شبكة ذي قار
عـاجـل










يقول رب العزة و الجلال في محكم تنزيله العربي المجيد : - { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } سورة آل عمران - الآية ١٩٩.

في الثالث و العشرين من حزيران / يونيو الماضي حلت الذكرى السنوية الثانية و الثلاثين لرحيل شخصية عربية سورية أبلت بلاءً حسنا ليس في مقارعة الصهيونية العالمية فحسب و التي نال شرف منازلتها فوق ثرى فلسطين الحبيبة في العام ١٩٤٨ دفاعا عن عروبتها تحت لواء المجاهد العربي السوري فوزي القاوقجي رحمه الله تعالى قائد جيش الانقاذ الذي حط رحاله في بلدة جبع الى الجنوب من جنين القسّام بل و في مجابهة الطغمة الاسدية المجرمة أيضا فقد تجرع مرارة المنفى بعيدا عن أرض الوطن الام لعقود من الزمن أسوة بكثيرين من أبناء سورية العربية الابية الذين كابدوا مرارة الحرمان من أهلهم و ديارهم على يد هذه الطغمة الفاشية المجرمة ، و لم يقتصر الامر على ذلك بل تعداه إلى إصدار الحكم عليه بالاعدام غيابيا في العام ١٩٧١ من قبل النظام الحاكم في دمشق الفيحاء.

إصدار الحكم بالاعدام غيابيا بحق هذا الفارس الشامي الأصيل إبن حي الميدان الثوري العريق ، يعد وصمة عار أخرى في جبين حافظ أسد الهالك المقبور العدو اللدود لفقيدنا الراحل ، حيث يقول عن ذلك باتريك سيل الصحفي البريطاني الجنسية مؤلف كتاب " الأسد - الصراع على الشرق الاوسط " : - ( بدأ الاسد عهده بالعمل على توطيد دعائم حكمه و ضمان مكانته العليا في البعث عبر تدمير ما تبقى من جاذبية لمؤسس الحزب شخصيا ، فعقد محاكمة له و لمائة من انصاره خلال الفترة الممتدة بين شهري كانون ثاني / يناير و آب / أغسطس ١٩٧١ قبل أن تصدر هذه المحكمة حكما بالاعدام غيابيا على هذا الرجل بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم في سورية بالتعاون و الإشتراك مع العراق !!!!!و كانت تلك المحاكمة أشد إنذارا يوجهه حافظ الاسد إلى خصومه بأنه لن يتهاون و لن يتسامح اطلاقا مع اي ولاء لعفلق داخل صفوف البعث ) !!!

نعم أيها القراء الاعزاء إن فارسنا إبن دمشق الذي نتحدث عنه هو الاستاذ أحمد ميشيل عفلق رحمه الله تعالى مؤسس حزب البعث ، و الذي كان حافظ أسد يكن له نفورا عميقا و كرها بغيضا بحسب ما أورده سيل ايضا في كتابه الآنف الذكر أعلاه ، فقد أقر عدو الله و الشعب لهذا الصحفي الضليع بشؤون سورية بأنه و أقرانه من شياطين اللجنة العسكرية لم يكونوا يحبون الاستاذ عفلق و لا يحبون افكاره و بالرغم من ذلك اصروا على انتزاع السيطرة على الحزب منه او بالاحرى اختطافه من حضن الشرعية التاريخية !!!!!!!

و الله الذي لا إله إلا هو إن هذه لمفارقة قل نظيرها ليس في تاريخنا العربي المعاصر فحسب بل في تاريخ البشرية جمعاء ، و هذا يدفعنا للتساؤل و بقوة عن ماهية الدافع الذي جعل هذه الشرذمة تقدم على فعلتها النكراء هذه بحق حزب البعث ؟ و للامانة و الانصاف فإننا لا نجد اجابة موضوعية منطقية على هذا السؤال أوضح من تلك التي قدمها الاستاذ عفلق نفسه عبر كلمة القاها خلال اجتماع له مع كوادر الحزب في دمشق الفيحاء بتاريخ ١٨ - ١ - ١٩٦٦ حيث يقول : - " إن يداً أجنبية قد امتدت إلى هذا الحزب، فلنحكم ضمائرنا : إن من غير المعقول أن يزيف هذا الحزب .. والى هذا الحد بأيدٍ عربية ، لقد تبدلت صورة هذا الحزب وتبدلت نفسية أعضائه وإذا كان التعميم غير جائز فان هذا يصح على الكثيرين .. تبدلت معالم هذا الحزب لا بل بُدلت وفق مخططات وتصميم وعمل دائب، حتى يتحول هذا الحزب في عقيدته وفي سياسته وفي تنظيمه وفي أخلاقيته، وزيادة في التضليل وفي الإجرام بحق الأمة العربية احتفظ باسم الحزب .. ، فكيف نصدق بان هذا هو حزب البعث وبأنه لم يشوه ولم توضع المخططات لتبديله لا كرهاً بالقادة وإنما بناء على خطة جهنمية لضرب قضية الشعب العربي .. فبتفكك هذا الحزب والإساءة إلى ماضيه وتراثه النضالي تضرب قضية الشعب العربي وهذا هدف الاستعمار ".

راحلنا الكبير و الحال كهذا لم يقف مكتوف الايدي امام هذه المؤامرة الشيطانية الكبرى بل أطلقها مدوية مجلجلة لتكون عنوانا و نبراسا لنضال الاحرار و الشرفاء من أبناء البعث المخلصين إلى يوم الدين محملا إياهم المسؤولية التاريخية في التصدي لهذا الفعل الاجرامي المشين إذ قال في معرض حديثه ذاته " ولكننا أقوى منهم بالكلمة الحقة الصريحة، وبالعمل الصادق، وبالتضحية والتجرد نفضح هذه الألاعيب وهذا التآمر ، يكفي أن يبقى أفراد قلائل في هذا الحزب لهم الشجاعة بان يصمدوا ويرفضوا الموافقة على التسلط وعلى التزييف ويرفضوا السكوت عن الإجرام .. يكفي أن يبقى أفراد من هؤلاء فلا يموت الحزب.ولا تنطفئ، حقيقته لان رجلا صادقاً يستطيع أن يهزم المئات من المفترين الكاذبين "

إنّ الكلمات لتعجز عن وصف عطاء هذا الرجل غير المحدود لوطنه و أمته المجيدة ، و لا نجد في هذا السياق كلاما أبلغ و ادق مما جادت به قريحة رفيقنا المناضل الشهيد القائد صدام حسين رحمه الله تعالى في معرض حديثه راثيا مؤبنا رفيقنا القائد المؤسس غفر الله لنا و له إذ يقول : - ( " ما يجمعنا على هذا التكريم هو الوفاء للرجل الذي استطاع أن يحسم مرحلة تاريخية بكاملها لصالح النهضة بما قدمه للأمة من زاد فكري ومن مواقف نضالية جسدت في اقسى ظروف الأمة اقوى معاني الصمود وأنبل معاني التضحية واﻻلتزام المبدئى والخلقي النادر المثال واﻻفق اﻻنساني والحضاري للنضال القومي والمستوى التاريخي للقيادة هذا الرجل الذي كانت حياته خطآ مستقيمآ واضحآ ثابتآ والذي احتفظ بارادة حديدية وصﻻبة تاريخية امام الظروف الصعبة وبصفاء فكري قل نظيره وناضل وصبر فقد كان على رأس مقاتلي البعث في فلسطين عام ١٩٤٨ وعلى راس قيادة النضال الوطني ضد الدكتاتوريات العسكرية في سوريا وضد اﻻحﻻف اﻻستعمارية وكان البطل الوحدوي بين عام ١٩٥٦ و١٩٥٨ وكان في مقدمة المناضلين ضد مؤامرة اﻻنفصال و هو الذي وقف في وجه اﻻنفصالية الجديدة التي انحرفت بسوريا عن خطها القومي وتآمرت على الحزب ، هذا هو القائد المؤسس الذي بادله العراق حبآ بحب ووفاء بوفاء فارض بغداد وهي تضم جسده الطاهر إنما تنوب اليوم عن جميع اﻻرض العربية وبخاصة دمشق ، دمشق التي فرض عليها تناقض كبير أبعدها عن حقيقتها وعن دورها القومي وعن استاذها فهي اليوم تحبس دمعتها تعبيرآ عن الحزن عليه وهي حاضرة معكم بروحها لأنها تقدر اكثر من غيرها خسارتها الكبرى بفقد وجه سورية الحقيقي ورائد النهضة العربية التي كانت سوريا رائدة فيها وخسارة حي الميدان في دمشق لها معني خاص حيث افتقد بوفاة القائد المؤسس ابنه البار الذي نشأ فية ".







الجمعة ٢٩ ذو القعــدة ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / تمــوز / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند أبو فلاح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة