شبكة ذي قار
عـاجـل












لا يُسقِط مشروع الصهيونية

سوى مشروع البعث

سليمان أبو يعرب – الجزائر

 

تشهد المرحلة التي تمر بها أمتنا العربية اشتداد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها، وازدياد وتيرتها وتنوع وجوهها وأساليبها. ورغم ذلك التنوع إلا أنها تنبع من مشروع واحد هو المشروع الصهيوني في الوطن العربي حيث تصب كل نتائجها في مصلحته. فلا يكاد يخفى على عاقل مدى الخراب والتردي الذي حاق بالأمة العربية، بعد جريمة الصهيونية والإمبريالية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بغزوها جمهورية العراق وإسقاط نظامها الوطني وإجهاض تجربة رائدة شملت جميع الميادين ومست شتى مناحي الحياة، تجربة يشهد لها العدو قبل الصديق.

في المقابل، شكل غزو العراق أيضاً، محطة لاستفاقة الشعب العربي من غيبوبة زيف الشعارات الغربية البراقة، من ديموقراطية مزعومة وحقوق إنسان مُسَيّسة وغيرها، وكشف أيضاً حقيقة الحكام العرب ففضح عمالتهم وانبطاحهم للسيد الأمريكي الذي أدخل بلاده من مغامرته غير المحسوبة في العراق، وفي دوامات من المشاكل السياسية والاقتصادية، ناهيك عن الرفض الشعبي العالمي لها.

ومع انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي من جسد البوعزيزي في تونس الأبية، عمّت تلك الشرارة أقطاراً عربية أخرى طالبت فيها الجماهير باسترجاع حقوقها المسلوبة والمنهوبة، لكن المخابر الغربية وبأدوات داخلية عملت على شيطنة ربيع الشعوب فتم إجهاضه في المهد أو بعد ذلك، مع أن منطلقات الربيع العربي كانت كلها عادلة وشرعية، ثورات ضد احتكار السلطة واحتكار الثروة.

إن تغول الغرب بقيادة الصهيونية على الوطن العربي في تنامٍ مستمر ومخيف، وإن ما يجري في فلسطين العربية، وفي غزة المكلومة على وجه الخصوص من مجازر وحشية فاقت كل التصورات، لخير دليل على أن المشروع الصهيوني لن يتوقف عند فلسطين أو غزة، فلن يستكين الغرب أو يتراجع ما لم يحقق كل مشاريع الصهيونية في العالم عموماً وفي الوطن العربي تحديداً.

لقد بلغ الهوان بهذه الأمة حداً لا يطاق، ولا يليق بمقام الإنسان العربي ولا بنخوته ورجولته، فبينما ينكل العدو الصهيوني بإخوة لنا في أرض الرباط والجهاد، يقف هؤلاء وقفة رجل واحد بينت للعالم بأسره من خلال الأبطال الفلسطينيين مدى صمودهم وإيمانهم بقضية يؤمن بها كل المسلمين وأحرار العالم، لكن العرب أولى بهذه القضية، فهي قضية الشرف العربي والكرامة العربية، وكما يقول الشاعر (لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم).

إن تصاعد واستشراس المشروع الصهيوني بما يملكه من دعم غربي وإمكانيات، وفقدانه لأية معايير قيمية أو إنسانية، وما ينطوي عليه بالتالي من نزوع غير مسبوق للشر، والمتمثل بشتى مراحل التآمر والهجوم على الأمة العربية ليس آخرها احتلال العراق وإسقاط النظام الوطني فيه بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، والذي فتح الباب على مصراعيه لمآسي مريرة كما قلنا.

لكنه في نفس الوقت أسس لهذه المرحلة الجديدة التي تشهد إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للعالم، وإن كانت هجمة الغرب على العراق لإرجاعه إلى ما دون نقطة الصفر، فإن هذه الهجمة مستمرة لكن بطرق مختلفة ومتفاوتة التأثير في كل الأقطار العربية.

ولذلك فالوقت الآن مناسب في ظل متغيرات ومعطيات عدة، لبلورة مشروع قومي نهضوي جديد يأتي في مقدمته إحياء التجربة النهضوية للبعث في العراق، فهي تجربة ستؤتي ثمارها بكل تأكيد، شريطة أن تكون تحت مظلة حزب البعث العربي الاشتراكي.

لا يناطح مشروع قوي إلا مشروع أقوى منه، وعليه فإنه لا يُسقِط مشروع الصهيونية في الوطن العربي سوى مشروع حزب البعث العربي الاشتراكي، يقيناً، وبكل تواضع، فهو مشروع نهضة الأمة برمتها التي لا تكون إلا بوحدتها وتحررها.

 






الاثنين ٢٩ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والإعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة