شبكة ذي قار
عـاجـل










بعيدا عن اي التزام بقواعد القانون الدولي وبنود ميثاق الامم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية, وقريبا جدا من قوانين شريعة الغاب يجري تدمير سوريا وقتل وتهجير شعبها, لجعلها دولة ضعيفة فاشلة تخنقها الازمات, فالازمة السورية اصبحت مشروع صراع دولي بين واشنطن وموسكو, واتخذوها ميدانا لحل الصراع, ولدبلوماسيتهم المكوكية, ومنبرا لمناقشة خلافاتهم ومنافساتهم وصولا الى نقطة التنسيق المتبادل بينهما, بعد ان عرف كلا منهما حجم قوته وقوة الاخر. فصلابة المقاومة والمعارضة السورية الوطنية, وصمود شعبنا الصابر, افشل اقسى واقصى عمليات القصف الوحشي في التاريخ وتخطت اضرار ودمار هوريشيما وناكازاكي, فما يقوم به الروس والاسد وثائق وادلة ادانة لجرائم ضد الانسانية لا محال, وفي واحدة من النتائج المتوقعة للازمة السورية ان موسكو فشلت امام واشنطن في ان تكون القوة الموازية او المساوية لها, وفقدت خياراتها في تحديد المسارات التي ستكون عليها نهاية الازمة السورية, وسيفرض على موسكو الموافقة وعدم الاعتراض على ازاحة النظام الاسدي المجرم ومحاكمته ومحاسبته على جرائمه التي ارتكبها.

فصحيح ان اعداء العروبة والاسلام استطاعوا ايقاف صوت العراق وخطابه القومي بعد الاحتلال وساهموا في خلق اوضاعا مأساوية جديدة, ولكن هناك انطلاقة جديدة واملا وتفاؤلا عروبيا تبلور في الموقف السعودي الاصيل والشجاع في ايقاظ الهمم وبث روح العمل العربي المشترك, وتشخيص من هو الشقيق والصديق والقريب والمفيد, ومن هو العدو والخصم والمنافس والحقود.

فالتقارب الذي يحصل مع الجارة تركيا انما هو لان تركيا في قربها من العرب افضل لها ولنا من قربها للاتحاد الاوربي وان العرب وجدوا في تركيا الاقرب لهم من اي طرف اقليمي او دولي اخر في ظروف المحنة الصعبة وممكن ان يتحول هذا التقارب الى مشروع اقليمي فعال تعززه حقوق وواجبات وشروط حسن الجوار والشعب المسلم الصديق لمواجهة المخاطر القادمة.

وبالوقت الذي نثمن الاساليب والاجراءات المعتدلة التي تعاملت بها تركيا مع الازمة السورية والاوضاع في العراق, وبمعاني وقيم دول الجوار وتعاليم ديننا الحنيف, نرى من المناسب ان يتم التعامل معها بعد فشل الانقلاب كحليف اقليمي ومساندتها في تجاوز ازمة ما بعد فشل الانقلاب, واضاعة الفرص على الاطراف الدولية والاقليمية التي دبرت للانقلاب, والدفع باتجاه ان يتقبلوا الطرف التركي, مثلما هو يقبلهم وبتجاوب اكثر من السابق, وان نحتوي ونمرر ( التوازن المتفق عليه ) نحو امن واستقرار المنطقة, ووضع الخطوط الحمراء امام ( ايران واسرائيل ) ومنعها من ارباك الموقف وتصعيد الازمة السورية, لصالح مشاريعهما ومصالحهما. فالقادم سيكون صعبا مع مشاكسة ( ايران واسرائيل ) وهذا ما سنعرج عليه لاحقا.

فالنظام الاسدي المجرم بمكره وخبثه وخداعه وخيانته بدأ يتلاعب بالموقفين ( الايراني والاسرائيلي ) لشعوره ان الموقف بدأ يتغير ضده, وان هناك لهجة جديدة في تصريحات واشنطن وموسكو معه.

( فاسرائيل ) تعرف جيدا فضل واهمية النظام الاسدي على امنها وسلامتها ولاسباب معروفة للقاصي والداني, ولكن ( اسرائيل ) ايضا اصيبت بالذعر والرعب والخوف من اندلاع الثورة السورية الوطنية, وبدأت تسعى باي شكل لاجهاض الثورة السورية الوطنية وبقاء الاسد, وهذه المساعي ( الاسرائيلية ) بلا شك تختلف اختلافا جذريا مع موقف التحالف العربي والاسلامي بقيادة السعودية وتركيا, وكذلك مع مستجدات التنسيق الامريكي الروسي.

اما فيما يخص ايران فان النظام الاسدي بدأ بتسريع تجاوبه مع ايران وحثها للاستعجال في توسيع مشروعها الفارسي الطائفي ( لتاسيس مركز استقطاب اسلامي مذهبي بابعاد فارسية ) واثارة غرورها وغرائزها العدوانية, وتجديد ما يسمى بتصدير الثورة الايرانية, واتباع منهج خميني الداعي الى ( تاسيس الدولة الاسلامية الايرانية الثالثة ) باعتبار ان الدولة الاسلامية الاولى كانت ( الاموية والعباسية ) , وان الدولة الاسلامية الثانية هي ( العثمانية ) وستكون الدولة الثالثة ( الايرانية ) , واستبدال رمز ( الخليفة ) بما يسمى بولاية الفقيه, لتولي امر المسلمين وشؤونهم في العالم, واستعادة مجدهم الفارسي ومجد كسرى, وتناسوا جهلا وغباء قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم (( اذا هلك كسرى فلا كسرى بعده, واذا هلك قيصر فلا قيصر بعده, والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزها في سبيل الله )) .

وعليه فان ايران الان تتجه نحو ترتيبات واعدادات واجراءات خارج نطاق معادلة ( التوازن المتفق عليه ) وهذا ما يزعج ويثير واشنطن وموسكو, بتجاوزها معادلة التفاهم والتقاسم مع بقية الاطراف الدولية والاقليمية, خصوصا وان واشنطن الان تبحث عن تحقيق انتصار امريكي في الموصل والرقة واحكام السيطرة من جديد على هذه المناطق الحيوية, كي ترتقي معنويا ودبلوماسيا في التفاوض والتنسيق مع موسكو.

ان ما حصلت عليه ايران في العراق وسوريا, ضاعف من غرورها وعنجهيتها وغطرستها, وبدأت تتوهم بامكانية الذهاب الى تصعيد الموقف العسكري والسياسي, وبناء على ما يردها من النظام الاسدي من تشجيع, وان تتمدد جيوسياسيا ضمن محور ( طهران, بغداد, دمشق, بيروت ) اعتمادا وتوظيفا للحليفان المطيعان لها ( النظام الاسدي والحكومة العميلة في العراق ) , بنشر قطعاتها العسكرية على امتداد هذا المحور الاستراتيجي.

تحت عنوان ما يسمى بالحشد الشعبي, ومظلة مكافحة الارهاب, وبذلك ستضمن ايران حركة قطعاتها العسكرية ذهابا وايابا على طول الطرق الرئيسية والفرعية لهذا المحور وبكل حرية واستمكان بعد ان تعطلت حركتها طيلة الفترة السابقة ولحد الان عن طريق اربيل ودهوك والموصل, وعليه ستتكفل المليشيات الايرانية والعراقية بتدمير اي مدينة وقتل وتهجير سكانها الامنين فيما اذا حاولوا ان يرفضوا او يعترضوا على مرور وتواجد القطعات الايرانية.

ان هذا الترتيب الايراني يشكل الحل الامثل والفرصة الكبرى للنظام الاسدي والحكومة العميلة في العراق لانقاذهم من السقوط النهائي, وهو حاصل لا محال, ولكن يبقى هذا خيارهم الوحيد والاخير.

لذلك سوف لا يترددان في تقديم كل التسهيلات والموافقات وابداء كامل الاستعدادات لاسناد محور ( طهران, بغداد, دمشق, بيروت ) كمحور يضمن بقاؤهم واستمرارهم في السلطة, وتشير المعلومات الخاصة عن تشكيل ( غرفة عمليات سرية مشتركة ) خاص بهذا المحور التوسعي, يضم ( مسؤولين ايرانيين, ممثلين عن حلفاء ايران في الحكومة العميلة بالعراق- المالكي- العامري – الاديب ---- الخ, ممثلين عن النظام الاسدي والاسرة العلوية, ممثلين عن ( حزب الله )) وتتولى قيادة غرفة العمليات هذه, متابعة تواجد المليشيات الايرانية في سوريا والعراق وفتح المعسكرات التدريبية والمقرات السرية لها وتوفير الاموال التي يتم سرقها ونهبها من اموال الدولة العراقية, وميزانياتها المالية السنوية بوسائل مزيفة ومشبوهة وتبويب ابواب الصرف المالي كما يشائون, والتغاضي عن كشف ملفات الفساد وايقافها والتغطية عليها. ويطول الحديث عن عمليات السرقة والنهب لتعدد صوره واساليبه ونماذجه في العراق ايضا تم انشاء مراكز اتصالات عديدة سرية وبتقنيات متطورة, لادامة الجهد المخابراتي والاستخباري الايراني, والقيام برصد نشاطات المقاومة والمعارضة الوطنية في العراق وسوريا والتنصت عليها.

وبلا شك فان ادارة غرفة العمليات هذه تخضع للارادة الايرانية التي تعتمد مبدأ توزيع الادوار, وتقسيم المهام واصدار الاوامر حسب توقيتاتها واماكنها, وبما يتناسب مع المشروع الايراني في المنطقة ويمكن ان نؤشر وبايجاز نماذج لبعض الادوار التي تم القيام بها تزامنا مع هذا التصعيد خلال هذا الشهر وكما يلي:

1- توجيه النظام الاسدي لاقتحام محافظة حلب, والسيطرة عليها لاهميتها الاستراتيجية وكونها العاصمة الاقتصادية لسوريا, ولهذا قام النظام الاسدي, وبمعاونة الطيران الروسي. بتكثيف القصف وضرب المدينة بالاسلحة المحرمة دوليا وبحجم ناري يفوق التصور.

2- توسيع عمليات ميليشيا ( حزب الله ) في المدن السورية, وبعض المدن المحاذية الى لبنان.

3- الايعاز الى الحوثيون والمخلوع صالح الى افشال المفاوضات مع الشرعية اليمنية, وتاسيس المجلس السياسي لادارة اليمن, وبطبيعة الحال هذا كان جاهزا ولكن الاعلان عنه حسب التوقيت المطلوب.

4- ابلاغ العبادي لاصدار التشريعات المعدة والخاصة بالحشد الشعبي, والزامه بضرورة مشاركة الحشد بعمليات تحرير الموصل, والتواجد في الانبار.

5- حث البرلمان العراقي على تقديم مشروع اجتثاث البعث للتصويت عليه في محاولات يائسة لاضعاف جدوى المقاومة الوطنية في العراق, واخماد الانتفاضات الشعبية في الجنوب.

6- تداول موضوع تقسيم سوريا بشرط المحافضة على خطوط ومجالات محور ( طهران, بغداد, دمشق, بيروت ) وضمان بقاء النظام الاسدي فيما اذا حصل التقسيم.

7- ابلاغ الخلايا والمليشيات السرية الايرانية بتغيير مواقعها ومقراتها والتحسب لثورة شعبية في العراق.

8- تبليغ مقتدى الصدر, بالتزامه بشروط ( التحالف الشيعي ) في العراق, والتنسيق مع العبادي في موضوع مهزلة المظاهرات التي يقوم بها.

اذن العرب الان امام محورا عدائيا شرسا ومستميتا يصر على فرض ارادته وخطابه المذهبي على المنطقة, وهذا يتطلب موقفا عروبيا واسلاميا اصيلا وجادا والاتجاه نحو دعم واسناد منهج التحالف العربي الاسلامي الذي تتبناه وتقوده المملكة العربية السعودية, لمواجهة هذا المحور العدواني الخطر. الذي يهدد بلا شك اطراف اقليمية مستقرة ومهمة في المنطقة, ويخضعها الى استراتيجيات ايران واسرائيل وتوسعاتهما, ونتمنى على مصر العروبة, التي تمتلك مقومات الدولة القائد, ان تتبنى دورا عروبيا مسؤولا, ويقظا ومنتبها, فما زال الغرب يعتبر قناة السويس ميراثا وارثا اقتصاديا له, ويسعى لالغاء تاميم القناة كما الغي تاميم النفط في العراق.

اننا كحزب وشعب يناضل ويكافح ويجاهد في سوريا العروية, ننطلق من ثوابت قيمنا العربية وتاريخنا القومي العريق في الدفاع عن كرامتنا وحقوقنا المشروعة فهي اضمن سلاح واقوى عقيدة وسنظل صابرين صامدين محتسبين لله عز وجل الناصر العظيم. متمسكين معتصمين بحبل الله, متوحدين في عملنا الوطني الدؤوب مع كافة ابناء سوريا الشرفاء.

انتهى الجزء الثاني

الرفيق جمال سليم
من تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي
فرع دمشق





الثلاثاء ٢٨ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق جمال سليم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة