معركة الفاو أجبرت إيران تجرع كأس سم الهزيمة
د . إياد حمزة الزبيدي
معركة تحرير الفاو كانت عملية عسكرية فريدة في التاريخ العسكري ، نفذها الجيش العراقي في 17 أبريل / نيسان 1988 خلال معارك قادسية صدام المجيدة لإخراج الجيش الإيراني من شبه جزيرة الفاو بعد احتلال دام “21 ” شهراً ، قدمت خلالها كوريا الشمالية جسور غاطسة حديثة تحمل مقاتلين من الساحل الإيراني وتغطس بهم ثم تنزلهم ليلاً في الجانب العراقي من شط العرب لتأسيس رأس جسر لعبور الجيش الإيراني المهاجم نحو مدينة الفاو التي تقع على ضفاف شط العرب ، كما قدمت أمريكا أحدث صور المراقبة الدقيقة للمنطقة التقطتها أقمارها التجسسية ، كما قدمت فرنسا أحدث وأرقى المستشفيات الميدانية المتنقلة الحديثة للجيش الإيراني ، هذا ما تم كشفه ولم نعرف ما قدمه الكيان الصهيوني لإيران .
كانت إيران قد حصنت مواقعاً في الفاو بخنادق وحقول ألغام كما شقت مجاري مائية لمنع الدبابات والمركبات المجنزرة من الحركة بينها وأقامت أكثر من 70 مرصدا كبيرا للمراقبة .
كان هدف نظام الملالي من احتلاله لجزيرة الفاو هو منع أو قطع الاتصال الأرضي والبحري بين العراق ودول أقطار الخليج العربي ، ومحاولة منع العراق من تصدير نفطه عن طريق الخليج العربي لحرمانه من تصدير موارده النفطية اللازمة لإدامة ماكينته الحربية .
واستمر الإيرانيون في تكثيف هجماتهم على القوات العراقية بعد احتلالهم شبه جزيرة الفاو ، ثم ظهر هدفهم الثاني على منطقة ( جزر حقول مجنون النفطية ) الغزيرة جداً بالنفط واستطاعوا احتلالها بعد معارك عنيفة .
بعد أن فرغت القوات العراقية من تحرير الفاو كان أمامها الهدف الثاني والأخير الذي لا يقل أهمية عن الفاو وهو تحرير جزر مجنون النفطية العملاقة التي تعتبر من أغنى المناطق النفطية في العالم ، المعركة كانت لجهد عراقي 100 % وليس كما يدعي المزيفون للتاريخ من مساعدات أمريكية وغيرها والثابت بالوثائق والدلائل .
حيث تحتوي مجنون على احتياطات نفطية هائلة ، وقد تمكنت القوات العراقية الباسلة بعد معارك عنيفة من تحريرها من أيدي الإيرانيين الغزاة وإلحاق الهزيمة الكبرى بالجيش الإيراني .
لكن عقلية القيادة العراقية الإستراتيجية الفذة جعلت العراق ينفذ طريقة أو أسلوب تكتيكي رائع في تصدير نفطه من خلال مد أنبوبين لنقل النفط إلى الأسواق الخارجية الأول : عبر الأراضي التركية إلى ميناء جيهان ، والثاني : إلى ” ميناء العجز ” السعودي على البحر الأحمر ، بعد أن أصبح نفطه مطوقاً نتيجة لسيطرة القوات البحرية الإيرانية على مداخل الخليج العربي .
رغم كل ذلك الدعم الغربي الكبير إلا أن الجيش العراقي البطل نفذ عملية التحرير خلال ( 35 ) ساعة فقط ! وتكبدت القوات الإيرانية خسائر كبيرة ما بين قتلى وأسرى بالإضافة إلى الاستيلاء على جميع معداته العسكرية ، التي شاهدها الملايين من العراقيين والأشقاء العرب من خلال إقامة أكبر معرض للغنائم العسكرية على أرض محافظة البصرة التي غنمها الجيش العراقي البطل .
لقد مثلت معركة تحرير الفاو نقطة تحول لحرب الخليج فقد كانت الثقل الأعظم في قطع أنفاس وآمال نظام الخميني وإيصاله إلى مرحلة العجز التام مع باقي الانتصارات التي حققها العراق بعد معركة الفاو لإعلان الخميني الدجال قبول إيران بوقف إطلاق النار وتجرع كأس السم .
لقد أصبحت مدينة الفاو أكثر من هدف سياسي ووطني وشكلت حاجزاً نفسياً صعباً للغاية ، وتحريرها كان سيشكل ولا شك منعطفاً خطيراً لصالح العراق ، وكان كبير الدجالين ” خامنئي ” ، عند احتلال الفاو قد صرح : ” إذا تمكن صدام حسين من استرجاعها فإنني سأذهب بنفسي إلى بغداد لتهنئته ” .
لكن العراق ورجاله حرروا الفاو وداسوا على رقبة الخميني وملاليه الدجالين ، وجرعوه كأس السم الزعاف .
وأطلقت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية على عملية تحرير الفاو مسمى ” رمضان مبارك ” لأنه يوافق أول أيام شهر رمضان آنذاك ، وكانت عناية الله سبحانه وتعالى لصالحنا وقد كان النصر نتيجة حتمية لتعاضد الشعب والحزب والجيش .
فيما كتب الرئيس الشهيد صدام حسين بخط يده الكريمة بيان ( أسماه النصر العربي المبين ) وأملاه بالهاتف على وزير الإعلام يومها الرفيق لطيف نصيف جاسم ، وأذيع البيان على الشعب العراقي العظيم . فكانت البشرى عظيمة والفرحة أعظم وكان حدثاً عربياً عراقياً عظيماً .