شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أحد يضمن كرسيه أن يبقى متربعاً عليه والنار تأكل سيقانه وتحاصره من جميع الجهات .. ولا أحد يضمن أن يُسْعَفْ بطوق النجاة لمن ما يزال يرى الدنيا من حوله بعيون الإرتزاق غير المشروع على حساب الوطن، الذي يحترق والهوية التي تذوى، والشعب الذي يشرد، والقيم التي تهتك، والكرامة التي تهان .. ولا أحد يضمن لمن يصر على التمسك بالكرسي ويغمض عينيه بالنفاق ويطلق لسانه بالدجل ويغلق أذنيه بمسميات متهاوية لا تسمن ولا تشبع من جوع .

 

لا أحدَ يضمن ذلك .. فالجندي البسيط عليه أن يفكر بأنه إذا مات فأن ميتته ليست دفاعاً عن وطن ضد عدو خارجي، إنما سيموت خدمة لقاتل جاء به الأجنبي .. فلماذا يموت إذن ؟ وعليه أن يستدرك الأمر ولا يفتح نار بندقيته على الذين ما جاءوا إلا لتحريره وإنقاذه من الفساد والمفسدين والحكام المتجبرين الذين يدفعون بالبلاد والعباد إلى الجحيم فيما تزداد أرصدتهم وتتوسع عقاراتهم من سرقات أموال الشعب، فضلاً عن كل هذا يعمل هؤلاء الحكام وبطاناتهم لحساب دولة أجنبية ويدينون بالولاء لها وينفذون توجيهاتها ويتقبلون قطعانها المسلحة تحت أغطية يعرفونها طائفية لحد نخاع العظم، ويعرضون شعب العراق وأجياله إلى الضياع والتفكك والإندثار.

 

الثورة لا أحد شريف يقف في وجهها .. فمن يرى أن فيه بقايا ضمير وشرف من بطانات السلطة الطائفية، التي تحكم العراق، ومن البرلمانيين المأخوذين بجمع المال ولديهم بقايا ارتباطات مع عوائلهم وعشائرهم وأبناء عمومتهم على خط الثورة .. أن يعيدوا حساباتهم بكل جدية، وإلا فأنهم الخاسرون في نهاية الأمر، حينئذٍ لا ينفع الندم عندما لا تنطبق عليهم مقولة عفى الله عما سلف .. والنصيحة التي أسديها بكل صدق تكمن في مغزى قصة  ( فلان بن فلان ) .. قبل فوات الأوان : !!

 

في ثمانينيات القرن الماضي، قابل الصحفي " مايكل ماير " مراسل نيوزويك في اوربا الشرقية، الرئيس الروماني " تشاوشيسكو " صيف عام 1989 ، وكتب ..  ( لم ألتقِ في حياتي رجلاً خالياً من الخصائل الإنسانية مثله .. كان منقطعاً تماماً عن الحياة العادية للشعب والمشاعر العادية وعن فهم الأشياء ) وأضاف  ( لقد بدأ الرجل يصنع ديكتاتوريته من صانع أحذيه إلى زعيم عام 1968 ، وصدق بأنه زعيم، فيما يموت الالآف من الشعب جوعاً وفي المعتقلات والسجون - وهذا يذكر بالمالكي الذي صنع ديكتاتوريته في احضان الديمقراطية الأمريكية والطائفية الإيرانية، من بائع سبح ومزور وثائق ومهرب ممنوعات ومفجر سفارات إلى رئيس وزراء - وأضاف  ( بعد ستة اشهر من المقابلة حاول " تشاوشيسكو " الفرار من قبضة الشعب .. ولكن حراسه ألقوا القبض عليه، والمرافقون الذين كانوا يركعون أمامه، أقاموا محكمة صورية وأصدروا عليه وعلى زوجته " إيلينا" حكماً بالإعدام بالرصاص، ثم صورت جثتاهما في كوخ مليء بالقش ) .

 

الأذكياء من بطانة " تشاوشيسكو " فروا قبل فوات الأوان .!!

 

 





الاحد ٣٠ رمضــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تمــوز / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة