شبكة ذي قار
عـاجـل










قطار إيران للعراق

تغيير جيوسياسي لخارطة الأرض والسكان!

أ.د. عبد السلام الطائي| أستاذ علم الاجتماع. ستوكهولم

 

مدخل:

قطار تصدير الثورة بالمخدرات والسلاح!!

الواقع والوقائع، تظهر لنا ابعاد استراتيجية تغير الجغرافيا بالديموغرافيا وتداعياتها الجيوسياسية على السكان والأرض ونظام الحكم. ولتوضيح ذلك على المستوى الاجرائي والعملياتي، فان الاستراتيجية الجيو- ديموغرافية، هي علم وفن تحويل الرجال الى جنود او ميليشيات تتولى شق الطرق لتغير الحدود الجغرافية، لحماية النظام السياسي من جانب، والهيمنة على اقتصاد الدول، ومن جانب اخر.  ومن هذا المنطلق، فان اهم وظائف الديموغرافيا السياسية، هي دراسة ترابط الاقتصاد والسياسة والسكان. وعلى المستوى العملياتي، فان السيطرة الديموغرافية على الاراضي تعد من عناصر القوة السياسية والعسكرية في تشكيل خطوط مواصلات ومنطقة ديموغرافية دفاعية امنة من قبل السلطة المتسلطة بالدول التي نصبتها لتنفيذ مخططاتها الخارجية.  وتماشيا مع ما تم ذكره، فان لاستراتيجية القوة الديموغرافية للسلطة في العلاقات الاقليمية والدولية، تداعيات داخلية وخارجية. اخذين بعين الاعتبار، ان التغير الديموغرافي يؤدي الى تغير موازين القوى. ولا يفوتنا ان ننوه هنا، بان استراتيجية واهداف الربط السككي والتغيير الديموغرافي لدول الحزام الذهبي لإيران، الممتد من العراق الى سوريا ولبنان، هدفها ان يكون لإيران موطئ قدم عند إعادة ترسيم خارطة الشرق الجديدة المرتقبة، وما سيليها من تداعيات استراتيجية عربية ودولية.

 

تداعيات الربط السككي للعراق ودول المنطقة!

إن قرار إيران والعراق بتأسيس خط سكة حديد تمتد من مدينة الشلامجة الإيرانية الى البصرة العراقية، بطول يبلغ 30 كيلومترا له مرامي متعددة، ظاهرها غير باطنها. وقد تم التوقيع عليه عام 2011، لابد من الإشارة لواحدة من النوايا المبطنة لقطار إيران، ذات الدافع الجيوسياسي الذي له أهمية بالغة لإيران، ما، أعلنه رئيس سكك حديد جمهورية إيران (الإسلامية)، سعيد رسولي، صيف عام 2018 قائلا: ((أن إيران تخطط لبناء خط سكة حديد يربط الخليج العربي بالبحر الأبيض المتوسط، يمتد من البصرة في جنوب العراق إلى البوكمال على الحدود العراقية السورية، إلى دير الزور في شمال شرق سوريا)). من اجل تصبح تلك السكة الحديدية عقدة اتصال ما بين شمال وجنوب الخليج العربي، لغرض ربط ميناء خميني ببحر قزوين، مارة بالعراق منتهية عند البحر الأبيض المتوسط. وستربط هذه الشبكة ايضا إيران بجميع الممرات المائية، بغية الوصول الى هدفها الاستراتيجي الرئيسي المتمثل، بان يكون لإيران موطئ قدم في البحر الأبيض المتوسط وميناء بانياس السوري لتصدير النفط لإسرائيل، وفقا لاستقرائنا. يقتضي القول والحالة هذه، ان مشاريع إيران التوسعية هذه، بإنشاء عدة خطوط حديدية سيارة إلى العراق، كعصى موسى، لها مارب اخرى، فهي تهدف إلى تأمين ممر بري آمن يربط حدود إيران بالعراق وسوريا ولبنان، تعزيز مسار المثلث الذهبي المذهبي للمخدرات. وفي نفس الصدد، يهدف هذا الممر إلى تسهيل نقل الأفراد – يعني الميليشيات -والتعزيزات العسكرية والبضائع -التدميرية، المنتهية الصلاحية والتالفة من إيران إلى جيرانها.

ولا يفوتنا أن ننوه، عام 2023 انتهت إيران من بناء خط سكة حديد بمدينة همدان-سنندج. ليكون هذا الخط جزءا من ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، الذي يمتد من الهند إلى شمال أوروبا. ووفقا لمعلومات صادرة عن الرئاسة الإيرانية فان سير هذا الخط سيصل إلى قرية (باشماخ) في محافظة السليمانية، عام 2024. ولا مناص من القول، سيتضمن هذا المشروع الاستراتيجي للقطار تصدير الثورة الخمينية، علاوة على ما له من أهداف سياسية مبطنة غيرها، بما فيها الهدف الدبلوماسي، والذي ستسعى إيران من خلاله إلى احتواء15 دولة مجاورة على مختلف نظمها واتجاهاتها، لتتسيد عليها من جهة، ولفك العزلة الدولية عليها جراء محاولاتها السابقة لتصدير الثورة الخمينية منذ عام 1979.

وهكذا يتبين لنا ان إيران ومن خلال هذه المشروع السككي الشمالي والجنوبي للعراق والخليج، "تسعى جاهدة للتحرر من عزلتها في ضوء البيئة السياسية العالمية المتغيرة، وتتبع عن كثب مبادرة الحزام والطريق الصينية في المنطقة. ناهيكم عما لقطار الفكر الخميني هذا من خصائص جيوسياسية واقتصادية وثقافية فريدة، لا سيما فيما يتعلق بالعراق". وتماشيا مع ما تم ذكره، فمن خفايا ونوايا هذا القطار، نقل ملايين الزوار الإيرانيين ناهيكم عن غيرهم من جنسيات، فهو بالمقابل سيتولى نقل الاخوة من الطائفة الشيعية العراقيين الى مدينة مشهد. ولعل الأهم من هذا وذاك في الخارطة الجيوسياسية للمشروع، فان إيران تخطط لربط مدينة كرمانشاه الكردية بخانقين في العراق، وفقا لتقرير مركز البحوث الفرنسي. اما من حيث التداعيات الاقتصادية، يعد العراق حاليا أكبر سوق إقليمي للصادرات الإيرانية. ومن خلال استغلال إيران هذه الخط الحديدي، ستصبح المصدر الرئيسي للغذاء والضروريات الأخرى للعراق، والتي سيشتريها العراق من خلال عائداته النفطية.  وفي مقام موازي بهذا السان، يشكل تصريح (حجة الإسلام) سيد كاظم موسوي، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، تعزيزا لذلك، سيما حينما أردف قائلا: من المتوقع أن يجني النقل الإقليمي إيرادات بقيمة 20 مليار دولار للإدارة الإيرانية الحالية.

 

النوايا الجيوسياسية للربط الحديدي للعراق بإيران!

واستخلاصا لما سلف، فان مخرجات مدخلات نوايا القطار الإيراني أعلاه، تكمن باختراق الديموغرافيا الوطنية بالمذهبية بخطوط هذا القطار المزدوج، الذي سيسر الوصول الى الجغرافية الوطنية بغية تفكيكها لتقسيمها، ومن اجل ان تحويل دول الطوق العربية الوطنية لإيران الى أقاليم مذهبية متناحر، ليسير هذا القطار بأمان تحت حراسة العناصر الدساسة، للتمكن إيران من نهب الثروات والموارد الاقتصادية والبشرية والعسكرية. ومن البديهي والحالة هذه سيصبح العراق مركز الهزات التي ستحدث في مدن العراق ومحيط دائرة ارتداداتها على سوريا ولبنان والأردن ودول الخليج وتركيا. وبما ان السيطرة على الأرض تعد من عناصر القوة الديموغرافية، جراء ذلك ستكون لها تداعيات سواء، على تغير شكل الحكم هنا وهناك او على ترسيم الحدود الجغرافية لأي دولة من هذه الدول لا محال. ستتداعى تلك العوامل لاحقا لا محال على خارطة العراق وسوريا وغيرها.  اخذين بعين الاعتبار، ان جهة تنفيذ مشروع الربط الحديدي هذه، هي شركة تابعة للحرس الثوري الإيراني. (2). ولعل من الضروري القول ان هدف انشاء هذا الطوق الديموغرافي الطائفي الولائي لإيران تجاه العراق والدول العربية ليكون امتدادا للجدار الجغرافي الفارسي للعراق ودولة الاحواز العربية التي احتلتها إيران عام 1925 أي قبل احتلال إسرائيل لفلسطين بربع قرن، علاوة على تفكيك الجدار العازل لدول الطوق العربي لإسرائيل، الأردن وسوريا ومصر. واستخلاصا لما سلف، نرى ان إيران وإسرائيل تروم من هذا الربط السككي النوايا التالية:

ربط ميناء الخميني بميناء الفاو العراقي.

ربط ميناء خميني بميناء اللاذقية السوري.

بحرا الوصول الى البحر الابيض، وبرا لربط الانبار العراقية ودير الزور ثم اللاذقية السورية.

كي يصبح الطريق يسيرا لدعم ميليشيات سوريا وحزب الله اللبناني.

عزل دول الخليج وتركيا والاردن السنيتان.

نسف المشروع الذي يربط اسطنبول بالبصرة السككي الذي بوشر العمل به قبل أكثر 11 سنة.

تصدير النفط لإسرائيل واربا وشمال افريقيا، ليبيا، تونس المغرب وغيرها

سينقل القطار الإيراني العناصر الارهابية والمخدرات والسلاح الصواريخ للعراق والاحواز وسوريا ولبنان.

سيتنقل المستوطنين الإيرانيين والافغان وغيرهم للاستيطان في سوريا وبغداد وديالى والانبار والموصل وكربلاء والنجف وبابل وغيرها عبر معبر مدينة القائم لقلب الهرم السكاني بسوريا والعراق بحجة زيارة المراقد الإسلامية لآل البيت في العراق.

سيكون الربط السككي امتداد لطريق الحرير الصيني عبر مضيق هرمز وباب المندب الإيراني.

 

العراق غنيمة حرب والربط السككي مخطط صهيوني!

انطلاقا مما سلف، تجدر الإشارة الى ان قلق أمريكا الذي ترشح بعد خروج العراق منتصرا على رابع قوة عسكرية بحلف الناتو، إيران، ولدكه بالصواريخ تل ابيب.  ترتب عليها صدور تصريح ل«بريجنسكي» مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق للأمن القومي قائلًا: «إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن، هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح اتفاقية سايكس بيكو». ومنذ هذا التصريح بدأ الإعداد بشكل مكثف لحرب ولخارطة جديدة للشرق الأوسط تبنتها دوائر الاستخبارات الأمريكية الإسرائيلية" (3).

وحري بنا التطرق هنا، ب "إن الغطاء الذي تمنحه روسيا للمليشيات المولية لإيران في سوريا لتنفيذ جرائم حرب، وهي مشمولة بالربط السككي، والغطاء الذي تمنحه الولايات المتحدة للمليشيات نفسها في العراق، يدلل على أن إعادة ترسيم حدود دول العرب بالمنطقة يحظى بدعم القوتين العالميتين".

ولا يفوتنا أن ننوه، بان الكيان الصهيوني، وفقا لما نشرت "مجلة “كيفونيم” الصهيونية، إشارة بان خطة تفكيك العراق اهم من سويا ومصر. ". (4) وتماشيا مع ما تم ذكره، فقد دون دستور بريمر الحاكم الأمريكي للعراق منذ عام 2005 خطة تقسيم العراق في الدستور الذي كتب تحت اسنة حراب الغزاة. وتجدر الإشارة هنا، أن “برنارد لويس”، سبق له وان وضع خططا وخرائطا منذ عقود خلت لتنفيذ مشروع تفكيك الوحدة الدستورية للعرب عامة والعراق خاصة. وقد تبنى (بريجنسي) مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، مخططات برنارد لويس، مما دفع إدارة الرئيس بوش الأب الى إشعال حرب الخليج الثانية، حتى تستطيع الولايات المتحدة “تصحيح حدود سايكس بيكو”، "وهو ما ادى الى دفع إيران لانتهاز الفرصة لتعزز طموحاتها التوسعية التاريخية في العراق والخليج، للتقاسم الغنائم مع أمريكا وإسرائيل، باعتبار العراق قد أصبح غنيمة حرب، (7)

 

تلاقح خطة خميني مع بيرنارد لويس!

تضمنت خطط بيرنارد، تقسيم العراق وسوريا ولبنان واليمن الى، شيعة وسنة وهي استراتيجية متوائمة مع نظرية "أم القرى الإيرانية والطريق إلى مكة والمنامة"، المسمات بالخطة الحسينية الخمسينية ذات الغرائز السيكولوجية القائمة على بث الكراهية والثأر المتجذر في الموروث والفكر الفارسي الخميني. وكلاهما- خميني وبرنارد- دعوا الى منح حكم ذاتي لدول ضعيفة يقودها العجزة والعصابات والجهلاء والأغبياء، وهو ما يحصل اليوم في العراق ولبنان واليمن. وفي ذات السياق، اشار البروفيسور حقي اوكال استاذ العلوم السياسية بجامعة أنقرة في مقاله الموسوم: "من تلك الخريطة إلى هذه الخريطة"، From that map to this map مبينا بان الحرب على داعش في الموصل شجعت على احياء مشروع الشرق الاوسط لإعادة ترسيم خرائط المنطقة وفقا لخارطة لويس بيرنارد.  كما نشرت مجلة القوات المسلحة الامريكية Armed Forces Journal في عام 2006، اي بعد ثلاث سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق، طالبت المجلة العسكرية الى اعادة ترسيم الخريطة الافضل الشرق الأوسط (8)

ولعل هنا من المفيد التذكير به، ان خطة بن غوريون، اول رئيس وزراء لإسرائيل، عام 1948 دعا الى تقسيم جزيرة العرب الكبرى، الى جزر صغرى: كجزيرة السنة والشيعة والامازيغ والكرد والدروز وغيرهم لتصب تلك الجزر الصغرى بجزيرة إسرائيل الكبرى، فلا تختلف لا خطة ولا خريطة لويس بيرنارد ولا بن غوريون عن خرائط خميني التي دعا فيها الى تقسيم العرب الى شيعة وسنة دون غيرهم من الكرد والتركمان! علما ان كل هذا تم تقنينه بدستور العراق عام 2005، من قبل إيران واليهودي نوح فريدمان، وهو ذات ما يحصل في لبنان وسوريا واليمن من تقسيم طائفي من أجل أن تصب تلك الطوائف بإمبراطورية بلاد فارس وإسرائيل، الكوبري.

 

الديموغرافيا المتحركة وأمن الطرق البرية-!

  تفيدنا الدراسات الميدانية للديموغرافية السياسية التطبيقية، بوجود متلازمة ما بين الامن الجيو-السياسي الخارجي والداخلي للسلطة والامن الاقتصادي والعسكري. وهي عناصر تعد من اهم مسوغات تغير الغلاف السكاني لصالح الصراع الدولي على ممرات التجارة العالمية البرية، ولعل الربط السككي للعراق وسوريا بإيران، كون هذه الدول غنية الثروات، مؤشر واضح البيان.  وعلى هذا المنوال، سيشكل الربط المائي بالبري- نظرا لأهميته- في حروب المياه التجارية المرشحة، من ميناء الفاو الى ميناء مبارك ومن الخليج العربي الى خليج هرمز حتى بحر الصين (9). هذا الامر، قد يستوجب ربط ميناء الفاو بالخليج والبحرين، الابيض والاحمر، المحاذيان للبنان وسوريا والسعودية واليمن لتصبح تلك الممرات قنوات تجارية دولية تمتد الى بحر قزوين وبحر الصين. اخذين بالاعتبار، ان مضيق هرمز وباب المندب بما فيها الطرق المارة عبر بحر قزوين وروسيا، يشكلان المجال الحيوي لأمريكا تجاه خصمها الاستراتيجي، الصين. لذلك تسعى امريكا الى محاصرة الصين بإيران، وإيران تحاول محاصرة امريكا بالدروع الديموغرافية للسيطرة على الطرق الاستراتيجية في العراق، عبر الطرق البرية والبحرية، في البصرة وديالى والانبار والموصل وتلعفر، وما لذلك من تداعيات على التنمية والامن الاقتصادي: الاروائي والغذائي العربي والإقليمي لتلك الدول. لذلك تحاول الادارة الامريكية والاسرائيلية والايرانية السيطرة على مناطق الذهب الاسود، النفط، والذهب الازرق، المياه والذهب الاخضر، الزراعة. لان السيطرة على النفط تعني السيطرة على الدولة، والسيطرة على المياه تعني السيطرة على بطون الشعوب المحتلة. هذا الامر يفرض علينا كاكاديميين، البحث عن مصادر الامن الاقتصادي الاستراتيجية وعلاقتها بتخادم الربط السككي الإيراني مع الإسرائيلي والامريكي والروسي بالمنطقة.

 

القطار الإيراني تهديد للأمن الاقتصادي العربي

تتنوع مصادر وموارد الامن الاقتصادي البرية بما فيها، الذهب الأسود والاخضر: النفط والزراعة. ناهيكم عن موارد الذهب الأزرق، المياه والبحار. فمن البديهي والحالة هذه، ان يشكل القطار الإيراني تهديدا لمصادر الامن الاقتصادي التالية:

1-   امن الطاقة والغاز: المشتعل في العراق والبحر الابيض بسوريا ولبنان وليبيا. (10)

3. امن الطرق والجسور: لغرض الهيمنة على هذه الطرق الاستراتيجية، تسعى امريكا الى ابعاد إيران عن "معبر القائم" البري العراقي لأهميته الاستراتيجية، والذي كان، حسب اعتقادنا، واحدة من أسباب مقتل قاسم سليماني، وزير المستعمرات الايرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان. فقد جاء مقتله بعد اقل من اسبوع من مشاركة إيران في المناورات العسكرية الروسية الصينية في بحر عمان والمحيط الهندي بتاريخ 27-12-2019.  لتلك الأهمية، والتي هي ربما واحدة من تلك الأسباب التي تحاول بها واشنطن إغلاق البوابة السورية العراقية الإيرانية في القائم (11). جراء ذلك، فان إيران من جانبها بدأت تبحث عن بديل لمعبر القائم البري، ربما وجدت ضالتها في السيطرة على مدينة سنجار التابعة لمحافظة الموصل، لكونها، تشكل خاصرة لخصمها الاستراتيجي تركيا، ونظرا لأهمية مدينة سنجار فقد تغلغلت اليها والى الموصل العديد من مليشيات الأحزاب الولائية تحت لافتة المكاتب الاقتصادية لتامين الامدادات المتوجهة الى الأراضي السورية وصولا الى مقر حزب الله في لبنان. لكن سيصبح الطريق سالكا بعد الانتهاء من الربط السككي الذي سيخلق خط تماس مباشر بين إيران والعراق وسوريا ومنها الى لبنان. والاهم من هذا وذاك، فان هدف امريكا وإيران السيطرة على معبر القائم ومنفذ سنجار هو السيطرة على الأحواض الرسوبية للنفط والغاز السوري بهضبة حلب، وأحواض الفرات والساحل، إلى جانب الهيمنة على مدن اللاذقية والقلمون لتكون جسرا بريا وبحريا إلى لبنان (12). ومن غير المستبعد-كما نرى-  كان الغرض من تدمير ميناء بيروت من قبل حزب الله الإيراني هو ان يصبح ميناء حيفا بديلا عنه. علما ان لإيران مصالح برية وبحرية مشتركة مع اسرائيل بشأن إعادة تشغيل خط النفط من كركوك الى بانياس- طرابلس- حيفا.  لذلك تسعى إيران ان يكون لها موطئ قدم بهذا الطريق البري والبحري لدول المثلث (التي تسمها بسمة طائفية). ومن غير المستبعد، فان لم يكن قد حصل لكنه سيحصل، وفقا لتفاهمات إيرانية إسرائيلية، سيما ان قطار إيران قد تزامن مع مد خطوط السكك الإسرائيلية، قطار المرج، ومشروع تقفي مسار إبراهيم (ع) بالمقابل مع انشاء قطار إيران وتقفي مسار سبايا الحسين(ع)!؟

 

استراتيجية قطارات إيران وإسرائيل نحو الدول العربية

 ان تتبع سهام العدو ترشدنا الى الهدف الحقيقي. ووفقا لذلك يتضح لنا البعد العملياتي الجيوسياسي والاقتصادي من أنشاء سكة حديد من قبل إيران وإسرائيل، من خلال مسار السكتين نحو الدول العربية! كما مبين في ادناه:

1.    قطار إسرائيل "قضبان السلام" نحو الدول العربية 2018!

يهدف مشروع سكة حديد "قضبان السلام" هذا الذي طرحه وزير خارجية (إسرائيل)الى ربط إسرائيل بالدول العربية، منذ عام 2018 بحجة "تعزيز السلام الإقليمي" كما جاء في بيان وزارة الخارجية (الإسرائيلية). واعتبر بيان الخارجية هذا المشروع، بانه مبادرة "خارقة" تهدف الى ربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج العربي من خلال مد سكك حديدية.. على امل ان تصبح إسرائيل كجسر بري، والأردن كمركز مواصلات إقليمي.. مشيرة الى انها "ستنقل في المستقبل ايضًا ركابا بين العراق وسوريا ولربط البحر الأبيض المتوسط غربًا... (13). وبعد فترة وجيزة من الإعلان عن تنفيذ مشروع قضبان السلام الإسرائيلي، باشرت إيران بتنفيذ مشروعها لربط العراق وسوريا ولبنان بخط سككي ايضا. علما ان المساران المستهدفان للدول العربية ينتهيان بـ (اسرائيل)!!

2.    قطار إيران نحو العراق ودول عربية 2020!

قلنا سابقا ونكرر القول، ان قطار السلام الإسرائيلي وقطار إيران، اللذان مسارهما نحو دول عربية محاذية للكيان!، سينتهيان بإسرائيل عبر بانياس- حيفا، عاجلا ام اجلا. إيران تريد ان يكون لها موطئ قدم بخارطة الشرق الجديدة وبخط سير نفط العراق برا وبحرا تجاه ميناء بانياس بسوريا وحيفا بالإسرائيل. ولتحقيق هذا المشروع، قامت إيران بالتحرك الميليشياوي على مدن:

 1.2. درعا والقنيطرة المحاذية لحدود إسرائيل

 حيث تشكل هذه المنطقة "بالنسبة لإيران منطقة مفتوحة على دمشق لا يمكن تأمينها ما لم تتم السيطرة على جزء كبير من أراضي "درعا والقنيطرة"، من جهة أخرى ستضع مشروع الربط السككي الإيراني في تماس مباشر مع الأردن، التي تشكل مع منطقة البقاع الغربي نصف قوس يحيط ب "إسرائيل" بما يضمن زيادة التأثير الإيراني على إسرائيل في الخارطة القادمة ". (15)

2.2. منطقة القلمون جسر العبور إلى لبنان، وهي تشكل أيضا جسرا لمشروع إيراني، بين العراق ولبنان، لكونها منطقة ممتدة من ريف دمشق الى حمص، التي تعد من أكثر المناطق التي شهدت عمليات تطهير. ونظرا لكون هذه المدن ذات كثافة سكانية (سنية) عالية، قامت إيران بتغير الغلاف السكاني فيها بعناصر ولائية، كي يكونوا بمثابة حرس حدود وخفر سواحل لها. 

 

نافلة القول يا قوم!

نحن اليوم لم نعد أمام تكهنات بل نحن أمام خطط محدد وان اختلفت اسمائها لكن هدفها الخميني الخامنائي واحد وموحد مع مشروع بن غوريون. وان كانت بوادر الخطط والمشايع "المقترحة" بدأت بالتحوّل إلى واقع تحت ذريعة المظلومية والتطرف الديني وحماية الأقليات. لكنها تبقى مشاريع وخطط شيطانية ايرانية صهيونية لتغير ديموغرافية وجغرافية المنطقة بطرد المواطنين وجذب المستوطنين الغرباء بخارطة جديدة. نحن على يقين كاكاديميين بان دوام الحال من المحال، وفقا لحقائق التاريخ وسنن الطبيعة، فلم يحدثنا التاريخ يوما بان الشعوب قد رحلت والمحتل قد بقي. لذلك ستبقى قرار ات الوطن المصيرية قرارات شعب لا قرار سلطة ولا قرارات محتل.

المصادر

ما هي عواقب خط السكك الحديدية بين إيران والعراق على المنطقة؟ (cfri-irak.com) 

أ.د. عبد السلام سبع الطائي، التقرير أعلاه، لمركز البحوث الفرنسي Centre Français de Recherche sur L'Iraq, Nov. 2023 حول العراق 2023. ترجم بتصرف من قبلي.

(2) الدكتور مثنى العبيدي، ربط إيران بالمتوسط مشروع سياسي وأوراق ضغط على حساب الدول العربية 2020, (araa.sa)

(3) برنارد لويس.. مهندس تقسيم الشرق الأوسط الذي كرمته إسرائيل وتركيا (al-ain.com)

A Strategy for Israel in the Nineteen Eighties.pdf (archive.org). p23(4)

ثم انظر

(5)عمر نجيب: مخطط تقسيم العراق في متاهات الصراع | رأي اليوم (raialyoum.com)

(6) وثيقة كيفونيم او وثيقة اوديد نيون والتي نشرت في عام 1982 بعنوان (خطة من اجل اسرائيل في الثمانينيات) (A Strategy for Israel - (rattibha.com)

(7) برنارد لويس.. مهندس تقسيم مصر إلى 5 دويلات (خرائط) (vetogate.com)

(8) Hakki Öcal From that map to this map | Daily Sabah، NOV2016

(9) سميرة رجب، الحرب القادمة... من بحر الصين الجنوبي إلى الخليج العرب

(10) سميرة رجب، الحرب القادمة... من بحر الصين الجنوبي إلى الخليج العربي!  

)11(لماذا ترغب أنقرة وأبو ظبي بإشراك العراق في الخط التجاري بينهما؟ | الخليج أونلاين (7) (alkhaleejonline.net)

(12) انطلاق أول مناورات بحرية بين إيران وروسيا والصين بالمحيط الهندي | أخبار DW عربية | أخبار عاجلة ووجهات نظر من جميع أنحاء العالم| DW | 27.12.2019

(12) عبد السلام الطائي: هذه أهمية معبر القائم البوكمال الحدودي بين العراق وسوريا - صوت الدار (soaldar.com)

"سكة حديد السلام".. محاولة إسرائيلية "خبيثة" لسرقة فكرة خط الحجاز (aa.com.tr (13)

 ثم انظر

 (14) بيان صحفي: مشروع خط سكة حديد حيفا – إربد الإقليمي مع كيان يهود | شؤون اقتصادية (wordpress.com)

 ، 2020

(15) التغيير الديمغرافي والطريق إلى سوريا المفيدة (alaalam.org)

 






الخميس ١٨ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. عبد السلام الطائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة