شبكة ذي قار
عـاجـل










موقف قومي مشرف

مهند أبو فلاح

 

ستة وأربعون سنة انقضت على الاجتياح الصهيوني الأول لجنوب لبنان في الرابع عشر من شهر آذار / مارس من سنة 1978 والذي شنه حكام تل أبيب على بلاد الأرز في أعقاب عملية فدائية نوعية نفذها أبطال المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي العربية المحتلة منذ سنة 1948 وتحديدا على الطريق الساحلي الرابط بين مديني حيفا وتل الربيع.

العملية النوعية التي نفذها فدائيون ينتمون إلى قوات العاصفة الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " أودت بحياة أكثر من 37 صهيونياً بحسب اعترافات العدو الغاصب وإصابة أكثر من 100 آخرين مما دفع الصهاينة إلى شن هجوم عسكري واسع النطاق على جنوب لبنان في عملية أطلقوا عليها تسمية "الليطاني" نسبةً إلى النهر الواقع إلى الشمال مباشرةً من مدينة صور في محاولة لإبعاد رجال المقاومة الفلسطينية عن المناطق الحدودية المتاخمة لشمالِ فلسطين المحتلة.

دفع العدو الغاشم بعشرات الآلاف من جنوده إلى جنوب لبنان تحت غطاء ناري كثيف من الغارات الجوية والقصف المدفعي العنيف لضرب معاقل المقاومة وقواعدها ولإجبار عناصرها على التراجع شمالاً بعيداً عن الحدود اللبنانية الفلسطينية، ووجهت قيادة المقاومة الفلسطينية ممثلة في زعماء منظمة التحرير النداءات الحارة للأمة العربية للتدخل عسكرياً ونجدة المقاومة ومساعدتها في مواجهة العدوان الصهيوني السافر، وجاء الرد مدوياً من عراق البعث الشرعي الأصيل.

أعلنت القيادة العراقية من بغداد فتح باب التطوع على مصراعيه أمام الشباب الراغبين في الالتحاق بقوات الثورة الفلسطينية في لبنان، وبادرت إلى ارسال المقاتلين المدربين إلى جنوب بلاد الأرز استجابة لنداء منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يقتصر الأمر على بضع عشرات أو مئات بل إن الآلاف المؤلفة من الشبان العراقيين والعرب انخرطوا في صفوف جبهة التحرير العربية التي كان فدائيوها الأبطال يشاركون مشاركة فاعلة مؤثرة في التصدي للعدوان الصهيوني رغم كل المعوقات التي وضعها النظام الحاكم في دمشق الفيحاء للحيلولة دون وصول المتطوعين إلى لبنان عبر الأراضي السورية من خلال المماطلة والتسويف في فتح معبر التنف الحدودي في وجههم.

وبعد جهد جهيد وعناء شديد وصل المقاتلون الأبطال إلى قلعة الشقيف - "البوفور" - أرنون في قضاء النبطية جنوبي لبنان المطلة على الجليل الأعلى ليشاركوا بكل ما أُوتوا من قوة في التصدي لجحافل الغزاة الصهاينة ويكبدوهم خسائر فادحة بالمعدات والأرواح.

لقد قدم العراق جمجمة العرب في حينها نموذجاً يحتذى به في الكيفية التي يجب أن يكون عليها الدعم والاسناد لشعب فلسطين وثورته الباسلة في سبيل تحريرها من براثن الصهاينة الغاصبين، ولم يكن هذا الموقف المشرف إلا تعبيراً صادقاً عن إيمان القيادة العراقية العميق النابع من أعماق الروح العربية الوثابة بالواجب القومي المقدس وهو الأمر الذي نفتقده الآن إلى حد بعيد في ظل العدوان الصهيوني الغاشم الذي يتعرض له أبناء شعبنا العربي الفلسطيني في قطاع غزة الباسل، فما أحوجنا إلى بعث هذا الشعور القومي النبيل في نفوس أبناء أمتنا المجيدة حكاماً ومحكومين في وقتنا الحاضر.




الاربعاء ١٠ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند أبو فلاح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة