شبكة ذي قار
عـاجـل










العلاقة بين حزب الله وإيران علاقة أيديولوجية استراتيجية :

قبل التحليل النظري، دعونا نستند إلى الوثائق لنرى مقدار علاقة حزب الله بإيران، ومن بين آلاف الأدلة، أن نقتطع الأنموذجين التاليين :

- في تصريحات السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، يعلن فيها بشكل واضح وصريح، اعتناقه لنظرية ولاية الفقيه : وأنه يتلقى كل أنواع الدعم من إيران، عندما قال أمام الملايين عبر شاشات التلفزيون : ( نعلنها بشكل واضح أن أكلنا وشربنا وسلاحنا هو من إيران ) . وفي تصريحات أخرى، أعلن أنه يفتخر بأن يكون جندياً من جنود نظام ولاية الفقيه الايراني .

- في تصريحات له مُوثَّقة منذ الثمانينيات من القرن العشرين، قال إبراهيم أمين السيد، رئيس المجلس السياسي في حزب الله، ما يلي : ( المشروع المطروح على العالم اليوم، هو مشروع الأمة، دولة الإسلام الكبرى، عبَّر عنه الإمام الخميني بتصدير الثورة. ونحن نريد في لبنان، أن يصبح جزءًا من مشروع الأمة في منطقة الشرق الأوسط ) . وفي تصريح آخر يقول : ( نحن نؤمن بحركة تغيير شاملة في المنطقة، كحركة التغيير التي بدأت من إيران، وبدأت تتنامى من خلال الواقع في لبنان؛ فعلى المسلمين فيه أن يكونوا جزءًا منها. وأن نعمل لبناء أمة مجاهدة، أن نبني جيل المهدي المنتظر ) .

غنية تلك التصريحات عن التفسير والتأويل. فلا مجال للاختلاف بأن حزب الله هو حزب تابع لنظام ولاية الفقيه في إيران بكل التفاصيل فكراً وتمويلاً وتجهيزاً واهدافاً . وإذا كان منتظري، مرشداً للثورة الإيرانية ، فلأنه يطبِّق نظرية ولاية الفقيه. ولأن دور المرشد هو أعلى سلطة في دولة ( ولاية الفقيه ) ، فعلى الجميع أن يأتمروا بأمره. وعن ذلك جاء في كتاب ( الحكومة الإسلامية ( ولاية الفقيه ) : للخميني، ما يلي : ( للفقيه نائب للإمام، سلطة مُطلَقَة في أصول المعرفة الدينية، والسلطة السياسية المطلقة، فهو له الزعامة الكبرى وهو المصدر للقيادة العليا الإسلامية… فالأمراء والقواد هم الممتثلون لأوامره، وهو الواقع في قمة الحكم، والبقية مأمورون مؤتَمِرون وهو المخوَّل من قبل الله في إجراء الحدود». وللفقيه سلطات واسعة غير محدودة، فبيده أزمَّة الأمور كلها، الله أعطاه هذا الاختيار، وأوكل إليه أمر الأمة».

من خلال ربط المقدمات أعلاه، نخلص بالنتائج التالية :
- حزب الله، فرع أساسي من فروع النظام الإيراني، وليس له حرية اختيار القرار السياسي، ناهيك عن الفتوى الدينية، وخاصة فيما له علاقة ببناء ما يسمى بـ ( الدولة الإسلامية ) ، التي يقودها الولي الفقيه في إيران ( كمرجعية دينية ) . وفيما له علاقة بالدولة الإيرانية ( كمرجعية سياسية ) ، والعاصمة الجغرافية لـ ( الدولة الإسلامية ) المزعومة .

وهذه الهرمية بالبناء التنظيمي العقيدي والسياسي، تستدعى تساؤلات نضعها برسم الإجابة من قبل المدافعين عن إيران :
- على الرغم من أن الأنموذجين، اللذين نقلناهما أعلاه، واضحين تمام الوضوح، هل بوسع حزب الله أن يرفض اعتبار لبنان جزءاً من دولة إيران ؟

- وهل يجرؤ ويقوم بتكذيب التصريحات التي صدرت عن أعلى المرجعيات الإيرانية، والتي تعتبر أن بيروت هي عاصمة من عواصم الدولة الإيرانية؟ وإذا أمر بالعمل على إلحاق لبنان بتلك الدولة، هل بوسعه أن لا يستخدم كل إمكانياته التي وظَّفها النظام الإيراني لديه في سبيل إلحاق لبنان كله بدولة ( ولاية الفقيه ) ؟ وهنا، نشير إلى أنه لم تصدر أية ردة فعل من قيادة حزب الله حول تلك التصريحات. ونتساءل : أليس في ذلك قيام حزب الله بتوظيف دماء الشهداء من أجل الالتحاق بدولة ولاية الفقيه؟

- وهل أناب الشعب اللبناني حزب الله بأن يتخذ قراراً من جانب واحد بإلحاق لبنان بمن يريد من دول العالم؟

- وهل دماء الشهداء الذين سطروا الملاحم في مواجهة العدو الصهيوني كانت من أجل تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني أم للالتحاق بالإمبراطورية الفارسية؟ وهل قام هؤلاء بتوكيل السيد حسن نصر الله، بالانتقال من سلطة احتلال لسلطة احتلال آخر؟ وإذا رضي أولئك الشهداء بذلك، بحكم التزامهم بتكليف حزبهم ، هل هذا الالتزام، يلزم اللبنانيين الشيعة الآخرين ممن يرفضون سلطة الولي الفقيه؟. وكذلك هل يلزم جميع اللبنانيين الآخرين من أديان ومذاهب أخرى. وإذا فُرض على حزب الله بـ ( تكليفه شرعياً ) بإلحاق لبنان بإيران، هل عليه أن يغامر بحرب أهلية يقتتل فيها اللبنانيون؟

- وإذا قال قائل من حزب الله : سنترك الخيار للبنانيين، يعني ذلك أن اللبنانيين سيرفضون الالتحاق بدولة ( ولاية الفقيه ) في إيران. وسيبقى هذا الرفض إلى الأبد. وهنا، على حزب الله أن يقف أمام مواجهة هذه الاستحالة، أليس من واجبه أن يفسِّر إصراره على انتظار تحقيق المستحيل؟ وأليس من حق الآخرين أن يعرفوا كشركاء في وطن واحد؟ أم أن هناك نوايا مبيَّتة لإبقاء دولة لـ ( حزب الله ) تأتمر بأوامر إيرانية في داخل دولة لبنانية؟ أليس هذا يعني إبقاء قنبلة موقوتة صالحة للتفجير في أي وقت في لبنان مهددة وحدة هذا البلد وامنه واستقراره؟

كلها أسئلة أخذت ترتفع في لبنان. وهواجس ارتقت إلى مستوى المخاوف. خاصة أن لبنان بما اختزنه اللبنانيون من حقن طائفي، مارسته كل التيارات الطائفية السياسية، يقف الآن على حافة الهاوية. وسيظل واقفاً إلى أن تؤخذ مفاتيح ( التفجير النووي الطائفي ) من أيدي أمراء الطوائف، وتوضع في أيدي حراس للدولة المدنية العلمانية. وهنا نتساءل : وهل من يتحمل تلك المسؤولية غير حزب الله إذا ظلَّ متمسكاً بأهدافه الأيديولوجية، وبكيان دويلته؟

ونحن إذ نركز في مقالنا هذا على حزب الله، فليس لأن الآخرين هم من الملائكة، فعفاريت الطائفية تسكن في بيوت الجميع. وإنما نركز على دور حزب الله فلارتباطه بالمشروع الإيراني المتهور والمبني على أضغاث أحلام.

ونختتم مقالنا باختصار كما دأبنا على ذلك في المقالات السابقة، وكما سنفعله في المقالات اللاحقة، لنقول بوضوح : لا يجوز لأحد التشكيك باي دور مقاوم ضد العدو الصهيوني. خاصة وانه بعد تحرير الأرض اللبنانية، انخرط حزب الله بآلية العمل السياسي الداخلي، ولم يف بموجبات المرحلة لجهة المفهوم المؤسساتي لقيام الدولة الواحدة . وعليه أن يفي بموجبات المرحلة. على قاعدة الاستفادة من سلاح حزب الله ووضعه بيد دولة لبنانية تحافظ على الحدود الدنيا من امتلاك إمكانيات الردع في مواجهة المخاطر الاجنبية سواء الصهيونية اوغير الصهيونية .





الاربعاء ٢٧ شــوال ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب إعداد محمد الحسيني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة