شبكة ذي قار
عـاجـل










أثر الصراع السوري والسلوك الطائفي العابر للحدود على الهوية الوطنية العراقية  - الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

تناولت في الحلقات العشرة الأخيرة  حقيقة الديمقراطية الأمريكية في العراق - ازمة طائفية عرقية وإرث من الإقصاء-الدور الذي لعبته الأحزاب والحركات والتيارات الإسلامية في اثارة النعرة الطائفية والمذهبية التي يراد منها انهاء مبعث المواطنة والوطنية لدى الشعب ، ومبرزا فيها السلوك الطائفي المقيت للأحزاب او التيارات او الحركات المتأسلمة  والتي توالي نظام الملالي في قم وطهران على حساب الامن الوطني القومي للعراق ، ولابد من الإشارة الى ان الصراع السوري والتوترات الطائفية في العراق عزز التضامن الطائفي العابر للحدود الوطنية  فقد انضم الكثير من المقاتلين العراقيين السنة والشيعة على حد سواء إلى صفوف ميليشيات تقاتل في سورية لصالح أو ضد نظام بشار الأسد وانتقل بعض الجهاديين السلفيين العراقيين الذين قاتلوا في العراق في السابق إلى سورية وتمكن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام  - داعش - من السيطرة على أجزاء من سورية مثل مدينة الرقة وريف الحسكة ودير الزور  ومناطق أخرى ، وأعلن أن هدفه هو إقامة دولة إسلامية في العراق والشام  ،  وشكلت الميليشيات المدعية اتباع منهج ال البيت  عليهم السلام  نسختها الجهادية الخاصة كتائب أبو الفضل العباس والنجباء  وحركة حزب الله العراق  وسيد الشهداء وثأر الله  ...  الخ ، التي انضمت إلى الجماعات شبه العسكرية الأخرى الموالية  لنظام  بشار الأسد والتي شملت مقاتلين سوريين ولبنانيين وإيرانيين تحت ذريعة الدفاع عن المقدسات ،  ويقول هؤلاء المتشددون إن من واجبهم الدفاع عن ضريح السيدة زينب في ريف دمشق  ،  واحتفلت ميلشية عصائب أهل الحق علناً بدورها في الدفاع عن الضريح وتم تنظيم جنازات علنية لقتلاهم في الصراع السوري  من أجل اظهار قوتهم وتأثيرهم القتالي  وهذا  استجابة لتوجهات  الحرس الثوري الإيراني الذي يشرف بالمباشر على فعاليات هذه الفصائل  ،  وهنا لابد من التأكيد بان التضامن الطائفي العابر للحدود يهدد مفهوم الهوية الوطنية بصورة متزايدة  في سوريا والعراق في ان واحد ،  في حين تبدو الأنظمة الإقليمية  وخاصة ايران مستعدة لاستخدام مثل هذا التضامن كأداة داخلية وخارجية ، بغض النظر عن آثاره التفكيكية  ، إن استمرار الانقسام بين السنة والشيعة في العراق هو نتيجة للفشل في البدء بعمليات ناجحة لبناء الدولة وللسياسة الإقصائية التي ميزت التاريخ الحديث العراق كدولة مستقلة ذات سيادة ودور مؤثر على مستوى المحيط العربي والإقليمي والعالمي   فقد أدى وجود بيئة مثيرة للنزاع وضعف المؤسّسات الحكومية ، وتأثيرات الإسلام السياسي  والتنافس الجيوسياسية ، إلى تقوية النزعة الطائفية في العراق خلال السنين التي أعقبت الغزو والاحتلالين 2003  كما فاقم تزايد الهجمات الإرهابية ضد المدنيين الشيعة وعمليات قوات الأمن العراقية في المناطق السنية خطر اندلاع صراع طائفي غير محدود يذكرنا بالحرب الأهلية في الفترة  2006  -  2007  والدور القذر الذي لعبه ابراهيم الجعفري في تأجيج ذلك عندما كان رئيسا لمجلس الوزراء  ، مع مرور الوقت تفاقمت التوترات في العراق  وكانت الحرب الأهلية هي محاولة من جانب مجموعة من الجهات الفاعلة  كحزب الدعوة  والمجلس الأعلى  وجيش المهدي  والفصائل الأخرى للمطالبة بالسيطرة على الدولة وتشكيل هويتها الطائفية المذهبية  بل ذهب اغلبهم الى ضرورة اعلان العراق كجمهورية إسلامية كإيران  وفي ظل ترسخ سلطة الدولة في أيدي الأحزاب والحركات والتيارات الولائية  ، يشعر السنة بأنهم يزدادون تهميشاً وأصبحوا أكثر تطرفاً تحت عنوان الدفاع عن النفس ومناطقهم وقد عزّز العديد من الإجراءات التي قامت بها الدولة حتى الآن هذا الشعور بدلاً من اتّباع مقاربة توحيدية ، إن معالجة مشاعر الاغتراب لدى السنة أمر بالغ الأهمية لتحقيق مزيد من الشرعية للنظام  والقانون والاستقرار للبلاد  ،  و من اجل ذلك  يحتاج العراق إلى اتّخاذ خطوات تتّسم بالصدقية لبناء الثقة وطمأنة الطوائف المختلفة حول مكانتها في الدولة من خلال خطة جدّية للمصالحة فالمعالجات الجزئية أو الانتقائية ، ولاسيّما تلك التي تهدف إلى تحقيق مصالح على المدى القصير ، لن تحقّق هذه المصالحة مصحوبة بتكتيكاته الانتخابية المتمثّلة باستغلال المشاعر الطائفية لتحقيق مآربه الخاصة ، أساساً جيداً للمصالحة الحقيقية  الأمر الذي يتطلّب بناء مؤسّسات تحمي حقوق المواطنين ومستوىً من توزيع السلطة يمنع المزيد من المركزية وشخصنة السياسة  ، و يحتاج العراق إلى اتّخاذ خطوات تتّسم بالصدقية لبناء الثقة وطمأنة الطوائف المختلفة حول مكانتها في الدولة من خلال خطة جدّية للمصالحة  ، ويتعيّن على الحكومات العراقية أيضاً أن ترسم خطاً واضحاً بين عمليات مكافحة الإرهاب وبين الحسابات السياسية  وعلى الحكومة أن تدرك أن الانتصار في الحرب ضد تنظيم داعش والجماعات المتطرفة يتطلّب القيام بجهد حقيقي لعزل هذه الجماعات ونزع الشرعية عن ادّعائها تمثيل اهل السنة والجماعة  ،  ولا تسهم جهود الدولة في الوقت الحالي سوى في تعزيز جاذبية هذه الجماعات من خلال استهداف السُنَّة على نطاق واسع جدا  ، وفي المدى الطويل يتعيّن على الحكومة العراقية أن تبذل جهوداً جادّة لردم الهوة بين الأغلبية الشيعية وبين الأقلية السنّية الكبيرة  ويجب أن ينصبَّ التركيز على المواطن العراقي بدلاً من الجماعات السياسية ويكمن أحد السبل المتاحة للقيام بذلك في الاستعاضة عن النظام الانتخابي الحالي ، الذي يفضّل المنافسة في الدوائر الانتخابية الكبيرة ، بآخر يقوم على أساس الدوائر الصغيرة وسوف يساعد هذا في إبراز الشواغل المحلية ويمكن أن ينتج ممثلين حقيقيين يمكن محاسبتهم من جانب دوائرهم المباشرة ، بدلاً من ممثلين يختارهم القادة السياسيون لتمثيل مصالح الأحزاب الطائفية الكبيرة...

 

يتبع في الحلقة الأخيرة                






السبت ٢٩ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة