شبكة ذي قار
عـاجـل










مرة أخرى وأخرى لم يفلح مجلس النواب العراقي في عقد جلساته لعدم اكتمال نصاب أعضائه بسبب امتناع حضور كتلة رئيس الوزراء. فمرة تتنصل هذه الكتلة عن الحضور لتمتنع عن مناقشة ما يحصل في محافظة الأنبار وثانية لرفض مناقشة الموازنة وأخرى عدم الرغبة بمناقشة مجازر بهرز، ولم نقرأ أو نسمع مسؤولا يتحدث عن أزمة العملية السياسية. بل ان المسؤولية فيما يحدث في المنطقة الغربية تلقى على المعتصمين والعشائر التي تدعي الحكومة أنها ترفض المبادرات والحلول.


ان الديمقراطيات وبرلماناتها تتصدى أول ما تتصدى لما يحل ببلدانها وبالأخص حينما يتعلق الأمر بحرب وتدخل عسكري وزهق أرواح. فإذا افترضنا ان الأنبار وما يجري فيها منذ أربعة أشهر هي فعلا ‘أزمة’ فالخطوة الأولى التي يقوم بها أي برلمان منتخب هو أن يجتمع على وجه السرعة ليناقش هذه الأزمة ويجد الحلول ويتوافق عليها وطنيا، فهي تخص جميع الأحزاب وليست امرا عابرا وصغيرا يخص مكونا واحدا، فهل أثار برلماني واحد القضية ‘الأزمة’أمام البرلمان ونبه الى خطورة الوضع ومقاتلة القوات الحكومية والمليشيات ابناء العراق المعتصمين والعزل من السلاح الذين تمت مهاجمتهم بأمر من نوري المالكي؟ هل قامت كتلة معينة بالدعوة الى جلسة استثنائية لتبحث ما يحدث للمواطنين من قتل وتهجير وتنكيل؟ وأين مجلس النواب من جرح ومقتل 2723 عراقيا خلال الشهر المنصرم منهم 897 في الأنبار بين مدني وعسكري؟ وفي الوقت الذي تحتل بغداد فيه المركز الأول بعدد الضحايا لم يمارس أحد منهم حقه الدستوري كما يقال، ليفهم استمرار العمليات الإرهابية ضد الشعب العراقي وبنفس الحدة ان لم يكن أكبر من أيام الغزو الأمريكي وانتشار قوات الاحتلال في المدن. وأين هذا البرلمان من مسائلة نوري المالكي حول المليشيات خارج القوات المسلحة الممنوعة بالمادة التاسعة من الدستور والتي تشارك بقتل العراقيين في الأنبار وغيرها من المحافظات المطالبة بحقوقها؟ ولماذا لا تتم مناقشة موضوع تعدد الجنسية لدى النواب ممن يتولون مناصب سيادية وأمنية والمنصوص عليها في المادة 18 من الدستور؟ ولماذا لم يتم التحقيق بأي قضية فساد واختلاس منذ سنوات رغم ما تم كشفه من تلاعب ورشاوى تجاوزت مئات المليارات؟ أي ديمقراطية هذه التي لا يمكن لبرلمان فيها أن يعقد جلسة لمناقشة مثل هذه الأمور الخطيرة والمهددة للأمن الوطني وحياة الناس؟ فيما يفترض بنواب هذا البرلمان ان يعرفوا الدستور جيدا ويعرفوا نصوصه وأهمها نص في المادة التاسعة: ‘على أن لا تكون القوات المسلحة أداة قمع للشعب العراقي’، فماذا فعلوا لتطبيق واحترام هذا النص؟ وهل أن ‘أزمة’ الأنبار كما يطيب لساسة الحكومة تسميتها هي مشكلة العراق الأساسية ام أن العملية السياسية التي وضعها المحتل هي مصدر كل ما يحل بالعراق والشعب العراقي من ظلم وجرائم؟


أن عرقلة كتلة رئيس وزراء الحكومة لعقد أي جلسة ضرورية ومستعجلة تهم العراقيين جعل من هذه الكتلة شريكه كاملة في كل ما يقوم به المالكي وخاصة في الهجوم على الانبار. حتى يمكن وبسهوله تأكيد ان كتلة دولة القانون تتمسك أكثر من المالكي بمقوله: ‘بعد مننطيها’! خلافا ‘ للعملية الديمقراطية والتعددية الحزبية’ التي ينص عليها الدستور والتي يتشدق المالكي بها في خطبه كل أربعاء أمام الشعب العراقي. أن رفض كتلة القانون لعقد جلسة للبرلمان هي خطوة محسوبة لكسب الوقت حتى الوصول الى الانتخابات وهكذا تكون ‘أزمة’ الأنبار ورقة انتخابية وطائفية ومصلحة يستثمر فيها الدم العراقي للفوز بالانتخابات لدورة ثالثة. فقد بدأ المالكي ماراثونه لولاية جديدة مبكرا بتوزيع الأراضي على شيوخ عشائر المحافظات الجنوبية وزيادة رواتب قواته في الأنبار. وينطبق الأمر كذلك على كل الكتل الباقية التي تصمت ولم تتحرك غير مبالية الا بإعادة انتخابها وموافقة سيد البيت الأبيض وأدارته على استمرارها لخدمة مصالحه. والأدهى ان هذه الكتل وبعض كومبارس العملية السياسية لا يزالون رغم بعض تصريحاتهم الخطيرة حول فساد البرلمان وأعضائه وخاصة المالكي وكتلته يدعون للانتخابات. فقد صرح احمد الجلبي بأن المالكي يسيطر على السلطة التنفيذية والسلطة القضائية ولا يمكن لأي طرف القيام باي عمل لا يوافق عليه. ووصف مقتدى الصدر المالكي بالديكتاتور وقال: ‘أن ثلة ظالمة تحكم العراق وتسيطر على مقاديره باسم الشيعة والتشيع ..وتحكمه ذئاب متعطشة تاركة الشعب للخوف والعذاب، وتخيم على العراق غيمة سوداء أطبقت على أرضه وسمائه وحروب منتشرة وعمليات يقتل فيها البعض البعض الآخر بأسم القانون مرة وبأسم الدين مرة أخرى.. فيما يتربع سياسيون يتسابقون ومنهم المالكي على جمع الأموال، ويقصف المدن ويحارب الطوائف ويشتري الضمائر ليكون الجميع مصوتا على بقائه في الحكم’. تصريحات الصدر هذه حقيقية يرددها العراقيون في كل مكان لكنها ليست هي الرسالة التي أراد توجيهها مرة لأنصاره حينما أعلن انسحابه وطلب من تياره الأستقالة فرفضوا وبعدها تراجع ليعود مرة ثانية قبل أيام بخطاب يطلب من العراقيين سنة وشيعة واكرادا الذهاب للانتخابات وهنا هو بيت القصيد! وتبع الصدر ممثل المرجع الشيعي السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي، الذي لم يبخل بدوره في وصف الأوضاع السياسية والأمنية والمعيشية السيئة في العراق بشكل حاد لكنه كان كريما جدا وسخيا لنجدة السياسيين ودعا الناخبين الى عدم الالتفاف الى وعود المرشحين بل الى نزاهتهم وإخلاصهم وقال: ‘أن التغيير هو مسؤولية الناس′ أي هو ليس مسؤولية الدولة والحكومة. كما ان معرفة نزاهة وإخلاص المرشح هي مسؤولية الناخب؟


عشيه البدء بالانتخابات وإطلاق حملة الترشيحات التي بدأت ولاقت تهكما كبيرا من المواطنين الذين اعتبروها استخفافا بعقولهم بسبب سذاجة ومهزلة الشعارات التي غلبت عليها الخزعبلات الدينية والوعود المضحكة والخالية من اي برنامج أنتخابي، يبدو أن الحكومة تعيش على الأزمات وأن قوات المالكي هجمت على الأنبار وجعلت منه أزمة تعتاش عليها وتستثمرها بشكل أجرامي ولا أنساني -400.000 ألف لاجئ منذ أكثر من ثلاثة أشهر ـ لتضيف الى الولايتين السابقتين مزيدا من الجرائم والظلم بحق الشعب العراقي وأنها تؤكد أكثر وأكثر انها تنفذ أجندة غير وطنية، بل أجندة احتلال هرب من خسائره الفادحة والمكلفة بفضل المقاومة الوطنية بكل فصائلها البطلة. آن لأزمة العملية السياسية ان تنتهي بسواعد الشعب العراقي وبإرادته الوطنية، بعزيمة رجاله وثواره الذين خطوا منذ 2003 صفحات شرف وعزة وكرامة يسجلها تاريخ العراق لهم لأن أزمة العراق وكارثته هي العملية السياسية التي خلفها المحتل. أن أداء نوري المالكي وكتلته منذ ولايتين ليس فقط فشلا ذريعا يعزوه مرة الى المحاصصة ومرة الى الدستور، بل هو تعبير عن الطريق المسدود للعملية السياسية ولكل احزابها، ولا حياة لشعبنا ولبلدنا الا في التغيير الكامل الذي لا يتم بالانتخابات كما يصوره السياسيون الفاسدون او المرجعيات الدينية التي تزكي عمليتهم، بل باستعادة حرية واستقلال العراق وسيادته كاملة على أرضه دون تبعية أمريكية ودون معاهدة إستراتيجية ودون دستور فيلدمان.

 





السبت ١٢ جمادي الثانية ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / نيســان / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة