شبكة ذي قار
عـاجـل










الانتماء العقائدي قوميا" وطائفيا"للفرد بقصد بناء التكوين الشخصي والمجتمعي الهادف الى البناء الايجابي ينظر اليه علماء الاجتماع  وعلماء النفس بأن الإنسان كائن غريزي ومفكر أي انه دائم التفكير وله غرائز يريد إشباعها من خلال التفكير وعلى هذا الأساس فلابد من وجود غريزة العيش الجماعي ضمن أبناء نوعه وهو ميلاً يشعره انه جزءً منهم وانه ينتمي إليهم ، وهذا الميل والشعور الفطري عن العمق والأصالة في طبيعة الإنسان بحيث يجوز ان نسمية غريزة الانتماء ، وهذه الغريزة التي لا يخلو إنسان منها بشكل من الأشكال سواء كانت هذه الغريزة الانتماء إلى العقيدة  أو الوطن أو الحزب أو العشيرة أو الطبقة الاجتماعية  ((  وانطلاقا من هذا الفهم نستطيع ان نفهم حقيقة الدعوة القومية للوحدة العربية ، فهي ليست نتاج ميل للاستقواء بالكم العربي على الاخرين بل هي حاجة تفرضها الهوية المشتركة لكل عربي من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي ، فالانسان بطبيعته الفطرية منجذب تلقائيا لمحيطة وابناء محيطه ، وكل مجتمع يبنى على اساس القسمات المشتركة بين افراده والتي تتشكل منها جماعة متميزة عن غيرها ليس عرقيا بل ثقافيا وسايكولوجيا ولغويا ، ان الانسان مخلوق اجتماعي وصفته هذه تجعله لا يستطيع العيش الا ضمن جماعة ، ولذلك يختار تلقائيا الاقتران بعائلته الاصغر أ الاسرة ثم بعائلته الاوسع ، ثم بعشيرته ثم بقبيلته واخيرا بوطنه الذي هو مجموع القبائل المتشكلة هرميا ، لكنه مجموع وان كان يعبر عن مكوناته الا انه تطور نوعي ارقى من القبيلة او الاسرة او العشيرة او المنطقة ، لانه حصيلة اندماج تطوري بطئ انتج مجتمعا صلته الاقوى هي الصلة الوطنية والقومية وليس العشائرية او الاسرية ،  وحينما يختار الانسان بصفته عضوا في جماعة متكونة ان يعبر عن ذاته فانه يدرك انه بحاجة للاتحاد مع بقية ابناء امته الناطقين بلغته والناشئين في مناخه السايكولوجي والثقافي منذ مئات السنين وربما الاف السنين كالعرب. وبهذا المعنى فان القومية بالنسبة للبعث هي وجود اجتماعي  ثقافي لمجموعة من البشر تربطهم لغة مشتركة ومصالح مشتركة وتقاليد مشتركة وارض مشتركة، تعبر عن اندياح الصلات لانسانية كما تنداح موجات المياه حينما تلقي حجرا في بركة ماء فتتكون اولا حلقة صغيرة ثم اكبر فاكبر، والامة هي الحلقة الاكبر في درجات اندياح حركة المجتمع الانساني، وهي لذلك تحتوي الحلقات الاصغر والاقدم منها وتصهرها في بوتقتها وتحولها الى عنصر مندمج في ثقافة الامة وسايكولوجيتها المتبلورة ))   ، ومن وجهة نظر عقائدية وحسبما يراه علماء الاجتماع يمكن تقسيم الانتماء الذي يظهر على الإنسان بثلاث أقسام هي


* الانتماء الأساسي :  وهو الذي يحتل مكان الصدارة في العلاقات الإنسانية بحيث تقبل الانتماءات الأخرى او ترفض على أساسه وهو يتمثل عادة في الانتماء العقائدي أو المبدئي فالانتماء الأساسي بالنسبة للإنسان المسلم هو الإسلام والمسيحي المسيحية  وللوجودي هو الوجودية ..... الخ  ، فكل من انتمى حقيقةً إلى إحدى هذه العقائد فأنه يرفض بشكل ألي كل الانتماءات الأخرى ( فلا يكون المسلم مسيحياً وبنفس الوقت لا يكون  وجودياً ) 


* الانتماء الفرعي : وهو انتماء نابع من الانتماء الأساسي وقائم عليه ومرتبط به ارتباط المعلول بالعلة فالانتماء للوطن أو الآمة الإسلامية أو للحركة السياسية الإسلامية أو المؤسسة الإسلامية هي جميعاً انتماءات فرعية وهي تطبيقات عملية للانتماء الأساسي  


*  الانتماء المحايد : وهي الانتماءات التي ليس لها صفة عقائدية مباشرة أو غير مباشرة وأن كانت تصلح لخدمة العقائد والأفكار أو محاربتها كانتماء الإنسان آلي عائلته أو عشيرته  ، ومما تقدم ان تقسيمات الانتماء شيء غريزي في الإنسان حيث أنه يعتز بوطنه وقومه وعشيرته وغيرها ، وهذا شيء بديهي ، ولكن ما هو موقف الإسلام  من هذه التقسيمات ؟  فنقول  : أما القسم الأول ( الانتماء الأساسي ) فقد أعتبر الإسلام الانتماء الوحيد المسموح به للمسلمين هو الدين الإسلامي لاغير بصورة حاسمة وقاطعة لاتقبل المساومة لقوله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )(آل عمران:85) وقوله تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )(آل عمران:19) ، أما القسم الثاني الانتماء الفرعي فأنه ثمرة من ثمار الانتماء الأساسي كما قلنا لانه أقل لاما يقال أنه انتماء مشروع لأنه يحقق هدف من أهداف الانتماء الأساسي كالآمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على أقامه حكم الله وهي أمور واجبة على المسلم ويسعى لتحقيقها وبالتالي ترسيخ الإسلام والدفاع عنه وهو بعينه الانتماء الأساسي للإسلام ، أما  القسم الثالث الانتماء المحايد فقد اقره الإسلام من حيث الأساس ووضع له ضمانات وضوابط بحيث لا يؤدي إلى جر الإنسان إلى السير بعكس الانتماء الأساسي ، مثال ذلك اعتماد النبي على عشيرته ومقربيه لنشر الدعوة في مكة منهم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، آما الحالة السلبية فقد أكد عليها الإسلام ورفضها أذا تعدت تلك الضوابط  والضمانات مثال ذلك  قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ  )(التغابن:14) ،  وقوله تعالى ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )(العنكبوت: من الآية8)  ،  بعد أن عرفنا بعض الشيء عن الانتماء نلاحظ أنه شيء غريزي موجود في الانسان وهو امر طبيعي ولا يوجد مانع من حب الإنسان لانتمائه في الحدود التي رسمها الاسلام ، على العكس من التمييز في القومية و الطائفية وهي حالة مرفوضة جملةً وتفصيلاً والمتتبع للتاريخ الاسلامي نلاحظ أن مبدأ القومية  والعنصرية كان سائداً منذ زمن الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم  وخاصةً عند اليهود والتي حاربها بجميع صورها لآنها ربما تولد ردة فعل عنصرية مقابلة من المسلمين بما يغذي الجاهلية ويعيدها من جديد الى المجتمع الاسلامي فضلاً عن أن هذه الافكار من شأنها التشويش على عقائد المسلمين وكان من ادعائهم أنهم قوم الله المختار ، أو ابناء الله ، أو أن الجنة لايدخلها الا اليهود والنصارى ، قال تعالى (  وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ )(المائدة: من الآية18) وقوله تعالى ( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (البقرة:111) ، وهنا لابد من الاشارة الى الرؤية المخطوئه عند التيارات او الحركات او الاحزاب الاسلاموية كونها تعرف  أن السياسة تعني (( أداره شؤون البلاد والرعية بما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة بغض النظر عن القومية والمذهب )) ؟؟

 

أما المواطن من الأديان الأخرى غير الإسلام فما دام أنه متمسك بالواجبات التي تفرضه عليه حقوق المواطنة الصالحة وتوفر له الحقوق فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، فلا أشكال في انسجام الجميع بالعيش الكريم  لكن المتتبع للسياسة الغربية يلاحظ أنها عبارة عن مسك زمام القوة والقدرة في البلاد والتسلط على الجميع لكسب المنفعة لهم على حساب بقية الشعوب ، فدائماً نرى الاستكبار العالمي المتمثل بالدول العظمى يخططون وينظرون الأبحاث عن كيفية السيطرة على مقدرات الشعوب المستضعفة ومن أبرز ما أستخدمه في هذا الجانب هو الابتزاز بالقومية والنعرات الطائفية وجعل فوارق بين البشر وبذلك يسهل عليهم تمزيق تلك الشعوب وبالتالي السيطرة المباشرة أو غير المباشرة من خلال عملائهم  ويمكننا هنا الاشاره الى  ثورة الضمير كما يقال لدى ادارة اوباما  لانقاذ الايزيديين  والدفاع عن كردستان  فجيش الجيوش وحشد الحشود  واستخدم ما استخدم من سلاح ، وبالنتيجة جعل الجميع تابع له أما من خلال سياسة فرض االامر الواقع  والاشعار بالخطر الداهم

 

يتبع بالحلقة الخامسة






الاربعاء ١٤ ذو الحجــة ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / تشرين الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة