شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم
 

الاخ الدكتور الشيخ محمد عياش المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وبعد :
فقد قرأت بيانك وفتواك بشأن وجوب المشاركة في الانتخابات والرد على من يقول بتحريمها الصادرة بتاريخ 22-4-2014 وأود التعليق عليها بالاتي :


اولا : كنت اتمنى لو كانت الانتخابات الحالية تحقق ما جاء في مقدمة الفتوى من ان الانتخابات يتعين فيها (اختيار الصالح لابعاد الطالح ) ونحن نعلم ان هذه الانتخابات لا تمثل رأي الشخص بحد ذاته بل ان المنتخب وعضو البرلمان يمثل كتلته وهذه الكتل المشتركة في الانتخابات هي في معظمها الكتل التي جربنا فسادها وأدت بالعراق الى هذه الحال التي لا يحسد عليها , اما الكتل الجديدة فانها تكونت من اناس كان لهم دور في العملية السياسية سابقاً او من المتفعين منها وهذا يعني انه ( خوجة علي ملا علي ) او ( منين ما رحتي جيتي ).


ثانياً : اما مسألة ان من لم ينتخب فان بطاقته يمكن ان تستخدم من قبل الظالمين والمجرمين , فاني استغرب لهذا المقال الاعلامي الذي يردده مؤيدو العملية السياسية من اهل السنة ...


فهل يظنون ان الانتخابات نزيهة لهذه الدرجة التي يتخوفون عليها من ان تستخدم بطاقات المتخلفين لصالح غيرهم ؟
ان هذا الكلام يروج وكأن الانتخابات قائمة على النزاهة المطلقة ولم يتبق الا هذه المسألة ( مسألة البطاقات ) .


فليتق الله السياسيون من هذا الخداع الذي يمارسونه لدغدغة عواطف الناس والتمويه عليهم وهم يعلمون ان الانتخابات محكوم بها سلفاَ والمقاعد مقررة انتخب اهل السنة او لم ينتخبوا .


ثالثا: الدخول في جدل التفريق بين ( الشرعية والمشروعية ) عقيم وقد سمعت هذا مراراً من القانونيين من امثال الدكتور محمد الشيخلي .


اما عامة الناس فانها لا تدرك هذا الفرق الدقيق ونحن نخاطب الناس في فتاوانا بما يفهمونه , فهم يفهمون اننا نحرم المشاركة في الانتخابات التي ستؤدي في النهاية الى اقرار القرارات الفاسدة والتشريعات الجائرة , والخطط والسياسات التي تخدم المحتل من خلال البرلمان الذي لو امتنعنا عن الدخول فيه سيكون ناقصاً غير ممثل للشعب وبالتالي فانه سوف لن يعترف به احدٌ محلياً ولا دولياً , لانه برلمان لا يمثل الشعب العراقي بل يمثل ثلة من العملاء الذين قطعوا على انفسهم العهد لخدمة المحتل الامريكي والفارسي اسمينا ذلك شرعية او مشروعية .


رابعاً : التنظير والاستدلال بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكة تنظير خاطيء و( قياس مع الفارق )
أ- فالرسول صلى الله عليه وسلم كان في مقتبل دعوته التي جاءت لتصحيح عقيدة الشرك التي تأصلت منذ مئات السنين ليحولهم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد .


ب- والرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يتعامل مع سلطة و دولة ( عضو في الامم المتحدة ) و ( جامعة الدول العربية ) بل كان يتعامل مع حكم قبلي يتعامل بمنطق الغلبة والقوة والاستكبار لا بمنطق القوانين والدساتير والبرلمانات .


ج – ومع كل هذا فانه لم يعط الدنية ولم يخضع لما كانت تريده قريش ولم يشارك معهم في انتخاب ولا في قرار ولا في سياسة ولا في اي ممارسة من ممارساتهم


بل كان يعمل بجدية – سراً وعلناً – للتغيير الذي كان من بين التخطيط له السماح بالهجرة لاصحابه الى المدينة ثم هجرته هو ليتمكن من اقامة الدولة ونشر دين الله .


اما موقفه في عقد صلح الحديبية , فانه لم يفعل ما يضر بالمسلمين فكل ما وافقهم عليه هو الهدنة والحج من عام قابل حتى يأذن الله بالفتح – وقد كان- بعد ان اعدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم العدة وهيّأ الله اسباب النصر .


فهل فعل او سيفعل المشاركون في الانتخابات مثل هذا ليصح التنظير ويكون مطابقاً , ام انه سيصبح مجرد مغالطة نخدع بها الناس ونتظاهر بان ما نفعله اليوم هو شبيه بما كان قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة والمدينة المنورة ليكون ذلك لنا دليلاً على مشروعية عمل فاسد كالمشاركة السياسية ؟!


خامساً : إن ما جاء في الفقرة ثانياً فيه شيء من المغالطة , فلم يفكر احد في اسقاط الدستور بشكل مباشر انما كانت الفتاوى والحلول المطروحة اسقاط النظام والخلاص من الفاسدين والعملاء ليتسنى للوطنيين الشرفاء كتابة دستور عراقي وطني اصيل ويكون ذلك باستمرار الثورة حتى النصر ان شاء الله تعالى .


سادساً : كنت اتمنى لو ثقفتم العراقيين على ما ورد ( ثالثاً) بالمفهوم الصحيح الذي طرحتموه وهو ان تقوم الشراكة على اساس الوطنية لمثل هذا الشعب المتنوع لا على اساس الطائفية في مقابل الطائفية غير ان طرحكم هذا يحتاج الى تقييد وهو ان يكون المشاركون وطنيين ذوي نزاهة وهو ما لا يتوفر في اصحاب العملية السياسية الحالية .


سابعاً : احب ان اطمئنك ايها الاخ العزيز عما ورد في الفقرة ( رابعاً) من ان الثورة قائمة ومستمرة من قبل المخلصين حتى ( ننتصر او نموت ) وليس لاحد الحق في تحريم السلاح لتجربة بل عليه الاستمرار حتى النصر او الشهادة وهذا هو الفرق بين التجربتين تجربة المفسدين الذين نقول لا يجوز انتخابهم وتجربة الثو رة التي سيستمر على ايقاد شعلتها الثوارحتى يطردوا الغزاة كما طردهم ابطال الفلوجة والانبار وعامة الثوار من قبل ويتم طرد اذنابهم من بعدهم ان شاء الله

 

ثامناً : ان التذرع بان المشاركة تحقق ولو الشيء اليسير من المكاسب فكان لزاماً الدخول فيها بناءً على القاعدة الاصولية ( الميسور لا يسقط بالمعسور ) ذريعة باطلة


لان هذا الميسور حاصل من غير ان يشترك الجميع في العملية السياسية ويعطوها الغطاء الشرعي .


فالرواتب والوظائف والخدمات اليسيرة متيسرة اشترك اهل السنة في البرلمان او لم يشتركوا فهذه حجة واهية لا يصح الاستناد اليها لاباحة امر يرجع اليه مصير العراق وسيادته وقوته ووجوده .


تاسعاً : وهناك مغالطة اخرى وردت في الفتوى فقد ورد في بعض عباراتها ان المفتين لم يميزوا بين وظيفة ووظيفة بل ذهب البيان الى ان المفتين اباحوا الاشتراك في العملية السياسية في الوظائف الصغيرة بينما حرموا عليهم الوظائف الكبيرة .


اقول : هذا تصوير وتبسيط لفتوى تحريم الاشتراك في الانتخابات غير مبرر .


فنحن حين حرمنا المشاركة في العملية السياسية كان التحريم منصباً على تحريم المراكز والوظائف التي تكون صانعة للقرار ومؤثرة فيه كعضوية البرلمان والمناصب الوزارية والسيادية . وبينّا سبب تحريمها وهو ان الداخل فيها غير قادر على فعل شيء فيكون دخوله تأييدا للظلم والقهر والتهميش .


بينما لم نحرم الاشتراك بالوظائف الخدمية التي تعنى بالمواطن مباشرةً كأن يكون معلماً او استاذاً او طبيباً او مهندساً او غير ذلك من الوظائف الخدمية التي لا علاقة لها بصنع القرار والسبب في ذلك حاجة الموظف لهذا الراتب من جهة وتمشية امور الناس بما لا يكون فيه ظلم او تهميش او قهر او مساس بالسيادة والوطنية من جهة ثانية , وهذا هو الفرق بين الموظف العادي وبين الوزير وعضو البرلمان .


عاشرا ً : أغرب ما قرأته في الفتوى ان المحاصصة التي استند اليها المفتون بالتحريم ليست في الدستور ثم ينصح المفتين ان يقرأوا الدستور لأنه عبارة عن وريقات قليلة .


أقول : من الذي منح القوة والقدرة للطائفيين والعملاء على ان يعملوا بنظام المحاصصة سوى قوة الدستور وما ورد فيه صراحة او ضمناً ؟!


ونحن لا نتحدث عن نصوص في الدستور انما نتحدث عن تكوين عام له يسمح بالمحاصصة . ونتحدث عن المشاركين الذين كلما فعلوا فعلاً قالوا : انه دستوري , وكلما احجموا عن فعل لا نفع لهم فيه قالوا : انه غير دستوري مع انه لا هذا ولا ذاك قد وردت به نصوص في الدستور .


والمحاصصة من هذا القبيل فاعطاء اهل السنة نسبة 18% او 20% كان من هذه التوافقات التي اعتمدها العملاء واستندوا فيها الى الدستور .


فكيف يكون التغيير بهذه النسبة التي لا تعني شيئاً ؟! ثم اننا جربنا السياسيين من اهل السنة اكثر من عشر سنوات لم يستطيعوا ان يغيروا شيئاً ولا ان ينصروا مظلوماً ولا ان يحققوا خيراً لابناء مذهبهم .


بل الادهى من ذلك ان بعضهم كان حرباً على المخلصين من ابناء جلدتهم عوناً للظلم والظالمين .


الم يندس ما يسمى ب( حماس العراق) مع المنتفضين في الانبار ثم اتضح انهم كانوا يتجسسون عليهم , الم يكن ( احمد الخلف ) وهو من قادة حماس العراق ثم اصبح الان يقود الصحوات ضد اهل السنة والثائرين ضد الظلم ؟!


الن يتقلب ابو ريشة من تأييد للمالكي ثم انخراط مع المعتصمين وانتقاد حاد للمالكي ثم العودة له وايقاع كل الاذى بابناء العشائر والثوار في الانبار ... الخ .


هل استطاع المشاركون في العملية السياسية ان يغيروا ( 4 ارهاب ) التي قصمت ظهور اهل السنة ؟
وهل استطاعوا ان يطلقوا سجينا او يدفعوا عن ارض او عرض او اغتصاب ؟!
بل هل استطاعوا ان ينقذوا انفسهم هم من الملاحقة والظلم الذي اشتركوا في تقوية اصحابه ؟!


حادي عشر : أقول وارجو ان لا يضيق الاخ محمد عياش بما اقول : اذا كانت الانتخابات واجبة وان الاشتراك في العملية السياسية كذلك فلماذا لا تنفذ امر الله تعالى وتسارع الى رفع الاثم عنك وتعود الى البلاد فانت اقدر واكفأ من غيرك سواء في حجز مقعد في البرلمان او في دائرة لها علاقة بصنع القرار , فارفع الاثم اخي الكريم عن كاهلك وتفضل بالمشاركة الفاعلة ولا تقف عند التنظير والفتوى خصوصاً واني متأكد من انك ستربح الجولة لان لك قاعدة عريضة من الاصدقاء والاحباب والاتباع الذين تربى بعضهم وتثقف على كره العلماء وقلة الادب معهم وبما التشهير بهم والتهديد لهم او لذراريهم ,وكنت اتمنى لو تعلموا منك ما نعهده فيك من خلق واحترام للعلماء وتقديرهم .


ثاني عشر : بقى ان اذكر الاخ محمد عياش بارائه وتحليلاته المغايرة عما عليه الان يوم ان كان ممثلاً لهيئة علماء المسلمين واعلانه بين الفينة والاخرى في وسائل الاعلام رفضه للعملية السياسية برمتها جاعلاً من يشارك فيها آثماً .


وربما يقول لي : ( الفتوى تتغير بتغير الازمان والاحوال ) كما هي القاعدة الاصولية المعروفة فاقول له : لم يتغير الزمن ولم يتبدل شيء وما كان مفسدة في ذلك الزمن مازال هو هو وما بنيت عليه افكارك السابقة مازال قائما بل هو الان اشد فما الذي غير رأيك ؟ سبحان الذي لا يتغير ؟


ثالث عشر : بعد هذه الخواطر التي اوردتها مناقشاً فتواك تبقى اخاً عزيزاً كريما ً افتخر بصوابك واعذرك على خطئك والله يوفقك ويرعاك.



اخوك د. عبد الحكيم السعدي
 ٢٥ / نيســان / ٢٠١٤







الاثنين ٢٨ جمادي الثانية ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / نيســان / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الحكيم السعدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة