الحيرة الأمريكية في الوقت الضائع
نزار السامرائي
في المواجهات التي تشهدها المنطقة منذ سنة تقريبا، الولايات المتحدة، هي التي تحدد لإيران حجم ردها ومداه على الإذلال الذي عاشته لنحو سنة في مناطق نفوذها وداخل أراضيها، ولأن أمريكا تعرف ان (إسرائيل) إبنتها الصغيرة وهي المدللة أكثر من شقيقتها الكبيرة ومضطرة لمواصلة تدليعها، فإن إدارة بايدن التي توشك على الرحيل، وبايدن أصلا رحل منذ أن كان نائبا لأوباما، وفقدَ لعدم قدرته على التركيز، فرصته للتأثير أو المشاركة في القرار السياسي الأمريكي، فقد وجد بايدن أن إبنته المدللة كانت تظهر تمردها على رغباته وقراراته، واللعب بكرامته واعصابه برغم أنه رئيس لٱقوى دولة في العالم، وأنه أعلن أنه صهيوني رغم أنه مسيحي الديانة، فلم تشفع له تلك المواقف، وجعلت منه أضحوكة يتندر بها الساسة المحترفون والهواة على حد سواء في هذا الظرف الحرج الذي يخوض هو وحزبه الديمقراطي معركة الرئاسة لصالح هاريس، فأظهر عجزا فاضحا عن اخضاع (إسرائيل) لإملاءاته فيما يتعلق برسم الخطط الحربية، فراح يرجوها في مواقف معلنة إلا يشمل ردها التالي على الرد الإيراني الاستعراضي الأخير. المنشآت النووية أو المراكز النفطية. في الطلب الأول كان يداعب أحلام إيران إبنته التي توشك شمسها على الأفول ، في طموحها في ان تتحول الى هراوة إقليمية، وفي الثانية كان يداعب مشاعر المواطن الأمريكي في الحفاظ على إنسيابية تدفق النفط وثبات أسعاره، كي لا يدفع المواطن الإيراني فاتورة إضافية عل سعر الغالون الواحد.
ولكن هل تبقى إيران و(إسرائيل) على درجة الانصياع نفسه لأوامر الأب وخاصة إذا وصل مرحلة الزهايمر وتصادمت إراداته وقراراته مع بعضها، ومع رغبات بنتيه الحبيبتين اللتين وصلتا مرحلة البلوغ، وبالتالي حرية إتخاذ القرار في الزواج والطلاق، في زمن تقاس فيه أحكام السكان المحليين والٱتباع والاعداء، بالمواقف المتخذة بما فيها الخطط الحربية، ولا يستطيع أحد التحكم بسريتها ولو لدقائق بعد وقوعها، نتيجة التطور الخرافي لتكنولوجيا الاتصالات، ووصولها الى مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى سياط تجلد رؤوس راسمي السياسة والاستراتيجية وظهورهم، وكابوسا مرعبا يخيم فوق المراقد، بحيث بات حتى الفرد البسيط يعرف ما يدور في غرف النوم، وربما صار السياسي المحترف يتلفت إلى الجهات الثلاث خشية من كاميرات المراقبة قبل أن يصرح أو يقول شيئا في اجتماع مغلق أو يوَقّع قرارا أو مرسوما أو قانونا، ولعل في مراجعة ما حصل لحزب الله من اختراقات فاضحة، ما يعزز من المخاوف لكل من يتصدى لوظيفة عامة في اي بلد، حتى لو كان يمتلك أقوى أجهزة الأمن والمخابرات، لأنها باتت مخترقة هي أيضا، حتى لو اعتمدت على أعلى ما تنتجه أدوات الحماية من تكنولوجيا الاتصالات ووسائل حمايتها.