شبكة ذي قار
عـاجـل










 

كلما مر يوم 15 – 1 من كل عام تعاد أمامي صورة شهيد متميز بشجاعته ، جمع بين شجاعة أجداده آل السعدون ، وشجاعة مناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي ، وعدل رجل لا يخشى في الحق إلا الله سبحانه وتعالى ، وعفة لم يحملها إلا من تربوا في دواوين القبائل العربية ، وإخلاص ووفاء للوطن والقائد لم يساوم عليه ليعيش بعض سنوات ، وحب الناس والبحث عن كل وسيلة لمساعدة من يحتاج المساعدة ، وصلة الرحم التي يشهد له بها كل أفراد قبيلته البعيدين وليس القريبين فقط ، والتزام ديني يحرص أن يؤديه بينه وبين الله سبحانه وتعالى ، والفخر بعروبته وكل رموزها لذلك جعل من هويته عقاله العربي . كل ذلك وغيره من الخصال الحميدة تجمعت بشخص الشهيد عواد حمد البندر السعدون الذي نعيش ذكرى استشهاده بمثل هذا اليوم من عام 2007 .

 

في ذكرى استشهاده الثانية كتبت عن رسائله لأهله قبل استشهاده ، وقلت إنها خير ما خلفها لأولاده وأحفاده . وهي تحتوي دروس في التربية وحب الوطن والدفاع عنه ستدرسها الأجيال .

 

https://www.thiqar.net/MakalatH/MK-AhmedShehab15-01-09.htm

 

واليوم في ذكراه السادسة نجد من الوفاء للشهيد الذي عرفته وهو في موقع مسؤولية كبير عندما كان يتولى منصب وكيل رئيس ديوان الرئاسة بأنه حريص على تطبيق القانون بإنسانية ورحمة ، ويبحث عن كل فرصة يمكن أن يستثمرها لتفريج كربة مكروب ، وهذه من صفات الفرسان والشجعان .

 

لقد رافقته صفة الشجاعة والإيمان ولم يخل عنها وهو في أصعب الظروف عندما كان يحاكمه من يسمونه قاضي وهو مسخرة ليس لديه أية صفة من صفات القضاة ، لذلك بدلا من أن يحاكمه هذا القاضي فقد حوله الشهيد إلى متهم وحاكمه هو ومحكمته أمام كل العالم . لذلك فإن مداخلاته في المحكمة ودفاعه هي دروس جديدة تضاف لتلك الدروس التي تحدثنا عنها والتي وردت برسائله ، يجب أن نتعلم نخن منها ، وتتعلم منها الأجيال ، وهي دفاع عن القضاء العراقي الذي كان أحد رموزه المعروفة بالمهنية والعدل .

 

لنطلع وتطلع الأجيال من بعدنا على إحدى مداخلاته في المحكمة التي بثتها القنوات الفضائية وسمعها العالم كله والتي حاكم بها من يسمونه قاضي ومسرحية محكمته ، والتي يقول فيها :

 

{ بسم الله الرحمن الرحيم ... إني لا أخشى ولا أخاف من الموت لأنه حق ولا أطلب الرحمة من أحد إلا من الله فهو أرحم الراحمين ، وقد قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أحفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم إن الجن والإنس لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشي ما كتبه الله لك فلن ينفعوك وعلى أن اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك فلن يضروك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف .

 

أنا عندما طبقت القانون لم ارتكب جريمة وعلى العكس ولو لم اطبق القانون لأصبحت مرتكباً فعل يعاقب عليه القانون ، وفي ما لو وجد خطأ لأي قاضي كان في أي مرحلة من المراحل ففعله هذا يقع ضمن قانون التنظيم القضائي ولا يتعدى معاقبته بأكثر من عقوبة انضباطية وحتى في هذه الحالة لا يوجد ما ينطبق على ما قامت به محكمة الثورة من فعل لأنها التزمت تطبيق القانون ، كما أن قانون العقوبات ينص في المادة الأولى منه على أن لا عقاب على فعل أو امتناعه إلا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت ارتكاب الفعل وأؤكد على وقت ارتكابه كما اشير إلى الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان الصادرة من الأمم المتحدة والتي تنص في المادة (1) المادة (11) الفقرة (2) لا يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت ارتكاب الفعل وأؤكد على وقت الارتكاب ، وكذلك نصت المادة (15) الفقرة (1) من الوثيقة المذكورة أنه لا يجوز إدانة أحد بجريمة جنائية نتيجة فعل أو امتناع عن فعل ما لم يشكل وقت ارتكابه جريمة جنائية بموجب القانون الوطني أو الدولي وبناء على هذه النصوص القانونية الوطنية والدولية فإني لم اقترف جريمة وإنما طبقت القصد القانوني لأن من واجب القاضي تنفيذ إرادة المشرع ومن بادئ لا اجتهاد في مورد النص وإن مسائلتي يعتبر خرقاً للحصانة القضائية ولم تجر في أي دولة من دول العالم أن محكمة تحاكم محكمة فلا يجوز ذلك لأن معناه أن القضاء لا يستقيم ولا تثبت أحكامه كما إني أود أن أوضح إني لا أدافع عن نفسي لأني مؤمن بأمر الله وقدره عز وجل لكني أدافع عن تاريخ القضاء العراقي فأنتم تحاكمون تاريخ العراق وتحاكمون جميع رجال القانون العراقي وبإمكان أي مجموعة من الأشخاص المتضررين من أي حكم قضائي أن يطعنوا بقرار الحكم وعلى أساس ذلك يودع القاضي التوقيف ويحاكم عن اسباب تطبيق القانون وهذا سيفتح الباب على مصراعيه لذوي النفوس الضعيفة للنيل من أي قاضي وإن عليكم توقيف كل قضاه العراق ووضعهم في قفص الاتهام .

 

بسم الله الرحمن الرحيم (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) صدق الله العظيم } .

أليس من يتحدث بهذا الصدق وهذه الشجاعة إلا أن يكون قد تعمق الإيمان في قلبه حتى وهو يعرف إن قرار الحكم الذي سيصدر بحقه مقرر مسبقاً لأنه رفض أن يكون شاهداً على رئيسه وقائده على الرغم من مساومته لأكثر من مرة حول ذلك لكي يخففوا الحكم الصادر بحقه .

 

أليس من يقول في وصيته لأولاده وأقاربه { ربوا أولادكم على حب الوطن وفدائه بالغالي والنفيس ولا قرت أعين الجبناء } إلا أن يكون قد فدى نفسه من أجل الوطن وكرامته .

أليس من يحرص في وصيته أن ينفذ الاعدام به وهو يرتدي الزي العربي وعقاله على رأسه إلا أن يكون عربي أصيل ابن قبيلة عربية أصيلة يعرف معنى وقيمة هذا الزي والعقال العربي عندما يكون فوق الرأس .

 

أليس بعد كل هذه المواقف الإيمانية والشجاعة العربية الأصيلة أنه من الواجب علينا أن نفخر به نحن أصدقاءه ومعارفه ونحتفل بذكرى استشهاده لأنها حياة جديدة له على مر التاريخ ، مثلما يفخر به أولاده ( أحمد وفؤاد وبدر ونبيل ) وكريماته وأحفاده كل رجال قبيلته .

 

نعم قرير العين يا أبا أحمد ونبشرك بأن أصدقاءك من شيوخ العشائر الخيرين في محافظة الأنبار الذين ترتبط بعلاقة أخوية معهم عندما كنت محافظا لها ، ورفاقك من تنظيمات الحزب الذين تحبهم ويحبوك ، هم اليوم في مقدمة العراقيين الذين انتفضوا ومعهم كل العراقيين الشرفاء لتحقيق ما كنت تناضل من أجل تحقيقه في تحرير العراق من الاحتلال الصفوي وإسقاط الحكومة العميلة التي نفذت جريمة اغتيال قائدك الذي فديت نفسك من أجل صيانة العهد معه الشهيد صدام حسين رحمه الله ، واغتيالك والرفاق الآخرين .

 

اللهم ارحم عبدك عواد حمد البندر السعدون ، وندعوك يا ربنا أن تجعله من الشهداء ، وترزق أهله ورفاقه ومحبيه الصبر والسلوان ... اللهم آمين .

 

 





الثلاثاء ٣ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد شهاب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة