق  قد عززت فقدان السيادة.

وعلى سبيل المثال لما يحدث في بعض اقطار الوطن العربي ، كان اخرها العمل على سَن قوانين تؤدي الى إستهداف عروبة العراق واصول مواطنيه وذلك بإغراقه بحَملة الجنسية الايرانية والباكستانية والافغانية وغيرهم من إصول غير عربية، عن طريق منحهم الجنسية العراقية بتسهيلات غير مسبوقة في اية دولة في العالم ، وذلك بهدف إحداث تغيير سكاني مُريب خدمة لإيران في مشروعها الإستيطاني الذي يهدف الى تغيير التركيبة السكانية العربية في دول محورية في مقدمتها العراق وسوريا ولبنان واليمن ثم الانتقال الى السودان ومصر وتونس والمغرب العربي. وكل ذلك يجري على مرآى ومسمع من اميركا، وكذلك للاسف الشديد من العديد من القوى الوطنية والقومية والاسلامية في الوطن العربي.

  ان ذلك يعد جريمة كبرى بحق العراق والعراقيين وكل العرب لا ينبغي السكوت عنها ، سيما وانه يقابلها مشروع هجرة ونزوح قسري للمواطنين  الاصليين من مناطق سكناهم ، تليها محاولات إفراغ العراق من تاريخه وثقافته التي تعد العمود الاساسي للهوية والوحدة الوطنية .

 إن ما شرّعته السلطة الحالية في العراق على سبيل المثال، من قوانيين لتوطين أعداد تقدر  بأربعة ملايين  شخص من الايرانيين وغيرهم من غير العرب، وإسكانهم في العراق ومنحهم الجنسية العراقية في فترات قياسية، لم يكن سياسة آنية او عفوية، وإنما هو مخطط استراتيجي بعيد المدى.  فهو برنامج مدروس اُعِدَّ لطمس هوية العراق العربية، بحيث تتحول بغداد، تلك المدينة العربية ذات التاريخ العربي المجيد، الى مدينة غير عربية، وتتبعها في ذلك مدن الفرات الاوسط ، ومن ثم كل مدن العراق والاقطار العربية الاخرى، خدمة لمصالح إيران وسياستها التوسعية.

ان كل ذلك يجري تحت ضغط المليشيات المسلحة الموالية لايران، والتي تعمل على  توسيع نفوذها  وتمددها ليس في العراق وحسب، وإنما في اقطار عربية اخرى وذلك خدمة للإحتلال الامريكي و المشروع الصهيوني المسمى بالشرق الاوسط الكبير.

 ان ألواجب الوطني والقومي يحتّم على جماهير الشعب العراقي وقواه الوطنية وكذلك كل القوى العروبية في عموم الوطن العربي،  فضح هذا المشروع المشبوه والوقوف ضده بعزم وقوة وصلابة المؤمنين، وأن لا تقف متفرجة دون حراك وطني وقومي فاعل لفضح وافشال ما تقوم به وتنفذه السلطة العراقية من اجراءات وقوانين تستهدف التركيبة السكانية الوطنية العراقية وهويته العربية .

 إن ما يمر به العراق  ينذر بمخاطر  كبيرة وجسيمة تؤثر على مستقبلِه الى مدى بعيد، ألأمر الذي يتطلب من الشعب العراقي بكل اطيافه الثورة على هذه السلطة المهيمنة على رقاب العراقيين، فالثورة الشعبية العراقية هي عنوان الوطنية الحقيقية لإقتلاع جذور الفساد السلطوي المتخلف، ليعود العراق وشعبه معززاً كريماً في حياته ضامناً لهويته ولمستقبله .

 وإنها لصرخة ضمير في الوجدان العربي في كل قطر عربي ولكافة ابنائه الذين يعتزون بعروبتهم وبقوميتهم وبوطنيتهم وبدينهم اينما كانوا،  للتصدي لهذا المشروع. كما ان جميع القوى الوطنية والقومية والاسلامية مطالبة اليوم ان تتصدى له بكل قوة  ومن دون تنازل أو ضعف أو تهاون  مع مشاريع التغيير الديموغرافي  في اقطارهم ، التي تخدم التوسع والهيمنة الايرانية هناك، لان ذلك يهدد وجودهم وهويتهم الوطنية والقومية ومستقبل اجيالهم لقرون عديدة .

  

مكتب الثقافة والاعلام القومي

3/8/2024