تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية حول إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

القيادة القومية:

قرار المحكمة الجنائية الدولية يكمل مفاعيل إجراءات محكمة العدل الدولية

مقاضاة “اسرائيل” على جرائمها في فلسطين سيفتح المجال لمحاكمتها عن جرائمها في لبنان

إدانة موقف أميركا في مجلس الأمن وعلى ردة فعلها تجاه مذكرة الاعتقال 

وصفت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي قرار المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق عن جرائم الحرب المرتكبة في غزة، بأنه تعبير عن جدية التحول الإيجابي في الرأي العام العالمي لمصلحة شعب فلسطين وقضيته الوطنية، واستكمالاً لما بدأته محكمة العدل الدولية في إطلاق المسار القضائي ضد حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني.

جاء ذلك في تصريح للناطق الرسمي باسم القيادة القومية للحزب فيما يلي نصه.

وأخيراً، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارها بإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو ووزير الدفاع السابق غالانت، عن جرائم الحرب التي ارتكبتها “اسرائيل” ولما تزل بحق جماهير شعبنا الفلسطيني في غزة، والتي تتوالى فصولها يومياً منذ أكثر من سنة، غير آبهة بالدعوات الإنسانية لوقف الحرب التي حصدت حتى الآن ما يقارب الخمسين ألفاً من الضحايا المدنيين جلهم من الأطفال والنساء والمسنين، وما يقارب ال ١٥٠ ألفاً من الجرحى عدا المفقودين والذين مازالوا تحت الأنقاض.

إن العدو الصهيوني ومن خلال حربه التي أطلقها على غزة ببشرها وحجرها وشجرها ،لم يوفر الأعيان المحمية بالقوانين والمواثيق الدولية في زمن الحرب ومنها المؤسسات الصحية والخدمية ومراكز الإيواء والمدارس ودور العبادة وكل ما له صلة بالشأن الحياتي، فضلاً عن الحصار المفروض براً وجواً وبحراً وجعل عمليات إيصال المساعدات الإغاثية أكثر صعوبة وتعقيداً، وهو ما أدى إلى رفع عدد الضحايا المدنيين الذين حيل دون إمكانية إيصال المواد الغذائية والإسعافات الأولية إليهم وهم يواجهون الموت جوعاً وعطشاً واختناقاً تحت الانقاض.

إن العدو الصهيوني، الذي لم يحترم قوانين الحرب، وانتهك بشكل صارخ أحكام القانون الدولي الإنساني، أفضت أعماله الحربية إلى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم موصوفة وموثقة ويشهد العالم عليها، وإن تحرك المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء العدو ووزير دفاعه عما ارتكبته “اسرائيل” من جرائم بحق أهل غزة، هو تحرك في الاتجاه الصحيح لمقاضاة الذين تسببوا بزهق أرواح المدنيين لعدم تقيدهم بقوانين الحرب.

إن هذا القرار، الذي يأتي بعد قرار محكمة العدل الدولية باعتبار “اسرائيل”، مرتكبة لجريمة حرب إبادة جماعية، وعدم تقيدها بالإلزام القاضي باتخاذ التدابير الاحترازية لحماية السكان المسبوغة عليهم الحماية القانونية في زمن الحرب بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩ وخاصة الاتفاقية الرابعة منها، إنما يعبر عن جدية التحول الإيجابي في الرأي العام العالمي لمصلحة شعب فلسطين وقضيته الوطنية وحقه في تقرير المصير.  وهذا التحول الإيجابي قد يكون المتغير الأهم على الصعيد الدولي في إعادة استحضار القضية الفلسطينية كقضية وطنية وإنسانية والتي ما كان لها لأن تستحضر بهذه القوة لولا صمود شعب فلسطين وتشبثه بأرضه والمقاومة التي يبديها بكل أشكالها العسكرية والجماهيرية والتعبوية ضد محاولات اقتلاعه منها ودفعه مجدداً إلى عالم الشتات.

إن هذا التحول الإيجابي، هو ما يجب أن يبنى عليه لأجل توظيف هذا التحول الإيجابي في الرأي العام العالمي إلى قوة ضغط سياسي تدفع إلى استصدار قرار دولي الزامي يقضي بحق شعب فلسطين في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي تنوه بأهمية قرار المحكمة الجنائية الدولية ترى فيه خطوة هامة في مسار مقاضاة العدو على جرائمه التي يرتكبها، وهي تكمل بمفاعيلها ما سبق واتخذته محكمة العدل الدولية من قرارات وإجراءات ضمن سياق هذه المقاضاة.

وإذا كانت قرارات محكمة العدل الدولية وكذلك المحكمة الجنائية الدولية ، لا تتمتع بقوة التنفيذ الجبري لضرورات استصدار قرار تنفيذي من مجلس الأمن وهو غير الممكن بحكم الموقف الأميركي الحاضن والداعم لموقف العدو والذي لا يتردد في استعمال حق النقض ضد كل قرار دولي يرمي إلى إدانة “اسرائيل” وحتى طلب وقف إطلاق النار الذي سقط مؤخراً بفعل الفيتو الأميركي ، فإن هذه القرارات إنما تنطوي على قيمة معنوية واعتبارية كبيرة، حيث  أن الإدانة  القضائية  الصادرة عن أعلى المراجع القضائية المعنية بمحاكمة من ينتهك أحكام القانون الدولي الإنساني ، تكتسب أهميتها من كونها تثبّت السقوط الأخلاقي والقانون للدول المارقة التي ترتكب جرائم الحرب ويأتي في طليعتها دولة الكيان الصهيوني وهي التي صنفت دولة فصل عنصري (آبارتهايد) ، وبنفس المستوى انطباق الأمر على الدول التي توفر الدعم والحماية السياسية لهذه الدولة المارقة وفي طليعتها الدولة العميقة في أميركا التي هددت بالثبور وعظائم الأمور ضد المحكمة التي أصدرت مذكرة الاعتقال. وهذا ما يكشف السبب الذي حدا بأميركا وربيبتها “اسرائيل” لعدم انضمامهما إلى المحكمة الجنائية الدولية ومصادقتهما على نظامها الأساسي.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، التي ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية وأي قرار مماثل ، تدين الموقف الأميركي الأخير في مجلس الأمن كما ردة فعله على قرار المحكمة ،وتدعو جميع الدول التي اعترفت بدولة فلسطين إلى الانضمام إلى دولة جنوب افريقيا في مقاضاتها “لإسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية ، كما تدعو الدول العربية التي لم تصادق حتى الآن على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وهي للأسف أكثرية الدول إلى المصادقة عليه والانضمام إلى المحكمة وحتى يتعزز حضور هذه المحكمة ودورها في مقاضاة من يثبت ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والكيان الصهيوني هو في رأس هذه اللائحة ،  وإن تفعيل إجراءات الملاحقة القضائية بحقة عما يرتكبه في فلسطين سيفتح  مجال ملاحقته عن جرائمه التي يرتكبها في لبنان والتي تشبه تلك التي تجري في غزة.

إن شعبنا في فلسطين قدم ويقدم تضحيات جسام، وإن توفير الحماية القانونية له لا تقل أهمية عن الحماية السياسية. وإذا كانت مستلزمات الحماية السياسية تتطلب الإسراع بخطوات الوحدة الوطنية، وتوفير الحماية القومية له في المقاومة وتعزيز صموده وتقرير مصيره واسقاط كل محاولات مصادرة قراره الوطني المستقل والاستثمار به لغير أهدافه الوطنية، فإن الحماية القانونية توفر له مظلة ردع من تمادي الاستهداف المعادي لوجوده وحقه في الحياة الكريمة، وتجعل القوى المعادية محاصرة بإجراءات الملاحقة والاعتقال حيث تطأ أقدام مسؤوليها في الدول المنضمة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

تحية إلى الذين يخوضون معركة مقاضاة الكيان الصهيوني على جرائمه ضد أمتنا العربية، وفي طليعتهم دولة جنوب افريقيا. 

وتحية إلى جماهير شعبنا في فلسطين وتشبثه بأرضه رغم ما يتعرض له من قتل وتدمير وتهجير.

وتحية إلى المقاومين الأبطال وإلى شهداء أمتنا في فلسطين وفي كل أرض عربية يقاومون فيها العدوان والاحتلال.

الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في ٢٠٢٤/١١/٢٢