شبكة ذي قار
عـاجـل










من النكبة إلى النكسة ... نكسات العرب تتوالى

علي العتيبي

 

منذ أن قررت بريطانيا وفرنسا تقاسم الاستعمار للوطن العربي في معاهدة سايكس بيكو وفق مخطط مرسوم غايته استغلال هذا الوطن ومنع تحقيق وحدته القومية وقرار بريطانيا وفق وعد بلفور المشؤوم بمنح فلسطين للصهاينة وجعل فلسطين تحت الاستعمار البريطاني، ولاحقاً الانتداب والعرب ليس لهم أي دور في الدفاع عن دينهم وأرضهم، ومن أبرز الأسباب أن الدولة العثمانية التي كانت تحكم بلاد العرب لم تبني للعرب استقلالية في اتخاذ قراراتهم، فلم نجد أي والي عربي حكم في قطره أو الولاية التي يعيش فيها بل جعلوا بلاد العرب مصدر تمويل، ولهذا انخرط بعض العرب للتعاون مع المستعمر الانكليزي الماكر، وحينما جاء وعد بلفور فإنه لم يأت من فراغ، بل في آخر خمسين سنة من الحكم العثماني قام اليهود بشراء المزيد من الأراضي الفلسطينية ليحصلوا على أكبر مساحة أرض من فلسطين من أجل الهجرة إليها والذي أقره مؤتمرهم المشؤوم، ولهذا السبب كانت الأمور مرسومة ومخطط لها فحينما صدر قرار التقسيم نجد أن نسبة أراضي اليهود بلغت 55 بالمئة من أراضي فلسطين وقرار التقسيم أعطى هذه النسبة للدولة اليهودية المقترحة في قرار التقسيم وجعل القدس معزولة على أساس أنها منطقة دينية، ومن حق كل الأديان أن تمارس طقوسها فيها والبقية أراضي للعرب الفلسطينيين، وكان قرار التقسيم قد صدر سنة 1947 والعرب في ضعف كون بعض الأقطار لا زالت ترزح تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي، ومن حصل على الاستقلال فهو تحت الهيمنة البريطانية، كون بريطانيا هي من صنعت هؤلاء الحكام وهم من يسيرون على نهجها.

وحصلت النكبة واحتلت فلسطين رغم وجود مقاومة شعبية وطنية وقومية وإسلامية خالصة تدافع عن مبادئ وعقيدة الإسلام وأرض العروبة والإسلام.

تم تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر القمة العربي الأول وكانت سيناء وغزة والضفة والقدس والجولان لم تحتل من قبل الصهاينة بعد، وطرح حينها الراحل أحمد الشقيري في المؤتمر أن تقوم الدول العربية التي تدير شؤون أراضي فلسطين بتسليمها إلى منظمة التحرير الفلسطينية لتكون انطلاقة التحرير منها من خلال تجنيد الفلسطينيين ومن يتطوع معهم للتحرير، وطلب من العرب الدعم العسكري والمالي والمعنوي ولكن حكام العرب تفرقت آراؤهم، فكان رأي أبو رقيبة رئيس تونس الموافقة على التقسيم ونترك أمر التحرير للفلسطينيين، ولهذا نرى الإعلام توحد ضد أبو رقيبة ووصفوه بالخائن، والبعض الآخر أراد عملاً عسكرياً عربياً لتحرير فلسطين، ولكن لم يحصل أي من الاقتراحات الثلاثة، وكان العرب يبنون آمالهم على هذا المؤتمر، وأن الأقطار العربية ستحرر فلسطين بضربة عسكرية ورغم توافر المعلومات الدقيقة حتى بموعد العدوان الصهيوني  إلا أن التقاعس وعدم الاهتمام والانشغال بتوافه الأمور فقد حصلت النكبة، وبدلاً من حرب التحرير الشاملة التي كان يأمل منها العرب خيراً لتحرير فلسطين فقد حصل العدوان الصهيوني واحتل جميع أراضي فلسطين ومعها الضفة والقدس والجولان وسيناء وغزة وكما يقول المثل العراقي: ( لاحظت برجيلها ولا خذت سيد علي) فلاهم حافظوا على أراضي فلسطين ولا أراضيهم ولاهم شنوا حرب التحرير.

فإذا كانت سنة 1947 هي سنة النكبة فإن الخامس من حزيران سنة 1967 هي سنة النكسة. ومن القوى الوطنية التي دعمت ونادت بتحرير فلسطين هو حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أرسل متطوعيه للدفاع عن فلسطين منذ سنة 1948 وشكل جبهة التحرير العربية والتي قدم فدائيوها أروع ملاحم البطولات ونفذوا عملياتهم داخل العمق الصهيوني ونتيجة لنكسة حزيران فقد تبنى البعث القيام بالثورة ليستلم السلطة ويكون هو المدافع عن قضية فلسطين والمتبني لتحريرها فكانت ثورة 17-30 تموز المجيدة عام 1968 أول رد على النكسة، ولأن أقوال البعث وأفعاله متطابقة وليس شعارات، في كما يقول المثل ( قول وفعل )،  وحينما حصلت حرب (التحرير) والتي تطلق عليها حرب التحريك عام 1973 لم يكن للعراق علم بعد، ولكن كانت مشاركته الطوعية سبباً في حماية دمشق من السقوط بيد الصهاينة، وحينما سيطر الجيش العراقي على الجبهة السورية رسم قادته الخطط العسكرية للهجوم وتحرير الجولان والأراضي الفلسطينية ولأن السياقات العسكرية تفرض عرضها على القيادة العسكرية التي تدير المعركة وهي القيادة السورية، وحينما اطلعت على الخطة كاملة ولأن حافظ أسد لم يكن يريد تحرير أي أرض بل يريد التواجد للابتزاز ولأن العراق كما قلنا قول وفعل وليس شعارات، فقد وافق حافظ أسد على قرار وقف اطلاق النار وأعطى الاوامر للجيش العراقي بالانسحاب وتسليم مواقعه للجيش السوري، ولكن لم تأت أي قطعات سورية للاستلام ولكن جاء الأمر منه بالانسحاب، فانسحب الجيش العراقي من المواقع إلى العراق، ولكن بقي من المتطوعين العراقيين وشكلوا قوات مواجهة شعبية لتحمي هذه الأراضي، ولهذا نسميها حرب التحريك وليس حرب التحرير لأنه بعدها كانت مفاوضات الكيلو101 بين السادات وكيسنجر،  ولهذا فإن العراق أرعب الصهاينة والامبريالية ومعهم الرجعية العربية فتكالبت المؤامرات الواحدة تلو الأخرى ولكن كان قرار السادات الذي خان بها القضية وزار تل أبيب ووقع معاهدة كامب ديفيد والتي لاقت رفضاً قاطعاً من الشعب المصري والعرب جميعاً فتم عقد مؤتمر قمة بغداد عام 1978 والذي رفض الزيارة وما ينتج عنها، وفي المؤتمر طرح موضوع شن الحرب ضد الكيان الصهيوني رداً على زيارة السادات كما طرحوه في مؤتمر القمة الأول، ولكن العراق طلب منهم مهلة سنتين حتى يحصل العرب على القدرة العسكرية لتحرير فلسطين، ومع الأسف أخذ الحضور نقل هذه المعلومة إلى أمريكا والصهاينة بأن العراق في خلال سنتين سيمتلك القنبلة النووية ويحارب الكيان الصهيوني، فتم خلع الشاه الذي رفض أن يحارب العراق وجاؤوا بخميني الذي تعهد لهم بشن الحرب على العراق، وحينما تجرع السم ووافق على وقف الحرب بدأت الصفحة الأخرى بالحرب ضد العراق بتحريك الأقزام ليحاربوا العراق اقتصادياً ثم اشعال الفتنة وما نتج عنها في حرب الكويت والتي تلتها المشاريع الاستسلامية والتي بدأت بتجييش جيوش العرب لتحارب العراق بحجة تحرير الكويت بينما هي لتدمير قوة العراق التي أراد بها تحرير فلسطين، وهم أضاعوها، وتمخضت حرب الكويت عن مؤتمر مدريد الذي شاركت به الدول العربية للتفاوض مع الكيان الصهيوني ومنها شروطهم على منظمة التحرير الفلسطينية بإلغاء مادة الكفاح المسلح من دستورهم وهذا ما تم، ومن يتخلى عن السلاح أمام مفاوض مسلح يكون موقفه ضعيفاً وهذا ما حصل، وجاءت اتفاقات أوسلو ومعاهدة القاهرة التي أدارها حسني مبارك لصالح الكيان الصهيوني، ولا ننسى فضيحته إعلامياً خلال التوقيع حينما خاطب ياسر عرفات بكلمة ( وقع يا ابن الكلب) ولاحقاً اتفاقية وادي عربة مع الأردن والمفاوضات مع سوريا في مدريد، والتي فشل فيها النظام السوري بالمطالبة بالجولان بعد عرض وثيقة موقعة من حافظ أسد حينما كان وزير للدفاع سنة 1967 وهو الذي سلم الجولان للكيان.

ثم جاء تشكيل السلطة الفلسطينية والتي لا تستطيع اتخاذ أي إجراء دون موافقة الكيان، وأصبحت فرقتين، واحدة في رام الله تحكمها منظمة التحرير والأخرى في غزة تحكمها حماس التي باعت نفسها لإيران وتنفذ أجندتها.

إذن نكسة حزيران هي بداية نكسات العرب وتآمرهم حتى على أنفسهم، فأضاعوا السد المنيع الذي كان ينادي ويعمل بجد لتحرير فلسطين فأشغلوه بمعارك جانبية لا تخدم الأمة بل دعموا أعداء العراق وحاربوا معهم وحرضوهم على احتلال العراق واسقاط نظامه الوطني حتى تخلى الساحة لهم لتقديم طاعتهم للكيان الصهيوني من خلال تحريك إيران وتهديدها للعرب حتى يكون الكيان الصهيوني حضناً لهم وتُنسى قضية فلسطين، فهل بعد هذا الضعف ضعف.

إن النكسات التي تعيشها الأمة لن تردع ولن تجابه إلا بسواعد الشباب المناضل الدي يحمل عقيدة تحرير كل الأراضي العربية، وهذا سيتم إذا ما قرن ذلك بمبدأ الكفاح المسلح الذي دوماً هو عامل مهم في النضال والتحرير شرط أن يكون عربياً خالصاً ولا ينفذ أجندة أحد غير تحرير أرض العرب في فلسطين والعراق والأحواز   وكل هذا يحمله فكر وعقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي التي لم ولن تتخلى عن القضية المركزية في فلسطين، وهذا ما نأمله ونعمل على تحقيقه والعون من الله ناصر المظلومين.






الثلاثاء ١٧ ذو القعــدة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / حـزيران / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة