شبكة ذي قار
عـاجـل










كانت طهران تتعامل مع الشعب الفلسطيني، أو بالأحرى مع القوى الفلسطينية على أساس، ليس دعم نضال الشعب الفلسطيني، إنما على أساس الولآءات الآيديولوجية - الطائفية ، فقسمت الشعب الفلسطيني في تعاملها بين ( حماس ) و ( الجهاد الأسلامي ) دون أن تنظر ألى فتح من واقع التعامل الموضوعي بالقدر الذي تقدم أي منظمة خدمة أو ولآئها لطهران ، ولم تبخل الأخيرة في مد ( حماس ) و ( الجهاد الأسلامي ) على وجه التحديد بالأموال والسلاح، ليس حباً بهذا التنظيم ولا بحماس ولا بالشعب العربي الفلسطيني ولا كرها بالكيان الصهيوني أبداً .. إنما اندفاعاً نحو تنفيذ مشروعها الفارسي في المنطقة، والمدخل لتنفيذ هذا المشروع هو القضية الفلسطينية، كما قلناه في مقالينا السابقين اللذين نشرتهما البصرة المناضلة في حلقتين بتاريخ 13 و 17-10- 2011، تحت عنوان ( تركيا وإيران.. مدخلهما الى المنطقة فلسطين.. لماذا؟ ) .. ولا يهم طهران إذا ما انقسم الشعب الفلسطيني وتضررت قضيته الوطنية وتفككت وتفتتت وتم قضمها تدريجياً بمشاريع الأستيطان الصهيونية .. كما أن طهران ليس في بالها ( القدس ) وتهويد القدس واغتصاب القدس من قبل المستوطنين، ولكن في بالها كيف تستثمر ذلك حين تطلق على مليشياتها ( فيلق القدس ) ..!!

دعونا ننظر الى طبيعة التحول الفارسي في هذا التعامل :

1- بعد المشكلات التي حدثت في المنطقة، والأضطرابات التي حلت في بداياتها في سوريا، والمواقف التي اتخذتها المنظمات الفلسطينية من احداث عربية ( داخلية ) صرفة، نشأت القطيعة الفارسية لكل من ( حماس ) و ( الجهاد الأسلامي ) في غزة .. والقطيعة سياسية خجولة ولكنها مصحوبة بوقف الدعم المالي والعسكري، ثم لم تعد هنالك من زيارات لقادة هتين المنظمتين الفلسطينيتين الى طهران .. حتى ان خالد مشعل لم تكن طهران مستعدة لأستقباله ، إلى هذا الحد .!!

2- ولكن إيران الفارسية كانت في خضم هذه العلاقات التي استمرت سنين.. كانت تعمل على خلق ( قوة ثالثة ) أو بالأحرى تنظيم فلسطيني ثالث عملت على دعمه سياسياً وآيديولوجياً- تشيعياً .. ولم تكشف عن فعاليته إلا في وقت كانت طهران قد خططت له لينطلق في قطاع غزة لكي يكون ممثلاً شبه رسمي للنظام الفارسي .. وقد أطلقت على هذه الحركة ( الصابرين ) .!!

3- استغلت إيران حاجة قطاع غزة ألى المال لدفع ( رواتب ) وتسديد ( نفقات ) .. فبدلاً من ارسال إيران مبالغ ألى حكومة غزة لدفع الرواتب مثلاً، انفردت إيران بدفع الرواتب إلى عناصر قيادية تشيعية في هذه الحركة لتقوم بتوزيعها على عناصرها، وتتراوح ما بين 250- 300 دولار شهرياً وبشكل ثابت، فيما يتلقى كبار قياداتها وكوادرها مبالغ لا تقل عن 700 دولار شهرياً ، في الوقت الذي تعاني الأسر الفلسطينية من قطع الرواتب عن الموظفين والعمال وغيرهم .

4- ولم تكتف طهران بدفع المال لقيادي هذه الحركة إنما قامت بتسليحهم وتشكيل خلايا نائمة في داخلها .!!

والتساؤل هنا .. لماذا التمويل والتسليح؟ من أجل أي هدف؟ ولماذا أدارت طهران ظهرها لحماس و للجهاد الأسلامي؟ .. لأن طهران تريد ان تملي سياساتها من خلال أدوات خارجية تقوم بتنفيذها، ليس بالضد من الكيان الصهيوني، إنما من اجل تغيير المعادلات بما يخدم المصلحة الفارسية أولاً والمصلحة الأسرائيلية ثانية ويكرس مشروع الشرق الأوسط الكبير ثالثاً.!!

5- ويتم كل هذا بأسم الفلسطينيين والقضية الفلسطينية .. وان السلوك السياسي الفارسي في حقيقته، تجارة سياسية بامتياز تخلو من مباديء الأخلاق ومباديء الشرف والكرامة الأنسانية .. فهل تتعظ المنظمات الفلسطينية؟ ، وهل يتعظ العرب ويدركوا أن حجب المال قد تدفع الحاجة إليه إلى إيران وغيرها .. ويدركوا أن الإحجام عن مد يد الدعم والمساعدة والمساندة للقوى الوطنية المقاومة للنفوذ الفارسي ولغيره يسهل وصول النار إلى مخادعهم.؟!





الثلاثاء ١٤ محرم ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة