شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس غريباً على شعب العراق ما حدث في مدينة الأعظمية المقدسة، ولا غرابة بالأحداث والمجازر الشنيعة، التي حدثت قبلها، وهي احداث جسام مروعة.. أدخلتها السلطة العميلة في سلسلة من المعميات ( التنديد - تشكيل اللجان - إثارة موجة من الأستنكارات الأعلامية - تنفيسات في البرلمان وبعض عناصر الأحزاب والحكومة ) وبعدها ينتهي كل شيء .. لا تحقيق ولا نتائج تحقيق ولا مجرم جانٍ ، إنما فقط المجني عليه - ولا عدالة ولا حتى حق عام، الذي فقد معناه منذ العام 2003 وهو يوم أسود كالقار حلَ على العراق والعراقيين.

فالدماء التي تسفح بغزارة يومياً، من جثث مرمية على أرصفة الطرق ومكبات القمامة وبعضها يظل طافيا على سطح مياه الأنهر والمبازلً، تشير سجلات الرسمية إلى أن الجاني مجهولاً .. والبشر يسجلون كأرقام .. قتل في بغداد هذا اليوم تسعة وفي البصرة ثلاثة وفي المحمودية عشرين وسامراء خمسين والطارمية وجرف الصخر وتكريت وبيجي والفلوجة قد تجاوز المئات .. وكل هؤلاء البشر أرقام في سجلات في الطب العدلي.. والنتيجة ليس هنالك من جاني يقدم إلى المحكمة ولا من نتائج للتحقيقات.. مغدورون بطلق ناري في الرأس وأعين مغصوبة ويدان مكبلتان إلى الخلف وإشهارات بالأختطاف من البيوت علانية في الليل والنهار.. وتقارير مكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المأجور في بغداد تشير إلى أن الأوضاع في العراق في تحسن والمصالحة جارية على قدم وساق والأمن مستتب.. وهو النفاق بعينه. !!

من هو المجرم الحقيقي المتسلسل، كما يقال، ولماذا يصر على ارتكاب جريمته، ولماذا التستر عليه..وماذا يريد من تصعيد وتيرة القتل والحرق والتهجير..ثم ما المغزى من تمييع أحداث والتغطية على أخرى أو التقليل من شأنها وهي أحداث جسام ؟

وقبل الأجابة على هذه الأسئلة يتوجب تناول بعض المسائل المهمة التي أفرزتها السنين العجاف الماضيات بشيء من التركيز:

1- لقد حاول الأمريكيون المحتلون للعراق وحلفاؤهم أن يكرسوا منذ تأسيسهم ( مجلس الحكم ) ثم تشكيلهم ما يسمى بالرئاسات الثلاث، وهي تشكيلات ديكورية أعمدتها طائفية وعرقية ليؤسسوا عليها التقسيم بعد التفتيت عن طريق الأقتتال والتناحر.

2- شركاؤهم في هذا التشكيل هم الإيرانيون، ولولاهم لما استطاع الأمريكيون من احتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني .. وهذه حقيقة شاخصة لحد الآن يعتمدون عليها كشراكة إستراتيجية من أجل ضمان المصالح الأمريكية في العراق وتكريس النفوذ الفارسي الصفوي فيه.. ومن الصعب تصور خلاف هذه الحقيقة.

3- كل ما يقال عن صراعات أمريكية إيرانية، هو مجرد تشويش على الحقيقة، يأتي في اطار سياسة خلط الأوراق.. فقواعد اللعبة متفق عليها، أما التفاصيل فلكل فريق حرية الحركة في المناورة والمهاترة والتصعيد في الأتهامات المتبادلة .. وكله يقع في سيناريو هو الآخر متفق عليه.. بيد أن الأمر ومساره يأخذ شكل مراحل مكشوفة وفاضحة.

4- رفض تسليح الـ ( سنة ) إيرانياً وتسليحهم بقانون أمريكي خطوة لا تخرج عن إستراتيجية ( باراك أوباما ) القائمة على التوازن .. فحين غُيبتْ الدولة وتمَ تكريس المليشيات الطائفية الفارسية كصاحبة القرار بدلاً من الحكومة تصاعدت المطالبات بالتسليح، فيما تتدفق الأسلحة والذخيرة الإيراني على المليشيات الصفوية مع الأمر السريع بدخول ( النخيب ) .

5- عمليات الأنسحابات المليشية المتكررة من ميادين القتال دون علم ( الجيش ) .. وتحركاتها من مواقع إلى آخرى لا يعلم بها ( الجيش ) هي إنعكاس يعلن صراحة إبتلاع المليشيات للحكومة وليس للجيش فحسب أو تهميشه وإلغاء دوره لا بل حتى توريطه لأعطاء المبرر الكفيل بأن تبتلع المليشيات الفارسية ( سلطة ) الدولة.!!

الأنسحاب المفاجيء المريب للقوة العسكرية المرابطة في المفاصل الأساسية لمدينة الأعظمية وبأمر من آمر اللواء، الذي تلقى أمراً بالأنسحاب من مرجعه المليشي في لحظة الصفرو في حقيقته تنفيذاً لجريمة الحرق والترويع والتجاوز على حرمات المواطنين وحرياتهم وأماكن عبادتهم وممتلكاتهم.!!

الحرق المتعمد للمؤسسات الرسمية وبيوت المواطنين وسياراتهم وممتلكاتهم وإستفزازهم بالسب والشتم وإطلاق العبارات الطائفية الكريهة الوقحة والتحريض والتهديد والوعيد بالحرق والموت .. ما هي إلا أساليب مرسومة مسبقاً ومخططاً لها من لدن المليشيات الفارسية وبإيعاز منها .. فلو كانت أجهزة الأمن والشرطة وقوى الجيش المسؤولة مهتمة بالمحافظة على الأمن، وخاصة في مثل هكذا مناسبات حساسة جداً، لما حصل الذي حصل .. إنما كان الأمر مدبراً يكشف عنه انسحاب الجيش المبكر وعدم تدخل الأجهزة الأمنية المكلفة بالمحافظة على الأمن وممتلكات الدولة وممتلكات المواطنين وأرواحهم .

6- إن التفسير الرسمي .. بأن ( عناصر مندسة ) و ( بعض مخربين ) و ( خارجين على القانون ) و ( عناصر أو مليشيات وقحة ) .. كل هذه التصريحات هي توصيفات لا تعالج جوهر الجريمة وهي افتعال فتنة الأقتتال الطائفي وتعميق حفر الخنادق بين مكونات الشعب العراقي المتنوعة وبإشراف مهندس فارسي قذر لا يضمر للعراق ولا للعراقيين سنة وشيعة ولا لقومياته المتآخية منذ قرون، سوى الدمار الكامل والشامل لكي يسود ويتحكم بأسم المذهب الشيعي - والمذهب الشيعي العربي الأصيل منه براء إلى يوم الدين - .

7- ألم يتزعم قاسم سليماني جموع الزوار من شعبنا عبر الأعظمية إلى الكاظمية، وهو المشرف رسمياً على مليشيات ( كتائب حزب الله العراقي ) و ( عصائب اهل الحق ) و ( كتائب الأمام علي ) .. ألم يعط الضوء الأخضر بمجرد عبور الجسر الى الكاظمية بتنفيذ خطة الهجوم على جامع أبي حنيفة النعمان ومؤسسات حكومية ومساكن المواطنين في هذه المدينة الآمنة .. ألم يكن إستفزازاً يرمي إلى ردود فعل تلهب بغداد استغلالاً لهذه المناسبة.. ألم يكن مخططاً إجرامياً فارسياً يستهدف في ما يستهدف تهميش ( الحكومة ) و ( جيشها ) و ( اجهزتها الأمنية ) .؟!

8- ثم ألم يكن هذا المخطط الفارسي يمهد الطريق ويسهل لمن يرفع يافطة الأقاليم من أجل التقسيم بذريعة أن لا أمن ولا أمان إلا بالأقاليم، وهي سياسة صهيونية مشبوهة يعمل عليها سليماني وغيره من الذين لا يريدون شعب العراق ولا العراق موحداً وقوياً؟

9- ألم يكن هذا جزء مما حصل تماماً في تكريت وصلاح الدين وقبلها جرف الصخر ومناطق اخرى معروفة للقاصي والداني.؟!

لا يجوز أن يمر هذا الحدث المريب بدون تدقيق وتحقيق وحلول جذرية تمنع تكراره .. هذه المرة فشل فشلاً ذريعاً، وقد يكون رسالة ، ولكن لا يجب أن يتكرر أبداً .!!






الاحد ٢٨ رجــب ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أيــار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة