شبكة ذي قار
عـاجـل










يلوح للمرء في أحداثها العجب     ومن يعش ير والايام مقبله


من خلال ما تناولته في الحلقات السابقة يظهر ان سلوك الاداره الامريكيه ان كانت من ألجمهوريين أو ألديمقراطيين سلوكا" ميكافيليا" - الغاية تبرر الوسيله - دون الاكتراث بما يلحق بالشعوب ألتي تتعرض لجملة التعقيدات الحياتية او التدني في الخدمات بسبب الحكومات التي تعينها امريكا في البلدان التي تتعرض الى مخططاتها واستهدافها وقبل التطرق الى الواقع العربي عامه والعراقي خاصه اود الاشاره الى الحقيقة التي كشفتها مجلة التايم الامريكية في عددها الصادر بتاريخ 15 تموز 1996 وكيف تتحرك امريكا في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان يشكل القطب الند لها ولتطلعاتها الامبراطوريه (( فيليكس براينين مهاجر يهودي روسي هاجر إلى سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة عام 1979 ،

 

أما الآن فهو مستشار ثري في شؤون الإدارة وقرر الإقامة في موسكو ليستفيد من معرفته في روسيا وتقديم الاستشارات للأمريكيين ذوي الاهتمامات الاستثمارية بها وقد لفت انتباهه إلى أن الاستطلاعات التي أجريت في روسيا بصدد الانتخابات التي لم يبق على إجرائها سوى بضعة أشهر ، أظهرت أن 6% فقط من الناخبين الروس كانوا مستعدين لإعطاء أصواتهم ليلتسين كرئيس مقبل لروسيا وكانت لدى المواطنين الروس أسباب كثيرة تدعوهم إلى الإحساس بالتقزز من يلتسين ونظام حكمه ، إذ إن وعوده بالإصلاحات الاقتصادية لم تعد بالخير إلا على طبقة الواحد في المئة من أرباب الثروات التي تم إيجادها ، في غضون ذلك كان ملايين من المواطنين الروس يتضورون جوعاً بسبب البطالة ، فيما لم يتلقّ عشرات الملايين الآخرين العاملين رواتبهم لمدة طويلة ، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة كانت الحكومة مستبدة ينخر الفساد في أوصالها وكانت المافيا والجريمة في تزايد مستمر ، فضلاً عن الحرب في الشيشان التي لم تتعدّ كونها كارثة على البلاد فإلى أي مدى من السوء قد تبلغه الأمور في وضع مزر كهذا ؟ ، ومما أثار كرب براينين وأدخل الانقباض والحزن إلى نفسه هو عودة الشيوعيين إلى البرلمان الروسي - الدوما - ولو تقدم مرشح شيوعي عندئذ ، فلربما فاز في الانتخابات الرئاسية الروسية وكمهاجر من روسيا ، راقب براينين آليات ووسائل الانتخابات الأمريكية ولا بد أن براينين قد تذكر كيف أصبح حاكم مغمور صغير السن لإحدى أفقر الولايات الأمريكية عندما تبنّتْهُ قوى المال والسماسرة في أمريكا وسوقته من خلال حملة وطنية شملت أنحاء الولايات المتحدة ومكنته من الفوز على رئيس يتربع على سدة الحكم وحاصل على أعلى تقدير في تاريخ الولايات المتحدة منذ عام واحد فقط ، وظن براينين أن باستطاعة يلتسين الاستعانة ببعض صانعي التماثيل والصور الأمريكيين والمتخصصين في ادارة الحملات الانتخابية وكان لهذا الروسي مصلحة كبرى ،

 

شأنه شأن مالكي النفوذ والسلطة الأمريكية في السعي لإعادة انتخاب يلتسين ولذا فقد عمد إلى مناقشة الموضوع مع النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي ، وتلقى الموافقة في مطلع شهر فبراير/شباط عام 1997 وكان هناك شرطان جاءا مع الموافقة - يجب أن يعمل الأمريكيون تحت ستار من السرية والكتمان - ، وبخلاف ذلك فإن الشيوعيين سيتهمون يلتسين بأنه - أداة في أيدي الأمريكيين - ، إذا وجد الأمريكيون أن إعادة انتخاب يلتسين غير ممكنة ، فإن عليهم أن يقرروا ذلك قبل شهر واحد من إجراء الانتخابات حتى يمكن إلغاء الانتخابات أو إرجاؤها ، وعلى الأثر استدعى براينين محامياً معروفاً بعلاقاته الوطيدة مع الجمهوريين في ولاية كاليفورنيا هو فريد لويل في سان فرانسيسكو . وقد اتصل لويل بدوره بصديق له هو جو شوميت وهو خبير تحليل البيانات والتحليلات السياسية وأخيراً تم اقتراح تشكيل قوة عمل برئاسة جو شوميت وجورج جوردان وهو استراتيجي سياسي قدير منذ زمن طويل ، وقرر هؤلاء أن يضموا إليهم ريتشارد درسنر وهو مستشار في شؤون الحملات في نيويورك وذو علاقات مع ديك موريس ذي العلاقات الحميمة مع إدارة كلينتون وكان موريس ودرسنر قد عملا معاً أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات وساعدا على انتخاب كلينتون حاكماً لولاية أركنساس ،

 

وأوردت مجلة تايم الأمريكية أنه في مناسبتين على الأقل قدم موريس يد المساعدة عن طريق موظفي إدارة كلينتون الرامية إلى إعادة انتخاب يلتسين ، وقد أضيف اسم شابين إلى قوة العمل الأمريكية American Task Force ATF وهما وليم بارينين والمدعو ألان وهو ابن فيليكس ، وستيفن مور المتخصص في العلاقات العامة في واشنطن كما تم ضم ابنة يلتسين تيتيانا ديا شينكو إلى قوة العمل الأمريكية ، وأقامت قوة العمل في فندق الرئيس وعملت من الغرفة 1120 بينما عملت تيتيانا من الغرفة 1119 واعتمدت قوة العمل الخطة الآتية - تدريب موظفي الحملات الانتخابية الروس على الأساليب الأمريكية في الاقتراع وتطوير الوسائل والاتصال بالناخبين وتنظيم الحملات ، يتم تشكيل فرق الحقيقة لمطاردة المرشح الشيوعي ومضايقته بالأسئلة إلى أن يفقد أعصابه ويمكن أن تستعمل الأكاذيب من قبل فرق الحقيقة هذه ! ، يجب إجراء استطلاع للرأي العام لمعرفة نسبة التأييد ليلتسين وأظهرت الدراسة أن الناس يعتقدون أنه حتى ستالين كانت لديه نقاط أكثر إيجابية من يلتسين وأعرب 60% ممن شملهم الاستطلاع عن اعتقادهم أن يلتسين كان فاسداً ، و65% يعتقدون أنه قد دمر الاقتصاد الروسي ،

 

وأنه مع وجود يلتسين لن يعرف التحسن طريقاً نحو أي شيء في روسيا وببساطة ، فقد وُجد أن يلتسين قد خلا من أي من النواحي الإيجابية التي يمكن أن تستعمل لمصلحته في الحملة الانتخابية ، ولقد تم اتخاذ القرار على التركيز على المساوئ في العهد الشيوعي ، ومن جملتها الطوابير الطويلة ، شح المواد الغذائية وهلع الناس وخوفهم من حرب أهلية وهكذا فقد قررت مجموعة التركيز focus group استعمال هذه الوسائل ، وقد وجه خبراء الإعلام تلفزيون الدولة حول كيفية تركيز الكاميرا وتناول الأنباء الرئاسية كجزء متكامل من خطة الحملة ، قررت قوة العمل الأمريكية بعد تحليل الدراسة أن المرشح الشيوعي لن يحصل على أكثر من الصوت الشيوعي وقررت اللجنة أن أخطر تهديد قد يتمثل في انبثاق قوة ثالثة وقرروا كذلك ضم ليبيد Lebed إلى صفهم مهما كلف الأمر . ولضمان عدم توحد المرشحين الآخرين فقد قررت قوة العمل نفخ هؤلاء وتضخيم صورهم على نحو لا يمكن أن يتفقوا أو يلتقوا معه أبداً ولكن من أكثر الأمور والنقاط المشوقة التي تدل على أن الديمقراطية الميكانيكية مفرغة من محتواها هو قرار قوة العمل الأمريكية بأن يلتسين يفتقر إلى أية مقومات وأسس جوهرية يمكن له أن يستعملها بنجاح في حملته وقرروا ألاّ يدخل في أيه مناظرة مع خصمه الشيوعي ،

 

لأن يلتسين سيخسر مثل هذه المناظرة على وجه التأكيد رأى أعضاء القوة أن قمة يعقدها كلينتون ويلتسين قبل بضعة شهور من الانتخابات ستحسن من صورة يلتسين ، وخصوصاً إذا أظهر أنه سيستمر في النضال لمصلحة روسيا ضد الغرب لقد كان موظفو الحملة الانتخابية الروس مأخوذين تماماً وعلى الأخص باستعمال أجهزة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية لقياس ردود الفعل الصادرة عن الجمهور للرسائل أو الخطابات الصادرة عن يلتسين أو المرشحين الآخرين ، وقد استعملت أجهزة تحليل الإدراك الحسي لقياس اهتمامات وموافقة جمهور ما ، وعندما ظن أعضاء قوة العمل الروس أن خطاباً ألقاه يلتسين كان فعالاً ، وارتأت قوة العمل الأمريكية خلاف ذلك ، وكانت النتيجة كما توقع الأمريكيون لغير صالح يلتسين وقد أعرب الموظفون الروس عن دهشتهم إزاء ذلك وتأثرهم به ومنذ تلك اللحظة لم يحد الموظفون الروس عن توجيهات وتعليمات قوة العمل الأمريكية ATF وأخذوا يتبعونها بإخلاص وتفان ، بدأت نتائج الاستطلاع بالتحسن ،

 

حيث أخذت الحملة بالتطور طبقاً لخطة ATF . وعندما تساءل مساعدو يلتسين في 5 - 5 - 1996 عن احتمال نجاحه ، أو ضرورة تأجيل موعد إجراء الانتخابات أجابتهم قوة العمل الأمريكية ATF أن يلتسين يستطيع أن يضمن الفوز المؤكد ، وأن من المتوقع أن يتفوق على منافسه الشيوعي بخمس نقاط وعندما أجريت الانتخابات كانت نتائجها 35% لمصلحة يلتسين مقابل 32% لخصمه الشيوعي غينادي زيوغانوف لقد بدأ زيوغانوف حملته الانتخابية وهو يخطو على نسبة 32% من الأصوات وأنهى حملته بالنسبة نفسها ، إذ لم يكن لديه من يصنع له الرسوم والصور أما يلتسين الحقيقي فقد حصل على 6% فقط من أصوات الناخبين عند بداية الحملة ، وانتهى بنسبة 35% من الأصوات بعد أن أوجد صانعو الصور منه صورة جديدة وإن صورة يلتسين ، وليس يلتسين الحقيقي ، هي من اختارها الناخبون وعلى المنوال نفسه كانت السياسة الامريكية في العراق ولعبة الانتخابات التشؤريعية وكيفية تلميع وجوه عملائها وادواتها وتمكينهم من البقاء بمواقعهم او بالقرب منها في عمليتهم السياسية التي لم ينتفع منها العراقيين سوى القتل والنهب والتهجير والتهميش وكما هو الحال في الاقطار العربيه التي وصلتها رياح الخريف الجارف لما تمكن ابنائها من تحقيقه على صعيد التنمية و البناء المؤسساتي


يتبع بالحلقة الاخيره






الاثنين ٢٤ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة