شبكة ذي قار
عـاجـل










احتلت دولة فارس بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أغلب مناطق الساحل الشرقي للخليج العربي. أقدمت دولة فارس في غفلة من الزمن وفي ظروف سياسية آانت فيها معظم بلاد العرب تحت احتلال وهيمنة قوى أجنبية غربية على احتلال هذا الساحل وعلى احتلال اكثر من 14 جزيرة عربية. كان المواطن العربي والمسؤول العربي في زمن احتلال اقليم الأحواز فاقد للحرية السياسية والاجتماعية، بالإضافة لتفشي حالة الفقر والجهل في أوساط المجتمعات العربية.

تعرف مناطق الساحل الشرقي والشمالي للخليج العربي والجزر التابعة لها بإقليم "الأحواز" المحتل. الأحواز، هو جمع لكلمة حوزة العربية، هكذا يدعوا السكان العرب هذا الإقليم العربي. كان الفرس يطلقون على هذا الإقليم منذ القرن السادس عشر الميلادي اسم "عربستان"، الذي يعني باللغة الفارسية "بلاد العرب".

يتناول هذا البحث هذه المنطقة من الخليج العربي، ويسلط الأضواء على جزء من الوطن العربي وشعب من شعوب الأمة العربية، جار عليه الزمان وكاد يغيب عن وعي وعيون واهتمامات ذوي القربى في بقية الأوطان العربية الأخرى. عادت قضية الأحواز العربي المحتل في الأعوام القليلة الماضية إلى واجهة الأحداث السياسية والإعلامية، وغدت قطاعات من الأجيال العربية الشابة تفاجأ وتندهش عند سماعها الأخبار والحوارات التي تتناول قضية هذا الشعب العربي المنسي.

الأحواز بلد عربي وشعب عربي احتلت أرضه واضطهد شعبه من قبل دولة فارس المجاورة للعرب. ولازالت هذه الدولة توسع من مساحة عدوانها على بقية الدول العربية الأخرى. منذ قرن من الزمان تتابع الحكومات الإيرانية المتعاقبة برنامجاً واضح المعالم عنوانه قضم واحتلال أرض عربية جديدة وتلغي بذلك إمارات ودول عربية كانت قائمة ومستقرة لقرون طويلة.

أدرجت قضية عرب الأحواز على جدول أعمال مؤتمر القمة العربي الأول المنعقد في القاهرة في عام 1964 .آانت قرارات القمة، ومواقف أغلب القيادات العربية واضحة وحاسمة وداعمة في هذه القضية. من بين قرارات القمة العربية إدراج قضية الشعب العربي الأحوازي التحررية العادلة في المناهج المدرسية العربية وفي برامج أجهزة الإعلام إلى جانب قضية فلسطين ولواء الإسكندرونة السوري والمدن المغربية "سبتة" و"مليلة" المحتلة من قبل إسبانيا. لقد أدرجت القضية الأحوازية بالفعل بمناهج التدريس في عدد من الدول العربية وأصبح باستطاعة طلاب المدارس في هذه الدول التعرف على واقع هذا الشعب العربي المحتل من قبل دولة إيران .

في عقدي السبعينات والثمانينات من القرن العشرين غابت وغيبت قضية الأحواز، وأبعدت أحداث هذه القضية العربية عن دائرة اهتمامات المسؤول السياسي والإعلامي العربي. جاءت ظاهرة إبعاد قضية الأحواز عن دائرة اهتمامات المسؤول العربي منسجمة مع التغيرات الكبيرة على طبيعة القوى الحاكمة العربية ذات التوجهات الإقليمية والقطرية الضيقة، وسياسة التخلي عن الالتزامات القومية بشكل عام. سميت هذه الحقبة بمرحلة الردة والانكفاء داخل الحدود والمصالح القطرية الموهومة المنفصلة عن أبعادها القومية.

بعد جملة الأحداث التي عصفت بالمنطقة العربية مع بداية القرن الحادي والعشرين والتي طالت بتأثيراتها كل نواحي الحياة في المجتمعات العربية فلا بد من إعادة النظر في علاقات الدول العربية بعلاقاتها الدولية وبعلاقاتها القومية والإقليمية. ولا بد من إعادة الاعتبار لقضايا الأمة المهمشة منذ زمن، وأخذها على محمل الجد، ومد يد العون لأبناء تلك الشعوب العربية المنسية وإعادة موقعها من قضايا الصراع الدائرة في المنطقة. لقد بات بحكم الضرورة المطلقة صياغة استراتيجية عربية شاملة تحفظ للأمة بقائها وتتكفل بإعادة اللحمة إلى أجزائها ورد الأخطار المحيطة بها.

وإعادة الاعتبار لقضية الشعب العربي الأحوازي يجب أن تكون جزءً أساسياً من مجمل تلك الإستراتيجية. سلسلة الحروب التي تدور على الأرض العربية في فلسطين والعراق واليمن والسودان والصومال والجزائر ولبنان ترآت بصماتها الواضحة على المواطن في المنطقة العربية. وترآت أثارها الواضحة على طبيعة العلاقات بين الحكومات والدول. فأكثر تلك الحروب متعددة وهي ظاهرة على كل صعيد من مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والنفسية. يزداد في كل يوم الشعور والقناعة بين أوساط الجماهير العربية بأن قوى الشر والعدوان كشفت عن أغلب الأقنعة الواقية وأصبحت تلعب لعبة الحرب والخراب بشكل واضح ومكشوف .

لم يكن مفاجئاً شدة العدوان الصهيوني والعدوان الأمريكي والبريطاني على المنطقة العربية وبالذات على دولة العراق العربي. المقاوم هذه العدوانية من زمنٍ بعيد، والوعي العربي الجماعي يختزن في الذاكرة الجماعية كم من المعرفة والإحساس بتلك العدوانية الغربية المفرطة بعدوانيتها. لكن الإرباك كان سيد الموقف في الأوساط العربية الرسمية والشعبية حول فهم وتقييم الأدوار الإيرانية في أكثر من مجال وفي أكثر من قطر عربي. الإرباك كان واضحاً في فهم شدة العدوانية الإيرانية، وفي فهم الإستعدادية العالية عند الحكومات الفارسية في طهران في توجيه الطعنات القاتلة للعمق العربي، وفي محاولات تفتيت وتمزيق المجتمعات العربية. كان الإرباك في الأوساط العربية هو سيد الموقف من المساهمة الإيرانية الفعالة في وإشاعة الخراب والدمار في الدول والمدن العربية كيفما اتفق. وساد الإرباك حدة في تبني الطرق والأساليب الناجزة لدرأ العدوان الإيراني، وفي كيفية مواجهة الخطر القادم من الشرق والحد من أثاره المدمرة. كان المسؤول العربي في أعوام الخمسينات والستينات من القرن العشرين متنبهاً إلى حد ما للخطر الإيراني، وكانت أغلب القطاعات الجماهيرية العربية في تلك الحقبة من الزمن ترتاب وتتوجس من الدور الإيراني في المنطقة العربية. وخاصة بعد تلك العلاقة المتميزة التي قامت بين إيران الشاه والكيان الصهيوني، ودور إيران المباشر في إرهاب دول الخليج العربي في تلك الحقبة من الزمن كان الحذر من دور حكام إيران و سيد الموقف. التبس الأمر على المسؤول العربي، والمثقف العربي،
وعلى المواطن العربي بعد قدوم الخميني إلى سدة الحكم في طهران، وانشقت الحكومات العربية على ذاتها، وانشقت المعارضة العربية على ذاتها، وغابت الرؤية الواضحة على المواطن العربي حول دور الحكام الجدد في إيران من الوطن العربي. لقد اختلطت الأوراق وغابت الرؤية الواضحة ووقع المحذور ومازال الفرس يمارسون نفس دور الشاه في المنطقة العربية ولكن بغطاء ديني وشعارات زائفة .





الثلاثاء ١٧ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة