شبكة ذي قار
عـاجـل










ضربة معلم

 

مهند أبو فلاح

كاتب وباحث عربي من القطر الاردني

 

تتعرض بعض المحطات المضيئة والمشرقة في تاريخ الأمة العربية المعاصر للتعتيم الإعلامي رغم ما تنطوي عليه من دلالات هامة لجهة رفع الروح المعنوية للمواطن العربي في مراحل يسود فيها اليأس والإحباط .

 

اليوم تعود بنا الذاكرة إلى الوراء خمسة وثلاثين عاماً وتحديداً إلى السابع عشر من أيار / مايو من العام 1987 حينما تمكن صقور القوة الجوية العراقية البطلة في خضم قادسية صدام المجيدة من توجيه ضربة نوعية مؤثرة إلى إحدى أهم القطع الحربية البحرية التابعة للأسطول الأمريكي الخامس في عُرض مياه الخليج العربي في خضم قادسية صدّام المجيدة .

 

القطعة الحربية الأمريكية المعنية بحديثنا هذا هي الفرقاطة البحرية  يو اس اس ستارك و التي يبلغ طولها ١٣٨ متراً والتي كانت تقوم بمهام عسكرية في مياه الخليج العربي وعلى متنها المئات من عناصر سلاح البحرية للولايات المتحدة والتي قامت بتكثيف وجودها في مياه الخليج بحجة التصدي للاعتداءات الإيرانية المتكررة على ناقلات النفط الكويتية والسعودية .

 

القيادة العراقية كانت تدرك حجم النفاق والكذب الذي تسوقه الولايات المتحدة الأمريكية كمبرر علني لتكثيف تواجدها في مياه الخليج العربي و مدى التواطؤ الفعلي بين إدارة رونالد ريجان الرئيس الجمهوري الأمريكي الأسبق الذي وصل إلى سدة الحكم في البيت الأبيض بواشنطن ونظام الملالي الحاكم في طهران والصفقات القذرة التي أبرمت بين الطرفين من تحت الطاولة، كما يقال لإنهاء قضية الرهائن المحتجزين في السفارة الأمريكية بطهران أولاً أواخر العام 1980 ثم صفقة إيران - جيت أو ما تسمى بإيران - كونترا في العام 1985 و ما ترتب على ذلك من تقديم أسلحة نوعية أمريكية الصنع عبر الكيان الصهيوني لحكام طهران لإطالة أمد عدوانهم الغاشم على عراق البعث الشرعي الأصيل تحت حجة ممجوجة ألا وهي إطلاق سراح الرهائن الغربيين المختطفين في لبنان على يد الميلشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني، ناهيك عن تقديم الولايات المتحدة معلومات استخباراتية من خلال صور الأقمار الصناعية لحكام طهران ساعدتهم في هجومهم الغادر على شبه جزيرة الفاو العراقية واحتلالها في شهر شباط / فبراير من العام 1986، لذلك كان لا بد للرد العراقي أن يتناسب مع لؤم وخبث الإدارة الأمريكية ودهائها، وهذا ما تم بالفعل على أرض الواقع في أيار /مايو من العام 1987.

 

ضربة معلم ظاهرها عن طريق الخطأ كما هو معلن، وباطنها الرد على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، إذ قامت طائرة مقاتلة عراقية فرنسية الصنع من طراز ميراج اف - 1 بإطلاق صاروخين، لا واحد، على الفرقاطة الأمريكية يو اس اس ستارك المبحرة في عرض الخليج العربي بحجة أنها قد ظنتها قطعة بحرية إيرانية معادية مما أسفر عن مصرع 37 ملاحاً بحرياً أمريكياً باعتراف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وإصابة العشرات منهم.

 

العراق العظيم اعترف بمسؤوليته عن هذه الحادثة، ولكنه قال إنها وقعت عن طريق الخطأ، ولكن الغاية من الهجوم تحققت وهي الانتقام من دور الولايات المتحدة القذر في دعم النظام الإيراني وإطالة أمد الحرب العدوانية التي شنها حكام طهران على جمجمة العرب، وأدركت واشنطن جيداً أن القيادة العراقية ليست بهذه السذاجة حتى تنطلي عليها الألاعيب من قبيل صفقات السلاح مقابل الرهائن هنا وهناك في طهران ولبنان.






الخميس ١٨ شــوال ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أيــار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند أبو فلاح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة