شبكة ذي قار
عـاجـل










الادبيات التي تناولت الوجود الامبراطوري الفارسي قديما والإيراني حاليا" في المنطقة عبر المراحل التاريخية بينت وجود جدل دائم حول هذا الوجود ، وعلاقاته بدول الجوار القريب منها والبعيد ، وقد يكون الثابت فقط في قراءة الوجود الإيراني هو وجود مستوي معين من العداء والتنافس مع كل ما هو عربي بشكل عام وللعراق علي نحو خاص ، فعبر حقب تاريخية متواصلة كانت ايران تتحين الفرص لاحتلال العراق أو على الأقل محاولة السيطرة عليه وتقييد حرية حركته وارتباط ذلك بحالة القوة والضعف للدولة العراقية ، وقد حدث هذا عبر العصور السومرية والأكدية والبابلية والآشورية ، وامتداداً الى فترة الدولة الإسلامية وحتى الخلافة العثمانية ظلت طموحات الدولة الفارسية عامة وعلى وجه الخصوص الحكم الصفوي قائمة من أجل استعادة أمجادهم القديمة ما قبل سقوط الإمبراطورية الفارسية على يد العرب المسلمين في القادسية الأولى ومعركة فتج الفتوح - نهاوند - ، واقتصر دورهم في ذلك الوقت نتيجة لقوة الدولة العربية الإسلامية علي زرع الفتن والكراهية بين العرب والتحريض ضد الدولة العربية الإسلامية ومحاولة اختراق المواقع العليا فيها ونشر الفساد ، وتطور هذا الموقف من الدور التحريضي الى الدور الاستحواذ من خلال صراع واضح مع الخلفاء العباسيين والامبراطورية العثمانية من أجل الاستحواذ على العراق ، ومن أهم التحركات الفارسية - الإيرانية - نحو العراق على مر هذه الفترات التاريخية ، الاستعداد الإيراني للتقارب أو التحالف مع غير المسلمين من أجل القضاء على قوة الدولة الإسلامية ، ويكفي أن نشير إلي الدور الذي لعبته ايران في عهود سابقة لإدخال قوي الاستعمار الي منطقة الخليج والتمهيد لوجوده من خلال عقد تحالفات عسكرية واتفاقيات تجارية مع البرتغاليين والهولنديين والإنجليز ، أيضاً من بين الملامح المهمة للجوار الإيراني للعراق عبر المراحل التاريخية السابقة ، هو عدم التزامها بالاتفاقيات التي ترسم الحدود بينها وبين العراق معاهدات {{ أما سيا عام ١٥٥٥ ، ومعاهدة ١٥٩٠ ، ومعاهدة سيرات ١٦١٨ ، ومعاهدة زهاب ١٦٣٩ التي بموجبها بقي شط العرب للعراق وهي من أهم المعاهدات الحدودية بين العراق وإيران ، ثم معاهدة كردن ١٧٤٦ ، ومعاهدة أرض روم الأولى ١٨٢٣ والثانية ١٨٤٧ }} واستمراراً لهذه العلاقة الجدلية ما بين ايران والعراق في العصر الحديث ، فظلت ايران تمارس ضغوطاً على الحكومات العراقية المتتالية منذ أن تأسست الدولة العراقية في عام ١٩٢١ ، من أجل التنازل عن بعض الأراضي العراقية لصالح ايران ، والتي كان منها ما تم في عام ١٩٣٧ من تنازل عراقي جعل منتصف شط العرب خطاً للحدود بين البلدين ، لكن رغم ذلك وارتباطاً بالأطماع الإيرانية غير المحدودة طالبت ايران لاحقاً بكامل شط العرب حيث قامت بإلغاء اتفاقية ارض روم الثانية ومعاهدات عام ١٩١١ و ١٩١٣ و ١٩١٤ مما دفع العراق إلى تقديم شكوي إلي عصبة الأمم في حينه ، وهو النزاع الذي انتهي بتوقيع الجانبين على معاهدة ١٩٣٧ التي حصلت فيها ايران علي مساحات جديدة من ارض العراق من خلال تحالف إيراني مع بريطانيا في ذلك الوقت ولم تكتفي ايران بهذا بل عمدت على تهديد الاستقرار الداخلي في العراق ، من خلال تحريض الاكراد على التمرد على الحكومة من خلال إمدادهم بالمال والسلاح ، وخلال هذه الفترة وما تلاها استمر المتغير وهو التحالف الإيراني مع بعض الأطراف الدولية على مصالح الدولة العراقية ، وكان واضحاً في حينه العلاقات المتميزة التي نشأت ما بين ايران والكيان الصهيوني (( إسرائيل )) ، وكان الهدف الإيراني هو الضغط على الحكومة العراقية لتقديم تنازلات جديدة بما يتعلق بمسألة الحدود ، وبالفعل ما حدث من خلال اتفاقية الجزائر عام ١٩٧٥ لتحديد الحدود النهرية بشط العرب حسب خط - التالوج - مقابل تعهد ايران بغلق حدودها في وجه الاكراد ، ورغم الاتفاقيات أعلاه التي أدت إلى استعادة العلاقات بين العراق وايران استمرت ايران في تكثيف نفوذها داخل العراق ، من خلال إغراق المدن العراقية بالزائرين الإيرانيين للمراقد في بغداد وكربلاء والنجف وسامراء علاوة على بعض الادوار المخربة للاقتصاد العراقي ويمكن القول أن حدوث المتغير المعد مخابراتيا مسبقا في ايران تحت عنوان - الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩ - كانت نقطة تحول جديدة في التوجهات الإيرانية نحو دول الجوار بشكل عام ونحو العراق بوجه خاص من خلال شعارهم سيء الصيت - تصدير الثورة الإسلامية - والتأكيد على فارسية الخليج العربي والتمسك باحتلال ايران الشاهنشاهية للجزر العربية الثلاث { طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى } ، وما تبع ذلك من مرحلة جديدة من مراحل الصراع الإيراني العراقي من خلال التدخل بالشأن العراقي الداخلي والتحريض على الأفعال الإرهابية كحادثة الجامعة المستنصرية واستهداف موكب تشيع الشهداء من طلبة الجامعة واستهداف وزارة الاعلام ، وبناية وكالة الانباء العراقية ، واستهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون في الصالحية ، واستهداف بناية وزارة التخطيط واستهداف مبنى السفارة العراقية في بيروت .. الخ والذي وصل الى أشده في الفترة من ١٩٨٠ - ١٩٨٨ ، هذه الفترة من فترات الصراع كانت بداية لتأسيس بعض الأدوات الإيرانية من خلال مؤسسات سياسية وعسكرية - كالتوابين من الاسرى العراقيين واللذين كانوا نواة فيلق غدر ( بدر ) الذي اوكل اليه من قبل خميني مقاتلة الجيش العراقي في اكثر من موقع والقيام بالتعرض على قوافل الجنود المجازين وخاصه ضمن قاطع ميسان لسلب مبالغهم واخذهم اسرى لإيران - للتحرك لتنفيذ اهداف ما يسمى بالثورة الإسلامية ، والعمل على تصديرها الى العراق وباقي دول الخليج من خلال قلب أنظمة الحكم وتشكيل أنظمة جديدة تدور في فلك ايران وتدين بالولاء والطاعة لسلطة الولي الفقيهة ، وفي هذا الاطار تم تأسيس ما يعرف بالحرس الثوري الإيراني بشقيه الخارجي الذي انيطت به مهمة إيجاد موطئ القدم لتحقيق الأهداف المرسومة والداخلي الموكل اليه تصفية المناوئين لنظام الملالي ، واللذان لعبا دوراً مهماً في إدارة الصراع الإيراني مع العراق خاصة بعد عام ١٩٩١ من خلال إدخال الالاف من المنتمين الى الحرس الثوري الى العراق ومحاولة تجنيد بعض العراقيين للعمل في فيلق بدر وغيره في محافظات البصرة وميسان وواسط وذي قار وهذه العناصر استطاعت أن تقوم بعدد كبير من العمليات العسكرية كالقتل وتخريب الدوائر الحكومية ومما لاشك فيه أن الاحتلال الامبريا صهيوني للعراق في عام ٢٠٠٣ كان للنظام الإيراني دورا مهما وفاعلا

يتبع بالحلقة الثالثة





الاربعاء ١٩ ربيع الثاني ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / تشرين الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة