شبكة ذي قار
عـاجـل










لقد انطلقت فكرة حزب البعث العربي الاشتراكي من خطوط اساسية كبرى ، تعتبر أولاً أن القومية حقيقة حية لا يمكن افناؤها وليس من الخير ان تتجاهل أو تفنى ، اذا ما بنيت على أسس انسانية متينة ايجابية ، لا دخل للتعصب والانكماش ولعوامل التفرقة فيها .

والنظرة المتعمقة ترينا ، وأن كانت تتأثر وتتغذى بكثير من العوامل الاقتصادية والاجتماعية ، الا أنها تظل أعمق من هذه العوامل وأرسخ قدماً وأبعد غوراً في التاريخ ، فهي من صنع أجيال وقرون وهي نتيجة تراكم طويل وتفاعل عميق أوصل الى خلق صفات مشتركة وروابط روحية ومادية بين مجموعة من البشر أصبحت هي الشخصية المعبرة عن هذه المجموعة وهي المجال الطبيعي والحياتي الذي تنطلق فيه هذه المجموعة في تحقيق انسانيتها .

والقومية ليست كما يمكن ان يوهم التفكير المنطقي السطحي درجة في سلم التطور والارتقاء ، وان الانسانية ليست وضعاً اجتماعياً أو سياسياً يمكن ان يتحقق تحققاً مادياً في التاريخ، فالانسانية مرافقة للقومية وليست لاحقة لها .

وإذا فهمنا القومية فهماً ايجابياً سليماً ، فأننا لن نراها ولن نقيمها على صورة تعزل الامم بعضها عن بعض ، بل نراها في سبيل التفاهم والتعاون الواقعي المجدي بين الامم .

ولكي تكتمل الحضارة الانسانية بهذا التخصص ، فبقاء القوميات لا يعني تعذر قيام روابط انسانية أعلى وأوسع من الرابطة القومية ، كما يمكن ان توجد روابط تدفع عدداً من الامم الى التفاهم والتعاون لدفع خطر معين ، ولتغذية اتحاد جديد فيه خير لمجموعها ولمجموع الانسانية ، كما يحدث في التكامل الاسيوي الافريقي بين أمم عانت تجربة واحدة أو متقاربة في معانات الاستعمار مدة من الزمن وفي مكافحته والتحرر منه والسعي للدفاع عن نفسها ، والعمل على اشاعة روح السلم والتعاون بين جميع الشعوب .

أذن فالشيء الذي نقوله ونؤمن به هو ان وجود شخصية للآمة ، واضحة متميزة نامية وناضجة ، والشعب الذي لا يحس بشخصيته وبالروابط التي تربط افراده بعضا الى بعض ، من العبث ان يشعر بروابط تتطلب جهداً أكبر وتعمقاً اكثر، أهمها واعلاها هي رابطة الثقافة .

هذه النقطة الاولى التي انطلق حزبنا منها عندما بدأنا عملنا من أجل تحقيق أهداف الأمة العربية في التحرر والحرية وفي الوحدة القومية وفي تبديل النظام الاجتماعي الفاسد . فلم نفكر طويلاً في البحث والتنقيب عن مقومات الأمة العربية ، وهل لها من مقومات والروابط المشتركة بين جميع اقطارها وأبنائها ما يبرر وحدتها ووحدة نضالها ووحدة اهدافها . فذلك واضح يفرض نفسه فرضا ، ولا يجادل فيه الا المكابرون والا ذوو الاغراض من المستعمرين والصفوين الذين ادخلوا التشكك في اذهان بعض ابناء شعبنا ، واستغلوا حالة الجهل وحالة التفرقة ، وحالة انخفاض مستوى الحيوية ومستوى الحضارة والوعي في امتنا فأطلقوا هذه الشكوك ليتركونا نجادل في البديهيات .

وما نسب زوراً للحزب بالموافقة على مشروع الأقاليم ، هذه الشائعات التي أطلقها ادعياء مشاريع الاقاليم والفيدرليات من إن حزب البعث العربي الاشتراكي ،- صاحب الرسالة الخالدة والانسانية- وافق على أقامة الأقاليم يرى فيها حزبنا العظيم القومي الرسالي من مخلفات الاحتلال وتنفيذاً لمشروعه في التقسيم وعنواناً للفتنة والحرب الأهلية وضياع العراق ( الدكتور خضير المرشدي الممثل الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي ) والذي أكد ايمان الحزب المطلق وتمسكه الثابت بوحدة العراق أرضاً وشعباً .

فمجرد استمرار هذا الشعب واستمرار شعوره برابطته هو دليل على أن هذه الوطنية والقومية قائمة وباقية ، أن الشيء الذي يهم العرب هو أن يحرروا من الاستعمار الاجنبي ، وان يتحرروا من النظام الفاسد الذي يخنق قواهم ويعطل طاقاتهم ، ويهدر امكاناتهم ، ويتحرروا من التجزئة التي قطعت أوصال الجسم الواحد ويتحرروا من كل العوائق الرجعية التي تقيد العقل وتمنعه من التجدد والابداع .





الجمعة ١٥ رجــب ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / نيســان / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال أحمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة