شبكة ذي قار
عـاجـل










المتقاعدون

يطالبون بحقوقهم فيجابهون بالقتل والضرب والإهانة

علي العتيبي

 

 

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكْرامَ ذي الشَّيبةِ).

وقد خصَّ اللهُ عزَّ وجلَّ بعضاً مِن عِبادِه ببعضِ الصِّفاتِ الحَميدةِ، وجَعَل لهم حُقوقاً يَنبغي أنْ تُراعَى معهم، وفي هذا الحديثِ يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ مِنْ إجلالِ اللهِ"، أي: إنَّ مِن تَبْجيلِ اللهِ وتعظيمِه وأداءِ حَقِّه، "إكرامَ"، أي: تعظيمَ وتوقيرَ، "ذي الشَّيْبَةِ "، أي: الشَّيخِ الكَبيرِ في السِّنِّ.

وقد شرع الإسلام التقاعد لمن أفنى عمره في الخدمة، وسنت القوانين الوضعية حق التقاعد لذلك.

بعد الاحتلال عانى المتقاعدون من الظلم والتعسف من قبل الحكومات المتعاقبة التي نصبها المحتل باسم الديمقراطية، بينما لم نجد أي ديمقراطية، لأننا نرى نفس الوجوه، وكأننا في مكب نفايات يتم تدويرها، ورغم ذلك فقد شرعت هذه الحكومات قوانين خاصة للتقاعد منحت بموجبها الأموال والرواتب والتعويضات الخيالية لأتباعهم من العملاء، وكذلك منح أنفسهم رواتب وامتيازات لم يحصل عليها أكبر مسؤول في أي دولة أوروبية، ومن أجل التعمية أصدروا قانون للتقاعد سنة 2019، حيث نصت المادة 14 من قانون التقاعد الآتي:

يعاد احتساب الرواتب التقاعدية للمحالين على التقاعد قبل نفاذ هذا التعديل أو خلفهم أسوة بأقرانهم المشمولين بهذا القانون  بتاريخ نفاذه على أن لا يترتب أي أثر مادي للفترة السابقة.

ورغم وضوح هذه الفقرة إلا أن الهيئة العامة للتقاعد الوطنية لم تنفذ هذه الفقرة بحق المتقاعدين والذين شكلوا وفوداً لمقابلة رئيس الهيئة دون جدوى. 

ويوم أمس 19/3/2023 خرجت جموع المتقاعدين بتظاهرة أمام البرلمان وأمام الحكومة للمطالبة بحقوقهم، لكن جوبهت هذه التظاهرة بالقمع ما أدى إلى استشهاد أحد المتقاعدين وإصابة البعض الآخر إضافة إلى الضرب المبرح والتلفظ عليهم بكلمات نابية لا تنم عن وجود أخلاق لدى مطلقيها، علماً أن أغلب النواب وعدوا المتقاعدين بحل مشكلتهم، لكن بعد الانتخابات أصموا آذانهم وأغمضوا عيونهم وأغلقوا أفواههم لأن الهدف هو اذلال المتقاعدين الذين أفنوا أعمارهم لخدمة العراق العظيم  ولأن المتحكمين بالقرار هم ذيول وخدم للأجنبي وينفذون أجندته ومحاربة المتقاعدين إحدى المطالب التي تنفذها الأحزاب وميليشياتها وسلطتها ضدهم انتقاماً منهم لأنهم خدموا في ظل النظام الوطني سواء مدنيين أو عسكريين أو أجهزة أمنية لأن العملاء وعدوا جارة السوء إيران بأنهم سينتقمون من كل من وقف ضد إيران بحربها ضد العراق وهذا ما قاله نصاً المقبور عبد العزيز الحكيم حينما كان يشغل رئيس مجلس الحكم  لوزير خارجية إيران: ( لقد اتخذنا على عاتقنا الانتقام من كل من وقف ضد الجمهورية الإسلامية فرد عليه الوزير مبتسماً إن سماحة المرشد سيسر لسماع ذلك) وهكذا يتم الانتقام من كل من يطالب بحقوقه، فبعد اتهام المقاومين بالإرهاب وإعدامهم، ولاحقاً دعشنوا نصف العراق وانتقموا منهم شر انتقام وبعدها قتل وخطف وتغييب وجرح الآلاف من متظاهري تشرين جاء اليوم الدور على المتقاعدين والذين أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

فهل حكومات بعد الاحتلال تنتمي لدين الإسلام فعلاً، وهل هم عراقيون فعلاً؟ وهل هم يعرفون الحقوق والواجبات ابتداء من مسميات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب وأحزابهم وميليشياتهم وعصاباتهم، بالتأكيد أقولها جازماً إنهم بعيدون كل البعد عن مبادئ الإسلام ومبادئ الوطنية العراقية، وبعيدون كل البعد حتى عن الأعراف الاجتماعية، وقال العرب فاقد الشيء لا يعطيه، وهؤلاء فقدوا كل الشرف لأنهم أساسا خونة خانوا الوطن، فمن خان لا شرف له ولا غيرة.

ما ذنب كبار السن المتقاعدين اليوم لكي تواجههم أجهزة السلطة بهذه الأساليب الوحشية، ألم تتحرك الغيرة أثناء التعامل مع أناس هم بأعمار أجدادكم وليس آبائكم، فإذا كان تعاملكم مع ذوي الشيبة هكذا فكيف تتعاملون مع المواطن الفقير..

إن تصرفكم هذا يؤكد أنكم تتصرفون داخل بيوتكم بأبشع من هذه التصرفات، لأن الذي لا يحمل الغيرة على وطنه وشعبه فإنه فقدها حتى داخل بيته، ونخاطب هنا كل العناوين كما أسلفنا، الرئاسات الثلاثة والبرلمان والأحزاب وكل العملاء، وأين الصحافة ووكالات الأنباء التي كانت حاضرة ولم تصور ولم تنقل أي خبر أو مقطع في فضائياتها، أليس هذا واجبهم، أم تنقلوا فقط لمن يدفع، أو للابتزاز، أما المتقاعدون فهم أناس فقراء لا يملكون من حطام الدنيا إلا الراتب التقاعدي الذي لا يسد الرمق، ونرى الميزانية لم تتضمن رصد مبالغ لزيادة رواتبهم وفق القانون، بينما تم زيادة رواتب من لا يستحقون التقاعد، وأعطيتموهم راتب ضعف راتب المتقاعد العراقي وصرفتم رواتب لملايين الإيرانيين على حساب ميزانية العراق وبراتب ثلاث أضعاف راتب المتقاعد العراقي، فهل هذا انصاف للعراقي أم انتقام منه، فتباً لكم من حكومة ومن إعلام مسيس يخدم الأحزاب، أو من يدفع!

إن فضائحكم وفسادكم وسمعتكم أزكمت الأنوف بسبب رائحتها النتنة، واليوم ترتكبون جريمة بحق من قضى عمره لخدمة الوطن، وخدمة الواحد منهم بقدر أعماركم.

والآن نخاطب من يحمل ولو ذرة من الغيرة أين موقفكم ومتى تنصفون المتقاعدين وتطبقون القانون الذي منحهم الحق التقاعدي، أم تريدون أن يصبح المتقاعد لصاً مثلكم، وهذا محال، لأنهم حملوا الشرف ودافعوا عنه وعن وطنهم فهل تستطيعون رد الجميل لهم وإنصافهم؟






الثلاثاء ٢٩ شعبــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أذار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة