شبكة ذي قار
عـاجـل










إن جهة إصدار القرار السياسي في إيران واحدة .. ولكن المؤسسات المعنية ظاهرياً في صناعة أولياته هي مؤسسات وهيئات متعددة تعتمد على صلاحيات وهيكليات معينة تعتمد، هي الأخرى، في علاقاتها بهيكليات أخرى ممائلة مستقلة، فيما يتمثل تحديد المسؤولية في إطار الصلاحيات الموكولة أصلاً.. ومن ذلك نجد أن الجهات التي تشكل الأطار العام لعملية صنع القرار السياسي لا ترابط بينها بحكم الصلاحيات المحددة والقاطعة، فضلاً عن الهياكل التنظيمية التي تحكم الفصل في المسؤوليات، وهي العملية التي تحدد طبيعة العلاقات الكائنة بين هذه المؤسسات وارتباطها بعملية صنع القرار السياسي وفي مقدمتها ( ولي الفقيه ) .!!

هذه الصيغة أو الهرمية، تضع عملية صنع القرار في متاهات من الصعب حصر مساراتها في تحديد المسؤولية من جهة واصدار القرارات التنفيذية من جهة ثانية .. بمعنى تحديد العلاقة الموضوعية بين هذه الهياكل وصلاحياتها في التنفيذ .. أي ، الصلاحيات المتوفرة والممكنة لدى هذه الهياكل التنظيمية لتحديد علاقات السلطة التنفيذية .

لنأخذ امثلة متعددة لهذه الهياكل وكيف تتهرب من تحمل المسؤولية في اصدار قرارات التنفيذ .. وعملية التهرب تنطوي على مراوغات وتسويف وتذرع بعدم الصلاحيات او أن الموضوع هو ليس من واجباتها ومهامها وخاصة تنفيذ شروط الملف النووي :

1- ( محمد جواد ظريف ) .. يقول انه مكلفاً برئاسة فريق المفاوضات وليس مكلفاً بإجراءات تنفيذية كاصدار قرار لتنفيذ مواد الأتفاق النووي .. وشدد على أن مهمته سياسية خارجية وليست إجرائية داخلية .. وبهذا المنطق يتملص محمد جواد ظريف من مسؤولية إصدار قرار لتنفيذ بنود الأتفاق النووي.!!

2- ( علي شمخاني ) ، رئيس المجلس الاعلى للامن القومي الايراني .. هو الآخر قد ( تملص ) من إصدار أمر التنفيذ مؤكداً على ان المجلس يضطلع فقط بالامور التحليلية والاستشارية وليس من سلطاته او مهامه اصدار الاوامر لاي هيئة حكومية .. وهنا نجد ان هذا المجلس يتنصل عن المسؤولية بدعوى الصلاحيات .!!

3- ( علي اكبر صالحي ) ، رئيس هيئة الطاقة الذرية الايراني .. فقد راوغ بعيداً عن تحمل المسؤولية بأن الهيئة تضطلع بالمسائل العلمية والفنية وليس من صلاحياتها اتخاذ القرارات او اصدار الاوامر ذات الطبيعة السياسية .!!
4- ( علي أردشير لآريجاني ) ، رئيس مجلس الشورى ( البرلمان ) .. فقد أوضح ان المجلس يحمل سلطة تشريعية وليس تنفيذية وانه يلتزم بمبدأ الفصل بين السلطات، وليس من مهامه التوجيه او اصدار قرار لأي جهة ايرانية حتى لو كانت هيئة الطاقة الذرية، بتنفيذ بنود القرار .. ويتبين من هذه الصيغة المغزى من التهرب والمراوغة في عدم تحمل مسؤولية اصدار قرار تنفيذي يخص الاتفاق النووي .!!

5- المرشد الأعلى الأيراني ( علي خامنئي ) .. يمكنه اصدار القرار الحكومي أو ما يعرف بالمرسوم الحكومي حيال أي أمر يخص ايران .. إلا انه لن يوقع على قرار تنفيذ بنود ( الأتفاق النووي ) ، لماذا ؟ لأنه ( يفضل ممارسة سلطاته دون تحمل مسؤولياتها ) .

في ضوء ما تقدم نرى ان هؤلاء ( صناع القرار ) وهم على رأس مؤسساتهم المتخصصة .. كلهم يتهربون أمام تحمل مسؤولياتهم ويتذرعون باختصاصاتهم المحددة سلفاً ويراوغون ويتملصون من إصدار الأوامر أو القرارات، التي من شأنها تنفيذ فقرات الأتفاق النووي الضرورية والمهمة على طريق تطبيق الاتفاق .. ومن غير تنفيذ هذه الفقرات من الصعب الحديث عن إتفاق يتم تطبيقه بين ما يسمى ( 5+1 ) .. فلا ( روحاني ) يوافق على تفويض تنفيذ فقرات الاتفاق .. ولا ( لآريجاني ) ، الذي يطبق سياسة الأنكار من خلال ما يسمة بـ ( التقيه ) ، والتي تعني ( الأخفاء والكتمان والتظاهر والمكر والمخادعة ) ، وهي فلسفة يطبقها أركان النظام الصفوي في عملهم واساليب علاقاتهم وتعاملاتهم .. فيما ينفي كبير خبراء الذرة ( كمال فندي ) تلقيه أي أمر أو قرار لتنفيذ بنود الاتفاق ولا حتى تعليمات بشأن فقرات الاتفاق النووي المهمة والضرورية.

وهكذا هو تسويف إيران في الداخل بين قادتها انفسهم، فكيف بينهم وبين دول وقادة دول العالم.؟!

ماذا نستنتج من كل هذا ؟
أولاً- إن حلقة متكاملة من المؤسسات الإيرانية ( وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للأمن القومي وهيئة الطاقة الذرية ومجلس الشورى الأسلامي- البرلمان- والمرشد الأعلى الأيراني "علي خامنئي" الذي بيده السلطة المطلقة في إصدار القرارات ) ، تتمتع بصلاحيات مهنية وفنية ليست لها سلطات خارجية .. وهي مزاعم موجودة عملياً في إدارة الدولة الصفوية .

ثانياً- إن هذه الحلقة من المؤسسات المهمة، رغم مهنيتها، معنية بمسألة السياسة والأمن .. تتمتع بقابليات التسويف والمماطلة والمراوغة والخداع .. وتقدم ( لآشيء ) من أجل أن تكسب ( أشياء ) في نهاية المطاف.!!

ثالثاً- كل هذه المؤسسات تؤكد على انها معنية بالوضع الداخلي وليس من مهامها الشؤون الخارجية.

رابعاً- كما أنها تؤكد على كونها معنية بالشؤون الأجرائية والفنية والأستشارية والإرشادية، وليست معنية بالشؤون السياسية الخارجية.!!

خامساً- ويتضح من ذلك .. ان اي صيغة قد تنفرد بها هذه المؤسسات تكون غير ملزمة لباقي المؤسسات الأخرى التي بأمكانها التملص والنأي بنفسها عن أطر المسؤولية وعن أي التزامات قد تترتب سياسياً أو قانونياً .. حتى المرشد الأعلى الذي يمسك وينفرد بإصدار قرارات الحرب والسلم ( كما هو معروف عن كأس السم الذي تجرعه خميني ) ، وقرارات الداخل السياسية وغيرها والخارج السياسية وغيرها، يستطيع ان يتملص ويلقي المسؤولية على عاتق افراد أو مؤسسات أخرى بحكم سلطانه على أساس ( الأرشاد والتوجيه ) ولا يعمل في السياسة .. كما هو شأن " علي السيستاني " الذي يقول أنه لا يتدخل في السياسة .. ولكن واقع الحال يشير الى ان لا أحد يستطيع ان يحتل مركزاً في الحكومة إلا بموافقته، كما أن قرار التعبئة المليشياوية والحشد السياسي وادارة الوضع العام ، البرلماني والطائفي هو قرار يصدره علي السيستاني ومن ورائه علي خامنئي.!!

ألا ترون ان ازدواجية العمل والتداخل المقصود بين ( السياسي والمذهبي ) و ( رجل الدين ورجل السياسة ) ، هو الذي وضع حال العراق في مستوى الكارثة في ظل الأحتلال الأمريكي الغاشم .؟!

وكما يحصل في إيران يحصل في العراق من تداخل يراد تطبيقه بوجه آخر في باقي اقطار الوطن العربي .. وما نراه في الظروف الراهنة يدفعنا للتساؤل ، هل تطبق ايران إلتزاماتها المتعلقة بفقرات الأتفاق النووي؟ وكيف تضمن دول ( 5+1 ) وعلى رأسها أمريكا ان ايران ستلتزم وستفي بالتزاماتها بالتنفيذ دون مراوغة وخداع وتسويف، وخاصة تعطيل مفاعل ( أيراك ) وأعداد وحدات الطرد المركزي وغيرها من الفقرات؟ وهل أن أمريكا المعنية بالدرجة الأولى بهذا الملف غبية أم أنها تتغابى على مجتمعها والمجتمع الدولي وعلى اقطار الوطن العربي؟!

إن أمريكا تدرك بأن مصدر الأرهاب هو إيران، بعد أن تساقطت اوراق القاعدة، التي اشتغلت عليها امريكا اكثر من عقدين من السنين .. وإن أمريكا تعلم علم اليقين بأن أهم أداة توافقية- إستراتيجية معها هي الأداة الإيرانية لتغيير معادلات المنطقة أولاً والعالم ثانياً .. لتظل امريكا تحلم بزعامة العالم رغم انهياراتها الأقتصادية والنقدية والسياسية.. فيما تصر على تأسيس قاعدة الأنطلاق في الشرق الأوسط من خلال نظام الأمن الأقليمي .. وأحد أهم أظلاعه ( إيران وتركيا وإسرائيل ) .

أداة التغيير في المنطقة والتهديدات الجيو- ستراتيجية فيها ومنها إلى العالم هي أداة إيرانية خالصة ، والتفاصيل معروفة ومكشوفة .. اضربوا رأس الأفعى الفارسية تموت الأطراف وتهدأ المنطقة وما ورائها .!!





الثلاثاء ٥ صفر ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة