شبكة ذي قار
عـاجـل










لعبة جديدة دخلت مرحلة التسويات الإقليمية في العراق.. كيف؟

د. أبا الحكم

 

 

منذ الاحتلال الامريكي للعراق وسيطرة إيران على مقدراته والشعب العراقي يعاني من شحة في الكهرباء، اضافة الى انعدام الصيانة والحاجة الملحة لتأهيل البنية التحتية لإنتاج الطاقة بصورة عامة.

ومن أجل استمرار إمدادات الكهرباء الايراني الى العراق عمدت إيران إلى:

1-  منع تطوير الطاقة في العراق على امتداد سنوات.

2-   ومنع الدول الأخرى من تطويرها وإعادة تأهيلها، وذلك لإبقاء احتكارها للسوق العراقية وبمبالغ خيالية وبالعملة الصعبة، إضافة إلى موارد أخرى..

هذا الواقع المؤلم استمر طويلاً وأنتج مافيات متعددة تعمل بين وزارة الكهرباء ووزارة النفط وجهات سلطوية عليا سياسية وميليشياوية.

والتساؤل هنا، لماذا يتجه العراق نحو شركات اقليمية طلباً للكهرباء بين فترة وأخرى ولتأهيل قطاع الطاقة؟ فقد تحركت حكومة بغداد على السعودية ومصر حين كانت تعيش في ذروة الاحتجاجات الشعبية العارمة التي عاشها العراق، بناء على توجيهات حكومة طهران لعملائها في بغداد للتفاوض مع السعودية ومصر حول الكهرباء، فيما تأمر ميليشياتها بعد انتهاء المفاوضات بعدم السماح لإقامة شبكات الكهرباء والتهديد بنسفها.. الأمر الذي يؤدي الى إنهاء الأمر، ليس لأن بغداد تريد استيراد الكهرباء من مصر او السعودية، إنما الغاية هي (امتصاص) غضب الشعب العراقي و (تنفيس) حالة الضغط التي تتعرض له حكومة العملاء في بغداد.. عندها لم يعد لمذكرات التفاهم الموقعة خلال المفاوضات من قيمة اعتبارية، حيث ينتهي حالها إلى سلة المهملات.

الآن ما الذي يحصل؟  بعد مخاض عسير وولادة حكومة متفق عليها لتمشية الأحوال الصعبة القابلة للانفجار الشعبي في أية لحظة والخوف من اتساع الانتفاضات في محافظات العراق الجنوبية والفرات الأوسط والعاصمة بغداد التي تغلي، اندفعت بغداد للتفتيش عن مخرج لمأزقها المزمن منذ عشرين عاماً من الاحتقان، فوجدت طريقها الى برلين/ المانيا، للتفاوض مع حكومتها وشركاتها المعنية بشؤون الكهرباء والطاقة بصورة عامة.. فهل كانت بغداد مدفوعة الى التفاوض مع المانيا وشركاتها بأمر من طهران؟ والجواب نعم.. وذلك لاعتبارات تتعلق بالحكومة الجديدة:

1-  إعطائها فسحة من الحركة (الاستقلالية).

2-  ترتيب إيراني لمرحلة جديدة أكثر اتساعاً لتشمل العلاقات الإيرانية - الروسية وتطويرها شريكاً (استراتيجياً).. وذلك بإقناع الروس على تقديم عرض لتأسيس الطاقة الكهربائية وتأهيل بنيتها التحتية في العراق، وقبول موسكو الطلب الإيراني على أساس أنه مضمون ما دام القرار في طهران ولا اعتراض عليه سياسياً وميليشياوياً في بغداد.

والتساؤل أيضاً، لماذا تسكت إيران على مفاوضات المانيا وتعترض وتعرقل مفاوضات مصر والسعودية والكويت بشأن الطاقة في العراق؟ والإجابة، هناك تحول في مجرى العلاقات الخارجية الايرانية، نتيجة لتفاقم الاوضاع الداخلية الايرانية من جهة، وتآكل النفوذ الايراني الخارجي في العراق وسوريا ولبنان واليمن وتراجعه في عموم المنطقة وبات النظام الايراني معزولا ومحاصراً.. والخطوة الايرانية باتجاه روسيا تأتي لدوافع يمكن تحديدها ب:

1-    تعزيز العلاقات الإيرانية - الروسية على مستوى تسويق التخادم المتبادل ورفعه الى المستوى (الاستراتيجي)، وذلك بتوسيع إمدادات المسيرات الايرانية والصواريخ البالستية متوسطة المدى في ضوء متطلبات الحرب الروسية- الاوكرانية وتداعياتها.

2-    التمهيد لتزويد روسيا إيران بمنظومة صواريخ (أس- 400) أو (أس- 300) مع طواقم خبراء.

3-    تعزيز الاقتصاد الايراني المتدهور، حيث بلغ التضخم ما بين (82.6) و (200) %، وبلغ التومان الايراني (42000) ألف تومان للدولار الوحد، وذلك بتوسيع حجم التبادل التجاري، وإغراء موسكو بالعملة الصعبة التي تمتصها طهران من البنك المركزي العراقي، الذي يبيع الدولار لرجالات الاحزاب الميليشياوية المتحكمة في العملية السياسية الاحتلالية المأزومة.

4-    إدخال روسيا شريكاً في عملية السلب والنهب في العراق.

5-    محاولة النظام الإيراني إيجاد توازن في فضائه الإقليمي الغارق أساساً في المشكلات والانقسامات والصراعات، والمثال: العراق ولبنان وسوريا على وجه الخصوص، واليمن له تداعياته الخاصة بطبيعة نزاعات بعض قبائله الموهومة بالحوثي.. فقاآني جاء الى العراق وفشل في تسوية الخلافات العميقة التي ترتبط بالانقسامات الحاصلة في الأجهزة الإيرانية (الحرس الإرهابي) و(ولجان ولي الفقيه الأيديولوجية).. الانقسامات في بنية النظام الايراني تتسع وتأخذ شكل شرخ عمودي من أعلى القمة حتى أسفل قاعدة النظام، فيما تتسع قاعدة الشعوب الايرانية لتأخذ شكل التأييد الأفقي- العمودي المؤيد للانتفاضة الشعبية الايرانية العارمة.

ماذا يفعل مساعد الرئيس الامريكي ومنسق البيت الابيض لشؤون الشرق الاوسط (بريت ماكغورك) مع المنسق الامريكي الخاص لأمن الطاقة (آموس هوشتاين) اللذين وصلا إلى بغداد يوم 16/01/2023، وماذا يفعل (قاأني) الذي وصل إلى بغداد أيضا؟

الربط واضح، ما يريده الإرهابي (قاآني)، هو تهدئة انقسامات الاحزاب والمليشيات الفارسية في العراق وكبح جماحها، لأنها باتت تشكل قلقاً بالغاً للنظام الايراني، الذي يحتاج إلى أوكسجين العراق (الدولارات).. فيما يأتي الربط واضحاً، ما يريده (بريت ماكغورك) للوقوف على حقيقة العرض الروسي ونية دخوله الى عالم الطاقة في العراق بوساطة إيرانية.

المنافسات الأمريكية الروسية تنتقل بزخمها إلى قلب الشرق الأوسط (العراق) وملامحها واضحة حيث يريد النظام الفارسي الإرهابي أن يجعل من ظهره جسراً لعبور الروس إلى عاصمة الرشيد.. فهل تنجح طهران؟، كلا، لن تنجح، ليس بسبب رفض الأمريكان، إنما إرادة الشعب العراقي الذي استكمل يقظته من البصرة الباسلة والناصرية المنتصرة والعمارة الصامدة والكوت الرافضة للظلم والنجف وكربلاء الرافضة للعبودية الأيديولوجية الفارسية صعوداً إلى بغداد العاصمة حيث غرب العراق المقاوم وشماله الذي لا يستكين على ضيم العملاء.

 

 






الجمعة ٢٨ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة