شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

1 - " ولآية دونالد ترامب تدرك ، أن من أولوياتها .. دورها في المجال الدولي يتوقف على قوتها ، وقوتها تتوقف على إستقرار إقتصادها .. أي أمريكا أولاً " .

2 - ثم تأتي خيارات الخارج ، وهي تأخذ منحى ( Geo - Economy ) ، الذي تعتمد عليه قاعدة القوة .!!

3 - القوة والتأثير عنصران متلازمان .. يشترطان قاعدة إقتصادية مستقرة ، وإن السياسة تشترط القوة لدعمها .. ومن دونها تصبح مجرد خطابات وثرثرات لا أحد يتذكرها في ما بعد .. كما هي خطب أوباما .!!

 - سقط الأتحاد السوفياتي نهاية عام 1989 وتفكك حلف ( وارسو ) وتناثرت منظومته الأشتراكية وانضم بعضها إلى حلف ( شمال الأطلسي ) المضاد لحلف وارسو.!!

 - وفي عام 1999 أعلن ( فلاديمير بوتين ) رسميًا أنه سيعيد مجد الأتحاد السوفياتي ( القوة والتأثير ) معًا .. وبات يعمل منذ هذا التاريخ حتى بلغ، خلال أكثر من عقد ونصف، مرحلة مهمة كشفت عن موضع قدم إستراتيجية على البحر الأبيض المتوسط ( المياه الدافئة ) التي يحلم بها القياصرة دائمًا .. وهو تعويض عن نفوذ قديم فقدته موسكو في مصر السادات .

 - لم يصغ الروس لهمس طهران وإغراءاتها بأن يكون لها موقع قدم على ساحل عدن إذا ما دعمت موسكو طهران في تمددها الفاضح في اليمن .. ولكن موسكو هي ليست طهران ولا تابعًا لها لا سياسيًا ولا إستراتيجيًا ولا آيديولوجيًا ، وعلاقاتهما ( إقتصادية - أمنية - براغماتية ) طارئة لا يبنى عليها قرار .. ولأن موسكو تتجنب الأستنزاف الذي بدأت تشعر به ، ولأنها تدرك أن طهران تستفيد من غطائها الجوي من أجل تمددها وقد أستنفد ، فلا إلتزامات تشترط الإلزام على الكرملين في منحى السياسة الذي يصنعها صانع القرار في موسكو وليس في طهران.!!

 - تتسلل بهدوء سفن حربية روسية، تعبر بحر مرمره وبحر إيجه نحو السواحل الليبية، لأيجاد موضع قدم آخرى هناك، بعد تفاهمات قوى ليبية مع الكرملين تعمل بموجبها موسكو على استقرار الأوضاع المنتهكة في ليبيا بإسناد الجنرال ( حفتر ) .. !!

 - الحركة العسكرية البحرية الروسية في البحر الابيض لم تكن تسر باريس ولندن وقابلتها واشنطن بصمت متفق عليه .. وفي الوقت التي سارعت فيه العاصمتان الفرنسية والبريطانية بوضع التقاطع ومنع ترسيخ المصالح الروسية في مناطق النفوذ الغربية ، كانت أمريكا تطلق إشاراتها الجديدة أن لا مانع من العمل المشترك ( الروسي الأمريكي ) لضبط الملفات الأقليمية الساخنة ، لا حلها .. وهنا ، مكمن التناقض في الرؤية الأستراتيجية الروسية الأمريكية.!!

 - إذ ليس في إستراتيجية أمريكا ما يشير إلى عزمها على حل المشكلات أو الملفات الأقليمية الساخنة .. وليس من مصلحتها ذلك، كما ترى وتعتقد .. بينما من مصلحة روسيا التوصل إلى حلول للمشكلات شريطة ضمان مصالحها الأستراتيجية ونفوذها، بغض النظر عن الوضع السياسي للنظام القائم سواء في دمشق أو غيرها .. لأمر يتعلق بعدم قدرتها على استمرار التأزم وحالة الأستنزاف في الموارد المادية والبشرية، في الوقت الذي تعاني فيه من أوضاع مالية وإقتصادية متردية ، كما هي الأوضاع الأيرانية المزرية .!!

 - فقدَ الأتحاد السوفياتي تحالفاته الآيديولوجية وتهشمت شبكة اتصالاته مع الأحزاب الشيوعية واليسارية في العالم .. وفقدَ مواقعه في آسيا كما فقدها في شرق أوربا وفي الشرق الأوسط .. كل ذلك أنتج توسعًا الأوربي جيو - سياسيًا، ضاغطًا على المجال الحيوي الروسي يتمثل بـ :

1 - زحف الحلف نحو جغرافية روسيا بضم أكبر عدد ممكن من الدول التي انفرطت من المعسكر الأشتراكي .. وهو خطر داهم على المجال الحيوي الروسي، له تبعاته السياسية والأمنية والأستراتيجية .

2 - نشر منظومة الدرع الصاروخية في عدد من الدول التي انضمت الى الحلف الأطلسي، فضلاً عن نشر وحدات عسكرية 1ات مواصفات خاصة وبناء معسكرات باتت أقرب للحدود الجغرافية الروسية وتشكل خطرًا داهمًا على مدنها القريبة، التي فقدت حصانتها الجيو - بوليتيكية إزاء أوربا - حلف شمال الأطلسي - .

3 - موسكو قررت تعزيز قوتها النووية الأستراتيجية لجعلها قادرة على إختراق أي درع مضاد للصواريخ مثل الذي تم أو تنوي واشنطن نشره في أوربا وأوربا الشرقية .. وذلك ردًا على التحذير الأمريكي عبر الخط الساخن بشأن التدخل الأمريكي الأخير في الأنتخابات الرئاسية الذي استخدمه ( أوباما ) لأول مرة .. وهو الخط الذي تم انشاؤه عام 1963 في إثر مشكلة الصواريخ الكوبية خلال ولآية جون كيندي.!!

 - فيما أعلن ( دونالد ترامب ) أمريكا أولاً لأستعادة مكانتها، التي فقدتها بعد أن طردت من العراق عام 2011 ، ولم تستعد مكانتها حتى اليوم .. ولكن مثل هذا الشعار الذي يمثل إشارات مبهمة توحي بالعزلة .. والعزلة هي نهج ( أوباماوي ) مخاتل حقق من خلاله فوضى القتل والتدمير والأرهاب الذي ساد المنطقة والعالم بما فيه أمريكا ذاتها .. ولا أظن أن من يريد إستعادة القوة والمكانة والتأثير الدوليين، أن يجلس على التل ويتفرج على الحرائق كنيرون ( أوباما ) ، لأن الحرائق ستصل إليه إذا لم يفعل شيئًا .!!

 - فيما يرى أيضا ( دونالد ترامب ) ، أن حلف شمال الأطلسي قد بات هيكلاً قديمًا ومستنزِفًا للأموال ولا قيمة له .. هذا كلام الجهلاء الذين لا يفقهون شيئًا في علوم السياسات الدولية وقواعدها وفرضياتها ونظرياتها وكيف تدار وكيف تضبط مفاتيحها وتوازناتها الدولية والأقليمية فضلا عن كلفها .. ولا أظن أن من يريد أن يستعيد مكانة أمريكا في القوة والتأثير، ينكفئ خلف الأسوار الأمريكية ينتظر لحظات التفكك والتطاحن والأحتراب .. لأن أمريكا أيضا تجلس على براميل بارود لا تعرف من أين يأتي الفتيل.!!

 - المتغير المهم في التحول .. هو طبيعة التحالفات ذاتها على مستوى العالم .. والتي تشترط عدم التداخل في شكل معسكرين يعيدان الكَرْةَ لقطبية ثنائية تتقاسمان العالم كما كان ذلك بين المعسكرين ، المعسكر الشرقي بزعامة الأتحاد السوفياتي ، والمعسكر الغربي برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .. لن تتكرر هذه الثائية لأعتبارات سنأتي إليها في حينه .

 - التعاون المشترك في كيفية التعامل مع المشكلات الدولية والأقليمية، والتوافق السياسي الأستراتيجي حول ( ضبط ) المشكلات أو الملفات الساخنة وبؤر تأججها وممكنات إتساعها .. أما حلها وطبيعة ( إحتوائها ) ، فله حديث نتناوله في حينه .. فمعادلات رسم حدود لنشوب صراعات أو نزاعات إقليمية متأزمة كملف القضية الفلسطينية وملف التوسع الإيراني وملف الأنتشار النووي والنزع الشامل لأسلحة الدمار الشامل والسيطرة على أو تحديد وتحجيم المخزون الصاروخي المعد لحمل رؤوس نووية تهدد بقاء البشرية برمتها .. هي معادلات ليست سهلة يحلها أو يحاصرها أو يضبطها أو يحتويها من يجلس على التل أو يقفل أبوابه خلف أسوار العزلة .. إنما تشترط التعاون المشترك القائم على قواعد متفق عليها من الصدق والعدل والصبر وإيقاع الفعل العقابي الجماعي تحت ظل القانون وقواعد النظام الدولي الجديد.!!

 - هنالك مجالات حيوية لدول العالم وللقارات .. روسيا ومجاها الحيوي ، وكذا الصين والهند وباكستان ودول العمق الآسيوي .. والمجال الحيوي الأوربي ككتلة إتحادية يراد لها أن تنفرط .. والمجال الحيوي الأمريكي .. والمجال الحيوي الأفريقي .. والمجال الحيوي العربي معروفة هي حدوده من مياه الأطلسي حتى مياه الخليج العربي بما يحتويه هذا المجال من مدخلات بحار ومخرجات معابر ومضائق ، هي في حقيقتها واقع جيو - بوليتيكي عربي من الصعب التغاضي عنه أو نكرانه .. وكل وحداته السياسية معنية بالدفاع عنه وحمايته وتنميته سلميًا .. لأن المقصود بالمجال الحيوي هنا ، الحدود الطبيعية القانونية الثابتة ، وليست الحدود المفتوحة حيث وصول الدبابة الأسرائيلية كما قال وزير الدفاع الأسرائيلي ( موشي دايان ) ، وكما قال ( هتلر ) وكما قال ( خميني ) و ( خامنئي ) .. إعتماد المجال الحيوي بمفهومه الهتلري والأسرائيلي والخميني الخامنئي، لا يصلح في ظل النظام الدولي الجديد أبداً .

يتبع ..





الاثنين ٢٥ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة