شبكة ذي قار
عـاجـل










 

 

 

القيادة العامة للقوات المسلحة

بيان رقم (170)

في الذكرى الحادية والعشرين لغزو واحتلال العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴿٦۰﴾ الانفال

                                                                                 صدق الله العظيم

أيها الشعب العراقي العظيم

أيها النشامى من أبناء قواتنا المسلحة الباسلة

أيها الأحرار في كل مكان

    تمر علينا هذه الأيام الذكرى الحادية والعشرون لغزو واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها خارج نطاق القانون الدولي والشرعية الدولية، وفي هذه الذكرى الأليمة لا بد لنا نحن في العراق من مراجعة بسيطة لبيان جزء مما يتعلق في هذه الذكرى، ونقول إن الولايات المتحدة الأمريكية والتي تصنف اليوم بأنها راعية الإرهاب الأولى في العالم قامت بغزو دولة مستقلة وعضو مؤسس في الأمم المتحدة، وبمسوغات وحجج كاذبه حاولت أن تخدع العالم بها، إلا أن الأيام والسنوات اللاحقة كشفت زيف وبطلان تلك الحجج التي اعتبرتها من الأسباب الرئيسية للحرب، فلم يثبت يوماً أن للعراق علاقة مع تنظيم القاعدة الإرهابي كما أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها وخبراءها أثبتوا أمام العالم بأن العراق لا يمتلك أسلحة الدمار الشامل المزعومة ولا يشكل تهديداً أو خطراً للدول المجاورة أو للمجتمع الدولي، ومع ذلك ورغم المعارضة الدولية والمظاهرات المليونية التي جابت شوارع وعواصم ومدن العالم إلا أن الرئيس الأمريكي المجرم وقتها جورج بوش الابن وبمشاركة رئيس الوزراء البريطاني المجرم توني بلير ارتكبوا جريمتهم الكبرى في غزو العراق واحتلاله وتدميره وبمساندة جيوش دول أخرى.

 

يا أبناء شعبنا العراقي العظيم

إن الأعداء الذين استهدفوا بلادنا بجيوشهم الجرارة لم يكن لهم أن ينفذوا غزوهم إلا بعد فرض الحصار الجائر المطلق والمطبق في شتى مناحي الحياة، وما كان له من تأثير سلبي خطير على قواتنا المسلحة، بعدما توقفت إمكانية تأمين عناصر التحديث والتطوير للأسلحة والمعدات ومنع استيراد المواد الاحتياطية لها، وبمرور سني الحصار والضغط المتواصل التي مارستها أمريكا وبريطانيا ضد العراق يومياً توضح للقيادة العراقية بأن لا خيار إلا في خوض القتال ضد الغزو القادم، بالرغم من الفارق التقني الهائل في الجانب العسكري على مستوى الأسلحة والقدرات بين أكبر قوة عسكرية عالمية وبين قدرات دفاعية محدودة قيدتها ظروف الحصار الشامل، وأضحت لا تتعدى أسلحة قديمة متعبة مع بعض التحسينات، أو الفارق في الجانب الاقتصادي بين أقوى قوة اقتصادية عالمية وبين بلد محاصر لا يدخل إليه سوى الغذاء والدواء وبنزر لا يكفي حتى الحد الأدنى من المستلزمات والإمكانات الطبية في العلاج والقيمة الغذائية لما يصل إليه، والفارق في الجانب المعلوماتي بين القوة الغاشمة التي تمتلك الأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية المتخصصة في جمع المعلومات الدقيقة وطائرات التجسس من نوع (يو- تو) التي كانت تجوب سماء العراق وتمسح أرضه يومياً وتسجل كل متغيراتها، وبين الطرف الذي لا يمتلك حتى إمكانية تسيير طائرة استطلاع واحدة لجمع المعلومات أو تأمين التغطية الجوية ولو بصورة محدودة للقطعات البرية.

ومن المعطيات والمتناقضات المشار لها، وبموجب هامش المحدودية في الخيارات المتاحة أمام القيادة العراقية في خوض هذا الصراع الخطير، فضلاً عن التسهيلات التي تقدمها الأرض لصالح القوات الغازية حيث الصحراء الغربية العراقية الممتدة من غرب الفرات إلى الحدود السورية والأردنية والسعودية والكويتية، فكان لابد للقيادة العراقية أن تلجأ إلى اعتماد استراتيجية (قبول الحرب على حافات المدن) من قبل القوات المسلحة، ثم (داخل المدن)، فتضحي القيادة بموقعها الوظيفي الرسمي وبكل مفاصلها لتشتبك هي وشعبها وقواتها المسلحة وتنظيماتها الجماهيرية القتالية مع القوات الغازية داخل مدن العراق بغية تحييد القوى المادية المتفوقة سواء في ما تمتلكه القوات الغازية من أسلحة دمار شامل أو الصواريخ الموجهة عابرة القارات أو الطائرات القاصفة والمقاتلة أو طائرات الهيلوكوبتر المقاتلة المتطورة أو الدبابات الحديثة، وغيرها لتضع قوات الغزو في مستنقع هش وتجعل أفرادها في وضع واهن يسهل به اصطيادهم ضمن استراتيجية حرب شعبية مقاومة منظمة وقيادة كفؤة.

وهذا ما يفسر نشوء المقاومة مع بداية الغزو وبدء الصفحة الثانية من الحرب والانتقال إلى الحرب الشعبية التي سبق وأن تم التخطيط لها والتدريب عليها وتهيئة مستلزماتها، فالقتال العراقي بعد دخول وانتشار القوات الغازية في عموم جغرافية العراق بمدنه وقصباته أضحى بأحسن حال، فالفارق التكنولوجي الذي كان سائداً خلال العشرين يوماً الأولى من الحرب وحتى احتلال العاصمة بغداد يوم 9 نيسان/ أبريل كان لصالح القوات الأمريكية حيث دقة الرمي (عن بعد) لعموم أسلحتهم وكثافة هذا الرمي دون إمكانية التصدي للطائرات والصواريخ والدبابات بمديات الاسلحة العراقية المحدودة المتوفرة.

 ولكن وبالرغم من كل هذا المستوى من التكنولوجيا العالية إلا أن القوات العراقية كانت قد تمكنت خلال أيام الاصطدام العسكري من تحقيق الكثير من النتائج والانتصارات، فتصدت القوات المسلحة العراقية في عموم قواطع العمليات لقوات الغزو بكل بسالة وشجاعة وكبدتها خسائر كبيرة، وقاومتها بعنف طيلة أيام الصدام المسلح النظامي وفق ما مخطط لها على العكس مما كان يذكره الإعلام المركزي الأمريكي – الصهيوني الذي انتهج مبدأ (الديكتاتورية) المطلقة في إدارته لشؤون الحرب دون أن يسمح لأي محطة فضائية أو مراسل حربي أو صحيفة تدلي بأي معلومات معاكسة لما يريده هذا الإعلام. ومعركة المطار كانت خير دليل على الفعل العسكري العراقي. فبالرغم من استخدام العدو مئات الطائرات وقاذفات بي 52 الاستراتيجية التي ترمي حممها من مختلف أنواع القنابل العنقودية والحارقة، فإن مقاتلي الحرس الخاص والقوات الخاصة  حرس جمهوري تمكنوا من تدمير القوات الأمريكية المهاجمة خلال جولات القتال المتتالية، حتى استخدم الأمريكان بعدها تلك الأسلحة الفتاكة التي نزعت جلود الشهداء عن عظامهم.

ذلكم الشهداء الأبرار الذين عقدوا العزم بأن لا يعبر جنود الاحتلال إلى بغداد الحبيبة إلا على جثثهم الطاهرة، رحمهم الله تعالى وأسكنهم الفردوس.

 

يا أبناء شعبنا العراقي العظيم   

وفي هذه الذكرى الأليمة لا بد أن نبين لأبناء شعبنا العظيم وللذين ما زال الوهم يسيطر عليهم دون أن يكتشفوا التضليل والتشويش والتزوير والكذب الذي مارسه العدو الغازي وعملاؤه، ونقول بأن الهدف الأساس من الغزو والاحتلال هو تدمير البنية الارتكازية والحضارية والاقتصادية والاجتماعية للعراق في شتى مجالات ومناحي الحياة، بعدما تيقنت الصهيونية العالمية بأن القيادة الوطنية العراقية لا تهادن ولا تتهاون لا في الحقوق المشروعة للأمة العربية وخاصة القضية المركزية الأولى في فلسطين، ولا تتردد في البناء التنموي والعلمي والحضاري لانتقال العراق إلى مصاف الدول المتقدمة في الصناعة والزراعة والتكنولوجية واستشراف المستقبل الواعد، ولا تستكين في بناء الجيش الوطني العزوم. فقرروا استهداف قيادة العراق الوطنية وجيشها المغوار صاحب المآثر الخالدة، والفكر الثوري للحزب، مع تدمير وتفكيك المشاريع التنموية الصناعية والزراعية والخدمية والعلمية والأكاديمية كافة، وجعل شعب العراق من أفقر الشعوب الذي يعيش على أغنى بقعة في العالم. وهكذا كانت قرارات المحتل الغاشم في حل الحزب والجيش وقوى الأمن الوطني حال تحقيق غزوهم الشرير.

 

يا أبناء شعبنا العراقي العظيم

إن شعبنا العراقي الأصيل وقواته المسلحة الباسلة وكما هو معلوم للجميع ثاروا ضد الغزو والاحتلال وعملائهم وأتباعهم وبوقت مبكر وقاتلوه بشراسة يشهد لها العالم كله، حيث انطلقت المقاومة الوطنية العراقية منذ الأيام الأولى وحققت انتصارات خالدة وكانت أفعالها مثار فخر واعتزاز لأبناء شعبنا ولكل الأحرار في العالم، وساهم فعلها في تحجيم وهزيمة المشروع الاستعماري للعدو الغازي بعد تأسيس القيادة العليا للجهاد والتحرير الذي جاء تتويجاً لتوحيد العمل الكفاحي البطولي لمختلف فصائل المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية ضمن جبهة واحدة تضم 22 فصيلاً عند بدأ التأسيس. ثم التحق بها فصائل أخرى. وكذلك جبهة الجهاد والتغيير التي ضمت فصائل مقاتلة في ثناياها، فضلاً عن فصائل أخرى مقاومة في شتى مدن العراق.

فالمقاومة العراقية التي تواصلت منذ اليوم الأول لدخول المحتل حاضرة الدنيا، بغداد العروبة والإسلام، تسارعت بازدياد تأثيرها وتفاقم ضغطها حتى جعلت المحتل يسبح بدماء جنوده الذين لا يفارقهم شبح الموت إلا في الانتحار أو الهرب، فأصبحتا ظاهرتين مألوفتين فرضتا على قوات الاحتلال أن تقبع خلف حصونها وترساناتها فيما سمي بالمنطقة الخضراء في بغداد، ومعسكراتها المتواجدة في ضواحي المحافظات بعد خروجها من المدن عنوة بفعل شدة ضغط المقاومة.

فقد تمكنت المقاومة الباسلة من قتل الأعداد الهائلة من جيوش الاحتلال وتدمير أسلحتهم وآلياتهم ومعداتهم حتى اضطر الجيش الأمريكي للقرار على الانسحاب من أرض الوطن بعد أن مني بالهزيمة النكراء، وليسمحوا لإيران أن تحل محلهم في هذا الاحتلال البغيض وإلى تنصيب عملائه وأتباعه في عملية سياسية فاشلة وهجينة تدعي الديمقراطية في ظاهرها، والتي أثبتت التجارب المتكررة زيفها وخيبتها، ولا زال شعبنا العراقي الأصيل يدفع ثمن التجارب الفاشلة التي اتسمت بالفساد والطائفية والمحاصصة والارتباط بالأجنبي واهدار الأموال والكفاءات الوطنية الحقيقية وغيرها.

أيها الأحرار في كل مكان  

إننا في القيادة العامة للقوات المسلحة وفي الذكرى الحادية والعشرين للغزو والاحتلال نحمل الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية عن كل ما جرى في بلادنا من قتل وتشريد وتهجير وتدمير وسرقات ومن تراجع واضح في كل مقومات الحياة في العراق كدولة رائدة في منطقة الشرق الأوسط، كما إننا نحمل كل العملاء والخونة من الذين انخرطوا في العملية السياسية التي صاغتها قوات الاحتلال ولا زالت تأتمر بها وبتوجيهاتها كامل المسؤولية لما يحصل اليوم في بلادنا من تخريب واستغلال وسرقات وتدمير للقيم والمثل العليا، ولكل ما يساهم في وحدة شعبنا بكل مكوناتها، ونقول لهم بأنكم ستدفعون ثمن عمالتكم وخيانتكم أمام شعبنا الأصيل وقواه الحرة الأبية.  

ولابد لنا من التأكيد بأننا في القيادة العامة للقوات المسلحة نلتف حول شعبنا ونقف معه وهو يتلمس طريق الخلاص والنهوض من براثن الاحتلال ونتائج غزوه ومن كل السياسات الخاطئة التي قادته إلى التخلف والنكوص عن دوره الوطني والقومي كواحد من أهم شعوب المنطقة دوراً وتأثيراً وعطاءً إنسانياً مشهوداً. وإننا نؤكد بأن يوم الخلاص لن يكون بعيداً وذلك بالاستعانة بالله أولاً، ومن ثم الاستناد إلى الشعب الجبار الذي كشف كل التزييف والتغليف والتحريف الذي حاول الخونة المتسلطون على مقدراته تجميل صورهم الكالحة، وإن النصر آت لا محال وأضحى لناظره قريب بعون الله.

وفي هذه المناسبة الأليمة لابد لنا أن نستذكر أرواح شهداء بلادنا البواسل الذين روت دماؤهم أرض العراق الطاهرة، وأن ندعو كل صاحب ضمير حي إلى إطلاق سراح من بقي من قادة جيشنا الأبطال الذين يقبعون في السجون والمعتقلات منذ سنوات طويلة وذنبهم الوحيد أنهم دافعوا عن بلادهم بعز وشرف وعطاء غير محدود.

التحية والتقدير والعرفان إلى كل الأحرار والأبطال الذين تمسكوا بحق بلادهم في النصر والتحرير ولكل من ساهم في ملاحم الدفاع عن الوطن تجاه التهديدات التي تعرض لها.

عاش جيش العراق الجسور صاحب السفر المجيد، وعاش رجاله الغر الميامين.

تحية إلى شعبنا العراقي العظيم من أقصى شماله إلى أقصى الجنوب.

تحية وتقدير واعتزاز إلى شهيد الحج الأكبر السيد الرئيس صدام حسين القائد العام للقوات المسلحة وإلى رفاقه الأبطال الذين كان لهم الدور الكبير في إعداد وتطوير قواتنا المسلحة الباسلة لمواجهة الغزاة خلال سنوات المنازلة الطويلة.

والمحبة والتقدير والاعتزاز لكل من آمن بالعراق العظيم واحداً موحداً مستقلاً.


القيادة العامة للقوات المسلحة

بغداد المنصورة بإذن الله

9 نيسان  2024

 






الاثنين ٢٩ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب القيادة العامة للقوات المسلحة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة