شبكة ذي قار
عـاجـل











۞ هل فقدت أمريكا مستوى الردع في استراتيجيتها ؟.
۞ ثم قامت باسترداد هذا المستوى بطريقة درامية.
۞ و ( سيادة ) العراق في مرمى التدخل المتوازن.
۞ لن يُقَسَّمْ العراق .. وانتفاضة الشعب العراقي لن تتوقف.

المقدمة : مصطلح غريب هو استرداد مستوى الردع .. هنالك خلل في ذلك يدعو إلى التسائل ما إذا كان الذي وضع استراتيجية الردع قد أغفل الردع المقابل أم إنه كان يعتمد حصراً على قوته العظمى في وضع محددات الردع الأُحادية دون اعتبار لأوضاع الردع التي قد تظهر في أنحاء المنطقة المشمولة بالردع إقليمياً ودولياً ؟.

أولاً - الردع ، كما هو معروف ، لا يقتصر على جانبه العسكري فحسب ، إنما يأخذ نصيبه من الجانب الاقتصادي أيضاً ، وكل أدوات الردع من قمتها العسكرية الاستراتيجية إلى أسفل السفوح السياسية والاقتصادية .. فما الذي حدا بنائب الرئيس الأمريكي ( مارك بنس ) إلى القول باسترداد الردع ؟ ، وهل أن أمريكا أُخِذَتْ بغتة لتقوم باسترداد ردعها ، بعد أن واجهت جملة من الفعاليات الإيرانية المقابلة ( ضرب طائرة أمريكية مسيرة ، تفجير ناقلات نفط ، احتجاز بواخر شحن تجارية ونفطية ، ضرب منشآت نفطية ومواقع حيوية في المنطقة ، التهديد بغلق المضائق وضرب السفارة وقواعد عسكرية أمريكية ، وتهديدات بالقتل والانتقام .. إلخ ) ؟ ، وهذا يمثل ( الردع ) المقابل في مجرى صراع ( محدود السقف ) أساساً ، فيما تقف في مياه الخليج العربي حاملة طائرات عملاقة ( أبراهام لنكولن ) النووية ، وأساطيل وفرقاطات وبوارج حربية مسلحة ضاربة ، فضلاً عن حشد من القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها في المياه الاقليمية والعالية ، إضافة إلى هبوط طائرات ( B.٥٢ ) القاصفة في جزيرة ( دييغوغارسيا ) المهيئة مدارجها لمثل هذه القاذفات وطواقمها وعوامات نفوطها المحمية بمنصات الباتريوت !!.

ألم يشكل هذا ردعاً جباراً ، تحسب دول كبرى ، كالصين وروسيا والهند وباكستان ، ألف حساب على هذا الكم الهائل من وسائل الردع ؟ .. إلا أن إيران التي لا تكترث أبداً ، بل أبدت سلوكاً استفزازياً تعتقد بأنه يشكل ردعاً تخويفياً لدول المنطقة وبغطرسة لا مثيل لها في عالم الصراع .. فما هو الفرق إذن ، بين الردع الأمريكي والردع الإيراني في ميدان الصراع ؟ ، وهل هنالك فعلاً رادعاً إيرانياً بمعنى الردع ، وهي الدولة الإيرانية المتداعية اقتصادياً والمعزولة سياسياً ودبلوماسياً والمفككة اجتماعياً ؟ - إذ جاء موت سليماني إنعاشاً للشارع الإيراني وإنقاذاً لنظامه وتخلصاً من جنرال انتهت صلاحيته وبات ورقة محروقة أفادت أمريكا بقتله لأغراض الخارج ولأهداف الانتخابات ، وأفادت إيران بتصفيته لدواعي الحشد النفسي والعاطفي من جانب آخر ، ولا يغرنك البكاء والعويل والإفراط في نداءات الثأر لأن المهمة انتهت ومرحلة جديدة قد بدأت -.

فالردع هنا ، بين الجانبين غير متكافئ أبداً ، فكيف تسترد أمريكا مستوى الردع ، وممن تسترده ؟ ، فالنظام الإيراني ما جيئ به إلا لخدمة الكيان الصهيوني حصراً - فهو أداة مزقت شعب فلسطين ، وفككت الشعب العربي في أكثر من ساحة ، وأشاعت الاضطرابات والتناحرات والانقسامات لأغراض تدمير عناصر قوة الأمة العربية أولاً وتصادم عناصر قوى الأمة ثانياً ومنع أقطار الأمة من التقارب والتوحد والتنمية ثالثاً ، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية.

والردع هنا ما جاء إلا في إطار اليقين بأن لا حرب تقع بين الجانبين المتوافقين استراتيجياً ، كما قلناه منذ زمن ليس بعيداً ، والردع الأمريكي هو لمنع غرور القوة الفارسية الفارغة التي تتمدد وتتسع على حساب مصالح دول المنطقة ، وعلى حساب الدول العظمى والكبرى ، وعلى حساب مختلف دول العالم في منطقة تعد من أكثر مناطق العالم تشابكاً في المصالح ، وأكثر مناطق العالم قدرة على الاشتعال.

ومن هنا ، كان كلام أمريكا واضحاً .. لا تريد الحرب ولا تريد التصعيد والفاصل هو ( الردع ) باستخدام القوة المحدودة لحسابات بعيدة المدى ، فيما يتراجع النظام الإيراني باستحياء مخجل والمساومة على إبقاء ماء الوجه المتساقط من سحنة كالحة ومهانة لا تقبل التأويل ، لأن هذا النظام ضعيف وجبان وليست لديه قضية ( وطنية ) أو ( قومية ) مشروعة ، وهو دموي وتوسعي ، ولولا الولايات المتحدة الأمريكية ما نفذ تمدده وتوسعه ، إنه نظام دموي يختفي خلف جدران القوى الأخرى وخلف أغطية الدين والمذهب ، إنه نظام لا أحد يقبله ركناً من اأكان نظام الأمن الإقليمي ، حتى لو قلمت أمريكا أظافره لأنه يبقى يحمل بذور توسعه في سياساته ويضمر في قعر ذاكرته السوداء ما يغريه على حياكة سجادته العجمية الفارسية من جديد مهما طال الزمن !!.

ثانياً - التدخل الأمريكي في شأن ( السيادة ) العراقية من جهة ، والتدخل الإيراني في شأن ( السيادة ) العراقية من جهة ثانية ، محكومان بمنطق عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، وهو مبدأ أساسي في النظام العالمي وأحد أهم دعاماته ، فلا يجوز تحريم التدخل لجهة وعدم تحريمه لجهة ثانية إذا أريد لهذا المبدأ أن يسود لكي تسود السيادة.

التدخل الأمريكي ميكانيكي نفعي تحكمة اتفاقيات محكمة تعزز أمن وجاهزية القوة العراقية في عموميتها ، فيما التدخل الإيراني مكوناتي طائفي إحتلالي نفعي ، تحكمه قاعدة نشطة إستخباراتية – طائفية – ديموغرافية احتلالية ، لا تعزز الأمن الاجتماعي في العراق وتهدد بتقسيمه إثنياً وطائفياً وتهدد مجمل التوازن الإقليمي في المنطقة ، وبالتالي .. فأن التدخل الإيراني الفارسي يعد الخطر الأول الداهم على روح الشعب العربي وهويته وأمنه واستقراره وأمن واستقرار العالم ، فلا تدخل إيراني ولا تدخل أمريكي يُصلِحان ( سيادة ) العراق ، ويظل التدخل الإيراني الأكثر شراسة وانفلاتاً ودموية ويعد الخطر الراهن الداهم !!.

ثالثاً - مسألة التدخل الأمريكي والإيراني ورفضه هي في حقيقتها ترتبط بموقف أن العراق يجب أن يكون مستقلاً وحكومته مستقلة وطنية ، والاستقلال الوطني يعني عدم جواز أن يحكم العراق عناصر أو فئات أو أحزاب إيرانية ، وعدم جواز أن يحكم العراق عناصر أو فئات أمريكية أو أجنبية وبأي صيغة كانت وتحريم ازدواجية الجنسية ، ومن له اتجاه فاعل نحو إيران فليذهب إلى إيران ، ومن له اتجاه فاعل نحو أمريكا والصهيونية فليذهب إلى أمريكا وكيانها الصهيوني .. لأن شعب العراق ، ومنذ الأزل ، هو شعب واحد متنوع موحد لا أحد يستطيع فك عرى وحدته الوطنية مهما كانت الجهود والأموال والمشاريع قوية ومحكمة لتطويع الواقع ، فإن شعب العراق مصمم على أن يكون موحداً بنسيجه الوطني ، وليس الديني والإثني ، موحداً بأرضه من شماله حتى جنوبه ، لأن عدالة الوطنية ووطنية العدالة المشفوعة بالقانون والمحكومة بالدستور الوطني العادل والخالي من الثغرات والألغام ، هما الكفيلان بإرساء العدالة الاجتماعية والحرية والتنمية بدون أقاليم يرعاها الاستعمار ، وبدون ارتباطات يتغلغل منها الاستعمار الفارسي والغربي والإسرائيلي ، ألم يكن هذا المنهج كفيل بتحقيق العدالة الاجتماعية دون الاعتماد على أحزاب إسلاموية أو فئوية لها ارتباطات مع الخارج ، ودون الاعتماد على عائلات ومشيخات لا تستطيع أن تبني ولا تستطيع إلا أن تنتفخ ثراءاً على حساب الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في الثورة ؟.

لن يقبل الشعب العراق أي صيغة للتقسيم ، لا أقاليم ولا ( بطيخ ) شعب واحد وأرض العراق واحدة وثورة الكرامة وانتفاضتها قائمة ومستمره ولن تتوقف أبداً.





الاثنين ١٧ جمادي الاولى ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / كانون الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة