شبكة ذي قار
عـاجـل










محالٌ ان يموتَ وهو حيٌ     فكيف يموتُ ميلادٌ وجيلُ

فبعثُ الموتِ امرٌ مستطاعٌ     وموتُ البعثِ امرٌ مستحيلُ

 

أيها الاخوة والاخوات

أيها الرفاق والرفيقات

الحضور الكريم

 

 

 في حضرة هذه الذكرى ، التي تعود بنا  الى سبعة وسبعين سنة خلت، ذكرى ميلاد حزبنا ، حزب البعث العربي الاشتراكي ، يوم التأم شمل كوكبة من المناضلين العرب في روضة دمشقية على ضفاف بردى ، ليعلنوا عن تأسيس حزب الرسالة الخالدة ، ايذاناً بانطلاق مسيرة النضال العربي لتحقيق اهداف الامة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ،ننحي اجلالاً وتقديراً لثورة جماهير شعبنا في فلسطين ومقاومتها وصمودها، وتكريماً لشهدائها  وهي تخوض معركة الدفاع عن الهوية الوطنية والتشبث بالارض التي تقاتل مع اصحابها ضد مشروع الاقتلاع ومخططات التهجير .

لقد واكبت مقدمات التأسيس التحولات الكبرى التي شهدها العالم  في موازين القوى الدولية بعد الحرب العالمية الثانية ، والتي كان للامة  نصيب منها ، واثقلها تمكين  الحركة الصهيونية من اقامة كيانها الاستعماري الاستيطاني على ارض فلسطين بكل التداعيات السلبية والقاتلة على الواقع الفلسطيني الذي ادى الى تهجير أعدادٍ هائلة من شعب فلسطين على امل العودة القريبة الى ارضه والتي لم تحصل حتى تاريخه رغم صدور القرار الاممي الذي اكد على حق العودة.

واليوم وبعد ستة وسبعين عاماً على اغتصاب فلسطين ، وتعرض شعبها الى مابات يسمى بالنكبة ، فإن الذي يجري على ارضها   وخاصة في غزة ، هو استحضار لمشهدية احتدام الصراع الذي لم تخمد جذوته منذ بدأ التنفيذ العملاني للمشروع الصهيو- استعماري ، بزرع جسم غريب في قلب الوطن العربي للحؤول  دون تمكين العرب من تحقيق وحدتهم في اطار الدولة القومية الواحدة.

 

ان المشهد الذي انطوى يومذاك على واقع مؤلم بالنسبة لشعب فلسطين يوم تعرض لعملية "ترانسفير" بعد سلسلة من المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحقه ،  وبرعاية من المستعمر البريطاني ، يتكرر اليوم، مع تحول نوعي في دور الراعي الاميركي ، وفي هيْكلة  بُنْية مرتكب المجازر ، بعدما انضوت  تلك العصابات في اطار دولة  ماتوقفت يوماً عن ارتكاب جرائمها ، التي تبلغ ذروتها  في ماتتعرض له غزة حالياً  من ابادة جماعية لأبنائها واغتيالات واعتقالات في الضفة الغربية والقدس ،   وعلى مرأى من العالم الذي لم يحرك ساكناً لوقف هذه الحرب التي لم َيحْتَرِم العدو فيها، لا قوانين الحرب ولا احكام القانون الدولي الانساني ، ولم يقم اعتباراً لابسط الحقوق الانسانية التي كفلتها المواثيق والاعراف الدولية . وكيف يحترمها ؟ وهو الذي اغتصب الارض ومارس ولم يزل سياسة الفصل العنصري ، بحق شعب يواجه وحيداً  التحالف الصهيو  - استعماري ،ويقدم قوافل الشهداء دفاعاً عن هويته الوطنية وتوقه لتحرير ارضه من الاحتلال الاستيطاني واقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني .

 

إننا اذ ندخل الى رحاب هذه المناسبة ، مناسبة ميلاد حزب الثورة العربية ، حزب الوحدة والحرية والاشتراكية من بوابة فلسطين ، فلان فلسطين هي نبض العروبة وقضيتها  الاولى وضمير الانسانية وبوصلة مصيرها التقدمي. وهي بهذا المعنى تتجسد فيها كل معاني الرسالة الخالدة .

واذا كانت ثورة فلسطين المتواصلة على تعاقب المراحل التي عبرتها ، برهنت على قدرة غير عادية في صمودها، رغم مايحيط بها من صعوبات وتعقيدات على الصعد الفلسطينية  والعربية والدولية ،فلانها تمثل ثورة الامة على ارض فلسطين ، وفيها الاثبات لصحة المقولة التاريخية التي اطلقها القائد المؤسس ،" امتنا موجودة حيث يحمل ابناؤها السلاح"،  وهذا هو  العامل الحاسم  الذي ابقى  القضية الفلسطينية قضية حية  في الوجدان القومي أولاً ، وحولها  الى قضية رأي عام دولي ثانياً ، بعد عملية طوفان الاقصى ، وهوالذي سيبقيها عاملاً كاشفاً  لكل ما يحيط بها وما تتعرض له من تآمر دولي  واستثمار اقليمي رخيص وتخاذل وتواطئ رسمي عربي ثالثاً. 

إننا في ذكرى ميلاد البعث التي نستحضرها بكل دلالاتها النضالية ، وفي ظل ماتتعرض له الامة من عدوان وتآمر ، من القوى الدولية التي مازال يستبطنها النزوع الاستعماري التوسعي ، الى قوى الاقليم التي تتربص بالوطن العربي  ، الى قوى النظام الرسمي العربي التي استمرأت واقع التجزئة لحماية امتيازاتها في السلطة ، فإن كل  هذا، يجعل الاعباء المفروضة عليها  مضاعفة ، انطلاقاً من ضرورة مواجهة المشروع الصهيو - استعماري ، ومشروع نظام "ولاية الفقيه" المجبول بعدائه الشعوبي الدفين  ضد العروبة ،ومشروع "نظام الحاكمية" الذي تحركه نوازع استعادة الاحلام الامبراطورية ، كما مواجهة قوى التكفير والتخريب  ومنظومات الحكم من تلك التي عقدت اتفاقيات تسوية مع العدو او تلك الى نسجت علاقات تطبيع مع كل المخاطر المترتبة على الامن القومي العربي بكل ابعاده ومضامينه وانتهاء بالمنظومات الحاكمة التي تشرّع لنفسها التوريث والتأبيد السلطوي على حساب ديموقراطية الحياة السياسية وتداول  السلطة. 

 

لكن  ، وفي هذه المناسبة وبرغم مايسود الوطن العربي من واقع سلبي ،فإن الذي تحقق في السابع من اكتوبر هو انجاز عظيم بكل المقاييس السياسية والنضالية ،لان  ما كتب قد كتب ، شاء من شاء وابى من ابى ، ولن تمحيه ما قام به العدو من شنه لحرب ابادة بحق شعبنا في فلسطين ، وأياً كانت النتائج السياسية التي ستترتب

على هذه الجولة من المواجهة ، التي  لم تكن الاولى  ولن تكون الأخيرة ،فإن  الصراع العربي - الصهيوني سيبقى مفتوحاً بكل ابعاده  مابقي الاحتلال قائماً لكل فلسطين او بعضها ،لان اهدافه  تتجاوز حدود فلسطين الى دول الطوق الجغرافي المحيط بها والتي تتعرض للعدوان اليومي وصولاً  الى العمق القومي الذي يخترق عبر اتفاقيات التسوية والتطبيع .

 

وعليه، فإننا وفي هذه المناسبة، مناسبة الذكرى السابعة والسبعين لتأسيس حزبنا ، حزب البعث العربي الاشتراكي ،نرى بان انجاز السابع من اكتوبر إنما  يحتاج الى حماية سياسية  ومثلها الوفاء للتضحيات التي قدمتها جماهير فلسطين الصابرة  والصامدة والمتشبثة بالأرض ، وهو ما يتطلب :

أولاً :  قيام وحدة وطنية فلسطينية ، ترتكز على اساس وحدة المرجعية السياسية ، التي تتولى ادارة الصراع بكل أشكاله السياسية والعسكرية والجماهيرية والتعبوية ،  وببعديه المرحلي والاستراتيجي مع العدو الصهيوني بكل تحالفاته  الدولية وتقاطعاته الاقليمية ، وعبر تموضع كافة القوى والفصائل ضمن اطر الشرعية النضالية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية.

ثانياً : واذا كنا نشدد ونؤكد على حق شعب فلسطين في حماية هويته الوطنية وحقه في تقرير مصيره واقامة دولته الوطنية ،فإننا  نرفض قيام دولة تنتج عن تسوية تنطوي على اعتراف بالكيان الصهيوني ولو كان على جزء من ارض فلسطين .

ثالثاً :  ان المقاومة الفلسطينية التي  وجدت  لتبقى حتى تحرير كامل الارض المحتلة   ،لان  ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة  كما اكد على ذلك القائد جمال عبد الناصر ، يمكنها  ان تقيم  سلطتها الوطنية على الارض المحررة ، عملاً باحكام  القانون العام الذي  يحكم كل سياقات الثورات التحررية في العالم كخطوة على طريق التحرير الشامل والكامل .

 

ونظراً لكون قضية فلسطين هي قضية قومية بامتياز بقدر ماهي قضية وطنية فلسطينية ، فان حماية الانجازات الوطنية التي تحققها ثورة فلسطين على ارض الواقع هي مسؤولية قومية  ،وان حماية  ظهير هذه المقاومة وانجازاتها  يفرض :

١-  الخروج من اتفاقيات التسوية مع العدو الصهيوني وما ترتب على ذلك من نتائج

٢- وقف مسارات التطبيع والغاء كل النتائج السياسية والاقتصادية والامنية التي ترتبت على ذلك.

٣-  اعادة احياء الجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية ، لاجل حشد الجهد الشعبي العربي في اسناد ثورة فلسطين ، وهو مايوجب تشكيل الجبهة الشعبية العربية من قوى حركة التحرر العربية التي تلتقي على ارضية مشروع سياسي ونضالي لدعم ثورة فلسطين وسائر قضايا الامة في الوحدة والتقدم والديموقراطية،   ومواجهة كل من يهدد الامن القومي العربي من داخله ومداخله ويضعف عناصر المناعة الداخلية  في المكونات الوطنية.

٤-   اعادة الاعتبار للخطاب السياسي العربي بابعاده  الوحدوية والتحريرية  ، وبمضامينه التقدمية وبتعبيراته الديموقراطية .

واذا كانت المناسبة لاتتسع للاطلالة المسهبة على واقع الامة في مختلف ساحاتها  ، فلان قضية  فلسطين تشكل اختصاراً مكثفاً لكل قضايا الامة العربية التي تناضل لانهاء كل اشكال استلابها القومي والاجتماعي واليها تنشد الانظار والاهتمامات .

أما  لبنان، الذي  استهلك الكلام عن ازمته  كل الاوصاف والمفردات ، فإن  الواقع السائد والسيئ جداً ، يملي اعادة ترتيب الاولويات ، بدءاً من اعادة الاعتبار للدولة واعادة  تسيير مرفقها العام ، بغية توفير ارضية وطنية واحدة لمواجهة العدو الصهيوني ورفع التثقيل الامني والسياسي  الايراني عن ساحة  لبنان  ، وهذا يوجب اسقاط منطق التخوين المتبادل واستبداله بمنطق الاعتراف الوطني المتبادل ، لبناء دولة المواطنة ، دولة الرعاية الاجتماعية والدولة القادرة على فرض سيادتها على كامل التراب الوطني  وادارة الصراع مع العدوالصهيوني بالدرجة الاولى وكل من يضعف  البنية الوطنية  عبر  استباحة ساحة لبنان  واتخاذها منصة  لادارة مشاريع اجنداته الخاصة على مستوى الاقليم.

أما  المنظومة السلطوية التي تتحمل مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع من تدهور وتردٍ على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية  ، فإن اسقاطها لم يعد مطلباً وطنياً وشعبياً وحسب ، وانما وبنفس المستوى تطبيق احكام العدالة الانتقالية بحقها لما ارتكبته من جرائم  وطنية واخطرها جريمة تفجير المرفأ ، واستشراء الفساد الذي تغلغل في كل المفاصل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والادارية  والمالية ، واكثرها فظاعة عملية السطو على اموال المودعين.

تحية لفلسطين وشهدائها ، وتحية لشهداء الفعل المقاوم في مواجهة العدو الصهيوني ، وكل شهداء النضال القومي  والوطني والديموقراطية.

تحية لشهداء البعث قيادات ومناضلين وعلى رأسهم شهيد الحج الاكبر الرفيق القائد صدام حسين

التحية الى الرفيق  القائد المؤسس  الاستاذ ميشيل عفلق وكل رفاقه  الذين كان لهم شرف التأسيس  وهي موصولة  لروح الرفيق المناضل نائب الامين العام للحزب وامين سر قيادة القطر  الدكتور عبد المجيد الرافعي.

 الشكر  لنقابة الصحافة اللبنانية ممثلة بحضرة النقيب الصديق الاستاذ عوني الكعكي الذي اتاح لنا احياء  هذه الذكرى في حرم هذا الصرح الوطني الكبير   . 

عاشت فلسطين حرة عربية من البحر الى النهر

عاشت الامة العربية واهدافها  الثورية في الوحدة والحرية والاشتراكية

عاش البعث العظيم ، بعث الامة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة.

عشتم ، وعاش لبنان حراً عربياً ديموقرطياً موحداً. وكل ميلاد للبعث وانتم بخير .    


بيروت في ٢٠٢٤/٤/٧







الاحد ٢٨ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة