شبكة ذي قار
عـاجـل










في الاتجاه المعاكس

مهند أبو فلاح

 

” إذا كنا مصممين على إعادة بناء النضال العربي على أسس ثورية جديدة تتجاوز أخطاء الماضي و عيوبه، فيجب أن يعرف الحزبيون وجماهير الشعب الحقائق، لأن معرفة الحقائق هي المدخل الطبيعي لتصحيح المرحلة السابقة والتحضير لبداية سليمة. "مقتطفات من رسالة القائد المؤسس الأستاذ أحمد ميشيل عفلق رحمه الله تعالى إلى رفاقه التي بعث بها من منفاه في البرازيل في حزيران / يونيو من العام ١٩٦٧ في أعقاب العدوان الغاشم الذي تعرضت له أمتنا العربية المجيدة حاملة لواء رسالة الإسلام الخالدة المتجددة.

تعرض التيار القومي العربي بعامة وحزب البعث العربي الاشتراكي في طليعته بخاصة إلى حملات تشويه مسعورة على يد كثير من الأبواق الإعلامية المأجورة خلال السنوات القليلة الماضية في أعقاب اندلاع شرارات الثورات الشعبية في العديد من الأقطار العربية ضد أنظمة الحكم الديكتاتورية العميلة هنا وهناك على امتداد الرقعة الجغرافية للوطن العربي الكبير لاسيما في القطر العربي السوري الذي تحكمه العصابة الأسدية المجرمة التي انتحلت هوية العروبة والقومية زوراً وبهتاناً.

الحملات المغرضة الموجهة ضد القومية العربية انساق وراءها العديد من عامة الناس البسطاء وأنصاف المثقفين وأرباعهم من أصحاب الوعي المشوه استناداً لتوهمهم بأن هذه الأنظمة التي تمارس القمع والإرهاب بحق أبناء شعبنا العربي الحر الأبي وفي مقدمتها النظام الحاكم في دمشق هي عروبية حتى النخاع، رغم أن تحالف هذا النظام مع القوى الشعوبية الطائفية وعلى رأسها تلك الفارسية الخمينية ضد العراق العظيم في قادسية صدام المجيدة أولاً ثم مع التحالف الامبريالي الانجلو — أمريكي ثانياً في أم المعارك كفيلة بتبديد هذه الأوهام العالقة في أذهان تلك الشريحة الكبيرة من مجتمعنا العربي.

إن ما يتعرض له القوميون العرب الصادقون في انتمائهم لأمتهم اليوم من محنة مريرة شبيه إلى حد بعيد بما تعرض له أسلافهم قبل عدة عقود خلت بعيد هزيمة الخامس من حزيران / يونيو من العام ١٩٦٧ عندما تعالت الأصوات النابحة من تلك القوى الظلامية الرجعية القائلة إن هذه الكارثة كشفت عن إفلاس القومية العربية وفشلها الذريع استناداً إلى الشعارات التي رفعتها تلك الأنظمة كذباً ورياءً قبل حدوث تلك النكسة، وهذا الأمر جعل الدفاع عن الفكر القومي العربي بمثابة تجديف بعكس التيار الشعبي السائد، وسير في الاتجاه المعاكس.

السير في الاتجاه المعاكس مهمة تكاد تكون عسيرة جداً وشاقة للغاية، إلا أنها غير مستحيلة إذا ما زودنا الجماهير بالحقائق التي ندمغ بها أراجيف الباطل فنزهقه كما دعا إلى ذلك القائد المؤسس،، وهذا لا يمكن أن يتحقق فعلياً على أرض الواقع إلا بكشف النقاب عن الوجه الشيطاني الحقيقي الخبيث لتلك الأنظمة الفاشية المتسترة بثوب العروبة الطهور والتي ساهمت في صناعة هزيمة سنة١٩٦٧ وما زالت تتشدق بين الفينة والأخرى بشعارات القومية متى ما كان ذلك موافقاً لتعليمات واملاءات تلك الجهات الخارجية الراغبة في اضعاف الشعور القومي لدى أبناء أمتنا المجيدة.

تعرية الأنظمة الرسمية العربية في دول المواجهة المعنية بالمقام الأول بنكسة   ١٩٦٧ عبر بيان مواقفها من حزب البعث العربي الاشتراكي ومؤسسه الرفيق ميشيل عفلق خلال حقبة الستينات ما قبل كارثة حزيران هو الطريق القويم إلى دحض كل المزاعم والافتراءات بحق العروبة، ونقطة البداية المناسبة لهذه المهمة العسيرة  .

البداية ستكون مع مؤامرة أشار إليها القائد المؤسس في خطابه بتاريخ  ١٨ / ١ / ١٩٦٦ حمل عنوان " النضال ضد تشويه الحزب" كشف النقاب خلاله عن خطة جهنمية أعدت لمنعه من الذهاب إلى الجزائر عام ١٩٦٤ في عهد الرئيس الراحل أحمد بن بله الذي كانت تربطه صلات وثيقة بالزعيم جمال عبد الناصر . ففي الوقت الذي كان يمنع فيه المنظر الأول للقومية العربية خريج جامعة السوربون في باريس المتخصص في تاريخ الأديان المقارن والذي قدم ربطاً منطقياً محكماً للعلاقة الجدلية بين العروبة والإسلام وصيغة توفيقية لا يشق لها غبار بين العلم والإيمان، ناهيك عن براعته الجمع بين الثقافة العربية الإسلامية ونظيرتها الفرانكفونية الفرنسية من دخول بلد المليون ونصف مليون شهيد.

وفي سورية مهد البعث فمن ذا الذي يجهل أن عصابة اللجنة العسكرية الطائفية المجرمة التي استولت على الحكم في دمشق بقوة سلاح الخيانة والغدر في الردة الشباطية سنة ١٩٦٦ وسلمت الجولان لاحقاً، ألقت القبض على القيادة التاريخية الشرعية للحزب وشردت من شردت منهم في منافي الأرض وأصقاعها، وعلى رأسهم مؤسس البعث الرفيق ميشيل عفلق الذي أصدرت بحقه حكماً بالإعدام غيابياً، قبل أن تسلم الجولان قلب بلاد الشام النابض إلى الكيان الصهيوني على طبق من ذهب، ثم يأتي بعد ذلك كله من يدعي أن ما حدث في حزيران يونيو ١٩٦٧ كان هزيمة للقومية العربية! وأن هذه الأنظمة التي تسوم شعوبها سوء العذاب الآن تنتمي بأي حال من الأحوال إلى العروبة بأدنى رابطة أو صلة.

 






الاحد ١٢ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند أبو فلاح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة