بيان قيادة قطر العراق في الذكرى الثامنة عشر لغزو العراق واحتلاله

بيان قيادة قطر العراق في الذكرى الثامنة عشر لغزو العراق واحتلاله

 

يا أبناء شعب العراق الأبي، يا أبناء أمتنا العربية المجيدة:

 

ثمة أحداث جسيمة شهدها سفر البشرية، بدت وكأنها قد حققت النجاح والفلاح مثلما عاش أقوام لحقب زمنية طويلة نسبياً على ما هم عليه من ضلالة وفسق وفجور وكفر، غير أن القياس النهائي جاء طبقاً لمعايير وقياسات الإيمان بأن الباطل زاهق زائل، وأن ما يمكث في الأرض إن هو إلا الحق الأبلج والصحيح بمضمونه المطلق ومعايير اقتدار رب العزة جلّ في علاه وحتمية انتصار ما هو موصوف ضمن سياقات إرادته المقتدرة، والله هو المقتدر الجبار.

إن أحرار العراق وكل أبنائه البررة يتعاملون مع مجريات الأحداث منذ وقوعها، بل وحتى قبل وقوعها، على أن الغزو والاحتلال لن يتحقق له كيان مستقر، وإن منتجاته الإجرامية لن يَقَرَّ لها قرار على الأرض، وإن ما تحاولُ الوصول إليه القوة الغاشمة إن هو إلا زبد ستطويه صفحات المد والجزر في بحر تلاطم الأحداث وفي صفحات الصراع بين شعبنا العظيم وبين الحالة البائسة التي فرضها الغزاة على الوطن منذ يوم ٩-٤-٢٠٠٣ م، وهو يوم وصول جيوش الغزو إلى بغداد المحبة والتسامح والمجد التليد.

 

يا رجال العراق الأحرار وماجداته …. يا مناضلي الأمة:

لقد اتضح لكل ذي بصر وبصيرة أن غزو العراق واحتلاله لم يكن للإجهاز على ما بناه شعب العراق من بناء عملاق، وما أنجزه من منجزات تاريخية في ظل قيادة حكيمة شجاعة جسورة تجاوزت كل ما هو سائد ونمطي في سفر الأمة وبقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي ومَن شاركه من أحزاب وقوى وطنية وقومية مخلصة فحسب، بل كان هدف الغزو تمزيقَ ثوابت شعبنا الوطنية والقومية التي رسخها البعث ونظامنا الوطني العتيد وإنهاء حركة العراق المثابرة كبقعةٍ محررة للأمة العربية في مسار مشروع الأمة القومي الوحدوي التحرري الاشتراكي.

 وما أدل على هذا المنهج العدواني الغاشم من حجم الدم العراقي للشهداء الأبطال الذين استشهدوا وهم يقاتلون الغزاة وعبيدهم، ولا من تطبيق الطائفية السياسية كمضاد وكمركبِ سقم وسم لمجتمعنا ووحدته الإنسانية، ولا من اعتماد المحاصصة لكي تُنفذَ المصالح والأنانيات الفردية والفئوية كبديل للدولة ومؤسساتها، ولا من إطلاق المليشيات الطائفية لتقمع شعبنا وتنشر الإرهاب والفوضى بديلاً للأمن والسلم المدني.

إن استذكار مرور سنة أخرى من سنوات الغزو والاحتلال تعيد للأذهان بطولات العراق وقيادته وحزبه وشعبه في صد العدوان ساعة بدئه وبعدها في مقاومة أسطورية لم ير سفر الشعوب مثيلاً لها، لا في سرعة انطلاقها بعد ساعات من دخول الغزاة إلى بغداد، ولا فيما أنجزته من مآثر بطولية كسرت ظهر الغزاة وعبيدهم وكبدتهم خسائر فادحة في الأفراد والمعدات، وكانت سبباً فريداً في إدخال أميركا في عصر انكسارات اقتصادية وتخبط سياسي ومواقف أخرجتها من صدارة القوة، وأتاحت الطريق لأوروبا والصين والهند وروسيا للعودة إلى موازنات القوة في العالم وإلى مسارات موازنة القرارات العالمية، ولا زال شعبنا يبتكر أساليباً وطرائقَ مختلفة للمقاومة المدنية مع احتفاظه بسلاح المقاومة وخيارها المسلح في موازنات وتكتيكات واستراتيجيات مدروسة بعناية وتنبع من واقع الظروف والبيئة العصيبة التي نتجت عن الغزو والعدوان.

 

يا أبناء شعبنا العظيم:

مع دخول السنة الثامنة عشر لاحتلال وطننا بانت أيضاً بما لا يقبل مناكفة ولا جدلاً دلائلَ ووقائع الاحتلال الإيراني الفارسي تحت خيمة الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق، ودخول إيران كطرف مهيمن على القرار السياسي وعلى اقتصاديات العراق وثرواته وتحويله إلى سوق للمنتجات الإيرانية الزراعية والصناعية، وتحريك المليشيات المجرمة لإنجاز مهمات تمزيق المجتمع العراقي عبر ممارسات طائفية مقيتة وعمليات إبادة طائفية وجرائم اعتقالات مليونية وتعذيب وحشي وتهجير ونزوح ومعاناة، قد لا نغالي إن قلنا أنها متفردة في ظلمها وتعسفها وطغيانها وإجرامها.

أما الفشل الإداري والفساد الذي تفشى في كل مفاصل حكومات الاحتلال وأدى إلى إضاعة تريليونات الدولارات، وإلى توقف تام لأي مظهر من مظاهر التنمية، وانهارت الخدمات، وتفشت الأوبئة والأمراض المزمنة، وأُزيلت الصناعة العراقية ممثلة بآلاف الشركات والمصانع من على وجه الأرض، وسقط التعليم بكل مراحله بين مخالب متوحشة أدركت أن تدمير التعليم هو طريق التجهيل وتغييب الوعي، وبالتالي هو وسيلة اخضاع الشعب وفق مخطط فارسي معادي لكل ما هو عربي، يبدأ باستهداف اللغة العربية وكل علم إنساني.

لقد أيقنَ شبابُ العراق الأبطال أن العراقَ وصل بعد سنة الغزو 2003 إلى جرفٍ هارٍ بفعل الاحتلال المركب الأمريكي-الإيراني وعملائهما وأدواتهما، فتنادوا بروحٍ وطنيةٍ عالية لأجل إنقاذ العراق وتحريره، فكانت ثورة تشرين ثمرةً طيبةً مباركة لروح الشباب العراقي الثائر الذي قدم منذ اليوم الأول للثورة الدماءَ والأرواح، وما يزال يقدم على مذبح الوطن لأجل استقلاله وتحريره من براثن المحتلين الأمريكي والإيراني وميليشياتهما وأحزابهما الفاسدة المجرمة.

لقد أثبت الشعب العراقي من خلال ثورة تشرين المباركة أنه شعبٌ حيٌّ لا يمكن لأي قوة غازية محتلة أن تقضي عليه أو تُطيلَ في عنجهيتها وإجرامها، فخرج الشعب العراقي في مواجهة العملية السياسية الاحتلالية ومحركيها في أمريكا وإيران كما خرج أبطال العراق في بعثنا العظيم لمواجهة جيوش الغزو الأمريكي البريطاني الصهيوني.    

إن حزبنا المناضل، حزب البعث العربي الاشتراكي، إذ يستحضر في هذه الذكرى المشؤومة دماء شهدائه الأبرار، يتقدمهم شهيد الحج الأكبر الرفيق الأمين العام للحزب صدام حسين ورفاقنا أعضاء القيادتين القومية والقطرية وشهداء البعث من الكادر والأعضاء والأنصار والأصدقاء، ويستحضر روح رفيقنا العزيز شهيد الثبات على المبادئ وشرف الموقف والمقاومة الأمين العام للحزب والقائد الأعلى للجهاد والتحرير الرفيق عزة إبراهيم ومن غادرونا وهم يمسكون ويقبضون على جمر الصبر والثبات في ديار الغربة والنزوح والتهجير القسري، فإنه يؤكد ثباته في مسيرة تحرير العراق واستقلاله بكل السبل المتاحة وثباته في قيادة جهاد ونضال شعبنا ضد الاحتلال الإيراني ومن يسانده من أمريكان وصهاينة، وضد العملية السياسية المولودة من رحم الاحتلال حتى يسقط دستور الاحتلال وتنهار العملية السياسية لإنتاج عملية ديمقراطية وطنية حقيقية ويعود أحرار العراق لإدارة وطنهم وبنائه وإعماره.

المجد والخلود لشهداء البعث، وكل شهداء العراق، وشهداء أمتنا العربية المجيدة.

العز والنصر المؤكد للعراق ولشعبه.

تحية فخر واعتزاز لشباب ثورة تشرين الأبطال الذين قطعوا على أنفسهم عهد الوفاء والولاء للوطن العراق.

العار والشنار للاجتثاث ولكل عمليات الحل الباطل لمؤسسات دولتنا الوطنية، وخاصة حل جيش العراق الباسل الأبي واستبداله بكيانات ميليشياوية طائفية هزيلة تعصف به ممارسات الفساد وتديره عناصر من الذين سقطوا من قطار الوطن وفقدوا الوطنية والشرف والرجولة.

وعهداً لدماء شهدائنا أن تستمر المقاومة روحاً وفعلاً ومنهجاً حتى الاستقلال الناجز.