شبكة ذي قار
عـاجـل










1- ترددت امريكا كثيراً وراوغت بشأن اتخاذ قرار الحرب منذ ان وقفت وراء ( الناتو ) الذي اسقط النظام السياسي في ليبيا .. ثم امتنعت عن اتخاذه في آخر لحظات سيناريو توجيه ضربة لنظام دمشق، بعد أن ارتكب جريمة الإبادة الجماعية حين استخدم سلاحاً كيميائياً كانت ضحاياه من المدنيين ( 1400 ) مواطناً سورياً ما بين رجل وأمرأة وشاب وطفل رضيع .. واختزلت امريكا هذه الجريمة ووراءها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ليس في محاسبة القاتل ومرتكبوا الجريمة الشنعاء، إنما تجيير ذلك لحسابات نزع سلاح القاتل الكيميائي لحساب ( إسرائيل ) ، والذي قبضت ثمنه إيران ، والذي أمدَ في عمر النظام الفاشي في دمشق الذي كان على وشك السقوط .. ثم بدأ سيناريو آخر لمرحلة جديدة، كشفت سلوكه خبايا المستقبل .. وهكذا هي السياسة، تطبق سيناريوهاتها على وفق معطيات التحولات التي تجري على الارض .. والمخابرات والاستخبارات لها اليد العليا في خلق المناخات التي تعبد الطريق لتطبيق تلك السيناريوهات المرسومة في أروقة صانع القرار الامريكي والاسرائيلي والايراني على حدٍ سواء.

 

2- لم تعد امريكا قادرة على شن سلسلة حروب، بدأتها في افغانستان وانتهت بها في العراق، لتسقط نظم سياسية عربية وعلى منوال واحد وصولاً الى تنفيذ مشروع ( الشرق الاوسط الجديد ) .. المعادلة تغيرت واسلوب تنفيذ الاهداف قد تغير، وادوات الفعل لم تعد عسكرية نظامية خالصة – جيوش وطائرات وراجمات وصواريخ وقصف استراتيجي مبرمج .. هذا الاسلوب بات مكلفاً في المال ومكلفاً في الدم .. ولم تعد امريكا قادرة على تحمل خسائرها في الدماء والاموال، بعد ان ذاقت مرارة هزيمتها في العراق على يد المقاومة الوطنية، فتركت فريستها لذئب المنطقة وضباعه لتنهش بها وعلى هواها.. ولكن عيون مخابراتها ظلت تراقب مصالحها غير المشروعة ظناً منها بانها ستحافظ عليها من خلال وكيل كان شرطياً للخليج، والوجوه والعناوين لم تغير من وظيفة إيران في المنطقة.

 

3- ايران وضعت العراق بين شدقيها ، وعلى الرغم من ذلك فهي غير قادرة على ابتلاعه، فكيف هو هضمه ؟ ، اللقمة كبيرة وكبيرة جداً .. والوضع معقد .. أمريكا بكل قوتها وقدراتها الميدانية قد هربت من مستنقع العراق.. فكيف تستطيع فلول الذئاب والضباع الصفوية وكلابها وثعالبها ان تبقى في هذا المستنقع وتراهن على المستقبل؟ - يومان فقط زعزعا اركان النظام الصفوي الطائفي الفاسد والفاشل في بغداد، الذي راح يستنجد بأمريكا الهاربة من جحيم العراق، ويستنجد بالأمم المتحدة وامينها العام الذي صفعه في وجهه بكل صلف حين طالبه الأخير بوقف الاعدامات لتي ينفذها النظام المجرم بالجملة ) .!!

 

4- امريكا سلحت النظام الصفوي الدموي الفاشل في العراق.. وسمحت لخصمها الروسي بتسليحه .. كما سهلت وصول السلاح الكوري الجنوبي إليه.. ودربت طيلة اكثر من ثمان سنوات اعدادا ضخمة في معسكرات المنطقة الخضراء، جيش وشرطة .. وعناصر هذا الجيش هم مليشيات تعمل وتتصرف بعقلية مليشية وتحركها عقيدة طائفية دموية حاقدة تعتمد على الانتقام ولا تعتمد عقيدة وطنية مهنية نظامية شأنها شأن جيوش العالم .. هذا الكم الكبير من العناصر ظهورهم يأخذ شكل المظهريات وابراز العضلات وخاصة في مسائل التجهيزات واصناف الاليات والدروع والهمرات الحديثة التي تعكس شكل القوة والاغراء الواهم، ولكنها خالية من اي مضمون .. عناصر الجيش المليشي مبهورون بمظهرهم وماخوذون بالشحن الطائفي، فيما يرتزق معظمهم على الرواتب المغرية ( ألف دولار راتب كل جندي شهرياً ) ، ولولا هذا المبلغ فلا تر احدا في هذا الجيش إلا العدد الطائفي الذي يعيش على ايقاع أوامر الدجالين الفاسدين المارقين .. والدليل على ذلك هو الهروب الكبير الذي حل بالجيش المليشي الصفوي ( ترك دباباته ومدفعيته والياته ومواقعه وثكناته ومقراته القيادية واسلحته الخفيفة والمتوسطة حتى والثقيلة .. وفرَ هارباً تاركاً حتى ملابسه العسكرية في شوارع المدن والطرقات الخارجية وفي مواقع السيطرات العسكرية والامنية وعلى رقعة جغرافية تمتد من شمال الموصل حتى حافات بغداد ) .!!

 

5- يقول البعض واهمين .. ان بغداد هي التي سحبت جيشها المليشي لحسابات .. ولكن اي حسابات يتكلمون عنها؟ ليست هنالك اي حسابات سوى النتائج التي تفصح عن انهيار شامل لأساس قائم على الكذب والفشل .. فيما يصف البعض الآخر ( انسحاب ) الجيش بالمهزلة .. نعم، هي مهزلة ، ولكن لا احد يستطيع ان يغطي اساس الهزيمة والفشل .. فمن يريد ان يكون منصفاً وموضوعيا عليه ان يأخذ الأمور بأولوياتها وليس من منتصفها وينتهي بها إلى التوصيف المحض .!!

 

6- الأساس هو الاحتلال الأمريكي والإيراني لبلد عربي مسلم .. الأساس الذي يحكم العراق، احزاب ايرانية طائفية دموية وفاسدة .. الأساس هو الدستور الذي وضع الشعب العراقي في منهج التقسيم الطائفي والعرقي، كما وضع ارض العراق الوطنية على طريق التقسيم .. الأساس هو الدستور الذي وضعت فيه امريكا و ( إسرائيل ) وإيران ألغاماً لا تدع العراق وشعبه يستقر لعقود عديدة من السنين .. الأساس هو الدستور الذي تعتمده عناصر العملية السياسية المأزومة والفاشلة والفاسدة في اطروحاتها، التي تشكل حلقة مفرغة ليست لها نهاية ولا رجاء غير الفساد والإفساد والإنتهاكات والإغتصابات والفوضى العارمة .. من يريد أن يكون منصفاً وموضوعياً عليه أن يبدأ من الأساس في التحليل لما يحصل.!!

 

7- اسلوب محاربة الارهاب في سوريا يستنسخ في العراق .. الاسلوب ذاته والأدوات ذاتها .. وشعار محاربة الارهاب يشترك في اشهاره نظام دمشق ونظام بغداد ونظام طهران، وهذا الشعار يلامس الهدف الإستراتيجي العام وهو محاربة الإرهاب الدولي الذي ترفعه وتطبقه امريكا منذ الحادي عشر من سبتمبر- ايلول 2001 على وجه التحديد.؟!

 

8- فرخت هذه السياسة اعلاماً هدفه خلط الأوراق وإظهار ثورة الشعب في العراق التي اندلعت، ليس الآن، إنما اخذت تتصاعد منذ الاحتلال لتأخذ طريقها الذي اتسع ليشمل العراق كله، وكأنها ارهاباً والثوار ارهابيون .. ووضعوا الثورة والثوار الوطنيون تحت مسميات ما انزل الله بها من سلطان .. والثورة وحقيقتها الجوهرية تتمثل بعشائر العراق الأصيلة وشبابها الثائر المسلح الذين لا يرتضون الضيم ولا الذل ولا الإساءة إلى الكرامة الإنسانية، ويرفضون نهب الحقوق وإفساد الأخلاق وانهيار القيم وتدمير الهوية .. فيما تضم الثورة كل اطياف الشعب وشرائحه وانتمائاته الوطنية والقومية والدينية .

 

9- هل تتورط أمريكا في العراق، وتلبي استغاثة عميلها المزدوج الولاء لإيران، بالتدخل على وفق اتفاقية الإطار الأمني ، في ضوء وضعها العام الذي يقيدها في امر شن الحروب مجدداً او التدخل في شؤون العالم؟ وإذا كانت امريكا غير قادرة أو غير مهيئة للتدخل العسكري .. بمعنى ارسال قطعات عسكرية لتغرق ثانية في المستنقع الذي هربت منه .. فماذا ستصنع ؟ ما المتوقع من رد الفعل حيال الفعل الثوري الذي فاجأ مصادر القرارات في مختلف دول العالم ومنها أمريكا ذاتها الدولة الكبرى؟ هل ترسل أسلحة ؟ .. لقد سبق لها وارسلت سلاحاً ثقيلاً – طائرات ( F- 16 ) ، اسقط ثوار العراق طائرتين من هذا النوع ، وغنم الثوار ( 4 ) أربع طائرات هليوكبتر مقاتلة مع كم هائل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة ومنها الدبابات ومدافع الميدان وصواريخ .. شيء جميل أن يسلح الأمريكيون عميلهم المزدوج بالأسلحة، أنها ستكون غنيمة سهلة بيد الثوار العراقيين .. أن ما قامت أمريكا بتسليح مليشيات إيران الحاكمة في بغداد بات معظمة في قبضة الثوار .. اكداس من العتاد المتنوع والقذائف والذخيرة ومعدات وتجهيزات وهي تحت تصرف الثوار، حتى الهمرات والسيارات العسكرية القيادية غنمها الثوار.. قد ترسل امريكا سلاحاً لتستنزف ثروات العراق .. لتبقي حسب ظنها الحالة ( لا غالب فيها ولا مغلوب ) كما هو عليه في سوريا .. ولكن الطرف العمل القابع في المنطقة الخضراء، وقد افتضح أمره تماماً أمام الشعب العراقي وامام الشعب العربي وامام العالم، لا يمتلك المقومات ولا القدرات ولا الروح المنوية والوطنية ولا العقيدة القتالية للصمود .. وهذا لا يعني ان نظام دمشق يمتلك هذه المقومات .

 

10- ماذا يفعل ( الناتو ) تلبية لنداء خبيث اطلقته تركيا احد اعضاءه ؟ هل يتدخل ، وعلى وفق أي مسوغ ؟ هل يقاتل الناتو ثوار عشائر العراق، ويقاتل الثورة ؟ وهل يساند نظاماً طائفياً فاشياً موالياً لإيران منبع الارهاب في المنطقة ؟ .. هنا ، يتحول العراق الى مستنقع لمن يفكر ان يتدخل فيه .!!

 

11- ثم ماذا تفعل ايران حين هددت بالتدخل؟ ، داعش صناعة ايرانية- سورية مشتركة، بات الحديث عنها مكشوفاً يمثل توصيف الثورة والثوار الوطنيون بالارهاب والارهابيين .. لكن مثل هذا التوصيف الذي يصب قي خانة امريكا وايران لا ينطلي على الشعب العراقي الذي ادرك اللعبة .

 

12- البعض من الذين يكتبون في الصحافة العربية، يشوشون على الرأي العام العربي وغيره، عند حديثهم عن حالة الثورة في العراق، وكأن العراق ليس تحت الاحتلال الامريكي والاحتلال الايراني .. هنالك اربع قواعد عسكرية امريكية، وهنالك مستشارين عسكريين وامنيين ودبلوماسيين امريكيين في العراق فضلاً عن العاملين الامنيين في عقود الشركات .. العراق تحت الاحتلال الامريكي والايراني .. وعلى هؤلاء الذين يكتبون على صفحات الصحف العربية وغيرها ان يعلموا ان من حق الشعب العراقي، وكأي شعب في العالم ان يثور ويطرد المحتل الغازي وعملاؤه .. انه حق مشروع يعمل عليه الشعب العراقي كله ، ولا أحد يفرض عليه وصايته مهما بلغ من القوة والتأثير .. لأن الثورة حين اندلعت بتخطيط متقن هي لكل العراقيين من شمال العراق حتى جنوبه، هم الذين يقررون ويحددون طبيعة حكمهم ومن يمثلهم، وهم الذين يبنون علاقاتهم مع اشقائهم واصدقائهم في محيطهم وفي انحاء العالم على وفق المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة .. والثورة لن تغمط المصالح المشروعة للدول ولا تعتدي عليها ، لأن الثورة تدرك ان مصالحها لا تلتقي إلا على اساس المشروعية التي لا تختلف عن قواعد التعامل الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبما يكفل ارساء دعائم الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة .

 

تمت ..

 





الجمعة ١٥ شعبــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / حـزيران / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة